- أتفضل يا أستاذ رمزي فلوسك ..
هتفت "توليب" تمد يداها لرمزي بالإيجار
حمحم "رمزي" ثم أخذ منها الفلوس ، ظهر على وجهه توتر و حيرة
عقدت "توليب" حاجبيها لتسأله مستفسرة :
- خير يا أستاذ رمزي في حاجه ؟
أبتلع ريقه بتوتر ليغمغم متلعثماً :
- بصراحة يا أنسة توليب كنت عايز أعترفلك بحاجة مهمة ..؟
- خير ؟
- من يومين جالي واحد أسمه جاسر وقالي أزود الايجار عليكي عشان لما متعرفيش تدفهي تطلعي من الشقة وتضطري تعملي اللي قالك عليه ..
كثير عليها .. كثير ! فعل كل شئ يجعلها تمتقه ، ليتها لم توافق على أن تعالج صديقه الذي حتى الأن لم تعرف أسمه .. ليتها لم تقا**ه أساساً
لم تنطق بحرف بل أغلقت الباب في وجه رمزي بشرود لما فعله بها ، دلفت لغرفتها لتمسك بمزهرية ما وقذفتها بالحائط تفرغ غضبها بها ، سقطت المزهرية لتتحول إلى شظايا زجاج ، هدئت النيران بداخلها إلى حداً ما لتستلقى على فراشها تفكر فيما ستفعل
★★★
في اليوم التالي ، رأسه مازالت تتخبط لما فعل "جاسر" هذا معه ، لم يره منذ مجيئه لهنا ، لا يود أن يراه أصلاً ، أقسم أن رآه الأن سيفصل رأسه عن جسده و لا لوم عليه ! هز قدمه بحركة معتادة تنب عن توتره ، عيناه كأنها جمر يقسم أنه إذا لم يأخذ الم**رات الأن سيقع جثة هامدة ، كيف يسمح لفتاة أن تسجنه هكذا ! بالطبع لن يسمح بهذا ، أخذ يعتصر رأسه يفكر في حل لذلك المأزق الذي وقع به ، طُرق الباب طرقات خافتة لينهض هو سريعاً ، فُتح الباب ليرى من كان يفكر به قبل دقيقة ، أشتعلت النيران داخل عيناه و أقسم أن سمح لتلك النيران ستحرق الأخضر و اليابس !
شعر "جاسر" أنه حقاً يحترق من تلك النيران تن*د بعمق ليغمغم محاولاً توضيح ما فعله :
- رعد أسمعني أنا ..
قاطعه "رعد" ممسك بتلابيبه غارزاً بأظافره في رقبته :
- أنت ايـه هـا ! أنت زبالة ومطمرش فيك صُحبتنا !
أبتلع "جاسر" الإهانه ليتمتم بنبرة حزينة :
- لاء يا صاحبي أنا عشان أبن ناس وبيطمر فيا العيش و الملح جبتك هنا ، كان ممكن أسيبك تأذي نفسك لحد م هتوصل لنقطة الندم على اللي عملته ف نفسك بس الندم ساعتها مش هيبقى نافع ، صدقني هتتأقلم بس أنت يا رعد مش هتخرج من هنا غير و أنت إنسان طبيعي من غير م**رات و زفت ..!
تركه "رعد" بغضب ليصرخ بعند :
- و أنا قولتلك مش عايز أتعالج أن شالله أموت من اللي أنا فيه ده أنت مالك !
تن*د جاسر و هو يربت على كتفيه لينفض "رعد" يده :
- العِند ده مش هينفعك بحاجة يا صاحبي ، أنا خارج هقولهم يجيبولك أكل ، سلام
خرج "جاسر" من الغرفة ليض*ب "رعد" يديه ف الحائط غاضباً
طُرق الباب مجدداً لتدلف" توليب " حاملة في يديها طعام تفوح رائحته الذكية ، تأفف بغضب من تلك مجدداً ليجلس على الفراش الأبيض ضامم كفيه بعضهما واضعهما على فخذيه يهز قدميه غاضباً
لم تبالي " توليب " لتمد يديها بـ " صينية " الطعام قائلة برسمية :
- أتفضل عشان تاكل ..
نظر للطعام بغضب ليقذف الصينية من يدها رامياً بها للأرض ليتناثر الطعام على الأرض !
شهقت مصدومة من فعلته لتنظر له و هي تشعر أن الذي أمامها غير طبيعي !
رفعت أصبعها بغضب لم يراه منها من قبل وعيناها نيران مشتعلة :
- أسمع يا أستاذ أنت أنا للأسف مجبورة أفضل معاك لحد م تتعالج و مش عايزين نبدأها ق*ف أنت هتسمع كل الكلام الي بقوله وهتنفذه بالحرف لحد م تتعالج فاهم !
تجرأت في الحديث معه لأول مرة ، هي حتى لا تعلم من أين تلك القوة و لكن كل ما تعلمه الأن أن ينتظرها أيام مليئة بالصراخ والمشاجرات ، نهض هو بغضب ليتضح فرق الطول بينهما ، هتف بصراخ و هو يمسكها من ذراعها بحدة :
- أنتِ يا بتاعة أنتِ ازاي ترفعي صوتك عليا و صباعك ده هقطعهولك لو أترفع ف وشي مرة تانيه فاهمه !
شهقت عندما قبض على ذراعها ليس من الألم بل من تفكيرها حول رجل غريب يقبض على ذراعها بتلك الطريقه ، لم يقترب منها أحد على وجه الأرض فهي دائماً ما تضع حدود و لكن هو تخطى تلك الحدود و وصل لدرجة خطيرة تخيفها هي !
لم تنطق بحرف بل ظلت تحاول إقتلاع ذراعها من قبضته الغليظة ليتركها أخيراً دافعاً " توليب " للخلف !
نظرت له مثل القطة الشرسة ، أخذت أظافرها مجراها على يداه تخربشه بحدة و هي تصرخ عليه ، تآوه هو بألم حقيقي و هو يهتف بصدمة :
- يا بنت المجنونة !
نظر ليديه ليجد أظافرها تاركة أثر على ذراعه الأسمر ، نظرت له بتحدي قائلة بنبرة ممتلئة بالشماتة :
- أحـسـن ! عشان تحرّم تمسكني من دراعي و تزعقلي تاني ، و لا أنت فاكر لما تمسكني من دراعي بالطريقه دي هسكتلك و هعيط ؟! تبقى بتحلم أنا كمان عندي إيد و بعرف أستعملها كويس و متتعداش حدودك معايا تاني !
ثم خرجت تاركة إياه يسبها غاضباً ..
★★★
- لسة زعلانة مني يا توليب ؟
هتفت "سمر" بندم لتوليب الواقفة أمامها
أشفقت " توليب " على صديقتها لتقول مسامحة إياها :
- خلاص يا سمر مش زعلانة منك ..
صفقت "سمر" بمرح لتقبل وجنتاها بطفولة
قهقهت " توليب " على صديقتها المقربة
هتفت "سمر" متذكرة :
- اه صحيح المدير عايزك ..
تأففت فهي تمقت ذلك المدير و إبنه هذا المتعجرف المستغل ، أومأت لسمر لتذهب له ..
★★★
- يعني ايه يعيش عندي في البيت مينفعش طبعاً حضرتك بتهزر !
صرخت " توليب " ضاربة يديها على المكتب
هتف مدير المشفى مجد قائلاً بهدوء :
- أهدي بس يا دكتور توليب هو مينفعش يفضل هنا ..
- يعني أيه مش هينفع يفضل هنا أنا عالجت ناس كتير كانوا جوا المستشفى عادي !
- أيوة أنا عارف بس المره دي غير عشان هو بيتعالج غصب عنه و طبعاً هيحاول يهرب أنتِ متعرفيش رعد مش هيستسلم بسهولة لكن لو عندك ف البيت مش هؤعرف يهرب ..
ظهرت الحيرة على وجهها لتهتف متحيرة :
- أيوة بس أنا قاعدة في البيت لوحدى مش هينفع يقعد معايا ..
