في جيب المعطف الأ**د

1256 Words
· * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * - " إذا لم تقل لي أمك اذهب ، فلن أذهب ! " هذه الجملة التي لا تفارق عقلها ، ولا تزايل مخيلتها ، لماذا قالها ؟ زوجها عديم النفع والوفاء لم يكن أحسن من هذا . إنه لا يساوي قلامة الظفر الذي يقصه ويرميه هذا . هي إذن حافظت على شرفها ، وحمته وحملته سبع سنين طوال من أجل هذا الغريب . · * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * وفيما كانت تنعطف عند منعطف أحد الشوارع ، برز لها ( أنور ) الأعرج فجأة : " إلى أين هكذا عند الصباح ؟ " صعدت روح ( سارا ) إلى حلقها وهي تجيبه : " وماشأنكَ أنت ؟ " اقترب منها أنور برجله العرجاء : " أنا ليس لي في هذه الدنيا امرأة أخرى غيرك ! " قالت بازدراء ونفور : " أنور ، لا تبدأ ، وإلا أُخبرت المساعد الأول ، يكفي هذا الذي تفعله ! " ضحك وقال : " من هو المساعد الأول ولِك يا بلهاء ؟ " - " أتسألُ من ؟ " - " من ؟ نعم ، من ؟ " - " ألا تعرف من هو المساعد الأول ؟ " - " افترضي أنني لا أعرف ، قولي من هو لكي أعرف ! " - " إنه الدولة ، الحكومة ! " هزَّ رأسه بجدية : " ذاك سكينة لا تقطعنا . . كلام هراء في الهواء. . . عبث قبض الريح لا يعبأ به أحد . . طظ ! ! ! " - " صحيح . أطال الله عمر العم ( هاشم بك ) . كان يجلس على المقهى قبل قليل ، أشكوك له ! " - " تمام ، اهربي من تحت المطر ، إلى تحت الزريبة أكثر مني عشقاً للنساء ولِك ! " - " عديم التربية . " - " نعم أنا كذلك ، فهل لد*ك ما تقولين ؟ " كادت تختنق من شدة ضيقها وحنقها : - " أنور ، انزل عن كتفي ! " - " لا أستطيع النزول . " - " يعني هل أنت شر ، أم أنت مصيبة ؟ " - " اعتبريني ما تعتبرين ! - " لكن عاقبة هذه التصرفات ستكون وخيمة ! " - " ماذا سيحدث ؟ " - " لا أعرف . " - " بالعافية ، بالشر ، بالحسنى ، ستقولين لي " نعم " يا ( سارا ) . أترين هذين الشاربَين ؟ لينبتا على أمي إن لم آخذك . افهمي هذا جيداً ! " · * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * سرَّعت ( سارا ) خطواتها ، وكانت قد اقتربت من المكان الذي تقصده ، وهو أحد الفنادق الكبيرة النظيفة في البلدة . دفعت الباب بقوة ، ودخلت مسرعة ، وصعدت السلالم بانفعال ، وهي تجهش بالبكاء . فأسرع إليها كاتب الفندق الشاب ، وسألها باهتمام : " ماذا هناك يا أختي ( سارا ) ؟ خيراً ؟ " لم تكن ( سارا ) في حالة تسمح لها بالكلام ، إذ كانت تبكي وتجهش بالبكاء رغماً عنها وهي تلتقط أنفاسها المتقطِّعة . وكان صاحب الفندق موجوداً في تلك الآونة فأقبل أيضاً باهتمام وسألها : " خيراً يا ( سارا ) ؟ ماذا هناك ؟ " لم تجب . فالتفت إلى الكاتب الشاب بهدوء ، وسأله : " هل هو ( أنور ) الأعرج ، هل تصرَّف معها تصرفاً تافهاً مرة أخرى ؟ أخيراً رفعت ( سارا ) رأسها بعينيها المبللتين بالدموع وقالت : - " قرفت وتعبت . ألم يبق لدى الناس خوف من الله أبداً ؟ إني امرأة نصف أرملة تركها زوجها وغادرها منذ سنين طويلة . وكلكم تعرفون أني أغسل الغسيل حتى الصباح كي أعيش وأربِّي ولدي اليتيم في حياة أبيه . أنا لم أسئ لأحد ، فلماذا يسيء الآخرون إلي ؟ " · * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * عرف صاحب الفندق وكاتبه وغيرهما أن أنور الكلب الأعرج تحرَّش بها مرة أخرى ، وقد صارت تحرُّشاته هذه عادة يومية مألوفة . · * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * قال جمهوري من بين الزبائن : " ذاك المتصابي تجاوز الأربعين ، وعمه الفظ لا يشد لجامه قليلاً ! " فقال ديمقراطي معقِّباً : " ومن سيشدُّ لجام عمه ؟ " قال صاحب الفندق وهو من الحزب الديمقراطي ، لكنه لا يتصوَّر ابن حزبه ( أنور ) الأعرج هذا : " انظري إلي يا ( سارا ) ، كما قلت لك سابقاً . اسمعيني ، اذهبي واشتكي للمساعد الأول ! " هزَّ أحدهم رأسه يمنة ويسرة وقال : " ذاك لا يخاف لا من الدرك ، ولا من الله ! " - " فعلاً ، لا يخاف . " - " هذا وأمثاله جراثيم في جسم الحزب والله . " - " إنهم جراثيم أخطر من جراثيم السل . " - " أفضل شيء هو الذهاب إلى ( أنقرة ) وتقديم شكوى هناك ! " - " . . . . . . . . . . . . . . . ؟ " - " . . . . . . . . . . . . . . . " لم تسمع ( سارا ) كل هذا . وقد خفَّف بكاؤها من انفعالها ، فسلَّمت كاتبَ الفندق الغسيل ونهضت . أعطاها الكاتب أجرتها كاملة ، فدسَّته في جيب معطفها الأ**د القديم ، وسارت الطريق مقهورة تعاني الذل . · * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * · * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * · * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD