ت**ت ويدها تتلاعب بازارا حاسوبها بشرود ثم تتابع الحديث بمنطق أعجبه:
-بس لسا جوايا ماضي مخلصش فيه رتوش , فيه بقايا وجع
تبتسم وهي ترفع نظرها له فتتعجب من نظرته المهتمة ..:
-بص ياقاسم انا معنديش اعتراض عليك , بس انت متستحقش اتجوزك وانا جوايا كل ده..
يود ل**نه أن يتمرد فيخبرها أنه يقبل وعلى استعداد للمداواة ولكن ملامحه بقيت على حالتها في **ت , تتطرق هي بتساؤل :
-انت تقدر تتجوزني كده...
ينفي سريعا برأسه فتصيبها خيبة ولكنه قطع السكون وهو يستقيم من جلسته يشرف عليها بطوله , يخبرها بطريقة مبطنه أأنه يستحيل التخلص منه, لقد وقع بطريقة ما بها ولا يهمه معرفة الطريقة:
-انا اقدر اتجوزك كده بس لو عندك استعداد تنسى..
يلتقط أنفاسه مكملا:
-تتخطي, تتابعي من غير ما تبصي وراكي يانورا..
يبتعد ينوي المغادرة ويطلق قبلها كلمته الأخيرة:
-لما تبقى مستعدة هعرف ووقتها هتقدم تاني!
---يرحل عنها وهي خلفه تتابع ببصرها دون أن ترف عينيها, تود أن تعرف ما يدور داخله وكيف تقبل كل ما قالته هكذا ببساطة..
تغمض عينيها للحظة وهي تستل هاتفها دون وعي تطلب أثير..
يأتيها صوتها تهتف بنزق ومزاج داكن تعرف سببه:
-ايوه يانورا عاملة ايه..
تجاوب وهي تلف حول نفسها بالغرفة حتى استقرت عند النافذة فتجده وهو يصعد لسيارته ويرحل , تركز عليه حتى يختفي طيفه :
-قاسم كان هنا .. وسألني لو في حد في حياتي..
تبادر أُثير سريعا:
-وبعدين قلتي ايه..
تضحك بصوت عالي وعبراتها تتمرد .. ترفع أناملها تمسحه تردف بوجع:
-كنت عاوزة احكيله كل حاجة عني ..
تشعر بأُثير تهب من مكانها وصرخة تص*ر منها عبر الهاتف :
-انت اتجننتي تحكيله ايه ..
تهدر نورا والألم يشطرها , تصرخ بها:
-لازم ابقى صريحة معاه , اغشه يعني , ابدأ حياتي بكذبة..
تصرخ الاخرى بجنون وهي تهتف بأمر:
-تقفلي وافتح عيني الاقيك هنا يانوار يلا..
تنساق نورا لما تقول ولما أمرتها به.. تتحرك برتابة تغلق حاسوبها.. تسير وهي تكاد لا ترى من حولها في عالم هي منفصلة عنهم..
تنصدم بشقيقها مازن الذي يتحاشاها منذ الرجوع, يتشاركون الذنب وهي لا تنكر ذلك..
يبتعد عنها سريعاً ويذهب لمكتب كريم , يتركها بألم ووجع يضاف لقلبها يصنع مكانا جديداً..
*تركها وهو يلتفت يتابعها تسير بخطوات بطيئة , يود اللحاق بها, يمحى تلك المسحة المتألمة داخل عينيها, ولكنه لا يناسق لذلك ..!
**************************
اغنية أم كلثوم التي باتت لا تستمع لسواها أسأل روحك..
منذ مكالمتها الأخيرة مع يامن وهي تستمع لها كثيراً..
تستمع لكلماتها ببهجة حقيقة , بل وتقف تتمايل الآن على موسيقاها بتأني ورقة.. تتابع بصوت هامس عذب .. وكأنها توجه رسالتها ليامن!
انا غيرني عذابي في حبك
بعد ما كان أملي مصبرني
غدرك بيّ أثر فيّ
وهنا تبتر الكلام والعبرة تتمرد من مقلتيها ولكنها تتابع التمايل , تتمايل على أوتارها المذبوجه.. المبتورة التي مازالت تنزف..
يعلوا صوتها وهي تكمل:
واتغيرت شوية، شوية
إتغيرت ومش بإيديّ
تض*ب قلبها بخفة وهي تتابع قدمها المتمايل بانعكاس صورتها بالمرأة ذات الاطار الفضي! يعلوا صوتها أكثر :
وبديت أطوي حنيني إليك
وأكره ضعفي وصبري عليك
واخترت أبعد وعرفت أعند
واخترت أبعد وعرفت أعند
حتى الهجر قدرت عليه
شوف، شوف، شوف القسوة بتعمل إيه..
ت**ت وهي ترتشف كوب من الشاي المغموس بأعواد النعناع ترتشفه وهي تتابع بصوت أعلى:
-شوف شوف.. شوف القسوة بتعمل ايه..
تضحك رغم رغبتها العارمة بالبكاء, مازال قيده يكبلها دون حرية, رغم أنها باتت حرة, باتت بلا مستعمر لجسد وقلب, ولكن هناك قيد خفي, خيط رفيع تود أن تجده فتمزقه..
وينتهي القيد..!
تقتحم غرفتها عاصي بملامح قاتمة..