يعلم أن ما تقوله صحيح مئة بالمئة ، أخذ يفكر لتخطر على باله فكرة لا يعلم أن كانت ستوافق عليها " توليب " أم لا ..
- مافيش غير .. غير أنكوا تتجوزوا !
كادت عيناها أن تطلع من مكانها لتنهض صارخة :
- نـعـم !
بالطبع توقع ردة فعلها تلك ، يعلم أنها كنقبلة و ستنفجر في أي لحظة إذا كانت لم تنفجر من الأساس !
★★★
- هو أنت ع**ط ولا أهبل ولا بتستعبط ولا بتستهبل ؟
غمغم "رعـد" بتساؤل جادي فـ هو إلى الأن لم يستوعب قط ما يقوله هذا الأبله الواقف أمامه
نتحنح جاسر قائلاً بخشونة :
- زي م سمعت يا رعد هتتجوز الأنسة توليب
تعالت ضحكات "رعد" الرجولية الجذابة ، ضحكات لم تكُن مرحة أبداً ، بل كانت ضحكات مخيفة تشعرك أن القادم سئ .. و للغاية
أكمل "جاسر" حديثه غير مبالياً بضحكاته المخيفه التي أخافته قليلاً :
- أسمعني بس يا رعد ده جواز ع الورق كل اللي هي هتعمله هتعالجك عشان أنت عارف أنك لو فضلت هنا هتهرب او حتى هترشي حد يجبلك الق*ف الي بتشربه عشان كده لازم تتجوزوا مدة قصيرة وهتطلقوا ..
هتف "رعد" بصراخ غاضب :
- بس يا جـاسر متعصبنيش !
- هتتجوزها يا رعد أو صدقني هتندم ..
تراقصت الشياطين أمام عيناه لينطق والغضب يأكله :
- أنت بتهددني يا جاسر !
- مش بهددك يا رعد كل اللي عايز اقولهولك أنك لو متجوزتهاش البنت دي مستقبلها هيتدمر و هيبقى بسببك !
عقد حاجبيه بعدم فهم ليسأله مضيق عيناه :
- ازاي يعني مستقبلها هيتدمر ؟
شرح له ببساطة و هو يُعنى ما يقوله حقاً :
- بمعنى أن البنت دي هتتسجن لأن أنا خليتها توقع على شرط جزائي بيقول أنها هتدفع مبلغ كبير مش معاها لو تراجعت أنها تعالجك .. هي هتوافق تتجوزك عشان متتسجنش ابويا هيقنعها ، لو أتسجنت ذنبها هيبقى في رقبتك يا صاحبي !
حرفياً دارت به رأسه ، أُجبر على العلاج و سيجبر على الزواج ، لا .. لن يجبره أحد على شئ ، لتدخل السجن ما ذنبه ؟ هو لا يريد أن يتزوج بالأصل ، هو لم يمضيها على ذلك الشرط الجزائي هي من كانت غ*ية ومضت عليه
نطق بما يجول في خلده :
- مليش دعوة تتسجن معنديش مشكلة ، أنا محدش يجبرني على حاجة يا جاسر فاهمني !
صُدم "جاسر" من أنانية صديقه ، لم يتخيل أن سيوافق على سجنها ببساطة هكذا !
ظهرت لمحة خيبة أمل في عينيه رآها "رعد" ليقول بأسف :
- يا خسارة يا صاحبي مكنتش أتوقع أنك أناني كده يا خسارة ..
ثم ذهب صافعاً الباب خلفه تاركاً "رعـد" تتآكله الحيرة
★★★
جلست "توليب" على الكرسي بوهن قائلة بصدمة :
- يعني أيـه ! يعني أتجوز واحد مبحبوش أو .. أو أتسجن !
أومأ " مجد" مدير المشفى رأسه بأسف لتضع رأسها بين كفيها تفكر في حل لذلك المأزق ، هي من أدخلت نفسها بذلك المأزق ليتها لم توافق يومها ، ليتها فعلت أشياء كثيرة ، لا وقت للندم الأن ، فكرت بعمق لترفع رأسها قائلة بتحدي :
- متعودتش مكملش حاجة للأخر .. هتجوزه ..!