(1) إجرام و ارتواء
(1)اجرام و ارتواء
استيقظت نادية من نومها كعادتها كل يوم وتوجهت لعملها حيث تعمل مدبرة منزل لدى رجل الأعمال نجيب عامر، صاحب مصانع العامر لتجارة الحديد والصلب،
وزوجته السيدة نادرة الحسيني ابنه المرحوم الحسيني صابر، أحد أهم أقطاب الصناعة في البلد، وابنتهما الجميلة تولين التي تساعد والدها في إدارة مصانعه و مجموعة شركاته، فهي تباشر عملها دائمًا في السادسة لديهم؛ لتوقظ تولين لتمارس رياضتها قبل الذهاب مع والدها للشركة، فتولين محبة لعملها دؤوبة فيه، ولا تلتفت للسهر أو الحفلات كما يفعل أقرانها، بل تهتم بالعمل والعمل فقط، حتى أن أقرانها
وخاصة ابن عمها الوحيد ناجي يطلقون عليها "المرأة الحديدية".
ألقت ناديه التحية على شاكر البواب ودلفت للڨيلا ودخلت متوجه مباشره لغرفة تولين، لتجد باب الغرفة مفتوح على غير العادة وما أن وقفت أمام الباب حتى هالها ما رأت وجادت حنجرتها بالصراخ وهرعت لغرفة السيد نجيب لتجد ما هالها أكثر
وزاد صراخها، بينما شاكر يروي الزهور بالحديقة سمع الصراخ فهرع لمص*ر الصوت من الباب الزجاجي الذي يفصل الحديقة عن الڨيلا ووجده مفتوحًا
ليجد ناديه تبكي وتصرخ وتلطم خديها
"يا لهوي يا لهوي، لا حول ولا قوة إلا بالله، كلهم، راحوا في شربة مياه كلهم"
فتح شاكر عيناه على اتساعهما "انتي بتخرفي بإيه على الصبح"
وتقدم ناحيه الغرف، فارتعب مما شاهد وارتد للخلف، وبسرعه قام بإبلاغ الشرطة. بعد فترة قصيرة رن جرس الڨيلا
ونزل شاكر ليفتح
" أنا النقيب رماح يا ابني وسع"
دخل النقيب رماح يتبعه النقيب محسن
ليسأل رماح "مين اللي بلغ؟"
أجابه شاكر"أنا يا بيه "
"ايه اللي حصل بقى؟"
" يا بيه أنا لقيت ناديه بتصوت، جيت جري، لقيت البيه والهانم سايحين في دمهم، كلمتكم على طول"
"ما لمستش حاجه ولا غيرت مكان حاجه؟ "
"لا يا بيه أبدًا"
صعد رماح للأعلى حيث تجلس ناديه على السلم في حال يرثى لها ليسألها بشك
" انتي اللي اكتشفتي الحادثه؟"
"أيوه "
"ازاي؟"
كفكفت دموعها وأخذت نفسًا عميقًا لتستطيع الحديث
" جيت زي كل يوم اصحي تولين لقيت الباب مفتوح ولقيت المنظر قدامي، جريت على أوضه البيه لقيتهم هم كمان كده "
"حركتيهم أو لعبتي في أي حاجه "
هزت رأسها نافية
هاتف رماح القسم
" اخلص يا ابني ابعت الطب الشرعى، الحكايه كبيره"
دخل رماح لغرفة تولين ليجدها ممده على السرير، لكنها عارية تمامًا والملابس ملقاه على الأرض ممزقة، والدماء ترسم لوحة حزينة على السرير لشرف
قد اغتصب ا****بًا فجزء كبير من جسدها تغزوه عده كدمات، أمسك بملاءة من الدولاب ليغطي جسدها حتى وصول الطب الشرعي، وبينما هو يغطيها، سمع أنة مكتومه ليقترب منها ويجد أنها تتنفس ببطء فصرخ
"بسرعه يا محسن الاسعاف، البت فيها النفس"
هرعت ناديه على كلمته لتولين
"تولي حبيبتي، يا ما أنت كريم يا رب" وكانت تريد احتضانها،
منعها رماح "لا مش عاوزين نبوظ الأدله "
صرخت ناديه " أدله أيه وزفت ايه، دي زي بنتي، شايف منظرها، اسيبها كده
ازاي "
"خلاص خليكي جمبها، هي أصلًا مش داريه بحاجه، على الله الاسعاف تلحقها"
جلست ناديه بجوارها تبكي
"عيني يا بنتي عليكي، يا شمعتنا ونوارتنا، يا رب، يا رب جازي اللي عمل كده، الهي يتحرق في نار جهنم البعيد، ما يوعي ي**ب ولا يربح، عملولهم ايه؟ ده البيه والست هانم ما فيش أطيب منهم بشهادة الكل، حسبي الله ونعم الوكيل، هات لهم حقهم يا رب، يا رب انتقم من اللي عمل كده يا رب، هتعيشي لوحدك يا بنتي "
عقب رماح "ده لو عاشت أصلًا"
قالت بتلقائية "تف من بقك "
اتسعت عيناه اندهاشًا "اتف من بقي"
"معلش يا ابني، معلش يا سعادة البيه، أنا آسفه"
"طب اسكتي خالص بقي صدعتيني"
ألقى نظره على تولين بملامحها الجميلة برغم تلك العلامات على شفتيها وخدها، ذلك المتوحش أو أولئك المتوحشين أذاقوها الكثير من العذاب.
دخل محسن، سأله رماح
"ها يا محسن"
"الاتنين ميتين، من الواضح أنهم مقتولين هم نايمين، ما فيش أثار مقاومه نهائي،
وضعية نوم طبيعيه جدًا، كانوا نايمين في حضن بعض، من الواضح أنهم أكثر من قاتل لأنهم الاتنين مضروبين في الظهر وأكيد في نفس التوقيت"
حضرت الإسعاف وقاموا بحمل تولين، في اللحظة التي سمع فيها رماح ضوضاء من الأسفل فهبط معهم ليجد شابًا أمامه فسأله
"أنت مين؟"
ليجيبه الشاب بتعالٍ "أنت اللي مين؟ وبتعملوا إيه في بيت عمي؟"
فلمح تولين على النقالة
"إيه ده تولي!! فيه إيه؟!"
رد رماح ببرود "عمك ومرات عمك اتقتلوا، وبنت عمك زي ما انت شايف"
قال الشاب "بسرعه بسرعه عشان نلحقها، على المستشفي بتاعتنا"
نظر له رماح شذرًا، فلقد شعر بهالة من عدم الارتياح منذ أن رآه
نقلت تولين للمشفى وتابع رماح التحقيقات ليتوصل إلى
كاميرات الڨيلا كانت معطلة منذ فترة، القتلة متعددون، بالنسبة لتولين لم يستطع الكشف ا*****ص سائل منوي للم***ب فيبدوا أنه استخدم و**يًا وقام بغسل أية آثار قد تكون موجودة، تحليل الدماء أثبت أنه تم حقنها بمادة م**رة قوية المفعول و بكمية كبيرة.
أما تولين فقد استيقظت بعد فترة تحس بآلام شنيعة في جسدها كله، دخل لها الطبيب محمود أحد أطباء المستشفى وأحد أصدقائها لتسأله بصوت مضطرب
" فيه إيه يا محمود؟ إيه اللي حصل؟ أنا كويسه؟ بابا وماما كويسين؟ مسكو الكلاب دول؟"
**ت محمود قليلًا
"مش عارف أقولك إيه؟ إيه اللي أنتِ فاكراه؟"
**تت قليًلا، ثم فجأة تدفقت الذكريات تدفقًا لتقول بتوجس " أنا ما كانش جايلي نوم قلت اقرأ كتاب، لقيت واحد متلتم دخل الاوضه، جيت أصرخ حط ايده على بقى و ..... (بدأت تبكي) ودخل وراه اتنين، كتموا بقي وهو لزق عليه بلاستر (وانفجرت في البكاء) وقطع هدومي وحاول الكلب يغتصبني، أنا قاومته جامد، بص للاتنين اللي كانوا واقفين مسكوني جامد واداني حقنه، بس ده كل اللي فاكراه "
طأطأ محمود رأسه و قال "للأسف تولين، هو اعتدى عليكي و ..."
وضعت يديها على فمها من صدمتها تريد حبس صرخاتها التي تتزاحم في ص*رها كبركان يغلي
ليكمل محمود "وبابا وماما تعيشي انتي "
بسماعها تلك الكلمات انفجر البركان، ليجود بحمم من صراخ قد انطلقت ت** الآذان وانهارت تولين ودخلت في حالة صراخ وبكاء هستيري
في الوقت الذي وصل فيه رماح فوجدها على هذه الحالة، لا يدري لم رق قلبه لها هكذا، ود لو يحتويها بين أحضانه ويواسيها، مع أنه قد شاهد الكثير من هذه الحالات
المصدومة، لكن لا يدري يحس بشيء خفي يربطه بهذه التولين، سارع لمساعدة محمود لإمساكها حتى حقنها محمود بمهدئ، لبثت قليلًا ثم استكانت بين يديه، نظر لها إنها ملاك نائم، براءة ملامح وهدوء على وجهها، لا يماثل أبدا النيران المستعرة بداخلها، والتي خمدت حتى حين بفعل المهدئ.
غادر رماح لأن حالتها لم تكن تسمح باستجوابها بالطبع ولديه الكثير من العمل والأفكار تتزاحم في عقله، من هم الجناة؟ ولم فعلوا فعلتهم؟ ولم تركوها حية ترزق؟ أسئلة كثيرة لا تجد إجابات، جال بخاطره ليتها ماتت بدلًا مما ستقاسيه، وحدة مريعة بعد موت والديها، ولطخة ستلطخ بها رغم عدم كونها قد ارتكبت جريرة ما، لكنه عقم العقول، لك الله يا تولين، وغادر مرغما وقلبه لديها، روحه تحميها، وأقسم بينه و بين نفسه، لن يتركها وحدها أبدًا، فكل تحرياته تثبت أنها نقية السريرة، وفي غاية الاحترام.
منع رماح أية زيارات لتولين في المشفى، ومنع أية تسريبات عن تفاصيل الحادثة
كان يذهب يوميًا للاطمئنان على حالتها، لكنه في كل يوم كان يجدها نائمة بفعل المهدئات، ما تلبث عند استيقاظها أن تدخل في دوامة من الصراخ الهستيري، و البكاء بصوت ي** الآذان
لتصرخ " بابا، ماما، سيبتوني ليه؟ الكلاب ليه ما موتونيش؟ ليه عملوا فيا كده؟ ليه قتلوني بالحيا؟ دمروني ليه؟"
بعد ما يقارب من أسبوع على هذه الحال استيقظت تولين
صامتة بدون أن تصرخ، انتهزت فرصة انشغال إحدى الممرضات واستلت مشرطًا من عربة المستلزمات الطبية، وتصنعت النوم وقررت انهاء حياتها، فلمن تحيا؟ وقطعت ذلك الوريد، لتنساب دمائها تلطخ بياض السرير، وتهرب من جسدها الذي دنسه الأوغاد، ويشاء الله أن تدخل ممرضة أخرى للاطمئنان عليها كما طلب منها رماح، وتنقذها، ظلت أسبوعًا آخر في نوم متقطع بالعقاقير المهدئة،
رأت في منامها والدها ووالدتها، في هالة مضيئة، يقتربان منها، تضمها والدتها في حضنها، ويمسك والدها يديها، مقبلًا تلك اليد التي جرحتها، ثم وقفا أمامها
وقال والدها "بنت عامر ما تعملش كده أبدًا، بنت عامر ما تعترضش على قضاء ربنا، ولا تن**ر قدام ابتلائه، بنت عامر كما الحديد الصلب، في وش أي ابتلاء أو امتحان ، لو ان**رتي يا بنتي يبقى تعب عمري ضاع، تربيتي ما نفعتش، إحنا مش معاكى آه بس ربنا اللي أقوى من الكل معاكي، ربنا أقوى من كل الخلايق وهو أحن عليكي من أي حد، قومي يا بنتي، اصلبي طولك واقفي في وش الكل"
وقبلها من جبينها واحتضناها حضنا جماعيًا أدخلها معهم في هالة النور.
استيقظت وهي تشعر بسكينة، وهدوء، كانت تبكى فقط،
دموعها تنساب على خديها تحفر فيهما آهات الوجع وأنات الفقد، **تَ الصراخ و اختفى وحل الفكر والشرود،
تنظر لزجاج نافذتها، تمنت لو أن ما حدث كان كابوسًا بغيضًا، مريعا، لكنه كان واقعًا داميًا، ملطخًا بدماء والديها، ودماء شرفها الذي أراقوه، هل كانوا رحماء بها حين حقنوها بالم**ر لكي لا تقاسي الآلام؟ لكن أية رحمة، ليتهم قتلوها، إنها الآن ستقاسي كل الوجع والآهات، وحيدة في الدنيا، بلا سند أو ظهر تلجأ إليه، والدها جبلها الحامي لها، تركوها بلا حضن دافئ ترتمي فيه بعد يوم شاق تكد فيه وتتعب، بلا ملجأ تحتمي منه من الدنيا ونوائبها، يا الله لقد احتواهم التراب، وكان أحن عليهم من بشر نزعت الرحمة من قلوبهم، آه أيها التراب، لماذا لم تقبل بي بين جنباتك
وطبقاتك أرفضت أن تضمني، رفضت أن تأويني بجوار أحبابي
وحدثت نفسها " تولين عامر زي الحديد الصلب، الض*به تشكله والنار ما تهدوش، وهاقوم وأقف قدام الكل"
ورفعت كفيها تطلب العون من رب السماء، أخبر محمود رماح ببدء تحسن حالها وسمح له بالمجيء لاستجوابها.
دخل رماح الغرفة وهي مستلقيه تنظر للنافذة
"السلام عليكم "
اعتدلت في جلستها "وعليكم السلام "
" أنا النقيب رماح اللي باحقق في قضيتك "
شدت الكلمة انتباهها "ها وصلتوا للح*****ت دي؟"
خفض رأسه "لا لسه، بس إن شاء الله هنوصل لهم"
هزت رأسها نافية "لا مش هتوصلوا، من الواضح انهم مخططين كويس قوي، الهدف كان قتل بابا وأنا وماما اتاخدنا هديه فوق البيعه، حتى الحيوان اللي ضيع شرفي، كان عامل حسابه زي ما يكون جاي وناويها"
ثم انخرطت في بكاء حاد "بس ليه ما قتلنيش؟ ليه سابني عايشه؟ ليه؟"
أجابها "ده اللي عاوزين نفكر فيه سوا يا تولي"
نظرت له بعينين دامعتين، فابتسم قائلًا "ايه مش داده ناديه بتقولك كده؟ تولي"
أجابته "ايوه"
فقال "طب ممكن نبقي أصدقاء وأنا كمان أقولك تولي"
هزت رأسها موافقه، لا تدري لم وافقت، مع أنها لا تسمح لأحد بالتباسط معها هكذا فلا أحد يناديها بتولي سوى والديها وناديه، لكنها تحس بارتياح غريب لرماح، تحسه ملاذها مع أنها لا تعرفه، استأذنها رماح في دخول الكاتب وباشر أخذ أقولها
ثم استأذن منصرفًا على وعد بالمجيء، وفي الغد كان أول ما فكر فيه رماح هو زياره تولين، وبينما يهم بالدخول سمع أحدهم يحدثها
"حمد لله على السلامه تولي"
نبرة صوتها بدت غاضبة بوضوح و هي ترد عليه "قلت لك ميت مره ما تقوليش تولي"
"ده أنا ابن عمك يا قطه"
"لا ابن عمي ولا ابن خالي، بالنسبه ليك اسمي تولين"
"طول عمرك جامده وما فيش حاجه تهزك"
"انت عاوز ايه يا ناجي؟ من الآخر جاي ليه؟"
"جاي نشوف هنعمل ايه؟ وهنشتغل ازاي؟ وهنداري فضيحتك دي ازاي؟"
احتد صوتها "نعمل ايه في ايه؟ لا المصنع ولا الشركه أنت ليك فيهم حاجه، وأنت عارف كده كويس ومن بعد بابا كل حاجه هتبقي تحت ادارتي أنا إن شاء الله، وفضيحة ايه ان شاء الله اللي جاي تداريها؟"
رد بشماته "فضيحة ا****بك ده الجرايد ما لهاش سيره إلا رجل الأعمال اللي اتقتل هو ومراته واغتصبوا بنته، ما عتيش نافعه خلاص، لازم نتجوز عشان استرك، ما انتي لحمي ودمي برضه"
ردت بحدة وغضب "فضيحتي ده على أساس إيه أنهم مسكوني متلبسه في شقة دعاره مثلا، وإلا خرجوني من أوضه نوم واحد، بس هاقول ايه ما أنت انسان متخلف، وما بتفكرش غير بنصك التحتاني بس"
سمع ضحكة مقيته "نصي التحتاني تحمدي ربنا انه هيرضى بيكي بعد ما بقيتي سكند هاند ومستعمله"
صرخت "أنت حيوان، ووالله أنت لو آخر راجل في الدنيا لا يمكن أكون ليك"
"صدقيني مش هتكوني غير ليا"
دخل رماح الغرفه ليجد وجه تولين محتقنًا من غضبها وذلك الناجي يجلس بكل برود واضعا قدم على قدم أمامها
فنظر له شذرًا "اقدر أعرف مش هتكون غير ليك ازاي؟ وهي مخطوبه لغيرك"
انتفض ناجي من مجلسه "انت بتقول ايه أنت؟ وأصلا أنت مين؟"
رد رماح ببرود ينافس بروده الثلوج القطبية " أنا رماح اللي ماسك القضيه، وخطيب تولي" قالها مقتربا من تولين ممسكًا بيدها وقبلها
ثار ناجي " خطيب مين؟ يا سلام و ده من امتى!!"
"وأنت مالك، أنت حي الله ابن عمها، وأبوها راضي وأنا راضي مالك ومالنا يا قاضي"
"لا وبتستظرف كمان وليك نفس تهزر، وأنت قابل بيها بقي بعد اللي جري لها"
" حاجه ما تخصكش، دي حاجه تخصنا أنا وهي بس"
"لا يا بيه، دي فلوس عمي، ومش هاسيبك تتهني بيها، وربنا لاضيعك واندمك"
"تندم مين يا بتاع أنت، انت مش عارف بتكلم مين"
"لا ده انت اللي مش عارف بتكلم مين وهنشوف، يا أنا يا أنت، وبرضه هي ليا و مش لحد تاني"
وانصرف صافقًا الباب خلفه
تساءلت تولين ببراءة "ليه قلت له كده؟"
رد بحنو "سمعت كلامه وتجريحه ليكي مقدرتش استحمل الصراحه، كان لازم اوقفه عند حده، وبعدين يا ستي اعتبريها تمثيليه"
"وأنت ايه اللي يجبرك على كده؟ "
ابتسم "مساعده لوجه الله يا ستي، وبعدين أنا أطول ابقي خاطب قمر كده"
تضايقت " أنت مش فاهم حاجه ، ناجي مش هيسكت ده شراني"
اقترب منها ورفع ذقنها لينظر في عينيها "ولا يقدر يعمل حاجه، من دلوقتي تولي في حمايه رماح "
سألته "ليه؟"
"من غير ليه، هتصدقيني لو قلت لك أنا نفسي مش عارف ليه"
احمرت وجنتاها وخفضت عيناها خجلًا وهربًا من عيناه، فقال
" ايه خطيبتي ناويه تفضل هنا في المستشفى كتير، الدكتور قال انك بقيتي كويسه، يعني ممكن تخرجي بقي"
"لا مش عاوزه اخرج ولا اروح الڨيلا "
" ما تخافيش الڨيلا بقت زي الفل، الطب الشرعي خلص شغله وكل حاجه رجعت زي الاول"
"ما فيش حاجه هترجع زي الاول"
رن هاتفها فأجابت "الحمد لله احسن "
.........
"هو فيه وصيه؟"
..........
"طب معلش ممكن تجيلي المستشفى"
........
"تمام مستنيه حضرتك"
نظرت لرماح "ده المحامي بتاع بابا عمو المستشار فكرى الهواري، بيقول إن فيه وصيه، ممكن لو وقتك يسمح تبقى معايا"
نظر لها بحب " أكيد "
جلسا يتجاذبا أطراف الحديث قليلًا إلى أن وصل المستشار فكري
"ازيك يا بنتي، ألف سلامه عليك والبقاء لله"
"الله يسلمك، حياتك الباقيه يا عمو"
" إن شاء الله يلاقوا اللي عمل كده، مش عارف انا البطء ده بتوع التحقيقات الظاهر نايمين في العسل"
تنحنحت تولين فنظر فكري لرماح ثم لتولين متسائلًا "مين ده؟"
فبادر رماح للرد "أنا من بتوع التحقيقات اللي نايمين في العسل، وخطيب تولي"
نظر لها فكري متعجبًا "خطيبك، من غير ما أعرف يا تولين، ازاي؟"
" كنا لسه هنقولك يا عمو بس اللي حصل بقي"
" ماشي على العموم يا ابني ألف مب**ك، تولين بنت بميت راجل، واتمنى تقدر توصل للي عمل كده"
"ان شاء الله"
"ايه يا عمو بقى حكاية الوصيه دي"
"ثواني بس لما البيه يشرف"
"بيه مين"
"سي ناجي، ما هو لازم يكون موجود واحنا بنفتح الوصيه، كلمته أنا وزمانه جاي"
وصل ناجي مباشرة
ونظر لرماح "طب احنا ورثه وهنفتح الوصيه، ده هنا ليه"
احتدت تولين "ده هنا عشان ..."
أمسكها رماح من يدها ليهدئها "ما اسميش ده اسمي رماح، وانا هنا عشان جمب تولي خطيبتي وده طلبها يا .. إلا أنت قولتلي اسمك ايه "
" اسمي ناجي يا عم الحبيب"
تدخل فكري "أنا مش فاضي للي بتعملوه ده، نقعد لو سمحتم"
أخرج أوراقه واخرج مظروفا مختوما بالشمع الأحمر وفض الختم وشرع في قراءه الوصية وكان محتواها أن إدارة الشركة تؤول كامله لتولين في حال وفاته،
وكل أرصدته في البنوك المودعة بحسابه المشترك مع تولين تصبح لها ملكية خالصه، وفي حالة حدوث شيء لتولين تؤول كل الأملاك للجمعيات الخيرية و ملاجئ الأيتام التي حددها في الوصية، وترك لناجي شاليه الساحل والشقة التي يقيم بها ومبلغ ربع مليون جنيه باسمه في البنك"
قام ناجي وغادر بلا أي تعليق سوى نظرة توعد وجهها لتولين ورماح
غادر فكري، بينما ظل رماح شاردًا ينظر للنافذة
قاطعت تولين **ته "بتفكر في ايه؟"
أجابها "رد فعل رماح"
"ماله؟"
"ده مش رد فعل واحد كان مستني ثروه أبدا وضاعت"
"يعني إيه؟ عادي، هو عارف ان معظم أملاك بابا أصلًا باسمي"
"ولو، ده حتى ما اترسمش على وشه خيبة أمل"
" شاكك في إيه؟ قولي"
" لا بعدين بقى، مش يالله بقي نخرج، أنا ما بحبش جو المستشفيات ده"
رافقها رماح للڨيلا لكنها لم تقو على الدخول
"لا لا يا رماح مش قادره ادخل"
"طيب خلاص اهدي، تحبي تروحي فين؟"
"هاروح شقه الزمالك"
"هتقعدي لوحدك"
"لا داده ناديه هتقعد معايا"
نادى رماح على ناديه لتجهز ما تحتاجانه ورافقهما للشقة و عند الباب ودعهما قائلًا
" تليفوني معاكي، أي حاجه تقلقك رنه بس تلاقيني قدامك"
"هاتعبك معايا"
"تعبك راحه "
"اقفلي الباب كويس، وما تفتحيش لحد"
"يا داده ناديه ناقصكم أي حاجه"
"لا يا ابني تسلم"
فكر قليلًا ثم قال "استني يا داده، انتي هتمشي وتسيبيها لوحدها"
" لا يا ابني، كلمت الجيران هيطمنوني على امي الحاجه وهافضل بايته هنا معاها"
**ت لبرهة "معلش يا تولي لازم الحاجه تبقي معاكم هنا، عشان ناديه ما تضطرش تسيب البيت لأي سبب من الاسباب"
" يا ريت أنا ما عنديش مشكله"
"يبقي تعالوا نروح نجيبها الاول"
وأحضروها وغادرهم رماح متجهًا لعمله
طلب رماح من تولين عدم الذهاب للعمل لمدة حتى تنهي علاجها وكان يهاتفها باستمرار للاطمئنان عليها، وتطور الأمر بينهما حتي أصبحت تولين جزءًا لا يتجزأ من حياة رماح، وكانا يمضيان جزءًا كبيرًا من الليل يتسامران حتى تأمره
تولين بالنوم وفي أحد المكالمات
"مش نافع كده يا تولي"
"ايه اللي مش نافع يا رماح"
"هنقضيها مكالمات كده، أناعاوز أشوفك واقعد معاكي براحتي"
"طب ما تيجي الشقه "
"باقولك اقعد براحتي معاكي تقوليلي آجي الشقه، ده لو خلصت من داده ناديه مش هاخلص من ستو الحاجه، أنا عاوز نبقي لوحدنا"
اكتسى صوتها بالغضب "ايه يا أستاذ تطلع ايه وحدنا دي؟ انت كنت بترسم سكه معايا وإلا ايه، فاهم اني هافرط في نفسي بقى وهاقضيها، لا عندك بلا حب بلا نيله تغور في داهيه انت وحبك"
"حيلك حيلك ايه قطر ا**بريس دايس، ماسوره وانفجرت، اهدي يا ماما واسمعيني للآخر"
"هو لسه في كلام هتقوله بعد الهباب اللي هببته ده"
" هباب أنا باقول هباب، طب تتجوزيني يا هبابي"
"نعم، قلت ايه؟"
"زي ما سمعتي، تتجوزيني عشان نبقي نقعد براحتنا بقي من غير عزول"
"انت مدرك لكلامك يا رماح "
" آه والله عاوز اتجوزك"
"طب وأهلك هيوافقوا بيا ازاي؟"
"أهل ايه أنا مقطوع من شجره، وزهقت من القعده لوحدي يا بنت الناس، وعمري ما ارتحت مع حد زيك، أنا بحبك يا تولي"
" إيه؟"
"يخربيت كده باقولك باحبك وعاوز اتجوزك"
اتفقا على أن يزورهم بالغد ويقابل داده ناديه للحديث معها فهي ليس لها سواها بعد الله، وهو بالطبع لن يتفق أبدًا مع ناجي، انتظرته لم يظهر، هاتفته، لم يرد هاتفه مغلق، انتظرت طويلًا، ثم انخرطت في بكاء مرير يقطع نياط القلب، أحست أنها طعنت في قلبها، ذلك القلب الذي لم يخفق أبدًا سوى لرماح، قتلها بسكين باردة، كانت تتساءل إذا كان ينوى التخلي عنها فلم جعلها تحبه؟ لم وعدها بالزواج؟
وهي لم تطلبه منه، قررت النزول لعملها، قامت بطلب رجال لحمايتها من شركة الأمن وفور وصول الجبلين اللذان سيرافقانها ذهبت للشركة،
بعد يومين آخرين وبينما هي منهمكة في عملها تحاول للعودة لكونها المرأة الحديدية كما يطلقون عليها، دخل المكتب ناجي ومن وراءه السكرتيرة
"والله يا افندم حاولت امنعه، أو إنه يستني بس رفض"
أشارت لها "امشي انتي"
"خير إيه سبب الزياره؟"
"جاي اطمن على بنت عمي"
"بنت عمك متبريه منك ومش عاوزه تعرفك أصلا"
"اسمعي ما انت ما لكيش إلا انا، رماح بتاعك بح، ما اعتقدش هيجيلك تاني يا
حلوه"
"قصدك ايه؟"
"قصدي كتر خيري اني راضي بيكي، بعد اللي حصل لك "
"انت انسان متخلف اللي حصل لي حصلي في بيتي وفي اوضتي يا متخلف انت، لا ليا سبب فيه ولا سعيت له، وقاومت قاومت على قد ما قدرت لغايه"
"عارف لغايه ما خدروكي"
"اطلع بره يا ناجي, وما تورينيش وشك تاني لوسمحت، انت ما لكش وصايه عليا "
"يا بنت الناس نتجوز وادير أنا الدنيا واللي فيها وانتي تقعدي في البيت ولا ده يتكلم ليك ولا يتكلم عليك"
صرخت في وجهه "قطع ل**ن اللي يجيب سيرتي"
"واحده غيرك كانت ما تخرجش من بيتها أصلا، انتي إيه جبل؟"
" انا ما غلطتش، اطلع بره"
ليأتي صوت حاد من ورائهما تنظر تولين لتجده رماح في هيئة رثة غير معتناه و ذقنه طويله بعض الشيء
"هي مش قالت اطلع بره"
نظر له ناجي بدهشة فهو آخر شخص يتوقع رؤيته "انت لسه فيك حيل تجيلها، صح ما هي الفلوس تعمل أكثر من كده"
اقترب منه رماح "أنت فاكرني زيك وإلا ايه، الفلوس دي تحت جزمتي أقف عليها، مش فوق راسي توطيني"
وأمسكه من عنقه ورفعه عن الأرض "لو شفتك هنا تاني هامحيك من على وش البسيطه"
قال متحشرجًا "حاضر حاضر"
أنزله رماح قائلًا "أوعي تفتكر اني خالت عليا النمره اللي اتسببت فيها ليا، ما هي البت اعترفت بعد ما هددتها أني هاش*هها، أصل راس مالها جمالها، وصدقني انت هتروح في داهيه قريب"
غادرهما مسرعًا
تساءلت تولين مندفعة "بت ايه؟ وانت عامل كده ليه؟ وكنت فين؟ راميني وما بتعبرنيش، لسه جاي تفتكرني"
ضحك "لسه جاي افتكرك، مش عارف ليه باحس انك متربيه في حواري شبرا مش بنت ذوات"
ض*بته ض*بة قوية في كتفه "انطق"
أمسك يدها بعد أن ض*بته وقبلها "استاهل والله الض*به دي بس لما تعرفي اللي حصل هتعذريني"
أبعدت يده عن يدها في غضب "لما أعرف ابقى احكم، وخلي بالك أنا مش ها**ه هتضحك عليا بكلمتين"