في ذلك اليوم كان عاشقا مزيفا, كان يهوى بها العبث , وهي كل ما كانت تريده العشق, ساذجة هي .. تائهة هي, هائمة هي..
التفت له وهو يأمرها أن لا تبتعد بعينيها بعيدا عنه , وكأنه يطلب منها الحياة ..
في إحدى اللقاءات كانت تريد أن ترى النيل برفقته , لم تلمح سخريته , لم ترى استهزائه , لم ترى شيئا فقط رأت عشق باطنه زيف لم تلمحه..
عند النيل وقفت تتـأمله بينما هو لاهيا عنها , هتفت هي وهي تلتفت له مبتسمة:
-انا بحب النيل اوي يا ادم
تستنشق الهواء متابعة بحب:
-ماما وبابا اتقابلوا هنا , حبوا بعض واتجوزوا..
زفر بملل اخفاه جيدا بينما عيناه تتابعه بعبث , جسدها يغويه , يطلق داخله قرار سيتزوجها ويتمتع بكل ما تملكه حتى قدسية هذا الجسد سيمتلكه وبعدها يلفظها من حياته..
-اه طبعا النيل ده شيء شاعري وجميل
**ت بعد ما قاله بملل ولكنه تابع ممنيا نفسه بها وبثروتها وبكل ما تملكه:
-بالمنناسبة دي بقى ايه رأيك تجوز.
تجفلت وهي تبتعد عنه , تكتم شهقتها بيدها بينما هو يختال زهوا بالنتيجة التي وصل لها , ها هي تمنحه رد الفعل المطلوب واكثر , ابتعدت هي عنه عدة خطوات مما جعله يقترب ببطيء شديد , يمد يده ببطيء .. يلمس يدها هاتفا وهو يقبل باطنها عدة قبلات متفرقة , وعيناه بين كل قبلة واخرى تلتحف بنظرات هيام لا يملك منها ذرة عشق ولا صدق, كان يحتل عينيه اللوزية بعيناه ال**بثة بمحض عبث.. هتف مكملا الدور جيدا وهو يكاد يلتصق بها:
-انت جميلة اوي يا ميرال , و من اول مرة شوفتك فيها وانا مش قادر اشيلك من تفكيري , مش عارف ابعد عنك , مش عاوز غير انك تكوني مراتي وعلى اسمي , تتجوزيني..
كانت كا المغيبة وهي تستمع لحديثه الذي اسكر بها القلب واخمد العقل في ثبات دائم بعيدا عن المنطق, تالع هو عندما طال **تها , هي صامته من الخجل و الصدمة , لا تقوى على الحديث ولا تعرف بما ترد..
هل حانت حقا لحظة الوقع في العشق والغرام, هل احبت فعلا , هل احبها , العديد من الاسئلة كانت تموج داخلها بلا رحمة , العديد من الاسئلة لا ترحمها و تموج بداخلها ولا تتركها ابدا..
اعاد هو السؤال بصبر لا يملكه ولا يعرفه :
-ميرال, حبيبتي تتجوزيني ..
اومأت برأٍها عدة مرات , تترجي منه ان يكتفي بتلك الاجابة ولكنه لم يكتفي ابدا , هو يريد ما هو أكثر , هو ينشد هتاف بالموافقة والاذعان لطلبه..
-قوليها يا ميرال عاوز اسمع منك كلمة موافقة ..
قالها وهو يمسك يدها بين راحة يده , ضغط عليها عدة مرات حتي هتفت هي وهي تتحاشى النظر لعينيه التي اوقغتها في الشرك :
-موافقة يا ادم , موافقة اتجوزك..
ابتسم باتساع وجذبها لجسده تلاصقة , حاوطها بذراعه العضدي القوي, همس بأذنها بينما داخله انتشاء ذكوري:
-بحبك يا ميرال وصدقيني هخليك اسعد واحدة ف الدنيا كلها , اومأت له بإيجاب , موافقة على حديثه , ممنيه نفسها فيما بعد بما هو أكثر..
***************************
تقدم لها ادم ووافق والدها عليه فهو بن صديقه الاقرب له, ويراه هو رجل يعتمد عليه ولا يدري هو ان الامر برمته لعبة ستكن ابنته فيها الضحية..
يوم الخطبة كانت تجلس بجانبه بينما هو يلبسها خاتم الزواج مبتسما , كانت خجولة بجانبه لا تكاد تتخيل ما يحدث لها وما يدور , وكل شيء وكأنها تحيا في عالم اخر..
البسها خاتم الخطبة وهتف وهو يلثم يدها :
-مب**ك يا قلبي , انا النهارده اسعد واحد في الدنيا ..
ابتسمت له فرحة هامسة بحب:
-وانا كمان يا حبيبي انا النهارده اسعد واحدة في الدنيا دي كلها..
************************
بارك لهما والدها وتم تحديد موعد الزفاف مبكرا, كانت هي سعيدة وكأن العالم كل يشاركها الرقص والسعادة ..
يوم الزفاف كان اسطوريا يليق بحلمها عن فارس الاحلام الذي اتي وحملها على حصانه الابيض, كان فستانها ملائكي و زفافها مكتمل..
في تلك الليلة كانت سعيدة بينما هو يحملها بين يده الى جناحهم الخاص بهم , سارت برفقته ويدها متعلقة برقبته ووجهها يرتاح على ص*ره, هتف وهو يهبط بها , ينزلها من بين احضانه :
-نورتي بيتك ياقلبي , أومأت له مبتسمة بحب وبصرها بعيد عنه فرحا, همس هو بينما هي تتلاعب بفستانها خجلا :
-ايه الجمال ده مش هتغيري هدومك..
اومأت برأٍسها سريعا ايجابا على رده فأكمل هو وهو يلمس خصلاتها :
-تحبي اساعدك ..
هزت رأٍسها نافيه مما جعله يضحك عاليا من خجلها الذي لم يثير به الا السخرية فقط..
ابتعدت عنه ركضا الي الحمام بينما بيدها كان غلالة ذهبية تنتظر ان ترتديها حتى تخرج له.
بعد قليل خرجت له وهي تكد تموت من الخجل , بصرها يعانق الارض , وقلبها يقرع كالطبول التي لا ترحم في ساحة الحرب والحب..
اقترب منها سريعا بينما هي تأملته بلمجة بسيطة , فكانت قد غير ملابسه عاري الص*ر وخصلاته مبعثرة اعلى جبهته , هتفت هي وهي تحاول التهرب منه لا جئة للسرير:
-انا هنام تصبح على خير..
امسك بيدها قبل ان تصل للسرير وتختبيء به وحملها بين يده هاتفا بينما يؤرجحها في الهواء :
-وانا كمان عاوز انام قوي..
وكانت تلك ليليتهم الاولى سويا بعدها كانت تعتقد ميرال انها لمست السماء بينما هي لم تلمس سوى الفقد..
*******************
بعد زفافها بفترة قصيرة توفي والدها وترك لها كل ما يملك , كانت ميرال في حالة نفسية منهكة وادم في تلك اللحظات كان بجانبها ليس للحب والعشق و لكن فقط من اجل الحصول على مالها..
في احد الايام كانت تبحث هي عن الحمل , كانت تريد طفل يتوج زواجها من ادم , بينما هو لم يهتم ول يهتم , فقط هو كل ما يريده ان يحصل على مالها وبعدها سيلفظها من عالمه تماما..
في عيادة الطبيب كان معها من اجل فقط ان يريحها , هتفت الطبيب بعد ان شاهد النتائج والفحوصات:
-للاسف يا مدام ميرال الحمل عندك هيبقى صعب, هنحتاج ناخد وقت عشان نتعالج..
في تلك الحظة وعند تلك الكلمات انهارت هي , وانتهت فكل ما تمنت الحصول عليه فقط طفل , وادم هنا وجد بداية الخطة الجيدة الا وهي الضغط النفسي..
بعد ان وصلوا للبيت كان يرسم ملامح الوجوم والحزن اشتياقا لطفل هو لا يريده بالمرة , بينما هي كانت منعزلة وبنفس الوقت تريد ان ترضيه بأي شيء..
في يوم ما كانت متعبة وهو يمارس ضغط العمل عليها , كان يخبرها انه مل وتعب ويجب ان تستلم هي املاكها وشركات والدها , ولكنها بكل طيبة وكلت له امور اعمالها وبتلك اللحظة باع هو كل شيء لنفسه..
استيقظت هي فجأة من الحلم الوردي حينما تغير في معاملته, سقطت هي من علياء الحب لاسفل درجات الخيانة والفقد..
خرجت من ذكرياتها وهي تتأمل ولدها مروان , الطفل الذب جاء كهدية بينما القدر له تدابير اخرى , القدر بعث المرض وقبض روحها وانتهى الامر..
همست لمروان وهي تعانقه و تتأمل ملامحه:
-مروان , حبيبي, دايما حلو كده .. واخد قلبي وعقلي يا مروان..
ابتسم لها الصغير وكأنه يفهمها فضمته لص*رها اكثر, تشتم رائحته , فربما الرحيل قريبا , وللغاية , الوت لا يبعث بانذار بل يأتي هكذا دون مقدمات..
فهاهي تهمس له:
_تعال أريك ما اجرمت يداي ما جنيت أنا من مغامرة دنياي..
وليتها لم تغامر ؛ ليتها ماتت يوم خيانتها ولكنها تابعت بلا ا*****ة:
_هات يدك، وأنظر إلى شطآن عين جفت فيها الأهداب..
والساحة في عشقها ملبدة بالخيانة لا أمل في صلحها ابدا ابدا..
في ساحة قلبها سالت الدماء وانهمرت العبرات على أعتاب العين..
ناجت عشقها في الحلم وصرخت به أن يرحم خيانته ؛ أن يأتي ويعتذر ولكن سراب..
فادم لم يأتي ويعتذر بل لفظها بكل سهولة وكأنها لا شيء
*********
الخيبة رواية اشترك فيها الجميع، دوامة كبيرة وفلك لايكف عن الدوران والحركة بتروس الحياة.. هناك من يتشبث بالامل وهناك من يقع في قاع الفقد.. يتعثر للنهاية..
ولأنها استيفظت على كابوس فقصتها لم تحتمل التشبث بل ان التشبث في حالتها محض فكرة نسجت في خيوط كوميديا سوداء!
وهي فقدت الأمل وان**رت بلا طريق رجوع وجبر..
هي لم تولد حاقدة..
ثائرة ضد تيار استقام يعا**ها..
سوداء بنعومة افاعي تخلصوا من جلودهم مرة تلو الأخرى دون أن ترمش العين..
هي قاست.. تعبت.. ملت.. وكان رونق حياتها وترياقه كفر بحياة لم تعد تؤمن بها ..
في زواجها الأول احبت..عشقت.. ونزف القلب حبا وهوى له.
في زواجها الأول ارادت الأنا تنصهر وتتفاعل فتتحول لنحن..
وفي زواجها الثاني كانت البداية لانثى اتقنت فنون اللعبة.. لعبة الحياة..
وفي زواجها الثالث كانت تبحث عن هدوء مع رجل تقليدي اراد دفنها ككنز يجب مواراته..
_
ومع يامن كان مروان!
عينيها منذ الصباح تغيم.
تشرد..
تحتار..
تحيا شتات يلملم جوانبها ويأسرها بقيوده.. تشعر أن نصرها السابق عبث..
نامت على سريرها و الانهاك يتغلغلها بل يسكن ثناياه باتقان..
قلبها ينبض بألم يشق ص*رها..
الفقدان هو كل مايشملها.. شعور الخيبة والوجع بكتب نهاية مؤلمة لطريق أخره قريب!
كان يامن يدخل الغرفة بخطوات بطيئة، يلاعب صغيره القابع بين يده..
يقترب منها، ينحني ويضعه بجانبها هاتفاً ويده تتلاعب بنعومة خصلات الصغير:
_جبتلك مروان زي ماطلبتي... عاوزة حاجة تانية..
واجهته بملامحها الشاحبة.. عينيها الغائرة في عتمة سقوط اصابها بحده..
تبتسم بيأس ..تهمس بخفوت:
_تعالي جنبي يايامن..
طلباتها غريبة.. تثير حيرته وقلبه يتصدع شفقة عليها..!
يومئ برأسه ولا يرفض طلبها، يجاورها في السرير وهي تمد اناملها تتحسس بشرة الصغير بشغف اضاء نور عينيها الباهت..
تهمس بشرود:
_هو انا وحشة..
باغتها بجوابه الحائر ولا يعلم كيف يتعامل يواجهها بحقيقة هو مؤمن بها
_يمكن انت وحشة.. بس محدش فينا بيجي الحياة وحش..
ترتاح بجلستها للخلف.. تتكيء على وسادة صغيرة..
تبتسم وتكمل همسها:
_عندك حق.. كان نفسي الاقي حد يحاول عشاني.. بس احلامي سراب..
لا يجيبها فقط يستمع لثرثرتها ويدها كما هي تتلاعب بطفله.. تكمل الحديث وتتابعه باختناق جاف.. ورهبة وليدة تلاحق روحها بطوق من حطام:
_قول لمروان انه احلى حاجة حصلت ليا..
ألم حاد يفتك بجسدها وروحها.. التعب يقسوا عليها.. تحاربه وتجاهد أن تكمل كلمات خرجت ثقيلة على ل**نها :
_اديله كل يوم بوسة وقله دي ماما..
ضحكة خافته لم تملك القدرة على إخفائها وهي تقول بنبرة توشك على الانهيار والبكاء:
_ويوم فرحه ابقى تعالى عند قبري انت وهو.. وشاركوني الفرحة دي..
مع كل كلمة تنطقها يصيبه وجع غريب، يحاول أن يواسيها و لا يجد الطريق..
يلتزم ال**ت ..وهذا مايقدر عليه!
وهي هي باتت من**رة كغصن لفظته شجرة بعد أن اتعبها الحمل.. غصن ثقيل زائد لا تقدر على حمله.. وضعيف بائس لا يقاوم الرياح..
نهايتها هشة.. !
يسود ال**ت لدقائق.. تبتره واختناقها يتمكن منها.. تشعر بوغز حاد بقلبها..
تنام بمستوى صغيرها، تحتويه بجسدها، تشتمه بجنون..
حالته هستيرية.. وقلبها يطرق كالطبول..
_احضني..
تصلب جسدها يعيد استفسار للطلب :
_احضنك!
يشعر بها تهتز.. جسدها يرتعش.. صوتها يرتعش
_احضني يايامن.. انا بردانة اوي..
يتأملها من ظهرها وتلك الخصلات القليلة الباقية على رأسها تتناثر بعشوائية..
تكرر الطلب:
_احضني..
توسلها مثير للوجع ولو أنكر..، ينحني بجسده، يستريح جانبها، يمد ذراعه الأيمن اسفل جسدها، فيضمها هي وطفله بحركة واحدة..
بينما ذراعه الأيسر يحاوطها من الامام..
يشعر بارتعاشها وتشنجها، عبراتها يعلم أنها تنهار الآن..
يربت على يدها بحركة لا إرادية.. تهمس مرة أخرى بنبرة تحمل ألم مدمج بوجع:
_قولي بحبك..
قالتها ببكاء.. تشهق بصوت عالى قليلا.. تعاود الطلب، ويدها ترفع يده لفمها، تلثم ظهرها.. تهمس بتعب :
_ابوس ايدك يا يامن قلي بحبك.. قولها..
لا يقدر على قولها.. ل**نه وفمه لا يستسيغ الكلمة ولو كذبا، لا يقدر على تلبية طلبها..
تعاود التوسل بنبرة متقطعة.. يشعر أنها تلتقط أنفاسها بصعوبة:
_وحياة مروان قلها.. انا عمر ماحد قالهالي قلها..
يرتعش جسده ، يحارب نفسه، يبحث في دجنته عن منفذ .. وأخيرا يلفظها باضطراب وجمود:
_بحبك..
تزفر براحة.. وتضحك ضحكة قصيرة ..
_حاسة اني على البحر ورجلي بتلمسه.. وبابا..
تلتقط أنفاسها...تكمل بحنين:
_بابا بيشارولي..
تضحك وكأنها طفلة .. تكمل وهي في عالم آخر حيث شاطئ بحر بنسيم دافيء يتلاعب بها:
_ماما بتضحكلي.. جاية تاخدني..
انفاسها تتثاقل.. ويدها تتجمد تحت يده.. تهتف باهتزاز:
_ قول لمريم تسامحني..
تشير بيدها لدرج الكمود الملاصق للسرير:
_هنا هتلاقي سي دي اديهولها..
يسود ال**ت للحظات.. لحظات ثقيلة وهي بين يده ترتعش.. يزيد من عناقها..
يلقي نظرة على صغيره الغارق في نوم خ*فه من دفيء والدته..
يشعر بها تهدأ رويدا..
تسكن..
انفاسها تهدأ..
انفاسها تتلاشى..
يتجمد بجسده.. يفتح عينيه ويغمضها.. يرتعش رغما عنه..
يحاول أن يكذب حدسه.. ربما نامت..
يهتف
_ميرال.. ميرال..
ي**ت لثانية ويكررها مرة تلو مرة..
_ميرال..
يطرق قلبه.. تزأر الحقيقة المجسدة امامه لكل نهاية..
_اصحي.. ميرال اصحي...
يغمض عينيه.. والحقيقة تقف امامه عارية..
الحقيقة تهدر به..فلتستيقظ على نهار مشرق لواقع افضل..
سكنت ميرال.. نامت ميرال.. طلبت عناقه.. اقتنصت كلمة الحب.. صارعته لمشهد مثالي تمنته لنهاية ناوشتها بالقرب..
لقد استجابت لنداء والدها وقفزت لعناق والدتها..
تركت عالم ضج بالسقوط والخسارة..
لقد ماتت ميرال...
انتهت هنا القصة!
يتبع..