احمر وجه ياسمين بسبب نظرات شادي المتفرسة فيها فخفضت رأسها بحرج و قالت بتردد :-
- أنا عارفة إنه طلب غريب بس هو ممكن لو سمحت تطلع فوق تخبط على بابا و تشوفه إن كان لوحده و لا معاه حد ، بس بالله عليك تخلي بالك و متبينش أي حاجة و لا تجيب سيرتى خالص لو لاقيت حد معاه ممكن .
تعجب أيمن من طلب ياسمين فحدق بها ملياً وأخذت عيناه تلاحق ارتجافها فأدرك خوفها الكامن بداخلها من شيء لا يعلمه غيرها و حول عيناه الى شادى و قال :-
- خليك إنت يا شادي معاها هنا و انا هطلع و اخبط و اشوف إن كان في حد مع والدها و لا لوحده و هيبقى طبيعي طلوعي أنا بما إني صاحبك فهعمل نفسي بسئل عليك علشان محدش يشك فيك لو انت اللي طلعت .
نظرت ياسمين إلى ايمن بامتنان و شكر صامت ، فأسرع ايمن و غادر ليصعد تلك الدرجات الى اعلى و طرق الباب عدة مرات ، و حين هم بالنزول مرة اخرى فتح الباب و طالعه رجل يتضح على ملامحه عدم ادراكه بوعيه يفرك انفه بقوة ، نظر رفعت الى ذلك الغريب بريبة و دعم جسده الى باب شقته و سأله بصوت مهزوز :
- خير انت عاوز مين .
تفرس ايمن به جيدا و اقترب منه و اخذ يتطلع خلسة الى داخل الشقة و قال :-
- انا صاحب شادى جارك اللى ساكن فالشقة اللى تحت حضرتك ، كنت بس عاوز اسئلك ان كنت شوفته علشان بخبط عليه و هو كان مدينى ميعاد و مش بيفتح .
حك رفعت انفه بقوة بأصابع مرتجفة و ضغط فوق ذراعه الايمن بقوة و قال :-
- لا معرفش عنه حاجة ممكن تنزل تسئل المحل اللى تحت هيقولك لو كان شافه .
شكره ايمن و هبط الدرجات بتمهل يتابع خفيه حركات رفعت و راه يغلق الباب ، فاستكمل ايمن هبوطه باقى الدرجات و طرق الباب ليسرع شادي بفتح الباب له ، فنظرت ياسمين اليه بتسائل قلق ليجيب عليها سؤالها المكتوم و قال :-
- هو والدك شعره رمادى و طويل و تعبان تقريبا عنده برد .
اومأت ياسمين برأسها بحرج فاستكمل ايمن قوله و قال :-
- اطمنى والدك تقريبا لوحده .
تــنــهــدت ياسمين بقلق و نظرت الى شادى و ايمن و قالت :-
- طيب انا انا هطلع بقى و و شكرا اوى على الاكل و العصير بس بس انا ليا طلب كمان معلش ممكن .
اومأ كلاهما لها فأردفت ياسمين و قالت بصوت خفيض حزين :
- هو ممكن لو اى حد سئلكم عنى تنكروا انى موجودة هنا ، انا عارفة ان طلبى غريب بس اصل انا انا اه انا هربانه من عمى علشان عاوز يجوزنى ابنه بالغصب ، و بابا مخبينى عنهم و و مش عوزاهم قصدى عاوزاه يعرف انى مع بابا و و .
اشارا اليها بتفهمها طلبها و اجابها شادى و قال :-
- متخافيش يا ياسمين محدش يعرف مننا اى حاجة عنك اطمنى ، و لو اى وقت عمك جه انزلى هنا على طول بصى الشقة هنا امان و انا و ايمن اغلب الوقت بنكون فالكلية و الشغل يعنى هتبقى مطمنة .
ابتسمت ياسمين بخجل و اطرقت برأسها لترى شادى يخرج من جيبه مفتاح شقته و يقول :-
- خدى المفتاح يا ياسمين و ادخلى فاى وقت انت عوزاه و اعتبرى البيت بيتك .
بادلت ياسمين النظر بينه و بين ايمن ليومأ ايمن لها بأخذ المفتاح و قال :-
- متنسيش يا ياسمين الصلاة و القرآن و تدعى و ربنا مش هيسيبك ابدا و هيبقى معاكى فكل وقت .
----------------------------
و فى الاسفل وقف حسين يتابع من مكانه باب البناية يعلم بأنها هنا ولكن أين ذلك ما سيسعى لكشفه ، فأخرج هاتفه من جيب بنطاله ووقف يتحدث بأهتمام إلى صديقه رغماً عنه و يقول :-
- ابعت لى الواد عصام ابرة انا عاوزه فمصلحة و متتكلمش قصاد أي حد من الرجالة اللي عندك إحنا منعرفش مين ممكن يبعنا و يبلغه ياخد حذره فاهمني .
**ت حسين يستمع الى صوت صديقه ممدوح ليصيح بنفى :-
- لا لا متبعتش رائد انت ناسى ان رفعت عارف شكله و كمان ياسمين عرفاه و يعتبر كرت محروق و هيكشفنا ، هو مافيش الا الواد عصام اللى هيسلك فاللى انا عاوزه و هيعرف يجيب لى التايهه ، اصل يا ممدوح اخوك رفعت فاكر حاله ذكى و هيقدر يخبيها عننا و ميعرفش انه حتى لو خباها فبطن الحوت هجيبها هى و الحوت و مش هرحمها ، هما مش عارفين بيلعبوا مع مين و نسيوا ان مش حسين الدياش اللى حتت بت هتقدر تستغفله و تهرب منه .
**ت مرة أخرى يستمع إلى صوت ممدوح متبرماً ليقول :-
- لما أشوفك هفهمك على كل حاجة يا ممدوح المهم دلوقتي أنا عاوزك تعمل اللي قولت لك عليه قبل العصفورة ما تطير و تسيب العش ، أصل أنا حاسس إنها هنا و زي ما تقول كدا شامم ريحتها اللي مختلفتش كتير عن ريحة أشواق .
أنهى حسين حديثه ليعقد حاجبيه و يهمس لنفسه :-
- اطمن بس إنها فإيدي وهخفيها عن الكل ، أنا لا يمكن أسمح لك يا ممدوح إنك تطولها حتى لو زحفت أدامي و بكيت ، و كفايا إنك كنت السبب فضياع كل حاجة إنت أبنك من الأول ، و صدقني اضمنها وبعد كدا أصفي حسابي على مهلي معاك و مع الكل .
---------------------------
ضحكات تنطلق منها بسعادة و هى تجرى و تفر منه و تلتفت إلى الخلف ترميها بنظرات مرحة و تقول :-
مش هتعرف تمسكنى ابدا يا جلجل عارف ليه علشان انت الظاهر عليك عجزت .
انفجر جلال ضاحكا و هو يقبض عليها محيطا جسدها بين ذراعيه و يقول :-
- بقى انا عجزت يا نورا طيب انا بقى هوريكى العجوز دا هيعمل فيكى ايه .
احكم جلال قبضته حول جسدها و اخذ يدور بها عدة مرات جعلها تتشبث به و تطلق صرخات مازحة و تقول :-
- خلاص خلاص يا جلجل و حياتى خلاص ، اقولك انا اللى عجزت بس كفايا تلف بيا هدوخ و هشتكيك لبابا و انت عارف بابا هيعمل فيك ايه مش بعيد يعمل معاك الجلاشة .
توقف جلال عن الدوران و دعم جسدها بجسده و هو يحدق بها بدهشة ، ليحرر احدى يداه و يرطمها بكفه خلف رأسها ثم فرك اذنها و قال معاتبا :-
- الجلاشة يا نورا عرفتى كمان الجلاشة ، انا مش عارف مدارس ايه اللى بتروحيها دى و تخلى ل**نك يقول كلام انا مقدرش اقوله ، اقولك انا بقى اللى عمل معاكى الجلاشة علشان تحرمى تقولى الكلام دا تانى .
حاولت نورا ان تخفف من فرك جلال لأذنها و قالت و هى تفتكر فى طريقة للخلاص من عقابه :-
- سماح يا جلجل اخر مرة و حياتى عندك خلاص بقى علشان خاطر نورا حبيبتك .
ترك جلال اذن نورا حين تفاجأ بغيوم كثيفة تحيط بهما حالت بينه و بين نورا ، ليمد يداه فجأة باحثا عنها حينما اختفت فجأة و هى تصرخ تناديه باستغاثة و بكاء ، فأخذ يتسمع لمكان صوتها و هو يتخبط وسط تلك الغيوم ، يناديها بقلب منفطر مذعور يخفق بقوة يكاد يمزق ص*ره ، لينقشع الغيوم فجأة فرأها تجلس فى ركن مظلم بعيد اسرع اليها لتتضح له رؤيتها رويدا رويدا ، تنكمش حول نفسها و تضم جسدها بذراعيها تبكى بقهر ، فانخفض اليها و مد يده يرفع وجهها اليه ليتراجع عنها مصدوما و هو يصرخ برعب :-
- انتى مش نورا انتى مين و فين نورا انطقى نورا فين .
اجابته و هى تحاول التشبث باصابعه بخوف التى بدأ يجذبها منها و قالت بصوت مكلوم :-
- ألحقنى يا جلال و متسبنيش أنا محتجالك جلال جلال .
انتفض جلال من نومه مذعورا و اخذ يبحث عنها فى انحاء غرفته يشعر بصوتها يتوسله ، فرفع راحتيه يدفن بينهما وجهه و يهز رأسه بقوة ينفض من رأسه صوتها الباكى و هو يهمهم بحيرة :-
- انتى مين انا عاوز اعرف انتى مين و عاوزة منى ايه .
لم يستطع جلال النوم مرة اخرى لاحتلالها عقله ، بهيئتها الضعيفة وجهها الشاحب عيناها الحمروان دموعها شفتيها المرتجفة المخضبة بحمرة الدم و صوتها المتوسل الباكى ، تمنى جلال في تلك اللحظة ان يجيد الرسم ليعيد تفاصيلها فوق لوحة ، ليبحث عنها و يعرف لما تلاحق احلامه في الفترة الاخيرة و لما تبادل شقيقته نورا الجسد ، أغمض جلال عيناه في محاولة اخيرة لوضع حد لافكاره و فتحهما ، ليجد نفسه يقف امام باب مكتبه حاول الا يلجه و لكنه دفع بابه و اتجه صوب تلك اللوحة الكبيرة التى تزين جدار مكتبه ، يجتمع بداخلها افراد اسرته والده ووالدته و شقيقته و شقيقه الصغير كل تلك السعادة التى تطل في العيون كانت قبل ان يفرقهم الموت ، اسرع جلال باغلاق باب المكتب فهو لا يريد ان تستحوذ عليه ذكريات الماضى و تعيد ت***به من جديد ، بل يريد ان يتقدم خطوة اخرى في سبيل انتصار جديد في عمله توجه جلال الى غرفه نومه مرة اخرى ، ليبدل ثيابه و يرتدى احدى بدله الرسمية متوجها سيرا الى مقر شركته .
و كالعادة هو اول من يتواجد بالشركة و يستقبل موظفيه مرحبا بهم واضعا على مكتب كلٌ منهم كوب من القهوة ليبدأو يومهم بنشاط و ابتسامة ، راقب جلال موظفيه عبر شاشة حاسوبة يحتسون قهوتهم و يعملون بجد لينظر الى ساعة الحائط و يعلم ان يامن على وصول ، ليراه و هو يدلف من باب الشركة متوجها الى مكتب السكرتارية ووقف يامن يتطلع الى تلك الشابة التى تبدو على وشك الوضع بقلق و اخبرها ان لديه موعد مع جلال ابتسمت له بحرج و قالت :-
- مستر جلال سايب خبر ان حضرتك جاى و هو مستنيك اتفضل .
بادلها يامن الابتسامة و طرق باب المكتب ليجيبه جلال طالبا منه الدخول ، رحب جلال بيامن و قال و هو يشير الى الساعة :-
- في ميعادك بالظبط يا يامن و دى نقطة لصالحك كبيرة .
صافحه يامن و جلس امام مكتبه و قال :-
- ها قولت لى ان في اختبار كدا الاول و .
قاطعه جلال بهدوء و قال :-
- اهدى يا يامن هو مش اختبار بالمعنى المعروف دى مشكلة مطلوب منك تحلها و على حسب حلك هيبقى شغلك .
اومأ يامن في **ت ليقف جلال و يستدير حول مكتبه و جلس امامه و قال و هو يخفض صوته :-
- لو في صفقة دخلها اتنين صحاب ، و فيهم واحد دايما على طول بيخدم صاحبه و يقف جانبه و يساعده ، و الصفقة دى كانت هترفع من شركتهم لفوق ، و قبل الصفقة ما تتم بأقل من اتناشر ساعة اتسربت كل المعلومات الخاصة بالصفقة دى ، و الطرفين خسروها تفتكر مين يكون السبب فالخسارة يا يامن .
طرق يامن يفكر ليخبره عقله بأن الحل واضح و لكنه تراجع عنه لسهولته سحب يامن نفسا عميقا و نظر الى جلال و قال :-
- طرف تالت دخل بينهم و سرق المعلومات كلها ، علشان الصديق اللى دايما بيطلب المساعدة هو اللى يتشك فيه و يشيل الليلة كلها ، و لعلمك مش هيكون هو نفس الطرف اللى كـسـب الصفقة و اخدها ، لا هو هيحافظ على اخفاء نفسه علشان يفضل مجهول و محدش يقدر يوصل له ، لكن الصفقة بردوا هتصب فخزنته فالاخر .
اعتدل جلال بجلسته و حدق مليا بوجه يامن بعدما اصابته الدهشة لحله لذلك الاختبار ، و لاحظ يامن ردة فعل جلال فأردف و قال :-
- أظن ما ظهر في حساب الشريك رصيد بنفس قيمة الصفقة مش كدا .
وجد جلال نفسه يومأ برأسه ليامن ، ليعتدل يامن و يميل الى جلال محدقاً بوجهه بريبة و يقول بصوت خفيض :-
- هو انت كنت واقف ضد شركة البيونتو فصفقة و عملوها معاك و خسروك صاحبك بطريقتهم المعتادة دي .
احتدت ملامح جلال و غام وجهه ووقف سريعا ليعود الى مكانه و قال و هو مقطب الحاجبين :-
- لأ دا مجرد سؤال يا يامن علشان اشوف قدرتك على تحليل البيانات مش اكتر ، و دلوقتى تقدر تطلع لمدام انجى و هى هتوضح لك كل حاجة عن طبيعة شغلك .
وقف يامن مرتبكا امام لهجة جلال الرسمية ليستئذن منه و يغادر متعجبا من تغير جلال السريع معه ، فهو لم يقل الإجابة الا من واقع ما رآه حقا بعدما اطلع على تلك الاوراق التى وقعت تحت يده عن طريق الصدفة ، و علم منها بحصول ممدوح الدمرداش على تلك الصفقة التى ضاعفت رصيده خمس مرات ، بتدميره للشركة المنافسة ، و تملك من يامن الفضول و تسائل هل يمكن أن يكون جلال هو ذلك الرجل الذى أطاح به ممدوح فى الخفاء ، ام ان السؤال كله مجرد صدفة مط يامن شفتيه ، و عاد ليقف امام مكتب انجى فرفعت رأسها عن تلك الاوراق التى تراجعها و قالت :-
- حضرتك مكتبك هيبقى رابع مكتب على ايد*ك اليمين فالممر اللى هناك دا ، و هتلاقى فمكتبك كل الاجهزة اللى هتحتاج ليها و الملفات اللى مفروض يتعاد تقيمها من تانى ، و ان شاء الله حضرتك بكرة و انت جاى تتكرم و تجيب كل الاوراق اللازمة علشان نسجلك ضمن موظفين الشركة ، و اه هتلاقى على المكتب مجموعة اسئلة ياريت تجاوب عليها و تبعتها لى علشان اعملك فايل باسمك على السيستم .
شكرها يامن و اتبع ما وصفته له ليلج الى مكتبه و يقف دهشا امام اتساعه و كم الاجهزة المجهزة به ، فاتجه الى مكتبه و مد يده و سحب تلك الورقة التى عليه ان يجيبها ، ليحدق بها فارغ الفاه يتسائل لما يريدون معرفة ما يفضله من طعام و مشروبات و زهور و الوان في عمله ليدون مفضلاته و هو يشعر بالحيرة.
حاول جلال اماطة تلك الذكريات عن رأسه فأسرع بالوقوف يفكر في كلمات يامن ، يشعر ان اجابته فتحت امامه بابا جديدا لم يفكر فيه من قبل رغم كل الدلائل و الشهود التى اثبتت التهمة على ذلك الصديق الخائن .
-----------------------------
اسرع ايمن في سيره فقد تأخر كثيرا في نومه و فاتته المحاضرة الأولى ، و يدرك ان الباقى على المحاضرة الثانية أقل من عشر دقائق ، و ان لم يصل في الوقت المحدد لن يسمح له دكتور المادة بالحضور ، وقف ايمن امام باب المدرج يلتقف انفاسه فلمح شادى يشير اليه فأعتدل و سار باتجاهه و قال :-
- اول مرة تحضر فميعادك يا شادى ايه يا عم النشاط دا ، قولى بقى و طمنى حضرت المحاضرة الاولى .
اومأ شادى و قال :-
- اه حضرت المحاضرة و سجلتها لما لاقيتك مجتش ، علشان تعرف تذاكرها انما قولى انت ايه اللى اخرك كدا .
تذمر ايمن و قال و هو يتذكر ما فعلته شقيقته به :-
- البت اختى لاغت كل المنبهات اللى كنت عملها ، قال مش عاوزة تصحى بدرى و خلتنى اتعصب عليها رغم انها الكبيرة ، بس عارف يا شادى رغم انها اختى بس بستتقل دمها اوى و بحسها من ارخم خلق الله ، و حقيقى بقول ربنا يعين اللى هيتجوزها دى هتجيب اجله بدرى بدرى .
ابتسم شادى فصديقه قلما يحكى عن اسرته و انتبه شادى لسؤال ايمن فعاد بعيناه اليه و قال :-
- منمتش من الاساس يا ايمن ، مش عارف كنت خايف اوى لحد يطلع و انا نايم الشقة فوق و يعرف بوجود ياسمين ، ففضلت صاحى براقب العمارة من فوق .
حدق به ايمن بدهشة و قال :-
- و انت هتفضل على الحال دا كتير انا امبارح افتكرت كلامك اللى قولت لى عليها ، و فهمت من نظراتك ليها ان هى دى البنت اللى بتحبها اللى شوفتها كام مرة و من ساعتها شغلت قلبك ، بس يا صاحبى احب الفت نظرك ان ياسمين دى شكلها وراها حوار كبير ، و كبير اوى و هى صغيرة على اللى هى فيه دا و مفتكرتش انها هتفكر فحب و كلام من دا فظروفها دى ، فحاول يا شادى انك تشيلها من دماغك انا خايف عليك يا صاحبى .
زفر شادى و اشاح بوجهه عنه ليقع بصره على زميلته جرمين ليعيد بصره الى ايمن و يقول :-
- مش بمزاجى انى حبيتها يا ايمن و اتعلقت بيها ، زى ما هو مش بمزاجى انى اشوف حال جرمين و اتف*ج عليها و هى بتحبنى و انا مش حاسس بيها ، عارف يا ايمن الدنيا دى غريبة اوى واحدة تحبنى و انا مش عاوزها و اللى احبها انا هى مش عوزانى و لا حتى شيفانى .
ربت ايمن فوق كتف صديقه و قال :-
- عارف اللى يشوف بلوة غيره تهون عليه بلوته ، اهو انا بحمد ربنا انى قلبى مدقش لاى واحدة علشان مبقاش زيك كدا و لا زى جيرمين احب و اتعذب بحبى دا .
ابتسم شادى بسخرية و قال :-
- بكرة تطب و تحب و تلاقى نفسك غرقان فالحب من غير ما تحس يا صاحبى .
--------------------------
لزمت ياسمين غرفتها منذ استيقظت بعدما أكتشفت مغادرة والدها فقد ملائها الخوف من ترك غرفتها ومغادرتها كما فعلت بالأمس ، حتى لا يفاجئها والدها بعودته و بصحبته حسين ، ذلك الكريه الذى يسعى للنيل منها و يبحث عنها في كل مكان ، تـنـهـدت ياسمين لتنتبه لطرقات على باب غرفتها ، فأسرعت تختبى اسفل فراشها ليأتيها صوت والدها مناديا لها بحذر فزحفت من اسفله لتقف امامه فابتسم لها و قال :-
- انا نزلت الصبح و جبت لك اكل كتير ، علشان مسبكيش جعانة زى الايام اللى فاتت ، الا يا ياسمين انتى نزلتى الدور اللى تحت امبارح ازاى .
اغمضت ياسمين عيناها هربا من تلك الذكرى الرهيبة التى مرت بها و هى معلقه فالهواء ، و لكنها سرعان ما فتحتهما حينما جذبتها رائحة الطعام فحملت عن والدها الاكياس و قالت :-
- هينفع اخرج من الاوضة النهاردة و لا اخلينى فيها .
اومأ رفعت و قال :-
- لا احنا فامان يومين اصل حسين مسافر شغل ، علشان كدا اول ما صحيت نزلت جبت كل الحاجات اللى بتحبيها قلت اصالحك بيها على اللى عملته معاكى امبارح .
رسمت ياسمين ابتسامة واهية على شفتيها و قالت :-
- ولا يهمك يا بابا بص ارتاح حضرتك و انا هروح احضر كل حاجة .
ربت رفعت على ظهرها و قال :-
- طب ما تحضرى لنا الفطار كدا فالبلكونة دا الجو حلو النهاردة .
ضمت ياسمين الاكياس الى ص*رها بخوف و هى تهز رأسها يمينا و يسارا تنظر الى والدها بخوف شديد و قالت بصوتها الضعيف :-
- لا و النبى يا بابا بلاش البلكونة انا انا مش حابة اقعد فيها خصوصاً بعد اللي مريت بيه أمبارح ، أنا الأحسن أفضل فالأوضة علشان أبقى حاسة بالأمان .
زفر رفعت أنفاسه بحزن و قال :-
- طيب خلاص بلاش البلكونة ، اقولك اعملى اللى انتى عوزاه و انا هروح اخد علاجى أحسن حاسس إني تعبان .
لون الحزن وجهها و تابعت اختفاء والدها من غرفتها ، لتتبع خطواته الى الردهة و منها الى المطبخ و هى تراه يسحب ذلك المظروف و يخرج منه كمية من ال*****ن يضعها فوق سطح البلور و يستنشقه ، فخفضت رأسها بأنكــسـار لرؤيتها له على هذا الوضع المخزى ، لتبتسم لنفسها بتهكم و تهمس بصوت حرصت على الا يصله و قالت :-
- ال*****ن بقى علاج دلوقتى اه ياربى صبرنى على اللى انا فيه دا .
------------------------