طريق الندم يتسلل دائما عندما نقف على الحافة , نقع داخل روح احترق نصفها والنصف الاخر التهب بقيح وسموم لا خلاص منها..
عندما ظهرت الساحرة لسندريلا لم تطلب منها الأمير , لم تتلهف بطلب الزواج ..
لم يراودها شبح وحدة, بل كل ما طلبته فستان جديد..
حذاء جديد..
تاج جديد..
عربة تجرها الخيول السحرية حيث الحفل..
سندريلا لم تذهب من أجل ذلك الأمير المبتغى من الجميع الوقوع بسحرهم فيختار أنثاه بكل اختلال ذكوري ..
سندريلا أرادت الحفل من اجل رقصة..
من اجل حرية تتخللها بعد سنوات سكون وفقد!
بالنهاية سندريلا لم تنشد رجلاً!
دمعت عينيها وهي تحكم معطفها الصوف حول جسدها الذي فقد كل رونقه..
تتهرب من مرورها أمام المرأة, تنهشها فكرة أن انعكاسها نهاية لكل صورة ملتهبة لها..
تقف في الشرفة وهي متعبة..
منهكة..
منتهية..
عينيها غائرتان والهالات تظللهم, شحوبها مرتسم ببراعة أعلى ملامحها وكأنها لوحة اُتقن رسمها بلون قاتم فقد جاذبيته وبهت ..
اقتحم هو خلوتها التي تفرضها أحيانا في سكون تام, يلمحها وهي تجلس تشاهد قطرات المطر بشرود , تتجول نظراته عليها كلها , يهدر قلبه بعنف من المشهد , يقترب منها يهتف دون انذار وهو يخرج نفسه من شفقته:
-ميرال..
ص*رت منها همهمة دون أن تلتفت له بعينيها فيتحدث وهو قريب منها:
-الجو برد ادخلي جوه..
بقيت على حالتها الجامدة فاقترب منها أكثر يمسك بيدها , يشعر أنها في حالة إعياء وهي تترنح بين يده , يحملها وقد باتت بخف ريشة ..
تجلس أعلى السرير , تتلعثم وتتردد أمام عينيه , تحاول طلب شيء ثم تتراجع ..
يحثها هو باقترابه :
-عاوزة حاجة.. اجيبلك مروان..
تهز رأسها قائلة بخفوت:
-مروان لسا نايم كان معايا طول اليوم..
تلمع عينيها بعبرات تود الانهيار خارج مقلتيها , تردف بخفوت ويدها تتلاعب بملابسها كطفلة:
-انا عاوزة منك طلب..
يهز رأسه بمعنى تابعي , تكمل بهمس لولا وجوده قربها لن يسمعه:
-ممكن تسرح ليا شعري..
تكتنفه دهشة وقسوته الذي اعتاد عليها تنفر منه ,تلك القسوة التي كانت نجاته وخلاصه من الماضي عندما غلف بها قلبه ..
يتهرب من عينيها المتلهفة للجواب بحذر, ويتذكر داخل عقله هل تلك هي ميرال.. والعقل يهتف لما كانت عليه بأول لقاء..
ميرال الغنام امرأة ذات مذاق ناري تعلم ما تريد ولا تتنازل..
استطاع فهم ذلك الامر من أول لقاء , فكفى النظر لها ليف*ن بها, وهو رجل يحب المغامرة وهي ربما ستكن اقوي مغامراته, ومنذ زمن بعيد وهو بعيدا عن لعبة المغامرة مع الحياة..!
وبينما هو يفكر بها جاءت أمامه صورة زوجته مريم.. والتي لم تكن سوى النقيض من الأخرى ,وهنا تكررت الكلمة (زوجته)..والتي كانت تقترب منه بحذر في تلك اللحظة في حالة ضعف كطبع بها..
..وخنوع تعودت عليه..!
كان يجلس كما هو على مقعده يراقب اقترابها بنظرات غامضة, يتأمل يدها التي امتدت لتربت على يده برقة قبل أن تجلس امامه منحنية على ركبتها هامسة له بمواساة وتأثر لحالته الشاردة:
-سرحان في ايه يايامن..انت بتفكر في نيرة..؟!
ساذجة.. بالتأكيد.. همسها بداخله قبل ان يستقم من مكانه دون ان يراعي جلستها أمامه.. غير مبإلىا بها بالمرة ,
ورغم ألمها منه إلا أنها اكملت وهي تتبعه بعد ان استقامت من مكانها بصعوبة وبداخلها تعتقد انه غاضب بسبب ما يحدث لشقيقته:
-متزعلش ..بكره ترجع زي الاول..عشان خاطري متزعلش...انا...!
**تت قليلا قبل ان تقول بنبرة متأثرة لأجله:
-لما بتزعل انا بزعل اوووي...انا بحب اشوفك مبسوط..
هنا المنطق الرجل يحب الخنوع.. يستهويه ضعف الاثنى التي يملكها.. ولو كان ينظر لغيرها..! ولكن مالا تعرفه الانثى أن هذا الشعور يجعله الرجل أكثر غروراً وقوة..!
التفت لها يمسكها من كتفيها يشعر بملمس بشرتها اسفل انامله ..!
يقترب .. يقتنص قبلة.. غاضبة ..متطلبة..
ولكنها لم تكن عاشقة..! كما تمنت هي !
فقط قبلة جافة يفرغ بها جزء من العديد من حيرته وغضبه..!
امسك بجسدها هاتفا بنبرة جامدة وهو يتأملها بنظرة جافة :
-مريم اتحكمي في نفسك.. مش اي حاجة تزعلى وتعيطي..
همس جاف كباقي حياتها معه.. وبلمح البصر كان يقصد حمام غرفته تاركها خلفه..
ولكنها اسرعت تمسك به تترجي منه عاطفة ولو كاذبة.. لما لا يشعر بها.. لما..؟
-يامن بتعمل معايا كده ليه..انا..انا
توقفت عن الحديث غير قادرة على كبح تلك الغصة المريرة ورغما عنها بدأت بالبكاء
لم يهتم بها ولحالتها فابتعد هو عنها مكملا حديثها ببرود:
-انا بحبك..عارف وقلتلك ميت مرة دي مش مشكلتي..انا شايف انك تروحي لدكتور نفسي..يعلمك تتحكمي في مشاعرك شوية..--
ارتدت مصعوقة ..مصدومة من بشاعة حديثه تواجهه بوجه شاحب.. وجسد متشنج , واعين دامعة.
مما جعل الندم يتسرب له على الفور.. متسائلاً بداخله لما يفعل ذلك بها.. لما..؟, فهي لا تفعل شيء سوى أنها تحبه , والسؤال يأتي مرة أخرى لما لا يستطيع ان يحبها ببساطة..؟!
وبالنهاية هو لا يعرف المواساة.. لا يعتذر.. وبالطريقة التي يعرفها ويتفنن بها معها..!
كان قد اقترب منها.. يلقيها بأحضانه وندم عميق بداخله.. ربما سيزول مع أولى دقائق الصباح..!
كانت ميرال شعلة والآن هي مريم في صورة أخرى...
يستقم سريعا يحضر فرشاة شعرها , يتقرب من موضع جلوسها بتردد , يجلس خلفها ويده تبدأ بتمشيط شعرها..
خصلاتها كانت ناعمة , دائما كانت تلك الخصلات تمنحها هالة برية .. مغوية, خاصة وهو يتطاير حول وجهها كألسنة لهب سوداء قاتمة!
بحيرة وشتات , كان يمشط خصلاتها بشرود دون عاطفة.. كألة فقط تتبع ما طُلب منها..
يسمع تنهيداتها وهي تهتف بنبرة مرتجفة .. مختنقة بالعاطفة لذكرى قديمة :
-ماما كانت دايما تسرح ليا..
يشعر بابتسامتها المرتسمة غلى شفتيها دون أن يراها , يشعر بأنفاسها اللاهثة , المختنقة من ذكريات تخنقها باستحالتها:
-كانت بتعمل ليا ضفيرة..
ي**ت , ويختنق مما تقوله, عاطفته غير قابلة للتطويع لها وقسوته غير ممكن أن تبتر لها..
بنظر لخصلاتها ويتابع التمشيط , يكبح شهقته وشعرها يتساقط بغزارة ..
تتسع عينيه وهو يتأمل أعلى رأٍسها بغصة استحكمت عقله في تلك اللحظة..
يلملم الخصلات المتساقطة سريعاً ثم ينزع نفسه من قربها هاتفاً بتهرب وهو يود الرحيل من الغرفة:
-خلاص انا خلصت همشي ..
يرحل دون أن ينتظر الاجابة ولكنه تهتف وهي تتطلب منه البقاء:
-خليك معايا شوية..
