هز الأخر رأسه بتفهم ثم ابتسم باستيحاء عند ذكر البنات قائلاً بنبرة تشع حنان وود :
-هل يمكنني رؤيتهم ؟
وكان له الإجابة بالموافقة والترحاب من غسان الذي استقام من مكانه ورحل لدقائق , ثم عاد بعدها وبرفقته التوأم وصورة ريتال!
اقترب منهم بحذر ولم يخفى عليه ارتباك غسان بل وخوفه!
لم يخفى عليه تشبثه بهم وخوفه من اقترابه وكأنه سيختطفهم!
لم يخفى عليه كرجل معتد بحاله وكبرياءه تلك ال**رة المغلفة داخل عينيه بمراحل الفقد والحسرة!
لم يخفى عليه شروده ونظارته الذائبة بالخزي وهو يتأمل الفتاتين!
انحنى لمستوى التوأم كانت أحدهم نسخة من الشرق والأخرى نسخة من الغرب, وكانت بعدهم ضمة حانية للفتاتين في وقت واحد ترافقها دمعة متأثرة عليهم بينما يهمس لهم بلغته التركية والذي لم يدركها أحد منهم:
-قطعتين من الجنة !
وخارج الذكريات كان انتهى سيجاره حتى اكتوت يده ولم يبالي أو ربما لم يشعر فداخله ما هو أكثر!
بداخله عبارة عن إحتلال من الحزن والوجع!!
قطع سيل الذكريات صوتها, تلك الراحة التي دخلت لعرين وجعه وإنتقامه بلا إختيار..!
همسها باسمه كان موجع ومريح , نصفه بسمة تنشق داخله و الأخر كان ندم ينحره!
-غسان !
رفع نظراته لها يتأمل هيئتها الهادئة المريحة قبل أن يجاوبها بنبرة باردة:
-خير فيه إيه!
اقتربت منه وغضبها هنا ينشق ويحترق , تتعجب منه ومن ابتعاده منذ سقوطه الأخير , حتى بناته يقترب منه مرة و يبتعد ألاف المرات !
نبرتها القوية خرجت منها توازي تحكمها في كل شيء لا منطقي تحيا داخله بتعايش قارب وشارف أن ينتهي:
-البنات
همهم وبإغماض عينيه يخفى مشاعره المتصارعة:
-مالهم!
هي لا تعلم أنه هنا كقوس مشدود يتعلم كيف يذهب إلى أبعد من نفسه ويتغلب على حدودها ببساطة!
هي لا تعلم أن غسان يصارع نفسه التي تحكمت فيها خلايا الشر يوازيه الضعف!
هي لا تعلم أنه هنا يتعلم فن التغلب على النفس !
تلك النفس التي ورثها ولم يشكلها غيره , تلك النفس التي خضعت لشيطانها في لحظة ضعف فخسر هو ما هو أبعد من كينونتها !
هو ببساطة خسرها.. خسر نفسه!
اقتربت منه واجهته تحتل عينيه بنظراتها الحائرة .. تراقب جموده بتعجب ..!
تتساءل أين ذلك الثائر لذكر توأمه ؟!
لما يبتعد عنهم وكأنه يخشى الإقتراب؟!
هتفت بمنطق تواجهه بحقيقة تقتله بواقع لا يريد أن يلتفت له .. تضغط بطريقتها حتى يعود:
-غسان أنا مهما كان اديتهم حنان واهتمام , فأنا بالنهاية مرات أب
بتر هو حديثها بضحكة عالية ..!
ساخرة..!
بائسة من تلك النظرة المطلة من عينيه!, يشعل سيجار أخر , يهتف بمرار:
-ايه قصدك هتعامليهم بقسوة مثلا!
هزت كتفيها رغم رغبتها بالنفي ورغم أنها من المستحيل أن تستخدم القسوة ورغم عشقها لبناته ولكنها هتفت بجمود تحرق أخر بطاقة لديها لاستفزازه :
-يمكن وليه لا , مش هكون أحن عليهم منك!
هز رأسه وكأنه لا يكترث لما تقول , يستقيم من مكانه ويدور حول مكتبه يقف بالقرب منها , يخالط أنفاسها الثائرة بأنفاسه الباردة , يرفع أنامله فيلمس وجهها , ينتظر أن تبتعد ولكنها بقيت مكانها تتحداه ربما!
تخرج منه أخيراً نبرة مختنقة لم تلاحظها هي:
-يمكن القسوة تربيهم يافريدة, اصل تربيتي فشلت مع عمتهم !
ابعد أنامله ودار في الغرفة, يتوقف أمام صورة تجمعه بنيرة ويامن !
صورة عائلية مثالية سعيدة وكل ما سبق مرسوم داخل البرواز بامتياز, يمسك الصورة يعرضها أمام فريدة يطلق تساءل وينتظر الرد:
-قوليلي الغلط كان فين يا فريدة !
لا تفهمه فنظرت له بحيرة بينما هو يشير إلي نيرة التي يجلسها بأحضانها, يغمض عينيه عن صورة أخته بصعوبة:
-أنا غلطت في ايه عشان هي ت**رني , عملت ايه قوليلي عشان ...
كاد يكمل ويخبرها بحقيقة الأمور ولكنه توقف !
والتوقف وال**ت كان من أجل الخوف من خسارتها , هو بكل هدوء لا يرحب بخسارتها ولا يريد رغم معرفته ويقينه أن تلك الخطوة قادمة لا محالة!
أكملت هي بدلاً منه :
-قصدك جوازها العرفي من مازن!
هز رأسه إيجاباً فتكمل وتزيد من تأنيب ضميره:
-بس انت مكنتش كده ايه حصل فجأة عشان تبعد يا غسان عن بناتك , وبعدين انت بس موازنتش امورك مش اكتر!
ابتسم بسخرية ثم هتف بسؤال يعرف أن اجابته ال**ت والسؤال هنا هروب:
-فريدة انت نسيتي الي عملته!
لم يأتيه الرد مازالت هي تتهرب وتتحاشى المواجهة , فيستقيم من مكانه قاصداً الخروج من الغرفة فهمست هي:
-ابقى شوف بناتك ياغسان!
لم يستدير لها بل أكمل طريقه للخروج وصراعاته ترافقه !
يتساءل ما الخطأ الذي أقدم هو عليه وما القادم له, وأين النهاية!
اما هي خلفه تنظر له بتعجب يزاد يوماً بعد يوم؛ هو لا يهمل بناته..
يتابعهم جيداً .. يعرف كل ما يدور بيومهم ولكن..
هناك شيء مختفي..
هناك شيء مفقود..
هناك حنان مبتور!
أغمضت عينيها تهز رأسها بحيرة..تخرج نفسها من بؤرة التفكير..فربما الغد يحمل ماهو أفضل!
*******************************
الأوجاع عندما تظهر أمامنا لا تسأل هل نريد عناقها أم لا , بل هي تعانقنا بكل براءة , تحتوينا بكل سهولة وفقط هذا ما يحدث! تتغذي علينا .. تقتات على مشاعرنا وتنمو حد اليأس من الخلاص منها!
وهي !
هي أنثى بعثرها الحب المدنس بإثم الخطيئة , هي بعض الارتباك والملل!
هي لا شيء!
دمعت عينيها داخل غرفتها بالمشفى التي خطته بعد محاولة إنتحار في لحظة فقد وانتهاء...
محاولة أخرى تقترب فيها من خطيئة أكبر خطيئة كفر!
وما أكثر خطاياها وما أعظم ذنوبها !
أغمضت عينيها تتدارك بعض النقاء التي تحاول الحصول عليه , تكترث بثباتها التي إكتسبته هنا بعد عناء في طريق الندم!
نورا الشيخ صاحبة الخطيئة والذنب بالأمس , الباحثة عن التوبة والخلاص اليوم!
رنين هاتفها أخرجها من الشرود بحالة مبتسمة , توقن بل تجزم أن المتصل أثير ومن سواها قد يفعل ..
لقد خسرت الكل في طريقها للخصول على ما تريد وليت ما أدركته كان جنة بل كان نار أحرقتها وحدها !
نار نزعت منها الوجه المزيف للحقيقة فتراها عارية دون أي زيف يذكر , لقد توصلت بالنهاية أنها خسرت نفسها وطفلها .. عائلتها و...هو!
أمسكت سماعة الهاتف تستمع لأثير وهي تتحدث لها بنبرتها الحنونة, أثير الدافئة التي استطاعت أن تنشلها من ذلك اليأس الذي عانق وتغلغل روحها بكل بساطة مُجبراً إياها على الرغبة بانتهاء الحياة:
-نورا عاملة ايه النهارده!
-وإجابة نورا كانت هادئة ممتلئة بالرضا بصورة جديدة:
-الحمد لله يا أثير , أخبارك أنت وأخبار عبد الله الصغير!
ضحكة خافتة مع همسة حانية ص*رت من الأخرى على الجانب الأخر من المكالمة :
-اهو ياستي نايم شوية , شقي ومتعب!
ورغماً عن نورا دمعت عينيها لطفل فقدته ودون أن تدرك كانت يدها تلمس موضع بطنها المسطحة بالأسفل..
تخبر نفسها وتضع أمامها حقيقة خطاياها وهذا الطفل كان أحدهم كما سقوطه!
تحشرج صوتها وهي تهمس لأثير بوجع يتغلل نبرتها المغموسة داخل الألم :
-أنا نفسي الزمن يرجع, أنا نفسي لو كنت قوية واحتفظت بالبيبي
الوجع يصل أثير فتدمع عينيها هي الأخرى وقلبها ينشطر لنورا!
نورا بالنسبة لها باتت ابنتها لا شقيقة زوجها , لقد اكتشفت هي بأبسط الطرق أنها مجرد أنثى بروح طفلة تحتاج وتأمل الاهتمام والحب!
هي فقط أرادات بعض الحنان والدفيء , تبغض بداخلها والدة زوجه وتدعو من الله الرحمة لوالده علي ما فعلوه بها..
هتفت تهدئها وتضع أمامها بعض الأمل ولو عبثاً:
-رحمة ربنا واسعة يانورا, وبعدين انت لسا صغيرة بكره تتجوزي وتخلفي وتجيبي ولاد ياحبيتي
وبنبرة متحسرة .. من**رة.. مشتتة قالت:
-ولاد واتجوز تاني, ياه دانت عندك أمل بقى!
والإجابة كانت صارمة حد عدم القبول بالإعتراض تهتف بحزم نابع من قوتها كأنثى :
-نورا خلاص خروجك من المستشفى أخر الاسبوع ومفيش حاجة اسمها مش عاوزة أخرج انتهينا!
كادت نورا أن تبدي اعتراضها ككل مرة ولكن أثير هتفت تبتر رغبتها واعتراضها:
-أنا هقفل بقى عشان عبد الله صحي!
وأغلقت سريعا تاركة نورا تعود لشريط ذكرياتها القديم عندما اقتربت من موسى !
وقوعها بالخطيئة وخسارتها شرفها!
ا****به لها !
دموعها وان**ارها!
ضعفها وذلها!
الوجع الذي لازمها إلى الآن منذ أن فقدت طفلها!
الغدر وتلك كانت كلمة تحمل مفردات ومعاني لا حصر لها داخل نفسها الموجوعة!
فتباً لضعفها وتباً لخزيها من كل شيء!
لما لا يعرفون أنها فقط خائفة , خائفة أن ترى موسى , خائفة أن تلمحه صدفة , بل هي ترى الجميع موسى!
هو ا****ة والوجع !
وهي البائسة التائبة حد الندم!
********************
بعد أن اغلقت معها أثير التفتت لصغيرها فوجدته مازال نائما , ابتسمت وطبعت قبلة حانية على مقدمة رأسه , وخرجت بعدها إلى غرفتها بعد أن أوصت المربية أن تعتني به...
وبداخل غرفتها ذات الأثاث الراقي ابتسمت ابتسامة بها بعض المرارة !د
ها هي تسكن القصور والقلق دائماً ينهشها..!
والخلاصة بوالدة زوجها جلنار الشيخ!
زفرت بيأس وهي تخرج غلالة من أجل النوم فعودة كريم من سفره الليلة بعد غياب دام لأسبوع!
غامت عينيها بتفاصيل إتمام زواجها منه وشردت..
منذ عام تقريبا..
كان قد وصل بسيارته أسفل العقار القاطنة به , أطفئ المقود ثم ابتسم بحالمية لقد أتخذ قراره وانتهى الأمر !
لما يؤجل زواجه من حب حياته ؟!, لما يترك نفسه لإغواء شيطانه وإنجذابه اللحظي لنيرة!
وصل أخيراً يقف أمام باب منزل أثير , فيطرق بخفة , وحقا هو اشتاق كثيراً لها حقاً!
فتحت هي له بطلتها الأثرة لقلبه بحجابها وابتسامتها الجميلة التي تفقده خفقات قلبه ولا يعرف ما عدد الخفقات هنا التي فقدهم لأجلها!
هتفت وهي تشير له بالدخول هاتفة بابتسامة عريضة يتخللها حنان حقيقي:
-مفتحتش ليه مش معاك المفتاح!
لم يجيبها وهو يغلق الباب خلفه وفقط يتأملها بنظرات متوله بها وهنا عرف هو حقيقة واحدة(لقد أسرته أُثير)!
كانت تقف تنظر له بتعجب وهو يتأملها بتلك الطريقة نظراته كانت تشملها بلهفة أثارت داخلها الخجل والخوف!
كادت أن تتحدث فتقطع تواصل النظرات الذي يثير بها مشاعر أنثى عاشقة لا تعرف من الحياة سوى الحب و..هو!
لكنه سبقها وهو يقترب منها يمسك بيدها , يسير بها متجهاً إلى غرفة النوم, انقبض قلبها في تلك اللحظة وشعر هو بذلك ولكنه ما إن دخل الغرفة هتف بكلمات موجزة:
-أثير البسي وحضري شنطة معاك هنسافر كام يوم
تسرب الخوف من داخلها من تلك الأفكار التي داهمتها , ولكنها ما لبثت أن عقدت حاجبيها وتسمرت مكانها حائرة من طلبه, أرادات أن تتحدث ولكنه لم يمهلها الفرصة لأي شيء وهو يقترب منها محاولاً أن ينزع عنها ملابسها بعبث مما جعلها تتخلى عن جمودها وتخرج من طور التعجب , تشهق بخفوت وخجل يحتلها وهي تغادر نظراته فتغمض عينيها .. من كل ما يحيط بها, تشعر أنها مع كريم آخر جديد غير ذلك المراعي بنظراته الحنونة!
ولكن من أمامها الآن عابث, خاصة مع غمزة عينه تلك!
اقترب منها وإبتسم دون أن تراه , رفع أنامله يربت على خصلاتها المموجة ببريق ساحر وبعدها .. طبع قبلة أعلاهم يهمس بخفوت مثير :
-أثير!
لم تجاوبه أثير هي ضائعة بعالم آخر, هي تائهة منه, فكرر كلمته محملة بتحذير خاص:
-أثير فتحى عيونك كده هض*ب كل حاجة مرتب لها وساعتها متلوميش غير نفسك!
امتثلت لأوامره واستعادت قوتها وهي تدفع به خارج الغرفة وهو يمتنع عن الخروج وملامحه الوسيمة يحتلها الخبث المدمج لعبث خالص, أما هي فأناملها تدفعه بضعف ونظراتها تتحاشاه , تخاف السقوط في دجنته, إنها حقا تحبه كيف لها أن تشرح وتصيغ الأمر!
وما بين دفعها الواهي وتمنعه الضاحك , انتصر الدفع وخسر التمنع!
تغلق الباب خلفه بينما تستند عليه وابتسامة تشع داخلها, والأمل هنا يتجدد بكريم لها وحدها!
أما هو كان من الخارج يبتسم وهو يلمس الباب الخشبي وكأنه بذلك يلمسها ويحفرها داخله! فيغرق أكثر وأكثر!
وهل يمكن له أن يغرق أكثر من ذلك ؟!
وصل كريم أخيراً للفندق الذي تم حجزه من قبل بإحدى المدن الساحلية الكبيرة وهو يمسك بيد اثير والتي كانت في حالة تعجب مما يدور حولها..!
لقد اعتقدت أنه قادم للعمل ولكنه أخبرها في طريقهم للفندق أنه هنا لأجلها هي!
بعد أن دخل إلى غرفتهم أغلق هو الباب وهمس بنبرة متعبة:
-عاوزة أنام , يلا ننام عشان ورانا حاجات كتير أوى هنعملها النهاردة
هنا وقد طفح الكيل , ولم تعد تملك القدرة على الصبر أكثر من ذلك فهدرت بصوت يشبه الصراخ:
-كريم فهمني فيه ايه , أنا ساكته من الصبح ومش راضية اتكلم احنا بنعمل ايه هنا
أغمض عينيه والتعب يحتله وبشدة , اقترب منها ممسكاً بيدها يقبل ظهرها هاتفاً بنبرة ظهر فيها الإرهاق:
-أثير أنا هموت وانام, لو مش عاوزة تنامي براحتك..
ثم فتح عينيه وغمزها بعبث مكملاً:
-ولو انى شايف انك تنامي أحسن ورانا يوم طويل!
ثم تركها بعد ذلك وارتمى على الفراش بملابسه دون أن يكلف نفسه عناء تغييرها , كانت تتابعه بأعين متسعة خاصة أنه غفى سريعاً جداً!
بقيت على حالتها لدقائق قبل أن تستريح جانبه مستسلمة لغفوتها بعد أن تمكن منها التعب وهزمها الإرهاق كما هو أيضاً!
بعد ساعات قليلة كانت قد استيقظت من نومها, تنظر حولها بأعين ناعسة , اعتدلت من نومتها تتأمل الغرفة حولها , تبحث بنظراتها عن كريم ولكنها لم تجده!
انقبض قلبها في تلك اللحظة فهبت من مكانها تبحث عن هاتفها والذي لم تجده هو الآخر, نظرت حولها مرة أخرى بخوف كونها لم تجده خاصة أن الليل قد حل بالمكان !
طرق على باب غرفتها جعلها تهرول تفتحه وحينها وجدت أمامها شابة بشوشة تحمل بين يدها علبة كبيرة وخلفها أخرى تحمل حقيبة صغيرة!
هتف الأولى بابتسامة واسعة :
-حضرتك أثير!
هزت أثير رأسها فتهتف الشابة:
-تسمحيلنا ندخل احنا من طرف مستر كريم.
هتف هي مسرعة واللهفة تشملها:
-كريم هو فين..؟
تحدثت الفتاة بنبرة عملية قبل أن تدخل إلى الغرفة ومعها تلك الأخرى :
-مستني حضرتك تحت أتفضلي معانا عشان نقدر نجهزك..!
عقدت حاجبيها بتعجب وصدمة تسيطر عليها وهي تتابع الشابتين يحتلون الغرفة ينثرون أغراضهم , كانت الفتاة المبتسمة وكأنها ولدت بتلك الابتسامة تفتح تلك العلبة الكبيرة وأثير توليها كل اهتمامها!
وهنا كانت الصدمة فالعلبة كانت تحتوي على فستان زفاف بسيط كما تمنت وكما أخبرته دائماً!
وفي وسط تلك المفاجأة كانت تجلس بين يدهم من أجل وضع اللمسات الخفيفة على بشرتها دون أن تعترض أو تهمس بكلمة والسعادة تعانقها فاليوم زفافها !
بعد ساعة تقريبا كان ينتظرها بالأسفل ممسكاً بين يده باقة ورد باللون الزهري كما تحب هي!
ابتسامته كانت متسعة وخفقات قلبه تتزايد, ولا يمكنه وصف مقدار سعادته أنه اليوم سيتزوج أثير!
كان غارقاً بأفكاره السعيدة عندما وجدها أمامه بطلتها ال... ! الخلابة!!
ساد ال**ت يراقبها دون أن يتقدم منها, يستمتع ويتأمل خجلها وأناملها تتشبث بقماش الفستان , يراقب سحرها الذي أًصابه دون رحمة وبلا هوادة!
إنه عاشق والآن تأكد أنها ما تمنى !
هتف أخيراً بعد لحظات وهي أمامه تتحاشى نظراته والخجل يتسرب لأوردتها :
-أنت حلوة..
كلمة بسيطة قالها وكأن الكلمات والمعاني ضاعوا منه ..!
هو يريد إخبارها أنها الحياة وما فيها, أنها كل شيء وا****ن هنا صامت لا يتحدث, ا****ن هنا من فرط السعادة لا يجد الكلام!
وهي كحاله مأخوذة به وبطلته الساحرة ووسامته التي قد تطغي عليها هي !
امسك بيدها بغتة ثم خرج من الفندق سريعاً وصولاً إلى سيارته هاتفاً بحماس:
-جاهزة للمفاجأة التانية..!
أومأت برأسها إيجاباً بينما هو يقود سيارته إلى مفاجأته الثانية!
صباحاً كانت أثير تستيقظ من نومها بخجل وهي ترفع الغطاء أعلاها وذلك الثقل الذي يحاوطه ويأسرها لا يتركها أبداً!
ابتسمت وهي تتذكر ما كان ليلة أمس عندما وصل بها كريم إلى يخت كان مجهز فيه حفلة زفاف صغيرة !
الزفاف كان كما تمنته وأخبرته من قبل , الزفاف كان عبارة عن موسيقى هادئة في وسط البحر!
وهو وهى يتمايلون بخفة على إيقاع النغمات ,هتفت هي من فرط سعادته بنبرة متأثرة :
-ربنا ما يحرمني منك ياكريم , كل ده عشاني!
شدد هو من عناقها وهتف بنبرة محبة :
-انت غالية أوى يا أثير
ثم ابتعد عنها , يثبت نظراته عليها, بل هو كان يسيطر عليها مكملاً:
-لو أطول اعمل أكتر من كده كنت عملت!
أطلق وعده لها , أخبرها أنها غالية , فكانت تلمس بين يده النجوم!
كانت تسقط فيه أكثر وأكثر دون أن تدرى وتعلم! أن السقوط في عشقه جنة!
بعد وصولهم إلى الفندق وانتهاء ليلة زفافهم الخاصة وإلتقاط الصور وصل بها إلى غرفتهم والتي تبدلت تماماً عن أول اليوم!
تلك الزهور المتناثرة على أرضية الغرفة والشموع , تلك الدقات التي تقرع بقلبها كيف يمكنها المقاومة كونها تخاف الغد؟!
كيف يمكن أن تخبره بمخاوفها؟!
وكأنه شعر بها وهو يحتضن جسدها , يلصقها بظهره هامسا :
-أثير يمكن تشوفيني أناني , جبتك وقررت اعمل فرح واتمم جوازنا, بس صدقيني أنا بحبك!
أغمضت عينيها تستمتع لتلك الكلمة الأخيرة (أحبك)! لا تنكر خوفها ولكنها لا تنكر أنها تريده كما هو أيضاً!
لا تنكر فرحتها بحديثه ودت لو تخبره أنها في تلك اللحظة تعشق تلك الأنانية الذي يصف نفسه بها!
التفتت لها تقابل عينيه تخبره بحبها دون حديث , تسلمه دفتها ليقود هو القادم والآتي!
أما هو كان يجاهد نفسه أمام جمالها و.. خجلها , يهمس بتساؤل أخير قبل أن يقدم على شيء قد يندم عليه:
-موافقة نتمم جوازنا يا أثير, صدقى لو رفضت انا هقدر ده!
وإجابتها كانت إيماءة رأس وابتسامة خجل , عبراتها كانت تتساقط منها دون أن تشعر فيمد أنامله يمسحهم برقه يهمس وهو يقترب منها:
-انا بحبك..!
والاعتراف المحفوظ تلاه قبله ..عناق!
تلاه عهد لا ينطقه ا****ن!
وعد لا تعبر عنه الكلمات !
تلاه إحتلال لكيانها كأنثى تتعلم معه السباحة في شاطئ الغرام حتى تجد القدرة وهي تتفادى الغرق بأعماق العشق, هذا العشق الذي كان لا يحتمل طريق آخر , العشق الناجي من معركة دامية من عزف مشاعر الهوى!
كانت ساهمة في ذكرى الأمس .. بينما هو يتأملها بابتسامة واسعة وأعين ناطقة بالحب!
الحب هنا كان خارج المعادلات والحسابات , الحب هنا كان من رجل وعد وأوفى لأنثى صبرت ووثقت !
همس وهو يداعب خصلاتها:
-أُثير
خرجت من شرودها .. توليه إنتباهها , تعانق نظراته فيحتلها هو بعينيه , يأسرها كلها , ص*رت عنها همهمة والسعادة تداعب أوتار قلبها ثم هتف باسمه:
-كريم
أمسك يدها يقبل باطنها يقابل همسها بهمس .. :
-انت احلى حاجة حصلت ليا يا أثير!
هي هنا تضيع ..
تغرق..!
تعشق!
تخاف أن تهلك, هتفت وهي تستقم من نومتها:
-مش هعرف أحبك أكتر من كده على فكرة
ضحك بخفوت وهو يمسكها ينام بجوارها , يريح رأسها على ص*ره متحدثا بنبرة خالصة العبث:
-بس أنا هعرف
همست بتساؤل يحمل لهفة:
-هتعرف ايه
اشرف عليها بنظراته قائلا بجدية مدمجة بحنان:
-هعرف احبك أكتر!
ثم تحولت نظراته للعبث فجأة وهو يميل هامسا بخبث يوازى غمزة عينيه:
-وعملى كمان!
خرجت ضحكتها بينما يدها ترتفع .. تحاوط عنقه تهديه عناقاً !
خرجت من الذكرى بوله.. فقدته في القصر.. اقتربت ترتدي ملابسها..
ولكنها لم تكد أن ترتديها عندما وجدت من يحاوط خصرها من الخلف , يشتم رحيق خصلاتها, يدفن أنفاسه بعنقها وفقط يتنفس!