الفصل السادس
(اختفاء)
"هل جننت؟"
صرخت شيرين وهي تحاول أن تبعد آدم حتى يتوقف عن لكماته، ولم تستطع إلا أن تقف بينهما لتنظر لآدم
"هيا ألكمني أنا الأخرى"
صاحت متحدياه لتجده مثل الوحش يريد أن ينقض على فريسته، غضبه لم يكن مثل الليلة الماضية بل رأته كأنها تراه لأول مرة.. غضبه يبعث القشعريرة لجسد أي مخلوق على وجه الأرض لتدمع عيناها ثم حاولت أن تتفقد يوسف
"هل أنت بخير؟ أنا.. أعتذر لك"
سألته بقلق نادمة
" لا تقلقي علي لقد مررت بالأسوأ"
ضحك وسط الآمه ليمسك فكه يتحسسه في آلم ويجفف بعض الدماء التي سالت من فمه لتنظر له هي بحب وندم لأنها هي السبب ليحدث كل ذلك
"هل تدري أيها الوقح؟ سأقاضيك لما فعلت به"
نظرت لآدم بغضب تلهث ثم عادت ليوسف
"لقد أخبرتك..ألا أعمل معه وأنت اقنعتني أيها الغ*ي، أيروقك الآن هذا الوضع.. هل أنت راضٍ؟"
تريثت قليلاً لتلاقط أنفاسها ثم نظرت لآدم مجدداً
"أنا لن أعمل معك بعد الآن ولا آبه ل*قد أَو غيره! هل تسمعني؟"
صاحت به بغضب لينظر لها وعيناه قد ظهر بها شيء لم تستطع أن تُفسره ليرفع يداه مخللاً شعره الأ**د ثم تركهم مغادراً ولم تكترث هي بما فعله لتخبر يوسف أن تذهب معه للمشفى ولكنه يرفض هذا
"إنها كدمة وليست جلطة لنذهب الليل مازال طويلاً ولم أرك منذ أسبوع "
"أتمزح أنت؟" تعجبت وهي ليست مصدقة ما سمعته منه للتو وكأن لم يحدث له شيئاً
"ماذا هناك؟" تعجب رافعاً حاجباه ليتوجع عندما شعر بآثار لكمات آدم له
"آه.. ا****ة! إنها تؤلم بحق" ثم مسك فكه مجدداً
"أنا حقاً لا أدري ماذا أقول.. أعتذر لك"
"ماذا سيفعل اعتذارك الآن.. لن تنظر لي الجميلات لمدة شهر على الاقل" قال مازحاً
" أهذا هو كل ما يهمك؟ " صرخت سائلة بتهكم ثم نظرت له بغضب
" نعم.. بسببكك حُرمت من وسامتي لذا ستعوضيني بقضاء الوقت معي بدلا منهم" ضحك لتنتهد هي معترضة على مزاحه
"هيا لا تكوني كئيبة واحكي لي لما فعل آدم هذا؟"
"لا أعلم" همست بحيرة
" أظنه يشعر بالغيرة"
أخبرها بإبتسامة
"لِمَ يشعر هكذا ونحن كل ما بيننا هو عمل فقط؟"
"غريب.." تعجب ليستكمل "لما سألني مراد على رقم حبيبة هذا الصباح؟"
سألها بالرغم من معرفته السبب الحقيقي ولكنه تصنع عدم إدراكه لشيء!
"لا تتحدث هكذا وكأنها لم تخبرك"
"حسناً" همهم مجيباً ثم انفجر ضاحكاً
"لقد أخبرتني"
"إذن لم تسأل يا سخيف؟"
"ربما أريد أن أسمع منكِ"
سكت لبرهة
"هيا لتنتناول شيئاً ونجلس قليلاً"
قال مشجعاً اياها لتدخل معه المطعم على مضض.
❈-❈-❈
بعد مرور أكثر من أسبوعين لم يظهر آدم ولم يستطيع أحد أن يجده، حتى مراد قد بحث عنه ولكن بلا فائدة. أستكملت شيرين بعده كل أعماله بالشركة بمساعدة مراد وكذلك استعانت بحبيبة فيما يتعلق بالإجراءات القانونية حتى لا تقع في أي مشكلة وأعطت تص**حات بمرضه الشديد الذي يمنعه من مباشرة أعماله، عقدت صفقات جديدة وتعاملت بحزم وصرامة مع الجميع.. فقد أثبتت أنها تملك ما يؤهلها لتصبح أكثر من مجرد مديرة أعمال. كما أنها أضطرت للظهور حتى تتحدث لوسائل الإعلام مرة أخرى فكذبت ما وجهه كريم لطفي لها بتص**ح واحد فقط
"أنا لم أقم بسرقة أي شيء منه والجميع يعلموا كيف اعمل.. وعموماً لو كان لديه إثبات أو حتى شكوك وظنون يمكنه أن يقاضيني وأنا مستعدة لأياً كان ما سيفعله"
أصبح الأسبوعان المنصرمان في حياتها ممتلئان بالعمل والروتين اليومي لتعود في نهاية اليوم لمنزلها لتشعر بالوحدة والآلام؛ لا تستطيع النوم إلا القليل، فقط تفكر بكل شيء مر عليها بالأيام الماضية، ماذا سيفعل كريم معها الآن؟ أين ذهب آدم؟ ولم فعل ذلك ثم اختفى؟ هذا الرجل الذي لم تعرفه سوى لأيام أصبح أكثر ما يُشغل عقلها وسيطر على تفكيرها فلم تعد تفكر سوى به!
رجل غريب، حاد الطباع، شخصيته التي امتزجت بين الذكاء والوقاحة تعجبت لهما، تصرفاته معها التي تُعتبر عجيبة للغاية تتركها متسائلة مئات الأسئلة التي لا تجد لها إجابة! حتى ولو كان كل ما أخبرها به مراد عن آدم وما تعرض له بحياته صحيحاً فهذا لا يعطيه الحق لأن يتصرف معها هكذا..
Flashback
"مرحباً شيرين كيف حالك؟"
"مرحباً سيد مراد"
" هل تعلمي أين آدم؟"
"لا.. آخر مرة رأيته كانت ليلة أمس"
"غريب فهو لا يُجيب على مكالمات أحد منذ الصباح وقد أصبحت الثامنة مساءاً"
"سيد مراد أظن أننا يجب أن نتقابل"
"حسناً.. سأرسل لكي عنوان أحد الأماكن لنتقابل بعد ساعة"
لم تدري شيرين بم تخبره.. هل لها أن تخبره بكل التفاصيل أم فقط تبلغه أنها لن تستطع استكمال العمل.. ولمّ لم تخبره كل شيء من خلال تلك المكالمة الهاتفية؟! لربما أن مراد كان معها لائقاً بالإحترام منذ الوهلة الأولى فهو يستحق أن تجلس معه لمرة أخيرة حتى لا تترك العمل بطريقة فظة فالرجل كان عوناً لها منذ أن بدأت بعملها مع آدم!
"لقد تركته أمس بمنزله ماذا حدث بعدها؟" تحدث مراد سائلاً وغلف ملامحه التعجب
"لم يحدث شيئاً.. كان طبيعياً. ذهبنا للشركة للعمل ثم غادرنا كي.. كي"
تلعثمت بصعوبة
"أهدأي عزيزتي وأخبريني ماذا حدث.. لا تقلقي تستطعين الوثوق بي" ربت على يديها ليطمئنها
"حسناً سيد مراد لقد قرر فجأة بعد أن أنهينا العمل أن نذهب للعشاء لنتحدث عن عقد فيلم جديد وبعدها.. " سكتت ولم تستطع أن تكمل
"لا تقلقي ولا تتوتري عزيزتي هيا أكملي"
"لقد رأيت يوسف صدفة ثم لكمه آدم فجأة" سكتت مجدداً ليندهش مراد ثم مسح بيديه على وجهه
"هذا الغ*ي! لم فعل هذا؟"صاح حانقاً
" أنا حقاً لا أعلم" أجابته ليزيغ بصرها عن ملاقاة أعين مراد
سكت مراد عن الكلام لا يعلم ماذا يقول.. هل له أن يصارحها بما لدى آدم من مشاعر وأن ما يفعله معها لم يفعله مع امرأة قبلها؟ أم يترك كل شيء فآدم لن يغفر له إذا عرف أنه أبلغ شيرين شيئاً وسيكون حقاً من أصعب الأيام التي ستمر عليه هو اليوم الذي سيضطر فيه لمواجهة آدم. شرد ب**ت لا يدري ماذا سيفعل وأين سيجده حتى أخرجته شيرين من شروده"هناك شيئاً آخر أود قوله"
"تفضلي"
"أنا لن أستكمل العمل لديه"
" أرجوك لا تخبريني بهذا الآن.. هناك اجتماعات هامة غداً وهناك موعد هام لن نستطيع أن نلغيه مساء غد من المفروض أن آدم كان سيعقده ولكن..."
"عفواً سيد مراد ولكن لقد اكتفيت من أفعاله تلك، وأنا لن أقبل أن أتعرض لتلك الإهانات المتكررة يوماً تلو الآخر"
سكتت لبرهة محاولة أن تقلل من حدتها
"أعتذر لك حقاً ولكن..."
لعن متمتماً ثم أكمل
" أظن أنه يشعر بشيء تجاهك شيرين"
قاطعها غاضباً ليزفر بحنق كل ما برئتيه لت**ت هي لا تدري كيف يمكنها إجابته! ساد ال**ت ليدفن وجهه بيده ثم لانت ملامحه قليلاً لينظر بعيداً بشرود وابتلع ريقه وخفت صوته بحزن ليبدأ الكلام
"لا أدري ماذا يعني آدم بالنسبة لي.. هل هو أخي الصغير أم ابني البكر أم ابن عمي ام صديقي العزيز ولكني أعلمه جيداً مثل لن يعلمه أحد آخر.."
ارتسمت شفتاه في ابتسامة لا تُبشر بالسعادة بل كانت ابتسامة آسى خالصة!
"عندما أصبح في الثالثة من عمره كنت قد قاربت على السابعة عشر لآراه يتحطم عند انتحار والدته وهو بالكاد تعلم أن يمشي.."
ابتلع غصته في حُزن ثم تابع بصوته الخافت في حزن
" أتذكره وهو بالتاسعة من عمره ليتزوج والده إمرأة أخرى وأحبته مثل ابنها.. كانت لا تستطيع الإنجاب، آدم بالنسبة لها كان كل شيء بحياتها، حتى عندما أراد أن يبدأ بالتمثيل ووالده عارض ذلك وقفت هي بصفه لتدعمه.."
تن*د بصعوبة ثم تغيرت ملامحه ليتحكم بها الإِبْتِئَاس الشديد
"أتذكر أيضاً عندما كان بالثانية والعشرون ذاهباً للجامعة صدفة لتخليص بعض الإجراءات، لا زلت أتذكر ملامحه حينها، فقد قابل تُقى وأحبها.. يبو أنه كان عشق من أول نظرة كما يقال.. لقد غيرته تماماً.. عشقها بجنون وأستمر هذا الوضع حتى أصبح يتنفس لأجلها.. حتى ذلك اليوم أتذكره جيداً كأنه البارحة.."
تريث لبرهة وهو يحاول السيطرة على تلك الغصة بحلقه ليُكمل
"أرسل له مجهول صور مخلة لها مع أشخاص حتى تحول إلي وحش لم آراه بحياتي وضاعت ثقته بها ولم يحاول أن يراها أو يتحدث معها وحتى لم يسألها عن الذي حدث ولم يحاول أن يتحقق مما رآه وأصبح آدم الذي تعرفيه الآن.."
عقد حاجباه في تأثر بليغ وتابع
"أصبح آدم رأفت البارد القاسي.. لقد اختفى حينها مثل ما فعل الآن ليعود وهو إنسان آخر أو كائن آخر فلا أستطيع أن أطلق عليه إنسان.."
ابتسم بآسى وأردف
"لقد أصبح يشرب بنهم ويلهو مع النساء لشهور وسنين.. تحول لرجل أعمال شرس ليخيف من يُفكر بمواجهته.. عقد صفقات وأسس شركات وأصبح الممثل الشهير بالصباح، وأخذ يسهر ويلهو كالمراهقين بالمساء.." زفر بآلم لحال ابن عمه وأكمل
"أتذكر بيوم قد واجهته زوجة والده بأن هذا لا يعجبها وأنه عليه أن يكف عن هذا ليفاجئها صباحاً بثلاث نساء يخرجون من غرفته وبمنزل أبيه ليجعلها تجن! ويومها قد علم الجميع أن آدم وصل لنقطة لن يستطيع التراجع عنها أبداً"
حك رأسه ثم ابتلع غصته مرة أخرى وتحولت نظرة عيناه لينهال منها الحسرة
"بعدها قد أكتشف صُدفة أنها أرسلت له جواباً منذ خمس سنوات أنا لم آراه حتى الآن ولا أعلم ما به.. ولكن كل ما أعلمه أنه زوجة أبيه قد خبأته عنه، لقد رآت من وجهة نظرها أن آدم قد تعذب بسببها كثيراً وعليه أن ينساها.. وما إن أكتشف هذا أحضر جسمان تُقى بعدما ذهب لأهلها وآخذ جسدها عنوة وبالطبع هذا كان بعد علمه أنها أنتحرت ليدفنها بجانب والدته" ابتسم بتهكم ثم استطرد
"لن يكن آدم أبداً إلا بعد أن ينتقم.. وهذا ما فعله.. أنتقم من زوجة أبيه، أظنه هو من كان وراء الحادث الذي قتلها!!"
**ت مراد ليزفر بآسى و لتُصدم شيرين من ما سمعت وتذكرت كلامه بالمقبرة ولم تقوى على قول شيء
"هو لا يستطيع أن ينسى ويحمل نفسه ذنب انتحارها، خصوصاً أنها فعلت مثل ما فعلت والدته.. آدم كره نساء الأرض أجمع وقرر أن يوقف مشاعره لأي إمرأة على الأرض فبالنسبه له كل النساء لسن محل ثقة.. أتذكر محاولات ميار معه لأن يُحبها ولكن صدها بكل ما يملك من قوى.. أمّ أنتي!!"
أشار لها وملامحه تحولت للحيرة والتعجب
"أتيتي أنتِ لآرى بعينيه خوفه عليكِ، رأيت خوفه وإن**اره عندما أخبرني أنك صعدتي للغرفة التي لا يعرف أي أحد ماذا يوجد بها، أنا نفسي غير مسموح لي أن أدخلها ولا يقدر مخلوق على دخولها"
سكت قليلاً ثم تبسم ليُكمل
"لقد دعاك بالذكية عندما واجهته بأنه ربما يشعر نحوك بشيء ما!! أتُصدقي هذا وهو من كان يرفض أن تعملي معه بالأساس ولكن أنا من **مت على ذلك بالبداية.. أنا بعد إبلاغه أني لن أعمل معه ورأيت رفضه التام قد تأكدت أنك لن تكملي يوماً وحيداً معه وسيتخلص منك سريعًا ثم اندهشت أنه يُريدك بهذا العمل، لقد أتيت أنت بثلاث أيام لتُغيري كل شيء، لم يستطع آدم إكمال يوماً واحداً مع نفس المرأة لآراه بجانبك على السرير خائف من أن يزعجك حتى أنا لم آره هكذا من قبل "
ساد ال**ت قليلاً ليشعر مراد بأنه قد أزاح حملاً ثقيلاً من على ص*ره بإخبارها كل ذلك بينما هي وقعت في حيرة ولكن بالنهاية حسمت أمرها لتتحدث
"سيد مراد أنا.. أنا حقاً مصدومة لما أستمع إليه الآن ولكن حتى لو آدم يشعر بشيء تجاهي لما يُعاملني هكذا!! عفواً ولكن أنا لن أُكمل.."
"هو خائف.." قاطعها وأكمل "خائف من مشاعره تجاهك، خائف من أن تتركيه، من أن تغادري مثلهم، خائف من أن تكوني مثلهم.. آدم لن يعترف بسهولة، أنتي تفقيديه السيطرة وهذا لم يحدث من قبل"
"أنا؟!!" تعجبت سائلة لتعقد حاجبيها بإنكار
"نعم عزيزتي.. فقط لأنه رآك تحتضني يوسف شعر بالغيرة وفقد سيطرته مثل ما فقد سيطرته يوم ذهابكما للمقبرة وعندما أدخلك إلي الغرفة.. فقد سيطرته يوم أن ناقشكي حتى بأن يناقشكي بأي شيء فهذا ليس من طبعه، أنتي مهمه بالنسبه له يا شيرين"
"حسناً ولكن سنفرض أنه يكن شيئاً لي أنا لست مستعدة لأي شيء الآن!! هل تفهمني سيد مراد؟"
"هذا لن أستطيع أن أتحدث معك بشأنه أنتي الوحيدة التي تستطعين أن تقرري ماذا تريدين"
End of flashback
فاقت شيرين من شرودها بعد تفكيرها فيما تذكرته من حديث مراد لها وفجأة أرتبكت لسماعها صوت من يفتح باب بيتها ليتركه مفتوحاً ويبتسم لها لتُصعق هي بما رآت
"ماذا تفعل هنا؟ أخرج خارج منزلي فوراً " صاحت غاضبة لينظر هو لها مبتسماً إبتسامة لن ترتسم إلا على شفتي و*د مثله
"ألم تُصرحي أنك مستعدة لمواجهتي؟ فلتكن المواجهه الآن"
"ما أقصده هي مواجهه قضائية.. إعلامية.. ألم تقل أنني سرقتك؟ " صاحت غاضبة بتوتر
"ليس تماماً"
"بمعنى؟"
"أنا نعم صرحت بهذا أمام الجميع ولكن فقط حتى أعلم أين أنتي"
"ولمَ لم تحاول الوصول إلي؟" سألته مستهزءة
"لقد أتصلت بكِ كثيراً ولكن رفضتي أن تجيبي علي حتى أغلقت هاتفك تماماً"
"وهل حاولت التفكير قليلاً لما فعلت هذا؟"
" ما هذا السؤال حبيبتي؟ بالطبع أعلم.. أنتي فقط أردتي أن تحققي ذاتك مع أحد آخر أليس كذلك؟"
"أهذا أقصى ما توصلت له أفكارك العظيمة أيها الغ*ي؟"
"ماذا فعلت لك حبيبتي حتى توصلي الأمور إلي ما هي عليها الآن؟" نظر لها بحزن زائف
"أيها الكاذب الحقير!! أخرج خارج منزلي فوراً ولا تفكر أن تعود" علا صوتها مجدداً
"كاذب وحقير؟ متى تعلمتي أن تقولي هذا؟ ألا تتذكري كيف كنتي تناديني؟"
"ا****ة عليك كريم اخرج خارج منزلي الآن" صاحت بغضب وقد نفذ صبرها
" ألم تشتاقي إلي؟ حتى إذا أردتي أن تتركيني كيف أستطعتي أن تبقي هكذا بدون أن تتحدثي معي؟ كيف نسيتي سبع سنين، كيف أضعتي كل ما كان بيننا بسهولة هكذا، طعنتيني في ظهري ولغيتي ما كنت أنتظره لسنين، كل هذا فقط لتعملي مع أحد آخر؟ لماذا لم تخبريني أن هذه إرادتك؟!.."
"أهذا ما تهتم لأجله؟! أنني لغيت ما كنت تنتظره؟ الذي عملت أنا عليه ليلاً نهاراً حتى تأتيك مثل هذه الفرصة؟" صاحت بإن**ار لتدمع عسليتاها "أيها الخائن!! أخرج خارج منزلي كريم وأعطني المفاتيح أنا لا أُريد أن آراك مجدداً بعد الآن" همست وهي على وشك الصراخ ليقترب كريم منها
"أفعلتي هذا بدافع الغيرة حبيبتي؟" قال ليقترب منها ممسكاً يدها
"لا تلمسني أرجوك" أنهته مترجيه
"أنا لم ولن أخونك بحياتي شيرين" نظر لها محاولاً إدعاء شيئاً آخر لتنفجر هي باكية
"ابتعد عني يا كاذب.. لقد رأيتك معــ...."
ولم تكمل جملتها لتسمع صوت الباب يُ**ر ليظهر آدم صارخاً "ابتعد عنها أيها الو*د" زمجر بغضب وإحتداد ناظراً لكريم كمن يريد قتله
"أهكذا إذن؟ تركتيني من أجل آدم رأفت.. من الخائن الآن" تبسم كريم نصف ابتسامه
"أرجوك غادر ولا تعد مجدداً" همست بهدوء محاولة جعله يغادر لأنها تعلم ما قد يؤول إليه الوضع فهي رآت هذا الوجهه سابقاً.. هي فقط خائفة من مايوشك آدم على فعله
"ألم تستمع إلي ما قلت أيها الو*د؟" صاح ببرود مُهيب ناظراً ليده التي لازالت ممسكة بيد شيرين
"ليس لك شأن بهذا.. هي حبيبتي وأتحدث معها.. غادر أنت أيها الــ..."
ولم يُكمل كريم ما أراد قوله حتى يجد نفسه أسفل آدم بالكاد يحاول أن يستوعب ما يحدث له، لم يتوقف عن ض*به وتسديد اللكمات له. نظرت شيرين لهما لتجد كريم ينزف من وجهه كمن أختفت ملامحه وقد فقد وعيه بالكامل، خافت من أن يقتله آدم فتوجهت ممسكه بذراعه "كفى.. أرجوك أتركه" صاحت به وسط أنفاسهما المتعالية لينظر لها برماديتاه اللتان أصبحتا سوداء ويرفع شعره مخللاً يداه به، ليقف موجهاً لها ظهره وفجأة ثلاث رجال دخلوا عليهم ولكنها فهمت أنهم من حراس آدم فقط ليشير لهم نحو كريم ليأخذوه خارجاً.
"كيف علمت أنه هنا؟ وأين كنت؟ ولمـ..."
"ا**تي!" قاطعها ببرود وقد اختفى غضبه فجأة لتندهش هي
"آدم ألن تخبرني أيــ..." حاولت أن تسأله بعد **ت قد دام لدقائق وهو لم يحاول النظر إليها مجدداً
"أ**تي" قاطعها مجدداً بنفس البرود كأن لم يحدث شيئاً منذ قليل
"حسناً سأ**ت ولكن.." قاطعها آدم ليجذبها من يدها تاركاً منزلها لسيارته
"أيها المجنون أتأخذني من منزلي.. أنا لست أرتدي شيئاً بقدمي ألا ترى هذا؟ أنت أيها البارد جاوبني" فزعت شيرين مما يفعله ليحملها لسيارته ثم أدلف بجانبها ليقود بجنون.
سكتت كثيراً محاولة إستيعاب ما يحدث حولها ولكنه لا ينظر لها فقط يقود سيارته ودخن بشراهة كمن يأكل سجائره "ا****ة عليك أنا أُريد تفسيراً لكل ما يحدث هنا" صرخت ليوقف سيارته لتزمجر مكابح سيارته عالياً
"أتريدين تفسيراً؟ أهذا ما تريدينه شيرين؟ حسناً إليك هذا إذن!" صاح بها غاضباً ليغادر سيارته وسط ذهولها وإندهاشها ثم توجه ناحية مقعدها ليخرجها خارج السيارة جاذبا ذراعها بشدة بمنتصف الطريق مخللاً يداه ب*عره
"ا****ة ماذا تفعل أنا لا أرتــ.."
صاحت به مندهشه لما يفعله ليقاطعها ممسكاً بوجهها بين يديه بقوة ولم يعي حقاً ما تتفوه هي به لتنظر له شيرين بفزع ليُقبلها بعنف غامضاً رماديتاه ملتهماً أنفاسها بشراهة.
❈-❈-❈
صاحت به مندهشه لما يفعله ليقاطعها ممسكاً بوجهها بين يديه بقوة ولم يعي حقاً ما تتفوه هي به لتنظر له شيرين بفزع ليُقبلها بعنف غامضاً رماديتاه ملتهماً أنفاسها بشراهة.
"شيرين أنا.."
همس لتحرق رماديتاه عيناها العسليتان وقد بعثت نظرته رجفة لجسدها ولكن ليست أثر خوفها من غضبه أو من أن ينفجر احتداداً بسبب شيء فقط شعرت أنها لا تريده أن يبتعد، تريد أنفاسه الدافئة لتخترقها، تريده ب*عره الأ**د الفوضوي ولحيته التي أصبحت نامية.. هي تريده بكل غضبه وبروده وغروره وتحكمه.. تلمست ص*ره ولحيته النامية ليسكت كالأبكم لا يقدر على قول شيء.. وأما هي لم تعد تدرك ما تفعله، هي تتعجب لتصرفاتها ولكن شعور اقترابه منها لم تشعر به مع أحد من قبل!
"مماذا.. ماذا هناك آدم؟"
سألته بتلعثم ناظرة لشفتيه وهو لايستطيع التحدث.. ثم تفقدت رماديتاه لتجده ينظر لها بألم كمن يحاول أحد اقتلاع خنجراً من قلبه.
"أنا لا.. أنا.. شيرين أنا"
تلعثم مجدداً لتًلفح أنفاسه وجهها ثم دنا لرقبتها وهمس بجانب أذنها "أنتِ أصبحتِ.. لقد.."
تلعثم بعد أن أرسل رجفة في جسدها ثانيةً ثم ابتعد فجأة ليصيح بغضب
"ا****ة على هذا"
ركل الأرض بقدمه ليفجر عن غضبه وخلل شعره الأ**د بيديه وذهب تاركاً أياها متوجهاً لم***ة السيارة ليدخن باعداً نظره عنها لي**ت وتنتظر هي مكانها.
مر الكثير من الوقت على هذا الوضع فهو ينفث دخانه غاضباً من نفسه وغاضباً مما فعله ولأول مرة بحياته يتلعثم أمام إمرأة ليزداد غضباً على غضب
"ماذا فعلت أيها الغ*ي؟!"
تسائل مفكراً نادماًعلى فعلته.
لم يجد تفسيراً بداخله لما فعله سوى أنه تسرع للغاية عندما رآها وعندما رآى كريم معها، وآخذ يُفكر كيف سيواجهها وهو لم يخطط لأي مما حدث. لم يشعر كم مر من الوقت.. لم يكترث بأنها خلفه تنتظره بفارغ الصبر، لم يهتم ببرد الشتاء وهواءه الذي يخلل شعره الفوضوي.. فقط أستعشر قدومها لتنظر إليه متحاشية ببراءة وخجل النظر لعيناه مباشرةً وشعرها الأ**د الفحمي المبعثر جعله يفقد عقله أكثر.
"لقد تأخر الوقت.. إنها الرابعة صباحاً ولدينا عمل باكراً.. كما أنني.." تلعثمت لتتوقف لبرهة وترفع خصلة من خصلاتها الفحمية خلف أذنها لتكمل "أنا أشعر بالبرد ولا أستطيع أن أحتمل هذا" قالت محاوطة جسدها بذراعيها كالطفلة الخائفة لينظر لها مطولاً واقفاً ليع** قدماه ويده ببنطاله بغرور وهيبة بينما أمسك سيجارته يدخنها بيده الأخرى ليتفقدها مجدداً بتلك الرماديتان وهو لم يعد يدري ما الذي يحدث له كلما نظر لتلك الفتاة.
"حسناً" همس ببرود ثم ألقى سيارته أرضاً بعد أن استنشق منها وعيناه لم ترمش ولو للحظة واحدة عن وجهها وآخذ يقترب منها حتى كادا يتلاصقا وخلع سترته ليلبسها اياها رغماً عنها ويغلقها بإحكام "أهذا أفضل؟" سألها ببرود وصوته العميق يكاد أن يدفئها لتومأ له هي ونظر لها ثانيةً من أعلى رأسها لأخمص قدماها ليراها حافية القدمين ليعيد يده بجيبيه في زهو وغرور ليتطلع لمظهرها مجدداً ليبتسم نصف ابتسامة كأنه ينتقم منها بما يفعله بها ليعوض جزءاً صغيراً من آلامه التي تسببها هي له ثم تركها عائداً للسيارة لتتبعه في **ت.
دلفت بجانبه وهي تفكر بكل ما حدث، لماذا قبلها؟ ولماذا سمحت هي له؟ كان عليها أن تنهاه وتبعده عنها بأي طريقة حتى لو وصل الأمر لصفعه!! لماذا تساهلت معه هكذا؟ لماذا تركت اشتياقها له يتحكم بها بل وجعلها تتقبل ما فعله؟ زفرت في حنق شديد ثم شعرت فجأة بالدفئ يحاوطها من كل مكانلتهز رأسها في سخرية على نفسها وعلى غباءها الشديد "كم أنا غ*ية! لماذا لم أشعل التدفئة منذ ساعات.. غ*ية!! فقط أجلس هنا ليثلج جسدي مفكرة بهذا البارد الجالس بجانبي! ا****ة على غ*ية مثلي وعلى هذا البارد" صرخ عقلها وشعرت بالغضب لتجده يتوقف بالسيارة أمام منزله لتلوم نفسها مجدداً فهي حتى لم تلاحظ الطريق.
"ماذا؟ هل سأنتقل لأعيش معك بالإكراه؟ أستتحكم بكل شيء؟ لماذا لم توصلني لمنزلي مثلما أحضرتني منه؟"
صاحت به غاضبة ليغادر السيارة ويتوجه نحو باب مقعدها ليحملها لداخل منزله ووجهه خالٍ من أي تعابير
" أنزلني آدم وكف عن هذا"
صاحت به ولكنه لم يكترث فقط ينظر امامه نظرة مبهمة لتنظر له هي بغيظ وعسليتاها الناريتان انهال منهما الغضب بإستفزازه الشديد لها
"ألم تسمعني؟"
سألته بغضب ليكمل طريقه متوجهاً للأعلى.. "توقف أيها الغـ.."
صرخت ليقاطعها
"حتى وأنتي بمنزلك لا تنسي أن ترتدي شيئاً بقدمك، وإياك وأن تسُبيني وإلا ستري ما لا يرضيكي أبداً" قالها ببرود وهو مازال يحملها ثم أجلسها على الأريكة بالغرفة ليتوجه خارجاً.
لا لا.. هذا لن يحدث الآن! قد سأمت برودك آدم رأفت وأقسم أنها ستكون أسوأ ليلة ستقضيها بعمرك، تصرفاتك تلك ستوقفها رغماً عنك شئت أم أبيت!!" تمتمت غاضبة لتلاحقه لغرفته فتحت الباب بغضب لتراه عارِ الص*ر جالس بهدوء ليشرب من كأسه لتبلع ريقها وتتعالى أنفاسها ولكن لم تترك هذا ليؤثر عليها
"أنت أيها الوقح ألن تتوقف عن أفعالك تلك؟" صرخت به غاضبه ولكنه لم يجيبها ولم ينظر إليها حتى.
"جاوب علي آدم رأفت وإلا أقسم سأقتلك بيدي هاتين"
صرخت به مجدداً ليبتسم هو بإستهزاء وغرور ناظراً لها سريعاً ثم نظر بعيداً ليشرب من كأسه مرة أخرى بدون أن يقول شيئاً.
" فلت**ت كما تشاء ولكن أنا مغادرة ولتفعل ما تريد أنا لست مهتمه بوقح مثلك" اتجهت لتغادر غرفته ثم ألتفتت لتخلع سترته فاتحة سحاب السترة
"ولا أريد أشياءك تلك"
صاحت والغضب والحقد يملئا نبرتها لتلقي السترة بوجهه وفي لمح البصر قام هو ليواجهها ومنعها عن تخطي الباب
"ماذا تريدي" همس لتخترق رماديتاه عسليتاها بمكر وغرور
"أريد أن أغادر" اجابته بحنق ممتزجاً بالتوتر من تلك الرماديتان
"لن يحدث" قال ببرود
"لا بل سيحدث" عقدت ذراعاها لتنظر له بغضب
"لن اتناقش بهذا"
"أنا لا أناقشك أنا أبلغك ولتفعل ما تريد" صاحت بضحكة تهكمية خافتة بين حديثها له
"لا تستفزيني!" همس ليقترب منها خطوتين لترجع هي للوراء
"أنت لست طبيعي! أنت مجنون! أنـ" صاحت به
"فليكن!" قاطعها ثم توجه ناحيتها مجدداً لتخطو هي للخلف وهي لازالت تنظر له نظراتها النارية الغاضبة
"فلتذهب للجحيم آدم"
"أحقاً؟" سألها ليدنو منها مرة أخرى لتلتصق هي بالجدار لا تدري أين تذهب بعد ذلك.. وضع يداه بجانبها ليحاوطها يميناً ويساراً
"ابتعد عني وإلا أقسم أن... "
" ألم تقولي لي أن أذهب للجحيم؟" قاطعها لتسأله هي بسرعة رافعة احدى حاجباها في ثورة وانزعاج مما يخبرها به لتشعر بغليان الدماء داخل جسدها من كثرة استفزازه لها بأفعاله التي لا تنتهي
"وهل أنا الجحيم من وجهة نظرك؟" لم يجيبها، لن يستطيع أن يخبرها أنها أصبحت جحيمه التي تحرق قلبه كلما أقترب منها، تآخذه بتلك النظرات لتجعله يذهب لمكان لم يعرف به منذ أن ولد، يشعر دائماً أنه مشتت أمامها ولم يستطع أن يحدد ماذا تفعل تلك الصغيرة به؟
ظلت تنظر لعينيه اللتين تغيرتا وحلكتا بعد أن غابت تلك الرمادية الصافية بهما لتجده قد اقترب منها لدرجة أنها شعرت بأنفاسه تُلفح وجهها لتتأمل ملامحه الجامدة الباردة دائماً "لم تتألم ملامحك هكذا عندما تقترب مني؟" سألته بتلقائية ولكن لم يجيبها "ا****ة عليك ابتعد عني" صرخت بعد **ت دام دقائق وتعالى غضبها من **ته فهو حتى لا يكترث لكلماتها ووقاحته بال**ت وعدم إجابتها تجعلها تفتك بها غيظاً
"ماذا؟" سأل رافعاً حاجبه بغرور بعد أن فاق من شروده
"فقط هكذا.. ابتعد أرجوك" همست مترجياه زافرة في حنق فهي لم تعد تستطيع الإستمرار بتصرفاته الغير مبررة تجاهها وقد أُرهقت من كثرة تفكيرها ومحاولتها أن تجد تفسيراً واضحاً لما يفعله.
"ماذا؟! أتشعرين بعدم الراحة وأنا قريب منك؟" نظر لها ليزيغ بصرها بمكان آخر ولم تستطع أن تجيبه ليكمل هو بجرأة لاذعة "أأوترك بوسامتي؟ أم تشعرين بالخجل ايها صغيرة؟" سألها بنصف ابتسامة خبيثة ماكرة لتتوسع عسليتاها من جرأته ووقاحته اللاذعتان ثم نظرت له بإحتقار لتصرخ به
"ابتعد الآن هيا" صاحت بإصرار
"لن ابتعد" أخبرها ببرود مبالغ فيه
"لماذا؟"
"أنا أفعل ما أشاء"
"بأحلامك أيها المغرور"
" لا بل بغرفتي يا صغيرة"
" حسناً أفسح لي حتى أستطيع الخروج"
"لا!"
"ابتعد آدم هيا" صرخت به لتحاول أن تدفعه بيدها بعيداً ولكنه لم يتحرك لتض*به في ص*ره موجهه لكمات سريعة له "لماذا لا تتحرك أيها الوقح؟" صرخت لتتعالى أنفاسها وأعادت الكرة حتى خارت قواها
"أتعبتي؟" سألها بمكر لتومأ له ناظرة للأرض بسأم. "أنظري إلي" آمرها ولم تستجب هي ليمد أنامله متلمساً ذقنها ليرفع نظرها إليه وهو يتفقد تلك المقلتين العسليتين في شغف شديد "ألم أقل لكي أن تنظري إلي؟ هل أنتي **اء؟"
"أُليس هذا ما فعلته عندما أتيت لغرفتك ولم تجاوبني؟ هل أنت أ**؟"
"لا تستفزيني ألم أقل هذا؟" همس ببرود رافعاً حاجبه
"أرجوك يكفي تصرفاتك الطفولية تلك" تن*دت بسأم
"طفولية!!" ابتسم بمكر ليقترب منها أكثر "أتريدي أن نكون كالبالغين الآن" نظر لها بخبث لتدرك هي ما يرمي إليه بكلماته
"بأحلامك سيد آدم!!" ابتسمت هي الأخرى بكبرياء لتهرب من محاولة إقترابه منها لتكمل "ليس لك أن تُقبلني وقتما تشاء، وتعاملني ببرود كيفما تشاء، وتكون لائقاً فقط لأنك تريد هذا.. هذا لن يحدث معي وأنا لن أقبل"
"بل ستقبلين" صاح بها
"ولم هذا؟" تعجبت بدهشة "ماذا تظن نفسك؟ وماذا تظنني؟ مراهقة ممن يسعين خلف أفلامك أم ع***ة تتمنى أن تقضي ليلة معك؟ أنتبه سيد آدم أنا لست مثلهن ولن أكون أبداً واحدة منهم!!"
صاحت به هي الأخرى بغرور ليعقد هو حاجبيه ولم يتكلم، فقط ينظر لها ليتفحصها كمن يحفظ كل أنملة بها، تحولت ملامحه من الغضب والمكر والاستهزاء لشيء آخر، هو يتأملها برماديتاه الصافيتان كما لم تراها من قبل، لأول مرة ترى بعينه كلام وحديث لا تستطيع تفسيره هل هو حب؟ إعجاب؟ خوف عليها؟ لأول مرة تريد أن تحتضنه وتنهي هذا الصراع! هدوءه الآن يبعث شيئاً آخراً بها.. لأول مرة تشعر بالطمأنينة بجانبه.. كيف يستطيع أن يحول مشاعرها من الإستفزاز للغضب للحقد للخوف هكذا فقط ببضع نظرات منه؟ أهو حتى أصبح متحكماً للغاية دون أن يفعل شيء سوى النظر إليها؟!
"آدم.. أرجوك أُريد العودة لمنزلي" همست بهدوء "أنا مُرهقة فقط دعني أفعل ما أريده بدون نقاش قد سأمت هذا حقاً"
"لن يحدث" قال بهدوء قاطع ليبتعد عنها موجهاً ظهره لها، واضعاً يداه بجيباه لترى آدم المتحكم ثانيةً "منزلك ليس آمن الآن"
"ولم هذا؟" سألته في سخرية
"هل تريدي أن تريه مجدداً؟"
"من.. عن ماذا تتحدث؟" سألت بإستغراب وقد نست ما حدث منذ ساعات
"ا**تي وعودي لغرفتك فقد اقترب الصباح"
"لا لن أعود ولن..."
"ألا تتعلمين شيئاً أبداً؟" صرخ بها ناظراً لها مجدداّ ليغضب وتحتد ملامحة "ألا تستطيعين أن تكفي عن المناقشة والجدال بكل شيء؟ ألا يكفيكي ما حدث من هذا الحقير؟ لم عليكي أن تكوني ع**دة؟"
"ولم تهتم؟" سألته بتلقائية لي**ت هو موجهاً نظره بعيداً عنها "ألم تسمعني؟ أتمثل دور الأ** مجدداً؟ لم تهتم بما قد يفعله لي كريم؟ لماذا يفرق معك أن أكون بأمان أم لا؟ لماذا لكمت يوسف فقط عند احتضانه لي؟ لماذا أخذتني إلي المقبرة؟ لماذا تركتني بالغرفة وحدي؟ لماذا قبلتني؟ أجبني وكف عن برودك وتمثيلك دور الأ** هذا.." صرخت به لتقترب هي منه في جرأة وانفعال لتحصل منه على تفسير لكل ما يفعله معها لتجد يخلل شعره بيداه الاثنان في ارتباك ثم صاح ليجيبها
"لا أعلم!! أنا لا أعلم!!!! آدم رأفت لا يعلم!! لأول مرة أنا لا أعلم ماذا بي" صاح بغضب "أسعيدة الآن؟ هل أنتِ راضية بهذه الإجابة؟ هل أقتنعتي؟" تعالى صوته الذي أخبأ العديد من المشاعر التي واجه نفسه بها ولكنه يستحيل أن يخبرها بأي منها.
**تت شيرين لا تدري ماذا تقول! هو يفعلها ثانيةً.. إجابة ملتوية لا تفسر لها أي شيء.. يتحكم حتى بما ستقوله وبما ستفكر به.. إلى متى سيظل هكذا؟ بالرغم من أنها باتت تعرف الآن كل شيء عنه من مراد ولكن إلي متى سيظل هكذا؟ فكرت قليلاً ثم حسمت أمرها وهي قد قررت أن تحاول معه مجدداً لتدنو منه وتلمست ذراعه على حذر لأنها تعلم غضبه جيداً
"حسناً سأبقى.. وسأستكمل العمل معك.. لن أناقش ولن أجادل.. سأقبل ما تشاء وما تريد" سكتت لينظر ليدها على ذراعه مستغرباً فعلتها وكلامها الذي يصعب عليه أن يصدقه "أنا لا أُريد أن أحاربك، ولا أريد الصراع مع أي شخص" همست ثم رفعت خصلة من شعرها بيدها الأخرى ليستكمل النظر لها ليضيق عيناه وهو يتفحصا محاولاً أن يستشعر مدى جديتها بالحديث "فقط أريد منك شيئاً واحداً"
"وهو؟" عقد حاجباه في تعجب
"لا تخف ثانيةً" اجابته بحذر ليزيد من عقد حاجباه بشدة ليبتعد عنها ليدوم ال**ت فترة لتتحدث شيرين "حسناً أنا سأذ..."
"أنا لا أخاف شيء" صاح بغرور مقاطعاً أياها ليجبر عقلها أن يزيح تفكيرها بأنه يملك مشاعر بداخله
"لماذا؟ ألست إنسان مثلنا؟"
"أنا لست كأحد"
"أرجوك كف عن الغرور.. لقد أصبحت مبتذلاً" تن*دت بضيق
"كفِ أنتِ عن عنادك"
"عنادي أنا؟ أم عنادك أنت؟"
"أنا لا أقبل رأي شخص لأعانده" اجابها بغرور مجدداً
"أرأيت؟ أنت وقح لا تحترم أحد"
"أتسُبيني؟" همس بهدوء كالذي يُسبق العاصفة
"نعم! لأنك وقح بالفعل"
"أتريدين أن أُريك وقاحتي؟" سألها لت**ت هي وتجلس على الأريكة ممسكة رأسها بيدها وتسلل شعرها الفحمي بين يدها وأصابعها ليغطي أغلب وجهها وأغمضت عيناها في يأس من كل ذلك الجدال معه ولم تعد تعرف كيف عليها أن تحاول مع شخصية صعبة بتلك الطريقة وإلي متى سيظل يعاملها بتلك الكيفية.
آخذت تحاول التفكير بعقلها الذي أُرهق من محاولاتها العديدة لتصلح الأمور ولم تشعر بوجوده حولها سوى من رائحة سجائره لتنفجر الأفكار برأسها وبكت هي بدون صوت مسموع فقط دموع تنهمر على وجنتاها في **ت بسبب وهنها وقلة حيلتها مع شخص مثله.
مرت دقائق على هذا الوضع وشعرت بأنفاسه ورائحته أقتربت منها أكثر لتفتح عسليتاها الممتلئتان بالدموع لتقل بآسى "ماذا تُريد؟ لقد أرهقت كل شيء بي. فقط أخبرني ماذا تريد؟"
نظر لها مطولاً جالساً على ركبتاه أمامها وقد شعر بقليل من الندم "لا تبكي!"
"إذن فلتخبرني ماذا تريد؟" لم تتوقف هي عن البُكاء لترى ملامحه المتألمة مجدداً
"حسناً" همس ليبتلع بصعوبة وجفف وجنتاها ثم حاوطهما بكفيه لينظر لها "أُريدك أنتِ" همس بصوت منخفض
اندهشت من تلك الإجابة، لم تدري ماذا تقول له، فقط تُفكر هل هو كاذب أم يقول الحقيقة؟ هل يريدها ليوم؟ لأسبوع؟ لشهر؟ لسنة؟ حسناً وماذا بعد ذلك؟ يريدها كيف وعلى أي أساس ولماذا يريدها؟ هل يريد التحكم والشعور بأن ليست هناك من خُلقت لترفض آدم رأفت؟ أيريدها فقط ليشعر بالإنتصار أمام نفسه وأمامها بأنه قد تملكها وحسب؟ تسائلت بداخلها ولم تفق من شرودها إلا عندما وجدت ذراعاه تحاوط جسدها دافنا وجهه برقبتها، ولكن ما فزعها بحق أنها وجدت نفسها تحتضنه هي الأخرى كمن لا تريد شيء بحياتها سواه هو ذلك الجاثي أمامها.
"لا تغادري أرجوكِ" همس متألماً لت**ت هي لتضمه أكثر لها، فقط تريده أن يشعر بالأمان، ووقعت بالحيرة من أمرها وهي لا تعرف ما الذي تفعله بل وكيف دفعها هو لتصبح هكذا مستسلمة بين ذراعاه!!
"لن أغادر" همست لتشعر ض*بات قلبه السريعة تخترقها.
مرت دقائق وهو لم يحاول أن يبتعد، ظلا بنفس الوضع، هو أمامها على ركبتاه وهي جالسة على الأريكة معانقاً اياها ولا يريد أن يبتعد عنها أبداً "آدم!" همست بهدوء لينظر لها
"ماذا؟" سألها لتنظر لرماديتاه يلمعان بشدة كمن يكتم دموعه
"تصبح على خير" همست لتُقبل جبهته ليندهش هو ثم تركته بمكانه عائدة لغرفتها.
❈-❈-❈
مشت شيرين للغرفة التي تمكث بها وهي لا تعلم لماذا فعلت ذلك!
"هل أشعر بشيء تجاهه حقاً؟ لماذا أختفت مشاعر الخوف منه ومن تصرفاته؟ لماذا أُريده بجانبي الآن أكثر من أي شيء آخر؟؟ هل حمايته لي وما فعله بكريم أثر علي؟ أين كان هو كل هذه المدة ليأتي لمنزلي هكذا؟ كيف عرف أنه بمنزلي من الأساس؟ يا إلهي كم أنا غ*ية لقد نسيت أن أغير مفاتيحي! حسناً سأفعلها غداً.. ولكن كيف سمحت له بأن يعانقني بل ويقبلني وأنا من كنت أغضب عليه إذا لمسني!!"
أنهالت الأسئلة برأسها لا تستطيع أن تجد جواباً وتمددت على السرير لتتذكر كل شيء لتتلمس شفتاها وتغمض عيناها وابتسمت في خجل
"ماذا بقُبلته تلك؟ هل هو عنيف دائماً أم هذا لأنه كان غاضباً؟ ولم عليه أن يكون مزعجاً بوسامته وملامحه الحادة؟ هل يفعل ذلك فقط ليؤثر علي؟ أنا أعترف أني لم أرى بحياتي رجلاً تكتمل به كل ملامح الرجولة والوسامه مثله.. أنا أتذكر كريم ولكن لم أشعر بقبلته هكذا مثل ما شعرت معه!! ليت حضنه دام لأكثر من هذا!"
تمنت أن تحتضنه ثانيةً لتبقى بين ذراعيه لتتنفس رائحته، وآخذت تفكر في قبلتهما وعناقهما حتى ذهبت في ثبات تام.