عيون الريم الفصل الثاني

1485 Words
عيون2 على شظف الحياة و متطلباتها استعانت سناء بماكينتها وموهبتها، معاش زوجها لن يكفي وحده بالتأكيد لسداد متطلبات الحياة، اعتبرت أنها بدون ابن، اسقطته من حساباتها، صحيح أن الموت والحياة بيد المولى عز وجل وأنه مقدر لكن وجدي كان سببًا، ولن تستطيع التغاضي عن ذلك مهما كانت تحبه. أما ريم استيقظت في المشفى فتحت جفنيها لكن لم تستطع أن ترى، فقط ظلام دامس بشكل غريب، ظنت أن الكهرباء مقطوعه، فنادت "ماما" هرعت سناء لها فقد تركت المعزيين وذهبت لصغيرتها " عيون مامان حمد الله على سلامتك يا ضنايا" ردت ريم" ماما ، بابا مات بجد؟!" " أمر الله يا بنتي، أمر الله" بدأت تبكي، و بعد فترة قالت" ماما هو احنا الصبح؟" " ايوه يا قلب أمك" " طب افتحي الشباك الدنيا مظلمه قوي" بكت سناء لكن بدون صوت دموعها تواسيها بمصاب ابنتها " أمر الله يا ريم، أمر الله" " فيه إيه يا ماما؟" " يا قلب أمك، ابتلا من ربنا، عينيك تعبانه بس شويه" " تعبانه ازاي؟" و بدأ الغضب يظهر على صوتها" ماما هو الشباك مفتوح؟" " أيوه يا قلب أمك" " يعني أنا اللي مش شايفه؟!" حاولت سناء ألا تصدمها مرة واحده" معلش عينيكي بس تعبانه" صرخت " تعبانه إيه؟ باقولك مش شايفه، أنا مفتحه عيني أهو، بس مش شايفه، صارحيني يا ماما" جاءتها الإجابة التي لا تحتاج لكلمات بانهيار أمها بالبكاء، لتصرخ هي بم استطاعت من قوة. *** بعد عدة أسابيع كانت أول مكالمه من وجدي، علم بالطبع بوفاة والده، فمن ينقلون له الأخبار كثيرون، لكن سناء جاء ردها حاسمًا ردت سناء " أنا ماليش ولاد، أبوك مات من حسرته على اللي عملته، ولولا الحاج حسن راجل محترم كان هيبقى موت وخراب ديار و فضحيه تمس سيرتنا طول العمر، أبوك مات سامعني يا وجدي، مات، وأختك اللي كانت أملنا في الدنيا بقت عميا، عميا يا وجدي، روح الله يسهلك بعيد عننا، انا هاعتبرك مت أنت كمان، حسك عينك أشوفك تاني ولا تعتب باب البيت، أنا ما ليش ولاد" اعتبرت نفسها لم تلده، ستكتفي بصغيرتها التي هي الآن بأمس الحاجة لها، لم تترك سناء ريم فريسة للأوهام والهموم من أنها عمياء أو أن حياتها انتهت وقفت بجوارها بكل قوة " يا بنتي اللي حصل لنا ده شدة وابتلاء من ربنا، بس ابتلاء جامد، ها يا ريم، نجمد ونبقى قده والا نضعف" "نجمد يا ماما" "شاطره يا روح ماما، مش عاوزين نتحوج لحد يا ريم، هنمشي على القد وقد القد كمان، الحاج حسن كان عاوز يعملنا مصروف شهري، وأنا ما رضتش أبدًا، ده احنا ربنا بيحبنا؛ على الأقل شقتنا ملك مش هنحمل هم الايجار، كان مضلل علينا عايش وميت" وانفجرت في البكاء محتضنته ابنتها وهي تتوجع "آه يا عبد الرحيم آه، ربنا يرحمك ويقدرني على اللي جاي" عملت سناء بجد وانحنت على تلك الماكينة تتلمس سبل عيشها، بعد أن اكد طبيب التأمين أن لا أمل في علاج ريم إلا بالسفر للخارج. قررت ريم أن تلقي وراء ظهرها بأملها في الابصار وتركز في التأقلم مع حياتها الحالية وتعلمت القراءة بطريقه برايل في أحد مراكز تأهيل ذوي الاعاقات البصرية وبدأت تكمل دراستها. طلب الكثيرون يد سناء للزواج لكنها رفضت رفضًا قاطعا، أي زواج ؟! أتعيش مع رجل سوى عبد الرحيم، إنه أمر مستحيل، ستظل وفية لذكرى زوجها حتى تلفظ آخر أنفاسها. مرت سنوات وسناء تعمل وريم تتعلم إنها الآن طالبة في كلية التربية؛ قسم لغة انجليزيه، بالفرقة الثانية. في يوم ما عاد الغائب يطرق الباب، إنه عبد الله أخ عبد الرحيم الذي كان مهاجرًا بكندا، عاد بعد غياب طويل، وسنوات انقطعت فيها أخباره حتى ظن الجميع أنه قد مات، لم يكتب الله لعبد الله الانجاب، و تركته زوجته الكندية في سبيل حب اقتحم حياتها، فقرر العودة ليمضي آخر ايامه بين أهله بعدما علم بإصابته بمرض عضال، احتواهم عبد الله وقرر أن تسافر ريم للعلاج بالخارج، وبدأ يجري اتصالاته للترتيب لهذا الأمر. لكن ذلك السارق وجدي عاد وبكل صلافة، مطالبًا سناء ببيع الشقة ليأخذ حقه في ميراث والده، صعقت سناء من مطلبه، تعلم أنه وضيع لا أخلاق له، لكن ألهذا الحد، سالته " طب وأنا وأختك هنروح فين؟" بكل صفاقة أجابها و بدون اكتراث "شوفولكم أوضه فوق السطح أجروها، أنا مالي أنا عاوز حقي في الورث، وانتوا اتصرفوا، ما ليش دعوه" لم تتحمل تلك الإجابة، ألهذا الحد تبلغ قسوته ولا مبالاته، حين أخبرته أنها اعتبرته مات، كل ما كان يدور بخلدها أنها لن يتركها ولن يترك أخته تقاسيان في الحياة وحدهما، ولكنه فعلها، وكان كلماتها له كان الذريعة التي طالما انتظرها لينفض عن كاهله حمل لم يكن بالأصل يحمله، لم يتحمل قلبها كلماته تلك، ماتت سناء بحسرتها أزمه قلبية حادة، استقبلت ريم موت أمها بال**ت، لم تصرخ ريم ولم تبكِ؛ ارتمت بين أحضان عمها، حاولت التماسك لتكون قوية، أعد عمها العدة لكل شيء، بعد شهران سيأتي الخبير للقاهرة وتم الحجز لكل شيء ، لم تكد تفيق من فجعتها بموت أمها، و هروب وجدي، و تركها وحيدة بعد أن وبخه عمه اشد توبيخ، و طرده، حتى حلت مصيبة جديدة على راسها، ارادة الله نفذت وتوفي عمها. ***** أحداث كثيرة حدثت بعد موت عمها، جالت بخاطرها، و هي في المشفى جالسة على سريرها تتذكر صدمتها فيما سمعته صدفة، بينما كانوا يظنوننها غارقة في نوم عميق كعادتها، لا تدرى ما الذي جعلها تتصنع النوم، هاتف جال صداه ساعتها في رأسها (ابقي هادئه، لم لا تستمعين لحديثهم، طالما تجاهلت الهمسات التي كنت تسمعينها و تعلمت التغاضي عن بضعة كلمات كانت تشقك كالرصاص، عاميه، تجاهلوها،لا تراكم، فلم لا تستمعين؟) وعندها سمعت همسات تدور بين من يسمى زوجها وأخيها سمعت صوت زوجها " تفتكر يا وجدي العمليه هتنجح وريم هتفتح وتشوف" رد عليه "لا يا علوان ما اعتقدش الدكتور قال النسبه ضعيفه" **ت ساد ثم صوت علوان يقول "ولنفرض فتحت، كل حاجه هتبوض، ما كانش لازم ابدا نوافق تعمل العمليه" ليعترض وجدي " اقولها ايه يعني مش هنعملك العمليه عشان، ما تعرفيش اننا عاوزين نبيعك كل حاجه أول ما تتمي الواحد و عشرين، آه بس لو عمي ما كانش كتبلها كل ثروته، وما كانش اتفق علي العمليه " فقال علوان "خلاص اسكت بقى لتصحى وتسمعنا، ما حلاش الكلام إلا هنا" كتمت صدمتها في من يفترض أنهما أقرب الناس لها زوجها وأخيها انصرفا وتركاها في المشفى تساؤلات مرت بخاطرها "ماذا ستفعل معهم؟ إن نجحت العمليه، يجب أن تهرب منهم، لكن كيف وإلى أين؟ وإن لم تنجح، كيف ستعيش وماذا سيكون مصيرها؟ مع أخ لا يعرف للرحمة طريقًا ، وزوج لا تعلم عنه شيئا، مفروض عليها قوة واقتدارًا كشرط لتستطيع عمل العملية. تلمست الطريق لزر طلب الممرضة فجاءت مي سريعًا "إيه يا قمر محتاجه ايه؟" "كنت عاوزه اسألك على حاجه يا مي، وأنا حاسه إنك هتكوني صادقه معايا " " أؤمري يا سكر" "الدكتور اللي عملي العمليه ده غير الدكتور حسين اللي كان بيكشف عليا، وما اتكلمتش معاه غير كام كلمه بس بعد العمليه، فما لحقتش احدد شخصيته ، أنت اتعاملتي معاه قبل كده؟" ضحكت مي "طبعًا، دكتور مهاب من أشطر الدكاتره، هو كلامه قليل، بس انسان دؤوب و محترم جدا وعلى خلق" "طب ممكن تطلبي منه يجيلي عاوزه اتكلم معاه" "عنيا يا قمر، أنا حمدت ربنا أن جوزك وأخوك مشيوا بدري، أنتي معلش يعني و اعذري صراحتي مش عارفه انتي اتجوزتي الراجل ده ازاي ده يخوف أصلا والا اخوك ما باقبلوش انما انت حته سكره " ضحكت ريم " ل**نك متبري منه يا مي، بس هو جوزي شكله وحش قوي كده" "بأمانه يا ريم يا قمر انتي آه، شكله زي المسجلين خطر، هم دبسوكي فيه صح، أكيد ضحكوا عليكي عشان ما بتشوفيش ولا مؤاخذه يعني" تن*دت ريم حين تذكرت كلام وجدي يوم أن أتى بعلوان ليتزوجها " أنتي اختي حبيبتي وعلوان صاحبي، ده راجل مجدع ويتشد بيه الظهر ، وبعد موت عمنا، أخاف يجرالي حاجه وأنتي تبقي لوحدك، لازم تبقي في ع**ه راجل" اعترضت " راجل ايه يا وجدي؟ وأنا كده!! هو راضي وعارف اني عاميه" "ما خلاص يا ستي هنعملك العمليه، انت مش عمك اتفق على كل حاجه وحاجز من قبل ما يموت، بس لازم قبل العمليه تبقي في ع**ة راجل يصونك ويحميكِ" حاولت الاعتراض فألجمها "والله يا تتجوزيه و تكتب الكتاب يا ما فيش عمليه" بكت " أنت بتحط دي قصاد دي يا وجدي " صرخ بها "هو ده اللي عندي، مش هتطلعيني صغير قصاد الراجل" ردت م**ورة القلب والنفس "يعني لو وافقت اكتب الكتاب على علوان ده، هتسيبني اعمل العمليه " رد ب ***ة " ايوه" عقبت بسرعه "بس ما فيش دخول ولا فرح إلا لما أخلص كليتي " "ماشي" عادت لمي " ايوه يا مي اتغصبت عليه، و أخويا ده ربنا يسامحه طول عمره مطلع روحنا من ايام ما كان بابا موجود، مش عاوزه أقولك انه هو السبب في موت بابا و كمان هو اللي جاب جلطه لماما وماتت، ربنا يسامحه بقى، المهم كلميلي دكتور مهاب ضروري، لازم أشوفه النهارده ، حتى لو متأخر إذا جه وكنت نايمه صحيني، لازم أكلمه قبل ما رباط عيني يتفك بكره " " حاضر" هاتفت مي دكتور مهاب ولم يستطع المرور قبل الواحدة بعد منتصف الليل أيقظت مي ريم " اصحي يا سكر الدكتور جه" " هو هنا؟" فرد مهاب ببرود " أيوه أنا هنا يا مدام ريم، خير" ردت بضيق " ما تقوليش مدام دي، أنا آنسه، أنا مكتوب كتابي بس، وان شاء الله هاخلص من الورطه دي " زفر " ماشي يا آنسه ممكن أعرف المطلوب مني ايه؟ حضرتك طلبتي تشوفيني، و احنا كده كده هنفك الشاش بكره ونشوف نتيجة العمليه" أخذت نفسا طويلًا "لو العمليه نجحت، لازم ما حدش يعرف"
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD