كان مصدوماً مما سمعُه منها، فهي ألقت عليه صدمات قوية الأن، وجعلته أكثر خوفاً وقلقاً عليها، صوت بكائها الأن يجعله عاجز لا يعلم ماذا يفعل، حاول تهدأتها بكلماتٍ لطيفة:
- ممكن تهدي ومتعيطيش!!!! حقك هيجيلك لحد عندك!!!!
اللي أنتِ حكيتيه دة خلى مافيش قدامي غير طريق واحد أعرف أحميكي بيه!!!!
نظرت له بعيناها الواسعة الدامعة، قائلة بصوتٍ مبحوح:
- أيه هو!!!
أبعد عيناه عن عيناها التي لا يستطيع ال**ود أمامها، ليقول وهو ينظُر بعيداً:
- من اللي أنتِ حكيتيه.. أعمامك مش هسيبوكي غير وأنتِ ميتة!!!!
صُدمت من حديثه لتنهض سريعاً قائلة بعدم تصديق:
- لاء مستحيل يقتلوني!!! هما مش مُجرمين للدرجة دي!!!
سخر من سذاجتها لينظُر لها ناهضاً هو الأخر يقول بهدوء:
- اللي زي دول يعملوا أي حاجة عشان الفلوس!!!!
نظرت له برُعب، ثم أرتمت على المقعد مجدداً لتدفن وجهها بكفيها باكية بحُرقة قائلة بصوتٍ خافت:
- أنا عُمري مـ أذيتهم في حاجة!!! كل دة عشان الفلوس!! مش عايزة فلوس والله مـ عايزاها!!!
جلس على المقعد يحاول تجاهل نبرتِها وعبراتها وصوت بُكائها، ولكن لا يستطيع، فدموعها كخنجر يذ*حه ببطئ، كيف وهو قاسي القلب، بارد الطباع، كيف تؤثر به لتلك الدرجة..!!
خفّ بُكاءها لتُبعد كفيها عن وجهها ببطئ لتظهر فقط عيناها الزرقاوتين المبللتان بدموعٍ تُشبه قطرات الندى على قطعة ماس، وبعد أن كان ينظُر بعيداً حتى لا ينظر لها، أختطفت أبصاره خ**فاً، لينظر لتلك العينان اللتان ابدع الخالق بهما، فقال بسرِه مغمضاً العينان يضغط على أسنانه بشدة:
- أنتِ عايزة مني أيه!!!، أيه الجمال دة!!!
فتح عيناها عليها تقول بصوتها البرئ الباكي:
- أنا هعمل أيه دلوقتي!!!!
قال بعد أن نهض من أمامها ليلتفت لمقعده خلف المكتب مجدداً:
-سيبيني أنا هتصرف!!
ثم تابع وهو يقول بجدية:
- بس هتسمعي كلامي في كل حاجة!!!
نظرت بإستغراب قائلة:
- كل حاجة زي ايه؟!!
هتف بهدوء:
- يعني مافيش خروج من البيت غير معايا، ومافيش كلام مع أي حد غيرنا هنا، ولما تروحي الشقة الي جنبنا ممنوع تفتحي لحد غيرنا.. تمام؟!!!!
أومأت بإنصياع لتسند وجهها على كفها الموضوع فوق المكتب تنظر للفراغ، فقال:
- أنتِ في جامعة أيه؟!!
- هندسة..!!!
قالت بحسرة، ثم تابعت بضيق شديد:
- من ساعة اللي حصل وأنا مبروحش، وفاتني مُحاضرات كتير، وأكيد صحابي قلقانين عليا..!!!
أشفق عليها، فـ لانت ملامحُه ثم مال للأمام قليلاً يسترسل بحنان:
- هجيبلك صحابك هنا يشوفوكي ويدوكي ملخصات لمُحضراتك اللي فاتتك متقلقيش..!!!!!
جحظت عيناها لتنهض مستندة على المكتب بيديها أمامه قائلة بذهول:
- أنت بتتكلم جد!!! أحلف كدا..!!!
ألتوى ثغره بإبتسامة ليُردف:
- ولو عايزة اخلي أحسن دكاترة ييجوا يدوكي كورسات private هنا!!!!!
لم تستوعب الأمر بعد فظلت مُحدقة فيه بذهول حقيقي ثم صرخت بفرحة تصفق بقوة وهو مبتسم على حركاتها الطفولية، لتقول له بعينان تبرُقان:
- أنا مش عارفة أقولك أيه والله من أول مـ شوف*ني وأنت بتساعدني بجد مش عارفة أشكرك أزاي، يعني أنت ربنا هيد*ك خير كتير أوي عشان أنت كويس جداً..!!!!
طالعها بإبتسامة زُينت ثغره ليس فقط على حديثها الذي يمُس القلب، ولكن أيضاً على ضحكتها التي تخترق القلب،
ليُردف برفق:
- طب أقعدي قبل مـ تموتي من الفرحة..
أبتسمت وهي تضع يدها على قلبها قائلة مغمضة العينان:
- أنا قلبي هيُقف فعلاً..!!!
قال بتساؤل:
- أنتِ معاكي أرقام صُحابك؟!!!
هتفت مُسرعة:
- للأسف الفون مش معايا طبعاً هناك، بس حافظة رقم صحبتي القريبة مني أوي ولما اكلمها هتديني كل أرقام صُحابي التانيين..!!
قال بتفهُم:
- تمام حلو أوي، بليل هيبقى عندك فون جديد بخط جديد متسجل بأسمي..!!!!
صُدمت مما يقول لتُردف بإحراج وهي تنظُر للأرض:
- لاء كدا كتير بصراحة، أنا ممكن أخد أي فون قديم عندك مش محتاجُه أو آآآ...
بتر عبارتها قائلاً ببرود:
- لا والله؟!!! طب أقعدي ساكتة احسن ملكيش دعوة!!!
نظرت له قائلة بصوتها الرقيق:
- والله بتكلم بجد، يعني جايبلي لبس غالي جداً وقعدتني في بيتك مع مامتك وكل الحاجات الحلوة دي فـ خلاص كفاية بجد..!!!
لم يُجيبها فقط وجّه لها نظرة تحذيرية، فأستسلمت قائلة:
- خلاص براحتك ياعم أنا همشي أحسن!!!
همت بالنهوض ولكنه قال بتحذير حقيقي:
- خلي بالك لازم صُحابك اللي هتجبيهوم هنا يكونوا فعلاً كويسين وانتِ تبقي واثقة فيهم كويس جداً لأن ممكن واحدة فيهم زبالة تروح تقول لأهلك أنك هنا..!!!
فكرت في كلامه لتقول بعد ثواني:
- تمام..
ثم أكملت بخجل:
- وشكراً مرة تانية بجد..!!!!
أومأ لها بهدوء فخرجت هي والأبتسامة على وجهها..!!! ثم دلفت لغرفة الضيوف لتستريح قليلاً ومن ثم تذهب لتجلس مع "حنان"، أرتمت على الفراش الوثير لتتناثر خصلاتها حولها، قلبها بخفق بقوة تُحدث نفسها بذهول:
- أزاي ممكن يبقى بالحنية والجمال دة، أنا قلبي هيُقف من الفرحة، ولا ضحكتُه.. يخرابي على جمال ضحكته حاجة صعبة بجد!!!
وعندما تدراكت ما تفوهت به ض*بت فمها قائلة بخجل:
- عيب كدا يا ليلى بتعا**ي الراجل!!!!، بس هو قمر أوي طالع من مسلسل تركي يخربيت كدا!!
ض*بت عقلها بكفها قائلة بضيق:
- أنا تقريباً مستشفى المجانين أثرت على عقلي..!!!
• • • •
عندما أظلمت السماء، وأشتد الجو برودة، وأنيرت أضواء الشوارع لتدُخل البهجة على قلبها وهي جالسة أمام النافذة التي توجد بغرفة الضيوف الجالسة بها مؤقتاً، تحتضن ساقيها لص*رها مُمسكة بكوب من القهوة التي تعشقها، تتأمل سُرعة السيارات و المرء يذهبون ويأتون، وتُفكر به، بـ هيبته وشهامته معها، التي حقاً أدهشتها، حانت أبتسامة على وجهها عندما تذكرت ما يفعله لأجلها رُغم رُؤيته لها اليوم فقط، أنتفض جسدها عندما وجدت سيارته تصُف في جراچ المبنى، لتُدلف وجهها مُسرعة خوفاً أن يراها، ولكنها ظلت تختلس النظر له، كان مُمسكاً بعدة أكياس كثيرة، وبعد أن صفها سار بطوله وقوامه العضلي داخل المبنى، مُتألقاً في قميصٍ أ**د ألتصق بعضلات ص*رُه وبنطال من نفس اللون، لتدلف هي مُسرعة تجلس على الفراش وقلبها يخفق بقوة لا تعلم لماذا، أخذت أنفاس سريعة تهُز قدميها بتوتر، على ماذا ينُم ما يحدث لها، مُحال أن تكون وقعت بغرامه، فالعقبات في هذا كثيرة ولا تُحتمل، سمعت صوت دخول المفتاح في باب الشقة ثم غلقه مما يُشير على دخوله، أبتلعت ريقها ثم ظلت جالسة خمس دقائق، لتجد "حنان" تدلف لغُرفتها بيدها أكياس كثيرة نفسها التي كانت معه فأبتسمت "ليلى" لها بتكلُفة، لتقول الأخيرة بخضة وهي تضع ما بيدها أرضاً:
- في أيه يا حبيبتي وشك أصفر كدا ليه!!!!
رفعت كفيها تتحس وجهها شديد البرودة لتُبلل شفتيها قائلة بتوتر:
- لاء يا طنط حنان متقلقيش انا بس دايخة شوية..!!!
قالت "حنان" تُربت على كتفيها:
- أجيبلك دكتور؟!!
نفت مُسرعة:
- لاء دكتور أيه بس أنا هبقى كويسة..!!!
- ماشي يا حبيبتي، بُصي آسر قالي أد*كي الأكياس دي..!!!
قالت تشير للأكياس، فقطبت حاجبيها تشير لنفسها قائلة بإستغراب:
- ليا أنا؟!!
هتفت "حنان" بإبتسامة:
- أيوا ليكي يا قلبي، أسيبك أنا بقا عشان هقعد قُدام التلفزيون شوية، ولو زهقتي تعالي اقعدي معايا..!!!
أمسكت بكفها مُسرعة قبل أن تذهب قائلة:
- طب يا طنط ممكن أسأل حضرتك سؤال؟!!!
- أسألي يا قلبي..!!!
هتفت بإحراج:
- يعني أنا .. أنا عارفة أن غلط أقعد هنا معاكوا وميصحش، فـ كنت عايزة أعرف الشقة اللي يعني آآ آسر قال عليها اللي أنا هقعد فيها لو كدا هاخد هدومي وأقعد فيها حتى لو مش متجهزة أو مش نضيفة أنا هنضفها مافيش مُشكلة بس يعني عشان مش أدايقكوا..!!