- ينبغي أن تنسخ هذه الوثيقة بخطك
وقدم إليه ورقة تحتوي على ست فقرات مكتوبة بالقلم الرصاص ، كل منها مكون من بضعة أسطر
وما كاد مانون يقرؤها حتى أدرك أنها خطابات تهدید موجهة إلى بایسون جرانت فصاح مشدوها :
- أنا لا أفهم معنى هذه الرسائل
فضحك ما**يم وقال :
- أما هو فسيفهمه جيدا . . إن هذه الرسائل لتحطيم أعصابه . . انكتب مانون كل فقرة على ورقة منفصلة . .نناولها " ما**يم ووضعها في جيبه ، ثم قال :
- ساعود إليك قريبا لأطلعك على بشائر هذه الحالة وفي خلال ذلك ارجو ان تسهر على سلامة الأنسة دوبين وساترك لها الحديث عن نفسها
فقال مانون : - ما أحسبك تعني أنها ممن يعملون ضد القانون؟,,
- بل هي منهم . . ولو عرفت كيف استطاعت أن تخدعني لادرکت مدی ذكائها وسعة حيلتها
وأقبلت الأنسة دوبين في تلك اللحظة فقطعت عليهما الحديث . . وقبل أن ينصرف ما**يم ، قال للفتاة ؛
= اكتبي استقالتك من خدمة مسز جرانت وفي اثناء ذلك . . ذهب ما**يم إلى مسز كيني في المطبخ ودفع
إليها برزمة من الأوراق المالية قائلا :
- لقد قلت لي انك اشتغلت حائكة ثلاثة أعوام . . فخذي إذن مقاس الآنسة " دوبين " ولكن لا تدعي لها أن نرى ما تفعلين . . ثم اذهبي إلى أحد الحوانيت المحترمة واشترى لها بعض الثياب الفاخرة ، واقنعيها بارتدائها ، فإني اعرف هذه الفتاة فهي من بنات الأسر العريقة التي أنا عليها الدهر بكلكله
وعندما عاد إلى غرفة الجلوس ، كانت الأنسة " دوبين " قد فرغت من كتابة استقالتها واعتذرت لمخدومتها السابقة بأن بعض الأمور العائلية اضطرتها إلى الرحيل بغتة إلى مدينة سان دييجو في كاليفورنيا . . وغادر ما**يم المنزل . . واستقل سيارته . . واطلقها بأقصى سرعتها . فلما بلغ قصر آل بايسون ، الخل السيارة في الحظيرة في حذر تام . . ثم تسلل إلى القصر ، ووضع كتاب استقالة دوبين على منضدة في الردهة وصعد إلى غرفة الفتاة , فأعاد تنظيمها . ثم جمع حاجاتها ونقلها إلى غرفته ثم ذهب إلى غرفة مستر " جرانت " ودس إحدى رسائل التهديد التي كتبها " مانون تحت بابها ثم أوى إلى فراشه واستسلم للنوم . .
الفصل الحادي عشر
اعتاد أنتوني ثورب أن يطعم كلاب الحراسة بيده ، ففي صباح اليوم التالي خرج الرجل إلى الحديقة لإطعامها ، ولكن شد ما راعه أن وجدها جميعا ممددة على الأرض جثثاً هامدة . . وأدرك الرجل ان ثم حدثا جللا قد وقع ، فمضى يبحث عن مستر بیتمان لبني إليه النبأ
ولكنه لم يجده في غرفته ، كما أن فراشه كان منظما دلالة على انه لم يتم فيه . . ولو عرف الرجل ما حل بـ بيتمان الذعر . وتولته الدهشة البالغة . .
فعندما أفاق بيير روليش من إغمائه وجد نفسيه مشدود الوثاق ومكمما ، ولكن رائحة الخضر دلته على أنه ملقى في إحدى الحدائق او الحقول ، وأدرك في الحال أن الرجل الذي صرعه لا يمكن أن يكون رجلا عاديا ، وأنه شريك للفتاة التي كاد ينجح في ا****فها . . ثم إنه اعتقد أن مجيء الفتاة إلى القصر ، وانتحالها صفة مدرسة اللغة فرنسية إن هي إلا حيلة كانت تستر وراءها اغراضها الحقيقية . .
وسرعان ما أدرك أن العثور عليه ملقى في هذا المكان ، مشدود الوثاق ومكمما ، من شأنه أن يضع حدا لأماله . الانه مدل مخدومية على انه لا يصلح للعمل الذي أنيط به .
وتذكر بيير روليش حادث ب**ات الأصابع . . وخشي أن يكون الشاب " مارتن ديل " من هواة محترفي البحث الجنائي ولكنه شعر بالارتياح عندما تذكر كيف انتصر عليه وجرده من مجموعة ب**ات أصابعه . . ولو عرف الحقيقة لطار صوابه
فلما فشل ثورب في العثور على بيتمان ، دعا أحد مساعديه واسمه ريجان . ومضى به إلى الجراج . . وقال له :
- لقد قتلت الكلاب بالسم . . ويقيني أن اللصوص هم الذين فعلوا ذلك . فابحث في أرجاء الحديقة بينما سأنطلق أنا إلى القصر ،وأفتشه . .
وفي الساعة التاسعة استيقظ بايسون جرانت من نومه على أتم ما
يكون من النشاط ولكنه ما كان يستوي جالسا في فراشه حتى رأی رقعة من الورق تحت باب الغرفة فدهش ، وهبط من سريره . والتقطها في تراخ و**ل ، ولكنه ما كاد يقرؤها حتى تهالك على أقرب مقعد ، متخاذل الساقين . . مرتعد الأوصال ، ،
ف . و . س
وعاد بقرا الرسالة : لا تظن أنني غافل عنك . . واعلم انني اقرب إليك مما تظن فانتظر الأيام السوداء المقبلة . .
في و ، س طغي الخوف على قلب بايسون عندما أدرك أن كل أسباب الحذر وانواع الحراسة التي أحاط نفسه بها لم تفلح في رد مانون عنه ، إذ بماذا يمكن تفسیر وجود هذه الرسالة تحت بابه إلا إذا كان كاتبها موجودا فعلا في القصر ؟
والتقط سماعة التليفون ، وقال لثورب : - ابعث إلي بمستر بيتمان في التو . فأجاب كبير الخدم
- إن مستر بیتمان غیر موجود في القصر يا سيدي ، ولم نستطع أن نعثر عليه في أي مكان ، فقد بحثنا عنه لانني عثرت على الكلاب ميتة بفعل السم في الحديقة ، فخشيت أن يكون اللصوص قد سطوا على القصر . .
فاجفل جرانت لهذه الأنباء المزعجة وهتف - وهل بحثتم عنه جبدا؟ - لقد فتشت جميع غرف القصر ، ولكني وجدت كل شيء على ما برام فصاح جرانت في غضب : - ولكنهم دخلوا القصر أيها الأ**ق المغفل . ولدي ما يثبت ذلك . ووضع السماعة في عنف ولكنه ما لبث أن رفعها مرة اخرى واستدعاه إليه
ولما جاء الرجل ساله : - هل انت واثق من أن الكلاب مانت بالسم - نعم يا سيدي
- حسنا . . لا تقل ذلك لأحد حتى يعود مستر بیتمان . فابعث به لمقابلتي .
وبعد انصراف كبير الخدم التقي بمديرة المنزل في الردهة فقالت له : - ما اعجب هذا . . لقد رحلت الأنسة " ما**يم دون ان تاوي إلى فراشها ، ، وعثرت على هذه الرسالة فوق المنضدة الموضوعة في الردهة وفي تلك الأثناء نهب " جرانت لمقابلة زوجته في غرفتها ودهشت المراة في بادی الامر . ولكن لم يلبث القلق أن استحوذ عليها عندما سمعت بنبأ اختفاء " بیتمان " . . ثم ذعرت عندما عرفت بموت الكلاب بالسم . ولكنها قالت لزوجها مشجعة :
- لا حاجة بنا إلى القلق . فسيعود بيتمان بغير شك . . فقال في اكتئاب - إن غيابه لا يزعجني البتة . إنما اقرئي هذه وما كادت المرأة تقرا الرسالة حتى هتفت : - إنه بغير شيك خط فرانك " . فصاح الرجل
= وهل في ذلك من شك . . لقد قسمها تحت بابي وانا نائم . . يا إلهي ! الا ترین يا " ناتیکا " كيف كان في استطاعته أن يقتلني لو أراد . . اكبر الظن أنه حاول فتح الباب ، ولما لم يوفق ترك لي هذه الرسالة . فقالت ناتیکا " في ازدراء - على كل حال ، إنك لا تزال حيا نرزق
- وهو أيضا حر طليق ، فيجب أن تفعل شيئا وإلا أصابني الجنون
ولما رای نظرة الغضب التي ارتسمت في عيني زوجته , اسرع يقول : - إني اعترف بانني مذعور . . وما أحسبك تلومينني على ذلك . ما دامت جميع وسائل الحيطة التي اتخذناها لم تجد فتيلا
ودق جرس التليفون في تلك الأثناء ، وبعد أن وضعت " ناتيكا السماعة . رای زوجها علامات القلق بارية على وجهها ، فادرك انها تلقت انباء لا تس . . ولما سالها ما خطبها . أجابته عابسة
- انا لا استطيع ان الهم ما معنى هذا كله . . لقد رحلت الأنسة
دوبين وقالت مسز برودين " إنها ستبعث إلي بكتاب استقالة تركته الفتاة قبل رحيلها فوق منضدة الردهة فصاح جرانت في بأس : - يا إلهي ينبغي أن تستدعي البوليس لتولي التحقيق . . وجاءت إحدى الوصيفات باستقالة دوبين وفيها تعتذر الفتاة عن اضطرارها إلى الرحيل بغتة ونرجو إرسال مرتبها إلى عنوانها في سان دييجو في كاليفورنيا ه فقال جرانت
- إن الاستقالة لا غبار عليها . . لكن العجيب أنها اضطرت إلى الرحيل على هذه الصورة المفاجئة . . بالله يا " ناتیکا " ؟ الا يجوز انها رحلت مع بیتمان ؟ إنه ليس أمريكي المولد كما تعلمين
فامتقع وجه " ناتيكا " وأدركت أن اختفاء الرجل والفتاة معناه بغير شك أنهما سرقا بعض جواهر ضيوفها
وارتدت المرأة ثيابها على عجل . . ثم هبطت مع زوجها إلى غرفة المائدة وكان المدعوون قد انتظموا حولها . . ولم يذكروا شيئا عن موت الكلاب لأنهم كانوا يجهلونه . . كما لم يأتوا على ذكر اختفاء بيتمان لأنهم اعتادوا غيابه . . ولم تطرق أحاديثهم غير أبواب السياسة .
ومع أن ما**يم لم يتم إلا وقتا قصيرا ، فإنه حرص على الانضمام إلى المدعوين . . فقد كان يرجو أن يسمع ما هنالك من أنباء عن " بیتمان " . . وأن يرى تأثير رسالة مانون التهديدية على بايسون وإذا كان رحيل " دوبين قد ترك مجالا للتعليق والتعقيب
ولكن جرانت كان يحرص على أن يبدو تام الهدوء ، على الرغم من القلق الخفي الذي كان مستحوذا عليه .
وبعد أن تناول المدعوون الطعام صعدوا إلى غرفهم . . فزارت ناتیکا السيدات منهم في غرفهن . ولما اطمأنت على حليهن ، سري عنها قليلا
وعند الظهر على البستاني على بيتمان في حديقة القصر المجاور . . ذلك أنه كان يشذب بعض الأشجار عندما راى الرجل ملقى على الحشائش . .
وكان من حسن حظ ال بايسون أن الضيوف غادروا القصر إلى نزهة خلوية . . وبعد أن ضمد بيير جروحه , قال لمضيفه إنه ارتاب في وجود بعض الغرباء في الحديقة . فخرج ليتحرى حقيقة الأمر . . . وعندئذ انقض عليه عدد من الرجال وبعد معركة عنيفة استطاعوا أن يصرعوه . فساله جرائت : - هل تستطيع التعرف على احد منهم ؟
ولكن بيير " عجز عن ذلك . . قال فقط إن أحدهم كان رجلا طويل القامة مفتول الساعدين وانه كان أكثر الجميع نشاطا
وما كاد " جرانت بسمع ذلك حتى ظن أن هذا الرجل هو مانون " بعينه
واستاذن جرانت ليأخذ قسطا من الراحة ، ولما انصرف ، قالت ناتیکا لزوجها :
- إن قلبي يحدثني بان فرانك لم يكن بين هؤلاء الرجال ، فينبغي إذن أن تبحث عن الوسيلة التي استخدمت لإيصال رسالة التهديد إليك ، لقد اتضح أنني أخطأت حين قدرت أن " دوبين رحلت مع بيتمان "
فما الذي دفعها إلى هذا الرحيل الفجائي لعلها جاءت إلى منزلنا للتجسس . ولما كانت قد رحلت في جوف الليل ، والجميع نيام . افلا يجوز انها هي التي وضعت الرسالة التي كتبها مانون " اسفل باب غرفتك؟
- هذا محتمل ، لكن من الذي صرع بيتمان ؟ لقد وصف لنا " فرانك وصفا دقيقا ، وهو لم يره من قبل على الإطلاق
- إن وصفه ينطبق على اي رجل طويل القامة ، ولكن يحتمل أنني اخطات حين قلت إن " فرانك هرب إلى جنوب امریکا و مهما يكن ، فلا يجب أن تدع الفزع يحطم أعصابك . فما أحسب إلا أن " فرانك رمي إلى إلقاء الذعر في قلبك ، فينبغي أن تقابل تحديه برباطة جاش حتى يدرك انك غير خائف منه ، ولا سبيل إلى النيل منك .
وإزاء هذه الأقوال المطمئنة سري عن " جرانت قليلا . وبينما كان الجميع يتناولون طعام الغداء قال ما**يم " :
- إنني لم ار الكلاب اليوم ، مع انها اعتادت ان تطل علينا من خارج باب الشرفة في أثناء الطعام
ولم يستطع مستر جمبرت أن يمسك ل**نه فقال : - لقد سمها شخص معين ليلة أمس ، يبدو أن ذلك من عمل اللصوص - فتدخلت ناتیکا " في الحديث قائلة :
- يسرني أن الأمر وقف عند هذا الحد . والرأي عندي ان البستاني هو الملوم ، فلا ريب أنه قدم بعض الحشائش السامة خطا إلى الكلاب - فقال جمبرت - ولكن الكلاب لا تاكل الحشائش - ولم لا يجوز انها اكلتها خطا وتشعب الحديث ، فقال أحد الضيوف إنه لا يستبعد أن يكون موت الكلاب مقدمة لسطو إحدى العصابات على القصر . ومن المحتمل أن ب**ب ذلك هجوم الع***ة في الليلة المقبلة بعد أن خلالها الجو .
فصاح جرانت في فزع وغضب : لا ريب أنك تهذي يا سيدي . . ولكن ما**يم قال مؤيدا المتكلم - أظن أن مستر بروستر : لم يتعد المنطق في تقديره ، وقال مستر بروستر " في حماس : - مهما يكن ، فقد قررت أن أنقل جواهر زوجتي إلى أحد مصارف أسبوري .