- الفصل الخامس -
❈-❈-❈
(هدنة)
❈-❈-❈
لم تدري لم فعل هو ذلك وآتى بها إلي تلك الغرفة الغريبة؟ فكرت أن تذهب خلفه ولكن استوقفها منظر الغرفة التي ي**وها الغبار فهي ليست كباقي أرجاء المنزل، من الواضح أن لا أحد يدخلها.. لاحظت الكثير من الصور، هذه لآدم وهو صغير وتلك له ومعه فتاة ويبدو أنه في أوائل العشرينيات من عمره، وله معها صور عديدة في بلاد مختلفة وبدا سعيداً بهم، هناك صورة من الصور يظهر بها رجل وامرأة لتعلم أنها لأمه وأبيه، العديد من الصحف القديمة وكل ما يظهر على الصفحات الأولى إنتحار زوجة رجل الأعمال أحمد رأفت.. حادث شنيع ذهب ضحيته زوجة رجل الأعمال أحمد رأفت.. أخذت شيرين تقرأ لتستنتج أن والدته أنتحرت وهو في الثالثة من عمره، وأن زوجة أبيه قد ماتت أثر حادث سيارة كانت تقودها، حدث هذا وآدم كان يبلغ ثلاثون عاماً وقتها، ولم تجد شيئاً عن أبيه إلا صحيفة واحدة فقط تحمل خبر وفاته بعد نوبة قلبية شديدة قد تعرض لها، لتتذكر كلامه هذا الصباح كوميض يومض بعقلها
انظري جيداً إلي هذه المقبرة فهي أول ع***ة خالفت إرادتي وخذلتني، وانظري لتلك الع***ة فهي ثاني من وضعتها بيدي هنا
أما تلك فهي أكبر ع***ة!! فقد قتلتها بنفسي ووضعتها أيضاً بيدي هنا
"حسناً فمن خذله هي أمه بإنتحارها" تمتمت وهي تفكر ثم حاولت التذكر جيداً التواريخ المكتوبة على المقابر فأحدث تاريخ بينهم هو منذ حوالي ستة سنوات ويوافق هذا تاريخ خبر زوجة والده، إذن فماذا عن الثالثة؟ ماذا عن الفتاة التي معه بالصور، تجولت بالغرفة لتستطيع أن تجد تفسيراً حتى وجدت صور أخرى لها مع شخص آخر، حاولت البحث عن تواريخ ولكن لم تجد أي شيء على الصور.
اتجهت لمكتب عليه الكثير من الأوراق لتجد قرص مدمج وحاسوب متنقل قديم الطراز، حاولت تشغيله ونفخت ما عليه من أتربة لتجده يعمل وما إن وضعت به القرص وجدت العديد من الصور لنفس الفتاة في أوضاع مُخِلة مع الكثير من الأشخاص، صُدمت مما رأت ورفعت شعرها بيديها محاولة استيعاب ما تراه، تجولت بالغرفة لتجد صندوقاً قد ظنته أحد صناديق المجوهرات لتفتحه لتجد به سلسلة فضية تحمل حرفان T & A ، وساعة رول** قديمة، وسلسلة أخرى كُتب عليها Je vous adore ولكنها من الألماس، وأخيراً وجدت جواب قديم يُظهر عليه الحبر كأنه ابتل ثم جف!!
"لقد افتروا علي ظلم.. أرجوك لا تصدقهم.. لا أستطيع أن أصل لك.. سأنتظرك وأنت تعلم أين.. لا تتأخر علي فلم أعُد أحتمل هذا"
غمضت عيناها قليلاً ثم عادت لتفتحهما وقد زفرت كل ما برأتيها من هواء عندما أدركت أن الورقة المكتوب بها قد ابتلت ربما من دموعه لتتعجب بداخلها "هل بكيت يوماً من أجل إمرأة، آدم رأفت!!" تحدثت لنفسها وهي تتذكر ملامح غضبه وهو يخبرها
" كلكم تتشابهون، كل ع***ة منكم تريد أن تفعل ما برأسها فقط "،
كان هذا آخر ما سمعته منه قبل أن تفقد وعيها.. ولكنها لم تدري لماذا يشبهها بهم ولماذا قد يربط شيء شخصي بما حدث له مع تلك النساء بالعمل الذي يجمعهما!
أحترقت رأس شيرين لتفكر ولكن لم تستنتج سوى شيء واحد "حسناً هو معقد من النساء، لا يسمح لأي شيء بالصدفة، يحب التحكم حتى لا يخرج أي أمر عن السيطرة. لكن لِمَ لم أرى هذه الثورة والغضب مع ميار؟ لم فقد السيطرة هكذا معي؟" خللت شيرين شعرها الفحمي بيدها لتسندها على أول عنقها ثم أغلقت الأنوار واتجهت لتبحث عنه.
تجولت في جميع أرجاء المنزل لم تجده وبحثت عنه بالحديقة وأيضاً لم تجده، "الوقت قد تأخر فقد قاربت على الواحدة صباحاً أين عساه أن يكون؟" فكرت ثم تفقدت المسبح لتجد أربع زجاجات فودكا فارغين، ونظرت بداخل المسبح لتجده لا يتحرك، فقط جسده يطفو على المياه، مرتدياً ملابسه بالكامل..
"آدم.." نادته ولكن لم يجب؟ "آدم هل تسمعني؟؟" نادته مجدداً بدهشة ثم لم يتحرك "ا****ة، ماذا تفعل الآن في مثل هذا الطقس؟؟" تمتمت لنفسها ثم قفزت بالمسبح ثم سبحت ناحيته "آدم.." حاولت أن تجذب جسده وما إن لمسته حتى نظر لها وعيناه قد أصبحتا حمراء بشكل مرعب
"ماذا تفعل؟ هل جننت؟ ألا تشعر بالبرودة؟ الماء كالثلج!! ا****ة عليك" صاحت به مرتجفة من برودة الماء "لماذا لم تجيبني عندما ناديتك؟" تركته والغضب يملؤها لتترك المسبح ولكنه تبعها فتوجهت هي في طريقها لداخل المنزل ليتصبب منها الماء فهرول خلفها واضعاً عيها رداء أ**د ثقيل قد علمت أنه له من رائحته ولم يتحدثا فقط توجها للداخل ب**ت تام.
نظر لها آدم يتفحصها وقد حاوطت جسدها بذراعيها محاولة أن تشعر بالدفئ ورآها ترتجف، مد لها يده فنظرت له غاضبة وأشاحت بنظرها ولم يستطع إلا أن يجذبها من مع**ها بقوة لتتبعه رغماً عنها ثم دخل بها غرفة جلوس وأشعل مدفأة مثبتة بالحائط ولم ينير أي أضواء لتتوقف هي عن الإرتجاف بعد ثم خلعت ردائه عنها مغادرة اياه لتذهب.
"لم قفزتي بالمسبح؟" سألها ليوقفها ببرود فتعجبت هي لسؤاله بل ولبروده التام معها
"لا أريد أن ينتهي يومي بتحقيق الشرطة معي بخصوص مقتل الممثل الشهير آدم رأفت" اجابته بسخرية
"لقد شربت الكثير وسيدركون أن هذا تأثير الخمر، لِمَ لم تدعيني؟"
"هيا لد*ك المسبح بالخارج اذهب لقتل نفسك لن أمنعك هذه المرة.. متأسفة سيد آدم" همست له مستفزة اياه وقد نجحت بفعلتها
"أتستفزيني؟!" صرخ متجهاً نحوها بغضب ليقترب منها
"أتمزح أنت معي؟"
"لا توجهي لي الأسئلة" صرخ بها مجدداً وعينه اصبحت معتمة بالكاد تراهما
"لن-أخاف-منك-هذه-المرة"أخبرته في تحدي ونظرت له تتفحصه في جرأة ليدفعها ناحية الحائط ليؤلمها ظهرها قليلاً ولكنها أكملت قبل أن يستطيع هو الكلام "لماذا جعلتني أدخل تلك الغرفة؟" لم يجيبها ثم ولاها ظهره كمن يتوارى ويفر من شيء فتبعته حتى توقفت أمام تلك الرماديتان الهاربتان لتجبره على النظر إليها لتجذبه من ذراعه "جاوبني!!" صاحت به ثم نظرت لتجد وجهه أصبح أحمر بالكامل من إنعكاس المدفأة فقد كان مخيفاً بحق ولكن قد عادت ملامحه للتألم مرة أخرى، "أنظرإلي يا آدم؟ لم تركتني وحدي بالغرفة؟" لمست وجهه بخفة لا تدري كيف فعلتها وكيف واتتها الجرأة ولكن ملامحه المتألمة بعثت الشفقة ب*عورها تجاهه
"لتعلمي مثوى من يخالفني" قال ببرود وقد تحول تماماً لشخص آخر
"لقد أخطأت بحقك" همست نادمة "لقد ظننت أن لد*ك مشاعر ولكنك حجر سيد آدم" قالت لتتركه ولكن صوته أوقفها
"مشاعر؟!" ضحك بهستيرية حتى ظنت أنه يضحك بالفعل ثم توقف "لا أنا أُفضل الحجر"
سكتت شيرين ثم حاولت المغادرة ليتكلم هو مرة أخرى "تعلمي ما قلت جيداً، تذكري كل كلمة، كل حرف لأنك لن تغادري"
"لن تجبرني" صاحت بتحدي
"سأجبرك لو كلّف الأمر" أخبرها لتمتلئ نبرته بالتملك
"أنا لست ملكاً لك.. ولن أكون ملكاً لأحد"
"لو رفعتي صوتك مجدداً أقسم سأريكي غضبي بالفعل"
"أريني ماذا لد*ك" تركته ذاهبة واستمرت بالمشي
"شيرين!!!" صرخ لتهتز أرجاء قصره بأكملها وتصنمت مكانها لم تستطيع أن تتحرك، هذه المرة الأولى الذي ينطق بها اسمها بتلك الطريقة ليجعلها تلعن اليوم التي ولدت به.
التفتت خلفها لتراه بنفس هيبته وبروده "اذهبي لتنامي الآن!" زجرها بشدة
"ا****ة عليك!"
"أتسُبيني أيتها الصغيرة؟" سألها مبتسماً بمكر
"سأفعل ما أريد، كيفما أريد، وقتما أريد"
"كفي عن الجدال!" صرخ بها لتفزع هي صرخ بها لتفزع هي ولكنها استمرت في جرأتها
"لا لن أخاف منك"
"أحقاً؟" سألها لينهال الغضب من رماديتاه
"نعم أيها الحجر"
"إذن لِمَ أرى تلك الدموع البارقة بعينيك الآن؟" ابتسم لها بشر وخبث
"وما شأنك أنت؟"
"اصعدي لغرفتك.. وإذا خطر ببالك أن تتركي هذا العمل سأريك حقاً ما معنى أن أدمر لكِ مستقبلك أنا آدم رأفت.. سأجعلك ع***ة أمام الناس، أنا لست كريم لطفي يا ..."
قاطعته بصفعة قوية ليدوي صوت ارتطام يدها بوجهه ارجاء القصر وعلت ملامحها القسوة ثم تحولت دموعها لشرار يكاد أن يحرقه ولم تكترث لردة فعله نهائياً
"اياك أن تأتي بسيرته على ل**نك!!" نظرت له بكبرياء "والع***ة هي حبيبتك!" همست أمامه بإستفزاز وفي لمح البصر تعالى غضبه بشدة ليصبح وجهه أحمر كالدماء لي**ر ويهشم كل شيء تقع عليه عيناه حتى تحطمت غرفة الجلوس بأكملها في ثوان معدودة وأصبحت كحطام زلزال، ثم جذبها من شعرها بقسوة
"الع***ة تلك هي أشرف نساء العالم" أخبرها صارخاً بحرقة
"حسناً فهي لا تستحق حجر سافل مثلك" تحاملت على ذلك الآلم الذي تشعر به وصرخت به هي الأخرى فهو لتوه قد آلمها بمجرد التحدث عن كريم أمامها
"ا****ة أنتي لا تعلمي شيئاً أ**تي وإلا أقسم سأقتلكي بيدي" صرخ بها مرة ثانية
"اقتلني هيا.. أنا لا أخاف شيئاً، ولا أخاف مسكتك تلك" رمشت بخوف وعلت أنفاسها
نظر لها بغضب يكاد أن يقتلع قلبها بين يداه.. عينيه قد اجتازا أن ترعباها.. فهي تنظر لشيطان آدم.. تنظر لحجر في قاع بركان.. لم يدع شعرها بل ظل ممسكاً به بقوة بل وجذبها أكثر ليتحول لمخلوق آخر لا يوجد إلا بالأساطير "أتصفعيني لأني ذكرت اسمه؟" همس لها ليرسل لها نظرة قد تنهي رجال وتجعلهم ينسون أساميهم "أجبيني!" ظل ناظراً لها ولكن لم تجيبه"أيتها ال**اء تكلمي" صرخ بها وض*ب بقبضته ليترك علامه بالحائط خلفها وتدفقت الدماء من يده..
"لن أتكلم.." همست وقد نزلت دمعة حارقة لتكوي وجنتها اليسار
"سأريك اذن" عقد شعرها بقبضته أكثر ثم حاوط عنقها بيده لتتعالى شهقاتها ونحيبها "تكلمي.. ماذا بينك وبينه؟ أتريدين الموت؟" صرخ ليفزعها
" وما شأنك أنت؟" سألته متآوهه مما يفعله بها وقد آلمها شعرها من قسوة قبضته حوله
"أنا آدم رأفت لم تقوى إمرأة على مواجهتي لتأتي أنتي لتصفعيني بسبب هذا الو*د" صاح بعلو صوته تكاد ان تفقد سمعها وكادت ان تلفظ أنفاسها بسبب قبضته "ا****ة تكلمي الآن!!!" صرخ مجدداً ليض*ب الحائط خلفها وقد فرغ صبره وكرر ض*باته بهيستيرية بعد أن أزاح يده من على عنقها
"لقد خانني.." صرخت بهستيرية أيضاً ليتوقف هو ثم أكملت "كريم خانني.. لمدة اربع سنين خانني.. خانني يا آدم.. لقد حطم قلبي.. شطره نصفين.. خانني بكل دناءة.. سبع سنين علاقة من الكذب الخالص.. سبع سنين يكذب علي.. لقد خانني يا آدم.. لقد أخرج روحي من جسدي، أتدري الآن لما صفعتك عندما ذكرت أسمه أمامي؟" بكت بهيسترية ولم يستطيع إلا أن يحاوطها بذراعيه بقوة.
نظر لها متشبثة بقميصه بقوة كالطفلة الخائفة من أن تُفقد في زحام الآلم بالرغم من نومها، نظر لملامحها الهادئة، شعر بأنفاسها الرقيقة المنتظمة تُلفح رقبته، شعرها الأ**د الفحمي مبعثر حول وجهها البريء، تلتف في رداءه الأ**د .. تذكر تفاصيل اليوم الماضي بكل ما فيه، كيف استطاعت هي أن تفتح جرحهِ القديم، كيف لها أن تخرجه من هدوءه المعتاد وصلابة أعصابه، لا أحد يستطيع فعلها، حتى أنه لا يدري كيف بقيَّ معها إلى الآن جالساً بجانبها حتى بعد أن نامت، كيف له أن يتفوه بما قاله لها ليلة أمس، هل هي شفقة أم ماذا؟
Flashback
"كريم خانني.. لمدة اربع سنين خانني.. خانني يا آدم.. لقد حطم قلبي.. شطره نصفين.. خانني بكل دناءة.. سبع سنين علاقة من الكذب الخالص.. سبع سنين يكذب علي.. لقد خانني يا آدم.. لقد أخرج روحي من جسدي، هو لم يُحبني، كذب علي، أستغلني، وأحببته أنا، أعطيت له كل شيء، حاربت لأجله، أنا لم أسرقه أُقسم لك.." بكت بهستيرية بينما احتضنها هو
"توقفي عن البكاء"همس بهدوء وقد تحول تماماً من الوحش الهائج الذي يُهشم ويُهدم إلي كائن آخر لم يدري ما هو!
"لماذا فعل بي هذا؟ لماذا لم يعترف لي أنه لا يُحبني؟ كنا نستطيع أن نُصبح أصدقاء.. كنت سأُحبه بالرغم من كل شيء وسأبقى بجانبه.. لماذا أفقد كل شخص هكذا؟!" بكت مجدداً لتتعالى شهقاتها وجسدها أصبح يرتجف برعب لتهوى على الأرض متكورة على نفسها وقميصها الأبيض قد ابتل بدماء يديه من أثر لكماته للحائط.
"لم تفعل أنت بي هذا؟ ألا يكفيكَ ما فعله هو بي؟ لماذا هذه الحرب؟ لماذا لا تريدني فقط أن أعمل بسلام؟ أرجوكم أُريد هُدنة.. فقط هُدنة.. سلام.. هذا كل ما حاولت أن أجده.. لقد ماتوا أهلي وتركوني وحدي وتحملت.. أستغلني وتحملت.. لقد عرفت هذا وتجاهلته مفكرة أنه فقط يُحب السيطرة لذا تركته يفعل ما يحلو لهُ بل ودعمته.. حرمني من صديقتي الوحيدة مُدعياً غيرته وحبه لي وتحملت.. خانني فتحملت.. لم أجد غيرك لأعمل معه وتحملت.. عاملتني أنت بوقاحة وقسوة فتحملت.. لماذا لا تستطيعون أن تتركوني أعيش بسلام؟ لماذا لا تُريدون أن تعطوني هُدنة؟! أنا لا أطلب الكثير فقط هُدنة!! ماذا أفعل لكم؟ أأقتُل نفسي لأريــ.."
"إياك وقولها أمامي ثانيةً!!! هل تسمعيني؟" قاطعها صارخاً وسط تعالي بكائها وشهقاتها ليتفقد تلك العسليتان المتألمتان الغائبتان وسط دموعها التي لا تتوقف ثم أقترب منها دون مقدمات ليحملها للغرفة ثم اجلسها على الأريكة ولكنها لم تتوقف عن البكاء الهيستيري.. ..
هاتف فاطمة لتأتي ثم انفجر بشيرين "انظري إلي هنا" صاح آمراً اياها بحدة "ستتوقفي عن البكاء وستتمالكي نفسك وإلا أُقسم سأُحضر هذا الحقير الآن وأقتُله" آمرها محذراً ببرود وقد أختفت رماديتاه ليحل مكانها سواد قاتم لتنظر هي إليه
"لا أرجوك سأتوقف.. لا تقتله.. لا أُريـــ.." صرخت وتعالى بكائها ليتحول لمزيد من الشهقات أعلى وبالكاد تنفست بين كلماتها ليقاطعها بنظرة جافة محذراً اياها حتى تضع يديها على فمها وارتجافة تلقائية سيطرت على جسدها وهي تحاول كتم شهقاتها..
ثوانٍ ونزل جالساً على ركبتيه أمامها ليُخفض يدها من على فمها بهدوء ثم حاوط وجنتيها بيده "ستأخذي هُدنة وسأفعل كل ما تريديه فقط أرجوكِ لا تقولي أنك ستقتُلي نفسك.." همس ناظراً لعسليتاها مجففاً دموعها "اتفقنا؟" همس مجدداً بهدوء لتومأ له بدون كلام ليستكمل هو "ستأخذك فاطمة لتستحمي وتهدأي قليلاً.. هيا!!"
بعدها بقليل دخل غرفتها ليجدها جالسة تنظر بشرود ودموعها تهبط في **ت على وجنتيها ثم رداءه، "توقفي!" آمرها بهدوء لتجفف دموعها وتبتلع ل**بها في صعوبة لتحاول أن تتنفس بين تلك الشهقات من آثار بكائها التي أصبحت شبه تلقائية ولكن لم تنظر إليه "هل تشعرين بتحسن؟"سألها بإقتضاب لتومأ له "حسناً" قالها ببرود ثم همَّ أن يغادر الغرفة ليوقفه صوتها الباكي
"لا لا تذهب" صاحت بوهن لتوقفه "فقط.. ابقى.. لا.. لا تتركني" تلعثمت بصعوبة
End of flashback
"هل فعلتها خوفاً عليها؟ هل فعلتها لأني تذكرت انتحار أُمي وانتحار تُقى؟ هل حقاً لا أُريد أن أفقدها مثل ما فقدتهم؟ هل ترجيت إمرأة راكعاً أمامها؟! ماذا تفعل هذه الفتاة أتُروض الوحش بداخلي لرجل هادئ مستسلم؟ ا****ة عليها لم يستطع أحد فعلها من قبل" فكر متحدثاً لنفسه عاقداً حاجباه بألم وانزعاج ثم نظر إليها لتلين ملامحه لرؤيتها هكذا فأخرج زفرة لتشعر به وتهمهم هي بنومها
"من أين أتيتِ أنتِ لتفعلي بي كل هذا؟" همس بخفوت ثم شرد بها لا يعلم كم مرَّ عليه من الوقت هكذا ليخرجه من شروده مراد الذي قد دنا من الغرفة ينظر له بإستغراب ودهشة، حاول آدم بصعوبة فك قبضتها بدون أن يوقظها ثم رفع الغطاء عليها وتركها موصداً باب الغرفة ليتبعه مراد في فضول.
"ماذا حدث؟" تعجب مراد
"الكثير" اجابه ببرود
"آدم أتوسل إليك أنا أكاد أن أُفقد عقلي بعد رسالتك وما حكته لي فاطمة، تكلم بدون برود وأعطني جملة منطقية"
"منطقية!" ابتسم بسخرية "من أين لي بها؟"
"فقط سأستمع لك، تكلم أرجوك" مسحَ مراد على وجهه بضيق وهو يشعر وكأنما سيفقد عقله حنماً من أفعال آدم وطريقته
"حسناً" همس له بعد دقيقة من ال**ت "هل تحدثت مع حبيبة كما أخبرتك؟"
"نعم نعم.. لا تقلق نفسك بهذا فقط قل لي ماذا حدث؟" اجابه سريعاً
"متى ستأتي؟"
"ساعتين.. تكلم أيها البارد الآن وإلا أقــ.."
"من أين أتيت بها يا مراد؟" سأله مقاطعاً لينظر له مراد بدهشة
"هناك شاباً يُدعى يــ..."
"لقد أخذتها للمقبرة" قاطعه هامساً "لقد أدخلتها الغرفة"
"آدم هل جننت؟ أنت لا تسمح لكائن حي على الأرض أن يدخلها ولا حتى أنا ولا عندما أراد والدك أن يعرف ما بها لمكوثك بها لساعات يومياً وتأتي هي بيومين لتسمح لها بأن..."
"لا أعلم يا مُراد!! لا أعلم ماذا دهاني! لأول مرة أسمح بحدوث هذا، لأول مرة لا أعلم ما بي"
"هل أخبرتها كل شيء؟" سأل متعجبا
"لم نتحدث.. فقط تركتها بالغرفة"
"ماذا حدث أمس؟ ماذا فعلت؟ لما كل شيء بالأعلى يتغير الآن؟ هل.."
"لقد فقدت السيطرة، أفقدتني سيطرتي بيوم وليلة!" همس ببرود شارداً بنظره
"آدم أنت تمزح أليس كذلك؟ أنت لم تفعلها بحياتك! حتى يوم علمك بخبر انتــ..."
"أ**ت!!" صاح به غاضباً تركه ليذهب لبار مكتبه
لم يدري مراد ماذا يقول وفكر قليلاً ثم ذهب خلفه يتبعه وهو يحاول أن يجد تفسيراً لما يفعله ابن عمه كما شعر أن تلك المرة هناك شيئاً ليس بهيناً أبداً يحدث معه، فهو حتى يوم معرفته تلك الإدعاءات عليه لم يفعل كل ذلك، بل ويوم وفاة والده لم يفعل كل ذلك أيضاً
"أُريد واحداً أيضاً" أشار لكأس آدم
"الآن يا مراد؟ ماذا إن علمت ليلي؟" تبسم له متعجباً
"لتذهب ليلي للجحيم الآن فأنا احتاجه"
"هل تُحــ.." كاد أن يسأله مراد بعد أن احتسيا كأسيهما في **ت تام دام لدقائق ولكن لم يُكمل سؤاله!
"أنا لا أقع بحب إمرأة وأنت تعلم هذا جيداً" قاطعه ناهياً
"أجبل جليد أنت أم ماذا؟ ألا ترى ما تفعله؟ فَسر لي إذن ما الذي تفعله؟"
"ذكية" اجابه بعد **ت طويل "هي إمرأة ذكية عرفت كيف أن تواجه قسوة آدم رأفت"
"آدم لا تُصيبني بجلطة، زينة مازالت صغيرة وليلي لن تستطيع إدارة الشركة معك" سكت هنيهة ثم أكمل "لا تقل لي كلام غير مقنع أرجوك"
"قد يكون إشتياق لشيء جديد كي يشغلني.. شفقة تجاهها لأنها مازالت صغيرة وقد خانها ذلك الحقير.. قد أكون في أحتياج حقاً لمدير أعمال ذكي مثلها، لكن لست أنا من أقع للنساء"
"عفواً من خان من وماذا تقول أنت؟" تعجب مراد عاقداً حاجباه
ندم آدم أنه تحدث معه بكل تلك التفاصيل وقرر ألا يفعلها مجدداً، فيبدو أنه لا يعرف حقاً عن ماذا تحدث ليتن*د آدم وحاول أن يغير مجرى الحديث "سيكون كل شيء بخير.. هيا الآن لم أنم منذ الأمس سأصعد لأستلقي" أخبره ببرود ثم تركه مغادراً
"ا****ة عليك أيها البارد العنيد.. لقد احببتها من أول نظرة مثلاً.. لن ينتهي العالم إذا اعترفت!! لا أدري لماذا جعل الله لي ابن عم مثله من بين كل مخلوقاته؟ هل لي أن أستبدله بجرواً صغير؟!!" تمتم هاززاً رأسه بإستنكار ثم ذهب مغادراً لبيته
صعد آدم ليتفقد شيرين فهي مازالت نائمة فتمدد بجانبها متكئاً على جانبه عاقداً ذراعيه ليتفقد ملامحها في شرود تام ولم يشعر بعدها إلا بحركة بالغرفة ففتح رماديتاه الصافية ليرى نفسه محتضنها ليدرك أنه قد غفا بجانبها دون أن يشعر ولاحظ إمرأة طويلة شعرها **تنائي قصير عاقدة حاجبيها لتنظر له بقلق واضح وشعر بيد شيرين متشبثة به مجدداً فنظر لها واضعاً سبابته على شفتيه ثم حاول النهوض بهدوء لتتبعه للخارج
"ماذا بها شيرين ولم أنت بجابها؟ ماذا يحدث هنا؟" سألته حبيبة بقلق وقليل من الحدة
"هل أحضرتي لها ما ترتديه؟" تجاهل أسئلتها ببرود تام
"نعم ولكن ألن..."
"لك أن توقيظها الآن ثم أحضريها لتتناول الطعام" قاطعها بنبرة آمره ثم تركها ولم يسع حبيبة إلا أن تتعجب أكثر ثم توجهت لتوقظ شيرين
"آدم.." همست شيرين ثم فتحت عيناها العسليتان بصعوبة وبطىء
"لا بل حبيبة.. هل تقبلي سيدتي الناعسة أم أحضره لكي يحتضنك مجدداً.. أأشتقت له؟"
"ماذا تقولي أنتي؟ ومتى أتيتي؟ وكيف علمتي أني هنا؟" سألتها شيرين بصوت نعس لتنهض جالسة
"أقول أنني ليس لي فائدة ولا تحتاجيني بعد الآن لذا..."
"ا**تي رجاءاً" قاطعتها بتنهيدة
"ألا أستحق مكالمة منك لأطمئن عليك؟"
"أتدري؟ أنا حتى لا أعلم أين هاتفي"
"شيرين ماذا حدث ولم ترتدي هذا الرداء السخيف وما رائحة النعناع المزعجة تلك التي تتواجد بكل شيء هنا؟ ولم وجهك يبدو عليه الارهاق والتعب هكذا؟"
"إنه لآدم.." تبسمت قليلاً ثم اقتربت منها لتحاوطها بذراعيها وتستلقى بحضنها
"ولم تقوليها هكذا أأناديه لك وأغادر أنا؟"
"لا تكوني سخيفة سأُخبرك كل شيء"
"هيا وإلا سأنهي صداقتي بكِ الآن!!!"
تحدثت شيرين لها بل وأخبرتها كل ما حدث منذ أن دلفت مكتبه حتى الآن بين إندهاش ودموع وأشياء غريبة بل ومشاعر جديدة أيضاً آخذتان وقتاً لا بأس به لتصيح حبيبة بالنهاية
"تختفي أنتِ لتأتي لي بالمصائب"
"صدقيني لقد سأمت هذا أنا فقط أُريد هُدنة من المصائب"
"ماذا ستفعلي الآن؟" تفحصتها حبيبة بإستفسار وهي تنظر لملامحها جيداً التي لطالما ع**ت مشاعرها
"لا أعلم، أظنني سأستكمل العمل معه!"
"عمل!! عمل ماذا يا حُلوة؟ ليتك استطعتي أن تري كيف كان يحتضنك وأنتي نائمة لا بل وعمل على ألا يزعجك" تن*دت بينما تخبرها بنبرة مليئة بالحنان المتصنع
"ماذا؟" تعجبت رافعة نظرها لها لتنهض من على السرير بسرعة
"لا تنظري لي كأنك لم تنامي بحضنه الليلة الماضية!"
"لقد كنت أبكي و.. و.. و تذكرت ما فعله كريم .. و.. وهددني بقتله فــ... فقط أردت أن أتأكد أنه لن يذهب له" تلعثمت متوترة
"شيرين!! أنا حبيبة عزيزتي!! لا تقنعيني بع** ما أرى"
"وماذا تري يا غ*ية؟!"
"ابنة عصام وسمية تقع لذوالعيون الرمادية" ابتسمت لها مُضيقة عيناها
"لا تقولي هذا.. لا يوجد شيئاً من الذي يدور برأسك"
"حسناً" رفعت يدها بإستسلام "ولكن سيحدث يوماً ما" تبسمت لها بخبث "هيا شيرين ألن تحكي كيف هو قوي وجذاب وذراعيــ .."
"سخيفة لم يحدث شيئاً أُقسم لك" صرخت بها لترميها بأحدى الوسائد لتنفجر حبيبة بالضحك
"هيا لتغيري ملابسك ولنتناول شيئاً"
"ليس لدي شيئاً، كل حقائبي بالسيارة في مرأب الشركة منذ الأمس" زفرت بضيق وهي تنظر لها وكأنها بورطة عندما تذكرت أنها لم تعد تملك أية ملابس
"لقد أحضرت لكي ملابس بتلك الحقيبة على الأريكة، من الواضح أن آدم يهتم كثيراً" غمزت لها مازحة
"ما الذي يجعلك تقولي هذا؟" ضيقت ما بين حاجبيها وهي تنظر لها بعسليتان مستفسرتان
"لما تريدين أن تعرفي؟ أمُهتمة؟"
"كفاكي سخافة" زفرت بغضب
"لا لن أقول" ابتسمت متحدياها
"حبيبة لا تكوني ع***ة بحق"
"حسناً.." تن*دت بعمق ثم أكملت "لقد اتصل بي مراد صباحاً لأن أُحضر لكي ما ترتديه وأنك تحتاجي إلي.."
"كيف حصل على رقم هاتفك؟"
"من يوسف أيتها الغ*ية" زفرت بضيق
"ولم قلتي أن آدم مهتم؟"
"أأنتي غ*ية أم ماذا؟ من كان يمكث هنا مراد أم آدم؟"
"آدم" اجابت بتردد
"ومن أخبر مراد؟"
"آدم" اجابتها مدركة أنها غ*ية بالفعل
"وهناك شيئاً آخر" أضافت لتحمسها قليلاً
"ماذا هناك؟ تكلمي"
وقفت حبيبة محاولة وضع يداها كأنها بجيوبها وقد ملئت رئتيها بالهواء ثم قالت "لك أن توقيظها الآن ثم أحضريها لتتناول الطعام" أخبرتها مُقلدة صوت آدم وهيئته لينفجرا بالضحك معاً لتحتضن شيرين "أنا حقاً أُريد أن أراكِ سعيدة ولا تدفعيني للقلق عليكي مرة أخرى" همست بصدق لتتن*د شيرين
"هيا سأنتظرك بالأسفل، لقد أحضرت لكي بعض مستحضرات التجميل أرجوكِ استخدميها" أخبرتها تاركة إياها لتجد آدم بجوار الدرج
"هل هي بخير؟" سألها ببرود
"نعم.. ستأتي بعد قليل" نظرت له لتعقد حاجبيها وتزم شفتاها
"أهناك شيئاً؟" تعجب لنظرتها تلك
"هناك أشياء وليس شيئاً واحداً" قالت لتعقد ذراعاها
"بمعني؟" سألها ببرود مجدداً
"مممم.. يمكنك أن تسأل شيرين" اجابته "أو لك ألا تهتم من الأساس"
"ماذا تقولي أنتِ؟"
"ماذا ترى أنت؟" رفعت حاجباها وحاولت كتم ضحكتها من ملامحه التي انزعجت
"ليس لدي وقت لإضاعته معك.. " نظر لها ببرود لتنظر هي له بإبتسامة استفزته كثيراً لتقاطعهما شيرين
"صباح الخير"
"أتقصدين مساء الخير؟" سألتها حبيبة بينما نظر لها آدم ب**ت
"كم الساعة الآن؟"
"الثالثة والنصف.." اجابتها حبيبة
"أنمت كل هذا؟!" صاحت شيرين بدهشة لتنظر لهما سوياً
"من الواضح أن السرير بالأعلى مريحاً للغاية.." قالت بخبث لترتبك شيرين وتشعر بالخجل بينما توجهت لآدم بالحديث "لا تنسى أن تقول لي من أين اشتريته لأُحضر لها واحداً بمنزلنا فهي بالكاد كانت تنام الأيام الماضية" أخبرته ثم ابتسمت لهما ليحمر وجه شيرين بالكامل ولعنت ذلك اليوم الذي تعرفت فيه على حبيبة بداخلها "هيا.. سأرى ماذا يمكنني أن أتناول فأنا اتضور جوعاً!! من أين المطبخ؟" أشار لها آدم بدون كلام لتذهب هي وتتركهما ليتبادلا النظرات في **ت ولم يشعرا بالوقت.
"هل تشعرين بتحسن؟" سألها بغموض
"نعم" اجابته مبتسمة
"جيد"
"شكراً لك" ابتسمت مجدداً لينظر لها متسائلاً عاقداً حاجباه "لقد أبلغت حبيبة وأنا أعلم جيداً أنك كنت من الممكن أن تُرسل أحد فقط ليُحضر السيارة..." سكتت لبرهة "وأمس .. لقد كنت .."
"عفواً" قاطعها بسرعة وتجاهل كلماتها حتى لا تبدأ بالسؤال عن شيء لا يستطيع هو إجابته "هيا لتتناولي شيئاً" مشى لتتبعه ب**ت لغرفة الطعام وبداخلها تصرخ من التعجب.. منذ ساعات كان رجل والآن هو رجل آخر تماماً لا يمت للأول بأي صلة ولا يشابهه حتى!
"أحقاً شيرين! هل لي أن انتظرك كل هذا؟" صاحت حبيبة لتنظر لها شيرين بحقد وإحراج من آدم محذرة اياها بعسليتاها وجلست أمامها لا تستطيع التحدث ليوجه لهما آدم ظهره ليغادرهما.
"ألن تتناول الطعام معنا؟" سألت حبيبة ليتوقف هو
"لست جائعاً"
"آدم.. هيا لنتناول الطعام معاً" نظرت له شيرين ليجلس بغروره وبروده المعتادان ليتابعها بنظرات صامته، وقد أحضرت فاطمة أدوات مائدة أكثر بعد انضمامه لهما
"سلمت يدك حقاً.. الطعام رائع" صاحت حبيبة مخبرة فاطمة في إعجاب وإطراء على طعامها
"شكراً بنيتي" قالت فاطمة بإبتسامة ثم غادرت لتتركهم
"يوسف قلقاً للغاية أتعلمي لقد هاتفني حتى الآن خمس مرات ليطمئن عليكِ" صاحت حبيبة بعد **ت دام لخمس دقائق لتنظر لآدم سريعاً ثم أكملت ناظرة لشيرين "ستقتليه بأفعالك تلك، أحقاً لم تهاتفيه منذ ثلاثة أيام؟"
"سأكلمه لاحقاً" اجابتها
"ما رأيك أن نخرج ثلاثتنا سوياً الليلة؟"
"لم لا.. أظن أن.."
"أنتِ لد*كي عمل اليوم" قاطعها آدم بغضب وحِدة عاقداً حاجبيه وبالكاد استطاع أن يُنظم أنفاسه الغاضبة مما سمعه
"ولكن اليوم الجمعة ولا توجــ.."
"سنكمل عمل الأمس" قاطعها مجدداً ببرود ليسيطر على غضبه ويبدو هادئاً مرة أخرى
"حسناً شيرين سنؤجلها للغد أنا متفرغة"ألقت نظرة على آدم بطرف عيناها في خبث لتتعالى بسقف هذا التحدي أكثر "إنك تحتاجين هذا سنحظى ببعض المرح وأنتِ تعلميه جيداً لا يكف عن المزاح والضحك فهو الوحيد من يستطيع أن يجعلك تضحكين، هل تتذكرين هذا الشاب الأخرق آخر مرة كنا سوياً؟"
"ممم.. متى؟" حاولت التذكر
"عندما حاول أن يتحدث معكِ عند البار ليسألك عن رقمك وأشرتي إلي لإبعاده فأخبرت يوسف ليأتي قائلاً له شريكة حياتي جميلة جداً للغاية أليس كذلك؟ " سكتت برهة لتضحك " لا أنسى وقتها ما قاله يوسف" حمحمت لتقلد صوتاً رجولي "هذا رقمي حيث أننا نتشارك كل شيء سوياً، شريكة حياتي كما قلت لك" ضحكت شيرين عند تذكرها للموقف "وأعطاه بطاقة عمله بالفعل، أنا لا أصدق كيف له أن يفعل ذلك"
ألقى آدم بشوكة الطعام بهدوء كما ظن ولكن لاحظا مدى انزعاجه ثم نهض فجأة في غضب وغادر لتنظر حبيبة خلفه وبمجرد تأكده أنه قد ابتعد عنهما ولن يستطيع سماعهما صفقت بيديها وابتسمت في سعادة مندهشة قائلة "إنه يغار.. إنه يغار.. هذا البارد يغار"
"ا****ة عليكي لما فعلتي هذا؟" سألتها بغضب
"اطمئن على صديقتي العزيزة يا عزيزتي، ألم تري كيف جلس فقط بمجرد اخبارك له بأن يتناول معنا الطعام؟" ثم غمزت لها بضحكة لعوب لتجد شيرين غاضبة ثم نهضت وغادرتها.
توجهت للبحث عن آدم لتجده بمكتبه جالساً ينفث سجائرة بسرعة كمن يلتهمها بشراهة وبيده كأساً فكادت أن تتحدث ولكن لم يعطها الفرصة
"متى ستذهب حبيبة؟" سألها ببرود
"لا أعلم ولكــ.."
"لدينا عمل كما تعلمين!" قاطعها ليقف موجهاً ظهره لها
"سأودعها ثم آتي"أخبرته على مضض لطريقته الفظة التي لا تُحتمل ثم ذهبت لحبيبة مقطبة جبينها ثم تحدثت لها بنبرة متآفة "أظن أنه غاضب!"
"بالطبع فحبيبك يغير عليك"
"هو ليس حبيبي وأنتي ستكفي عن المزاح" صاحت لها بإنزعاج
"ولم لا؟! الرجل وسيم بحق!"
"وهل تريني ألهث خلف كل وسيم؟"
"لا عزيزتي، ولكنه وسيم وجذاب ويغير ويهتم ولديه ثروة مزعجة بحق و..."
"توقفي أرجوكِ، أنا مازلت أتعافى من كريم ولا أظن أنني سأقدر أن أدخل بأي علاقة الآن" قاطعتها عاقدة حاجبيها في حزن
"هذه ليست علاقة عزيزتي.. هذا آدم رأفت ولا تقارنيه بشيء آخر"
"ماذا؟ أأصبحت مغروره مثله؟"
"لديه الحق على كل حال"
"أكرهك"
"وأنا أيضاً، هيا لعملك يا حُلوة" ودعتها حبيبة لتذهب شيرين لآدم
"لقد غادرت"
"هذا أفضل" رد ببرود
"هذه صديقتي لتتحدث عنها كذلك أمامي" صاحت به غاضبة لينظر لها متهكماً وتفحصها برماديتاه وكالعادة تجاهل ما تحدثت هي به
"هيا لنذهب" أخبرها بصوته الرخيم وتلك الرماديتان لم تفارقا عسليتاها
"إلي أين؟"
"ألا تريدين أشياءك من المكتب؟"
"نعم بالطبع.. لقد نسيت"
ذهبا للشركة بأحدى سياراته في **ت تام فقط شيرين تحاول سرقة بعض النظرات له بينما لاحظها هو بطرف عيناه ليتزايد ذلك الشعور بالإنزعاج بداخله، فهو لا يدري ماذا يحدث له كلما نظرت له تلك الفتاة!!
دخلا الشركة بعد أن وصلا ثم لاحظت أن ليس بها غير الحراس فقط! بالطبع فاليوم عُطلة على كل حال. دلفا للمصعد حتى سيطرت رائحته وعطره على المكان بأكمله وحاولت بصعوبة أن تتجنب النظر إليه وشعرت براحة هائلة بعد أن توقف المصعد ليخرج هو لتتبعه هي وبالكاد استطاعت أن تُهدأ من تلك الخفقات التي تعالت بص*رها.
جلس على مكتبه يتفقد بعض الأوراق ثم تركها ليشعل سيجارة ويتابعها بنظره في **ت وهي تتفقد الجهاز اللوحي وهاتفها"ا****ة عليكِ!! ماذا تفعليه بي؟!" فكر ناظراً لها يملؤه حقداً ممزوجاً بشغف تجاهها، فهو لا يعجبه ما تفعل به وكذلك تأثيرها عليهز لم تلاحظه هي لإنشغالها وقد هبطت احدى خصلات شعرها لترفعها هي برقة متناهية وبدون أن تدري ذلك الذي بدأ يهيم عشقاً بها ولتفاصيلها بأكملها يكاد أن يُجن بما تفعله.
"آدم" نادته بهدوء دون أن تعلم أنه ينظر لها ويتابعها منذ مدةليبتلع وهو يرى تلك الشفتان تنطق اسمه بتلك الطريقة التي أصابته في مقتل فهمهم لها زافراً ما برئتيه وهو يحاول أن يبحث بداخله عن طريقة ليوقف نفسه عن النظر لها ولكنه لم يستطع ثم استمع لها وهي تكمل كلامها "لقد لاقى التكذيب رواجاً كبيراً وأظن أن الناس قد صدقته بالفعل، ولكن هناك الكثير يطلبون مقابلتك ليتكلموا معك عن هذا الموضوع ماذا..."
"أرفُضيها" قاطعها بحزم ولم يرفع رماديتاه من عليها
"حسناً" همست بدون أن ترفع نظرها وظلت تتابع العمل ب**ت فقط أصوات أنفاسه وأنفاسها ودخانه، تركها بعد قليل ثم ذهب لبار مكتبه محاولاً تجنبها فهو لا يستطيع التفكير إلا بها ولم يعد يتحمل جلوسها أمامه هكذا ولكنه لعن بداخله عندما وجدها بعد دقائق تقترب منه وهو من كان يحاول أن يخرجها من رأسه!!
"أُريد رقم سكرتيرك الشخصي"
"لِمَ؟" سألها ببرود
"سأحتاجه"
"لا لن تحتاجيه بعد الآن"
"أُريد أن أسأله على مواعيد الاجــ.."
"لقد طردته"
"لِماذا؟"
"ليس من شأنك" اجابها بصرامة وبرود لتتعجب هي من التغير المفاجئ وعقدت حاجبيها بغضب وتذكرت ما سمعته عندما كان يتحدث لميار فأرادت أن تتحدث ولكن سبقها "ائت لي بكل ما على المكتب وضعيه هناك" آمرها ببرود مشيراً بيده
"لست بخادمتك آدم رأفت!!!" صرخ عقلها بينما لم تستطع إلا أن تفعل ما آمرها به.
" اجلسي" آمرها متوجهاً ناحيتها ليخلع سترته وربطة عنقه ورفع أكمامه ليجلس أمامها "ستعملي مكان هشام" أخبرها بكل برود
"عفواً؟" تعجبت لتنتظر منه رد ولم تحصل إلا على نظرة باردة ثم بدأ يتفقد ما أمامه وكادت أن تجن من لذاعته اللانهائية.
حاولت أن تتحكم في غضبها وغيظها الشديد الذي اندلع بداخلها ثم جلست معه يعملا ولم يشعرا بالوقت، نهضت شيرين مغادرة للحمام بعد مدة وتركته ثم عادت لتجده نائماً بمكانه..
تأملته كثيراً "لماذا وجهه كمن يتألم هكذا؟ أهذا بسبب ما رأيته بالغرفة؟ لما عليه أن يكون صارماً وبارداً طوال الوقت؟ أين ذهب هذا الرجل الذي لملم شتاتي ليلة أمس؟"
فكرت لتحاول إيجاد أي إجابه ثم توقف عقلها عن التفكير لأنها لم تعد تستطيع تفسير أي شيء يفعله هذا الرجل ثم جلست فقط تتأمله واستمعت لأنفاسه المنتظمة ولا تدري لمّا تراقبه هكذا، ولا حتى تدير من أين لها بتلك القوة لتشيح بعسليتاها بعيداً عنه!.
ببعد حوالي ساعة فتح تلك الرماديتان ليجدها تنظر إليه لتشعر هي بالإرتباك والخجل ونظرت بعيداً مسرعة ولا تصدق أن رماديتاه تبدوان رائقتان للغاية هكذا عندما يستيقظ ثم حاولت الكلام
" لم.. أريد.. اوقظ.. كنت.. " تلعثمت وابتلعت ل**بها بصعوبة وكادت أن تقف فجذبها من يدها لتنظر لرماديتاه الصافيتان
" أعلم أنك كنت تنظرين إلي وأنا نائم" أخبرها ليحمر وجهها بالكامل واتسعت عسليتاها ثم تركها ليقف موجهاً لها ظهره ليبتسم دون أن تراه "هيا يكفي هذا اليوم" قالها ببرود ثم اخذ سترته وربطة عنقه وارتداهما ثم خرجا معاً للمرأب فمشت في اتجاه آخر ولم تأخذ إلا ثلاث خطوات ليصيح بها
"أين تذهبين؟" ناداها بصرامة لتتوقف
" إلي منزلي"
" سأوصلك"
"أحتاج ملابسي التي بالسيارة"
"سأوصلها لكي ولكن تعالي معي الآن"
"لماذا؟"
"أريد أن اتحدث معك بخصوص توقيع عقد فيلم جديد" تن*د وهو يتصنع البرود ولكن بداخله ذلك البركان الثائر الذي يندلع به كلما واجهته بالرفض
"حسناً" ركبا السيارة ثم ساد ال**ت لت**ره شيرين "ألن تتحدث معي بخصوص ال*قد؟"
"ليس الآن.. بعد العشاء"
زفرت شيرين بضيق وعقدت ذراعيها بحنق من تحكمه الذي يبدو أنه لن يتخلى عنه إلا عند مماته وبعد دقائق نزلا من السيارة ليدخلا مطعم ايطالي تعرفه جيداً وما كادا أن يدخلا حتى رآت يوسف فاتجهت نحوه بإبتسامة "قلقت عليك حبيبتي" أخبرها مبتسماً ثم شرع في أن يعانقها ليُفرق آدم بينهما ليلكمه بعدها صارخا به..
"أبعد يدك عنها أيها الو*د!"
❈-❈-❈
❈-❈-❈
يُتبع