طلبها يجز روحه , تلك العاطفة التي طلبتها مريم من قبل وهي تطلبها الآن ..
هو غير قابل للعطاء , هو دحر مبدأ العاطفة وأبقى فقط الرغبة!
يهز رأسه ويجلس في مقعد بعيد عنها مما جلب الابتسامة الساخرة وهي تهتف بمرارة:
-انا مش هعديك..
ينظر لها بحيرة تبترها هي :
-الكانسر مش معدي عشان تبعد كده..
يتغضن جبينه, يبتلع ريقه.. يتعلق بخيوط واهية من قتامة روحه..
لا يتحرك هو ولا تهتم هي وهي تريح نفسها للخلف , تتحدث مبتسمة:
-كان نفسي لما اتجوز جوزي يسرح ليا شعري..
تزفر بعمق وهي تعتدل في جلستها تواجهه مكملة:
-كان نفسي اجري معاه تحت المطر, كان نفسي امسك ايده اطمن..
تبتر الحديث بضحكة عالية يشوبها التهكم وهي تعاود النظر له باختناق وصوتها يأتيه من بوتقة الفقد والموت:
-بس شوفت في النهاية محققتش حاجة
تهز كتفيها يوازيه هز رأٍسها أسفاً:
-ولا أي حاجة.. صفر.. صفر راجل حنين يحبني, صفر اصحاب, صفر عيلة سعيدة, صفر ولادي وانا بشوفهم بيكبروا..
تخنقها الدموع في لجة الحزن والنهاية تشعر أنها وشيكة ورائحة الموت مؤلمة:
-كل حاجة صفر ..
تكررها بهيسترية مغلولة من قاع الجنون , جسدها يهتز ضحكاً يتغلغل داخل نحيب قائم , تفرقع بأصبعها:
- صفر
يحاول أن يشاركها بحديث وهو يجلي صوته :
-اهدي ياميرال..
تمط شفتيها وهو تعاود الاسترخاء للخلف بجسدها كما كانت وكأن انهيارها الوشيك سراب.. تسأله كثرثرة :
-مين شهرزاد..
يرفع حاجبه بدهشة, يطوقها بنظره .. يتلقى سهامها المشبعة بالخسارة فتصيب قلبه:
-كانت مراتي..
الدهشة هنا كانت من نصيبها, دهشة لبثت لثواني قبل أن تتحول لضحكة صاخبة تبتر بسعالها المختنق..
-مراتك, انت معتقتش يا يامن..
تلهث بتعب وجسدها يسترخي أكثر من تعبه ..
تسأل مرة أخرى:
-حبيت مريم..
**ت تام بعد السؤال, **ت لا يناسبه اجابة وصخب..
بل عينيه برقت بوميض لأنثى كانت الورد , كانت أرض لراحته وسماء لقسوته..
أنثى على يده كفرت بالعشق .., أنثى كانت ضحية فلسفته في مقرر الحب المزيف كزيف حقيقة البقاء..
مريم..
الزوجة أم العشيقة بجسد كان رغبة تطوقه لها.., ام تلك الجامحة التي تمردت عليه وعلى الجميع.. بعد الخيانة والسقوط..
يبتسم تحت نظراتها الواهنة .. والسؤال لا يعلم اجابته رغم الوضوح..
يلعن نفسه مرة أخرى دون أن يدرى على فلسفته بالحب التي جعلتها كما هي الان..
-عارفة ساعات بقول ان الي حصل مع مريم خلاها اقوى..
بادرت سريعاً:
-ازاي..
يفرك جبينه وهو يستقم من مكانه يقف مستنداً بيده أعلى باب الشرفة, مطلقاً لعينيه جماحها في تأمل ما حوله..
-يعني دلوقت بقت زي زيك مبتؤمنش بالحب..
قاطعته بصوت شابه الحدة :
-انا بؤمن بالحب..
يهزأ وهو يلتفت لها بنصف حاجب مرفوع :
-وده من امتى..
تجيبه وهي تشعر بالنعاس :
-من زمان, مع كل خطوة, مع الخيانة ..انا بؤمن بالحب, بس هو مكنش مؤمن بيا..
كانت تعتدل رغبة منها في النوم ولكنها توجه له سؤال اخير:
-تفتكر مريم هتسامحني ولا مريم بقت نسخة باهته..
-باهته!
قالها بتعجب ازداد مع اجابتها القاسية :
-اه باهته زي انا كده, انا باهته..
تتثاءب هامسة بكلمة اخيرة قبل أن تقع في النوم دون ان تشعر .. مستسلمة لغيامه بص*ر رحب وقلب منهك وجسد احتله التعب!
تركها يامن وخرج وكأنه يصارع اشباحه , تهاجمه الصور رغماً عنه..
ذكريات لا ترحمه وقلبه يتمزق مع كل صورة في ذكرى السقطة الاولى..
يمسك بهاتفه قاصداً الاتصال بمريم والتي مازال في عقله فكرة امتلاكها..
يأتيه ردها من الجهة الاخرى :
-الو..
يصارع انفاسه وص*ره يلهث بهبوط وصعود , توتر يقتله وهو يجيبها بثبات:
-انا يامن يامريم..
ينقبض قلبها وتكتنفها غمامة سوداء وهي تستمتع لصوته الذي أدخلها في بوتقة الخسارة..
-عاوز ايه..
يغمض عينيه , يزفر بعمق, يحرر رابطة عنقه بإهمال:
-هتتجوزي خالي..
تحدي يهب بها وينبش روحها :
-اه هتجوزه..
ت**ت وهي تكمل بانتشاء يشعلها بسعادة :
-هتجوزه وهخلف منه.. هظهر قدامك وانت مش هتطول مني حاجة..
يقاوم رغبته بالصراخ بها, ومبدأه بأن الحب يخالف كل اشكال العقلنة يدب به كفكرة مؤسسة وراسخة..
يهتف من بين أسنانه بغضب مكتوم وسخرية مقصودة:
-زوجة تانية..
ضحكة صاخبة كان ردها فيسأل هو مرة اخرى:
-بيحبك ..
تهزأ وصوته يصلها وكأنه سهم أطلق من قوس مسموم من العشق..
تجاوبه بكل ثقة:
-لا مش بيحبني اقلك حاجة كمان..
تلتقط أنفاسها من شدة الانفعال:
-ولا انا بحبه.. اصل خلاص قررت ابقى زي صاحبتي وطليقي..
يحذرها وغضبه يزداد:
-مريم..
ومريم تقاوم السقوط والغرق في دوامته, مازال له تأثير وان انكرت..
كيف تنكر رجل كان لها زوج يحفظ خطوطها, كيف تنسى رجلا احبته من قلبها يوماً ما فتستيقظ على كابوس وقعت تخت مقصلته المغموسة بالخيانة..
تتجاهل تحذيره وهي تسأل:
-ابنك عامل ايه..
يرتد برأسه للخلف و يتذكر هنا طفله منها , يتذكر سقطتها التي ألمته..
تتابع بصوت مختنق بالبكاء:
-فاكر ابننا, مات في نفس اليوم الي عرفت فيه اني حامل فيه..
تضحك ويدها تلمس بشرة بطنها بلهفة :
-انت عارف انت عملت ايه فيا..
يغمض عينيه مع اجابتها:
-انت موتني.. انا انتهيت..
يقاطعها وهو يترنح بين ما يريده منها هل هي الرغبة أم الامتلاك الذي اعتاده معها , والنتيجة نهائية المرء لا يرغب الا في مالا يمتلكه..
-انا اسف..
هل تنسى سذاجتها.. هل تنسى كيف خدعها لا هي لا تنسى ابدا..
الفستان حلو عليكي
التفتت له قائلة برقة:
-عجبك عليا..
اومأ لها بالإيجاب ثم هز رأسه هامسا بمرح وتوكيد:
-عجبني وعجبني..
اتسعت ابتسامتها بينما تعاود التحدث بسؤال آخر وهي تتخصر :
-طيب وصاحبة الفستان..
وإجابته كانت قبلة على شفتيها جعلتها تغمض عينها فأجابها ببساطة:
-صاحبة الفستان مفيش خلاف انها عجباني واوي..
وانهي حديثه بغمزة مما جعلها تشعر ببعض السعادة , سعادة هي تعلم جيداً أنها وليدة اللحظة.. وستنتهي!
حرر جسدها من سطوته, ثم أكمل ارتداء ملابسه كما فعلت هي المثل بترتيب هيئتها التي تبعثرت بسبب عبثه الذي لا ينتهي..!
فاقترب منها قائلا:
-يلا بينا
اومأت إيجابا ثم تأبطت ذراعه بسعادة ,ليخرجوا بعدها إلى الحفل...
لم يكن الطريق طويلا من القصر وصولا إلى منزل صديقتها حيث الحفل المنشود, فقط استغرقوا أقل من نصف الساعة ..
دخلت مريم بجانب يامن حيث كانت حديقة المنزل يصدح بها الموسىقي الصاخبة نوعا ما ,بينما يامن ينظر حوله ليتفاجأ بالتفاف العديد من الفتيات حول مريم التي اصبحت بعيدة عنه بسبب تجمعهم حولها يرحبون بها بين كلمات عتاب عن قلة ظهورها واختفائها بعد الزواج, أما هي كانت تستقبل استقبالهم بفرحة حقيقة مما جعله يتأمل سعادتها التي تظهر على ملامحه بأقل الأحداث.. وجد صديقاتها يلتفتون له يحدقون بها مغمغمين بتساؤل خفي عنه , مما جعلها ترتبك فأجلت صوتها بخفوت مشيرة إليه هامسه لهم:
-جوزي ...يامن ...
ابتسم بخفة بعد تعريفها له فكانت إجابته تلك الابتسامة وإيماءة بسيطة وجهها إليهم, فانطلقت نظراتهم معجبة بوسامته التي لا ينكرها أحد ...
كان يهم بالابتعاد عنهم حتي يعطي مريم مساحة الانفراد بصديقاتها ولكنه توقف عندما وجد زوجته تبتعد عن صديقاتها لتقترب من امرأة تسير بخيلاء لفتت نظره بزينتها المتقنة ونظراتها الواثقة , بل ان جسدها بالكامل ينبض بالثقة , بقي واقفا مكانه يراقبهم عندما تعانقت مع زوجته فعلم حينها أنها صاحبة الدعوة وصل إلى سمعه صوت زوجته يهتف باسمها :
-وحشتيني ياميرال
أجابتها ميرال بابتسامة انيقة بعد أن قبلت وجنتها:
-وانت كمان...وحشتيني يامريم...البنات قالولي اتجوزتي
هزت رأسها بارتباك ثم قامت بالإشارة ليامن القائم بالقرب منها:
-اه إلى هناك ده جوزي ...
كان ينظر لهم ليعلم أنه محور الحديث بينها وبين صديقتها خاصة عندما أشارت إليه ,و حينها لفت نظره نظرات صديقتها التي القت له وعليه ,كانت نظرات إعجاب واضحة وصريحة , وربما ..ربما جريئة , والتقطها هو على الفور..
لم يتحرك من مكانه ليذهب إليهم فاقتربت منه زوجته وتلك الواثقة برفقتها تسلط عليه نظراتها الجريئة ثم مدت يدها بغرور انثوي تجاهه هاتفة برقة ونعومة:
-مب**ك على الجواز ...مريومة دي رقة المجموعة من ايام الجامعة
بادلها التحية مبتسما بجاذبية راسماً الثقة هو الاخر وكأنه معجبا بما يحدث:
- الله يبارك فيك..
باغتتها مريم متسائلة تخرجها من تأملها بزوجها والذي لم تلاحظه هي :
- بس دي حفلة ايه ...دي بمناسبة رجوعك لمصر
ضحكت ميرال بأناقة ورقة ملفته وجذابه هاتفة بنعومة وهي ترمق يامن تمرر له نظرة جانبية:
-لا ...دي حفلة طلاقي...!
وكانت تلك هي بداية اللقاء ونهايته، بداية السقوط والموت لروحها العاشقة..
فقط اسف اطلقه قابلته هي بسخرية تامة:
-ميلزمنيش ولا عاوزاه.. بكرهك..
تغلق الهاتف بعد أن هدرت بكلمتها الاخيرة .. تتأرجح في ماضي قريب لا يرحمها في احلام يقظتها أو تلك المحاربة لراحتها في النوم.
وحقيقة واحدة تؤلمها رغم أنها تعرفها..
لم يعشقها يامن.. لم يحب بها سوى الجسد والجمال..
حبه كان فاني لذا النتيجة كانت بلا عشق!
النتيجة كانت بلا ألوان , نتيجة قاتمة فوجب حرقها والخلاص منها ..
اغلق معها ونظراته تستوحش لرغبة تجبره على إرجاعها..
وندم يض*ب قلبه كيف حولها هكذا ببساطة لميرال أخرى..
هو رجل كفر بالحب وقتل العشق ونحر الهوى بفضيلة الرغبة المطلقة داخله!
وهي أنثى وردية قطفت أوراقها وبقيت الاشواك لتُغرز بأي رجل بل به أولا!