وكأنه بذلك يخبرها أنه اشتاق اليها ويحبها و..يريدها!
وهي كانت تستقبل منه كل فعل دون رد فعل , تهديه الهدوء وتفترش له الراحة..
التفتت له بابتسامة ذائبة في عشقه.. تعانق نظراتها باحتلال واجب من مالكة لقلبه !
-وحشتني على فكرة
ابتسم وهو يقبلها سريعاً يهمس بتسلط ذكوري يتقنه جميع الرجال:
-عارف على فكرة..
شا**ته بنبرة تحمل بعض الغيظ :
-طب كده ينفع بدل ماتقول وانت كمان ياروحي!
غمزها بعبث وهو ينظر إلى الغلالة فيمسكها من يدها .. يرميها بعيداً وهو يهمس بشقاوة :
-ايوه بقى كنت هتلبسيه عشاني صح
امتعضت ملامحها وهي تحاول التخلص من أسر يده لجسدها تتهرب بنظراتها خجلاً لم تتخلص منه بعد:
-اوف ياكريم اوعى كده!
وكريم هنا يذوب أكثر وهو يقبل وجنتها هاتفاً بجدية يتخللها الحنان ويؤسسها العشق:
-بحبك على فكرة , انتي جنتي على الارض يا أثير!
وبعده كان لقاء يبلغها فيه عن حبه!
وهي هنا تنسى كل مرار أو تتناسى كل أفعال والدته وكأن زوجها وحده يكفي!
فهل تكتفي حقاً وهل هو لا يلاحظ ؟!
أم أن الرجل كعادته يطمع ال**ت ويكتفى مادامت الشكوى غير موجودة!
طبع شرقي, وربما جانب ذكوري اشترك فيه جميع الرجال !
كانت نائمة على ص*ره فهتف هو بصوت خفيض:
-عملتي ايه وانا مش موجود..
نهضت من مكانها واتكأت على مرفقها تتأمله وهي تقول:
-ولا حاجة تقريبا اصلا مخرجتش من البيت الا مرة واحدة لما عبد الله تعب!
سألها بتردد وبعض العتاب:
-طيب اثير مقلتيش لماما ليه إنك خارجة ينفع تتصل بيا وانا بره وتقلي انها كانت عاوزة تشوف عبد الله متلقهيوش وانت كمان
رمشت بأهدابها تستوعب كذب حماتها , بل تستوعب أن كريم هنا يعاتبها بل ا****ة هنا!
هو يصدق* والدته ويصدق أنها قد تفعل ذلك!
لم تجاوبه في نفس اللحظة ولكنها انتفضت من مكانها تبتعد عنه هاتفة :
-انت صدقت مامتك !
نظر له بحيرة متحدثاً بهدوء:
-وهتكدب ليه
اشارت إلى نفسها ثم همست بوجع:
-يبقى لو قلتلك ان ده محصلش يبقى انا الكدابة!
عبراتها كادت تخرج فاقترب منها يحتويها بين ذراعيها , يهديها عناقاً قائلاً:
-يا أثير ليه بتقولي كده , خلاص اقفلي على الموضوع ده عشان خاطري!
ابتعدت عنه بحدة دون أن تنبث بكلمة واحده ودخلت إلى الحمام.. دون أن تجيبه أو تهديه نظرة واحده!
تاركه إياه خلفها يتن*د بألم
******
السعادة لها ابواب أليس كذلك..
ولكن ماذا لو وصدت جميع الأبواب في وجه حياتك الضالة في تعثر الهوى والخسارة !
يضحك هو..يكذب هو..
يموت هو..!
والسؤال لنفسه أمام مرآته هل كان حي منذ عام مضى!؟
ينظر إلى حياته الجديدة الماجنة بكل الصور..فإن كان ينفر من خطيئتها تلك الملعونة فالآن هو يخطو بثبات بل وبسرعة ريح لتلك الحياة المدمجة بالخطايا والذنوب..
فلا تاب وأصلح..ولاوقف عن الذنب!
وهي ...!
وطفله...
وليته لم يفعلها لقد فقد نفسه منذ أن فقده!
اعتقد في فورة غضبه أن سعادته وخلاصه تكمن في زواله وسقوطه ولكن..!
لم يسقط أحد سواه..ولم يخسر سواه..!
مجموعة من الاصدقاء يعيش معهم ليالي ماجنة..يرحب بالذنوب ويقبل عليها عناقاً ..يهديها قبلاً شهية!
والوقوع في البئر المظلم كان بخطوة تبعها خطوات سرعتها وازت الضوء!
يذنب ويعود ليلا باكياً بدموع الندم والرغبة بالمغفرة وأي مغفرة هنا وهو تائه!
رنين هاتفه على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي اخبره أنها والدته وشقيقته ومن سواهم قد يفعلها..
من سواهم يسأل ويشتاق له!
فتح هاتفه بعد أن رفع إحدى أصابعه يمسح تلك العبرة التي هاجمت باب العين تخبره أنها تريد التحرر من الذنب وإن أراد هو الانغماس والسقوط للقاع!
جلس على أحد المقاعد وهو ينظر لوالدته بابتسامة مزيفة كحال حياته يهتف بنبرة تخفي الجمود داخل خواء روحه يبهجها بزيف:
_وحشاني ياماما..اخبارك؟!
والأم تشعر بالخطر والخطأ، تود لو هو أمامها لا يفصله عنها حواجز المسافات ..
لا يفصله عنها شاشة رخيصة في ميزان البعد والنقد!
لا يفصله عنها خافق القلب والتي من خلاله تعرف مابه!
تن*دت بثقل وازى ابتسامة مرتجفة تحمل عبرات سخية تهدر بتأثر وشيك أن ينفجر:
_انت وحشتني ياموسى..وحشتني هترجع امتى يابني..
لا يعلم هو موعد الرجوع ولا يعلم أي رجوع مقصود..!
هل الرجوع من غربة الوطن أم غربة النفس والروح!
يهز رأسه بثبات يمد يده يمررها على ملامحها الذي اشتاق لها ..
يعود مرة أخرى ويمرر أعلى العبرات وكأنها حقيقة وكأنه أمامها..جسد يحتويها ساحقاً الحزن..يبدده لسعادة!
يتهرب بعدها ويتراجع الحنين رغم فورته واشتعاله يهديها اقتراح:
_طب ماتيجي انت ومنار في الاجازة دي!دبي هتعجبك اوي ياماما..
أغمضت عينيها وكأنها تخبره أنها تعبت وانهكها الحوار تنهي الحديث ..توصيه بالنهاية:
_ربنا يسهل يابني..
ت**ت وتعاود الحديث:
_متنساش الصلاة ياموسى؛ اوعى تكون نسيتها يابني!
تعاود ال**ت تود أن تخبره بشيء ما ولكنها تستبدل الإخبار بسؤال:
_مش عاوز تسأل عن حد!
يعقد حاجبيه..وتضيق عينيه..يهمس بتشتت وحيرة زائفة:
_لا ياماما مش عاوز..
ينظر حوله وكأنه ينظر لساعة الحائط فيبتسم مرة أخرى هاتفاً:
_أنا هقفل بقى ياست الكل..عندي شغل والوقت اتأخر..
ونهاية الحديث كان سلام..!
سلام لا يحظى به الجسد أو تنعم فيه الروح..!
سلام مفقود منذ أن فعلها واستسلم لضعفه وانزلق داخل زلاته وتبعاته الشيطانية..
وما أصعب أن يتحكم بك الشيطان!
أن يعاقب الله عبده بأن يتركه لهواه..!
أغمض عينيه يعرف أن السؤال المطلوب منه عن نورا ..
نورا أول الذنوب وذلة الخطايا!
موسى هو رجل فقد نفسه في بئر الخطأ والنهاية جسد بلا روح!!
فمتى العودة؟!
*****************
ما هو الوطن؟!!
هل هي أرض نولد بها ..تصنعنا.. تمنحنا الأمان!
أم هي أرض نحن نبنيها ونقيمها بأرواحنا!
نظرة تائهة مشتتة.. مغمورة في البتر والخسارة؛ قلب يرتجف كأنه يرى أشباح مبهمة تطارده في الخفاء دون أن يشعر أحد ..
فلا ينقذها أحد ولا ينتشلها أحد ..!
الأشباح هنا تقترب..
تضحك بسخرية وشر!
تتراقص حولها تنزع عنها رداء الستر!
تتلاعب بنار مشتعلة تحرقها أو تقترب توهمها بذلك تشع داخلها بعض الخوف والرهبة!
صرخة عالية خرجت منها وهي تنتفض بنومتها تعتدل .. تجلس نصف جلسة .. تريح رأسها على وسادتها تلتقط أنفاسها من كابوسها الذي لا ينفك يهاجمها بضراوة ذئب يحب ويعشق أن يثير الخوف في نفس ضحيته!
في نفس اللحظة دخلت سارة زوجة عثمان بملامح قلقة فتجلس بجانبها هاتفة:
_هل هذا نفس الكابوس ريتال؟
اومأت ريتال بالإيجاب قبل أن تناولها سارة كوب من الماء ترتشف منه ...
تلتقط أنفاسها.. وانظارها شاخصة ..كأنها في عالم ثاني ...
بينما بجانبها سارة زوجة عثمان تربت على يدها بحنان.. توازي ابتسامتها الهادئة..
تهمس ريتال بتردد امام ملامحها الهادئة التي تبث داخلها الراحة والأمان:
_هل يمكنني أن أنام بجانب خديجة؟
هتفت سارة سريعاً وهي تستقم من مكانها :
_بالطبع ريتال هيا بنا عزيزتي... ستسعد خديحة للغاية لأن العمة ريتال ستنام جانبها..
بعد ربع ساعة تقريباً كانت تستريح ريتال بجانب خديجة الطفلة ذات الخمسة أعوام..
تدسها بأحضانها .. تستمد منها أمان مفقود من روحها.
ربما ترى بداخلها صغارها..
ربما تحيا معها روح الطفلة التي فقدتها هي من قبل!
وربما تستمد منها بعض الأمان المفقود منها رغم حنان سارة وسند عثمان وكأنها اخيراً وجدت العائلة!
في غرفة أخرى كانت سارة نائمة بأحضان زوجها عثمان تهمس له بألم:
_قلبي ينشطر لحالتها عثمان..
ابتعدت عن أحضانها تعانق نظراته بعبرات وليدة بعينيها:
_انت لا ترى حالتها عندما تستيقظ من نومها وكأنها تصارع بلا سيف وسط ساحة الحرب..
تن*د وهو يمد يده يمسح عبراتها يبثها قبلة دافئة أعلى رأسها بينما يعانق يدها بتملك حانى هامسا:
_ستزول تلك الحالة القاتمة يوما ما سارة؛ ألا تتذكرين حالتها عندما وصلت تركيا أول مرة بعد أن انقذناها مما هي فيه..
هزت رأسها فيكمل هو بصوت منهك.. مثقل بالحزن على حالة ابنة عمه:
_لقد كانت منتهكة حد السقوط للنهاية؛ لقد دمروها بكل الطرق..
يرفع نظراته للسماء مكملاً:
_فلنحمد الله أنها قد استطاعت التخلص من مرحلتها المتأخرة في الإدمان ..
شهقت بالبكاء تكتم نحيبها بصعوبة قائلة :
_اتذكر إلى الآن صراخها وتوسلها أن نرحمها من عذابها.. إلى الآن أنا لا أصدق ما حدث لها !
اعادها عثمان لأحضانه رابتاً على ظهرها هامساً بنبرة يتغلغلها الأمل والحب:
_ستكن بخير لا تقلقي وستعود لبناتها وستكن أفضل لا تقلقي ...
توقف عن الحديث ثم هتف بتساؤل هام :
_هل مازالت تتلقى دروس عن الدين
هزت رأسها إيجابا ليكمل هو.:
_وما مدى تقبلها للأمر..
ابتسمت بإشراق مفاجئ وهي تصيح بنبرة عذبة:
_وكأنه أرض صحراء انفجرت بها المياه فامتصته عن آخره وكأنها كانت تشتاق للمياه بعد جفاف أعوام..!
ابتسم لإجابتها الممتلئة بالأمل.. يحمد الله على زواجه من سارة..
إلى الآن هي من تقف بجانب ابنة عمه ..تحتويها ..
تساندها..
تمنحها حنان يوازي ذلك الذي تهديه لصغيرتهم وكأنها طفلتها !
بل هو حقا يشعر أن ريتال طفلتهم الثانية..طفلتهم التي تعلمت منهم الحياة من جديد..
طفلتهم التي ولدت على يدهم تتعرف معهم على عالمها الجديد ..تنير حياتها بنور أخر!!
*****************************
((والنبي ناولوني الولاعة ..
عاوز اولع في روما بحالها))
كلمات لمقطع في اوبريت لفيلم كوميدي قديم!
نيرون!
الملك المختل التي أقام النار في روما وأشعلها في لحظة بثت فيه إختلال العظمة!
ولكن ماذا لو كان هذا كذب!
ماذا لو كان نيرون لم يحرق المدينة الفاضلة !
ماذا لو كانت المدينة بالفعل محترقة .. مدنسة .. غارقة بالذنوب!
مازن ابو العزم .. الابن الضال الذي لم يجد سبيل لعودته بعد!
إختناق يحتله دون نهاية وحد , بينما هو يُغرق نفسه أكثر وأكثر في العمل , وكأنه ينتقم من روحه المستهترة بالماضي..
أنهى الملف الذي كان يعمل عليه ثم استقام من مكانه يجمع متعلقاته ليرحل حيث سكنه الجديد!
أجل حياة جديدة ..
سكن جديد..
ومازن جديد!
لقد علم بعد أن عاد من غيبوبته بوفاة والده وقبلها زواج فريدة!
والآن ماذا لقد أحرق الجميع ورحل بكل صفاقة روح , بكل بساطة مخلفاً برحيله فوضى وبعثرة الانتقام..
كان يسير في طريق خروجه من الشركة التي التحق فيها بوظيفة تناسبه وبدخل جيد لحياة جديدة خالية من العبث والسقوط..
أوقفه همسه ناعمه باسمه .. فالتفت بابتسامة مهذبة تجاه الصوت..
-ازيك يا انسة سما
اقتربت منه تبسط يدها له فيبادلها وهي تقول:
-ازيك انت يامازن يابني مش قلتلك بلاش انسة دي ..داحنا خلاص يقينا عشرة
ضحك بخفوت بينما يسير بجانبها للخارج يهتف بنبرة ودودة:
-ماشي ياسما!
شعت ابتسامتها بالحب كما عينيها بينما تهتف بمرح:
-وبعدين احنا زملاء عمل ولا ايه!
أجابها من فوره يطلق شكر لا ينفك عن تكراره:
-انا اصلا مش عارف أشكرك ازاي على الشغل
خبطت جبهتها بكف يده وهي تهتف بامتعاض .. تقف أمامه وهي تضع يدها بخصرها:
-يابني انت مفيش فايدة فيك قلتلك متشكرنيش دانت فضلت في السرير مبتتحركش ست شهور بسببي ..
توقفت وهي تطالعه بنظرات مشا**ة تخالف تلك اللهجة الصادقة التي خرجت منها :
-انا الي مش عارفة اشكرك ازاي يامازن على انك رفضت تاخد أي اجراء ضدي ..
انهت حديثها ثم صاحت بمرح:
-ايه الجو الكئيب ده بقلك ايه انت تيجي تتغدى معانا النهارده ماما عاملة حسابك
كاد أن يعترض ولكنها رفعت اصبعها في إشارة تحذير :
-و أي رفض غير مقبول يا سيد مازن..
انفلتت ضحكته من طريقتها بينما هي تتقدمه بخطواتها هاتفة بأمر:
-هيا بنا يا رجل!
سار هو خلفها مبتسماً ولا يعرف لما لا يجد ابتسامته سوى معها هي فقط!
لما لا يجد الراحة سوى بالحديث معها؟!
والاجابة داخله تقترح ربما لخفة ظلها!
مرحها!
براءتها المشعة من عينيها تذكره ببراءة إحداهن قبل أن يقتلها هو بيده!
هنا وعاد الاختناق يهاجمه بضراوة فيرفع رأسه إلى السماء يلتقط أنفاسه .. يستنشق بعض الهواء النقي!
بينما من بين شفتيه كانت همسه باسمها:
-نيرة
والضمير هنا يحرقه .. يؤنبه وينحره !
وبذكر نيرة كانت فريدة !
والاختناق يزيد وصراعه الداخلي يشتعل , يرغب الآن في الابتعاد !
وقف بمكانه لحظة عندما التفت له سما ترمقه بنظرات متعجبة هاتفة :
-مازن يلا وقفت ليه..
تأملها للحظات بشرود قبل أن يهز رأسه في محاولة منه أن يسيطر على مشاعره المتداخلة يسرع بخطواته حتي وازاها رادفاً:
-لا أبدا يلا بينا !
وهنا كانت بداية جديدة ومن بين الجميع يقع هو بأخت غسان مرة أخرى ..!
فأي قدر غريب ينتظره؟ , وأين نهاية الحكايات؟!
******************************
الحب عناق .. أم عذر خلق من أجل الحصول عليه!
مريم .. فقدها وانتهى الأمر, لم تبقى هنا..
لا تدور هي بفلكه الآن, لقد ابتعدت وانتهت اللعبة!
لا يعلم هو سوى أنه يشتاق لعناقها بذوبان غريب ..!
تنهيدات تخرج منه وهو يتخيلها أمامه الآن حالاً..
يتخيلها تبتسم له.. تمنحه الحب دون قيد أو شرط..!
هو لا يعرف هل يعاني من غياب عاطفي لأنثى عاملته كملك متوج للنهاية..!
فأصبحت الحياة بغيابها في صورة منهكة جافة!
ذابلة..
منزوية على نفسها!
هو الآن يشعر أنه كنصف فلك لن يكتمل بالاستدارة ابداً!!
يلعن هنا كل شيء.. فلسفته و امنيتها بالهوى وللعشق!
صراعها باحثة عن الحب تتجلى أمامه لتثبت له أن الحب حقيقي وخالد!
وياله من منطق عابث غير حقيقى. ؛ وهم باتت فيه حتى خسرت..
ولكن مهلاً هل حقاً هي من خسر أم هو من فقدها وانتهت فصول عشقها له بخيانته لها!!
نفض رأسه من ذكرياته ؛يطفىء لفافة التبغ بينما يدور بغرفة الاستقبال حيث ينتظر طفله مروان..
إلى الان يتعجب من القدر وسخريته منه، يفقد طفل مريم وي**ب هو طفل ميرال!
يتذكر عندما دخلت إلى المنزل ترمي حقيبتها بإهمال وابتسامة سعيدة مرتسمة على وجهها بل هي كانت تشع سعادة حقيقية..
تقترب منه هاتفة بخيلاء وتحدي ينبع منه فرحة حقيقية:
_أنا حامل..
هي كلمة استغرقت هي في بثها له بثواني ولكن صدمتها يستوعبها ويسخر منها إلى الآن...
تفادى أن يظهر الصدمة بمهارة مستبدلها بحالة لا مبالاة!
هتف وهو يستقيم من مكانه يحمل بيده قدح قهوته المسائية..
يمط شفتيه .. بعدها يفرقع بأصبعه:
_مبروك.. بس انت عارفة اكيد اني مش هكمل معاكي..
أرجعت رأسها إلى الخلف ؛ تتلاعب بخصلاتها بفوضى تشبه فوضى سعادتها الوليدة
تقتربت منه تهمس ببساطة وتحذير:
_مش هنزله لو بترسم على كده..!
انفلتت منه ضحكة مجلجلة .. ينهى أخر رشفة بقدحه...يضعه على المنضدة الفاصلة بينهم..
يقترب منها؛ يمسك ذقنها بيده هاتفا بهدوء بارد يشبه الصقيع بل هو الصقيع نفسه:
_هو صحيح موضوع طلاقنا حاجة مفروغ منها؛بس اقلك تنزلي ابني ...
توقف عن الاكمال يهز رأسه عدة مرات نفياً ..يعاود الحديث بخفوت خطير:
_دا ابني ياميرال.. مش انا الي اعمل كده.. ابني هيجي
ابتعد عنها يشير لها أن تجلس مكملاً حديثه بسطوة ذكورية بحته ؛ يخبره أنها منتهية له ومنذ البداية كانت رغبة وفاز بها..
ربما يؤلمها وربما لا!،
_ميرال الغنام... تحبى الطلاق امتى..
وإجابتها كانت سريعة ؛ أسرع مما قد يتخيل هو .. وحقاً هي أنثى قادرة على إبهاره وتصدير الصدمة القاتلة له ، يراقبها وهي تهز كتفيها وكأنه يسألها ماذا لو خرجنا سوياً:
_دلوقت لو تحب..
طالعها بنظراته التي تحاول سبرها ربما يرى بعض الحزن كما كل أنثى عند الإنفصال ولكن أبداً هذا لم يحدث..
_طيب مش عاوزة نفضل شوية عشان البيبي مثلاً
رفرفرت أهدابها مللاً ربما!
أو تخبرها بذلك أن الأمر قادم فلما التأجيل..
_ابني هعرف اخد بالي منه متقلقش!
وكان لها وله ما تمنوا.. فهدر هو بكل سرور يلبى الطلب ويحرر القيد رغم تحريره..
يبتسم وهو يقترب منها يمسك يدها يقبلها بأناقة ساخرة :
_انت طالق...
تشنج جسدها للحظة من الكلمة؛ ورغم ذلك هي أخفت ذلك بمهارة مطلقة.. ؛ ولما لا لقد اعتادت على سماع الكلمة والعيش مع تبعاتها فتهتف بجمود:
_مكنتش متخيلة اني ممكن ابقى حامل.. دي حاجة المفروض مفقود فيها الأمل.. !
دمعت عينيها دون أن تشعر ربما هرمونات حمل تؤثر عليها كما قرأت وربما تأثراً بفرحتها بهذا الطفل المتكون برحمها..وربما اثر الطلاق !
تهتف بتأثر باكي:
_أنا مش عاوزه دلوقت غيره خلاص كده الدنيا عندي هو وبس..
انهت الكلمة ويدها تستريح على بطنها المسطحة ثم قالت:
_رغم كل حاجة شكرا يا يامن...
ويامن هنا ينحنى بطريقة مسرحية ؛ يكمل المشهد للنهاية بابتسامة لامبالية بشيء!
التفت خلفه على صوت بكاء صغيره مروان بينما تحمله ميرال. ،يقترب منها يحمله برقة وحنان بالغ...؛ يهدهده برقة..فتشع عينيه بالحب ذلك الحب الذي لايظهر سوى مع صغيره..
يهتف لميرال بلهجة فاترة:
_هجيبه بكره ياميرال ماما عاوزة تشوفه وعمته كمان..
اومأت له تنادي على مربيته التي ترافقه في أوقات مبيته مع يامن.. تأمرها أن تهتم بمروان جيداً... تسرد لها تعليمات تطلقها كل مرة ولا تمل من تكرارها!
لقد اعتقد أنها ستهمل طفلها ولكنها لم تفعل أبداً ؛ لقد كان حقا هو ما تريده في هذا العالم..
تركها يامن وخرج بينما هي كانت تراقبه وهو يحمل صغيره...
تغمض عينيها وقلبها يشتاق منذ الآن لصغيرها وقبضة تمسك روحها تخبرها هناك سيء قادم!!
******************
في منزل أبو العزم ليلاً كان يجلس أمام شاشة حاسوبه المحمول وصغيره على قدمه يلاعبه بمرح أمام نظرات نيرة السعيدة برؤيته..!
تهمس له بفرحة:
_بقى قمر يا يامن حبيب قلبي عمتو..
هز رأسه يضحك وهو يلاطف وجنة مروان يكمل حديثه بامتعاض:
_نفسي تشوفيه و هو بيعيط.. بيبقى حاجة صعبة..فريدة بس الي بتعرف تتعامل معاه وقتها..
وجمت فجأة لذكر فريدة فتداري جمودها تسأل بنبرة جاهدت أن تخرج طبيعية:
_هي عاملة ايه مع أبيه غسان..
هز كتفه وهو يعدل من وضعية صغيره يجيبها غير مدرك لحالتها المتغيرة فما زال هو لا يعلم شيء عن الحقيقة بعد:
_تحسي ان العلاقة بينهم في قطب الجنوب.. كل واحد فيهم في وادي!
عقدت حاجبيها تهمس تطلق تساءل:
_ازاي مش فاهمة..
_ابداً غسان اغلب الوقت ف الشغل..بيرجع يبص ع بناته ويطمن عليهم من بعيد زي مايكون خايف يقرب..وبعدين بينام في الفيلا الملحقة بالبيت الي كنت متجوزة فيها..
ض*بتها الإجابة.. تخبرها بضحايا تركتهم خلفها وبيدها هي لا غيرها هدت المعبد على من فيه كما فعل شمشون!
دون النظر لتبعات ما قالته في لحظة خوف ملعونة!
!
في تلك اللحظة كانت قد وصلت مريم إلى المنزل منتشيه بسعادة بعد فوزهم بالصفقة ..
تتذكر مناوشتها معهم.. تناطحهم من أجل الحصول على الفوز الذي بدأت تعتاد عليه ولا ترضى بغيره..
قادتها قدمها لغرفة نيرة.. رغبة منها في بعض الثرثرة المسائية قبل النوم..
تنعش حالها ببعض المرح وربما يطلبون طعام سريع من الخارج!
وهنا قرر الصغير أن يبدأ وصلة بكائه فتتبدأ نيرة بملاطفته بابتسامة عبر شاشة الحاسوب..
_ خلاص ياقلب عمتو بقى .. متعيطش
تجمدت البسمة على شفتيها عندما تفاجأت بمريم تهمس وهي تقف أمامها بابتسامة واسعة ونظرات يشوبها الحيرة:
_عمتو! ... هي فريدة جابت بيبي وانا معرفش!!
تنشج جسد نيرة تمد يدها في محاولة منها لتغلق الحاسب ولكن هنا كانت مريم الأسرع عندما قفزت بخطواتها بابتسامة جمدت .. تلاشت بل وماتت من المنظر أمامها!
هي هنا أمام يامن و...
طفله!
هل يخفق القلب ألماً أم تفتح جراحها التي لم ترحمها في ذلك الوقت..
الصورة كانت مؤلمة حد الهزل والمزاح الأسود
هي تقف تستوعب ما تراه.. بأعين تحمل من الجمود أعلى قدر, تنظر للصغير وهو يتمطى بين يد والده الذي انصب تركيزه على ملامح مريم باشتياق حقيقي .., غير قادر هو على إنكار مدى فقدانه لها ولروحها الجميلة!
مد يده يلمس ملامحها الظاهرة عبر الشاشة يمر على كل خلية فيه يخالطه الندم بخسارة انثى تشبهها !
المشهد يعرض أمامه سقوطه ونفوره من الحب, ولا ينكر أن البشر يمللون من الحب وهواه!
همس أخيراً أمام عينيها بنبرة يحاول أن يدمجها
بالبرود ولكنها خرجت متأثرة بالعاطفة تعاند
رغبته وإرادته :
-ازيك يامريم!
ومريم هنا تود لو هو هنا حقيقة أمامها فتلوح بيده تصفعه ألف صفعة وصفعة!
تلعنه في سرها الآن وتتمنى لو تلعنه جهراً!
تود أن تصرخ من قلبها بنبرة عالية منتهية ..
مبتورة ..
واقعة بين المقصلة لا رجعة في البت بأمرها, تخبره بصراحة:
-ليتني لم أقابلك فلقد أصابتني لعنتك!
هي أنثى عاشقة فاض حنانها كجنة ترغمك أن تتعلق فيها وببهجتها بنظرات ولهة سعيدة!
هي كلوحة نثرت بها الألوان بريشة فنان أبدع في توزيعها مطلقاً العنان لروحه في سطوة تجلى بالفن!
ولكن ما سبق كان !
كان وانتهى !
هي الآن انثى كفرت بالعشق , تدفن قلبها بالجليد حتى إشعار أخر!
والسؤال هنا هل تعود مريم؟!
أم انتهى الأمر !