عيون الريم الفصل الاول

1042 Words
تسير الحياة بنا بوتيرة منتظمة، نعيش الهدوء والسكينة والاستقرار، وفجأة يحدث ما لا يتوقعه أي احد لتنقلب الموازين وتضطرب صفحة الهدوء ويحل محلها اعصار مداري يعصف بكل السكينة ويلقي بالهدوء أدراج الرياح.... ريم عبد الرحيم، فتاة هادئة، تكاد لا تلاحظ وجودها تأسرك إن نطق ل**نها؛ بأدبها ورزانتها، عاشت حياتها ككل قريناتها إلى أن تغيرت حياتها وانقلبت رأسًا على عقب.. كان صباحًا عاديًا في يوم جمعة، شمسه كانت قويه ساطعة في غير رحمة، تنشر أشعتها وتبث حرارتها في كل شيء على الرغم  من أن الوقت كان مبكرًا، تذكر تفاصيل تلك الأيام جيدًا، استيقظت كعادتها مبكرة لتجد والدتها تعد الافطار، كانت وقتها تبلغ الخامسة عشرة، عاونت والدتها وأعدت طبق الأومليت الذي يفضله والدها الغالي، ساعتها  كان بدورة المياه، عند خروجه لثمته قبلة الصباح المقدسة واحتضنته قائلة "أحلى صباح لأحلى موظف في شركة المياه كلها" بادلها القبلة وضمها بقوة أكثر  "يا صباح الشربات على بنوتي الحلوه اللي رافعه راسي، وهتحقق أملي وتنصفني مش الراجل اللي اسمه ابني ومطلع عيني" ضحكت "خلاص يا بابتي، عديها" ابتسم في مرارة متوجهًا نحو طاولة الطعام " أعدي إيه بس يا ريم؟ وجدي مخليني أشد في شعري، لا نافع في تعليم ولا نافع في صنعه، بقي عنده الوقتي عشرين سنه، يعني اللي زيه خلاص يقربوا يتخرجوا أو متعلمين صنعه تنفعهم، انما ده أقول ايه يا رب، تعليم وفاشل فيه، حتى الشغل كل ما أوديه مكان ما يسترنيش" ربتت على كتفه "خلاص يا سيد الناس بقى، ما هو شغال في الورشه أهو بقاله شهر" رفع كفيه للسماء داعيًا الله  "يا رب يصلح حالك يا وجدي يا ابني" ثم نظر للطاولة ولم يجده "ايه هو لسه نايم؟ صحيه يا بنتي الصلاه ما عادش عليها كتير يجي معايا يصلي الجمعه" ردت و الابتسامة تزين وجهها "حاضر يا بابتي" توجهت لغرفة وجدي، طرقت الباب ثلاثًا ولا مجيب، ففتحت الباب بهدوء، لتجده ممدًا على السرير، اقتربت منه، وكزته برفق " وجدي، وجدي، اصحي يا حبيبي " لا مجيب " يا وجدي اصحى" لا مجيب هزته بعنف "اصحى بقى زهقتني" ليفرك عيناه ويرد بنعاس "إيه الطريقه دي حد يصحي حد كده؟ إيه فيه زلزال؟" ض*بته في ص*ره "حرام عليك باصحيك من بدري وانت ولا انت هنا، إيه نايم مع الاموات؟!" ألقى الوسادة ناحيتها "امشي يا ريم من وشي، سيبيني أنام " هزت كتفيها رافضة "لا، بابا قالي صحيه عشان يفطر ونروح نصلي الجمعه" زفر بغضب "يوه، حتى النوم هيتحكم فيه كمان" ألقت الوسادة عليه "عيب احترم نفسك، ما أنت بقالك يومين نايم، مش عندك أجازه عشان صاحب الورشه عنده حالة وفاه"  "ماشي فرصه عشان اقوله اني مسافر"  نظرت متعجبة "خير اللهم اجعله خير، مسافر فين؟" أبعدها عن طريقه "وانتِ مالك؟" وخرج، ألقى تحية الصباح على والده وجلس وبينما يتناولون الافطار قتل لابدون اية مقدمات "بابا أنا مسافر اسكندريه" "خير ليه؟" "عندي شغل" نظر له والده بعمق وشك "وشغلك في الورشه؟!" "لا ورشة إيه بقى، دي شغلانه حلوه في اسكندريه في المينا على مركب وهالف الدنيا بقي بدل الكتمه اللي هنا دي" نظر له والده مطولًا "اللي أنت عاوز تعمله اعمله، ربنا يهد*ك" وبعد الإفطار، لملم متعلقاته، وما يحتاجه، وودع والدته، أخته، والده، و غادرهم لمقصده. بعد يومان رن جرس الباب، فتحت ريم لتجده الحاج حسن صاحب الورشة التي كان يعمل بها وجدي "اتفضل يا عمو" ربت على رأسها مبتسمًا ابتسامة كان من الواضح أنه أجبر نفسه عليها  "بابا هنا؟" ضحكت "ايوه اتفضل ادخل وأنا هاناديه " جاء عبد الرحيم هاشًا باشًا " يا مرحب يا مرحب وأنا باقول البيت نور ليه؟" تن*د الحاج حسن "ده نورك يا حج" صافحه عبد الرحيم بحرارة "البقاء لله يجعلها آخر الأحزان يا رب" رد بحزن "حياتك الباقيه، أنت عارف اننا أهل يا عبد الرحيم وأنت غالي عليا قوي وحبيبي، ولولا كده ما كنتش شغلت وجدي عندي، وانت عارف انه لعبي ومش بتاع شغل" ابتسم عبد الرحيم " اهو سبنا ومشي، ربنا يصلح حاله مطرح ما راح ويسد" انقلب وجه الحاج حسن " مشي راح فين؟  و فلوسي؟" نظر له عبد الرحيم في تعجب " فلوس ايه!" "ابنك سرقني وأنا غايب يا عبد الرحيم" لطمت سناء خدها "يا نهاري ابني أنا ي**ق!!" أخذ عبد الرحيم نفسًا أحس أنه يجاهد ليدخل رئتيه  " أنت متأكد يا حسن إنه ابني؟" رد حسن بثقة "هي دي فيها رمي بالباطل يا عبده يا أخويا، أنا مركب كاميرات سريه في الورشه ولما رجعت شفت اللي حصل" وأخرج هاتفه وقام بتشغيل فيديو "وجدي ده والا مش وجدي؟" قال  عبدالرحيم بحسرة وهو يمسك قلبه "هو وجدي، لا حول و لا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل" فقال حسن "أنا عاوز بس الخمس آلاف جنيه اللي سرقهم، وهنكتم على الموضوع، ده حتى ولادي ما يعرفوش، والفيديو مسحته ما فيش إلا النسخه دي، أنا عارف إنك راجل محترم بس هنقول ايه يخلق من ظهر العالم فاسد" لكن عبد الرحيم لم يسمع  ما قاله  الحاج حسن كان في دنيا أخرى،  كان يجاهد جهادًا شديدًا ليستطيع ادخال واخراج الهواء ليتنفس، في الوقت الذي أحس أن قلبه يوشك على التوقف، آلام شديد تسري في جسده، أمسك بقلبه، وسط صراخ  سناء وريم وحسن "مالك؟" هتف حسن في ريم "بسرعه نادي حد من الجيران يا ريم يشيله معايا نروح  المستشفى" هرعت ريم إلى الشقة المقابلة، تض*ب الباب بكل قوة،  فتح عامر جارهم الباب صارخًا " ايه فيه ايه؟" ليجد ريم أمامه "الحق بابا" هرعا للشقة ليجدا الحاج حسن يجلس على الأرض بجوار عبد الرحيم وهو يغلق عينيه ويبكي "لا إله إلا الله، ربنا يرحمك يا غالي" وسناء تصرخ بجواره "رد عليا يا عبده، ما تسبنيش، فايتني لمين يا غالي" صرخت ريم بكل ما أوتيت من قوة، لا تدري ما الذي جعلها تندفع للشارع، ربما هاربه مما حدث، ركضت في الشارع على غير هدى، لم تسمع صوت بوق السيارة الكبيرة التي كانت تسير بسرعة، لتصدمها السيارة، و تطير عاليًا و تسقط على ارضية الرصيف غارقة في دمائها، أفلا يكفي موت عبد الرحيم، كان الجيران بين مصابين، قسموا أنفسهم، تابع عامر تحضيرات الجنازة والحاج حسن كان مع ريم بالمشفى، سناء كانت صامتة طوال الجنازة، تبكي ولا تنطق، لم تكن تدري بمن حولها، لم تكن تنطق سوى بكلمه واحده "ريم، فين ريم؟" فتجيبها النساء " خدناها مع بناتنا بلاش تقعد مع الحريم، اطمني" لكنها أصرت أن ترى ريم وعلمت ساعتها أنها في المشفى جاد ل**نها بالدعاء " يا رب لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه" ذهبت للمشفى وعلمت من الطبيب أن ابنتها قد فقدت بصرها بالإضافة لعدة **ور تكفل الحاج حسن بعلاج ريم، ومسح فيديو سرقة وجدي. لم تجلس سناء بالمنزل ترثي حظها، كانت ماهرة بالتفصيل، لكن عبد الرحيم لم يسمح لها إلا بتفصيل ما تحتاجه ريم، أعلنت للجميع أنها ستحيك الملابس, وفعلًا بدأت بذلك
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD