همست ( نانسي ) شيئاً : مثل آه أو لا ، أعلم وكأن أحداً لم يقلهما ، أو أنهما قدمتا من مكان غير معروف ، وذهبتا إلى مكان آخر غير معروف ، وكأن ( نانسي ) لم تكن هناك أبداً .
كنت أنظر إلى عينيها عند الدرج بحدة ، شعرت وكأنهما انطبقتا على جفني ، مثلما تفعل الشمس ، عندما تغمض عينيك ولا تراها . همست ( نانسي ) :
- " يا إلهي! "
- " هل هو ( جوبا ) ، هل حاول أن يدخل إلى المطبخ ؟ "
- " يا إلهي! "
وظلت ترددها إلى أن اختفى الصوت كما يختفي ضوء الشمعة .
- " هل تستطيعين رؤيتنا يا ( نانسي ) ؟وهي تستطيعين رؤية أعيننا أيضاً ؟ "
- " أنا لست إلا ز**ية سوداء ، الله أعلم . "
- " ما الذي رأيته في المطبخ ؟ من الذي حاول الدخول ؟ "
- " الله أعلم . "
وكنا نستطيع رؤية عينيها . لقد تحسنت حالة ( ديلسي ) وجهزت لنا الغداء ، وقال لها أبي :
- " تستطيعين أن تبقي في الفراش يوماً أو يومين آخرين . "
- لا يمكن! لو تأخرت يوماً أو يومين ، لتحول هذا المكان إلى زريبة ، اخرجوا من هنا الآن ودعوني أعيد تنظيم مطبخي مرة أخرى . "
جهزت ( ديلسي ) العشاء أيضاً في تلك الليلة قبل حلول الظلام . وجاءت ( نانسي ) إلى المطبخ .
- " كيف تعرفين أنه عاد ؟ فإنك لم تريه . "
- " ( جوبا ) أ**د . "
- " إنني أشعر به ، أشعر به مختبئاً في ذلك الجب . "
- " الليلة ؟ هل هو هناك الليلة ؟ "
- " ( ديلسي ) ز**ية أيضاً . "
- " حاولي أن تأكلي شيئاً . "
- " لا أريد شيئاً . "
- " أنا لست ز**ياً . "
صبت لـ( نانسي ) فنجاناً من القهوة ، وأضافت :
- " هل تعلمين أنه هناك الليلة ؟ وكيف تعلمين ذلك ؟ "
قالت ( نانسي ) :
- " أنا أعلم أنه هناك ينتظر ، أعلم ذلك علم اليقين ، لقد عشت معه طويلاً وأعرف ماذا يريد أن يفعل حتى قبل أن يعرف هو . "
غمغمت ( ديلسي ) :
- " تناولي بعض القهوة . "
رفعت ( نانسي ) الفنجان إلى فمها ، نفخت فيه وخرج فمها منه ، كالأفعى تفح ، وكأنه فم مطاطي أو كأنها لم تبق من شفاهها أي لون وهي تنفخ في القهوة .
قال ( جيسون ) :
- " إني لست أ**د ، وأنت سوداء يا ( نانسي ) . "
- " يا الله ، لقد ولدت هكذا يا بني . وقريباً لن أكون شيئاً ، سأعود قريباً من حيث أتيت . "
بدأت تشرب قهوتها ، وهي تمسك الفنجان بيديها الاثنتين ، ثم بدأت بإصدار ذلك الصوت مرة أخرى . أطلقت الصوت داخل الفنجان فسقطت القهوة على يديها وثوبها وكانت عيناها تنظر إلينا ، وهي جالسة منحنية تستند على ركبتها تمسك الفنجان بكلتا يديها وتنظر من خلال الفنجان المبتل وتطلق هذا الصوت .
قال ( جيسون ) :
- " انظر إلى ( نانسي ) ، إنها لن تطبخ لنا الآن فقد عادت ( ديلسي ) إلى صحتها . "
هتفت ( ديلسي ) :
- " اخرس أنت! "
في حين كانت ( نانسي ) تطلق ذلك الصوت ، وهي تنظر إلينا ممسكة الفنجان بكلتا يديها ، وبدت كأن هناك اثنتين منها واحدة تنظر إلينا والأخرى تص*ر ذات الفحيح . توقفت ( نانسي ) عن الشرب ، وهي ما تزال ممسكة بالفنجان بيديها السمراوين ، وحاولت أن تشرب القهوة مرة أخرى ، ولكن سكب الفنجان على يديها وعلى ثوبها . فوضعته جانباً في حين مضى ( جيسون ) يتأملها .
- " لا أستطيع ، إنني أحاول ابتلاعها ولكنها لا تنزل . "
قالت ( ديلسي ) :
- " انزلي إلى الكوخ ، سيجهز لك ( فروني ) فراشاً وسأوافيك بعد قليل . "
سألتها ( نانسي ) :
- " ألن يوقفه أي ز**ي ؟ "
قال ( جيسون ) :
- " أنا لست ز**ياً ، هل أنا كذلك يا ( ديلسي ) ؟ "
- " لا أظن ذلك! ماذا ستفعلين الآن ؟ "
حملقت ( نانسي ) فيها ، وكانت عيناها تدوران بسرعة دون أن تتحرك ، كانت خائفة من أن لا تجد الوقت لتنظر ، وتحدق بنا نحن الثلاثة في وقت واحد ثم قالت :
- " هل تذكرون تلك الليلة التي نمت فيها في غرفتكم ؟ "
أخبرتنا كيف استيقظنا في اليوم التالي ، و***بنا بهدوء على فراشها إلى أن استيقظ أبي وصار لزاماً عليها أن تنزل لتحضير الفطور .
- " اذهبوا واسألوا أمكم إذا كنت أستطيع البقاء هنا الليلة . أنا لا أريد فراشاً ويمكننا أن نلعب المزيد . "
سأل ( كادي ) أمي وكذلك ( جيسون ) .
- " لا أستطيع أن أترك سوداً ينامون في بيتي . "
ظل ( جيسون ) يبكي إلى أن هددت أمي بأنه لن يتناول الحلوى لثلاثة أيام ، إذا لم يتوقف عن البكاء . عندها قال أنه سيتوقف إذا قامت ( ديلسي ) بصنع كعكة شيكولاتة ، وكان أبي واقفاً هناك .
- " لماذا لا تفعل شيئاً حول الموضوع ؟ " قالت أمي " لماذا يوجد رجال شرطة هنا ؟ "
قال ( كادي ) :
- " لماذا تخاف ( نانسي ) من ( جوبا ) ؟ هل تخافين من أبي يا أمي ؟ "
وقال أبي :
- " ماذا يمكنهم أن يفعلوا ؟ إذا كانت ( نانسي ) لم تره بعد فكيف يمكن للضباط أن يروه ؟ "
- " إذن لماذا كل هذا الخوف من طرفها ؟ "
- " تقول إنه هنا ، تقول إنها تعلم أنه الليلة هنا . "
- " ومع ذلك فنحن ندفع الضرائب . " كانت هذه من أمي ، " وأنا علي أن أنتظر هنا في هذا البيت الكبير وحدي ، بينما أنت ترافق امرأة سوداء لبيتها . "
- " إنك تعلمين أنني لا أبيت الليل في الخارج ، ومعي سكين! "
- " سوف أتوقف إذا صنعت ( ديلسي ) كعكة شيكولاتة! "
* * * * *
أمرتنا أمي بالخروج وقال أبي لـ( جيسون ) إنه لا يعلم إذا كان سيحصل على كعكة شوكلاته أم لا ولكنه يعلم ما الذي سيلاقيه ( جيسون ) بعد دقيقة ، عدنا جميعاً إلى المطبخ وأخبرنا ( نانسي ) . قال لها أبي أن عليها العودة للبيت وتوصد الباب وسوف تكون بخير ، وقال ( كادي ) :
- " هل ( جوبا ) غاضب منك ؟ "
كانت ( نانسي ) تحمل فنجان القهوة بين يديها ، تستند على ركبتيها والفنجان بينهما وكانت تنظر في الفنجان .
- " ماذا فعلت حتى غضب منك ( جوبا ) ؟ "
أفلت الفنجان من بين يدي ( نانسي ) ، وسقط على الأرضية ولم ين**ر ، لكن القهوة اندلقت . جلست ( نانسي ) ، وقد لفت يديها على هيئة فنجان ، ثم بدأت بإطلاق ذلك الصوت مرة أخرى ، ليس عالياً كأنها تغني ولا تغني وأخذنا نراقبها .
هتفت ( ديلسي ) :
- " هيا توقفي عن هذا . .تمالكي نفسك وانتظري هنا فسوف أطلب من فيرني أن يرافقك إلى المنزل . "
ثم خرجت ( ديلسي ) ونظرنا إلى ( نانسي ) ، كانت كتفاها ترتجفان . ولكنها توقفت عن إطلاق الصوت . ظللنا نراقبها . وقال ( كادي ) :
- " ماذا سيفعل لك ( جوبا ) ؟ "
نظرت ( نانسي ) إلينا :
- " لقد غادر! "
- " لقد تمتعنا في تلك الليلة التي أمضيتها في غرفتكم أليس كذلك ؟ "
قال ( جيسون ) . - " كلا . أنا لم أتمتع . "
وقال ( كادي ) : - " لقد كنت نائماً! إنك لم تكن معنا . "
قالت ( نانسي ) :- " لنذهب إلى منزلي ونتمتع أكثر إذن! "
قلت لها : - " إن أمي لن تسمح لنا ، كما أن الوقت متأخر الآن . "
- " لا تقلقوها سوف نخبرها في الصباح ، لن تقلق كثيراً! "
- " إنها لن تسمح لنا . "
قالت ( نانسي ) : - " لا تطلب منها الآن . لا تزعجها . "
وقال ( كادي ) :- " لم يقولا بأننا لا نستطيع الذهاب . "
قلت له :- " لأننا لم نسأل! "
قال ( جيسون ) :- " إذا ذهبتما فسوف أخبر عنكما! "
- " سوف نتمتع كثيرا ، ولن يباليا كثيراً ، فقط إلى بيتي . لقد عملت عندكم وقتاً طويلاً ، لذا فهما لن يباليا . "
- " أنا لست خائفاً من الذهاب ، ( جيسون ) هو الذي يخاف ، وسوف يخبر عنا . "
قال ( جيسون ) : " أنا لست خائفاً! "
قال ( كادي ) : " بل أنت خائف ، وسوف تخبر عنا . "
- " أنا لن أخبر عنكم ولست خائفاً . "
- " ( جيسون ) لا يخشى بأن يذهب معنا ، هل أنت خائف يا ( جيسون ) ؟ "
كان الممر الضيق معتماً ، ممرنا عبر بوابة المرعي . وقال ( كادي ) :
- " إذا قفز علينا شيء من خلف ذلك الباب ، فإن ( جيسون ) سوف يولول . "
- " لن أفعل ذلك! "
سرنا عبر الممر الضيق ، فيما كانت ( نانسي ) تتكلم بصوت مرتفع .
- " لماذا تتكلمين بصوت مرتفع هكذا يا ( نانسي ) ؟ "
- " اسمعوا! كوينتين و( كادي ) و( جيسون ) يدّعون بأني أتكلم بصوت مرتفع . "
- " إنك تتكلمين وكأننا أربعة هنا ، تتكلمين وكأن أبي هنا أيضاً . "
- " من ؟ أنا أتكلم بصوت مرتفع يا سيد ( جيسون ) ؟ "
- " لقد نادت ( نانسي ) ( جيسون ) بلقب سيد . "
- " اسمعوا كيف يتكلم ( جيسون ) وكوينيتين و( كادي ) . "
- " إننا لا نتكلم بصوت مرتفع ، بل إنك أنت التي تتكلمين وكأن أبي . "
- " صه . اسكت يا سيد ( جيسون ) . "
* * * * *
كانت تتكلم بصوت مرتفع ، عندما عبرنا الأخدود وانحنينا لنمر عبر السياج ، الذي كانت تنحني لتمر خلاله حاملة الثياب على رأسها ثم وصلنا إلى بيتها . كنا نسير بسرعة وعندما فتحت الباب كانت رائحة البيت تشبه رائحة المصباح ، أما رائحة ( نانسي ) فكانت كرائحة الفتيل . وكأنهما كانا ينتظران رائحة أخرى . أضاءت المصباح وأغلقت الباب وأقفلته بالمزلاج ثم بدأت تتكلم ، لكن بصوت منخفض وهي تنظر إلينا :
- " ماذا سنفعل ؟ "
- " ما الذي تريدون كلكم أن تفعلوه ؟ "
- " لقد قلت أننا سنستمع . "
كان هناك شيء في منزل ( نانسي ) ، شيء تستطيع شمه ، حتى ( جيسون ) شم ذلك ، هتف :
- " لا أريد أن أبقى هنا ، أريد أن أعود إلى البيت . "
- " إذن عُد . "
- " لا أريد أن أعود بمفردي . "
- " سوف نتسلى قليلاً! "
- " كيف ؟ "