5

1109 Words
كان الرجل الميت يضطجع علي صخرة، بينما يستلقي على العشب بين قدميه مسدس أميري آلي مطلي بالنيكل، من عيار 0 . 45 ثم أمعن في مراقبته .  لقد كان جالساً مرفوع الرأس لكنه لا بد من أن يكون قد انطوى إلى جانبه .   كانت عيناه مفتوحتين .  بدا كأنه كان مستغرقاً في التمعن بشيء متناهي الصغر، في العشب .  وكان ثمة دماء على الأرض، ودماء علي الصخرة خلفه .  كان لون الدم لا يزال أحمر غامقاً، لكن لا يمكن أن تلاحظ ذلك في الظل .  التقط موس المسدس وضغط على **ام الأمان بإبهامه وخفض الناقر .  جلس الق*فصاء وحاول مسح الدم عن المقبض مستعملاً ذ*ل بنطال الرجل، لكن الدم المتجلط كان جافاً جارحاً .  وقف ودس المسدس في حزامه عند منتصف ظهره، ثم انه رفع قبعته إلى الوراء قليلاً وجفَّف العرق عن جبينه بكم قميصه .  استدار ووقف يدرس المشهد بعناية وحذر .   ما هذا؟ ثمة حافظة مستندات جلدية ثقيلة في وضع قائم قرب ركبة الرجل الميت، وقد عرف موس تماماً ماذا يمكن أن يكون في الحقيبة .  أصابه هلع رهيب مباغت بطريقة لم يكن قادراً حتى على فهم دوافعها .  عندما رفع الحقيبة من مكانها في النهاية، مشى مسافة قصيرة في غير هدى .  ثم جلس على العشب .  وأنزل البندقية عن كتفه وألقى بها جانباً .  جلس مبعداً ساقيه، يحتضن رشيش اتش آند كاي، فيما الحقيبة بين ركبتيه .  ثم مد يده وقام بحل الرباطين .  حرر ا****نين النحاسيين ورفع الغطاء وطواه إلى الوراء .   كانت الحقيبة مليئة بأوراق نقدية من فئة المائة دولار! مصفوفة في رُزَم ملفوفة بشرائط ورقية تحمل شعار المصرف، كما تحمل خاتم يشير إلى أن كل رزمة تساوي عشرة آلاف دولار .  لم يعرف ما هو المجموع الذي قد تبلغ إليه جميع محتويات الحقيبة لكنه كوّن عن هذا المبلغ فكرة لا بأس بها .  فكرة طيبة جدا في الواقع .  مكث في مكانه ينظر إلى النقود ثم أعاد الغطاء إلى مكانه، وأغلقه، وجلس مطرقاً .   كانت حياته بكاملها مجسدة هناك، تمر كشريط السينما أمامه .  حياته كلها تجلس تحت عينيه، يوماً بعد يوم، وصبحاً بعد مساء، وحتى نهاية العمر .  كل هذا العمل يتلخَّص الآن في حقيبة تحتوي على أربعين باونداً من الورق .  رفع رأسه ونظر عبر حافة المنحدر .  هبت ريح خفيفة من الشمال .  كان الجو بارداً بالرغم من سطوع الشمس، أما الساعة فهي الواحدة بعد الظهر .  نظر إلى الذي يضطجع ميتاً على العشب .  فرآه ينتعل حذاء جيداً من جلد التمساح، امتلأ بالدماء التي بات لونها أ**د كقلب الكافر .  رجل انتهت حياته هنا والآن في هذا المكان .  وكان هنالك الجبال البعيدة لجهة الشمال .  والريح التي تداعب الأعشاب .  الواحدة ظهرا، والهدوء التام .  إلى أين العزم؟ أكمل إقفال الحقيبة وتثبيت أربطتها، ثم نهض، وعلق البندقية في كتفه، ثم رفع الحقيبة والمسدس الآلي، ومشى خلف ظله وانطلق لا يلوي على شيء .   خطر له أنه يعرف كيف يعود إلى سيارته، كما أنه قلَّب في رأسه فكرة التجوال في الصحراء ليلاً .  كان هنالك الكثير من أفاعي الموجاف السامة في تلك المنطقة .  فإذا عضته واحدة منها في هذا المكان أثناء الليل عندها فسوف تكون مفاجأة قاسية في الواقع وعلى الأرجح أنه سينضم حينئذ إلى أعضاء هذا الفريق من الجثث .  وستكون الحقيبة التي يحملها في هذه الحالة، بحملها الثمين، من نصيب مالك آخر سواه .  أما ما يتحدى كل هذه الاعتبارات، فهو مشكلة عبور منطقة مكشوفة في عز الظهر مشياً على الأقدام وهو يحمل سلاحاً آليا كاملاً معلقاً على كتفه، كما يحمل حقيبة تحتوي على عدة ملايين من الدولارات .  هذا المنظر مريب حتى مع عدم وجود بشر .  خلف كل هذه الملابسات، تربض الحقيقة المخيفة بأن شخصاً ما، لا بد له من المجيء إلى مسرح المذ*حة الشاملة هنا للبحث عن هذه الثروة المفقودة .  بل ربما سيأتي في طلبها أشخاص عديدون .  فكر في العودة لالتقاط البندقية الرشاشة بديعة التكوين ذات المخزن الأسطواني .  فلقد كان شديد الإعجاب بتلك البندقية حد الوله .  حتى إنه فكر في التخلي عن المسدس الآلي في سبيلها .  لقد كان اقتناء مثله جريمة يعاقب عليها بالسجن لفترة لا بأس بها .   بيد أنه نفض الفكرة عن رأسه ولم يتخل عن شيء، ولم يعد أيضاً إلى مكان وجود العربات بل شرع في السير مترنحاً عبر البراري ماراً خلال الثغرات التي تتخلل سلاسل التلال البركانية، وقاطعاً المنطقة المنبسطة إلى حافة الحمم الجافة، أو الكثيرة المنحنيات، التي تمتد إلى تلك السلاسل .  حتى إذا شارف النهار على نهايته، وصل إلى طريق نقل الماشية التي كان قد جاء منها أثناء الصباح الباكر في مطلع الفجر .  ثم، وبعد أن سار مسافة ميلٍ على هذه الطريق كان قد وصل إلى عربته .  فتح بابها، وأرقد البندقية على أرضيتها بعناية وهدوء، ثم استدار وفتح باب السائق ودفع المزلاج وأزاح المقعد إلى الأمام وركن الحقيبة والمسدس الآلي خلفه .  ثم وضع المنظار من عيار0 . 45 على المقعد وصعد، ثم أعاد دفع المقعد إلى الوراء بقدر ما استطاع ذلك، وأدار مفتاح المحرك .  خلع قبعته وأراح ظهره إلى الوراء، وأسند رأسه إلى الزجاج البارد خلفه وأغمض عينيه .  عندما وصل إلى الطريق السريع خفف سرعته وربّـت بأنامله على قضبان السياج الحامي من الماشية .   خرج إلى الطريق السريع الأسفلتي، ثم أنار المصباحين الأماميين .  قاد سيارته غرباً في اتجاه ساندرسون، وحافظ على التزام أقصى سرعة مسموح بها خلال كل ميل سلكه من الطريق .  توقف عند محطة للتزود بالوقود في الطرف الشرقي من المدينة، وكذلك من أجل شراء لفافات التبغ، والحصول علي بعض الماء، لقد كان حلقه أشبه بزجاجة **غ جافة، ثم تابع القيادة إلى منطقة ديزرت إير، إلى أن أوقف السيارة أمام بيته الذي هو عبارة عن سيارة فان، مقطورة أطفأ محركها .   وكان البيت مضاء من الداخل .  " قد تعيش مئة عام، لكنك لن تعيش يوماً آخر مثل هذا اليوم .  "  وحالما تمتم بهذه العبارة لنفسه، بدأت المخاوف تتخايل أمام عينيه .  أخرج مصباحه الكشاف من صندوق العربة، وخرج منها آخذاً معه المسدس الآلي والحقيبة من وراء مقعده .  ثم زحف متسللاً تحت العربة المقطورة .  اضطجع هناك على ظهره على التراب رافعاً بصره إلى الجانب الأسفل لأرضية العربة .  أنابيب بلاستيكية رخيصة وخشب مُعشَّق برقاع من مواد العزل .  دس الرشيش من نوع إتش آند كاي في زاوية من الزوايا، وأعاد تسوية الطبقة العازلة فوقه، ومكث في ضجعته تلك قليلاً، يحاول أن يلملم شتات ذهنه .  ثم زحف عائداً إلى الخارج ومعه الحقيبة . نفض الغبار عن ثيابه وتسلّق درجات بيته ودخل .   كانت مضطجعة على الأريكة تشاهد التلفاز وتشرب زجاجة مياه غازية، قالت له دون أن ترفع نظرها إليه: - " إنها الساعة الثالثة .  هل كان يمكن أن تتأخر أكثر من ذلك؟ " نظرت إليه من خلف الأريكة، ثم عادت إلى متابعة التلفاز من جديد، وأردفت: - " وما الذي لد*ك في هذه الحقيبة؟ " - "  إنها مليئة بالنقود!! "   - " حقا؟! هو يوم الفوز بالياناصيب إذن .  "   ذهب إلى المطبخ وتناول زجاجة من الجعة من داخل الثلاجة .  قالت: - " هل لي بالمفاتيح؟ "
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD