كما هي في مراحل تعبها بسبب كانسر الثدي؛ نظرت لانعكاس نفسها بالمراة و هدرت داخل روحها:
_ايه وصلك ياميرال لهنا، ليه كده..
تبتر الحديث وتكمل بحدة؛
_خسرت كل حاجة ، هتموتي ومحدش فاكرك ولا بيحبك..و الي بتحبيه باعك وسابك..
تبكي.. تنهار وعيناها تحملها بعيدا حيث زواجها الأول.. وعشقها الاول وحبها الاول ونهايتها الاولى.. وميلاد ناريتها الجديدة..
ما الفرق بين الحب والسقوط , بين الوقوع في العشق و الزهد فيه , بين الايمان به والكفر به.
ميرال الغنام الانثى المشتعلة التي لطالما نسجت خيوطها على من يعجبها , هي الانثى التي حملت بين روحها قصة عن الحب..
الحب الذي لم يعرفه أخر, تلك القصة التي انغمست بتفاصيلها واعتقدت انها لمست بها 0
سماء العشق ولكنها لم تدرك إلا وقت السقوط انها لم تلمس سوى سماء سقوط في الهاوية..
ميرال كانت ابنة وحيدة لرجل أحب ابنته , رجل كان عاشق لزوجته التي تركته في عمر مبكر , تركته مع نسخة صغيرة منها فكانت ميرال..
ميرال التي كبرت على حكايات الحب والحياة بين والديها, انثى انتظرت من الحياة حب يأتي يخ*فها , يهيم بها ولا تستيقظ منه سوى على احلام الهوى..
في احدى الحفلات التي كانت تحضرها مع والدها بعد صفقات شركته , كانت ترتدي فستان احمر ذلك اللون الذي تعشقه , تنظر حولها بلا مبالاة, كانت فقط تأتي لتلك الحفلات من جل والدها ..
كانت شاردة في جانب الحفل ووالدها بعيد منشغل عنها , ترتشف كوب عصير بينما الموسيقى الغربية تصدح بالمكان في لحن هاديء راقي ..
ومن بعيد كان هناك من ينظر لها بمكر, من بعيد كان ينسج خطته , خطته لغزالة من نظرتها تاقت للحب بينما هو صياد والعشق في عرفه عبث..
اقترب منها بتمهل كأي صياد يمنح فريسته فرصة الركض بينما هو من الجهة الاخرى يحكم عليها الوثاق أكثر ..
هتف فجأة من خلفها قاصدا أن يفزعها بنبرته :
-اسمك ميرال صح..
شهقت وارتدت للخلف من المفاجأة , كادت أن تقع ولكنه مد ذراعه يحاوطها , وبتلك اللقطة كانت بداية العشق والهوى..
-حاسبي هتقعي..
قال كلمتين بتمهل , وعيناه تعانق عيناها قصدا وتوكيدا , كانت هي في حالة سكون , بشرتها السمراء تلونت بالخجل من وضعها معه في احضانه, كانت متعبة هي من ذلك..
ابتعدت عنه, حاولت التخلص من حصاره المفروض عليها , ولكنه كان دارس خطته جيدا ويعلم كيف يتقن دور العاشق الذي جاء قاصدا بنت السلطان..
هتفت هي بانفاس متقطعه وذلك الحصار الذي فرضه هو عليها , لا تعرف ما به , ذلك الحصار اثار بها خدر لذيذ, ولطيف..
هل اقتب العشق ؟ وقريبا سيدق الباب ..
-لو سمحت ابعد, انت قريب كده ليه..
لم يتزحزح بعيدا عنها وكنه اقترب منها أكثر, يحتويها اكثر هاتفا:
عيونك حلو ..
اغمضت عينيها من قربه المهلك ولكنها استجمعت قوتها وهتفت به بحدة:
-لو سمحت مينفعش كده , ابعد من فضلك..
ابتعد عنها وابقى على عناق العين, ابتعد بتهمل وذراعه يمر على ظهرها , يمنحها خدر خفيف فيكون أول درجات العشق المزيف منه لها..
اقترب والدها برفقة رجل أعمال صديق له , فهتف لابنته الشاحبة بقلق:
-مالك يا ميرال , مالك ياحبيتي , انت تعبانة , نروح ..
كانت طريقة كلامه متلاحقة, كان يسطر الكلام بسرعة كبيرة, كان أب خائفا على ابنته الصغيرة ولوحيدة..
بينما الرجل الذي كان بجانبه هتف قاصدا ان يطمئنه :
-ما هي طويسة اهو ياغنام .. متقلقش نفسك انت..
ثم التفت لا بنه يغمزه مكرا , والذ بادله الغمزة , ثم التفت بعدها لصديقه وهو يشير لابنه ان يقترب منه:
-اقدملك ادم ابني, ودراعي اليمين في الشغل..
هتف ادم الملاصق لوالده بالتواء واحترام زائف:
-اهلا غنام باشا , بابا دايما يحكيلي عنك..
اوميء والد ميرال بمحبة , يسلم عليه ثم ربت على كتفه هاتفا:
-ازيك يا ادم , بابا حكالي عنك وانك شايل عنه كل الشغل..
التفت والد ادم لميرال الخجولة هاتفا لصديقه:
-مش هتعرفنا على القمر ولا ايه.
ابتسم والد ميرال وهو يقترب من ابنته , يحاوطها بذراعه , يحتويها رادفا:
-دي بنتي ميرال ياسيدي..
ثم التفت بنظره لا بنته قائلا :
-سلمي علي اونكل عزام وادم ابنه يا حبيتي..
اومأت ميرال طاعة لوالدها ومدت يدها تسلم عليهم برهبة , خاصة عندما لمست يدها يد ادم ..
لم يلبث الامر كثيرا حتى رحل غنام مع ابنته امتثالا لرغبتها بالرحيل , بينما اعتذر من صديقه ورحل..
بعد رحيله التفت عزام لولده هاتفا بنبرة جادة :
-ها يا ادم عملت ايه مع بنت غنام..
ضحك ادم مفتخرا, وهو يلوح بيده بفخر هاتفا بزهو عابث مختل:
-رميت الطعم وفي ظرف اسبوع هكون بتقدم لها وهتجوزها..
اوميء له والده هاتفا بحدة ممزوجة بجديه :
-ميرال دي بنت الغنام الوحيدة , وزي ما انت شايف الغنام رجل بره ورجل جوه, يعني احنا ال**بانين, البت دي لازم تبقى مراتك..
حك ادم ذقنه بينما يده تمسك بزجاجة مشروب متابعا لوالده :
-انت عارف اني بحب واجدة تانية..
زجره والده بالقول بينا يده تمسك منه كأس المشروب قائلا :
-اتجوز ميرال وبعدها خليها تعملك توكيل , مثل عليها الحب لغاية ما تاخد كل حاجة وبعدها ابقي طلقها, واتجوز الي تحبها..
اوميء له ادم وهو يتجرع المزيد من المشروب فينتشلها منه والدها قائلا بنبرة بها غيظ وحنق:
-وهات الزفت ده , المفروض تاخد بالك حد ياخدلك صورة كده ولا كده الغنام مش هيجوز بنته لواحد بيشرب وكل يوم مع واحدة , انت الفترة الجاية تلم الدور يا ادم لحد ما نضمن نسبه..
مسح ادم وجهه بحنق , واطلق تأففا من والده وتحكماته التي مل منها ومن كل شيء بها:
-انا هعمل كل الي انت عاوزه , هتجوز البت دي , وبعدها هعمل الي احبه..
ضحك والده بينما يده تلوح لفتاة تعمل لديه بالسكرتارية , ثم التفت لولده يغمزه بمكر بينما هو يستعد للابتعاد عنه:
-خليك زي ابوك , ارسم الدور صح على مراتك وعيش حياتك..
بتر الحديث ثم التفت لولده بعد ان ان اشار لسكرتيرته أن تنصرف لمكان ما يخصه:
-امك عمرها ما قفشتني, عاوزك زي ابوك , اوعي حد يقفشك..
-اوميء ولده على غير اقتناع , ثم رحل كل منهم بطريقه..
***************************
في اليوم التالي كانت ميرال بالجامعة , في طريقها لسيارتها بعد ان انهت محاضراتها, ولكنها عند السيارة وجدته , ذلك الشاب الذي كان بالأمس في الحفل والذي اتضح لها انه ابن صديق والدها..
اقترب هو منها بينما هي رغما عنها كانت تنظر لها بتوتر , كانت دون أن تدري تقع بالعشق, دون ان تدري تطأ اولى خطوات السقوط بالهاوية..
-وحشتيني ..
قالها هو بطريقة غريبة فلم تمنحه الرد من الصدمة , استغل هو الصدمة وهتف متا بعا الحديث:
-انا ادم مش فاكراني..
اومأت له دون أن تمنحه الرد فتابع هو بنبرة خبيثة لم تلحظها هي:
-بقالي كتير مستنيك على فكرة ..
هتف هي بصوت متوتر , منخفض:
-ومستنيني ليه , في حاجة..
ضحك على هيئتها المتوترة والمذعورة واقترب منها دون ان يمنحها رد , دون ان يهديها الوقت لتستوعب:
-عيونك دول شغلوني من امبارح..
ثم اشار لملامح وجهه متابعا بتلاعب:
-حتي شوفي وشي منمتش من امبارح..
طريقته في الحديث شقت الابتسامة لوجهها الجميل الهادئ..
لم تفلح في موارة ابتسامتها وهي التقط ذلك جيدا جدا..
-تعرفي ضحكتك حلوة اوي, بتحلوي اكتر..
ابتسمت هي اكثر وعينيها تهربت بها من عينيه , فتابع هو خطته بمهارة:
-متبعديش عنينك عني , اوعي تعملي كده تاني..
اومأت له برأٍسها فكانت تلك شرارة البدء لها والبداية..
توالت اللقاءات بينهم بعدها ..
يتبع