* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * ** * * * * * * * * * * * * * * * * *
****
أما المرأة فكانت تنتقل رويداً رويداً من الإغماء تحت وطأة رغبتها الأنثوية الجامحة المتزايدة إلى الإغفاء ، كانت تشتعل من الداخل ، كل جزء في جسدها يرتعش من اللهفة ومن الحنق ومن الغضب من جموده ودون أن تشعر مطلقاً دخلت في غياهب غفوة مليئة بالخيالات النارية ، كانت نائمة مع الرجل في حلمها ، كانت ترقص له عارية عند البحيرة ، كانت تنزع عنها أثوابها ليرى كل شيء فيها ، وقد التفَّا ببعض بقوة . إنها تريده هنا.. وهنا.. قلبها يخفق في ص*رها . . تشعر أنه يدق ثدييها من الداخل. . . يرتعشان . . يهتفان (ضمني) . . لماذا لا يغتصبها هذا الأ**ق بالقوة. . .؟ لماذا لا يتصرف كالرجال ويمد كفيه وينزع عنها رداء الخجل..؟ يقطف ثدييها كفاكهة طازجة...
تضربه : " يا خنزير ، لماذا لم تأت فوراً ؟ "
يتألم : " خفت " .
تسأله : " مِمَّ ؟ "
يرد : " من أن تمانعي ، وتصرخي . "
ترد : " مع أنني . . . "
يقاطعها : " ومن أين لي أن أعرف أنك ترغ*ين بي ؟ "
تتحداه : " امرأة بلا زوج طوال هذه السنين ، ألم يخطر ذلك ببالك ؟ "
ببرود : " لم يخطر . . . "
تتهكم : " لم يخطر بباله ، انظري إلى هذا ، هيا ضُمَّني ! "
فَرَكها الرجل بكفيه العملاقتين ، ثم ضمها بين ذراعيه القويتين .
- " أقوى ! "
يشتد الضم : " أقوى ، أقوى . . . "
سمع الرجل من مكانه في الأعلى أنَّات المرأة المثيرة في حلمها ، وكان في تلك اللحظة بالذات يشم علبة سجائره التي بين يديه .
نعم ولكنْ ، هذه الأنَّات ؟ هو يعرف هذه الأنَّات والتأوهات . .يعرفها من زوجته . .تلك أيضاً كانت تئن هكذا أحياناً ، وحين يسمع أنَّاتها يعرف أنها تحلم ، فيوقظها ، ويسألها ، فترد عليه بحياء : " حلم . . . "
وضع علبة سجائره جانباً ، ونظر من خلال الثقب إلى الأسفل . لم يتمكن من رؤية شيء في البداية ، مجرد ظلام باهت ثم اعتادت عيناه . بل عيناه وأنفه ، وكأنما كانت رائحة تعرُّق جسد المرأة تتطاير في الجو من تحت لأسفل ، اعتادت عيناه الظلام الباهت ، واعتاد أنفه رائحة الأنثى .
لو لم ينزل لجُن !
لو يصل إليها بهدوء . .
لو يدسُّ يده تحت الغطاء . . .
ارتجف من أعماق الأعماق . .
لكنه كان خائفاً أيضاً ، نعم يمكن ولكنْ ، هل هذا وقته ؟
إنه رجل مطارد ، سَيُجرُّ إلى خشبة الإعدام إذا ما تم إلقاء القبض عليه . يجب أن ينحصر همه الآن في أن يختفي جيداً ، ثم أن يلقي بنفسه إلى الطرف الآخر في أنسب وقت . ولكن ماذا يوجد في الطرف الآخر ؟ ماذا سيحدث ؟ قد يلقى القبض عليه ، وقد يُقدَّم للتحقيق والأجابة على أسئلة لا تنفد ولا تنتهي من قبل هيئات رسمية لا يعرف لغتها ، وقد يلقى به في السجن .
- " كائناً ما كان ، أفضل من طبلية الإعدام ! "
عاودته مرة أخرى الرغبة في تدخين سيجارة .
انزاح عن الثقب ، وزحف نحو الفراش ، فتناول علبة السجائر من حيث وضعها ، وأغمض عينيه ، وبنهم شديد شمَّ العلبة طويلاً . رائحة التبغ تفوح ، صحيح أن التبغ غير مشتعل ، لكن رائحته تفوح .
آه لو يستطيع أن يشعل سيجارة ! ماذا يجري لو أشعل لفافة ؟
يُشعل عود ثقاب بهدوء بين راحتيه ، ومنه يشعل سيجارته ويطفئ عود الثقاب على الفور . وما أن تخيَّل الدخان . . . خطر الحمّام بباله ، ليته يدخن سيجارة هناك ، وينفث الدخان في مجرى الحمّام .
حدَّق فيما حوله في الظلام لم يتراءى له أي شيء ، لو يشعل عود الثقاب بين راحتيه ، ويشعل سيجارته . . . وينفث الدخان نحو الخارج من خلال شقوق العلية !
اجتاحت كيانه رغبة عارمة في التدخين ، زحف نحو الطرف الآخر من العلية ، وهو وإن آلمه جرحه أثناء زحفه لكنه لم يكترث لذلك ، وراح يتحسس بيده باحثاً عن خشبة منزاحة .
كانت النجوم تتلألأ من بين الشقوق .
وفجأة خطر بباله خاطر : هنا الطرف الخلفي للبيت . من يعرف ماذا قد يحدث . . . لو ينزع المسامير عن أنسب مكان ، ويؤمن لنفسه منفذاً يهرب منه حين يضطر لذلك . وفيما هو يتحسَّس يميناً ويعتاقة ، عثر على موقع تضطرب أخشابه . دفع الخشبة فانزاحت من مكانها . وبعد قليل أزاح الثانية ثم الثالثة .
يستطيع الإنسان من هنا أن يرمي بنفسه إلى الخارج حين يضطر لذلك .
- " ليس وقته الآن . . السيجارة أولاً ! "
غداً ، بالنهار سوف يستكشف هذا المكان من جديد .
أخرج سيجارة من العلبة ، وأشعل عود ثقاب أشعل به سيجارته ، مع ذلك كان خائفاً . لم تنتشر نار عود الثقاب في هدأة هذه الليلة الساكنة ، لكن رائحة دخان السيجارة المشتعلة هي التي سرعان ما انتشرت . وتسللت هذه الرائحة المنتشرة إلى نوم المرأة الحالمة وخيالاتها ، واختلطت بأحلامها المضطربة ، فذكَّرتها بالرجل الذي كان لها قبل سنوات طويلة ، برجلها الذي كان يدخن السجائر ، بل ويشعل اللفافة إثر اللفافة ، زوجها . هذا الرجل الذي لم يسأل عن بيته ولو بكلمة واحدة منذ سبع سنوات ، والذي غالباً ما كان ابنها ( سمير ) يشرد ويفكر به ، جاء بسيارة تلمع وتبرق ، محمَّلاً بالعلب ، والسيجارة بين تتدلى من فمه .
جنَّت المرأة هلعاً وخوفاً .
سألها الرجل فجأة وقد عرف كل شيء : " هناك أحدهم فوق . . . . ما شأن هذا الغريب الذي في العلية ؟ "
تخرس .
- " ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ "
أجابته المرأة بقلب يرتجف : " إنه غريب . . . "
ينفعل : " غريب ؟ "
تغمغم : " جريح . . "
يسأل : " وماذا يفعل في سقيفتنا ؟ "
ترد : " لا شيء . . "
يزمجر : " كيف لا شيء ؟ "
تكاد تبكي : " والله لم أدخله بنية سيئة ها ! "
بدأ الرجل يرتجف من شدة الغضب : " إذن فقد انتهزت فرصة غيابي و . . . "
تبكي : " والله لا ، بالله لا ! "
ينهرها : " ماذا تعني كلمة لا ؟ الذي فوق رجل يا فاجرة ! "
انطلقت المرأة محاولة أن تشرح كل شيء دفعة واحدة : " هو جاء ، كان جريحاً ، له أعداء ، إنها مسألة ثأر أنت تفهمها . ظننته مدسوساً من قِبل ( أنور ) الأعرج ، لم يكن كذلك ، كان جريحاً ، ضمدت جرحه إرضاء لله ، أقسم على الكتاب إن شئت ، صدِّقني إن كنت مسلماً . الكل يعرف كيف حافظتُ على بيتك طيلة هذه السنوات ! "
لم يقتنع الرجل ، وفيما كان يعود أدراجه نحو السَّيَّارة حاملاً علب الهدايا التي جلبها ، كانت ( سارا ) تجري خلفه متوسلة : " لا تذهب ، إكراماً لله لا تذهب ، أتوسل إليك ، لقد غبت سبع سنوات ولم تسأل عنا ولو بسطرين . انظر لقد كبر ابنك ، الرجل جريح ، وأنا فعلت ما فعلته إكراماً لله ، لا تذهب ، هل ستذهب دون أن تداعب ابنك وتحبه ؟ "