أبتسمت "حنان" على طيبة تلك الفتاة لتجلس جوارها ممسكة بكفها قائلة بحنو أموي:
- يا حبيبتي أزعاج أيه بس دة أنا والله متونسة بيكي ولو عليا تقعدي معايا على طول ومتروحيش هناك ابداً بس عشان كلام الناس مبيرحمش و هيضايقك أنتِ.. وبعدين أنتِ ملحقتيش تقعدي دة انتِ لسة جاية النهاردة!!!، و ع العموم الشقة نضيفة وزي الفل لأن آسر أصلاً بيجيب ست كدا غلبانة كل يومين بتيجي تنضفها، وآسر راح خلاص خد كل هدومه وحاجاته من هناك فتقدري تروحي هناك عادي وأروح معاكي نرُص هدومك في دولاب آسر، بس والله انا عايزاكي تفضلي قاعدة معايا النهاردة ع الاقل..
أرتاح قلبها عند سماع تلك الكلمات منها، لتُردف بإمتنان:
- انا بجد مش عارفة هرُد جمايلكوا عليا دي أزاي، حقيقي شكراً لحضرتك ولـ آسر..!!!
ربتت على كتفيها قائلة بعتاب:
- متقوليش كدا يا ليلى، يلا يا حبيبتي نامي وبكرة إن شاء الله هعملك اللي أنتِ عايزاه..!!!
ودعتها وذهب، فنظرت "ليلى" إلى الأكياس، لتقفز من فوق الفراش تجلبهم ثم وضعتهم على الفراش، لتفتح أولهم، فشهقت بصدمة عندما وجدت هاتف حديث طُراز تلك السنة موضوع داخل علبته، خفق قلبها بقوة، لتبتسم بسعادة ليس لأجل الهاتف، فقط لأنه فعل هذا خصيصاً لها، أخرجت الهاتف لتمسكُه بأيدي مُرتعشة، فهو نفس الهاتف الذي كانت تمتلكه قبل ما حدث، وضعته على الفراش ثم تفحصت باقي الأكياس، فوجدت به ملابس كثيرة غير تلك التي جلبها لها، لتتوسع عيناها عندما وجدت كيس وحده ملئ بجميع أنواع الشيكولاتة و أحجامها، لتض*ب جبينها قائلة بخفوت:
- هو عايزني أحبه يعني من اللي بيعمله دة، أكيد حد قاله اني بضعف قدام الشيكولاتة!!!!
جلست جوار الأكياس شاردة، تنظُر أمامها فخذلتها دمعة لتسقُط على وجنتيها، فلأول مرة يهتم أحد بها بهذا الشكل، كانت تُعامل بجفاء من جميع أفراد العائلة بعد موت والديها التي لم تشبع منهما بعد، ورغم أن جدها كان يحبها ولكنه كان صارم معها أحياناً كثيرة، ورغم هذا كانت تحبهم جميعاً!!! ليأتي هو ويدللها هكذا بيومٍ واحد فقط!!! أخذت نفساً عميقاً تُهدأ به نيران قلبه، ثم أستلقت على الفراش لتنام بعُمق وإرهاق شديدين من التفكير!!!!!
• • • •
أستفاقت "ليلى" وبدأوا جميع من في الشقة يساعدهوها لنقل ملابسها وأغراض تحتاجها إلى شقته هو، ولكنه لم يكُن معهم لتكلُفه بمهمة في عملُه، وعندما أنهاها عاد إلى البيت فوراً، فوجد الهدوء يعُم الطابق لديهم، ليفتح باب الشقة فوجد والدته جالسة على الأريكة تُتابع مُسلسلها المعهود، ولكنها فور رؤياه قالت بإبتسامة حنونة:
- حمدلله على سلامتك يا حبيبي تعالي أقعد أرتاح وهخلي البت رانيا تحضرلك العشاء...
تقدم نحوها بخطواته الرزينة قائلاً:
- حاضر يا أمي.. فين ليلى!!!
أبتسمت والدته بمكر مُحبب ثم تصنعت الضيق قائلة بنبرة حادة:
- مشيتها يا آسر!!!!
توسعت عيناه بصدمة ليهدر بقوة:
- أزاي يعني مشتيها، أنا سايبكوا بتنقلوا حاجاتها شقتي!!!ايه اللي حصل!!!؟!
هتفت بقسوة زائفة:
- أنا بصراحة مش طايقاها من ساعت ما جات ومش عايزاها تقعد في شقتك!!! فـ مشيتها!!!
غرز أظافره في خصلاته يمرر أصابعه فيهم يحاول التحكُم بنفسه، ثم تحرك ملتفتاً للخارج لكي يبحث عنها علها لم تبتعد عن هُنا، فـ مجرد التخيل أنها تسير في الطرقات وحيدة ليس لها مأوى جعل قلبه يشتعل وعقله لا يتوقف عن التفكير عما ممكن ان يحدث لها وهي ليست بجانبه، ولكن أوقفته أمه ممسكة بساعده المفتول عندما أدركت لهفتُه عليها، لتقول بإبتسامة وهي تض*به على ص*ره برفق:
- تعالى تعالى قفشتك خلاص، دة أنت شكلك بتموت فيها، وبعدين معقول تصدق أني امشي الغلبانة دي، هي دلوقتي قاعدة في شقتك تقريباً نايمة، وكله تمام متقلقش!!!!
تنفس الصعداء ليقول وهو يُقبل جبهتها بحنان:
- وأنا اقول أنتِ مستحيل تعملي كدا يا حبيبتي، طب أنا هروح أطمن عليها ماشي؟!!
غمزت له تهتف بخبث:
- روح يا حبيبي روح!!!!
لم ينتبه لنظراتها فقط خرج من الشقة ليتجه نحو شقته، وقلبه يتلهف لرؤيتها فهو لم يراها اليوم قط، طرق على الباب مرتين ثم وقف ينتظرها تفتح، ولكنها لا من رد فغالباً هي نائمة بالفعل، طرق مرة أخرى ولا من مجيب فغام اليأس على ملامحه ليُقرر الذهاب حتى لا يزعجها، ثم ألتفت لكي يذهب ولكنه تسمر في مكانه عندنا سمع الباب يفتح لتقول بصوتها الرقيق الناعس:
- مين..؟!!!
ألتفت لها والجمود كالعادة فوق ملامحه، ولكن لانت مِحياه عندما وجدها تخرُج له بـ منامية بيتية ذات أكمام ومحتشمة، شعرها الناعم للغاية والطويل يسقُط على وجهها مشعث قليلاً، تفرُك عيناها الفيروزية بنعاس كبير، أبتسم على مظهرها الطفولي والبرئ ليقترب مجدداً نحوها، فأستوعبت هي أنه أمامها لتشهق بخضة ثم مسحث على خصلاتها لكي تُعيد شئ من ترتيبه، فأزدادت أبتسامته أتساعاً ليقترب منها ثم أخذ هو مهمة ترتيب خصلاتها البنية، ليمسح عليها برفق وحنان، فنظرت هي له بصدمة جلية على وجهها، وسرحان غريب في عيناه، خجلت من قُربه ولكنها لم تستطيع الأبتعاد لسبب لم تعلمه، أنهى ترتيب خصلاته ليقف أمامها مرة أخرى بوقارُه، ثم قال بنبرة رجولية بحتة:
- أنا جيت أطمن عليكي، عجبتك الشقة؟! محتاجة أي حاجة!!!!
أبتسمت بتوتر قائلة:
- الشقة حلوة جداً، وأنا مش محتاجة حاجة الحمدلله..
تابع بهدوء:
- تمام ع العموم أنا جنبك ولو أحتاجتي أي حاجة أطلبي مني أو من الحاجة، وطبعاً مش محتاج أقولك أنك تيجي تقعدي معاها عادي براحتك يعني!!!
أومأت قائلة:
- اها.. ان شاء الله!!!
ألتفت ليُغادر ولكنها أوقفته قائلة سريعاً:
- آسر..!!! ممكن دقيقة بس!!!
عند نُطقها أسمه شعر بقلبه يُرفرف من السعادة حرفياً، ليلتفت قائلاً بجمود لكي لا يلفت أنتباهها للهفته عليها:
- قولي..؟؟!!
نظفت حلقها ثم شبكت كفيها مع بعضهما لتقترب منه قليلاً تنظر لأي شئ دون عيناه، تُردف بشُكر وأمتنان:
- أنا طبعاً مهما قولت ومهما عملت مش هقدر اوفي جمايلك عليها، أنا بجد متشكرة على كل حاجة حلوة عملتها معايا من أول مـ شوف*ني وأنت حتى متعرفنيش لحد دلوقتي، شكراًعلى الحاجات اللي جبتهالي أمبارح وشكراً أنك مقعدني في شقتك وواثق فيا للدرجة دي، مش عارفة أقولك أيه والله أنت أكتر حد وقف جنبي في حياتي!!!!
كان يستمع لكلماتها ويشاهد تعبيرات وجهها بتركيز تام، فخانتها دمعاتها لتسقُط على وجنتيها قائلة بحُزن شديد:
- أنا عُمري مـتخيلت أني ممكن أخرج من المستشفى دي ولا أني هخلص من اللي الراجل اللي كان هناك، كنت فاكرة أني هفضل هناك لحد مـ أموت نفسي، مكنتش متخيلة أبداً أن حد هيعمل معايا كدا!!!!
رفع أنامله ليحاوط وجهها بكفيه يمسح دموعها برفق قائلاً بمزاح:
- أنا من أول مـ شوفتك وأنتِ بتعيطي بعيونك الحلوة دي، وأنتِ كدا بتستخدمي اسلحتك عشان تضعفيني فـ بلاش عياط بقا عشان هتهور وأعمل حاجات مش هينفع أعملها!!!!!
يتبع...
حبايبي الرواية دي هتعجبكوا جداًانا متأكدة و عايزة أقولكوا انها هتنزل يوم ويوم، يعني ان شاء الله الفصل الجديد نازل بعد بكرة عشان متأخرش عليكوا♥♥
بس عايزاكوا تتفاعلوا عليها جامد جداً اخربوها??