الفصل الخامس (5)

2275 Words
أستقلت السيارة بهدوء ليلتفت مستقلاً هو الأخر خلف المقود، ثم قادها دون أن يتحدث، ذراعه مثبتاً على المقود والأخر متكئ على حافة نافذة السيارة.. كانت تستند على كفها تُطالع الوجوه الدافئة والتي تشُع بشاشة، فهي أفتقدت الإناس الطيبون في حياتها، وقفت جميع السيارات عندما أضاء الضوء الأحمر بالإشارة، فـ أبتسمت بشدة عندما وجدت طفل صغير في السيارة التي تجاور سيارته يلوح لها بطفولية، لوحت له هي الأخرى وهي تفتعل عدة حركات بوجهها فقط لكي تراه يضحك، وبالفعل قهقه الصغير مستمتعاً مما جذب إنتباه "آسر" الذي نظر لهم بإستغراب، ثم أدرك ما تفعله ليبتسم ليُخرج لُفافة تبغه ثم أشعلها وهو ينظر أمامه، وقبل أن يتحرك "آسر" كان يودّعها الصغير ببراءة شديدة، فعادت مستندة بظهرها على المقعد تقول بصوتٍ متأثر: - ياريتني فضلت طفلة!!! ظل مُحدقاً أمامُه بثبات، رُغم صوتها الحزين الذي زاد من حَزمه بالأنتقام لمن أذاها بهذا الشكل، لم يتحدث طيلة الطريق، ليسود ال**ت تماماً في السيارة، فألقى بنظرة خاطفة عليها فوجدها نائمة من شدة الأرهاق الذي تعرضت له طيلة هذا اليوم العصيب، صفّ سيارته أمام محل فخم للغاية لبيع الملابس ذات الماركات الغالية، ثم ألتفت لها برأسه وهو لازال مُمسك بالمقود، يتأمل وجهها الأبيض المستدير، وجفنيها المغلفتان بأهداب كثيفة، وبعضٍ من النمش منثور على وجنتيها وأنفها، شفتيها الشاحبة والمكتنزة، يراوده شعور يوّد لو يضمها لص*ره ويطمئنها، أن كل شئ سيكون بخير!!! أبعد أنظاره ينظر أمامه مستغفراً ربُه يضع أصبعيه على عيناه ثم تن*د بعُمق، أخذ نفساً عميقاً ثم هتف بصوتٍ عالي نسبياً وهو ينظر أمامه: - ليلى.. همهمت بدون وعي بكلماتٍ غريبة تبدو كالطلاسم، فحانت أبتسامة على ثغره، ثم ألتفت لها ثم هتف بهدوء: - ليلى قومي وصلنا!!! فتحت عيناها الفيروزية ببطئ، ثم نهضت معتدلة في جلستها قائلة وهي تفرُك عيناها تنظُر أمامها، لتشهق بعنف قائلة بصدمة: - أنا هدخل هنا بمنظري دة!!!، لاء مستحيل!!! أسترسل بصوتٍ هادئ: - لاء هتنزلي وتجيبي اللي نفسك فيه من هنا!!! نفت سريعاً قائلة برجاء: - أنت مش فاهم حاجة، اللي شغالين هنا لو شافوني هيعرفوني أكيد وأنا مش عايزاهم يشوفوني وأنا مبهدلة كدا!!! - طب خلاص نروح حتة تانية!!! قال وهو يبدأ بتشغل مُحرك السيارة، فأردفت بإحراج: - والله ملوش لزوم أنا عادي أفضل باللي عليا دة!!! - قصدك الچاكيت بتاعي؟!! قال بمكر وهو يقود السيارة يوزع أنظاره بينها وبين الطريق، لتتخضب وجنتيها بإحمرارٍ مُشتعل، ثم قالت مُبررة وهي تنظر له: - أنا قصدي الفستان اللي أنا لابساه دة!!! - عارف.. قال بصوتٍ هادئ، فأندفست هي في المقعد تزُم شفتيها بضيق، وبعد قليل صفّ "آسر" سيارته مجدداً، ليقول وهو ينظر لها: - المحل دة حد يعرفك فيه؟!! نفت برأسها، فترجل من السيارة بعد أن أخذ المفاتيح، فكادت أن تفتح الباب هي الأخرى ولكنها وجدته يفتحُه لها يشير لها بالنزول بعيناه، نظفت حلقها بتوتر ثم تمسكت بسترتُه التي ترتديها قائلة بإرتباك: - مـ بلاش أدخل أحسن؟!! أشار لها بكفه للسير أمامه، فسارت عدة خطوات للأمام ودلفا للمكان الذي كان فخم أيضاً، ولكنه لم يكُن مزدحماً للغاية مما أعطاها بعض الخصوصية، أنتقت ثوباً شتوياً بسيط ثم قالت بحرج ملتفتة إلى "آسر" الذي كان يُتابعها: - هاخُد دة بس!!! نظر لها ببرود ومن ثم نظر للثوب الذي في يدُها، ليلتفت إلى فتاة تقف بالجوار من بائعات، ذهب نحوها ثم أخبرها أن تخرُج له مناميات وأزياء راقية لها، وتكون ذات ذوقٍ رفيع، فوقفت "ليلى" بغرابة تُطالعه وهو يتحدث لها، ثم رأته يعود لها قائلاً بإبتسامة هادئة: - تحبي تُقعدي في العربية لحد م ييجي اللبس؟؟!! رفعت حاجبيها قائلة وهي تنظر لتلك الفتاة التي ترمُقه بإعجاب شديد وسط زميلاتها، لتقول بغيظ وهي تنظر له بضيق: - أنت كنت بتقول للبت دي أيه؟!! - ولا حاجة. قال ببرود، ومن ثم ألتفت على صوت أنثوي رقيق بإصطناع مُبالغ به: - أتفضل يا فندم نورتنا!! أخذ منها الحقائب ثم شكرها بهدوء، ليقول وهو يوّجه أنظاره لتلك التي تتآكلها النيران المتأججة: - يلا؟!! سارت بحدة وقاومت شعور بالبكاء كاد أن يُهزمها، ثم أستقلت سيارته لتصفع الباب بعنف، تهُز قدميها بعصبية، ليستقل هو الأخر جوارها دون أن يعقّب عما فعلته فقط لكي لا يُحزنها، فهو يقسم أن لم يرجؤ أحد على الذهاب من أمامه وهو يتحدث سواها، وإن تحدث معها حتماً سيُضايقها وهو لا يُريد!!! أغاظها **تُه أيضاً، وقيادته للسيارة بمنتهى الجمود!!! فهتفت بغضبٍ: - على الأقل أعمل أحترام ليا وأنا واقفة جنبك!!! قطب حاجبيه بإستغراب ثم قال: - أزاي يعني!!! - قصدي أنك رايح تكلم البنت دي اللي كانت هتاكلك بعنيها، ولا كأني واققة معاك حتى!!! قالت بنبرة تشوبها العصبية، فأبتسم بخفة ولم يرُد، لتغتاظ منه قائلة بحدة: - على فكرة أنا مش هاخد اللبس دة!!!! ظل مُكملاً قيادته ولم يُعايرها أنتباه، فألتصقت بالمقعد بحُزن ولم تتحدث، مرَت دقائق، ليسمعها تقول وقد شارفت على البكاء: - أنا هروح فين دلوقتي، ماليش مكان أروحه!!!! - هتيجي تعيشي عندي!!!! هتف بعد قليل من ال**ت، لتشهق هي بصدمة ملتفتة له تُردف بدهشة: - أفندم!! صفّ السيارة جانباً ثم ألتفت لها بهدوء قائلاً: - مش قصدي اللي فهمتيه طبعاً!!! أرتخت ملامحها قليلاً ثم ألتفتت له تُصغي أذنيها له بتركيز: - أنا عندي برج في الزمالك، كل الشقق فيه متأجرة، مـ عدا شقتين واحدة قاعد فيها مع أُمي، والتانية بتاعتي في نفس الدور مفروشة وكل حاجة وساعات أقعد فيها، فـ أنتِ هتقعدي فيها لحد مـ نشوف موضوع أهلك، بس عايز أعرف كل حاجة عنك بالتفصيل!!!! طالعته بوجهٍ مُتجهمر، ثم إزدردت ريقها تُفكر في عرضه الغريب بعض الشئ، لتسأله بهدوء: - أيه المقابل بقا لكُل اللي أنت بتعملُه دة، يعني خرجتني من المستشفى اللي كنت فاكرة أني عُمري مـ هخرج منها، هتاخدي أعيش في الشقة بتاعتك وأنت لسة عارفني النهاردة الصبح بس، طب ازاي!! وليه بتعمل كدا!!!! تنهّد مُغمض العينان ثم أسند رأسه على يده، ورفعها بعد قليل قائلاً بشبه أبتسامة لم تصل لعيناه: - هتصدقيني لو قولتلك مش عارف!!! ويمكن اللي بعملُه معاكي دة يضُر بسُمعتي لو حد عِرف إني مقعد واحدة غريبة في بيتي، بس أنا عايز أساعدك يمكن عشان بتفكريني بأختي الصغيرة، هي بردو كانت نفس شخصيتك كدا!!!! لم تعرف بماذا تُجيب، ولكنها أسترسلت بإندفاع وهي تضع اصبعها أسفل ذقنها: - طب وأنا أعرف منين بقا أنك عايش مع مامتك مش يمكن تكون بتستدرجني للبيتك وتغرغر بيا!!! صدحت ضحكة رجولية منه بالسيارة أبتسمت على أثرها يُردف بسُخرية: - هغرغر بيكي صح!!! ثم أنهى ضحكاته ليُمسك بهاتفه وضغط على شاشته، ليهاتف والدته ثم فتح مُكبر الصوت، لينظر لها قائلاً وهو يشير بعيناه على الهاتف: - هكلمهالك..!!! خرج صوت والدته عبر الهاتف تقول بنبرتها الحنونة: - اتأخرت ليه يابني قاعدة مستنياك من بدري!!! - أنا جاي أهو يا أمي، بس مش جاي لوحدي معايا ضيف!!! قال وهو ينظُر أمامه بعيناه السوداوية اللامعة، فتوترت تعابير "ليلى" من رفض والدتها لها، لتقول "حنان" بلُطف: - يشرف صاحبك يا حبيبي بس كنت قولتلي عشان أعمل حسابي ع العشا!!! - لما أجي هحكيلك ياحبيبتي!!! هتف وهو لازال يُطالع الطرقات أمامه، وكأنه يهرب من عيناها الفيروزيتان، لا يريد مواجهة تلاطم الأمواج بعيناها، أغلق مع والدته ثم هتف بعدما بدأ بقيادة السيارة: - صدقتي؟!! - أنا أسفة أني قولت كدا..!! قالت بحرج وهي تنظُر أمامها فكاد أن يتحدث عن طبيعة الأمر فهي تعرفت عليه اليوم فقط، ولكنها تابعت بألمٍ نبع من صوتها: - أصل أنا الدنيا علمتني مثقش في حد، حتى أهلي مش بثق فيهُم!!!! لاذ بال**ت ولم يتحدث، يُريدها أن تخرُج ما بجوفها علها تستريح من آلامها التي تُلكم قلبه، لتسند رأسها على نافذة الباب ثم رفعت سبابتها تُرسم بعشوائية على الزجاج المغلق، قائلة وقد تساقطت دمعاتها حُزناً: - كلهم خانوني، إديتهم ضهري وكنت مأمناهم بس طعنوني بسكينة تِلمة، لما ماتوا بابا وماما كلهم كانوا طمعانين في الورث، وكرهوني أكتر لما عرفوا أن بابا كتب كل أملاكه بأسمي، انا كنت مستعدة أديهم فلوس كتير بس يعاملوني إني بنتهم، يحسسوني بالعيلة اللي فعلاً مفتقداها!!! لم تشعر بأنها أصبحت تجهش ببكاءٍ خافت كالطفلة، فطرق"آسر" على المقود بأصابعه يحاول أن يتمالك أعصابه، لولا أنه يُخاف ربُه ويُخاف عقابه وضميرُه لا يسمح لهُ لـ كان عانقها فأي شخص في مكانه سوف يستغل وجود فتاة آية في الجمال جالسة جواره في سيارة وتبكي بتلك الطريقة التي تُذيب القلب ويعانقها، ولكن "آسر السويفي" لا يفعل!!!!! سحب منديل من أمامه ثم مدّه لها يهتف بصوته الرجولي ونبرته المميزة قائلاً برفق: - كُل حاجة هتبقى كويسة متقلقيش، ربنا مش بينسى حد، وهيجيبلك حقك!!!!! أخذت المنديل الورقي لتكفكف دمعاتها، فنظرت له بعيناها اللامعتان، وأنفها الأحمر وشفتيها التي ترتجف من البكاء: - بجد؟!! - طبعاً!!! قال بيقين وهو لازال ينظر أمامه، فأومأت وقد شع ضوء الأمل بها من جديد، فنحن دائماً ما نحتاج لشخص كهذا يدفنا للأمام ويُطمئنا!!! • • • • نهضت سيدة ذات جسدٍ بدين من فوق أريكة ذات جلدٍ فخم، داخل شقة تنطُق بالرُقي، ورغم أن عمرها في الخمسينات إلا أن ملامحها طفولية جميلة، وخصلاتها بُنية لازال لم يغزوها الشيب بأكمله، أتجهت للمطبخ ثم تفحصت الطعام لتتأكد من طعمُه وشكله المُنمق، ثم أخذت ترصُهم على الطاولة بمساعدة الخادمة، لتعتلى الفرحة العارمة وجهها عندما سمعت رنين الجرس الهادئ، لتذهب مهرولة تفتح الباب بلهفة، مبتسمة لأبنها التي تأخذه مهام عمله منها، ولكن أختفت الأبتسامة تدريجياٌ عندما وجدت فتاة شابة بجسدٍ نحيل ووجه برئ، تقف خلف "آسر" مُحتمية به!!، تضارب عقلها بأسئلة مختلفة عن سبب وجود تلك الفتاة والتي لأول مرة تراها، نظرت لأبنها لتقول بهدوء: - أتفضلوا!!! دلف "آسر" معها ثم وقف ببهو الشقة يُنادي على الخادمة: - رانيا!!!! جاءت "رانيا" قائلة بإرتعاب: - أؤمر ياباشا!!! - خدي ليلى أوضة الضيوف، و وديلها الأكل أوضتها!!!! أومأت "رانيا" لتذهب "ليلى" معها ب**ت وخُطى مرتجفة، فألتفت "آسر" يواجه التساؤل والحدة على وجهه والدته فأخذها من كفها ليجلسها على الأريكة ثم جلس جوارها، وقبل أن يتحدث هتفت بحدة شديدة: - مين دي يا آسر!!!!! - أهدي يا أمي وهتعرفي كل حاجة!!! قال بهدوءٍ ف**تت والدته تحاول تهدأة نفسها، بدأ بالسرد على مسامعها ما حدث بإختصارٍ، يُراقب ش*هل ملامحه وتقلُبها من بين الحيرة والضيق، وعندما أنتهى **ت، ف**تت هي الأخرى تُفكر بالموضوع، ثم عادت تقول بعد ثواني بقلقٍ: - البنت دي أحنا منعرفهاش يا آسر، دة أنت يادوب لسة عارفها النهاردة أزاي تثق فيها وتجيبها هنا وتقعدها في شقتك!!! مش يمكن بتكدب في اللي بتقولُه يابني!!! غُلِظت عيناه الحادة ليقول بصوتٍ واثق: - أنا ظابط يا أمي و أعرف الصادق من الكداب، وأنا متأكد أنها مش بتكدب!!! تن*دت أمه لا تعلم ماذا ستقول، ولكنها هتفت بإندفاع من أم خائفة على وحيدها: - بس يابني قُعادها في البيت هيجيب مشاكل ليك وليا، لو عندك عرفوا أنك مقعد بنت في بيتك هيقولوا عليك أيه!!!!، وبعدين أحنا قرايبنا من البلد بييجوا كل فترة و عمتك كلمتني النهاردة وجاية كمان أسبوع، أقولها أيه؟!! أقولها أن أبني جايبلي واحدة البيت على أساس أنه بيحميها!!!!! الصداع يفتك برأسه، فهو أبداً لا يتحمل عبارات والدته التي يُعتبرها ليس لها أهمية، فهو إن وضع شئ بعقله و**م عليه، سيفعله ولو طُبِقت السماء فوق الأرض، ولكنه لكي يجعلها تطمئن هتف بهدوء: - متقلقيش يا أمي، أولاً محدش هيعرف من الداخلية عندي لأن هي مش هتطلع من البيت، وأحنا في الدور لوحدنا مافيش غير الشقة هنا وشقتي يعني الجيران مش هيشوفوها، وبالنسبة لعمتي بردو مش هتعرف عشان ليلى هتقعد ف شقتي وطبعاً عمتي مش هتدخل شقتي!!!!! ألتوى فم "حنان" بسُخرية قائلة بضيق: - دة أنت مخطط لكُل حاجة بقى!!! وانا كأني مش في حياتك!!! أمسك بكفها قائلاً وهو يُقبل جبينها: - دة أنتِ اهم حاجه في حياتي يا ست الكل!!! بس أطلب منك طلب بقى!!! أبتسمت له بحنان قائلة: - أؤمر يا حبيبي..!!! - خلي رانيا تنضف شقتي كويس جداً وتشيل كُل حاجة ليا وتجيبهم هنا في أوضتي، ولو سمحتي أدخلي لـ ليلى وحاولي تتكلمي معاها، صدقيني هتحبيها جداً!!!، وأفتكري يا أمي أنها مالهاش حد!!!! تن*دت والدته وهي ترفع كتفيها بقلة حيلة: - حاضر يابني هعملك اللي أنت عايزه!!! امري لله!!! قبّل كفها ثم دلف لغُرفته، ليجلس على فراشه يُدلك عُنقه بإرهاق، عيناها الحزينة ذات الأمواج المُتلاطمة تطوف أمام مقلتيه، فتجعله يُفكر بها أكثر، كيف لها أن تقلب حياته رأسها على عقب في يومٍ واحد فقط!!!! • • • • نهضت "حنان" بتردد، ثم خطت لغُرفة الضيوف بُبطئ، لتطرق الباب قائلة بهدوء: - أدخل؟!! فتحت "ليلى" على الفور وهي لازالت بهيئتها المتوترة، قائلة بإرتعاش: - حضرتك ليه بتستأذني، أتفضلي!!!! دلفت "حنان" لتجلس على الأريكة تُطالعها بنظرات مُشتملة، فأضطربت "ليلى" أكثر، لتقول بشئٍ من الحُزن: -انا عارفة أن حضرتك طبعاً مش مرحبة بيا في البيت، وأنا قولت للأستاذ آسر والله أني مينفعش أجي هنا، أنا بس كانت أقصى طموحي أني أخرج من المستشفى دي، بس هو مسابنيش لوحدي..!!! تركتها "حنان" تتابع دون أن تقاطعها، فنبرتها لمست قلبها دون أستئذان، فتأكدت من صحة قول "آسر" عندما أخبرها أنها ستحبها على الفور، لتتابع "ليلى" وهي تفرُك كفيها ببعضهما بتوتر شديد وجبينها أصبح مُبلل بقطرات عرق: - إنا أوعد حضرتك إني مش هطول هنا، حتى لو هنام في الشارع بس مفرضش نفسي على حضرتك..!!! نبرتها جعلت أعيُن "حنان" تترقرق بالدموع، فهي ذكرتها بأبنتها التي توفاها الله، نفس طريقتِها، رقتها ولطافتها، وحساسيتها من الأشخاص، نفس البرائة بالضبط، كادت أن تسيل دموعها على وجنتيها ولكنها أستدركت ذاتها، لتشير إلى "ليلى" بحنان قائلة: - تعالي يا حبيبتي أقعدي جنبي!!!! تعالي..!!! ذهبت "ليلى" ببراءة كالأطفال ثم جلست جوارها تنظر لكفيها المتعرقان، فأبتسمت "حنان"ثم وضعت راحة يدها على قدمها قائلة بلُطف شديد: - أنتِ زي بنتي يا ليلى، مين قالك يا حبيبتي أني مش مرحبة بيكي، دة أنا مصدقت أن حد يُقعد معايا يسليني بدل رانيا اللي في المطبخ طول اليوم وآسر اللي دايماً في شُغله!!!! توسعت عينان "ليلى" بعدم استيعاب، ثم قال بدهشة: - حضرتك بتتكلمي بجد!!! ربتت على ظهرها برفق قائلة بإبتسامة: - طبعاً، بس بلاش حضرتك دي، ناديني حنون أحسن!!!! أبتسمت "ليلى" وقد تفتحت جميع الأبواب في وجهها، لتقول بعفوية: - حاضر يا أحلى حنون..!!! ضمتها "حنان" لص*رها وهي تشعر بأبنتها هي من جالسة أمامها ليست فتاة غريبة كانت لا ترغب في جلوسها بالبيت منذ دقائق، أستكانت رأس "ليلى" بين أحضان "حنان" مُغمضة عيناها فهي كانت بحاجة لذلك العناق الدافئ، مسدت على خصلاتها الطويلة للغاية لتقول برفق: - تحبي رانيا تجيبلك الأكل هنا ولا تيجي تاكلي برا معانا!!! - لاء خليني هنا أحسن عشان تبقوا براحتكوا!!! قالت بخجل، فهتفت "حنان" قائلة بعد أن أبتعدت عنها: - لاءهتاكلي معانا متقعديش هنا لوحدك، أنا هسيبك دلوقتي تاخدي شاور كدا وتفوقي وتلبسي وتيجي برا يكون الأكل جهز!!!! - حاضر.. قالت مبتسمة فتركتها ثم خرجت من الغرفة، لتنهض "ليلى" ووجها مُشرق مُبتهج، ثم أنتقت من الملابس التي جلبها لها "آسر" بنطال جينز يعلوه بلوڤر ثقيل يحميها من برودة الشتاء، ودلفت للمرحاض المرفق بالغرفة لكي تستحم.. • • • •
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD