ماضى يخنقنى
فاقت نجلاء من غيبوبتها التي تسبب فيها رؤيتها لمشهد حمدى وهو مقتول، لترى حولها جمع من البشر و الشرطه والمباحث فحضر مشهد رأس حمدى المقطوع و المحدوف بعيد عنه ، فظلت تصرخ بهستريه وتصرخ منكمشة على نفسها ضامة ركبتيها بيديها جسدها كله يرتعش لا أراديا، والمحقق يهدئها قائلا لها:
_اهدى يا مدام من فضلك عشان نعرف إيه الحصل؟ ولكن نجلاء أصيبت بانهيار عصبى حاد مما جعل المحقق يص*ر قراراً أن تودع المتهمة بمستشفى العصبيه والنفسيه.
و جاء سليم بعد أن تم استدعائه من النيابه لأخذ أقواله، وما أن علم بالأمر شعر بزلزال يهد كرامته فقال للمحقق برجولة مجروحة :
_ أنا يا أفندم معرفش حاجة عن ال حصل ده كله ، وأنا بريئ من تصرفات زوجتي وأى حاجة عملتها تتحاسب عليها لوحدها لأن ماكنش عندي علم بكل الخطط دي وكل ال دبرته وهي من دلوقت طالق.
علم سليم من النيابه أن زوجته قامت بتسليط رجل بلطجى، بقتل خلود والذى قام بقتل الخادمه بالخطأ وهذا بعد تحريات النيابة الدقيقة.
عاد سليم من التحقيقات وهو مصدوم ،لم يصدق سليم ما حدث، كان يعلم أن نجلاء وصولية تحب المال وشرهة له، ويعلم أيضا أنها كانت لها رغبة في الاستحواذ على كل الثروة، ولكن لم يكن يتخيل أن يصل بها طمعها وطموحها إلى كل هذا الشر، وكل هذه الدنائة، فقام على الفور بتطليقها في القسم وطلب منهم أن يعلموها بذلك .. وبذلك لم تعد نجلاء لها صلة به ولا بعائلته.
أما نهلة فقد كانت منهارة لموت ابنها ، وبعد أن فاقت واصلت البكاء بشكل هستيري ثم نظرت لمروان الذى كان جالس بجانبها وفى عينه قلق وخوف كبيرين...قررت أن تحكى له كل شئ فلم يعد لها مكان في حياته لقد خسرت كل شئ خسرت شرفها وحياتها ومستقبلها، حتى ابنها ابن الخطيئة ها هو قد مات، فلا داعى لمزيد من الكذب والنصب لابد أن تتخلص من هذا العبء الثقيل الذي يؤرق حياتها .
ما إن رآها مروان حتى اعتدل من جلسته وقال بلهفه :
_ حبيبتى انتى.. انتى كويسه ....خلود ردى عليا طمنينى عليكى .
كانت تتألم من الكذب.. تختنق من تمثيلها لدور واحده أخرى تشفق على مروان من حبه لها، فماذا سيكون رد فعله لو علم بحقيقتها ..هكذا سألت نفسها
هتف مروان:
_ خلود ردى عليا متسكتيش كده عايز اطمن عليكى أنا حموت من القلق.
نظرت له نهلة و قالت وقد كانت على وشك الإنهيار حتى قالت بصعوبة :
_ مروان ممكن نروح أي حته عايزة أتكلم معاك في حاجة مهمة
مروان :
_حاضر يلا بينا..بس حتقدرى تمشى
نهلة بضعف :
_ آه حقدر
عاد سليم إلى البيت وهو بركان ثائر غاضب ، بداخله نار لا تنطفئ ، لم يتوقع أن تكون زوجته بهذا القدر من الشر ظل يحطم فى أثاث الحجرة سمعته والدته الذى طرحها المرض على الفراش ، فسألت الممرضه التى تتولى رعايتها قائلة
_ إيه ال بيحصل بره ده؟ ايه ال**ر و شالدربكة دول؟ روحى يبنتى بالله عليكى شوفيلى ايه الحكاية.
الممرضة :
_حاضر يا هانم حاروح حالا
وذهبت الممرضة فرأت سليم يحطم فى أثاث ومحتويات الحجرة ، وهو فى منتهى الغضب والثورة فخشت أن تقول للسيدة شئ فيكون له تأثير سيئ عليها ويحدث لها مكروها فقالت محدثة نفسها وعلى محياها التردد :
_ وأنا مالي اروح أقولها على ال شفته يحصلها حاجة ويتهموني بيها حاروح أقولها ملقتش حاجة.
عادت للسيدة وقالت لها:
_ مفيش حاجه يا هانم ده بس الاستاذ سليم بينقل حاجه كده من اوضته لأوضة المكتب
كريمة :
_ طيب يا بنتى
الممرضة تكرر فى نفسها حتى تثبت أن ما فعلته الصواب:
_ الحمد لله مقلتش حاجة..وليه أقول حاجة تزعجها.. أنا مالى أقولها خبر يضايقها وتيجى فى وشى مليش دعوة تعرف من غيرى بقى.
واعطتها الدواء لتنام السيدة كريمه وهى تشعر بضيق فى ص*رها لا تعلم له سبب.
ظل إبراهيم أخي نهلة، ينتظر نجلاء أن تتصل به ، ولكنها تأخرت حتى شعر بالقلق ..ظن أنها غدرت به حتى يعدل عن قتل اخته ، فاضطر أن يذهب ليتفقد الأحوال هناك..ذهب إلى الفيلا التى كانت بها اخته نهلة، ودخل متسللا إلى داخلها فوجد أخته جالسة مع شخص ، تتحدث معه وهذا الشخص مروان كانت نهلة ، تحكى له حكايتها منذ أن خدعت حتى جاءت عندهم وظنوها إنها خلود ، و مروان فاغر فاه لم يصدق ما تسمعه أذنيه ، و ابراهيم يستمع لهما من قريب ، فسمع حكايتها وسمع مروان وهو ينتفض قائلا لها بغضب :
_انتى بتقولى ايه ؟ أنتي ازاى تخدعينا وتفهمينا انك مراة اخونا.. ازاي تسمحي لنفسك إنك تعشينا .
نهلة وهي تبكي وجهه محتقن :
_قلتلك أنا مخدعتكش انا الظروف اجبرتنى انى اكونى هى..اكون بدل خلود الله يرحمها ، وكنت مضطرة والله العظيم، مكنش عندى مكان اروحه ولا أي حد أتوجهله أو ألجأ ليه ، كنت تايهة ، وتعبانه ، مكنتش عارفة اروح فين ..صدقني ده ال حصل والله العظيم ده ال حصل .
مروان ومازال ثائرا و وجهه محتقن من الغضب صارخا فيها :
_ والمفروض أنى اصدقك واصدق دموعك دى مش كده
مسحت نهلة دموعها وهى تقول :
_ ليك حق متصدقش بس صدقني هو ده ال حصل ، عالعموم انا حمشى و اريحك منى خالص وكأنك لشف*ني ولا عرف*ني.
وهمت أن تمشي ولكن مروان استوقفها من ذراعها صارخا فيها :
_ استنى هنا انتى فاكرة ايه انك بالبساطة دي تقدري تمشي..ولا فاكرة إن دخول الحمام زى خروجه..لا يا مدام ، انتى مش خارجه من هنا غير لما نصفى حسابنا الأول.
نهلة بانزعاج :
_ ح حساب ايه ؟ انت عايز منى ايه يا مروان قلتلك الظروف أجبرتني انى أكون بدل خلود الله يرحمها .. مكنش قصدي اعمل كده ولا اكدب عليكم والله عايز منى ايه ؟ سبني أمشي أرجوك سبني الله يخليك .
مروان: قلتلك مش حتمشي ..مش حتمشي فاااااهمة..........
و قاطعهم إبراهيم وهو يصوب مسدسه نحوهما و هو يقترب و يقول و الانتقام بادى على وجهه :
_ سبها يا مروان بيه دى تخصنى أنا
مروان باستغراب انت مين؟
أما نهلة ما إن رأته حتى سقط قلبها فى قدميها وشعرت أن الدنيا تميد بها وأن الظلام سوف يهجم عليها ، فهمست باسمه بخوف وهي تحدق به بانزعاج :
_ أ ابراهيم..
ترى مالذى سيفعله ابراهيم هل سيقتل نهلة أم سيغفر لها هذا ما سوف نعرفه فى الحلقة القادمه.
هدية اليوم
أبو جابر عبدالله بن عمرو بن حرام - ظليل الملائكة
عندما كان الأنصار السبعون يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية، كان عبدالله بن عمرو بن حرام، أبو جابر بن عبدالله أحد هؤلاء الأنصار.. ولما اختار الرسول صلى الله عليه وسلم منهم نقباء، كان عبدالله بن عمرو أحد هؤلاء النقباء.. جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم نقيبا على قومه من بني سلمة.. ولما عاد الى المدينة وضع نفسه، وماله، وأهله في خدمة الاسلام.. وبعد هجرة الرسول الى المدينة، كان أبو جابر قد وجد كل حظوظه السعيدة في مصاحبة النبي عليه السلام ليله ونهاره..
**
وفي غزوة بدر خرج مجاهدا، وقاتل قتال الأبطال.. وفي غزوة أحد تراءى له مصرعه قبل أن يخرج المسلمون للغزو.. وغمره احساس صادق بأنه لن يعود، فكاد قلبه يطير من الفرح!! ودعا اليه ولد جابر بن عبدالله الصحابي الجليل، وقال له: " اني لا أراي الا مقتولا في هذه الغزوة.. بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين.. واني والله، لا أدع أحدا بعدي أحبّ اليّ منك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وان عليّ دبنا، فاقض عني ديني، واستوص باخوتك خيرا"..
**
وفي صبيحة اليوم التالي، خرج المسلمون للقاء قريش.. قريش التي جاءت في جيش لجب تغزو مدينتهم الآمنة.. ودارت معركة رهيبة، أدرك المسلمون في بدايتها نصرا سريعا، كان يمكن أن يكون نصرا حاسما، لولا أن الرماة الذين امرهم الرسول عليه السلام بالبقاء في مواقعهم وعدم مغادرتها أبدا أغراهم هذا النصر الخاطف على القرشيين، فتركوا مواقعهم فوق الجبل، وشغلوا بجمع غنائم الجيش المنهزم.. هذا الجيش الذي جمع فلوله شريعا حين رأى ظهر المسلمين قد انكشف تماما، ثم فاجأهم بهجوم خاطف من وراء، فتحوّل نصر المسلمين الى هزيمة..
**
في هذا القتال المرير، قاتل عبدالله بن عمرو قتال مودّع شهيد.. ولما ذهب المسلمون بعد نهاية القتال ينظرون شهدائهم.. ذهب جابر ابن عبداله يبحث عن أبيه، حتى ألفاه بين الشهداء، وقد مثّل به المشركون، كما مثلوا يغيره من الأبطال.. ووقف جابر وبعض أهله يبكون شهيد الاسلام عبدالله بن عمرو بم جرام، ومرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكونه، فقال: " ابكوه.. أ،لا تبكوه.. فان الملائكة لتظلله بأجنحتها"..!!
**
كان ايمان أبو جابر متألقا ووثيقا.. وكان حبّه بالموت في سبيل الله منتهى أطماحه وأمانيه.. ولقد أنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فيما بعد نبأ عظيم، يصوّر شغفه بالشهادة.. قال عليه السلام لولده جابر يوما: " يا جابر.. ما كلم الله أحدا قط الا من وراء حجاب.. ولقد كلّم كفاحا _أي مواجهة_ فقالفقال له: يا عبدي، سلني أعطك.. فقال: يا رب، أسألك أن تردّني الى الدنيا، لأقتل في سبيلك ثانية.. قال له الله: انه قد سبق القول مني: أنهم اليها لا يرجعون. قال: يا رب فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة.. فأنزل الله تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )".
**
وعندما كان المسلمون يتعرفون على شهدائهم الأبرار، بعد فراغ القتال في أحد.. وعندما تعرف أهل عبدالله بن عمرو على جثمانه، حملته زوجته على ناقتها وحملت معه أخاها الذي استشهد أيضا، وهمّت بهما راجعة الى المدينة لتدفنهما هناك، وكذلك فعل بعض المسلمين بشهدائهم.. بيد أن منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم لحق بهم وناداهم بأمر رسول الله أن: " أن ادفنوا القتلى في مصارعهم".. فعاد كل منهم بشهيده.. ووقف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يشرف على دفن أصحابه الشهداء، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وبذلوا أرواحهم الغالية قربانا متواضعا لله ولرسوله. ولما جاء دور عبدالله بن حرام ليدفن، نادى رسول الله صلى اله عليه وسلم: " ادفنوا عبدالله بن عمرو، وعمرو بن الجموح في قبر واحد، فانهما كانا في الدنيا متحابين، متصافين"..
الى اللقاء احبابي
سهير عدلي.
الشهيرة بسهير على