الفصل التاسع

1628 Words
نحن مجهولون بالنسبة لأنفسنا , نتوه ونغرق وننسى البداية وننسى مع الوقت أن نبحث عن أنفسنا! ولكن لا تنسى إذا وجدت نفسك تجد قلبك.. تجلس بجانب نافذة غرفتها تتأمل شروق الشمس بأعين تحمل دفئاً وإيمانا .. تستمع لبعض الابتهالات المنطلقة من هاتفها الموضوع أعلى المنضدة بالقرب منها .. تتن*د .. تغمض عينيها تتلاعب بأناملها في وتيرة الاستغفار كما علمتها سارة . تنظر للحديقة المنزل وتستقم بعدها رغبة منها بالنزول لأسفل والخروج للحديقة.. بعد ساعة تقريباً كانت كما هي تجلس على إحدى المقاعد تنظر لكل شيء حولها بتعمق وكأنها تبصر العالم لأول مرة. ذكرياتها البائسة بعيدة اليوم عنها .. ونفسها اليوم تغرد بحالمية .. فلتمنح قلوبنا بعض السعادة.. تغمض عينيها مرة أخرى تتخيل حالها مع صغارها تلعب معهم .. تبتسم لهم.. تحملهم .. تعانقهم.. لم تكن منتبهة لذلك الماثل بالقرب منها منذ أن دخل من بوابة المنزل ... كان يقترب منها بخطوات بطيئة يتأملها.. يتعرف عليها أكثر.. لا ينذر بقدومه ولا يهمس بكلمة! و لكن فجأة فتحت عينيها حينما استشعرت رائحة أحدهم بالقرب منها.. تشنج جسدها عندما وجدت أمامها رجل بقامته الطويلة ينظر لها بتمعن وكأنه يحاول ملاحظة شيء ما بها.. كانت تود أن تصرخ ولكنها لم تجد صوتها من المفاجأة .. منذ عام وأكثر لم تتعامل مع رجال سوى عثمان.. وهذا الرجل الذي يتأملها بتمعن دون خجل .. هتفت به وهي تستقم من مكانها , تبتعد عنه بخوف: -من أنت؟!ماذا تريد! ضيق عينيه وهو يهز رأسه تسمعه يتمتم بالمصرية: -جميلة اوي, عيونك خضرا.. قال كلمته الأخيرة بانبهار يقترب منها وبداخله يعتقد أنها لا تفهم حديثه أبداً .. يقترب أكثر وهي من الصدمة مكانها لا تتحرك ثابته.. تنظر له وهو يبتسم .. يمد يده قائلا بإنجليزية ممتازة: -اعرفك بنفسي, يوسف المصري ! تنظر له بعين الجنون خاصة مع ابتسامته تلك .. وكأنه ولد بها! زهوه بنفسه وهو يمد يده! تبتعد عنه أكثر فيطلق ضحكة خافته وهو يقول بتوضيح أكثر: -والدتي عمة والدك تهز رأسها بريبه تصرخ فجأة بصوت عالي أزعجه فسارع بوضع يده أعلى أذنه يرمقها بامتعاض وهو يهمس بجدية: -انا دلوقت اتاكدت انها قريبتي نفس صريخ امي! انا هي كانت تصيح بصوت صاخب وهي تركض كما هي دون توقف: -سااارة.. عثمان.. تكرر النداء وهي تتهرب منه إلى داخل المنزل تنظر خلفها تجده يتبعها فيزداد القلق , ترتطم فجأة بسارة التي حاولت تهدئتها وهي تمسك بها: -ماذا هناك خديجة ؟ لما تركضين بتلك الطريقة! نظرت للخلف حيث كان يوسف يدخل للمنزل , فتشير بيدها له .. بنظرات مرتعبة تهديها سارة ابتسامة حنونة .. تهمس وهي تقربها من يوسف.. تشير بيدها له: -ااه لم تتعرفي على يوسف لقد جاء ليلاً وانت نائمة.. مازالت خديجة باسمها الجديد تنظر له برهبة فيكمل عثمان وهو يأتي من خلفهم يقترب من يوسف يحيط كتفه بذراعه ..يهتف بهنبرة هادئة تجبرها على دائما على الهدوء: -يوسف من العائلة خديجة.. والدته عمة ابائنا.. نزع يوسف نفسه من جانب عثمان وانحنى بطريقة مسرحية يقترب منها يمد يده مرة اخرى: -اهلاً بك سيدتي .. اخبرتك من البداية اني قريب لك! لم تمد يدها له بل انكمشت بأحضان سارة أكثر تستمع له وهو يضع يده بجيبه: -يادي ال**فة الي انا فيها .. يتوقف عن الحديث ثم يعاود التغزل بها اعتقاداً انها لا تفهمه: -بس حلوة اوي.. سبحان الله كان يهز رأسه عندما وجدها تتحدث بلهجة أصابته بالصدمة: -عيب كده من وقت ما شوف*ني وانت بتقول حلوة حلوة عيب.. توقف بعد ما قالته عن هز رأسه وعن الحركة وفقط أعين متسعة تتأملها بحاجب مرفوع .. يحك رأسه , يدارى حرجه وهو يقول بمرح لا يتخلى عنه: -حلوة وبتتكلم مصري انت تجنني ياخديجة! عثمان وسارة كانوا يراقبون الموقف دون فهم ولكن من احمرار وجه ريتا عرف عثمان أن يوسف يمارس عادته في الغزل الصريح تجاه ريتا.. فيمسكه يجره بجانبه يربت على ظهره بحدة قائلاً بنبرة رجولية قوية تشع غيرة من رجل على أهل بيته: -انرت المنزل يوسف.. اتمنى ان تمكث بأدب عزيزي! يسعل الاخر من قوة الربت, يبتعد عنه هادراً : -لا بقى دانا بقيت ملطشة! ******************************* بعد قليل كانوا قد أنهوا الافطار فيجلى عثمان صوته قائلاً: -خديجة هل يمكننا ان نتحدث قليلاً .. اومأت له ثم تبعته حيث مكتبه بينما يشير لها أن تجلس .. يهتف بهدوء: -خديجة طلبت مني منذ فترة السفر إلى مصر أليس كذلك .. أومأت لها هامسة وهي تتلاعب بأناملها: -أجل, أريد الرجوع لبناتي.. ابتسم لها ثم أكمل وهو يخرج من درج مكتبه ألبوم مخصص للصور يمده لها : -هذا المجلد يحمل العديد من الصور العائلية الخاصة بمصر وتركيا معاً, صنعته أنا وسارة من اجلك بل وكتبنا أسفله اسماء الاشخاص.. كانت حائرة مما يقوله ولكنه أكمل سريعاً: -يوسف قريب لنا خديجة , هو هنا في رحلة عمل ستدم لشهر , بعدها ستسافرين معه الى مصر. ستمكثين هناك ببيت العائلة الكبير! رددت بدهشة بعد **ت دام للحظات تحاول استيعاب ما يقول .. تنظر له تارة وللمجلد بين يدها تارة اخرى تهمس بتشتت: -عائلة.. يبتسم يبتر حيرتها يهديها اجابة اشاعت بها الفرحة: -اجل ريتا عائلة .. نحن معك لن نتركك ابدا! نقر بيده مكملاً بلهجة حزينة: -سنشتاق لك, انا لا أتخيل المكان دونك .. وتذكري انا دوماً هنا معك انا وسارة.. انت ابنتنا.. انهى حديثه وهو ينظر لها بتأثر وكأنه يفارق بالفعل ابنته.. ذلك التأثر الذي وصلها بحنان غريب لم تلمسه ابداً طوال حياتها.. ذلك الإحساس وتلك المشاعر التي لطالما تخيلتها وحلمت بها.. شعور العائلة الذي لم يتركها يوما كأمنية جزتها والدتها بكل بشاعتها وقسوتها .. استقامت من مكانها .. تصعد إلى غرفتها وبين يدها المجلد الحافظ للصور ومن داخلها تعرف جيداً سبب صنعه.. انه من أجلها من اجل خديجة الجديدة الباحثة عن عالم جديد وسماء جديدة.. **************************** ان كانت خسرت الأمس فهي اليوم تنوى الفوز.. تنوى العيش بحياة جديدة.. تبحث عن غفران جديد.. أحكمت حجابها جيداً وخرجت من غرفتها حيث غرفة عبدالله, صغير شقيقها كريم.. دخلت إلى غرفته.. تتأمله وهو نائم وبداخله شعور بالخواء لفقدانها طفل ارادته وبشدة. ارادته ولو خسرت موسى في المقابل.. ارادته ولو خسرت العالم أجمع! حملت مقعد وقربته من مهد الصغير تنظر له بابتسامة تلازمها عبرة لم تفلح بمنعها أبداً, مدت أناملها تلمس يده .. تتلاعب بها .. تتواصل معه بطريقتها الخاصة.. أجفلت فجأة على أثير وهو تربت على كتفها .. تنادريها بهمس خافت من اجل أن لا يستيقظ عبد الله: -نورا.. يلا عشان نفطر ياحبيتي.. التفتت لها نورا ترغب بالاعتراض.. تخبرها انها لا تريد ان تجتمع بأحد بل هي لا تريد أحد وتكتفي بها وبالصغير ولكن اثير امسكت بيدها تخرجها من الغرفة قائلة بنبرة حازمة: ايه يانورا من وقت ما جيتي وبتاكلي في اوضتك مش معقول كده .. هتفت هي بوجع : -مش عاوزة اشوف حد مش عاوزة اقعد مع ماما , بتعب منها , بتخليني احس اني مليش لازمة.. مليش قيمة.. توقفت عن الحديث وعبراتها ترافقها فجأة تكمل بوجع أكبر: -بتخليني عاوزة اموت يا اثير.. وجعها ض*ب أثير بصدمة حقيقة .. تود أن تذهب لجلنار تلعنها علانية .. بداخلها بركان من تلك المرأة التي هدمت بيتها وتجلس كل ليلة على حطامها ترتشف قهوتها بكل برود .. بلا مبالاة حقيقة.. جذبت نورا لعناقها تربت على ظهرها ترافق الفعل قول : -مامتك برده يانورا معلش, وبعدين مش مبرر ياقلبي .. تفضلي حابسة نفسك هنا وبعدين كريم قال النهارده هتروحي معاه الشركة تستلمي شغلك الجديد.. الاعتراض على كل ما تقوله أثير كان يشع من نظرات نورا ولكنها لم تملك المحاولة.. لم تختار الاختباء ولكنها قررت المواجهة ..! ستخرج من جديد.. همس خرج منها على استحياء وتوتر بالغ يقتنصها داخله: -اثير هو لو انا روحت واعتذرت لفريدة هتسامحني .. التردد ظهر على أثير بينما هي تمسك بيدها تهتف بنبرة مطمئنة : -فريدة هتسامحك يانورا بس استني شوية مش دلوقت.. ارادت أُثير ان تخبرها بمدى برود حياة شقيقتها بطريقة سيئة.. تريد أن تخبرها أن فريدة تبدلت أخرى.. ارادت ان تضع أمام عينيها الدمار التي تحيا به.. ولكنها التزمت ال**ت .. نورا لن تجد القدرة على ان تتحمل كل ذلك أبداً.. بعد ربع ساعة تقريباً كان انهى كريم طعامه هاتفا لنورا بحزم مرح: -يلا ياهانم عشان تستلمي شغلك, ولا عشان اختي هتنامي في البيت.. ص*رت من نورا ضحكة شاركتها بها أثير بينما تركتهم جلنار متأففة تنوي المغادرة من المكان.. ولكن هنا كان وصل صوت أخر بالمكان.. جعل الجميع يلتفت له مجبراً.. صوت أنثوي ناعم.. يتخلله قوة نابعة من صاحبته.. انثى مبهرة بطريقتها الخاصة .. بجمالها ونظراتها المشبعة بالتحدي.. تقترب منهم هاتفة وهي تضع يدها بجيب سروالها .. تلوح باليد الأخرى..: -صباح الخير... الابتسامة المشرقة كانت من نصيب جلنار بعد عبوس صباحي غريب.. والصدمة من نصيب كريم ونورا عندما هتفوا في وقت واحد: -جود! بينما الخوف الممتزجة بغيرة كان من نصيب أُثير خاصة مع نظرات حماتها التي لا توشي بالخير .. خاصة عندما هتفت: -جود قلب عمتو.. وحشتني اوي.. اقتربت منها جود تمنحها قبلة على خدها تهتف مثلها بسعادة : -وانا كمان بجد يا عمتو I miss you القت كلمتها ثم التفتت لكريم تخصه بالحديث هاتفة بنعومة خالصة.. نبرة يتخللها دلال : -كريم.. وحشتني اووي... اجلى كريم صوته هاتفاً بخفوت : -حمد الله على السلامة ياجود.. هزت الاخرى راسها .. تتلاعب بخصلاتها ترنوا بنظرها لنورا : -ايه يا نورا مش هتسلمي عليا.. هزت نورا رأسها قائلة وهي تقترب منها: -طبعا ازيك ياجود حمد الله على السلامة.. اثير كانت تشعر ببعض الخلل .. تشعر بشيء غريب ولكنها اقتربت من جود تثبت قوتها تهتف بترحاب: -نورت المكان ... تبتر الحديث تمد يدها تكمل بتعريف: -اثير مرات كريم.. بادلتها جود السلام ترمقها من أعلى لأسفل بتقييم أثار الضيق بأثير.. تهتف بترفع : -جود بنت خالهم.. ترجع خصلاتها للخلف .. تبتسم بإشراق اكبر, تتأمل كريم الواقف أمامه بقلق, تتحدث وهي تنظر لأناملها ببرود: -وكمان كنت خطيبته وحبه الاول.. ارتدت أثير للخلف من المفاجأة الذي جعلت كريم يردف سريعاً متهرباً من المكان: -طيب يلا يا نورا عشان منتأخرش على الشغل.. ونورا المتشبثة بالبيت كانت أسرع لتلبية رغبته وهي تحمل حقيبتها تركض بخطواتها تصيح وكأنها تشتاق للخروج منذ أعوام : -يلا يلا انت مستنى ايه يا كريم, يلا عاوزة اشتغل.. رحلت نورا مع كريم تحت أنظار اثير المتسعة من الصدمة وخلفها جود الضاحكة بصخب مستمتع تهتف وهي تتناول من أعلى المائدة زيتونة : -الايام الجاية شكلها لطيفة اوي.. تبتر ما تقول ثم توجه حديثها لأثير : -شكلنا هننبسط سوا يا أثير.. وهنا كانت بداية جديدة لا يعرفها أحد نهايتها ماذا تكون.. هنا بداية لأنثى تعلن الصراع والحراب ضد أنثى اخرى.. ولكن ترى من هي الأنثى الذي أُعلن عليها الحرب..! وما هي نهاية الايام القادمة! *******************
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD