بقلم/ سهير عدلي
ظل عمر يسأل نفسه وهو يتأمل النيل، لعله يجد على سطح مياهه الهادئة إجابة، مازال تحت سيطرة المفاجأة والدهشة معا:
" مريم زوجة أخيه كيف؟ يا إله السماء، كيف يحدث هذا؟ ولماذا خدعوها كما ادعت في قصتها؟ أتوا بفتى وسيم يلعب دور خطيب لتوافق ، ثم في ليلة زفافها تكتشف أن زوجها هو حودا، والأدهى أن أخي عبد العليم حاول يعتدى عليها، وأمي تعلم بذلك ؟ آه أكاد أجن، مريم لا تعرفني وحكت لي ما حدث لها دون أن تعرف هويتي، اذا فهي ليست كاذبة، اذا لماذا خدعوها ؟.. لماذا؟ لماذا فعلتي يا أمي بها هذا؟ وعبد العليم طالما أنها تعجبه ويشتهيها لماذا لم يتزوجها هو؟"
أغمض عينيه بقوة، يمسح على رأسه لعل الأسئلة التي تطارده بلا رحمة تهدأ، لكن أبدا إنها تأكل في رأسه كما يأكل الذئب فريسته، وعندما غلب حماره كما يقولون ولم يجد لأسئلته إجابة، قرر العودة إلى البيت .
عاد إلى البيت، وكان الوقت متأخر دلف إلى حجرته، وارتمى على فراشه يحاول أن يختبئ في حضن النوم، يهرب من حيرته ودهشته.
يوم جديد ..في شقه عمر
تلك الأيام التي مرت عليا وأنا في هذا البيت، كان الشعور الذي يطغى عليا هو الأمان، أنام قريرة العين، لا أحمل هم غدا ، كنت أظن أن أصعب شيء في هذه الدنيا هو الفقر، الجوع، الحاجة، ولكن الأيام التي قضيتها في بيت زوجي الع**ط، أيام صعبة مرعبة، جعلتني أوقن أن نعمة الأمان هي أهم نعمة.
شعرت بالأمان والراحة في وجود عمر، فهو إنسان شهم يعتمد عليه ذو خلق ، وها هو يوم جديد يشرق ليسكب الأمل في قلبي، يسقيني السعادة والفرحة ، خرجت من حجرتي بعد أن ارتديت عباءة من ضمن الأشياء التي اشتراها لي عمر، شرعت في تحضير الإفطار، كنت أشعر أنى في بيتي ..بعد قليل وجدت عمر يخرج من حجرته توجه ناحيتي وقال:
_ صباح الخير
_ صباح النور
شعرت أن به أمر ما، فوجهه شاحب كأنه لم ينم طوال الليل، سألته:
_ أنت تعبان ولا حاجة؟
ينظف حنجرته لإخفاء ما به، وقال وهو يحاول رسم ابتسامة على شفتيه:
_ اححم لا دول شوية صداع
_ طيب اتفضل عشان تفطر و تاخد حاجه للصداع
_ بس ليه تعبتى نفسك ..انا كنت قايم عشان احضره
_ أبدا ولا تعب ولا حاجة.
جلسنا على السفرة نأكل وجدته ينظر لي، وكان يلوك الطعام ببطيء، نظراته أحرجتني، خجل شديد يلفني ..لماذا ينظر لي هكذا؟
أما عمر فكان ينظر لها لأنه شعر بالشفقة تجاهها، منذ أن قصت عليه قصتها علم أنها مظلومة، ظلمتها أمه وأخيه بعد أن ظلمتها الأيام ..أقسم أن يقف بجوارها، ويرد لها حقها ويرفع الظلم عنها.
بعد أن انتهينا من الطعام بدأت في رفع الأطباق، وهم عمر أيضا أن يرفعهم معي، فاصطدمت يده بيدي، أصابتني رعشة من لمسته، وبدأ قلبي يدق في ص*ري دقات خجولة ..قال لي حتى يمحو الخجل الذى صبغ وجهى باللون الأحمر:
_ اانا حشيل الأطباق واعمل الشاي كفاية انتى تعبتي وحضرتي االفطار .
لم استطع النطق فقد ألجمني الخجل.
وبعد قليل أحضر عمر الشاي وكنت انتظر في الشرفة ، نحتسى الشاي في **ت وعمر شارد ولا أعلم سر شروده، قطعت ال**ت وأنا أسأله:
_ هو انت مش رايح الشغل؟
قال بعد أن التفت :
_ لا للأسف يا مريم أنا في إجازة.
سألته:
_ انت بتشتغل ايه؟
عمر: أنا شغال مدرس في دبي ونزلت في إجازة ثلاث شهور عشان أشوف أهلي وأطمن عليهم .
شعرت أني السبب في تأخيره عن زيارة أهله.
_ طب ومرحتش ليه لهم؟
لا أعلم لماذا تهرب من سؤالي، فقد وضع فنجانه على المنضدة وقال لي بعد أن استقام:
_ ياه أنا بقى يدوب الحق انزل وريا مشوار لازم اعمله حسيبك بقي، عايزة حاجه؟
نظرت له بامتنان وأردفت:
_ شكرا عايزة سلامتك.
وأصبحت وحدي في الشقة، كنت أشعر أنها بيتي ملكي أتصرف فيها كيف أشاء، فقمت أنظفها وأغسل الأطباق وأحضر الغداء، وقلبي يرفرف في سعادة، يخفق بفرحة خفقانه غريب لم أعهده على قلبي، دقات قلبي تعلو بصخب بين اضلعي كأنها تغنى، ترى ما الذي أصابني؟ لم أنا سعيدة هكذا ؟ سعيدة لدرجة الخوف ..نعم الخوف ..الخوف من هذه السعادة، فكأنها سعادة مسروقة وليست من حقي ولكني نسيت أو تناسيت أني في بيت غير بيتي ومع رجل غريب عنى .
عاد عمر بعد بضع ساعات، وفوجئ بما فعلته من تنظيف وكنس وطبخ فسألني في ضيق:
_ ايه ال انتى عملاه ده؟
قلت له :
_ عملت ايه؟
عمر بنفس نظرة الضيق:
_ ازى تتعبى نفسك بالشكل ده؟
قلت له وأنا ابتسم:
_ انت مشقلتلى اعتبر نفسى فى بيتى..غيرت رأيك ولا ايه؟
وبنظرة امتنان أردف:
_ ايوة طبعا بيتك ..بس انتى تعبتى نفسك زيادة عن اللزوم .
رأيته ينظر لي وعيناه مليئة بأحاديث شتى، أحاديث أثلجت قلبي وذهبت به إلى عالم الحواديت .
ترى هل ستستمر سعادتي؟ أم سيأخذها طائر الرخ ويلقي بها في وادى الحيات؟
هدية اليوم
#من_اجمل_ماقرات
* تقول تقدّم أحدُهم لخطبتي وكان شرطه الوحيد للزواج هو الإعتناء بوالدته ،، أخبرني بأنه لن يطلب مني أكثر من ذلك فقط أُراعي أمه وقت غيابه... فأُمه طريحة الفراش منذ عشرة أعوام ،، فبعد وفاة والده لم يبق له سواها من الحياه ،،
فقط هذا شرطي أمي.... أعرف بأنكِ لستٍ مُكّلفه برعايتها أو خدمتها ولكن إذا وافقتي فستعملين ذلك من باب إنسانيتك وطاعةً لي.. هكذا أخبرني...
كانت أمه تعرضت لحادث سير مُرعب فقدت معه التحكم في جسمها بالكامل وشُلت أطرافها ،، وكان هو القائم برعايتها ، ولكن نظراً لدراسته وعمله هناك أوقات يغيب عنها وهي بحاجه إلي أدويه وإهتمام... فكّرت كثيراً وتحيّرت أكثر ،فهذا كأنه بحاجه إلي خادمه وليس زوجه... تكلّمت مع والدي الذي خفف من ضجيج تفكيري وقال لي : اسمعي ابنتي هذا مستقبلك وليس لي حق التأثير عليكِ ولكن طالما سألتيني رأيي فأنا أؤمن جيداً بأن صنائع المعروف تقي مصارع السوء ،، وشخص كهذا حريص علي والدته فلن يُضيعك معه ولن يظلمك حقك... إن أحبك أكرمك ، وإن كرهك لن يظلمك ،، فإذا كنتِ ستُراعي أمه ليس بشكل يُرضيه ولكن ستضعيها في مقام أمك فاقبلي ابنتي ،، وإذا كان الشيطان سيجد بابه إلي قلبك فيحملك علي ظُلمها فقولك... لا..... أسلم لكِ..
تزّوجنا فعلاً ،، وفي أول ليله لي معه أخذني إلي غُرفتها ،، صُعقت من منظر الغرفه كانت كقطعه من الجنه ،، ألوانها ،، ترتيبها ،، وسائل التدفئه فيها ،، مُختلفه تماماً عن باقي البيت ،، تركني واقترب من سريرها كانت نائمه أخذ يهز كتفها برفق قائلاً : ماما ،، لقد أحضرت هديتي لكِ ،، هذه زوجتي آلا تريدي رؤيتها!!! فتحت عينيها برفق ونظرت له بابتسامه ودعه ثم حوّلت نظرها عليّ ،، لا أستطيع وصف تلك اللحظه ،، تلك عيونها مليئه بألم وثغرها مبتسم بحُزن ،، كان وجهها كالقمر في ليلة تمامه ،، هادئ جداً لإمرأه في السبعين من عمرها... قالت : مُبارك عليكِ بُنيتي زفافك ،، وأدعو الله أن يهدي لكِ صغيري هذا ،، وأن يرزُقك ولداً باراً مثله ،، وآلا تكوني ثقيله عليه مثلي ،، ثم ذرفت عينيها دموعاً أشبه بفيضان سُمح له بالجريان.. سارع لمسح دموعها بكم بذلته وقال : هذا الكلام يُغضبني وأنتِ تعلمين ذلك ،، أرجوكي ماما لا تُعيدها ،، واقتربت أنا منها وقبّلت يدها ورأسها وقلت : أمين.. ماما...
مرت أيامي في هذا البيت ودهشتي فيه تزيد يوماً بعد يوم ،، كان هو من يُغير لها الحفّاظ ،، وكان يُحممها في مكانها بفرشاة الإستحمام... وكان يُبلل لها شعرها ،، ويُسرحه لها وعندما تألمت من المشط أحضر لها مشط غريب كان من الورق المقوي ناعم من أجل فروة رأسها ،، كان قد رأه في أحد الإعلانات التجاريه.... أحضره لها ،، سُرّت جداً بذلك المشط ،، كان يُضّفر لها شعرها في جديلتين صغيرتين ،، كانت تخجل عندما يفعل لها ذلك وتبتسم بحياء وتقول : لست صغيره علي هذا أيها الولد ،، فلتُنهي ذلك ،،، كان يرد : عندما يُعجب أحدهم بكِ فستشكُريني ..عندها تغرق في ضحكٍ عميق كنت أراه من خلف ذلك الضحك ينظر لها كطفل ما زال في السادسه من عمره.... حقاً كان يُحبها.... وجداً....
لا أعرف ماذا قصد عندما أخبرني بأنه يريدني أن أعتني بها ،، هو يفعل كل شئ.... أخبرني بأن وقت خروجه وعمله يستثقله عليها بأن تكون فيه وحيده....
كنت أستغرب كيف يجد وقت لكل ذلك ،،، فقط كنت أنا أساعدها في تناول وجباتها وأخذ أدويتها.... هذا كل دوري...
أحببت علاقته بها جداً ، كان مُتعلق بها وهي أكثر ،، كان يستقظ في الليل علي الأقل ثلاث مرات لينقلها من جانب لآخر حتي لا تُصاب بقُرح الفراش وليطمئن عليها....
كان مع كل مُناسبه يُحضر لها ملابس جديده ،، ويُشعرها بجو تلك المناسبه بمساعدة التكنولوجيا...
وفي أحد المرات كان قد نسي إحضار حفاظاً لها ،، وعندما استيقظ ليلاً للإطمئنان عليها شم رائحة قذاره فعرف أنها قد أطلقتها علي نفسها ،، كانت تبكي جداً وتقول آسفه حدث ذلك رغماً عني... كان مُنهمكاً في تنظيفها وهي تبكي وتقول : أنت لا تستحق مني ذلك.. هذا ليس جزاءً لائقاً بك ،، أدعو الله أن يُعجّل بما بقي لي من أيام... أخبرها قائلاً : أفعل ذلك أمي بنفس درجة الرضا التي كنتِ تفعليها بها في صغري ،، وبكيتُ أنا ،، هذا الرجل فعلاً رزق....
أنجبت منه ولد ،، تمنيت أن يكون مثله في كل شئ ،، فحملته وذهبت به عند جدته ووضعته في حضنها وقلت لها : أريده مثل ابنك... فابتسمت وقالت : صغيري هذا رزق لي ،، والرزق بيد الله عزيزتي ،، فادعي الله أن يُربيه لكِ...
كانت حياته كُلها بركه وخير ، لم يتذمر منها قط لا أمامي ولا أمام غيري.... كانت رائحته تفوح بالبر بأمه حتي ظننتُ أنها تكفي جميع العاقين......
الى القاء
هدية اليوم
* لاتـــــــــًحَـــــــّــزن قد تكتمل حياتنا بأشياء وتنقص بأخرى ، هي أقدار يعطي اللّه لكل ذي حقٍ حقه ، فالحمد لله دائمًا وأبدا .
* لاتحزن على شيء فقدته ، أو لم تستطع الوصول إليه ، فربما لو ملكته لكان الحزن أكبر والضيق أشد ، تأكد دائماً أن الخير ، فيما اختاره الله تعالي لك.
وصل الله عل محمد واله وصحبه وسلم
في النفس
كبر ابليس, وحسد قابيل, وعتو عاد, وطغيان ثمود, وجرأة نمرود, واستطالة فرعون, وبغى قارون, وقحّة هامان (أي لؤم), وهوى بلعام (عرّاف أرسله ملك ليلعن بني اسرائيل فبارك ولم يلعن), وحيل أصحاب السبت, وتمرّد الوليد, وجهل أبي جهل.
وفيها من أخلاق البهائم
حرص الغراب, وشره الكلب, ورعونة الطاووس, ودناءة الجعل, وعقوق الضب, وحقد الجمل, ووثوب الفهد, وصولة الأسد, وفسق الفأرة, وخبث الحية, وعبث القرد, وجمع النملة, ومكر الثعلب, وخفة الفراش, ونوم الضبع.
غير أن الاستغفار والمجاهدة تذهب ذلك. فمن استرسل مع طبعه فهو كهؤلاء, ولا تصلح سلعته ل*قد: {ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم} التوبة 111, فما اشترى الا سلعة هذبها الايمان, فخرجت من طبعها الى بلد سكانه التائبون ال**بدون.
هل لد*ك الجرأة لتعترف لنفسك اي الأخلاق السابقة فيك
في الفصل القادم