13

2567 Words
الذي كان جديدًا إلى حد ما. ما هو أفضل من ذلك ، أخذنا جميعًا إلى الشارع إلى مطعم ستيك لطيف إلى حد ما ، وعلى سنته ، للإقلاع. تناولنا جميعًا وجبة لائقة ، وبعض المشروبات للاحتفال بانتهاء الموسم.بمجرد أن ننتهي من الأكل ، وقف فرانك ليقول بضع كلمات. "أولاً ، أود أن أشكركم جميعًا على البقاء هناك طوال الموسم ، خاصة الأسبوعين الأخيرين الصعبين. لن أعرف حتى أتيحت لي الفرصة لمراجعة الكتب مع فيفيان ، ولكن كان لدينا موسمًا جيدًا جدًا ، بشكل عام. أعتقد أنه يمكنني القول بشكل عام إنه كان أفضل مما توقعنا ، وقد ساعد كل واحد منكم في المساهمة في ذلك. لذلك ، سأمنح كل من كان معنا منذ وقت ما في شهر مايو مكافأة بقيمة مائة دولار مقابل البقاء هناك ، وخمسين دولارًا لمن انضموا منذ الأول من يونيو. لقد ربحتها جميعًا ، معظمها لفعل كل ما عليك فعله ثم بعضًا ".  لقد قدمنا جميعًا هتافًا كبيرًا لذلك ، بالطبع. كانت مئات الدولارات بمثابة أموال طائلة لنا في تلك الأيام. بمجرد أن هدأت الضوضاء ، استمر فرانك. "في الأيام القليلة الماضية ، كنت أتصفح الكتب من الموسم ، وكان علي أن أتساءل من ربح كم عندما انتهوا من جمع الأموال ، لذلك أضفتها. أعتقد أن هذه طريقة جيدة لتحديد من يفوز ببطولة موسم ام ام اس ايه كما هي. لذلك ، على أي حال ، قررت أن بطل الموسم يستحق الاحتفاظ بالكأس التي نستخدمها كل ليلة ، ولكي أكون لطيفًا حقًا ، سأضع مائة إضافية فوقها. " لم أكن أعتقد أنني كنت في الجري ، جزئيًا من الانضمام إلى العرض في وقت متأخر ، ثم من البداية البطيئة ، على الرغم من أنني التقطت قليلاً خلال الخريف. كنت على حق. أخبرنا فرانك أن "ميل أوستن احتل المركز الثالث لهذا الموسم ، و 25 دولارًا إضافيًا ،". "ميل انضم إلينا في وقت متأخر لكنه ذهب إليه حقًا ، وإذا كان قد ركض من البداية بالطريقة التي ركض بها طوال الخريف ، فمن المحتمل أنه كان سيفوز بها."  لقد تلقيت تشجيعًا لطيفًا قليلاً لذلك ، واستطرد فرانك ، "المركز الثاني هو   . لم يفز روكي بكل هذه المرات ، لكنه بالتأكيد تمكن من التواجد في المركزين الثاني والثالث كثيرًا ، وهو ما عوض عن ذلك . يحصل على خمسين دولاراً إضافية ". كان هناك هتاف لطيف لذلك. لم يكن روكي رجلاً رفيع المستوى ، لكنه تمكن دائمًا من التواجد عندما كنت بحاجة إلى يد ، وكان محبوبًا من قبلنا جميعًا. سحب فرانك الكأس من خلف الطاولة. ابتسم قائلاً: "هذا يقودنا إلى مسألة من هو بطل اتحاد الرياضيين في الغرب الأوسط القزم لعام 1950". "لقد فاز بها بالفعل بهامش جيد جدًا. لقد حقق الكثير من المكاسب ، وكان في المال كثيرًا. فكرت عدة مرات في إسقاطه في المركز السادس عشر ، لكنه بدا دائمًا أنه يدرك أنني كنت أفكر في ذلك وهو لن يصنع الميزة ، لذا فقد أنقذ مؤخرته. حص كورودان ، ستحصل على الكأس ". كان هناك قدر كبير من الهتاف حيال ذلك. كان الحص صديقًا مميزًا ، لكنه كان صديقًا للجميع ، وكان دائمًا يسحب أكثر من نصيبه من العبء. لقد كان الرجل الذي تولى المسؤولية عندما رحل كل من فرانك وسبود ، لكنه كان دائمًا يسير في الأمر. بعد أن تلاشى الهتاف ، تابع فرانك ، "إنه وقت طويل من الآن وحتى العودة مرة أخرى في أبريل. هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. كل السيارات بحاجة إلى المرور بدقة ، ومن المحتمل أن نذهب لبناء اثنين من الشاحنات الجديدة. تحتاج جميع الشاحنات إلى العمل أيضًا ، لكنني أعتقد أنها ستعود إلى ليفونيا. لا يزال يتعين علينا أنا وكارني القيام بالكثير من العمل لتنظيم الموسم للعام المقبل.  على الرغم من وجود من المحتمل أن تكون هناك بعض الوجوه الغريبة عندما نعود مرة أخرى في الربيع ، وآمل أن أراكم جميعًا مرة أخرى عندما يحين الوقت ".   والواقع أن الأشياء التي تعمل في الريف بدافع الملل هي أشياء سخيفة لا معنى لها! وذلك أن كل ما يجب أن يفعل لا يفعل.. فلماذا؟.. لماذا نشعر بأن علينا أن نقوم بمهمة تزويج (بيليكوف) الذي لا يمكن أن يحتمله مخلوق ولا يتصوره أحد في دور الرجل المتزوج؟.. إن زوجة الناظر وزوجة المفتش والسيدات اللاتي تربطهن بالمدرسة أية صلة قد تحولن الآن جميعاً إلى مشرقات الوجوه، مستبشرات كأنهن قد عثرن في نهاية المطاف على جدوى لحياتهن!.. وبادرت زوجة الناظر باحتجاز (لوج) في المسرح، حيث جلست (فاريا) على أحد مقاعده تهز مروحتها الضخمة وعلى محياها بدت علامات السعادة والحبور، وإلى جوارها جلس (بيليكوف) النحيل الضئيل، المضطرب الحال كما لو أنهم قد أخرجوه من حجرة نومه بكلابات!.. أما أنا فقد أقمت مأدبة أصرت السيدات على أن أدعو إليها (بيليكوف) و(فاريا)..وهكذا بدأنا لعبة الكرة الطائرة!.. هذا وقد خطر لي أن (فاريا) لا تمانع على الاطلاق في فكرة الزواج، إذ أن حياتها مع أخيها لم تكن حياة سعيدة بالمرة، فهما كانا يقضيان يومهما بالكامل في شجار وعراك.. وها أنا ذا أعرض عليك موقفاً مكرراً من حياتهما:...(كوفالنكو) يذرع الشارع بجسمه الضخم وقامته الفارعة وعلى ص*ره قميص مطرز وقد تدلت ذؤابته من تحت حافة قلنسوته وراحت تتأرجح فوق حاجبه، وفي إحدى يديه أمسك حزمة من الكتب وبالأخرى عكازاً هائلاً، ومن خلفه تسير أخته متأبطة هي الأخرى حزمة من الكتب، وتهتف به قائلة:  "ولكنك يا (ميخا) لم تقرأه!.. قلت لك أنت لم تقرأه!.. أنا واثقة من أنك لم تقرأه أبداً!"، ويصرخ ( كوفالنكو) وهو يضرب الأرض بعكازه:  "وأنا أؤكد لك أني قرأته!"، وترد عليه بإصرار أشد:  "يا إلهي الرحيم!.. (ميخا)!.. لا أعرف لماذا يصل بك العنف إلى هذه الدرجة!.. إن هذه هي مسألة مبدأ لا أكثر ولا أقل!"، ويجيبها (كوفالنكو) بصوت أعلى من صوتها: "وأنا أقول لك أنني قرأته!" "أما في المنزل فلا يكاد يزورهما أحد حتى يبدئا أمامه في الشجار كالعادة!.. ويبدو أنها كانت تمقت هذه الحياة وتتبرم منها وتتوق إلى أن يكون لها داراً خاص.. هذا ولا تنس فارق السن.. فحينما لا يكون هناك وقت للبحث والاختيار، توافق الفتاة على الارتباط بأي إنسان و لو كان مدرسا للغة الإغريقية.. والحقيقة أن هذه هي الحال بالنسبة لبناتنا على حد سواء، أنهن يوافقن على الارتباط بأي رجل مهما كان، لا لشيء إلا ليتزوجن!..ومهما يكن من أمر فإن (فاريا) بدأت تبدي اهتماماً وميلاً ملحوظين نحو ( بيليكوف)!" -"ولكن ماذا عن ( بيليكوف ) نفسه؟" -"الحقيقة أنه كان يزور (كوفالنكو) بنفس القدر الذي يزور به بقية زملاؤه.. يذهب لرؤيته ويجلس دون أن ينبس ببنت شفة، على حين تسترسل (فاريا) في ترنيم أغنية: (الريح تعصف) وهي لا تكف عن متابعته بعينيها السوداوين، أو تنفجر ضاحكة دون أية مقدمات!..إن للإيحاء قوة فعالة خارقة في كل المسائل المتعلقة بشئون القلب.. ولا سيما موضوع الزواج..  وقد بدأ كل زملاء (بيليكوف) والسيدات جميعهن يؤكدون له أنه يجب أن يتزوج على الفور..ورحنا جميعاً نشجعه وندفعه إلى الأمام في هذا قدماً ونمدح الزواج أمامه ونقنعه بأنه خطوة ضرورية وجادة وما إلى ذلك.. إلى جانب أن (فاريا) ليست دميمة على الإطلاق، بل كانت على الع** تماماً.. في غاية الرقة واللطف.. هذا بالإضافة إلى أنها ابنة أحد مستشاري الدولة.. والأهم من ذلك كله أنها كانت المرأة الوحيدة التي أظهرت ميلاً نحو (بيليكوف).. ولكل هذه الاعتبارات غلب (بيليكوف) على أمره وأقنع نفسه بأنه يجب أن يتزوج بالفعل!" قال (إيفان ايفانتش): "كانت هذه نفس اللحظة التي يجب فيها أن يتخلى إذن على خفه ومظلته!!" -"أبداً!.. لقد بدا أن هذا الأمر مستحيلاً تماماً! لقد وضع صورة شمسية لـ(فاريا) على مكتبه، ثم راح يأتي إلى مراراً ليكلمني عن (فاريا).. وعن الحياة العائلية وتكوين أسرة وأهمية الزواج..، وأيضاً راح يتردد على آل (كوفالنكو).. ولكن لم تتغير حياته أدنى تغيير..بل لقد كان الع** هو الصحيح.. إذ أن نيته في الزواج كان لها الأثر السيئ عليه..لقد ازداد جسمه نحولاً وازداد وجهه شحوباً عن ذي قبل وبدا وكأنه يزداد تشبثاً بقوقعته وتوغلاً فيها!..وذات مرة جاءني يقول وعلى وجهه ابتسامة الشاحبة المعوجة: "إني أرى (فاريا سافيشنا) فتاة لا بأس بها، وأنه من المفترض أن يتزوج الجميع. نعم.. أنا أعرف ذلك جيداً.. الفكرة جاءت بغتة كما تعرف.. وعلى الرجل أن يفكر أولاً, و... "،  فأجبته:"وفيم تفكر؟ في الزواج؟ تزوج!.. هذا هو كل ما في الأمر!" لوح بكفيه وقال: "كلا.. كلا. إن الزواج أمر جاد للغاية، ولابد للرجل أن يبدأ بالتفكير في المسئوليات التي سوف تقع على عاتقه والواجبات التي يجب عليه أن يقوم بها وذلك حتى لا ينجم عن هذا الزواج أي شر.. والواقع أن هذه المسألة تشغل بالي إلى أقصى حد لدرجة أنني لا أنام الليل.. وإذا أردت أن أقول لك الحقيقة، فإنني أرتجف رعباً!، فهي وأخوها لهما طراز غريب في التفكير.. ومظهرهما الغريب لا يخفى عليك، كما أنها موفورة الصحة والنشاط فإذا فرضنا أنني تزوجتها واشتبكت في أمر ما...وأخذ يؤجل مسألة طلب يدها ويؤخره من يوم إلى يوم، مما أحزن زوجة الناظر والسيدات الأخريات..واستمر يزيد مسئولياته وواجباته المستقبلية ويواظب على الخروج معها يوماً بعد يوم..ربما كان يعتقد أن الموقف يتطلب منه أن يقوم بكل هذا..كما أنه كان يكثر من زيارتي ليدخل معي في مناقشات حول الحياة الزوجية من كافة الأوجه! حتى توقعت في النهاية أنه – في أغلب الظن – سوف يتقدم بطلب يدها في النهاية ليعقد زيجة حمقاء أخرى لا ضرورة لها ولا معنى من تلك الزيجات السيئة السخيفة التي تتم هنا بالآلاف لا لشيء إلا لمجرد الملل والضجر من الوضع الحالي والحياة الراهنة والرغبة في القيام بعمل أفضل... "لولا أن انفجرت فضيحة مدوية..!! فضيحة رجت أرجاء المدينة.. وبهذه المناسبة دعني أخبرك أن قلب (كوفالنكو) شقيق (فاريا) – قد امتلأ بالكراهية لـ(بيليكوف) منذ اليوم الذي عرفه فيه.. ولم يعد يطيق حتى رؤيته!..كان (كوفالنكو) يهز كتفيه في بعض الأحيان ويقول في استنكار: "أنا لا أعرف كيف تفكرون. كيف تكتمون وجود مثل هذا الحيوان القوقعي، هذه الحشرة المتعفنة؟ كيف يمكنكم العيش هنا أيها السادة؟.. إن هذا الجو خانق مسموم.. كيف تأتيكم الجرأة على القول بأنكم مدرسين ومربين؟.. واقع الأمر يقول أنكم لستم أكثر من جماعة صيادين تافهين، وأن مدرستكم هذه ليست معبداً للعلم، بل هي مجرد مؤسسة خيرية تفوح منها رائحة تثير الشك مثل أقسام الشرطة..كلا أيها الرفاق، أنا لن أمكث معكم طويلاً، بل سأعود إلى غربتي لأشتغل بصيد السمك وتعليم الأطفال الأوكرانيين.. نعم..سوف أرحل عن هنا..بعيداً عنكم.. ولتبقوا أنتم مع (يهوذا) هذا الذي كان من نصيبكم!"  وفي مرة أخرى تراه يزأر بصوته الأجش المجوف الذي يتحول إلى صفير ماء حتى تسيل الدموع من عينيه ويقول: "لماذا يمكث معكم ها هنا؟.. هه؟..ماذا يريد من جلوسه وحملقته؟"، وقد أطلق على (بيليكوف) لقباً من عنده.. فسماه: (الخفاش العنكبوتي)!..وحينما ألمحت إليه زوجة الناظر أنه يكون من الأفضل أن نرى أخته تحيا حياة مستقرة مع رجل محترم قوي الخلق مثل (بيليكوف) عقد حاجبيه بشدة وقال: "إن هذا الأمر لا يعنيني مطلقاً.. في وسعها أن تتزوج ثعباناً.. فلست أنا بذلك الرجل الذي يدس أنفه شئون الآخرين!" "والآن اسمع ما حدث بعد ذلك..لقد رسم أحد المصورين صورة هزلية ترى فيها (بيليكوف) بخفه وحوافي سرواله مقلوبة إلى أعلى ومظلته مفتوحة فوق رأسه، وقد تأبط ذراعه ذراع ( فاريا) وراحا يسيران جنبه إلى جنب..وتحت الصورة كتبت هذه الجملة: "الأنثروبوس عاشق!".. وكان تعبير وجهه حقيقياً مبتهجاً يفيض بالبشر والأمل..