ذابلة..
لا حياة فيها وربما ميته..
تهتف بها بقنوط ورجاء متسلسل :
-هل ستتزوجين ناصر حقا..
ترفع حاجبها في تهكم , تكمل ارتداء ملابسها بعد أن رقصت ..
تهتف وهي تفرقع بأصبعها في وجهها:
-أجل هل ادركت هذا الآن فخطبتنا غدا عزيزتي..؟!
ترتد للخلف بشهقة مكبوتة في طيات الوجع التي تتلظى بجحيمه يوماً بعد يوم..
تهز رأسها يأساً.. تهدر بها:
-اتركيه.. ارجوك اتركيه..
تقترب مريم منها حد قرب مميت.. تمسكها من كتفها ... تتأملها بنفور , تصرخ بها :
-يالك من مثيرة للشفقة..
تنهرها بيدها ول**نها وقلبها .. تجلس عاصي بأقدام هلامية .. لا تقوى على الحركة..
تستمع لمريم وهي تعدد وتسرد ما فعلته بيدها:
-انت من قدمت عاصي .. هنا في تلك الغرفة , تخبريني برغبتك أن اتزوج زوجك..
تصفق بيدها وهي تقول:
-احييك عزيزتي على تلك التضحية المقيتة والتي لا أراها إلا بعض من الغباء ..
تدافع الأخرى عن نفسها وهي تصرخ بها:
-انا احبه, احبه..
تهزأ بنظراتها .. تهز كتفيها .. تمسك بحقيبتها , تسوي خصلاتها في حركة ملفته وانيقة .. تلقي لها نظرة جانبيه:
-اه, الحب مؤلم, لذا أنا اقدر تضحيتك تلك , وسيكن من دواعي سروري أن لا أضيعها هباءاً..
يطرق ناصر الباب ويدخل بملامح جامدة.. يتجاهل النظر لعاصي ويخاطب مريم:
-هيا انت وعاصي , سنذهب حيث تختارون فساتين الحفلة..
تشهق وتكتم شهقتها , تبكي وتمنع عبرتها, تنزف وتبتسم وتدعي انها بخير.. تهمس:
-ولما اذهب معكم..
يشرع في الرد وتقاطعه مريم..:
-انا من طلب ذلك , سنذهب ونشتري لك فستان تحضري به حفل خطبتنا..
ثم تتابع ببراة ووداعة:
0-كما تعلمين أنا ذات قلب مرهف.. حساس , وانت ستضحى بمثابة شقيقة لي..
تنهى كلمتها بغمزة خفية من ناصر الذي يتابع ما يحدث بلا اهتمام ظاهري, وداخله يتألم رغم الصوت الذي يخبره أنها من اختارت , فلتنعم باختيارها..
بعد اقل من ساعة كان قد وصل لوجهته بأشهر المحلات الخاصة بالأزياء , يخرج*فتتقدمه مريم ..
ومن خلفه هو عاصي بملامح منتهية!
تدخل للمحل فيأتي صوت من خلفهم:
-ناصر..
يلتفت ناصر لصاحب الصوت, يبتسم له بلا روح رغم الاشتياق وسعادة اللحظة من صديق له:
-عا**, كيف حالك متى عدت من لندن..؟!
يبتسم له وهو يتابع بنظره من معه , انثى حادة والأخرى على عتبات السقوط.. وتلك زوجته أما الحادة لا يعرفها!
-عدت منذ شهر تقريبا.. ولكن العمل كما تعلم..
يهز رأٍسه ايجابا وتفهما لموقف صديقه , ثم يستمع له وهو يرحب بعاصي:
-كيف حالك عاصي..
تبتسم له وتكتفي بهزة رأٍس, فيتابع بنظره مريم وهي تنظر حولها بملل.. تلفت هي نظره..
يسأل صديقه:
-من هذه إحدى اقاربك..
تنتبه مريم للسؤال, ترى توتر ناصر, تلعثمه من الموقف.. ولكنها تجاوب في لحظة تمرد.. وعينيها يشع منها قوة..------------
تمد يده تعطيه سلام , تتابعه بنبرة باردة :
-انا خطيبته!
يقطب عا** مما قالته وينظر بحيرة لعاصي.. :
-هل انفصلت انت وعاصي..
تهز مريم رأسه وتدير هي الدفة :
-لا , انا الزوجة الثانية..
لمحة نفور مرت على ملامحه ولكنه شعر أن تلك القابعة أمامه انثى ربما من هذا النوع القادم من ادغال العبث والإغواء..
ينأى ببصره عنها ثم يشيع عاصي بشفقة ولين, ويمنح صديقه عتاب..
أما هي فتمنحهم جميعاً ضحكة ساخرة مكتومة.. هاتفة بملل:
-هي ناقصة الاخ ده كمان..
تبتعد تركز في الفساتين, تُنهي الامر وهي تختار لنفسها ولعاصي أيضا .... تسيطر على الأمر تحت انظارهم فتمنحهم ابتسامتها الباردة!
بينما الاخير يرحل عنهم وهو يتحاشى النظر لها , يتحاشى رغم الجاذبية التي تشع منها , يتساءل هل ذلك ما جذب صديقه؟!
ضجيج من التساؤلات تثار بعقله .. و يعزم على معرفة الامر كامل فيما بعد!
********