رواية اتفاق بين زوجين
الفصل السادس
أخذ ممدوح فرح واولاده الى البيت، كانت ليلة من الف ليلة وليلة بالنسبة لها، بعد الكلمة التي القتها في اذنه التي بدت كالسحر اتت بمفعولها، ايقظت مشاعره من ثباتها العميق، حركت دفت رغبته اليها، جعلت الرومانسية تنطلق منه كقذائف نارية اشعلت الحب بداخلهامن جديد، حتى أنها اردات أن تكررها، لتحظى بليلة شبيهة، ولكنها لم تفلح، كأن الكلمة بطل مفعولها، كلمة لا تقال الا مرة واحدة كثقاب الكبريت لا تستطيع أشعاله مرتين.
انشغل ممدوح مرة أخرى عنها ،وعاد الملل يتسرب الي حياتها من جديد، كثعبان ارقط يزحف ليبخ سم الوحدة والرتابة في دنيتها، هل ستستسلم ؟ ام تظل تعافر حتى تهد سور جموده العظيم، انها حاولت وقد افلحت حتى ولو لبعض الوقت، نجحت ان تجذبه اليها ولو لليلة كانت فيها كالعروس وتقسم انها ليلة اجمل حتى من ليلة زفافها، لن تستسلم..سوف تعد كل أسلحة انوثتها، ومدافع مكرها وصواريخ عزيمتها وستحارب هذا الرجل الدائم الانشغال.. عديم الرومانسية
( اقسم بالله لاجعلنك ملهوف تجري خلفي مقطوع الأنفاس، يؤرقك التفكير في، تحلم بي ليل نهار، تقبل يدي لتنال مني الوصال، ستكون كالمراهق الذي يقع لاول مرة في الغرام، ساشعل النار في كل ميادين قلبك يحرقك الشوق، ويذيبك الهيام)
هكذا اقسمت بينها وبين نفسها بعيون تشع عند واصرار..وقامت بالفعل لتنفذ اولى معاركها، معركة الدلال، تناولت الهاتف لتتصل به، قررت ان ت**و صوتها ثوب الرقة والنحنحة. . في ذلك الوقت كان ممدوح في اجتماع مع رؤسائه، لمناقشة أمر القبض على مجرم عتيد الأجرام هارب من تنفيذ بعض الاحكام، كانوا ينتظرون في كمين مكالمة من هذا المجرم الذي سبق وقد اتصل بممدوح يهدده، ينتظرون منه مكالمة أخرى لكي يحددوا مكانه، وفي ذروة الانشغال والنقاش رن هاتف ممدوح ليجيب ممدوح على الفور دون ان يرى من المتصل ويفتح ( الميكرفون) ليسمع الجميع الاتصال وكانت المفاجأة الصاعقة لممدوح بالطبع، اذ كان المتحدث ماهو الا زوجته فرح والتي تحدثت وكان صوتها مفعم بالدلال والميوعة، بل كانت تقلد الفنانة ماجدة في طريقة حديثها:
-الوووووه..ممدووووهح..وحشتنييي قوووي ياحبيبي
وما كان من ممدوح الا ان فرغ فاه واغمض عيناه بقوة في حرج بالغ، وصدمة.. يضغط على اسنانه بضيق وغيظ، وكأن دلو من الماء البارد صب على رأسه، وبتلقائية ينظر لمن حوله فيجدهم ينظرون لبعضهم البعض في تساؤل وتعجب، حتى انه رئيسهم قال وهو يقلب شفتيه باستياء وتقترب حجباه في عصبية:
-ايه ال بيحصل ده ومين دي؟؛
وكأن جملته هذه جعلت ممدوح يفيق من خدر المفاجأة التي جعلته يصاب بالشلل فاغلق الهاتف سريعا وهو يقول بتلكأ:
-معلش ياافندم الخطوط دخلت في بعضها اااانا آسف، وتوعد لفرح أن يريها النجوم في عز الظهر جزاء للموقف المحرج الذي وضعته فيه يتساءل بينه وبين نفسه بغيظ:
(اجننت دي ولا ايه؟؛)
أما فرح فقد نظرت للهاتف بتعحب فقد انهى ممدوح المكالمة في وجهها دون حتى ان يجيبها، فزفرت بضيق ونبض قلبها بخوف ونبأها حدثها أن المكالمة هذه لن تمر بسلام.. حاولت أن تقضي على الخوف الذي شب في قلبها باللعب مع اولادها وبعد حاولي ثلاث ساعات وعلى غير عادة ممدوح، وجدته حضر الى البيت وجهه محتقن بشدة من العضب، عروق رقبته منتفخة من الغيظ، فتسارعت نبضات قلبها وأصبحت كطبول الحرب خاصة عندما اقترب منها وامسك ذراعها بقسوة متناسيا اولاده والخادمة، مردفا بعصبية:
-انتي اجننتي ..جرى في مخك حاجة ازاي تكلميني في الشغل بالطريقة ال كلمتيني بيها..قال ايه:
وراح يقلدها
-الووووه ..ممدوووووهح.
شكلك اتهبلتي..ومن امتى اصلا بتكلميني في الشغل غير لأمر ضرورى.
خليتني في نص هدومي قدام زمايلي .
كان يقول ذلك وهو يؤرجحها بيده بتعنيف وقسوة.
ارخت جفونها في خجل، شعرت بالخطأ الفادح الذي ارتكبته، فلم تستطيع ان تنبث ببنت شفا وانما ظلت صامتة حتى يفرغ شحنة غضبه فيها، بعد ان انتهى من توبيخه لها جلس على المقعد يلتقط أنفاسه الغاضبة، اقتربت منه حتى تعتذر منه، قالت بصوت آسف:
-أنا أسفة مكنتش اقصد والله.
ثم همت ان ترتمي في حضنه ، فوجدته يدفعها بعيدا عنها قائلا في غلظة وقسوة:
-اهو ده ال أنت فالحة فيه.
وكانت هذه الجملة كماء النار الذي صب على انوثتها، كمطرقة ض*بت وبشدة على رأس كرامتها ففتتها، توبيخه كله لم يؤثر فيها مثلما فعلت جملته هذه، ماذا يقصد بها؟ اهي غانية كل همها المتعة الجسدية فقط، انها زوجته يحق لها تقبيله واحتضانه في أي وقت، ثم انها ارادت ان تحتضنه وتقبله ..كطريقة للاعتذار.. لماذا يجرحها هكذا، هل لأنها ضعيفة امامه ، هل لانها تحبه؟ وتعشق حضنه وتجده الملاذ لها، تجد فيه الأمان والراحة بعد عناء يوم مرهق مع اولاده والاعمال المنزلية الشاقة، شعرت بالان**ار، فانسحبت من امامه بهدوء، وذهبت الى حجرتها تلقي بحزنها فيها..اما هو فقد ترك المنزل وقد صفع الباب خلفه بغضب.
العجيب أنه أتى ليلا وكأنه لم يفعل شئ، بل طالبها بحقه الشرعي نظرت له بتعجب، وعيونها تسأله ما بال الجملة التي حدفها بها ف**رتها بل دمرتها.
اراد ان يقربها اليه فامسكها من كتفيها يريد ان يقبلها.
-من فضلك سبني عايزة انام
فسألها وقد اقتربت حاجباه في تعجب من تصرفها:
-مالك يبت فيه ايه؟؛
-في اني عايزة أبطل الحاجات دي واشوفلي حاجات تانية افلح فيها.
فهم لما ترمي اليه انها تعاتبه على الجملة التي نطق فيها في لحظة غضب، وبعينان تغزو انوثتها، يسجنها داخل حضنه بقوة ويقول بهمس رجولي كاد ان يذيبها:
- متقدريش.. لانك بتموووووتي فيا ثم التهم شفتيها عنوة كأنه يثبت لها كم هي ضعيفة امام هجومه الكاسح لها، ولولا استفزازه لها وتصرفه الذي يثبت مقصد جملته اكثر، ولو انه اعتذر لها عن الجملة التي قالها وانها كانت وليدة لحظة غضب لكانت الآن ذائبة بين شفتيه، ولكنه بغروره جعلها تدفعه بعيدا عنها، وقد حررت شفتيها من بين شفتيه بصعوبة وقالت بصوت مفعم بالغضب وطعم الإهانة قائلة وكل ذرة فيها تنتفض لكرامتها:
-لا بقى أقدر ونص.. اقدر ابعد عنك..اقدر استحمل بعدك عني لانك دايما مش موجود، اقدر استغني عن حضنك وعن اي حاجة تاني.
ولكن غروره يأبى أن يصدق انها تستطيع البعد عنه ظن انها ككل مرة تقول هذا انتفاضا لكرمتها..ثم سرعان ما تنسى وكأن شئ لم يحدث..فيقول بثقة متزايدة وقد اعادها الى حضنه، يعذبها بلمساته التي تزحف على وجنتيها برقة تذيب الحديد، وانفاس تلفح وجهها وكأنها رياح عاتية اتت من شرق رجولته لتلفح وجهها:
-أتحداكي انك تقدري تقاومي لمساتي ولا قبلاتي ولا همساتي، واراد ان يجري لها تجربة حتى تصدق فراح يمرر شفتيه على كل نقطة في وجهها وقبل أن يتمادى دفعته مرة أخرى وبقوة وعيناها تشع اصرار :
- اوكي وانا موافقة وقبلت التحدي ، ومن هنا لحد شهر كامل متقربليش نهائي عشان اثبتلك اني اقدر ابعد واقدر استحمل بعدك عني اتفقنا.
ظن انها تمزح وانها تقول ذلك ردا على استفزازه لها..فقال ومازال يعبث بانوثتها:
-وليه شهر بحبحي شوية خليهم شهرين ثلاثة.
كلامه يزيدها اصرار وتمسكا بتحديها.. فقالت وهي تبتلع غيظها منه:
-اتفقنا 3 شهور ..المهم خليك انت راجل واستحمل بعدي عنك.
صفعة سقطت على وجنتها ..قد الهبت رجولته تلك الجملة التي تفوهت بها حتى قال وهو يلهث من فرض الغضب:
-انت اجننتي ايه ال بتقوليه ده؟
طيب ماشي يافرح انا حوريكي اذا كنت راجل ولا.. لا ومن هنا ورايح انتي في حتة وانا في حتة فترك لها الحجرة وذهب لينام في حجرة اولاده..اما هي فارتمت تبكي..ولا تعلم هل ما فعلته صواب ام خطأ؟ وماذا سيكون نتيجته؟
-رودي ..رودينا..رودي
نادى شهاب على زوجته وكان يحمل معه بعض الأكياس..فتقدم عليه رودينا آتية من المطبخ وتقول بوجه سعيد لعودته:
-ايوة ياحبيبي أنا اهو..حمدالله على سلامتك
-الله يسلمك ياحياتي..حبيبتي بتعمل ايه؟
-بعملك العشى ياروحي.
-لأ ..قفلي على العشى ..أنا جايبلك عشى من برة.
-طب وليه التكاليف دي ياحبيبي..هو احنا كل يوم حناكل أكل جاهز.
ثم اقترب منها وبصوت مليئ بالحب والرومانسية :
-أنا مش عايز اتعبك ياحبيبة قلبي. .يلا بقى روحي ظبطي نفسك والبسي احلى قميص نوم عندك عالبال مااجهزلك العشى واعملك الشاي كمان.
-انا مقدرش على الدلع ده كله.
-دلع ايه ده..هو انت لسة شفتي حاجة.
ثم لف ذراعيه حول فخذيها وحملها وأخذ يدور بها ..فضحكت بسعادة وانبهار وهي كالفراشة التي تطير فوق اغصان الحب:
-شهاااب حدوخ نزلني.
ثم جعلها تنزلق بين يديه ويدها على كتفيه، عيناه ممتنتان لحبه الذي يغدقها عليها فتقول بحب وفرحة:
-أنا بحبك قوي ياشهاب..لان كل تصرف منك بيسعدني.
بادلها النظرات وطبع على شفتيها مزيدا من القبلات قبل ان يردف:
-وانا بموت فيكي ياحياتي..يلا بقى روحي جهزي نفسك..واستعدي لليلة ولا الف ليلة وليلة.
فانصرفت بعد أن شيعته بابتسامة خجولة.
قصت فرح كل ما حدث بينها وبين ممدوح لاختها روفيدا، كانت تشعر بالضيق للوضع الذي آل اليه بينها وبين زوجها، حائرة لا تعلم ماذا تفعل؟ حتى خرج السؤال منها متلهف لسماع رأي روفيدا:
-هو ال انا عملته ده صح ياروفيدا، ولا أنا كبرت الموضوع؟
وبصوت عملي كأن التي امامها مريضة تستشيرها في امر طبي..وليست أختها:
-اسمعيني يافرح ..أنا حسألك سؤال
-سؤال أيه
قالت فرح وهي منتبهة لها
-امتى بنبقى عايزين نشرب؟
وبحركة من كتفيها تتعجب لهذا السؤال وعلاقته بالموضوع ومع ذلك أجابت دون مناقشة:
-لما بنبقى عطشانين
-وامتى نبقى عايزين ناكل؟
-لما نبقى جعانين
اهي مشكلة ممدوح معاكي انه شبعان منك، حاسس بالأكتفاء، امتى بقى يطلبك، وامتى يحس بانه مشتاقلك،ووحشاه، لما يبقى عطشان ليكي، جعان لحبك وحنانك، ساعتها حتلاقيه يطلب الميه عشان يرتوي، والاكل عشان يسد جوعه، والاتفاق الحصل بينك وبينه، جه في وقته..حنعتبره صيام، حنصومه لحد المدة ال اتفقتوا عليها.. لغاية ما الجوع يقرصه، بس بقولك ايه بلاش تذوديها لحسن يدور على الاكل بره..فهمتيني.
-ايوة فهمتك.. بس مش حرام اني امتنع عنه؟
وبنظرة من عيون روفيدا توحي بان فاض الكيل من طيبة اختها اللامتناهية قالت وهي تكذ على اسنانها:
-حرام لو طلبك وامتنعتي ، لكن امتناعك عنه حيبقى بموجب اتفاق بينك وبينه بموافقته يعني.. فرصتك بقى تستغلي الفرصة دي، وتشكليه تاني من جديد، تشكلي قلبه، وتحولي دفة حبه ليكي.
ابتسمت فرح باقتناع، وشعرت بشئ لذيذ يسري في روحها..وكأنها مغامرة سوف تخوضها،وتجربة سوف تقوم بها .
هل ستستطيع أن توقظ وحش الحب بداخله ليلتهمها دون رحمة؟
هل ستشعل شوقه اليها وتوقده من جديد؟
هل سينظم اشعارا ويلقيها عليها؟
هل سيلبثها ثوب الأهتمام؟
رأت روفيدا عيون فرح وهي تشع بالحماس فقالت لها:
-شايفاكي متحمسة.
-جدا ياروفيدا..نفسي بجد اشوف لهفته عليا،أحسه بااهتمامه بيا، احس فعلا بعطشه لحبي ولحناني، ولحضني...ياااه بجد ممكن اشوف ممدوح التقيل يعمل كل الحاجات دي.
كانت فرح تتحدث وهي تزفر بتمني.
روفيدا: مفيش مستحيل يابنتي، المهم تبقى عارفة مفاتيح جوزك عشان تفتحي ابوابه المغلقة
-عندك حق وأنا بقى ناوية العبه على الشناكل
فضحكت روفيدا ثم اردفت:
-بكرة نقعد على الحيطة ونسمع الظيطة .
ترى هل ستنجح فرح ؟
#سهيرعدلي