الخدعة.. الكلمة تسيطر على دواخله بطريقة تستنفذ طاقته في جهاد نفسه وشرها..
وهي نصبت البيعة بشروط لا تقبل التنازل عنها والاستسلام, هي أنثى باتت تعلم تأثير تلاشيها من عالمه..
السؤال هنا .. هل أصبحت فريدة إحدى نقاط ضعفه ..؟! وكيف ي**عها؟..
كيف ي**عها فترحل بعيداً بعد أن دخل عالمها المغموس في بوتقة راحة؟!
زفر بعمق , يرفع يده يمسح بها خصلاته , يفكر وينازع.. بل ويحارب تلك الطاقة والنزعة التي تجبره أن ينتقم, وتلك الورود التي تغرز أشواكها بروحه , تستنزف منه دمه , وتضعه أمام حقيقة خسارة أخرى تلوح بالأفق لو طاوع صراع السقوط للجحيم مرة ثانية!
استقام من مكانه وهو يسير بخطوات رتيبة , يقلب عينيه بملل وشرود وهو يتابع طريقه حيث غرفته مع فريدة!
كانت هي بالداخل تحيا بعالم أخر وشريط العام الماضي لا ينقطع ولا يقف..
تجاهد هي أيضا وتقتل أي سخرية تقام داخلها تواجهها أن رهانها خاسر لا محالة!
غسان رجل غير قابل للتوقع, غير قابل للتراجع..
غير قابل للتنازل!
وهي بعيده عنه شاردة في ذكرى جمعهم وماحدث..، شردت كيف اكملت كيف؟
شردت بشيء واحد حينها وهو أن نجاة الجميع من هذا الفخ بيدها هي وحدها ,ستلقي بنفسها للجحيم , وربما تبيع روحها للشيطان , وتنقذهم...!
وكم كان ذلك في غاية الصعوبة عليها وهي تبتعد عن أحضان والدها ثم وقفت من مكانها تنهي بصوتها الضعيف الصراع الواقع بالمكان:
-ملوش لزوم , لا تخ*ف ولا رجالتك يتسلوا...
غصة من البكاء حالت بينها وبين أن تكمل الحديث ولكنها رغم ذلك أكملت بصوت باكي:
-انا موافقة اتجوزك...
التفت موسى يصرخ باسمها بنبرة متألمة وكريم يصرخ بغضب بينما والدها يغمض عينيه بقلة حيلة فلقد أُحكم الأمر وأنتهى ولكنها اشاحت بنظرها عنهم جميعاً , فقلبها يتألم لأجله ... ولأجلها..
كان القلب باكياً على حالها الذي تبدل من الاقتران بحبيب إلى الاقتران بغيره, وغيره لم يكن سوي شيطان ...!
اقترب غسان منها, وهو يراها للمرة الأولى هو لم يهتم بمعرفة شكلها من قبل... الأمر بالنسبة له كان مجرد انتقام أ**د, يحيل روحها للقتامة ...
ولكنه ابتسم ابتسامته القاسية فالضحية جميلة وهادئة وربما قوية... وهذا يزيد الانتقام من نظره متعة..
شملها بنظرات جريئة يتخللها بعض الوقاحة ,ثم هتف بهدوء مريب ونبرة خبيثة:
-وااو...مكنتش اعرف انك بونبوناية كده...
اشاحت بنظرها عنه مشمئزة من نبرته وتلميحاته ...فيكفيها ما هي فيه هي بالكاد تستوعب ما يحدث, وكأنها تحيا داخل كابوس سينتهي ما أن يأتي النهار..!
إلا أن النهار لم يأتي ولن يأتي ما تحيا به واقع يتمثل أمامها .. فانهارت من الداخل كل ثوابتها ترفض ذلك الواقع..
ليلتفت هو لوالدها وشقيقها كريم قائلا بصوته القوي ونبرته المتهكمة الساخرة:
-طبعا مش محتاج اوضحلكم انكم لو رفضتوا انا هاخدها دلوقت وحالا وبدل ماكنا هنتسلي باخت الامور...
مشيرا بيده إلى موسى ثم اكمل:
-هنتسلى بالمحروسة بنتك ...ها ايه رايكم , نقول مبرووك...
لم يستطع أي شخص أن يعترض على حديثه خاصة كريم الذي يعلم جيدا ان الزواج هو الحل الأفضل فأحني كتفه بخزي من أنه لا يملك شيء بيده...
ليزفر غسان بانتصار صائحاً بصخب وهو يصفق بيده :
-يبقي نقول مبروك...
ثم التفت موجها حديثه إلى المأذون الجالس على إحدى المقاعد يرمقهم بتوجس :
-يلا ياعم الشيخ , خلصنا واكتب الكتاب...
ليلتفت إلى فريدة يهتف بنبرة و**ة:
-اصلي مستعجل أوي على ...البونبوناية...
وفريدة حينها هبطت على المقعد الجالس خلفها وبدلاً من أن تتحول إلى عروس فرحة بعقد قرآنها تتلهف إليه, تحولت إلى عروس تتمني الموت الآن وحالا..!
القت نظرة جانبيه على موسى الذي ينظر لما يحدث بعجز ألمها وبشدة.., تشعر أنه على شفا أن يبكي دون اعتبار لشيء..!
تشنج جسدها عندما اشاحت بنظرها عنه فتقا**ها تلك الأعين الخبيثة التي تطلق شرارة غاضبة تخترقها وتؤلمها.. فأغمضت عينيها تهرب من كل شيء..! , مكتفية بذلك الصخب المشتعل بداخلها يقيم حفلا على أشلاء قلبها ومشاعرها..
########################
بقصر الشيخ, كانت تنطق بموافقتها على الزواج من غسان بنبرة من**رة شاردة , وللمرة الأولي هي تشعر بالضعف والهوان, تشعر بالذل , فيكفي أن هذا الرجل الذى تراه للمرة الأولي بحياتها الان وهي تتزوجه , كررت الكلمة بداخلها لقد أصبحت متزوجة منه هو..
ولا تعلم هل تضحك أم تبكي فاليوم عُقد قرآنها , إلا إنها لا ترى الفرحة , ولكنها تنهار
تموت..!
بل هي تقتل بسكين بارد..!
اجفلت على صوت المأذون وهو يقول:
-بالرفاء والبنين , ان شاء الله ..بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير...
وفي تلك اللحظة ايقنت أنه لا مفر من الواقع الذي باتت فيه لقد أصبحت زوجة لشيطان... وربما أسوء..
اقترب هو منها بنفس النظرات الجريئة التي تثير نفورها, يحيط خصرها بيده هاتفا بوقاحة وخبث:
-طيب استأذنكوا انا بقي ياجماعة هاخد مراتي وامشي ..
وهنا لم يستطع كريم ان ي**ت اكتر من ذلك فيكفي شعوره بالخزي من **ته الذي أجبر عليه خوفاً على شقيقته فهدر بصوت مصدوم عالي:
- تاخدها فين انت مش هتعملها فرح...
انفلتت ضحكة ساخرة من غسان, ليزيد من ضم فريدة لجسده وكأنها ملكه وتم شرائها هاتفا بتهكم:
-فرح مين يا....
لم يكمل حديثه بل **ت قليلا ثم نظر له بدونية مكملا:
_الفرح مش لبنتكم .. وبعدين انا هاخدها اذلها انا كنت واضح من البداية ..زي ماعملتوا هعمل...بس انا محترم هتجوزها وبعدين انتوا عارفين اني اقدر اخدها من غير جواز مفيش اسهل من كده...
ثم اختتم جملته وهو ينظر بأعين كريم:
-حاسس دلوقت أنا حسيت بإيه ولا لسه ..حاسس بالعجز مش كده..!
ثم التفت ملقيا بنظراته على عبد الله موجها كلمة اخري:،
_شايف الي انت فيه ده...انا عشت الأصعب منه تخيل انت بقي...!
لم يجيبه ،،فوجده يهز رأسه بقلة حيلة ويأس ...يعلم جيدا أنه لا يمتلك حق للاعتراض , وكما قال غسان أبو العزم يكفي أنه سيتزوجها....
وحقا الآن يشعر بما حدث لابنتهم!
اقترب من ابنته التي تخلصت بصعوبة من يد زوجها كما يقال , ثم ارتمت بأحضان والدها تتلمس منه الحنان الذي ربما لن تحصل عليه بعد الان...
تود أن تطلب منه أن يخبأها.. تود لو أن العالم يقف عند تلك اللحظة وهي بأحضان والدها..
اقترب منها غسان يقبض على يدها بقوة ينتشلها من أحضان والدها بقسوة وكأنه يستكثر عليه تلك اللحظة التي تنشد فيها أمان ربما لن تحصل عليه, ثم ألق بنظرات باردة على الجميع هاتفاً:
-طيب باي بقي ياجماعة , كان بودي اكمل السهرة معاكوا , بس عريس بقي.. بنويه...
كان يمسك بها وهو يغادر من المنزل , فتمر هي من امام موسى الذي يرمقها بنظرات تكاد تكن باكية مختلطة بقهر , مما جعله يبطئ من خطواته ..يزيد من المها على حبها الضائع على يده هو.
لاحظ نظراتها المتحسرة التي رمقته بها ليزيد من قوة قبضته على يدها , هامساً في أذنها :
-انت بقيتي مراتي , اهلك معلموكيش ان غلط تبصي لراجل غير جوزك ...ولا انت زي اخوكي...
رفعت نظرها له بصدمة من حديثه تود لو تصفعه فقابل هو نظراتها ببرود وقسوة ,يخرج بها من المنزل إلى جحيمه...!
وخلفهم أعين باكية قلقة وأخرى يملأها الغضب والخزي والمرارة, والأخيرة شامته فرحة...
*****************************
بعد خروجهم من المنزل القي بها داخل سيارته بحدة ثم أشار إلى سائقه بالقيادة لوجهتهم وخلفه سيارة أخرى من الحراسة الخاصة به.. تتبعه ..
كانت ترتجف في جلستها تكاد تلتصق بباب السيارة الداخلي نتيجة لخوفها من قربه ومما يريده منها, وكأنه شعر بها وبخوفها, فيبتسم ابتسامته القاسية متوعداً بالمزيد... والمزيد لن يكن سوي عذاب يؤلمها..
وصلت السيارة اخيراً إلى إحدى الفلل الخاصة بعائلته الواقعة في إحدى المدن الجديدة التي تمتاز بال**ت ...
فخرج هو من السيارة أولاً ثم انحنى هاتفاً لها بسخرية وهي منكمشة بالداخل خائفة من الخروج تنظر له بتوجس من القادم :
-يلا يابونبوناية ...انت هتفضلي عندك
نظرت لها بخوف إلا أنها خرجت بتردد وقلق من القادم بعد ذلك... تكبح رغبتها في البكاء والصراخ ف آن واحد., يجرها خلفه وهو يسير في إتجاه مدخل الفيلا ...
دخل اولاً ... فتبعته هي بخطوات مرتعشة ...
وجدته يجلس على إحدى المقاعد الوثيرة كباقي اثاث المنزل الفخم...يتخلص من سترته ورابطة عنقه .. يرميهم بإهمال على الأرض قبل أن يرفع نظره لها وهي تقف مبتعدة عنه... بخوف ورهبة..
اعتدل في جلسته يشملها بنظراته المتفحصة قائلاً بصرامة:
-قربي...
لم تنفذ أمره بل تشنج جسدها من الخوف, فيعيد هو بنبرة أقوى تحمل تهديد:
-قربي والا هقرب انا...وساعتها متلوميش الا نفسك...
امتثلت لكلامه خوفا من تهديده ...
ثم ساد ال**ت لعدة ثواني ..تنظر له بصدمة شعور برعب حقيقي يتسلل إلى خلايا جسدها بعد أن قال :
-جه وقت تنفيذ جوازنا وحالا ..
خرجت من الذكرى بشرود تام.. خرجت وهي تتذكر عريها بين بيديه.. تتذكر السقوط ولا تنكره...
تود حقا منحه السماح ولكنها هنا غير قابلة بل لا تقدر على منحه التنازل , هي تحارب حتى تشعر انها حظت بأي مقابل منه, تريد أن تشعر بسيطرة تسترد بها قوتها المسلوبة في صقيع روحها النازفة دون توقف حتى بات الجرح رتوشاً وندوباً تستلزم السحر لإزالتها!
صوته أخرجها من عالمها وهو يقترب منها , يقف أمامها بينما يده تمتد لخصلاتها يلمسها برقة هاتفاً بجمود تلتزمه هي منذ مغادرة شقيقها:
-وبعدين هتفضلي كده كتير..
ترفع نظراتها له وشهقتها تكتمها وهي تتأمل ملامحه الباردة , تسعى أن تصل لإنفعال يطمئنها يدمغها في سكينة الفوز بالرهان..
ولكن لم تجد سوى جمود , وتلك النظرة السوداء التي ألفتها في بداية الوقت معه, نظرات تغرز لها ألم الخسارة ..
نظرات تشعرها بالهزيمة , هزيمة ستكن الأقصى والأعنف..
بل ستكن هنا النهاية!
تجمع قوتها .. تعانق نظراته , تهاجمه داخل حصنه المنيع, تداهم كل قلاعه وتهدم جدرانها طبقة..
طبقة!
تحرقه بنظراتها المشبعة بقتامة تماثله وكأنها النسخة النسائية منه!
تزيح يده بعيداً , تمنحه ابتسامة انتصار غير معلن عنه داخل حربها معه.. تتحدث وهي تقف أمامه , تكاد تلتصق به.. تلفها انفاسه :
-هفضل كده لغاية ما اعرف انت نهايتك ايه..
ت**ت تهديه مساحة رد , أو تهدي حالها مساحة تأمل , يباغتها سريعا:
-وانت نهايتك ايه..
ضحكة مشبعة بالتهكم وقربها منه كما هو لا يقل مثقال خطوة.., تمد يدها , تلامس بأناملها بشرة عنقه ..تهمس:
-نهايتي لسا هشوف مكانها
وهو النقيض هنا , ابتلعته الدهشة داخل حوافها وجوانبها تغطي عينيه بلمعتها المتفاجئة, قست ملامحه بعد أن أدرك انها تحاول اللعب كما كان يلعب في البداية ..!
يرفع يده , يقبض على يدها محافظا على ملمسها أعلى بشرة عنقه..
يغمض عينيه ثم فتحها يمنحها ابتسامة شيطانية .. يهمس وهو ينحني بالقرب من اذنها:
-نهايتك معايا يا فريدة..
يتسرب لأوردتها الجليد النابع منه بجانب حرارة جحيمه المطلة من عينيه , تبتعد عنه دون أن تقاومه .. تقابل همسه بصياح نبرة ثابته:
-نهايتي انا الي هقررها
ت**ت وتبتر الحديث, تغيب عن عينيه وتكمل بثبات :
-انا مش جارية عندك هتقرر عني..
تبتعد عنه بخطوات متأنية , تمشط خصلاتها ببرود وهو يكتم دهشته..
تعقص خصلاتها وهو يكتم دهشته..
تضع طلاء باهت على شفتيها وهو يكتم دهشته..
تدخل الي غرفة الملابس ثم تلتفت لها هاتفة بابتسامة واسعة:
-مش عاوزاك معايا في الاوضة لغاية ماشوف هتعمل ايه..
وهنا زالت دهشته وهو يقطع المسافات بينهم وثباً , يمسك بمرفقها , متحدثا بغيظ:
-فريدة اعقلي , اعقلي وخليك بونبوناية..
يتنفس بحدة وانفعاله يسيطر عليه يشد قامته ويسيطر عليها , يحاصرها بينه وبين الجدار خلفها , يعاود لمس خصلاتها برقة :
-بصي انت خلاص قررت تبقى معايا انتهينا ..
يشاور بيده , يشمل الغرفة بنظراته وهو يكمل همسه:
-الجدران دي محدش فينا هيخرج براها , اللعبة انتهت.. game over
استوحشت نظراتها وهو تلتهب من داخلها بسعار نفي لسيطرته تهدر به وهي تبعده بيدها :
-انا مش لعبة , مش لعبة خلاص و**بتها...
يمسح وجهه بتعب , لا يستوعب جنونها و وحشيتها التي تلبستها هنا :
-انت مش لعبة , انت مراتي..
يتهدل كتفيه بتعب وانهاكه يبلغ مداه النهائي, يعاود الحديث:
-خليك راحة يافريدة
تخبط أعلى ص*رها بانفعال , تهز رأسها بجنون وخصلاتها كألسنة لهب تتطاير حول وجهها بعد أن تحررت من عقلتها:
-وانا ..
ت**ت , تبتلع ريقها, تكمل بحده:
-انا مين هيريحني, انا راحتي فين!
خط النهاية يقع هو وهي على صراطه المشتعل فيسأل بهدوء رغم الضجيج :
-انت ايه يريحك , قوليلي ايه وانا هعمله..
جاوبته متسارعة دون أن تمنح نفسها مساحة تفكير ولو واهية:
-متلمسش مازن , متقربش منه.. انسى , انسى انا دفعت التمن..
كاد أن يخبرها أنه نبذ شقيقته لأنها دفعت الثمن!
كاد يخبرها أنه لا يتحدث معها , لا يمنحها جناحه تحتمي به كما كان دائما لأنها دفعت الثمن!
كاد أن يصرخ بها أن جزء من توقه لسقوط أخيها لأنها دفعت الثمن!
بل هو كان يود لكمه وركله, يود أن ينشب العراك معه كل هذا , لأنها وحدها دفعت الثمن!
يا الله : همسها بداخلها بانفعال مكبوت , همسها وهو يطالعها بدهشة نابعة مما وصل له..
هو يريد الانتقام لأجلها! وشقيقته ضمن المعادلة لن ينكر, ولكن هي..
هي تحمل أهم جزء في تلك الحرب!
كاد أن يمنحها جواب ولكن طرق الباب قطع تواصلهم عندما أخبرته إحدى العاملات بالمنزل أن هناك من يريده بالأسفل..
و بالأسفل كانت هي تجلس بتوتر ملحوظ, تشعر بالتحفز الممزوج بالخوف والرهبة!
ترتعش يدها بل هي يكتنفها ارتجاف لا يمكن اخفائه..
ارتجاف أثار ضيق هذا الملازم لها ينقر بتوتر أعلى قدمه, يتأملها وهي ترفع أناملها بتوتر تسوي خصلاتها داخله ولو لم توجد خصلات!
يهمس وهو يميل برأسه جانب أذنها بمرح :
-قومي بينا نمشي..
اجفلت من همسه ,عبست ملامحها وتوترت وهي ترمقه بصدمة تتأمل بملامحه الضاحكة ف*نال معه قرب لم تناله من قبل, قرب من رجل دون أي قصد كما غسان بالماضي, أو اجبار كإلياس!
ابتعدت من هذا القرب الذي فرضه هامسة برهبة:
-انا خايفة
تبتر الحديث ويدها ترتعش أكثر والصقيع يحتل أطرافها, قدمها الان كهلام ورأسها يدور.. تتحدث معبرة عن امنية ربما تريدها وبشدة:
-كان نفسي عثمان يبقى معايا..
تجهمت ملامحه وهو ينظر لها ولتلك العزلة التي تحيا بها, لا ي**عه كونها تبتسم أو تشاركهم اليوم, يعلم بل هو على يقين أنها تبني حائط منيع ولا رغبة في إزالته!
مد يده عنوة يمسك يدها المرتعشة بصرامة وقوة أجفلتها وهي تلتفت له بأعين متسعة تستمع لما يقوله بتأني وهو يعانق نظراتها:
-اوعي تخافي وانا معاكي, اوعي تخافي وانت وسط اهلك..
يترك يدها يكمل بأٍف حقيقي:
-اسف اني مسكت ايدك..
تتمالك أعصابها وتسيطر عليها فيكمل هو :
-انت مش محتاجة عثمان ولا سارة ياخديجة..
تقاطعه بلهفة , تتعلق بأي أمل ربما هناك من يفهمها بينما هي لا تفهم نفسها:
-انا محتاجة ايه..
يبتسم وهو يهز رأسه بيأس , يغمض عين ويفتح الأخرى يضع الحقيقة كاملة والسر في حروف اسمها:
-خديجة, انت محتاجة خديجة , محتاجة نفسك..
حبست انفاسها من طريقة نطقه لاسمها وتلك النظرة الذي اختلطت فيها القوة مع الحنان , وكأنه يحميها بظله هو!
التفتت تنظر حولها واجابته داخلها تدور , تتنفس مرة تلو الاخرى !
ثم تلتزم ال**ت وتتوقف عن التفكير في اللحظة الذي دخل فيها غسان...
وهنا توقف الزمن..
تاه المكان والملامح !
هنا كانت تقف عندما رأته , لحظة تأمل كل شخص منهم للأخر!
الذكريات كانت هنا كشجرة ,لحظة كان كل منهما فيه يجتر فيه الماضي, وكأنه غصن ينمو تلقائيا غصن قابل لل**ر تتقاذفه الرياح! , تدور الذكريات داخله وداخلها , وكلما استعادت هي أو هو الصور القديمة تصيبهم الدهشة لقد فلتت كل الذكريات وتلاشت .. ولم يبقى سوى التوأم!
تظهر ابتسامة مرتجفة على شفتيها وهو تردف بخفوت :
-عامل ايه ياغسان..
سعادة تكتنفه , سعادة انها بخير بل هي أمامه بألف خير يتأمل حجابها بإعجاب , هالتها الملائكية تجعله غير قادر على الالتفات عنها, يبتسم هو أيضا قائلا:
- بخير..
يكتم أنفاسه مبهوتاً من طلتها مكملاً بعد لحظة تأمل:
- مب**ك الحجاب يا ريتا..
تقاطعه بابتسامة حقيقية ’ ثابته وهي تصحح له:
-خديجة ’ اسمي بقى خديجة..
هز رأسه بتفهم ’ يلتفت بنظراته صوب القابع أعلى المقعد الموجود بالغرفة..
يقف يوسف , يمد يده بجدية وبوجه أخر لا تعرفه الأخرى:
-اهلا ياغسان طبعا اتقابلنا فاكرني!
تذكره غسان وهو يشير لهم بالجلوس في الوقت الذي هتفت فيه هي مباشرة:
-البنات , البنات وحشوني!
كلمتها كانت أزمة لغسان , لا يعرف كيف يتصرف..
يسود ال**ت فتهتف هي بهلع:
-انت مش هتخليني اشوفهم..
هز رأٍسه نفياً عدة مرات, هو أكثر من يرغب أن تتربى بناته مع والدتهم, أن يُمنحوا الحب والحنان منها, هو أكثر من يعرف معنى الأم..
استقام من جلسته وهو يردف باعتذار:
-ثواني بس هجيب البنات..
التفت للخلف ولكن فريدة كانت تقف عند الباب وبيدها التوأم!
يتبع