٢- خوف يلازمني

3001 Words
اوقف يامن حديثه لبرهة من الزمن فبدا لجلال و كأنه يبعد شبحا مقيتاً عنه ليستكمل قائلاً : - المهم وقفت ادام المدير و قلت له انا هعمل اخلاء طرف و أنت تمضي عليه و توافق على الاستقالة و تحرق ملفي اللى عندك و انا مش هجيب سيرة انى اشتغلت عندكم و لا حتى هقول إني قربت من الشارع اللى فيه الشركة ، الراجل لما حس انى عاوز انفد بجلدي خلاني امشي و حمدت ربنا إني طلعت منها سليم ، بس منكرش انى فضلت اربع شهور احس انى متراقب و إن فى حد لازق فيا لكن دعاء الحاجة امى هو اللى قعد لى و ربنا حفظني من شرهم . اوقف جلال تفكيره و امر عقله بعدم الخوض فى اى تحليل للحديث فهو يريده ان يفضي بما لديه اولاً ليسأله بهدوء عن الشركة الاخرى و قال :- - طيب دي الأسباب اللي سبت الشركة الأولى علشانها و الشركة التانية سبتها ليه . غامت ملامح يامن و اتبسم بسخرية و قال بصوت كـسـير يشوبه الحزن :- - أهي دي بقى أنا سبتها و أنا قلبي مكــــســور ، لما اكتشفت انى كنت لعبة فايد بنت صاحب الشركة . توقف يامن عن حديثه ليطرد ذكرياته عنها فهو لا يريد أن تعود إليه مرة أخرى ليعاني ليلاً بسببها من جديد ، و زفر أنفاسه بألم ليقول بعدما أدرك بأن جلال يخشاه :- - بص يا جلال انا عارف انك خايف مني يعني أنك تأمن لواحد أول مرة تشوفه و يسندك فالشارع و ي**م إنه يوصلك للبيت و يقعد معاك و من ساعة ما قعد جانبك وهو شغال كلام ، بصراحة و الحق انا اساسا نفسي كنت شاكك فيك لتكون مزقوق عليا من الشركة اياها و ناوى تخلص عليا فقلت اجيب اخرك معايا ، بس الظاهر كدا اننا فالهوا سوا هو مش اوى يعنى علشان انت ساكن فحتة حلوة و شقة ماشاء الله الله اكبر ملعب ، و انا يادوب مزنوق مع امى و اخواتى فشقة على قد الحال ، المهم يا صاحبى انا هسيبك بقى و امشي احسن زمان الحاجة نزلت اعلان فالجرايد اني مفقود و مش بعيد تلاقي منشور متعلق ابحث مع الشرطة عن شاب تايه . اتسعت ابتسامة جلال لحديث يامن و وقف بجانب مقعده ليقف يامن و يمد يده مصافحا اياه ليجذبه جلال و يحتضنه و يقول :- - متزعلش مني يا يامن إني كنت شاكك فيك ، بس بصراحة أنا قلبى اتفتح لك و حاسس انى لاقيت الصاحب اللى يقف جانبى و معايا ، علشان كدا يا بطل انا بمد لك ايدى و بطلب منك إنك تيجي تشتغل معايا فشركتى هى صحيح مش شركة كبيرة بس الحمد لله سمعتها طيبة ها قولت ايه . حدق يامن بوجه جلال لا يصدق ما قاله و اخذ يهز رأسه يمينا و يسارا يحاول ان يعى انه اخيرا وجد عملا بمثل تلك السهولة ، و اتسعت ابتسامة جلال لذهول يامن و أتى صوت يامن يقول باهتزار و دهشة :- - إنت بتتكلم بجد يعني إنت عاوزنى اشتغل معاك و لا أنا سمعت غلط و لا بحلم و . ربت جلال بيده فوق كتفه ف**ت و أخذ يامن يتطلع اليه بحيرة اكثر و قال :- - اوعى تكون شركتك تبع شركة البيونتو و ناوى توديني ورا الشمس انا ورايا كوم لحم يا صاحبي و هما ملهمش غيرى . انفجر جلال ضاحكا فيامن بدى أمامه كصورة أخرى منه في شكوكه و ظنونه لينفي قائلاً :- - متخافش يا يامن تعالى إنت بس أشتغل معايا و مسير الايام تثبت لنا سوا اننا فاختيارنا لبعض صح ، المهم انا هشوفك بكرة فالشركة هى فستة اكتوبر و دا الكارت بتاع الشركة هتيجى و نعملك اختبار صغير إن عديته هيبقى لنا كلام تانى مع بعض وقتها و هفهمك على كل حاجة تمام . مد يامن يده و شد على يد جلال مصافحا اياه بقوة و هو يومأ برأسه بالموافقة ، ليصحبه جلال الى باب الشقة ليغادر مسرعا لا يصدق ان الحظ ابتسم له اخيرا ، ليعود جلال الى مقعده محدقا فى غيوم السماء التى شعر و كأنها تبلغه رسالتها بأن حياته لن تهدأ الان ابدا . ---------------------------- أما يامن فأخذت خطواته تعدو إلى منزله يحاول ان يكبح سعادته بحصوله على تلك الوظيفة التي اضناه البحث عنها ، فهو و منذ غادر منزله هربا من دموع والدته التي قهرتها صاحبة المنزل لتأخرهم فى سداد ايجار الشقة لعدة أشهر ، لم يتحمل ان يراها بتلك الحالة ، ليفر من امامها متفاديا الاصطدام بشقيقته رقية التى تابعت هروبه بسخط ، تمنى يامن ان يصدق جلال في قوله فهو في امس الحاجة لذلك العمل الذي سينقفذ حياة اسرته من شر الديون التي اصبحت تثقل كاهل الجميع. ------------------------ نخر البرد جسدها و ألمتها ساقيها لوقوفها متصلبه هكذا فى تلك الزاوية بالقرب من سور الشرفة حتى تبتعد عن ناظرى حسين الذى دلف الى الغرفة عدة مرات ، لتنتبه ياسمين لدخول احد إلى غرفتها مرة اخرى و انتفضت بذعر حين احست باقترابه من الشرفة ، زاغت عيناها مع اقتراب خطواته فلم تجد مفرا امامها غير التعلق من جديد بسور الشرفة ، فتحركت بجسدها لتنهمر دموعها رغما عنها و تسلقت السور مرة اخرى و تدلت بجسدها إلى الأسفل و صوت الخطوات يقترب منها ووضعت طرف اصابعها على الحافة الصغيرة فى نفس اللحظة التى ظهر فيها حسين بالشرفة ينظر الى الناحية الاخرى ، احست ياسمين بأنها على وشك الموت خوفاً فإن ادار وجهه الى تلك الجهة فسيراها حتما ، و بدون ان تفكر او تراجع قرارها اغمضت ياسمين عيناها و تعلقت بتلك الحلية الموجودة اسفل سور شرفتها و تركت الحافة الصغيرة ، ليصبح جسدها معلقا فى الهواء على ارتفاع عشر طوابق يدعمها فقط اصابعها المرتعشة التى تمسـكت بالحلية ، في نفس اللحظة التى ادار حسين رأسه و نظر بنفس الاتجاه التى علق جسدها به ، ليخرج من جيب بنطاله علبة سجائره ووقف يدخن وعقله يتسائل ، إلى متى سي**د رفعت و يتحمل حالة الشح التى اصبح الجميع يعامله بها و رفضهم مده بم**ره ؟ إلى متى سيتحمل عذاب ادمانه و يبقى على اخفاء ابنته عن انتظارهم ؟ واسودت عينا حسين و تصلب فكه ليهمس لنفسه ويقول :- - مسيرك هتقعى فايدى و هو يعني أبوكي الشمام دا هيقدر يخبيكي مني كتير ، لأ و هو لو متكلمش لحد دلوقتي فأنا هعرف أخليه يتكلم إزاي و مش كدا و بس لأ دا أنا هخليه يسلمك ليا بايده و ساعتها محدش هيرحمك من اللى هعمله فيكى يا ياسمين يا بنت أشواق . سيطر عليها دوار قاسى فقد تضافر عدم تناولها للطعام طوال اليوم مع رهبتها و خشيتها من المرتفعات عليها بقسوة ، و لم تلحظ بسبب رعبها ان حسين رمى سيجارته و عاد الى الداخل و احست بأنزلاق اصابعها عن الحلية التى تتشبث بالحياة بها فسحبت نفسا عميقا و تلت الشهادة بضعف ، لتشهق بذعر حين قبضت اصابع على جسدها فجأة فتسارعت ض*بات قلبها و تخلت اصابعها عن الحلية ، و استسلمت للامر الحتمى و هى تهوى داخل تلك الظلمة التى ظنتها ياسمين نهايتها و لم يمهلها فقدانها لوعيها الوقت لتطلق صرخات الاستغاثة ، و لم ترى تلك العينان التى جحظتا برعب و هى تحدق في وجهها المحاكى للاموات ببياضه و زرقة شفتيها ، حينما ارتمى جسدها الرخو فوق جسده الذى شعر بتجمده فور ملامستها له ليسرع ذلك الشاب بالاعتدال سريعا و حملها متوجها الى داخل تلك الغرفة ليمددها فوق الاريكة و اخذ ينادى بصوت جزع و عينيه لا تفارفها و قال :- - شادى يا شادى تعالى ألحق بسرعة . ولج شادى الى الغرفة ليرى تلك الفتاة التى انحنى ايمن يحاول افاقتها لينقبض قلبه بشدة فأسرع الى الاريكة لا يصدق أنها هي و قال :- - دى دى ياسمين هى جت منين يا أيمن و و مالها هي ماتت و لا إيه . ربت ايمن فوق وجنتيها و اخذ يفرك كفيها يبث بهما الدفء و ألقى ببصره إلى صديقه ليراه يقف شاحب الوجه مضطرب فقال :- - شادى فوق كدا دا مش وقت صدمة و روح هات ازازة برفان من بتوعك علشان نفوقها و نشوف الهانم اللى كانت عاوزة تنتحر دى حكايتها ايه هي كمان . صعق شادى أمام كلمات صديقه فغادر الغرفة وعقله يتسائل أحقاً أرادت ياسمين الانتحار؟ لا لا يمكن فعينيها التي يراها من خلف النقاب لا توحي بذلك ولكن أين نقابها ؟ فهو يعلم أنها لا تغادر أبدا بدونه ، توجه شادي إلى غرفته و بداخله مئات الأسئلة التي تبحث عن إجابة ، وحدها ياسمين تملك اجابتها نفض شادي حيرته والتقط زجاجة عطره وأسرع بالعودة إلى أيمن و أعطاها له قالاً :- - على فكرة أنا مش مصدق موضوع الانتحار ، اصلا ياسمين مش من نوع البنات دي لأ أكيد في سبب للي حصل يا أيمن ، بص أنت تحكي لي و تفهمني ياسمين جت هنا إزاي واكيد هنعرف منها السبب لما تفوق . تـنـهـد أيمن و هو ينثر العطر بعيدا عن انفها و قال :- - انا كنت خارج البلكونة اشرب سيجارة بلتفت براسي لاقيت الاستاذة متعلقة فالبلكونة ، و لولا إنى لحقتها كانت رمت نفسها حقيقى انا مش عارف لحد دلوقتي إزاى قدرت امسكها و اسحبها جوا البلكونة هنا دي أعصابي سابت بسببها ، إنما قولي دى تبقى مين يا شادى أنا أول مرة اشوفها رغم انى على طول عندك ، وأنت بتتكلم عنها بثقة كأنك تعرفها . رمى شادى بجسده إلى مقعد قريب و رمقها بعينا عاشق لا أمل له معها و قال :- - دى ياسمين جارتى اللى ساكنة فالدور اللى فوق هي مش بتظهر كتير أساساً و مش بتتكلم مع أي حد من سكان العمارة ، كنت لمحتها كام مرة و عرفت اسمها لما والدها خرج مرة وراها و ناداها باسمها ادامى . بدأ اللون يعود تدريجيا الى وجه ياسمين و تصبغت شفتيها بلون احمر طبيعى ، جعلت قلب ايمن يهتز بين ضلوعه فازدرد ل**به و هو يحاول التحكم في ارتجافة يداه التى ربتت على وجهها بلمسات حانية ، فصور له عقله ان يميل على شفتيها مخ*فا قبلة من تلك المرتعشتان أمامه ، لينتفض بعيدا كمن مسته النار و احترق بقوة يردد استغفاره و هو يمرر يداه بين خصلات شعره الاسود الطويل نسبيا ، ليحدجه شادى بنظرات متسائله و شعر ايمن بسيطرة غريبة لتلك الفتاة عليه فاعاد بصره إليها ، ليراها ترفع يدها و تتلمس جبهتها باصابع مرتعشة لتفتح عيناها بذعر و ، تنتفض تشعر انها هلكت حين هيأ لها انها سقطت بين يدا حسين لتجحظ بعيناها و هى ترى زوجان من الاعين يحدقان بها ، فرفعت يدها الاخرى تدعم رأسها لتكف عن دوارها فاتجه ايمن الى جوار صديقه يرمقها بفضول تحكم فيه حتى لا يطلق العنان لنفسه بأن يسئلها عما أقدمت على فعله ، سحبت ياسمين عدة انفاس و هى تتلفت حولها بخوف ممزوج بالامان لعدم رؤيتها لحسين و حينما وقع بصرها على وجه شادى حاولت تذكرها لمكان رؤيته ، ليدرك عقلها الذى بدأ يستعيد صفوه انه جارها الذى يقطن في تلك الشقة اسفل شقتها ، فـتـنـهـدت و عقلها يعيد عليها اخر دقائق قبل ان تفقد وعيها فقالت بصوت ضعيف متسائل :- - هو ممكن اعرف انا جيت هنا إزاى . رفع ايمن حاجبه بسخط و هو يمنع نفسه عن الجلوس بجانبها و هزها بقوة ليقول بسخرية :- - هى الاستاذة فقت الذاكرة و لا بتحاول تمثل انها نسيت اللى عملته ، انا بجد مش عارف اقولك ايه انتى متخيلة لو مكنتش دخلت البلكونة و شوفتك و انتى متعلقة بالشكل المرعب دا و مسـكتك قبل ما تقعى ، كان زمانك دلوقتى بتتحاسبى على انتحارك بجد عقلى مش قادر يستوعب ازاى بنت فسنك الصغير دا و الحياة لسه كلها ادمها تفتكر انها تنتحر و ترمى نفسها من البلكونة ممكن بقى سيادتك تفهمينا ايه اللى خلاكى تعملى كدا . استمعت ياسمين لاتهامه ب**ت فهى مهما قال و اتهمها لن تستطيع ابدا افهامه الدافع وراء فعلتها ، اذا فلتدعه يظن فيها ما يظن هى لن تصحح له فكره عنها فهى لن تراه بكل تأكيد مرة اخرى تحاملت ياسمين على دوارها ووقفت توازن جسدها الذى اخذ يتميل بترنح واضح للعيان ، ليسرع شادى و ايمن بالوقوف امامها فارتعدت ياسمين بخوف و تراجعت لتسقط من جديد على الاريكة فضمت جسدها بذراعين مرتجفتين و هى تحدق بهما بذعر ، ليتبادل شادى و ايمن النظرات ليبتعدا و اتى صوت شادى الهادىء يقول فى محاولة منه لبث الاطمئنان فى نفسها:- - متخافيش يا ياسمين احنا كنا هنسندك لان شكلك فعلا تعبان و مش قادرة تقفى على رجليكى ، بصى ارتاحى شوية على ما اعملك اى حاجة تشربيها الظاهر كدا ان عندك هبوط فالدورة الدموية . حاولت ياسمين ابعاد تلك الخيالات عن رأسها فأخذت تحرك فيها يمينا و يسارا فحدق بها شادى بدهشة و حيرة ، ليلاحظ ايمن عيناها الزائغة فجذب شادى من ساعده و قال :- - الظاهر كدا انها افتكرت حاجة و خايفة بص روح اعمل لها اى حاجة تاكلها و هات لها كوباية عصير كبيرة ، دى شكلها مأكلتش اى حاجة ووشها اصفر . لم يدرى شادى كيف ينسحب و يتركها مع صديقه بمفردهم و هو الشغوف بها ، ليومأ على مضض و يغادر ملبيا طلب صديقه اما ايمن فقد عاد الى مكانه و جلس يمعن النظرات بها ليقول محاولا ابعاد تلك الذكريات عنها التى جعلت وجهها يزداد شحوبا :- - انسة ياسمين انتى سمعانى ممكن تبصى لى لو سمحتى . احست ياسمين بصوت ذلك الشاب يخترق خيالات عقلها و يبعدهم عنها فحدقت بوجه بعينان تلمعان بدموع و خوف و شىء اخر لم يستطع ايمن فهمه فرسم ايمن ابتسامة اطمئنان و قال :- - على فكرة انا ايمن محمد تالتة تجارة و ابقى صاحب شادى الانتيم انا عرفت من شادى انك جارته و ساكنه فالدور اللى فوق ، ممكن بقى تسمعينى فاللى هقوله ليكى من غير ما تزعلى و لا تضايقى انا عاوزك تعتبرينى زى اخوكى بالظبط و متخافيش منى ، و على فكرة انا عندى اخت اسمها رقية بس هى اكبر منى بسنة فاخر سنة بكلية الاداب ها هتسمعينى يا ياسمين . اومأت ياسمين برأسها بوهن فقد احست بالصدق فى حديثه نظرت له ياسمين لترى ابتسامته و سمعته يقول :- - بصى اولا انا هعتذر لك علشان انفعلت عليكى من شوية و انا معرفش ظروفك ايه ، علشان كدا عاوزك تقبلى اسفى بس يمكن انفعلت لانى شوفت بنوتة جميلة زيك بتحاول تموت نفسها فقلت اكيد فى سبب قوى خلاها تفتكر ان دا الحل ، بس انا بقى هقولك على السبب الاقوى اللى يخليكى متفكريش فالموضوع دا تانى من غير ما اعرف ظروفك و لا اسبابك ، بصى يا ياسمين كلنا بنقابل و نشوف فحياتنا حاجات كتيرة اوى منها اللى بيكـسـرنا و منها اللى بيخلينا نحس اننا مذلولين و موجعين اوى ، و كتير بنحس ان الدنيا دى بتظلمنا اوى من غير ما يكون لنا ذنب فأى حاجة و جاية علينا و بتدوسنا فكل مرة كأنها مش شايفة غيرنا تدوسة و تذله ، و اللي بيخلينا نتحمل دا و نصبر عليه هو ايمانا بربنا و اننا بنقول دايما يارب و بنرضى بكل حاجة ، لان على الرضى و الصبر ربنا بيجازينا و مهما زادت الدنيا عليكى او على غيرك طالما متوكلة على الله و بتقولى يارب و صبرتى و ارتضيتى بالمكتوب لك ، ربنا هيقويكى اكتر و هتلاقى نفسك بتتحملى و مهما حسيتى بالضعف او ان الشيطان بيحاول انه يهبط من عزيمتك و يخليكى تستسلمى ، تقومى تتوضى و تصلى ركعتين لربنا و تسحبى مصحفك و تقرى فيه هتلاقى نفسك هديت و اوقات كتيرة هتلاقى الحل لكل مشكلة او موقف بتتعرضى له ، ها اتفقنا اننا نلجأ لربنا و نرمى كل احمالنا فسجدة و دعاء لربنا . و كأنه فتح أمامها باب نور ووجهها نحوه لم تدرى ياسمين لم امتلكت كلماته قلبها و سكنته ، تـنـهـدت بصعوبة تخرج انفاسها المحملة بالظلم و القهر و الحزن الذى اصبح هو رفيقها الاوحد ، تحاول ان تتنفس هواءا نظيفا لا تعبقه رائحة الم**رات و ضباب ادخنة السجائر المغمسة بكل ما يذهب عقل والدها ، أغمضت ياسمين عيناها و انهمرت دموعها بضعف ليلج شادى و يحدق بهما بتساؤل ، فأشار اليه صديقه بأن يلتزم ال**ت و وضع امامها الطعام و العصير و قال بصوت مضطرب :- - اتفضلى يا ياسمين علشان الدوخة اللى عندك تروح و متقلقيش من اى حاجة و صدقينى لو احتاجتى لاى مساعدة هتلاقينى معاكى . اومأت ياسمين و هى تبتسم لاول مرة لتظهر غمازة وجنتها ، فحدق بها شادى ببلاهة فوكزه ايمن و سحبه من ساعده لخارج الغرفة و هو يهمس له بأن يتركاها بمفردها لتتناول طعامها فى هدوء و دون خوف . ----------------------- جلس حسين يتطلع الى رفعت الذى اذهب ال*****ن بوعيه فأخرج إحدى سجائره و اشعلها و مد يده بها الى رفعت و قال :- - خد يا رفعت ظبط المزاج انا عاوزك تبقى رايق على الآخر انا اهو بقدملك السبت علشان تعرف انى مش شايل منك و لا حاجة و أنى خلاص نسيت اللى حصل زمان . مد رفعت يده و اخذ السيجارة و سحب منها عدة انفاس و نظر الى حسين و قال :- - يدوم يا حسين انت بجد صاحبى و انا . لم يقوى رفعت على اكمال حديثه فسحب انفاسا آخرى ليأتى سؤال حسين مباغتا له بقوله :- - إلا يا رفعت يا اخويا انت لسه ملاقتش ياسمين بنتك . اضطربت ملامح رفعت و خفض عيناه تهربا من عينا حسين ، حينها تأكد حسين من ان رفعت يخفى ابنته عنهم فأردف سريعا و قال :- - يا رفعت ياسمين بنت و لوحدها مش معقول هتفضل راكن كدا و مش بتدور عليها ، مش كفايا سبت اشواق تضيع منك يعقل يعني أنك تسيب بنتك كمان ، و الله حرام عليك يا اخى بص عموما انا فضهرك وقت ما تحب تدور عليها انا معاك ، و صدقنى انا رميت اللى حصل من زمان اهو اللى حصل حصل و كل واحد دفع تمن اللى عمله و اخد جزائه ، فكر يا اخويا و انا معاك لو مش عارف مكانها ندور سوا فالسر عليها لحد ما نلاقيها و نلم لحمك من الشوارع بدل ما تتبهدل اكتر و لا يضحك عليها حد ابن حرام ، بص انا هسيب لك تموين يومين علشان انا مسافر و مش عاوزك تتحوج لحد ابدا و لما ارجع هجيب لك تموينك ، انت عارف انا بحبك قد ايه و مش علشان فلوسك راحت هتخلى عنك ، يلا انا همشى بقى و لو عوزت اى حاجة انا هوصى ممدوح عليك يسد مكانى لحد ما ارجع . وقف حسين و ابتعد متوجها الى باب الشقة ليقف و يستدير مرة أخرى ، و هو يخرج من جيب بنطاله رزمة من المال وضعها بالقرب من مظروف الم**ر و قال :- - رفعت خلى المبلغ دا معاك علشان مصاريفك الايام اللى جاية . غادر حسين و اغلق باب الشقة خلفه و وقف ينصت السمع الى داخل الشقة ، و حينما تاكد من سواد ال**ت غادر و عيناه تطلق شررا غامضا . --------------------- وقفت ياسمين بجوار باب شقة شادى ترهف السمع و لزمت ال**ت وسط حيرة شادى و تعجب ايمن ، الذان وقفا يحدقان بها ب**ت مرادف ل**تها التفتت ياسمين اليهما و قالت بحرج :- - هو أنا ينفع اطلب منكم حاجة . اسرع شادى و قال متلهفا :- - أأمرينى يا ياسمين أنا تحت امرك فأي طلب . -----------------------------
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD