..!
********************************
رنين هاتفها يقطع كل ذلك وهي تمسك هاتف بانزعاج وفمها مزموم بتأفف, الرقم من فرنسا!
ولكنه لم يكن ناصر.. رقمه هي تعرفه جيدا لا يمكنها ان تنساه وكيف تنساه؟
تتن*د باختناق ,تضغط على زر الاجابة واذنها تلتقط تلك النبرة الخبيثة كصاحبها الذي لا تستسيغه الى الان.. هذا العا** الذي ظهر بحياتها متلاعبا و كأنها تحيا مزحة سخيفة..
-اهلا بالعروس الهاربة..
كانت نبرته , لقد حفظتها كيف يمكنها ان تنسى لهجته المستفزة لكل خلاياها ؟ هذا الرجل يثير حفيظتها وللغاية..
تعرفت على صوته منذ أول كلمة نطقها , تكبح تذمرها وتكبح رغبتها في اغلاق الهاتف وتهشميه , كبحت رغبتها في السفر الان اليه ويدها تلوح بالاعلى قم ترتطم ببشرة وجهه في صفعة داميه و لكنها نأت بكل ذلك فتجيبه بنبرة باردة وبداخلها اشتعال من الغضب:
-اهلا بمركز التطفل السطحي وقوة الازعاج المؤذية.., ماذا تريد سيد عا** ؟
فتح فمه بصدمة على الطرف الاخر وعينيه تدور بتعجب, ول**ن حاله يهتف تلك الأنثى نارية..
بل هي النار ذاتها!, تلك الانثى لا يجب ولا يجوز اللعب معها ابدا.. مريم شرقية ..نارية ..ومختلفة
نار مشتعلة بأطواق ورد رقيقه لا يحرقها اللهيب بل هي تقف وتقاوم وتزدهر! ولا مفر من الوقوع اثير بالأعجاب لتلك القوة والشموخ والكبرياء..
ينتشي بما قذفته به وهو يردف بأعين لامعة ببريق لا يعرف سببه ولا نهايته ونبرة خبيثة.. ماكرة.. نبرة أثارت غضبها .. غيظها.. وحنقها, هذا الرحل حقا يعف كيف يخرجها من طو التعقل الذي تحيا به بلا رحمة فالطريقة لاخراجها من طورها معه وفقط ما يجب عليه ان يضغط زر ما فتقع فريسة الامر :
-الحديث من بين شفتيك يطرب أذني .. ولو كان سباً..
يتنفس باثارة مكملا بينما يده تتلاعب بقلم ما بين يده:
-صوتك في هذا التحفز يجعلني انوى الذهاب لك الان فأستمتع بالنظر لك بينما انت مشتعلة ودامية , اراهن ان نظراتك حينها لو تقتل لقتلتني يا شرقية..
ي**ت وهو يضيف بعد لحظات قليلة يستمع فيها لأنفاسها الهادرة غضبا وهو يهمس بل يصرخ منها.. اه من تلك المريم , كيف استطاعت ان تشغله بتلك الطريقة..
تلك الأنثى تخرجه عن حدود تعقله.. والصدمة تتخلله والسؤال هنا ما به؟ لما يعشق استفزازها وتوصيلها لحدود العصبية والغضب..
يكمل مرة أخرى بنبرة متمهلة للغاية وبريق عينيه مغلف بالمكر ورغبته في اثارة حفيظتها مشتعلة به بلا رحمة :
-يا عروس!
قالها بتقطع بلهجته الغربية وهو على الطرف الاخر يتمنى ان يفهم العربية فقط لاجلها الي اين تصل به تلك النارية ؟
تصك اسنانها , يدها تنقبض بعنف والغشب داخلها يتفاقم لا يرحم , العصبية هنا في ذروتها وقناع البرود بسببه يذوب وينتهى ويرحل, تصرخ به امام نظرات عاصي التي كبحت الضحكة بصعوبة بالغة :
-ماذا تريد ؟لما تتصل.؟, ايها ال..
لم تكمل حديثها وهو يبتر صراخها ويقاطعه ببرود تام. برود لم تراه من قبل:
-لا تصرخي يا لك من مزعجة.. ثرثارة! لما لا تكفي عن الحديث يا مريم ؟
تشير لجسدها بحنون ولهيب عينيها يحرقها ولو انه هنا امامها لن ترحمه ابدا, وكلها يشتعل وكأنها كانت تحتاج لهذا الانسان الغريب .. المستفز:
-انا ثرثارة.. انا اتحدث كثيرا
اجابته كانت سريعة وهو يضيف بلا مبالاة رافعا حاجبه ويحمد الله انها ليست تراه فانه لا يضمنها ابدا:
-اجل واستمعي الي اذا اردت الرحيل فمرحبا, لكن اعدي لنا عاصي , عاصي رقيقة ولا يمكن ان تفكر بالهرب من حبها وتوأم روحها , الغالية عاصي لا يمكنها التفكير في الابتعاد عن توأم روحها يا شرقية.. اما انت..
يزم شفتيه وكأنها تراه , يتمهل في الاكمال , تخرج الكلمات ببطيء خبيث أثار بها امتعاض يزداد ويفور, يعرف هو جيدا كيف يخترقها ويقتل بها البرود ويذيب الجليد يا له من ماكر:
-انت لا تعرفي الرقة انت فقط انثى برية مشتعلة, انت ساحرة
قال كلماته الاخيرة بتمهل وكأنها بالفعل سحرته وخ*فت منه شيء ما هو الي الان لا يعرفه, كاد ان يغرق بها ولكنه **ت مراجعا نفسه مكملا قاصدا استفزازها:
-اصدقيني القول يا شرقية هل شجعتيها على الهرب من أجل ان تتحول؟ !
تكاد ترد عليه ول**ن حالها يردد بذهول لا حصر له , نكبح الصراخ به عبر الهاتف بصعوبة:
-تتحول.. وانا لا اعرف الرقة! ما الذي تقوله انت؟
ولكنها لم تحصل على الاجابة بينما تستمع لناصر الذي اختطف منه الهاتف صارخا بعنف تشعر أنه يكاد يطير اليهم وكانه يريد ان يخنقها علة اختفاء زوجته مثلا:
-اين عاصي مريم؟, لن اسامحك على فعلتك ابدا ..لما اخذتي عاصي معك؟ ان كنت تنوين الرحيل فارحلي وحدك عزيزتي
تضحك وتضحك..
تضغط على زر مكبر الصوت , فتستمع الأخرى لصوته بأعين دامعة .. متأثرة أثارت حنق الأخرى! وغضبها في ان واحد, تلوى فمها باختناق هاتفة له بقوة وتشفي:
-عاصي هنا ستحصل على حياة جديدة , ستعمل وترى الحياة بأعين جديدة .. ستتغير عزيزي ناصر وتكن صورة اخرى واقوى لن تعود تلك الهائمة في مضمارك بلا رحمة.
ترتكز عينيها على تلك الدامعة في صورة هي تعرفها جيدا, صورة تألفها, قالب احاطها لسنوات وسنوات.., سنوات تسرق منها ثبات تحصل عليه بعد حرب ضروس مع النفس المهتاجة بصخب خيبات توالت بسقوط مدوي اعلاها فاسقطها بلا شفقة:
-ستتغير ناصر وبعدها تقرر تعود ام لا, ستكن اخرى وحينها لها القرار في العودة او البقاء
همستها بشرود ونظراتها مشتتة باختناق يجرفها لبعيد .. تنفضه سريعا وتشا** بمكر خرج في حروف كلماتها قصدا:
-وبالطبع انت تعلم كيف ان عاصي مبهرة الجمال, ستدير الرؤوس يا اخي! ستشعل الجميع بهئيئتها وسيطلب الجميع حينها نصيب لوصالها .
انهت الحديث سريعا وبعدها اغلقت بأعين مبتهجة خاصة وهي تشعر بجنونه المتقافز خارج حدود العقلنة التي ثبتت داخله طوال الفترة التي عرفته فيها!, الان هي فقط اشعلت الفتيل وما بقى ان تكون تلك الحمقاء الاخرى تواثب معها على تلك الخطة فقط..
تواجه نظرة عاصي اللائمة, الغاضبة, المتألمة, تلك النظرات التي اغرقت العين في سقوط وجع مدمج بالحزن ولا سبيل للخلاص!
وكأن الحب طاغية بأسوار اغراء عندما نواجهه ونتمرد عليه نرتد عند تلك الاسوار خائبين !
فتثبت حقيقة واحدة الحب لا خلاص منه الا بندوب! اه من الحب لا يرحم ولا يتركنا ابدا في هناء طالما ظهر هو في ثنايا القلب.
اما على الطرف الأخر كان ناصر ينظر للهاتف الصامت بين يده بصدمة..
الظنون والصور وبعض الخيالات القاتمة تنسج داخله فتشعل نيران بركان خامد ثارت حممه وتمردت فأحرقته.
ناصر مبهرة الجمال , الكلمة تتكرر داخله وتزيد من ضجيجه , قلبه ينبض بصراخ هادر وعقله لا يرحمه من التفكير!
يضحك صديقه وهو يصفق بيده بينما يردف بابتهاج ومتعة يتعجب هو من نفسه لذلك ويثور الاخر حنقا من ضحكه..
-مهما كان , تلك الانثى مبهرة..
يبتر الحديث ويده ترتفع تصفق مرة أخرى ويده تربت على ظهر صديقه بمواساة وضحكته يكتمها بشق الانفس :
-انت شامت بي..
همسها بتعجب فيجيبه عا** سريعاً وهو يضحك تلك المرة دون مواره:
-لا, ولكن هي فقط اعجبتني .. انثى مختلفة ..
يبتسم بزاوية فمه ويده ترتفع .. تتخلل خصلات شعره ول**نه يردف بتأثر:
-حقا مختلفة!
ومرحباً بالاختلاف, مرحبا بها وبجموحها, مرحبا يتلك الغريبة النارية!
مريم لا يعرف لما يشعر انها متوهجة تشبه ذلك المدعو برومثيوس في اساطير الاغريق الذي سرق النار من موكب الشمس..
سرقها واعطاها للإنسان فوهبه النور والدفء ..
*وايضا هي انثى نارية سرقت وهج الأمل من داخلها واعطته لمن حولها