هذا ولابد أن الفنان الذي رسم هذه الصورة قد سهر عدة ليال على اتمامها.. لأن المدرسين في مدرسة الأولاد ومدرسة البنات قد وصلتهم هم أيضاً نسخ لهذه الصورة..كما تلقى ( بيليكوف) نسخته هو الآخر!..وكان لهذه الصورة أسوأ الأثر عليه.. "في ذات يوم خرجنا معاً من الدار.. وتصادف أن يكون هذا اليوم هو يوم الأحد وأول يوم في شهر مايو..وكان على المدرسة بأسرها، طلاب ومدرسين – أن يجتمعوا أمام مبناها لكي يتجهوا إلى غاية خارج حدود المدينة..وذهبنا بالفعل وكان وجه (بيليكوف) يبدو أخضر!.. أخضر ضارباً إلى السواد!! وكان سبب هذا هو عندما تقع عيناه على فتاة.. ثم نظر إلي وقال وشفتاه لا تكفان عن الارتجاف: كم في هذا العالم من قساة أشرار!!" "ولم أتمالك إلا أن أشفق عليه وأرثي لحاله..وواصلنا سيرنا، ولم يمض وقت طويل حتى رأينا ( كوفالنكو) يمر بنا ممتطياً دراجته و(فاريا) خلفه على ظهر دراجة أخرى وقد بدا عليها الانبهار وتورد خديها من شدة الحماس والنشاط، ولكنها على أية حال كانت مرحة يفيض وجهها بالحبور!.. وقد هتفت فينا: "سنكون هنا قبلكم جميعاً!.. أليس هذا يوماً جميلاً؟!.. إنه يوم ساحر!" "وإن هي إلا لحظات واختفيا عن البصر..أما زميلنا (بيليكوف) الذي تبدل لونه من الخضرة إلى شحوب الأموات فقد أرتج عليه لحظة ثم توقف عن المشي وراح يحدق في وجهي ويتساءل: "ما معنى هذا؟ أيليق بمعلمي المدارس وبالنساء أن يركبوا الدراجات؟"، فغمغمت: "وماذا في هذا؟..ليس هناك ما يتعارض مع اللياقة والأدب، ولماذا لا يركبون الدراجات؟"، صاح معترضاً: "ولكن ذلك الأمر لا يحتمل! فكيف نستطيع أن نقول هذا القول؟" "ويبدو أن الصدمة كانت شديدة عليه جداً..لأنه قد رفض مواصلة المسير وعاد من فوره إلى الدار!..وفي اليوم التالي ظل طول الوقت مفزوعاً يفرك كفيه ببعضهما، ولم يكن من الصعب أن ترى على وجهه كم كان في حال سيئة.. وقد غادر المدرسة حتى قبل انتهاء اليوم الدراسي، وهو ما لم يحدث منه من قبل أبداً.. كما أنه لم يتناول أي طعام.. وعندما بدأ يهبط المساء ارتدى ملابس ثقيلة بالرغم من أن الجو كان حاراً.. ثم إنه قد اتجه إلى بيت (كوفالنكو) في النهاية!.. "لم تكن ( فاريا) هناك، فقابله أخوها، وقال له بفتور وجبين مقطب: "تفضل بالجلوس."، وكان يبدو أن ( كوفالنكو) قد استيقظ حالاً من نوم قيلولة الظهيرة فلا يزال النوم يغلق عينيه و يخامره شعور بالذعر!..وظل (بيليكوف) صامتاً لعشرة دقائق كاملة!..ثم بدأ يتكلم أخيراً: "لقد جئت إليك حتى أريح ضميري، فأنت لا تعلم مدى التعاسة التي أحيا فيها هذه الأيام. فقد قام هجّاء مجهول الاسم برسم صورة كاريكاتيرية ساخرة تمثلني أنا وشخص آخر تربطه بنا نحن الاثنين بعض العلاقات.. وأعتقد أن من واجبي أن أؤكد لك أني لست الملوم في ذلك، فأنا لم أفعل ما يتوجب كل هذه السخرية، ولكن كل تصرفاتي كانت على الع** من ذلك تماماً سلوك رجل نزيه أمين لا تشوب سمعته أية شائبة في أي يوم من أيام حياته." "وظل (كوفالنكو) مطرقاً صامتاً.. وبعد برهة استأنف (بيليكوف) حديثه بصوت خافت شاك: "وهناك أمر أخر أريد أن أحدثك في شأنه.. فأنا رجل محنك قديم.. وأنت لا تزال نمر ساذج في مستهل حياتك الوظيفية، ومن واجبي – كزميل هرم من زملائك أن أحذرك!.. إنك تركب الدراجة وهذا نوع من الترفيه محظور تماماً على كل من يتولى مسألة تعليم النشء!" وبصوته العميق الأجش سأله (كوفالنكو): "ولمه؟"،  أجابه في اندهاش مستنكر: "وهل يحتاج هذا إلى توضيح..." وضح له: "لقد كنت تظن يا (ميخائيل سافيتش) أنه أمر بسيط وعادي.. لو سمح المدرس لنفسه بركوب الدراجة لما بقى للتلاميذ إلا أن يسيروا على رؤوسهم!.. و ما دام لم يص*ر أي منشور بإباحة ذلك فإنه يظل محظوراً.. والحقيقة أنني قد ذهلت بالأمس!.. بل كدت أسقط مغشياً على حين رأيت أختك أيضاً..آنسة فوق دراجة! يا للعار!" "قال (كوفالنكو) في قنوط: "ماذا تريد مني بالضبط؟" أجاب (بيليكوف) في حزم: "لا أريد إلا أن أنبهك يا (ميخائيل سافتش)..أنك شاب في مقتبل العمر..وحياتك كلها أمامك ولهذا فيجب أن تتعامل معها بغاية الحذر..ولكنك مستهتر..مستهتر للغاية !..  فها أنت ذا تروح وتجئ في أقمصة مطرزة مبهرجة ولا ترى في الشارع إلا ومعك أنواع مختلفة من الكتب ثم ختمت هذا كله بالدراجة!.. إن واقعة ركوبكما، أنت وأختك على دراجتين سوف تصل إلى أسماع الناظر! بل إنها سوف تصل إلى الرئيس شخصياً.. وليس عمل هذا من صواب الرأي!" فقال ( كوفالنكو) والدماء تغلي في عروقه: "إن ركوبنا الدراجات أو عدم ركوبنا إياها لا يعني أحد سوانا في الواقع! وإذا كان الناس سيدسون أنوفهم في حياتي الشخصية أنا شقيقتي فليذهبوا إلى الجحيم!"  وهنا راح لون (بيليكوف) وشحب وجهه وانتتر واقفا على قدميه وهتف: "حسناً!.. مادمت تتكلم معي بهذه الطريقة، فلم أستطيع أن أواصل كلامي!.. لكن أرجوك أن تكون حذراً حينما تتكلم عن رؤسائنا في وجودي!.. نعم.. يجب أن تتعامل مع السلطات بالاحترام الذي يليق بها!" امتلأ (كوفالنكو) بالغضب، وهو يكاد يتميز من الغيظ قال: "وهل سمعتني أتفوه ببنت شفه بشيء غير لائق عن السلطات!!.. اتركني وشأني أيها المحترم، فأنا رجل شريف وليس عندي ما أقوله لشخص مثلك..إن نفسي تشمئز من الثعابين!" ارتبك (بيليكوف) بشدة وبان على وجهه، الخوف الشديد والرعب الهائل والتوتر العصبي وسارع بارتدائه لمعطفه.. نعم، فلم يكن قد سمع شخصاً يخاطبه بكلمة كهذه من قبل! قال وهو يتجاوز عتبة الدار: "ولكن لابد لي أن أحذرك، إذ ربما يكون بعض الناس قد سمع كلاماً.. ويجب عليَّ لكي أمنع حديثنا ذلك من أن ينتقل محرفاً ولا منع ما قد ينتج من جراء ذلك، أن أتوجه إلى ناظر المدرسة بفحوى هذا الحوار.. بالنقط الرئيسية.. هذا هو واجبي!"
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD