انطلق جرس التنبيه فى تمام السادسة صباحا ليمد كابتن أيمن - لاعب كرة القدم المعتزل - يده ليغلقه بينما ينظر إليه فى عجالة ثم ينهض من فراشه ليستعد لرحلته الجديدة إلى إحدى الدول العربية للاشتراك فى تحليل بعض مباريات كرة القدم ضمن برامج بعض الاستديوهات الرياضية منذ اعتزاله قبل اعوام و هو متعاقد معهم يرتحل الى هناك على فترات ، يتناول القليل من الطعام ثم يحتسى الشاى كما تعود ، يحمل حقائبه و أوراقه ثم يتوجه إلى مطار القاهرة ليستقل طائرة الساعة التاسعة المتجهة إلى الخليج العربى ، و حينما يصل إلى هناك و ينهى تلك الإجراءات السخيفة بطبعها يجد أن امامه ساعة و نصف او يزيد على صعود الطائرة ، فيذهب إلى أحد كافيهات المطار ليتناول فنجانا من القهوة ، و مع اول رشفة يتذكر انه خرج قبل أن يلقى التحية على زوجته ، ثم يبتسم فى سخرية فهو يعلم انه قد تعمد ذلك ، ما عاد حديثه معها إلا فيما يختص بشئونها وحدها أو شئون أبنائهما ، أما فيما يخصهما فليس هناك ما يشتركان فيه ، لا مشاعر و لا اهتمامات و لا الحد الادنى من الافكار ، ثم تعود ذاكرته لما هو ابعد من ذلك حينما يتذكر ومضة النور التى اضاءت قلبه منذ سبع سنوات ثم تلاشت ، او خبأت و لم يكن يستطع ان يحتفظ ببقائها لتنير عتمة حياته ، اليوم و هو على مشارف الاربعين حقق من الشهرة و حب الجمهور و من المال ما يتمناه غيره بل يحلم به ، لكنه ليس بامكانه ان يستبدل كل هذا بابتسامة من القلب و هكذا كان يتمنى لو زال عنه كل ذلك و اشترى به السعادة ، أو ليجعل من ومضة الضوء الخافتة التى دخلت حياته منذ أعوام إلى شمس لنهاره و قمرا لليله ، اعتمل فى ص*ره الحزن لحاله من عدم الرضا بأى حال وصل إليه ، كان فى الملاعب يختال و يصول و يجول و ترتفع فى أذنيه آهات الجماهير من لمساته للكرة فتشرح ص*ره و تنسيه ما يلاقيه من حياة زوجية مهلهلة و من طموح روحه للقيا الحبيبة - ومضة الضوء - و البقاء فى رحابها ما بقى له من حياة ، لم يكن يعرف ماذا دفعه لتذكر كل هذا و سقوط دمعة من عينه عليه ، و لم يستفق الا على نداء اعلام المطار عليه مناشدين اياه بالتوجه الى الطائرة فلم يتبق على اقلاعها الا القليل ، يصعد سلم الطائرة فى خطى متثاقلة ثم يتوجه الى مقعده فيجلس فى استرخاء مغمضا عينيه مستندا برأسه حتى يشعر بيد حانية تربت على كتفه مع صوت نسائى يميزه و يعرفه جيدا يخاطبه فى مرح و بشاشة :-
_ اربط الحزام يا كابتن لو سمحت !
يلتفت الكابتن ايمن الى صاحبة الصوت العذب ف*نف*ج اساريره و تشرق ابتسامته لتعلو وجهه ثم تتسع حدقتا عينيه فجأة و هو لا يصدق ثم يقول :-
- دكتورة نادين ! مش ممكن ، ايه ده معقول الصدفة دى ؟
نادين : صدفة سعيدة بقا و لا حزينة ههههههه ازيك يا أيمن عامل إيه ؟
ايمن بفرحة : انا بخير جدا جدا جدا ، طبعا صدفة سعيدة ، دى مش بس سعيدة لا دى اسعد و اغرب حاجة حصلت لى فى حياتى كلها ، ده انا من لحظات كنت بافكر فيـ..............
نادين : سكتت ليه ؟ كنت بتفكر فى ايه ؟
ايمن : فى برامجك اللى منورة الشاشات
نادين : ايه ده انت من امته بتتابع برامج التجميل ؟
ايمن : الحقيقة انا باتابع اى حاجه عليها اسمك يا دكتورة
نادين : ده شرف كبير و الله يا كابتن
ايمن : الشرف ليا انا يا دكتورة
نادين : ايه يا ابنى انت بتكلمنى كده ليه ، ما تفك كده شوية
ايمن : اعذرينى يا دكتورة اصلى لسه حاسس بالمفاجأة و الله
نادين : انت تانى !! يا ايمن ، يا كابتن ايمن ، انا نادين ، دكتورة دى لما تبقا بتعمل مداخلة فى البرنامج ابقا قولها لكن و احنا بنتكلم مع بعض ما تقولهاش ، ما انا بقولك ايمن اهه عاتشى
ايمن : ههههههه حاضر يا نادين ، طمنينى بقا عليكى و على دكتور رؤوف
نادين : رؤوف ! انت قديم اوى ، ما احنا منفصلين يا كابتن بقالنا سنتين دلوقتى
ابمن :ايه ده سنتين معقولة دى ، و انا ما عرفتش
نادين :اه شوفت ما انت مش متابع بقا مع انى عارفة كل اخبارك و تحركاتك
ايمن : انا اسف بس اصلى انا كنت قابلت رؤوف كمان اكتر من مرة ما جابش سيرة
نادين : هو من امته بيهتم اصلا باى حاجه تخصنا انا و هو يا عم سيبك
ايمن : يااااه جوازكم استمر خمس سنين بس ؟
نادين : خمس سنين كانوا كلهم معاناة و الله يا ايمن .
ايمن : انا كنت عارف ده ، رؤوف كان جارى قبل ما يتجوز و كنا نعرف بعض كويس
نادين : فاكر لما سالتنى زمان و قلتلك انى متجوزة رؤوف ، ظهر عليك ساعتها تعبيرات غريبة كده ما فهمتهاش انما كنت حاسة انك عاوز تقول حاجة
ايمن : انا فعلا يومها اتفاجئت بس طبعا رؤوف كان يعتبر صاحبى ماكانش ممكن اقول عنه اى حاجة للمدام بتاعته
نادين : فاكر يومها يا ايمن ؟
ايمن : هو ده كان يوم يتنسى !
نادين : ههههههه طيب اربط الحزام عشان وصلنا بقا
ايمن : ياااااه بالسرعة دى ، قولى لى انتى قاعده هنا اد ايه ؟
نادين : لا انا مطولة هنا شوية عندى تعاقدات كتيرة مش هاتخلص قبل سنتين
ايمن : سنتين ! ده احنا على كده هانشوف بعض كتير اوى
نادين : ده طبعا لو ماكانش يضايقك
ايمن : يضايقنى ايه بس يا نادين معقولة الكلام ده تعالى ننزل
نادين : قولى انت فيه حاجه هاتوصلك
ايمن : اكيد ، انا متفق مع الناس هنا على موعد وصولى
نادين : شوفت بقا الكوسة ، انا محدش اتفق معايه
ايمن : هههههههههه لا و لا يهمك انا هاوصلك قولى لى انتى نازلة فين ؟
نادين : انا حاجزة فى اوتيل .........
ايمن : ايه بقا دى صدفة برضه ؟
نادين : مات**فنيش بقا يا كابتن ، انا عارفه انك نازل فى نفس الاوتيل و فى نفس الدور كمان
ايمن : مش ممكن اوضة كام بقا ؟
نادين : 1063 و انت 1068 مش كده ؟
ايمن : لا ده انتى لازم يشغلوكى فى جهاز المخابرات على كده
نادين : الحكاية مش محتاجه مخابرات و لا حاجه يا كابتن ، اللى يسأل ما يتوهش
ابمن : طيب فرحينى بقا و قولى لى ان قعدتنا فى الطيارة جنب بعض ماكانتش صدفة
نادين : هههههههههه م**م ت**فنى برضه يا ايمن
ايمن : ا**فك ايه بس ده انتى اللى **فتينى باهتمامك و متابعتك لاخبارى و حرصك على اننا نشوف بعض ، بجد انا مش لاقى كلام اقولهولك يا نادين
نادين : بالليل بقا تبقا تلاقيه ، اسمح لى اعزمك على العشا ؟
ايمن : هو انا مش هعرف اخد اى مبادرة معاكى كده ؟
نادين : هههههههههه معلهش يمكن الايام الجاية تعرف تعالى بقا عشان نروح الاوتيل لانى فعلا محتاجه ارتاح
ايمن : يلا بينا
**************