الفصل الرابع

1922 Words
هو حتـى لم يستوعب أنهـا و أخيراً وافقت ! ، لم يستوعب للأن أن و أخيراً سيخرج صديقه من ذلك المستنقع القذر المقحم بداخله ، كان قد فقد الأمل تماماً ، ولكن يحمد الله أنها وافقت .. *** أخـذ يتقدم بخطوات واهنة ، خطوات شخص يإس من الحيـاة ، خطوات شخص أبتلعـه الظلام و لم يترك أنش واحد منه ، خطوات لم يكُن بـإرادته أن يمشيهـا ، يحركه القدر مثلمـا يشاء ، أمـا روحه ؟ فهي ذهبت لخالقهـا عندمـا أكتشف خيـانة حبيبته ، عندمـا مـاتت إنتحـاراً لم يذرف دمعة واحده عليهـا ، بعدمـا ذاق مرارة فقدان أبويه و الدموع خلصت داخل مقلتيه ، أصبح كالآلة يتغذى على السموم تلك ، لم يبتسم أو يضحك على موتهَـا ، لا يعلم أيحزن عليهـا حقاً بعد كل ما فعلته له ؟ ، تن*د تنهيدة داخلهـا أحزان لو وُزِعت على العـالم بأكمله ستفيض وتكفي لعـالم آخر ! رن هاتفه ليتطلع إليه بملل ، ألتقطه بوهن ليرد عليه مغمغم بخشونة : - عايـز أيه يا جـاسر ؟ هتف "جـاسر" سريعاً بنبرة غير مُتزنة : - رعـد تعالى ع الكافيه الي جنب بيتك ، متتأخرش موضوع مهم جداً ثم أغلق الخط ، نظر " رعد " للهاتف بتعجب ، لم يبالي بالأمر كثيراً ليتهض مرتدياً ملابس عصرية مكونة من بنطال جينز وتيشرت قطني بنصف كم لتبرز عضلاته بوضوح ثم أخذ مفاتيح سيارته وهاتفه ليذهب . *** خطى "رعد" خطوات نحو مقعد "جاسر" ليجلس في الكرسي المواجه لكرسيه قطب "رعد" حاجبيه بتعجب ليقول بتساؤل : - عايز يا زفت وجايبني على ملا وشي كده ! أبتسم " جاسر " ببرود ثلجي مغمغم : - وحشتني يا دودة وعايزين نشرب قهوة مع بعض أطلقت مقلتى " رعد" التي كالصقر شرارات عالية ليهتف بتحذير جاد : - جـاسر ! قولتلك مية مرة متناديش زفت دودة أسمي رعد فـاهم ؟ حمحم "جـاسر " ليرد موافقاً : - خلاص متزعلش ، أخبارك ؟ أجاب بإقتضاب حانق : - كويس . نهض " جـاسر " قائلاً : - طب أنا رايح الحمام وهاجي على طول تكون شوفت هتطلبلنا ايه .. رد " رعـد " ساخراً : - م أنت عارف مش بطلب غير قهوة . تشدق "جـاسر" مستكراً : - مش ناوي تغير ؟ نفى "رعـد" برأسه ليتركه "جـاسر" مغمغماً على حال صديقه ذهب "جـاسر" للنادل و هو يهمس في أذنه شئ ما ، بدى على وجه النادل الأعتراض قائلاً بتوجس : - أيوة يا جـاسر بيه بس مينفعش يعني .. غلط نحط منوم لحد يا جـاسر بيه ..! رد "جـاسر" سريعاً ليطمأنه : - متقلقش محدش هيعرف حاجه المنوم معايا هنحطه ف القهوة ومحدش هياخد باله .. أومأ النادل بعدم أطمئنان ليأخذ المنوم منه سريعاً ثم يضعه في قهوة "رعـد" .. رجع "جـاسر " لـ "رعـد" الذي بدى على وجهه ملل كبير ، جلس بتوتر لم يستطيع إخفاءه ، طالعه "رعـد" بشك من سبب توتره ، سأله مستفهماً والشك يغلف نبرته : - مالك يا جـاسر مش على بعضك ليه ؟ أفاق "جـاسر" من شروده قائلاً بعد أن لم يسمعه : - ها ؟ قولت حاجه يا رعـد ؟ رفع حاحبيه من شروده المفاجئ ، لم يبدي للموضوع أهمية لي**ت تماماً ، الله أعلم ما وراء هذا ال**ت ! جاء النادل معه قهوة "رعـد" و عصير "جـاسر" ليلتقطه جاسر سريعاً يبل به ريقه الذي جف من كم التوتر وسط نظرات "رعـد" التي تراقبه كالصقر ، أخذ "رعـد" قهوته يرتشفها بتلذذ ، أنهاها ليشعر بعد دقائق بثقل رأسه ، صداع مفاجئ أحتل رأسه ليضع يده على رأسه و هو يشعر أن الظلام يبتلعه ، بعد أن تأكد "جـاسر" أنه غفى جعل بعض من حراسه يحملونه لينقلونه للسيارة ، أشرق وجه "جـاسر" و هو يشاهد خطته تنجح تماماً مثلما خطت هو لها .. ★★★ كعـادتها تعمل في المشفى تجول بين غرفة لغرفة لتطمئن على حالة المرضى ، رن هاتفها لتلتقطه مجيبة برسمية : - أيوة يا أستـاذ جـاسر كله تمـام ؟ أجاب بخشونة لاحظت الحماس بها : - أيوة كله تمـام و شويه وهنوصل عندك .. أغلقت الهاتف لتذهب لإحدى الغرف الفارغة تجهزها لذلك من المفترض أن تعالجه ، ظنت أنها ستعالجه من المواد المسممة تلك و لكن لم تكنi تعلم أنها ستعالج قلبه أولاً ! ★★★ تـأكد "جـاسر" من عدم وجود من يراقبهم من الصحافى فـ أذا علموا أن رعد البناوي مدمن م**رات ستحدث مشكلة كبيره حتماً ! بعد دقائق ليست طويلة مكث "رعـد" في غرفة راقيه مليئة بالأجهزة يحاوطها الزجاج من كل مكان ، نائم بعمق لا يشعر بما حوله ، لا يشعر حتى أهو على قيد الحيـاة أم ذهب لخـالقه ، لا يعلم ما سيحدث معه فور إفـاقته ، دخلت الغرفة بعد ان طلوبها للمجئ عندما علمت أن ذلك المريض المجهول جاء و أخيراً ، أقتربت للفراش بخطوات بطيئة .. فُرغت شفتيهـا بصدمة ، كـأن دلو ماء بـارد سقط على رأسهـا ، هو بنفسه ، بتلك الملامح القاسيه ، بسماره المميز ، عينه مغلقتان بسلام ، يبدو كالملاك يعا** تماماً عندما يكون مستيقظ ، أشاحات بنظراتها عنه ، لم يبدو لها كمدمنڜ البتة ، فهي تعلم إذا كان الواقف أمامها مدمن حقاً أم لا و لكن لم تستطيع تفسيره ، أخرجها من شرودها عِندما لمحت يديه تتحرك بضعف ، إستعدت لمواجهته لترتب الكلام في رأسها لتقوله له ، أنف*ج جفنيه عن بعضهما ، ظهرت عيناه المظلمة بنظرة رأتها من قبل ، جالت عيناه في الغرفة ، عقد حاجبيه بعد أن علم أنها غرفة للمرضى ، و أخيراً انتبه لتلك الواقفة بجانبه ، لم يتبين لها أن تذكرها ، نطق أخيراً بنبرة مليئة بالدهشة : - أنا فين و أنتِ مين ؟ علمت أنه لم يتذكرها لتنظفت حلقها مجاوبة عليه برسمية : - أنت في مستشفى أبو صاحب حضرتك الأستاذ جاسر .. لم يكُن غ*ي فقد فهم سريعاً ، تلك المشفى متخصصة في علاج الإدمان .. علم سبب وجوده هنا ، خرجت نيران مشتعلة من حدقتيه القاسية لينهض من الفراش بحدة يشتم جاسر بألفاظ ب**ئة قائلاً بصراخ في تلك المسكينة : - دفعولك كـام ؟! و أزاي وافقتي تعالجي حد غصباً عنه هـا ازاي ! كان صراخه لم يكُن على هيئة سؤال مطلقاً ، بل كان صراخ نابع من قلبه .. كأنه وجد الفرصة الممكنة ليصرخ يما يجيش في ص*ره أبتلعت غصة تكونت في حلقها بعد إهانته لها : - هما عايزين مصلحتك .. مينفعش حباية تتحكم في حياتك كلها ، و أنا بقوم بشغلي مش أكتر .. صرخ مجدداً و هو يلوح بيديه تخرج منه زفرات غضب : - هو أنتِ هتخافي على مصلحتي اكتر مني ، مش عايز أتعالج مبتفهموش ! ، و جاسر الزفت ليا كلام معاه أطلعي ، برا .. بـرا ! لا للأن و لا ، نفذ صبرها كأي شخص ، أشتعلت نظراتها لم يأمرها أحد من قبل ، لم يصرخ عليها أحد من قبل ، قالت بحدة : - بقولك أيه يا أستاذ أنت مريض وبعالجه زي أي مريض وياريت تتفضل عشان نبداً نعالجك و نخلص من الموضوع ده بقى .. أمسك برأسه يجول في الغرفة ، وجهه أصبح أحمر بشكل مخيف كأنه يختنق ، أقترب منها ممسك بكتفيها : - بقولك أيه هدفعلك الي أنتِ عايزاه بس هاتيلي الحباية ، أو حقنة أي حاجة ، أو بصي هد*كي فلوس تروحي عند حد بيبيع الحاجات دي دلوقتي أنا ممكن أموت لو مخدتهومش .. صُعقت من جرأتها في إمساكه له و صُعقت مما يطلبه منها ! نفضت يديها عن فكفيه لترفع يدها هاوية به على وجهه ، صفعة .. صفعة ربما وقف الوقت منها ، صفعة كانت بمثابة رصاصة تخترق قلبه ، لم يتجرأ أحد على صفعه طوال حياته ، لم يتحرك وجهه للحهة الأخرى بل ظل واقفاً شامخاً ، حدقتيه كأنها أُشيلت ووضع مكانها جمرتان في أخر درجة أشتعالهما دقت نو**يس الخطر في رأسها بعد أن رأت نظراته ، نظفت حلقها بتوتر لتقول بصوت قوي ع** ما بداخلها : - أزاي تمسكني بالطريقة دي ! و أزاي أصلاً تتجرأ و تطلب مني طلب زي ده أزاي ؟! أنا فعلاً الغلطانه اني وافقت أعالج واحد زيك ، هقول لأستاذ جاسر يشوف دكتورة تانية مش ناقصة ق*ف ! ثم خرجت ببساطة كأنها لم تفعل شئ ! كأنها لم ترفع يدها عليه للتو ! ض*ب المائدة التي أمامه بقدمه بغضب شديد ، سيجعلها تدفع ثمن تلك الصفعة ، سيكون الثمن غالياً ، أغلى شئ في حياتها ! ★★★ - صدقني يا أستاذ جاسر مش هقدر .. مش هقدر أفضل مع ده ، أنت متعرفش عمل فيا أيه ، أسمعني يا أستاذ جاسر في دكاترة أشطر مني تقدر تطلب مساعدتهم لكن أنا أسفه مش هقدر .. قالت توليب بحزم فبعد ما حصل الأن لن تعالج هذا الغ*ي أبداً تن*د جاسر بحزن شديد يعلم أنه سيتصرف هكذا ، و أنها ستتراجع عن علاجه و لكن بم يكُن يعلم أن هذا سيحدث بتلك السرعة ولكنه أخذ أحتياطه : - كنت عارف أنك هتقولي كده ، بس بالسرعة دي هتستسلمي ! ، على العموم أنا كنت عامل حسابي أنك هتقولي كده ، عشان كده مضيتك على عقد بيقول أنك مينفعش ترجعي في كلامك غير لما تعالجي رعد البناوي .. تتوالى الصدمات على رأسها ، كيف ي**عها هكذا ! كيف يجعلها أضحوكة و هي وثقت به وستعالج صديقه ؟ تلعثم صوتها والرجفة واضحه في نبرتها : - ازاي وليه ! أجاب بجمود وداخله يشفق عليها : - عرفت من سمر صحبتك بالصدفة أن الملفات اللي بتجبها بتمضيها من غير م تشوفيها حتى ، طلبت منها تحط العقد ده ، و لو قررتي متعالجيهوش هتدفعي 50000 عشان نقطع العقد و أظن مش معاكي المبلغ ده .. نظرت له نظرة جعلته يخجل من نفسه ، أشاح بنظرة عن عيناها ، لم تنطق بحرف لتتركه وذهبت ، حقاً يخجل من نفسه لما فعله ، أحقر شئ فعله للأن ، و لكن كل شئ لصديقه يهون .. و الغاية تبرر الوسيلة ! ★★★ أمسك برأسه يحاول السيطرة على ذلك الصداع الذي أحتل رأسه ، توجه للباب يركله بقدمه صارخاً : - أفتحوا البـاب ، أفتحوا الزفت ده ! أخذ يض*ب بكف يديه يحاول فتحه و لكن كان أعند منه لم يفتح مطلقاً ، برزت عروقه يطالب بفتح هذا الباب و لكن لم يسمعه أحد ، ربما سمع الحميع و لكن لا يتجرؤون و يدخلون صرخ يشتم الباب و أذنيه تخرج منها النيران ★★★ - ازاي تعملي فيـا كده ازاي ! صاحت توليب ممسكة بسمر غاضبة أجابت سمر بندم وعيناها تفيضان بالدموع : - و الله يا توليب يا حبيبتي مكنتش أقصد هو أستاذ جـاسر قالي أنك هت**بي فلوس كتير ورا الحوار ده وكان مفهمني أن الشرط الجزائي مش بالمبلغ ده والله يا توليب لم تزيدها كلماتها سوى غضب كادت أن تكيح بالغرفة بأكملها : - مسـألتنيش ليه ده بيهددني يا سمر بيهددني حرام عليكي على اللي عملتيه فيا ده . أخذت تبكي سمر بندم حقيقي وسط صـراخ توليب عليها ، تركتها توليب لتذهب لغرفة "رعـد" دلفت للغرفة لتتوسع حدقتيها صادمة مما تراه فقد رأت الغرفة لم تكُن مثلما تركتها بل كانت فوضوية كل شئ على الأرض و هو جالس واضع يديه على رأسيه عيناه حمرواتان ، فور أن ظر لها أشعلت عيناه بغضب أكثر قائلاً : أنتِ تاني ! أنا قولت انتِ عندك كرامة وهتخليني أمشي و مش هتعالجيني طلعتي مبتحسيش ! أغمضت عيناها من إهانته المتكررة ، يكفي ما هي به : تحب تاخد القلم الي خدته من شوية تاني !؟ أشتعلت عيناه ليتحدث جازاً على أسنانه : - أقسم بالله جربي ترفعي إيدك عليا تاني وبلاش أقولك هعمل ايه ! تحدثت بهدوء و من داخلها تن**ر أشلاء : - مضطرة أعالجك للأسف و أنت مضطر تتعايش مع الموضوع .. أجاب صارخاً يرفه إصبعه في وجهها : - لاء مش هتعالج و لو أنت عنيدة أنا أعند منك ! لم تبالي لحديثه لتقول بهدوء : - دلوقتي هتقطع الق*ف اللي بتاخده ده و هتفضل هنا لوحدك هندخلك الأكل هتتعب شوية في أول الأيام بس أن شاء الله هتتعالج بسرعة .. كادت تذهب بعد إنهاء كلامها ليمسك بيديها ، نفضت يديها عن كفيه بعنف و نظراتها مشتعلة قال بنبرة راجية : - لو سمحتي هاتي الم**رات أنا من غيرهم هموت ! نظرت له بهدوء قائلة : - أنت بيهم هتموت ! ، سلام .. خرجت تاركية إياه يشتعل غضباً
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD