في صحتك

1236 Words
تساءل ( أنور ) الأعرج : "  سنشرب كاساً أليس كذلك ؟ " أجابه ( تِلِّلي ) الذي غيَّر رأيه في الطريق : "  لا تبالي بالشراب  . " - "  ماذا إذن ؟ " - "  لنشرب عرقاً ! ضحك ( أنور ) الأعرج : "  قل إن الشراب للعتالين  . " ثم التفت إلى النادِلَين المشغولَين بتقشير البطاطس وقال :  "  أحضرا لنا زجاجة عرق صغيرة ! "   ترك النادلان عملهما وأسرعا إليه : "  والمازة يا ( أنور ) بك ؟ " - "  ماذا تأمرون على سبيل المازة ؟ " فسألهما ( أنور ) "  ماذا لد*ك ؟ "   - "  مازوات باردة  ، كل ما تأمرون منها  . " - "  إذن فلا توجد مازوات ساخنة ؟ " - "  لا توجد يا بك  . " - "  أين معلمكم الحقير ؟ " - "  لم يحضر من المنزل بعد  . " - "  آه من الحقير آه  ، قولا إنه يعيش حياته  . " ضحك النادلان  . - "  اُحضرا المتوفر  . مازة أو زفت  . " * * * * * * * * * * * * * أسرع النادلان وأحضرا بخفة طبقاً صغيراً من الجبنة البيضاء الباقية من الليلة الماضية  ، وطبقاً صغيراً من البطاطس المقلية  ، وصحنين صغيرين من سلطة اللبن بالخيار وسلطة الطماطم  . - "  صودا  . ألا توجد صودا ؟ " - "  توجد  ، لكنها باردة ! "   - "  لتكن  . هاتها يا سافل  . " لم يسمح للنادل الصغير أن يفتح زجاجة العرق بالمفتاح  . تناول الزجاجة من يده  ، ولما كان محتدّاً أصلاً  ، راح يضرب الزجاجة بقبضته على رِجله حتى أخرج غطاء الفلين  ، وصبَّ العرق في الكأسين مناصفة :  "  هيا في صحتك ! "   - "  أدام الله صحتك  . " شربا وتناولا برؤوس الشوكات شيئاً من المازوات الباردة كالسلطة  ، ثم بادر ( أنور ) : "  إني مقتنع تماماً يا صديقي  ، هذا المساعد على علاقة بهذه المرأة ! وإلاَّ  .  . ما رأيك ؟ "   هزَّ ( تلِّلي جمالي ) رأسه : "  تمام  . "   - "  وإلاَّ لما دافع عنها ! " ابتلعا العرق في نصف ساعة دون أن يشعرا  . ودارت الخمرة في رأسيهما قليلاً  ، فأحسَّا بشيء من ال ***ة  ، واتفقا أن يستكملا شربهما ليلاً  . - "  هات الحساب يا ولد ! "   لم ينس النادل الثالث الشاب الذي لم يكن مع زميليه قبلاً  ، أن يضيف عشرة بالمائة بدل خدمة على فاتورة الحساب التي نظمها بخطه الرديء  . دفع ( أنور ) الأعرج الحساب  ، وترك بقشيشاً  ، ثم قال لِتِلِّلي :  "  هيا  . " وخرجا  . -15- في الخارج كانت حرارة شديدة تقطع أنفاس العصفور الدوري  ، تخيم على البلدة  . وشرب العرق في هذا الجو الحار يوجع الرأس  . لذلك توقف ( أنور ) لحظة وقال :  "  رأسي يوجعني  ، ماذا عن رأسك ؟ "   - "  ورأسي أيضاً  . "   - "  شرب العَرق نهاراً ليس صواباً أبداً  . " - "  لو شربنا شراباً لكان الوضع أسوأ  . " - "  إني أقول دوماً بأننا يجب أن لا نشرب هذه القذارة نهاراً ومع ذلك  .  .  . " - "  وهل يترك الكلب أكل القذارة ؟ "   - "  صحيح  . ماذا سنذهب ونفعل الآن ؟ "   - "  أنا أرى أن ننام  . وأنت ؟ "   - "  ارفع قدمك فقد دستَ عليه ! "   - "  أين نلتقي مساء ؟ " - "  عند ( همَّتْ )  . "   - "  تماماً  . " أشعل ( تِلِّلي ) سيجارة وقال :  "  هيا بالسَّلامة ! "   - "  بالسَّلامة يا ابن أختي ! "   وافترقا  . بدأ رأس ( أنور ) الأعرج يؤلمه فعلاً  ، وكان عليه أن ينام  ، وأن يأخذ حَبَتَي مسكّن قبل النوم  . إنه يعرف أن وجع رأسه ناجم عن شرب نصف زجاجة عرق أولاً  ، وعن شرب عرق النادي بدلاً من عرق ييني ثانياً  . أم هل يكون العرق فاسداً يا ترى ؟ يحدث هذا أحياناً على أية حال  . قد يفسد من وضعه تحت أشعة الشمس في واجهات المحلات مدة طويلة  . فيشعر المرء بجفاف في حلقه كلما شرب منه  . * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * كان البيت عبارة عن مزرعة عادية فيها آليات زراعية من كافة الأنواع والأحجام والألوان  . هذه الآليات التي وردت إلى تركيا من أمريكا بعد عام 1950  ، والتي من المفروض أن تعمل حركة زراعية متسارعة في تركيا  . وقابل عمه ( هاشم بك ) في وسط ساحة المزرعة  . توقف ( هاشم بك ) عندما رأى ابن أخيه  ، وسأله :  "  ما الخبر ؟ "   - "  خيراً يا عمي  . " - "  هناك شكوى بحقك ثانية  . " رفع ( أنور ) الأعرج رأسه بحدَّة :  "  مِمَّن ؟ من المساعد الأول ؟ " ضحك ( هاشم بك ) : "  كيف عرفت ؟ " - "  شممت على ظهر كفي  . " - "  حقاً كيف عرفت ؟ " - "  ألا تلاحق تلك الع***ة ( سارا ) ؟ " - "  هذا حق  . " - "  هو بمركزه ورتبته متعلق بها  . أما إذا لاحقتها أنا وشبابي فهناك القانون والنظام ! "   فكَّر ( هاشم بك ) مليَّاً  . هو أيضاً كان معجباً بـ( سارا ) منذ مدة طويلة : - "  هو متعلق بالمرأة إذن ؟ "   - "  إني متأكد من ذلك مثل تأكدي من الله الواحد ! " غمز ( هاشم بك ) بعينه متسائلاً : - "  من أين ؟ "   - "  اذهب واسأل جارتها ( شريفة )  ، اسأل ( تِلِّلي )  . هل هناك من لا يعرف ذلك ؟ "   - "  آه يا د**ث يا ابن الكلب يا داعر ! "   أضاف ( أنور ) يضع رصيداً في خانته : - "  وتفلسف عليَّ أمام المرأة ! "   انتصب حاجبا ( هاشم بك ) : * * * * * * * * * * * * * - "  تفلسف بالقانون وغيره  . "   احمرَّت وجنتا ( هاشم بك ) غضباً : - "  هكذا ؟ " - "  لأكن ابن ع***ة  . " - "  ألم تعطه عيار فمه يا حمار ؟ "   أضاف ( أنور ) الأعرج رصيداً آخر في خانته إذ قال :  "  انظروا إلى عمي  ، كيف لا أعطيه عياره ؟ قلت له ألا تعرفني أنا ابن أخي المزارع والصناعي الكبير ( هاشم بك )  . هل يَسري كلامك علينا يا جحش ؟ "   * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * -
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD