سمير

1228 Words
خاض ( أنور ) الأعرج في شتى المواضيع ، إلا أن ( سارا ) كانت في ذهنه دوماً . طالما شكته ، فليكن ما يكون . ومن يبالي . ثم إنه ليس مرتاحاً من المساعد . عندما يُخالَفُ القانون ينقطع الزيت من عنده ، وماذا يحدث إذا انقطع ؟ يا لها من ورطة . . ثم أنه أردف بصوت مسموع : " رجل قذر . " وقف ( تلِّلي ) مدهوشاً وقال : " هل تقصدني أنا ؟ " ضحك الأعرج : " لا يا أ**ق ، إني أشتم هذا المساعد ! " - " لماذا ، وها هو ذا لم يكترث بالمرأة ؟ " - " نعم هو لم يكترث بها ، لكنه التفت إلي بعد أن غادرت المرأة وقال : عندما يُخالَفُ القانون ينقطع الزيت من عندي ! " - " لماذا ؟ - " ألم أقل بأني سأغتصبها إذا لزم الأمر ؟ كنت سأقول له ، وماذا يحدث إذا انقطع ولَك ؟ لكني مع ذلك عدلت وقلت هيا لا داعي الآن لإزعاجه . " مسح ( تِلِّلي ) أنفه بظاهر يده وقال : " بسيطة يا حبي . " - " بسيطة ، ويظن نفسه نعمة كالبازلاء . وهل تقطعُنا سكينك ؟ لو كنتَ ناراً فلا تستطيع حتى إحراق نفسك . أليس كذلك ؟ " - " إذا همست في أذن عمك . . . " - " لا داعي لذاك أيضاً . - " صحيح . إلى أمين الفرع . . . فكرة ، ها ؟ " - " نعم هكذا يا ابن الـ . . ! " - " من يكون ( هاشم بك ) في هذا البلد ؟ " - " بشرفي حتى رئيس الوزراء يحسب خاطره بالمليم ! " - " رسالة من كلمتين . " - " وفي اليوم الثالث يرمونه إلى قرية قصيّة في الشرق ، لا يطير في سمائها طير ، ولا تمر في أرضها قافلة ! . .كالكلب ! ! " تناول ( تِلِّلي ) حجراً من الأرض وقذف به بعيداً : " هكذا . " وقد مرُّوا من أمام بيت ( سارا ) ، فتوقَّف الأعرج . وراح يتفرَّج على لعبة الجري التي يلعبها الأطفال . وعندما لم يرَ ( سمير ) ابن ( سارا ) بينهم قال : " متبناي ليس هنا . " - " غير موجود . " - " لم يكن برفقة أمه . " - " هو في البيت إذن . " - " ربما . لكن اتركني ، أنا الذي جعلت مشاعر المرأة تفتر تجاهي . . في البداية كانت تأتينا ، وتغسل غسيلنا . . .ثم . . " - " لماذا تأتيكم ؟ " - " لم تكن لدينا غسالة كهربائية . وكان ابنها يلعب ، ويركب دراجة ابن أخي ذات الثلاث عجلات . وفي إحدى المرات فاجئتها وهي تغسل الغسيل ، كانت جالسة إلى الطست ، وفي تلك اللحظة تماماً ألا تحضر زوجة عمي ؟ " - " حقا ؟ " - " بشرفي . " - " لكن ماذا قالت ؟ " - " لم تقل شيئاً . تظاهرت بعدم ملاحظة شيء ، لكن المرأة . . . " - " هل انزعجت ؟ " - " انزعجت ؟ لقد ارتبكت وتغيَّرت أحوالها ! " - " هل داعبتها ولامستها بيدك فلم تعارض ؟ " - " لا يا حبيبي لم يصل الأمر إلى حدِّ المداعبة باليد ، كنت أجسُّ نبضها من هنا ومن هناك . زوجك ذهب ولم يسأل عنك برسالة . . .الخ . " - " وماذا كانت الردود ؟ " - " كانت تقول : لتُقلع عيناه وليذهب في داهية . " - " كانت راضية إذن . " - " لا ، لم تكن راضية ، لكني كنت سأرضيها . بشرفي إنها مثل السمكة ، لها جسم يتلوّى ، الإنسان الذي يضمُّها إلى ص*ره يطول عمره يا حبيب قلبي ! " - " ثم ؟ " - " بعد ذلك ، أهلي لم يستدعوها لغسل الغسيل ! " - " هه . . . ؟ ؟ " - " شكَّ البقر أولاد البقر . وهم لا يأكلون حتى الثمار من الأغصان الطينية ! " - " أهلك ؟ " - " قلت لهم مرة ومرتين اذهبوا واطلبوها ، فولولوا وقالوا أشياءا مثل : هل ستتزوج أرملة ؟ -وما شأنكم أنتم ؟ -لا يمكن . لماذا ؟ وماذا يقول الناس ؟ الخ . " - " أهلي أيضاً يحسبون حساباً لقول الناس والعالم كما تعرف . " مرَّ من الزقاق الخلفي داعية أفلام سينمائية : - " هذا المساء في سينما الشرق ، ( انتقام طرزان ) . ستة وثلاثون قسماً دفعة واحدة . إضافة إلى فيلم ( المهرِّجة ! ) نعم سيداتي وسادتي . فيلمان معاً في برنامج واحد . هذا المساء في سينما الشرق ، تعالوا ، وشاهدوا . " قال ( أنور ) في قنوط : " شاهدته من قبل . " - " وأنا أيضاً . " التقط حجراً من الأرض ، فأخذه ( أنور ) من يده . تراكض الأطفال الذين يلعبون لعبة الجري ، نحو الزقاق الخلفي حيث يمر داعية الأفلام السينمائية . وقذف ( أنور ) الحجر نحو جدار فناء ( سارا ) الصفيحي . بينما عاد الأطفال يتراكضون كما ذهبوا ، وعادوا إلى لعبهم من جديد . التقط ( أنور ) الأعرج حجراً آخر وقذفه نحو الصفيح . وعلى إثر هذا شاهد الأطفال السيد ( أنور ) فتركوا اللعب وهرعوا نحوه . - " أنور بك ! " - " أين ( زينيل ) يا ( أنور ) بك ؟ " - " متى ستجعلنا نمتطي دراجته ذات الثلاث عجلات ؟ " - " . . . . . . . . . . . . . ؟ " - " . . . . . . . . . " كان ( أنور ) الأعرج يُعتبر " أنور بك " بالنسبة لهؤلاء الأطفال ، إذ كان كثيراً ما يسمح لهم بامتطاء دراجة ابن أخيه ( زينيل ) ذات الثلاث عجلات ، ويُرضي بذلك رغباتهم الطفولية . كان واقفاً يضحك وسط هؤلاء الأطفال الملتفين حوله يتصايحون ، وهو يقول : " سأحضر ( زينيل ) ودراجته إلى هنا ذات يوم ، وسأجعلكم تركبونها . " سأل ( علي ) ابن الجيران المقابلين لبيت ( سارا ) : " أين ( سمير ) ؟ " أجاب ابن ( شريفة ) جارة ( سارا ) المقابلة لها وعدوتها العتيدة : " بالداخل . " - " لماذا لا يخرج إلى الزقاق ؟ " ضرب الطفل ص*ره بقبضته : " لا يستطيع الخروج ! " - " لماذا ؟ - " فليخرج ويرَ . " - " مممم ولكن لماذا لا يستطيع الخروج ؟ " - " وهل هناك لماذا يا ( أنور ) بك ؟ ليخرج وسترى . سوف يدور حول نفسه ! " ضحك ( تِلِّلي ) . وكان الطفل هو ابن أخيه ، فسأله : " ألا تصدق ؟ " قال ( تِلِّلي ) متعمداً : " ( سمير ) لا يغلبك أنت فقط ، بل يغلب عشرة من أمثالك . " جُنَّ جنون الطفل فقال : " من ؟ هذا التافه ؟ اثنان وثلاثة من أمثاله لا يساوون قدر خردلة عندي . " ثم التقط حجراً من الأرض ، ولكي يكبر في عين ( أنور ) ، قذف بالحجر مثله تماماً نحو الصفيح . " طاق ! " * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * سمع ( سمير ) بخوف صوت وقع الحجرة على الصفيح كما سمع صوت وقع سابقاتها من الحجارة . رفع رأسه ونظر إلى " أبيه " الذي هرع إلى العلية عندما ألقي الحجر الأول .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD