اتفاق بين زوجين
الفصل الخامس
مازال عبق أنفاسه عالقة في رئتيها، وحرارة جسده تيارا يسري بين ضلوعها، اختزنتهما منذ أمس بداخلها ليعيناها على تهدئة الحنين له، مكوثها في حضنه منحها شحنة من الحنان جعل صباحها سعيدا هادئا، ابتسمت عندما رأت اسم روفيدا على الهاتف التقطته:
-السلام عليكم
-وعليكم السلام ورحمة الله، صوتك ياجميل باين عليه السعادة.
ضحكت فرح ثم أردفت:
-يعني
-ايه يعني دي افهم..سعيدة ولا انا متهيألي.
-يعني تقدري تقولي مبسوطة شوية
-طب كويس شئ مبشر..طب ياترى أيه سبب الأنبساط ده؟
ثم قصت لها ما حدث
فقالت روفيدا:
-كونه انه ياخدك في حضنه ده في حد ذاته خطوة كويسة.. المهم تستمري متيأسيش .
-عارفة ياروفيدا أنا مكنتش محتاجة اكتر من الحضن ده، لما خدني في حضنه حسيت بالامان، كأن تعب اليوم كله وق*ف العيال،ذابوا في حضنه، صدقيني انا مش عايزة أكتر من كده، عايزة كل يوم يجي ياخدني في حضنه من غير ما اطلب منه ده.
-بصي يافرح عايزة اقولك على حاجة..ده جوزك ومن حقك، وملكك، والانسان مش محتاج يستأذن أنه يستعمل ملكه امتى وازاي، لما تحتاجي حضنه، ارتمي انتي في حضنه عالطول، بوسيه.. لو محتاجة انك تبوسيه، لهو عيب ولا حرام.
-ايوة بس هو ساعات مابيكونش عنده استعداد لده، زي امبارح لما حبيت ارتمي في حضنه صدني بايديه.
-يمكن عشان كان تعبان يافرح، وساعات الانسان مبيبقاش طايق حتى نفسه، انت نفسك في بعض الأحيان بتبقي مش طايقة حتى عيالك، سيبك من اللحظات دي لو حصلت تاني عديها، متخليهاش تأثر عليكي وتخليكي تزعلي منه، واي لحظة تلاقي عنده قبول ليكي اقتنصيها.
-هممم طيب حاحاول ..انا حقفل دلوقت معاكي وحبقى اكلمك بكرة.
-ليه خير وراكي ايه؟
-حماتي عزماني انا وممدوح على الغدا ،وعزمة كمان بنتها وجوزها.
-ايوة ياستي الله يسهلوا بقى..ماشي ياستي اسيبك بقى عشان تجهزي..
-يلا سلام ياحبيبتي
-سلام...لأ ..استني يافرح ماتقفليش
-ايه يابنتي خضتيني صرختي في ودني كده مرة وحدة طبلة ودني اتخرمت.
-ضحكت روفيدا ثم قالت:
-معلش اصلي افتكرت حاجة قلت اقترحها عليك تعمليها يمكن تجيب نتيجة مع الباشا بتاعك ده ويتحرك شوية.
-حاجة ايه دي؟؛
-.........
فصرخت فرح بعد الكلمة التي همست بها روفيدا في اذنها وقالت:
-اييييه؟؛..انت بتقولي ايه؟..لا ياختي أنا ات**ف مقدرش
-يلهووووي ..تت**في ايه ده جوزك ياهبلة.
-طيب خلاص لما نرجع البيت حبقى اقولهاله
-لا مينفعش ..لازم تقوليهاله في اذنه وسط الزحمة.
-ينهار اسود ..انتي عايزاني اطلق ولا ايه ياروفيدا.
-يابنتي افهميني..مهو انت لو قلتيها بينك وبينه في بيتكم حتبقى عادية، كلمة من ست لجوزها في بيتهم عادي مش حتأثر فيه، انما وسط الناس مش حيتوقعها فحتكون زي صاعق يكهرب قلبه ويفوقه.
-يسلام ياختي
-جربي بس ومش حتندمي .
-لما أشوف اخرتها معاكي ..شكل طلاقي حيبقى على ايدكي
-هههه متقلقيش انتي بس قولي يارب.
-يارب يهدك يابعيدة..روحي
-ضحكت روفيدا بعد ان قالت: مجنونة.
في بيت حماتها
-رودينا
قالتها فرح بابتسامة وسعادة عندما فتحت الباب لها وكان خلفها زوجها، تبادلتا القبلات والاحضان ثم سلمت فرح على شهاب:
-ازيك ياشهاب عامل ايه؟
-شهاب : الحمد لله يافرح تمام أنت اخبارك ايه والاولاد؟
فرح: تمام الحمد لله
رودينا وهي تضع يدها خلف خصر فرح وتدلف بها الى الصالة:
-وحشتيني قوي يافرح وابيه ممدوح كمان وحشني هو فين صحيح؟
-ساعة كده ويجي
-هو عالطول كده متأخر
-عشان تعذريني بس
-الله يكون في عونك بصراحة.
اقبلت اميرة وهي تجفف يدها بخرقة تخص المطبخ ترحب بابنتها وزوجها:
-اهلا..اهلا حبايبي
تنهض رودينا وتتقدم نحو امها تقبلها:
-اهلا بيكي ياستي الكل وحشتيني
اميرة: وانت اكتر ياقلب أمك
ثم نظرت لشهاب ومدت يدها لترحب به:
-اهلا بيك ياشهاب يابني..عامل ايه؟
شهاب: الحمد لله ياماما انت عاملة ايه؟ ايه الحلاوة دي..بس انتي متأكدة ان رودي بنتك مش اختك
تضحك أميرة بغبطة لاطراءه هذا ثم تقول:
-ربنا يجبر بخطرك يشهاب يابني ..أنا زي الفل ياحبيبي
ثم قالت اميرة وهي توجه حديثها لفرح ورودينا ابنتها:
-بقولكم ايه بقى يلا ورايا على المطبخ ، عشان نحط الاكل على السفرة قبل ممدوح ما يجي
رودينا:حاضر ياماما ثواني اغير هدومي واحصلك عالطول .
فرح: انا جاية معاكي يا نينة اهو
طلبت اميرة من فرح ان تفرش السفرة وتضع عليها الاطباق، خرجت فوجدت شهاب يحتضن رودينا ويقبلها في ثغرها، فاختبئت خلف الستارة التي تفصل المطبخ عن الصالة تكتم الحرج الذي انتابها لهذا المشهد الغرامي، الذي أشعل الحرمان بداخلها، كانت رودينا تحاول ان تتملص من بين يديه قائلة بدلال:
-شهاب الله حد يشفونا يااخي هو ده وقته
شهاب وهو يسجنها بين احضانه ويقول لها برومانسية:
-طب وأيه يعني مش مراتي
-ايوة بس مش هنا اوعى بقى
شهاب: تؤتؤتؤ
فجاء صوت اميرة من المطبخ لانها افتقدتها؛
-رودي ..رودي كل ده بتغيري هدومك..يلا يابنتي عشان اخوكي قرب يجي.
وبارتباك وانزعاج قالت رودينا وقد سحبت نفسها من بين يديه:
-عجبك كده ..اوعى بقى قبل ما تيجي، شكلنا حيبقى وحش.
ثم ركضت نحو حجرة والدتها وهي تضحك بسعادة..ولم تنتبه للتي تختبئ خلف الستارة وقد احمرا وجهها من الخجل ودقات قلبها قد علت، لم تستطيع فرح العودة للمطبخ حتى لا تنتبه حماتها، ابتلعت ريقها مع خجلها، وفي نفس الوقت شعرت بغصة في حلقها وبدأ الحرمان ينغز قلبها ..خرجت للصالة بعد ان عاد شهاب لحجرة الصالون، تص*ر تنهيدة حسرة على حالها مع ممدوح، الذي لا يعيرها أي اهتمام
دفنت همها في الانهماك في التحضير للغداء حتى العودة له عندما يرافقها في وحدتها.
اتى ممدوح وتبادل معهم التحيات وجد السفرة وقد رصت عليها الطعام، وكما قالت له امه لا سلام على الطعام ، ذهب ليغسل يده وجلس بجوار زوجته ليتناولون الغداء
كان شهاب مفرطا في تدليل فرح، فكان يطعمها في فمها؟ ويغدق عليها كلمات الغزل، بجراءة، فتبتلع فرح غيرتها مع طعامها، ثم تهمس لزوجها وتقول له:
-شايف بيعاملها ازاي..أتعلم شوية
اجابها دون النظر لها وبكل برود:
-رومانسية ايه ..دي قلة أدب لولا بس اختي تزعل، لكنت احرجته.
-لا والله .. ده جوزها وهو حر
-جوزها في البيت ..المفروض يلم نفسه شوية
زفرت بيأس من هذا الرجل وانشغلت بطبقها،
تلوك الطعام وهي تفكر هل تنفذ ما اقترحته عليها روفيدا أختها بأن تهمس في أذن زوجها كلمة معينة تجذبه اليها..قلبها ينبض بخوف، تعلم عصبية زوجها ماذا سيكون رد فعله ان سمع ما ستهمس له به؟ حتى انها القت عليه نظرة وهو مشغول بالحديث مع والدته السيدة أميرة، تحاول أن تتوقع رد فعله، سيكون عنيفا بالتأكيد، لاحظت حماتها انشغالها هذا فسألتها:
-مالك يافرح مش بتاكلي ليه هو الاكل مش عاجبك ياحبيبتي؟؛
-فاقت من شرودها وقالت وهي تهز رأسها في حركة انتباه لها:
- هه..لا ياماما بالع** تسلم أيدك الأكل حلو قوووي.
ثم عادت للطعام تنظر للجالسين بجوارها، يتحدثون وهم يتناولون الطعام، ومازالت الفكرة تراودها، وممدوح فمه معبأ بالطعام يتحدث مع شهاب زوج أخته عن الكورة، بينما حماتها وابنتها تتحدثان عن أمور المطبخ، وقررت أن تنفذ ما اقترحته عليها روفيدا، فاقتربت برأسها من أذن زوجها وهمست له بتلك الكلمة السحرية التي لقنتها لها أختها، وما ان سمعها ممدوح وكان الطعام في فمه حتى توقف في حلقه..ظل يسعل بشدة واحمرت عيناه ينظر لها بزهول، ما هذا الذي سمعه؟.. حتى انه تجاهل يدى اخته الممدودة بكأس الماء .. وفزع امه وهي تقول بانزعاج:
-اسم الله عليك ياحبيبي ..انت قلتيله ايه يافرح خلتيه شرق كده.
وزوج اخته يض*ب على ظهره لعل الطعام يمر من بلعومه. اما هو ظل ناظرا لها بعدم تصديق..بينما هي ارتفعت نبضات قلبها تبتلع ريقها بندم على مافعلته تنظر للجميع بنظرات مرتبكة.. وجدته ينهض من مكانه يبتلع الطعام الذي في جوفه بصعوبة كأنه يبتلع حجرا ثم يجذبها من يدها ويجبرها على النهوض، يسحبها خلفه بعنف متجها بها نحو حجرة والدته..ظننا من الجميع أن فىح سوف تأخذ علقة ساخنة بسبب ما همست به في أذنه جعلته غاضب كالمجنون.
وعيونهم تسأل بعضهم البعض:
-مالذي تفوهت به فرح حتى جعلته يغضب هكذا؟؛
دفع ممدوح فرح داخل الحجرة بقسوة حتى
اصطدمت( بالفازة ) فسقطت واحدثت صوتا وكادت أن تسقط هي الأخرى ، لولا أنها تحكمت بحركاتها وثبتت نفسها، انكمشت في نفسها..وهي تراه يتقدم نحوها بخطوات بطيئة متحفزة كأنه سينقض عليها ويفترسها، ف*ندا جبينها من الخوف، ريقها ينزل كلأشواك في حنجرتها، تضم يديها نحو ص*رها ، والرعب **ى ملامحها..تردف بكلمات تأبى أن تخرج من ل**نها:
-ممممدوووح ..ااااأنا مش قصدي ووالله.
كادت أن تفر منه لولا أنه أمسكها من كتفيها الصغيريتين يضغط عليهما بكفتيه بقسوة وعنف، يقول وهو يخترق عينيها اختراقا كأنه لم يستعب الى الآن ، كيف تفوهت بما قالته في أذنه، فقال لها بصوت عالي:
-ايه ال أنت قلتيه ده؟؛
-ممدوح اسمعني بس ...أاانا ..أنا حفهمك
ولكنه لم يدعها أن تكمل ما قالته وانما هجم على شفتيها..بقبلة مجنونة، كأنه ينتقم من تلك الشفتين اللتان تفوهت بما تحدثت به..حتى انها اتسعت عيناها ..تسأل نفسها ما هذا العقاب الذي تلقته، وظل ممدوح متماديا في عقابه، بقبلات قاسية..قوية..تقسم بداخلها أن هذه أول قبلات تذوقتها في حياتها، قبلات ثائرة اصابتها بالخدر ولم تشعر بنفسها..حتى بعد أن حرر شفتيها من قيد قبلاته، ظلت لحظات متصنمة، قلبها ينبض بقوة، يدق كطبول الحرب جعلها تشعر أنها مراهقة صغيرة لم تحتمل القبلات، وهو يتأملها فيبتسم لمنظرها هذا. يمرر يده أمام عينيها الشاخصتين وهو يقول:
-هه..فوقي ؛
-اردفت وهي حالمة ومازلت تحت تأثير القبلة:
-لأ..مش عايزة افوق.
-فيضحك على جملتها.
-ايه البوسة دي ياممدوح..كأنك اول مرة تبوسني؟؛
فحاوط وجهها بين يديه وقال بهمس:
-وانت ايه ال قلتيه ده؟؛
وكأن جملته هذه اخرجتها من سكر اللحظة فقالت بخجل ورموشها ترتدد في حياء.
- ااصل ..كنت عايزة الفت انتباهك ليا.
فضمها اليه تخفي وجهها في رقبته يقول وهو يدس انفه في شعرها:
-أنت مش بس لفتي أنتباهي. أنت شدتيني كلي ليكي.
غرقت في حضنه وتاهت بلمساته العاشقة..وذابت في أنفاسه المشتاقة..حتى ارتج جسدها عندما سمعت طرقات من الخارج، وصوت امه وهي ترجوه:
-افتح ياممدوح خلاص يابني الطيب أحسن..
وأخته ايضا تتوسله:
-معلش ياابيه سامحها عشان خاطري.
وزوجها ايضا:
-ياممدوح عيب كده ال بتعمله في بيتكم ابقى حاسب مراتك براحتك.
فضحكا كل من ممدوح وفرح ضحكة صامتة .. قال لها بعد ان طبع قبلة على جبينها:
-عجبك الفضايح دي.
-وأنا مالي الله
مش انت ال بتزعق وزقتني خلتتي **رت الفاز لنينة..أكيد افتكروا أنك بتض*بني.
.عدل من نفسه ورسم على وجهه علامات الغضب المصتنع..هي ايضا اخفت فرحتها ..وهيامها خلف تجهم ملامحها..خرج من الحجرة ويدها بين يده يقول:
-ايه ياجماعة فيه ايه؟؛ واحد بيأدب مراته
والدته: يابني مش كده الطيب احسن
ممدوح : ابدا داانا حموتها انهاردة.
وفرح تحاول بالكاد ان تكتم ضحكة كادت ان تفلت منها..
ثم سحبها خلفه.. واخته وأمه تنظران لبعضهما البعض في ريبة وتعجب من أمرهما.
رودينا:هو في ايه ياماما؟؛
أميرة: انا عارفة يابتني
طبعا انتو عايزين تعرفوا فرح قالت ايه لممدوح..والله ياجماعة وشي منكم في التراب. فرح بهدلتني وقالتلي اياكي ياسهير تنطقي عيب كده.. ولو قلتي انا مش حكمل معاكم الرواية?????????مش عايزاني اقول لكم حاجة.
مع تحيات سهير عدلي