الفصل السابع عشر (17)

2929 Words
بنت شوارع الجزء الثالث على طاولة الطعام تهرب من عينيه، من نظراته التي تقبل عيونها الجبانة التي تهرب منه..وبعدما انتهيا من الطعام جهزا فنجانين من القهوة وجلس في الصالون فسألها : -ها بقى ايه حكايتك..ومين دول ال خ*فوكي. استعارت من عينيه المتيمة القوة فقالت بعد أن زفرت بقايا توترها: - أنا بنت يتيمة اتربيت في ملجأ..خدني راجل طيب كفلني وصرف عليا..علمني..وكبرني..وغرس فيا حاجات كتييير حلوة، مكنش بيخلف بس ربنا أراد ومراته تحمل وتيجيب بنت بعد كفالته ليه بسنتين..فاكرة ساعتها وأنا صغيرة حضني جامد وقالي وهو سعيد قوووي: -أنتي وشك حلو عليا. مراته كانت ست كويسة بس من بعد ما خلفت اهتمت ببنتها اكتر ونسيتني..لكن كان ال مصبرني ان بابا كان بيعوضني عن اهمالها ليا بحبه الكبير ..أنا كمان كنت بحبه قوووي واستحملت عشان خاطره كان لسوء حظي كل ما كبرت أختي كل ما مرات ابوبا تعاملني بسوء اكثر عشان كانت بتحابي لبنتها..حتى بنتها ال هي في مقام أختي..معرفش ليه كرهتني..يمكن عشان كانت بتغير من معاملة أبويا الطيبة ليا..وكمان لأني أجمل منها..مع اني كنت بحاول اقرب منها والله وأخليها تحبني..بس هي رفضت القرب ده، ورفضت حبي كانت بتغير مني في كل حاجة..وبتتغاظ جدا من حب أبويا ليا واهتمامه..كانت بت**ر كل أل**بي.. ولما كبرت خلت أمها تقسى عليا..وترهقني في شغل البيت وكنت بستحمل عشان خاطر بابا بس. بعد كده فجأة بابا تعب ورقد في السرير..ساعتها قلبي انقبض خفت عليه قوووي..لاني عارفة أني من بعده أنا حضييع..كنت بالليل أفضل أعيط وادعي ربنا أنه يشفيه ويخليه ليا ومايحرمنيش منه. كنت بمرضه وأسهر جمبه في الوقت ال كانت مراته وبنته مشغولين في السهر والخروجات.. اغرورقت عيناها بالدموع على أثر تذكرها ايام عذابها التي لم تنساها ولن تنساها ما حييت ثم استطردت: -وجه اليوم ال كنت خايفة منه مات أبويا حسيت ساعتها أن الظهر ال بستند عليه وقع بقيت عريانه من بعده..وحيدة..من غير سند ولا ظهر..بعد ثلاثة أيام بالظبط من موته..وفي عز الليل سلمى طردتني من البيت. كنت محتارة أروح فين وأنا مليش حد..نمت ليلتها تحت السلم في العمارة نفسها. فضلت ادور على شغل ملقتش حاجة اطضريت أني ابيع مناديل وفل في اشارات المرور..وآخر اليوم أروح انام تحت السلم زي الكلاب ..بس انا بحمد ربنا ان بواب العمارة الله يباركله عم محمد كان بيسبني انام على الكنبة البينام عليها ..وهو كان بيفرش على الأرض هو كمان ال اداني الفلوس ال جبت بيها الفل والمناديل..والصبح بدري قبل ما حد يصحى يصحيني عشان امشي قبل ما حد من سكان العمارة يصحى ويزعقله ويرفض أني أبات بالليل عنده.. ومن ساعة ما أخرج أفضل الف في الشوارع كأني تايهة لحد مارجليا تورم..... قاطعها لما سألها: -طب والشباب ال كنتي معاهم دول يبقوا مين ورحتي معاهم المكان ده ليه؟؛ قالت بنبرة باكية تدافع عن نفسها: -أنا مرحتش معاهم بكيفي والله العظيم هما ال خ*فوني..في اليوم ده لقيت بنت صغيرة جاتني وهي بتعيط وبتقولي ممكن يا أبلة تيجي تعديني الشارع التاني عشان في كلب عايز يعضني..واخدتها من أيدها عشان اعديها لانها صعبت عليا ..ساعتها حسيت ان في حد جه من ورايا وحط منديل على بقي..غبت عن الوعي ومفقتش غير لما لقيتهم بيتاخنقوا عليا . بعدها انفجرت في البكاء.. بعد أن هجمت عليها الذكريات وكأنها رمتها بحجر ثقيل جش قلبها..جعلت مؤيد يلتقط يدها ويلثمها في حب..يمسح دموعها في حنان وعيناه تضمها بشفقة.. وقد احتقن وجهه تأثرا بما حكته..بعدها قال في ثقة: -من هنا ورايح مش عايز أشوف الدموع دي تاني..لان اقسملك أن كل حياتك بعد كده حتبقى كلها سعادة..و أوعدك ان حقك حيرجعلك والكلاب دول حياخدوا جزائهم. لمعت عينيها بامتنان وسعادة..فقد استطاع بكلماته أن يمحو كل العذاب الذي شعرت به وغرس أيضا ثقته في قلبها. نهض توجه للمطبخ صب لها عصير وعاد ليناوله لها وقد أردف وعيناه تنضح بالحب: -خدي اشربي ..ومش عايزك تفكري في أي حاجة بعد كده..انسي كل حاجة. بعد أن شربت العصير وحنانه الذي يغدقه عليها ودعمه لها استطاع أن يمنحها الهدوء والسكينة لقد شعرت بالأمان بعد أن افتقدته..فسألته بدورها: -أنا حكتلك اهو كل حكايتي وربنا يعلم أني مكدبتش عليك في حرف فيها..أنت بقى حكايتك ايه..وأيه ال وداك في الحتة المقطوعة دي ومين ض*بك بالرصاص؟؛ تنفس بعمق بعدها قال وبنبرة مفعمة بالأسف: - حكايتي ياستي تتلخص في الحقد والطمع والجشع ال استولوا على قلوب ابن عمي ومراته وأمها وعشان أنا ورثت من ابويا كل ثروته فكروا ازاي يتخلصوا مني عشان تبقى الثروة ليهم، أنا ال فتحتلهم بيتي وشركتي، لكن مطمرش فيهم اتفقوا ياستي مع واحد من صحابي أنه يقنعني أننا نسهر سوا، وفجأة لقيته انحرف بيا في المنطقة ال كنا فيها ض*ب عليا الرصاص وجري زي الجبان..بس الحمد لله ربنا كتبلي عمر جديد على ايدك ويمكن أراد أني اكون هناك ساعتها عشان انقذك..من ايدين الكلاب دول. -ايوة طب أنت مش حتبلغ عنهم. قال وهو يضحك من طيبتها: -طبعا أنا حكيت كل ال حصل للظابط ال جه في المستشفى ياخد أقوالي حكيت كمان عن الشباب ال خ*فوكي وتلاقيهم دلوقت قبضوا عليهم..لان المستشفى بلغت البوليس عن اصابتي عشان يخلو مسئوليتهم.. ودلوقت هما بيحققوا معاهم عشان كده انا مش حرجع البيت ولا أعمل فرح غير لما أشوفهم وهما مطرودين واحد واحد منه. أطرقت رأسها بخجل على أثر ذكره للزواج ولكنه رفع ذقنها بأصابعه وهو يهمس لها بنبرة مغموسة في العشق: -يلا بقى قومي اجهزي الناس قربت تيجي. أومئت بالموافقة وهمت أن تنصرف لولا أنه أعادها الى مكانها وظل يقترب بوجهه طامعا في اقتطاف قبلة..ولكنها هربت منه سريعا وأغلقت الباب خلفها واستندت عليه، تغمض عينيها بهيام..واضعة يدها على قلبها الذي ظل يدق بجنون عله تهدأ ثائرته. حضر المؤذون والشهود وتم كتب الكتاب. وفي لحظات أصبحت زوجته لا تصدق كيف حدث هذا؟؛ وكأن ما حدث كثير عليها ..كثير جدا، ولكن ليس كثيرا على الله..يأبى الله إلا أن يعوضها ويجبر **رها ويقر عينيها بزوج طيب حنون ورقيق ويعوضها أيام الحرمان والتعب..شعرت أن قلبها لن يحتمل كل تلك السعادة فترجمتها في صورة دموع غزيرة..وعندما أتى مؤيد بعد أن وصل المؤذون والشهود الى الباب وجد دموعها تغرق وجنتيها، فانزعج من تلك الدموع فسألها وقد جلس بجوارها يجبرها على النظر له: -أنتي بتعيطي؟؛ مالك ايه الحصل؟ في حاجة زعلتك؟؛ -هزت رأسها بالنفي فأردفت وهي تمسح دموعها: -لا..مفيش حاجة زعلتني..أنا بعيط من كتر سعادتي..مش مصدقة ال أنا فيه..حاسه أنه كتير عليا قوي كأني في حلم فابتسم بتأثر لرقتها، ثم قبل جبينها وقال: -مفيش حاجة تكتر عليكي ياروح قلبي ..أنت تستاهلي كل خير. ثم ضمها الى ص*ره بقوة كأنه يريد أن يثبت لها أنها لا تتوهم ولا تحلم بل هي في سعادة حقيقية. انسلت من حضنه ورفعت رأسها اليه تقبل عيناه بعينيها ثم سألته: -مؤيد بس أنت ازاي تقبل تتجوز وحدة زي ااااقصد يعني لاني بنت شوارع؟ وضع قبلة على شفتيها كأنه يطعم اجابته بحبه لها: - لا يا ليلى أنتي مش بنت شوارع..أنتي بنت أتربيتي في بيت راجل طيب بس الظروف هي الحكمت عليكي بانك تعيشي في الشارع لفترة من الزمن..ولولا انك بنت عفيفة شريفة..مكنش ربنا نقذك من ايدين الكلاب دول..أنا لمست فيكي ده عشان شفته بعيوني وكفاية أنك أنقذتي حياتي فمش كتير عليكي أوهبلك قلبي و اسمي وأنا مطمن. كان ردها على كلامه الذي أثلج قلبها بأن ارتمت في حضنه وضمته بشدة، فبادل احتضانها بأن احتواها بكل حنانه. بعد ثلاثة أيام أخبره الضابط أنه قد اكتملت التحريات واتضح لهم كل الجناة ،وطلب منه أن يحضر كي يتسلم قصره. وقد اتفق مؤيد مع الظابط أن يدخل قصره في اليوم الذي سيقبض عليه فيه للتحقيق فالكل شارك في قتله..دون استثناء. طلب من ليلى أن ترتدي ثوب الزفاف..وارتدى بدوره بذلة العرس فسار عروسين في قمة الجمال والأناقة، وفي زفة مهولة زفا العروسين، وحمل مؤيد عروسه ودلف بها الى الى بهو فيلاته..كانت تشعر أن يديه أجنحة طارت بها الى بلاد السعادة..ضحكاتها تشرق وجهها ..ولكن سرعان ما انطفئت تلك الضحكات عندما وقعت عيناها على آخر شخص لم تتوقع أن تراه في تلك اللحظات..فاابتسم مؤيد بتشفي وهو ينقل بصره بين زوجته وبين ذلك الشخص الذي جعل زوجته تقف متسمرة تحدق فيه بزهول..رؤيته جعلت أنفاسها تخرج بصعوبة.. وقلبها ينبض بخوف واضطراب ولا تعلم لماذا؟ وحتى يرحم زوجته من تلك المفاجأة الثقيلة قطع حبل الدهشة الذي قيدت الجميع.. التقط يدها بين أصابعه وكأنها ملكة تخطو وهي تتقدم للتتويج ثم وقف بها أمام الجميع ثم أردف : -تعالي ياليلى ياحبيبتي أما أعرفك على قرايبي..تلك الكلمة الأخيرة التي نطقها بسخرية كأنه يقول لهم أنكم لا تستحقون تلك القرابة: -مراة عمي السيدة نوال سيدة المجتمع اشاحت نوال بوجهها بعيدا عنهما في كبرياء وحقد وتعالي سودوا وجهها استطرد مؤيد وهو يشير على رجل نحيف يقرض أسنانه بغل وغيظ - ابن عمي حسين كااان دراعي اليمين في الشركة. خطى بضع خطوات ليقترب من شابة تقف بجوار المدعو حسين، وكانت هي ذلك الشخص الذي جعلت ليلى تتفاجأ بوجوده فقال مؤيد وهو يتفحص وجهها الذي كان ينطق بانزاعاج جم وكأنها على وشك الفتك بليلى: -اقدم لك يا ليلى سلمى مراة ابن عمي حسين.. ولو أني مكنش مفروض اقدمهالك لأنك عارفاها المفروض كانت أختك..ووالدتها السيدة أمل..طبعا بردوا انتي عارفها لانها كانت مراة ابواكي مراة أبوكي ال طردتك هي وبنتها في عز الليل . ضمت أمل قبضة يداها علها تتغلب على غيظها. ثم بصوت جهوري كأنه يطردهم جميعا ويؤكد بالذات لسلمى أنها اليوم تطرد من البيت كما طردت ليلى ذات يوم.. ويكون جزاءها من جنس عملها: - أقدملكم بقى مراتي..ست القصر وأميرته والملكة المتوجة على قلبي ..ليلى هانم. ثم استطرد وهو يشير بأبهامه نحو الباب: -ودلوقت اتفضلوا اطلعوا برا بيتي وبرا حياتي كلها لاني ميشرفنيش اني أعرف ناس زيكم. فخرجوا واحد تلو الآخر مطأطأين الرؤوس يجرون أزيال الخزي والخزلان. أما ليلى فاطرقت برأسها تبكي دموع العجبة من فضل الله وكرمه والشكر أيضا لأنه في كل موقف يأخذ لها حقها..فاحتواها مؤيد وهو يهمس لها: -مش قلنا مفيش دموع تاني..انتي مش بتسمعي الكلام ليه؟ فارتمت في حضنه ترتشف من ينبوع حنانه الذي لا ينضب هامسة في ص*ره: -ربنا يخليك ليا ياحبيبي ومايحرمنيش منك أبدا. فحملها وصعدا بها نحو مستقبل باهر يعج بالسعادة. هدية اليوم * سيدنا خبيب بن عدى رضى الله عنه و أرضاه * هو آخر واحد من هؤلاء العشرة الذين ارسلهم الرسول في سرية يوم الرجيع والذي أخذه المشركون أسيرا وهو الوحيد الذي بقى على قيد الحياة أخذه المشركون معهم إلى مكة ليقتلوه أمام أهل مكة . وكانت قد دخلت الأشهر الحرم فقالوا ننتظر حتى تنتهي الأشهر الحرم وكبلوه بالحديد وحبسوه في بيت أحد المشركين و أوصوا زوجة هذا الكافر أن تراقبه . تخيلوا كانت تقول كنت أرى في يده عنقود العنب وليس في مكة كلها أي عنب . وهذا من قدرة الله عز وجل المهم أن الأشهر الحرم قد انتهت فاخذ الكفار سيدنا خبيب ليقتلوه فخرجت قريش كلها على بكرة أبيها لترى مقتل خبيب فأخذوه وصلبوه على جزع نخلة و أمر أبو سفيان الرماة أن يض*بوه بدون أن يقتلوه فانطلقت السهام من كل صوب تجاه خبيب ثم أوقفهم أبو سفيان وذهب إليه قائلا ياخبيب استحلفك بالله أتحب أن تكون في بيتك آمنا ويكون محمد مكانك فتخيلوا أحبابي ماذا قال خبيب قال رضى الله عنه و أرضاه والله ما احب أن أكون في بيتي آمنا ويشاك رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة في يده افاحب أن يكون مكاني يـــــــــــــــاه كل هذا الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو سفيان ما رأيت أحد يحب أحد كحب أصحاب محمد لمحمد صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال تمن شيئا يا خبيب قال أتمن أن أصلى ركعتين فصلاهم ثم نظر إليهم ودعا الله قائلا . اللهم أحصهم عددا . واقتلهم بددا . ولا تبقى منهم أحدا. فقتلوه رضى الله عنه و أرضاه تخيلوا بعد 20 سنه من وفاته وفى عهد عمر بن الخطاب كان يوحد صحابي اسمه سعيد بن عامر كان والى الكوفة فجاء أهل الكوفة ليشتكوا إلى أمير المؤمنين عمر قائلين إن هذا الوالي به مرض الصرع يكون جالسا فيرتعش ويرتجف ثم يسقط على الأرض فناداه عمر سائلا إياه ماذا يصيبك يا سعيد فقال يا أمير المؤمنين لقد كنت واقفا يوم دعوة خبيب فأصابتني هذه الدعوة فكلما تذكرته حدث لي الذي يحدث ترون ياأخوانى مدى صدق الخبيب رضى الله عنه و أرضاه المهم نعود إلى خبيب قبل مقتله قال ولست أبالي حين اقتل مسلما ....على أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله وان يشا...يبارك في اوصالى شلو ممزع اللهم إني قد بلغت رسالتك فبلغ رسولك ما أنا فيه ومات الخبيب رضى الله عنه و أرضاه ترون مدى حرص أصحاب رسول الله على هذا الدين كلهم يعلمون انهم أصحاب رسالة حتى في موتهم هم أصحاب رسالة رضى الله عنهم جميعا و أرضاهم نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغا إياه عن مقتل الخبيب فقال وعليك السلام يا خبيب وقال لا يترك الخبيب مصلوبا و أمر أحد الصحابة أن يذهب إلى مكة ليحضر جثته أو يدفنها فذهب أحد الصحابة وانتظر دخول الليل حتى ينام أهل مكة وعندما قام بفك وثاقه إذ بالجسد الطاهر يسقط على الأرض فخاف الصحابي أن تسمع قريش صوت ارتطام الجسد بالأرض فيقول فأسرعت واختبأت فلم أرى أحد فذهبت كي احمل الجسد فلم أجده فبحثت عنه يمنة ويسرة حتى اصبح الصباح ولم أجد الجسد ف*جعت إلى رسول الله فأبلغته بالذي حدث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعليك لاعليك فقد دفنته الملائكة فسمى دفين الملائكة رضى الله عنه و أرضاه .قصة حقيقية رائعة وعجيبة ومؤثرة جداً جدا. فلو تكرمت أقرأها ولن تأخذ من وقتك الا القليل .. فإذا أعجبتك لا تقفل قبل نشرها في كل يوم جمعة، وبعد الصلاة، كان الإمام وابنه البالغ من العمر إحدى عشرة سنة يخرجان في إحدى ضواحي أمستردام ويوزعان على الناس كتيبات صغيرة بعنوان "الطريق إلى الجنة" وفي إحدى الجمع كان الجو باردا وماطرا جدا الصبي ارتدى الكثير من الملابس حتى لا يشعر بالبرد، وقال: 'حسنا يا أبي، أنا مستعد!!! سأله والده، 'مستعد لماذا'..؟! قال الابن: يا أبي، لقد حان الوقت لكي نخرج لتوزيع الكتيبات. أجابه أبوه: الطقس شديد البرودة في الخارج. أدهش الصبي أباه بالإجابة وقال: "ولكن يا أبى لا يزال هناك أناس يذهبون إلى النار الأب: لن أخرج في هذا الطقس.. قال الصبي: هل يمكنني أن أذهب لتوزيع الكتيبات؟.. تردد والده للحظة ثم قال: يمكنك الذهاب، وأعطاه بعض الكتيبات.. قال الصبي: شكرا يا أبي! ورغم أن عمر هذا الصبي أحد عشر عاماً فقط إلا أنه مشى في شوارع المدينة في هذا الطقس البارد والممطر لكي يوزع الكتيبات على من يقا**ه من الناس وظل يتردد من باب إلى باب حتى يوزع الكتيبات الإسلامية.. بعد ساعتين من المشي تحت المطر، تبقى معه آخر كتيب وظل يبحث عن أحد المارة في الشارع لكي يعطيه له، ولكن كانت الشوارع مهجورة تماما.. ثم استدار إلى الرصيف المقابل لكي يذهب إلى أول منزل يقا**ه حتى يعطيهم الكتيب.. ودق جرس الباب، فلم يجب أحد.. ظل يدق الجرس مرارا وتكرارا، وﻻ جدوى ولكن شيئا ما يمنعه..من ترك المنزل مرة أخرى، التفت إلى الباب ودق الجرس وأخذ يطرق على الباب بقبضته بقوة وهو لا يعلم ما الذي جعله ينتظر كل هذا الوقت، وظل يطرق فإذا بالباب يفتح ببطء.. وكانت تقف عند الباب امرأة كبيرة في السن ويبدو عليها علامات الحزن الشديد فقالت له: ماذا أستطيع أن أفعل لك يا بني..؟! قال لها الصبي الصغير ونظر لها بعينين متألقتين وعلى وجهه ابتسامة أضاءت لها العالم: 'سيدتي، أنا آسف إذا كنت أزعجتك، ولكن فقط أريد أن أقول لك: إن الله يحبك حقا ويعتني بك وجئت أعطيك آخر كتيب معي والذي سوف يخبرك كل شيء عن الله، والغرض الحقيقي من الخلق، وكيفية تحقيق رضوانه... وأعطاها الكتيب وأراد الانصراف.. فقالت له: شكرا لك يا بني! وبعد أسبوع وبعد صلاة الجمعة، حيث كان الإمام قد أنهى محاضرة، وقفت سيدة عجوز تقول: 'لا أحد في هذا الجمع يعرفني، ولم آت إلى هنا من قبل، وقبل الجمعة الماضية لم أكن مسلمة ولم أفكر أن أكون كذلك.. لقد توفي زوجي منذ أشهر قليلة، وتركني وحيدة تماما في هذا العالم.. ويوم الجمعة الماضية كان الجو باردا جداً وكانت تمطر، وقد قررت أن أنتحر لأنني لم يبق لدي أي أمل في الحياة.. لذا أحضرت حبلا وكرسيا وصعدت إلى الغرفة العلوية في بيتي، ثم قمت بتثبيت الحبل جيداً في إحدى عوارض السقف ووقفت فوق الكرسي وثبت طرف الحبل الآخر حول عنقي، وقد كنت وحيدة ويملؤني الحزن وكنت على وشك أن أقفز.. وفجأة؛؛؛ سمعت صوت رنين جرس الباب في الطابق السفلي، فقلت: سوف أنتظر لحظات ولن أجيب وأياً كان من يطرق الباب فسوف يذهب بعد قليل.. انتظرت ثم انتظرت حتى ينصرف من بالباب ولكن كان صوت الطرق على الباب ورنين الجرس يرتفع ويزداد.. قلت لنفسي مرة أخرى: من يكون!!!؟؟؟ رفعت الحبل من حول رقبتي وقلت أذهب لأرى من يطرق الباب وبكل هذا الإصرار.. عندما فتحت الباب لم أصدق عيني فقد كان صبيا صغيرا وعيناه تتألقان وعلى وجهه ابتسامة لم أر مثلها من قبل، حتى لا يمكنني أن أصفها لكم.. الكلمات التي جاءت من فمه مست قلبي الذي كان ميتا ثم قفز إلى الحياة مره أخرى، وقال لي بصوت حان: سيدتي، لقد أتيت الآن لكي أقول لك: إن الله يحبك حقيقة ويعتني بك! ثم أعطاني هذا الكتيب الذي أحمله "الـطريق إلى الجنة" فأغلقت بابي وبتأن شديد قمت بقراءة الكتاب.. ثم ذهبت إلى الأعلى وقمت بإزالة الحبل والكرسي.. لأنني لن أحتاج إلى أي منهما بعد الآن.. أنا الآن سعيدة جداً لأنني تعرفت إلى الإله الواحد الحقيقي.. عنوان هذا المركز الإسلامي مطبوع على ظهر الكتيب، جئت إلى هنا بنفسي لأقول: الحمد لله وأشكركم على هذا الملاك الصغير الذي جاءنى في الوقت المناسب تماما، ومن خلال ذلك تم إنقاذ روحي من الخلود في الجحيم.. دمعت العيون في المسجد وتعالت صيحات التكبير.. الله أكبر.. الإمام الأب نزل عن المنبر وذهب إلى الصف الأمامي حيث كان يجلس ابنه هذا الملاك الصغير.. واحتضن ابنه بين ذراعيه وأجهش في البكاء أمام الناس دون تحفظ.. ربما لم يكن بين هذا الجمع أب فخور بابنه مثل هذا الأب.. و هنا سؤال يطرح نفسه.. ماذا قدمنا للدعوة في سبيل الله ؟! هل استخدامنا الواتس في سبيل الدعوة إلى الله أكثر أم للرسائل العادية والنكت ...... الخ..ع تمت بحمد الله بقلم سهير عدلي
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD