رواية اتفاق بين زوجين
الفصل السابع
مر أسبوع منذ الاتفاق الذي حدث بينهما، تجري الامور فيه بروتينية، المعاملة بينهم فاترة، يخرج ممدوح صباحا مبكرا، ويأتي في آخر الليل يذهب للنوم مباشرة دون حتى أن يتناول العشاء، حتى اصاب فرح خيبة الأمل واليأس، تردد في نفسها هذه الجملة بسأم:
( يظهر إن الراجل ده مفيش حاجة حتنفع معاه ولا اتفاق ولا بعد، ولا جوع ولا عطش آه يانا منه)
لا تعلم أن ممدوح قد بدأت مقاومته تتلاشى، بعد أن ظن هو نفسه أنه قوي، صبور وأن بعدها عنه لن يؤثر فيه، ولن يحرك له ساكن، وإذ به يكتشف أن كل نبضة في قلبه تشتاق لها، وكل خلية فيه تناديها، وكل شئ ساكن فيه بدأ يصرخ من شدة احتياجه لها، مهما تظاهر أمامها باللامبالاة، وعدم الأكتراث، مهما اظهر انها لا تشغله، وأن وجودها لا يلهبه، يذهب الى عمله فينشغل بها ويفكر فيها، فقد تركيذه في عمله حتى القضية التي يعمل عليها أهملها، جوعه اليها وعطشه لها، جعله يتلظى على جمر الاشتياق..فيتنفس بضيق لدرجة أنه ألقى بمحتويات المكتب بعصبية.
في المساء
أتى ممدوح ليلا وعندما خطى داخل البيت بدأت دقات قلبه تعلو بجنون تعلن استسلامه واشتياقه لها، احتياجه لضمها، وجدها كعادتها تجلس أمام التلفاز، تجلس بأريحية حاضنة الوسادة، لأول مرة يلتفت لما ترتديه جذبه ذلك القميص الحريري ولونه الوردي الذي نثر أشعته الوردية على وجهها فورد خديها، شعرها البني المنسدل على كتفيها بنعومة، وكأنها احكمت دائرة اغرائه لتأجج نار اشتياقه اكثر واكثر، حاول أن يبتلع ضعفه الذي كاد أن يلتهمه وتحمحم ثم قال بنبرة أخرجها خشنة:
-احححمم. .السلام عليكم
التفتت له ونظرت له بتعجب أنه ولأول مرة يأتي مبكرا عن ميعاده هل نسي شئ حتى انها سألته بانزعاج:
-وعليكم السلام ورحمة الله..خير ياممدوح في ايه..راجع بدري ليه؟؛
وبثورة ليس لها داعي قال:
-ايه مفيش حاجة ..حرام ارجع بدري يعني.
ارتفع حاجباها بتعجب لثورثته هذه فاردفت:
-لا بالع** ياحبيبي محبب ماعليا بس مش متعودة انك تيجي الساعة عشرة كدة ..كل يوم بترجع 12 الصبح.
ظنت انه قد يكون مرهق بسبب عمله..اشفقت عليه..وقررت ان تخفف عنه حتى ولو بكلمة حنون..ونست امر الاتفاق الذي حدث بينهما..فقد شعرت انه وليد لحظة غضب منه..هي ايضا شعرت انها لن تحتمل بعده عنها حتى ولو دقيقة..وان ممدوح رجل قوي لن يجدي معه اي اتفاقات مثل هذه.
القت بالوسادة التي كانت تحتضنها ثم وقفت، واقتربت نحوه بنعومة وقالت:
- مالك ياحبيبي
قالت ذلك وهي تضع يديها المتشابكتان على كتفه وقد أراحت ذقنها عليهما، وانفاسها قريبة من اذنه، كالتي تصب النار على الزيت لتلهب مشاعره اكثر، فتتأجج رغبته وتستعر أكثر وأكثر ..كل ذلك وهي غير متعمدة فماكان به الا أنه ابتعدا عنها بحركة ثائرة، ينفض عنه نار قربها التي الهبته، ينقذ نفسه من السقوط في بئر انوثتها الطاغية ورقتها، فقد ظن أنها تتعمد ذلك لأثارته وأغاظته.
نزع يدها بعصبية وهو يقول:
-حيكون مالي يعني؟
لم تفطن هي بعد لسبب ثورته هذه، ظنت انها كعادته يتملكه التعب والارهاق الناتجين عن العمل، وهي الوعاء الذي يفرغهما فيه.. فتراجعت بضيق وهي تقول :
-طيب ..طيب ..من غير ماتتعصب .. تحب احضرلك العشا؟
وبعصبية اردف:
-ايوة يلا بسرعة عشان جعان.
-حاضر
تحركات أمامه وكانت تخطو بدلع غير منتبهة لذلك، كأنها عارضة ازياء خطواتها كلها مفعمة بالدلال، وفيها بعض الميوعة ولدتها شعورا بال**ل كان يسيطر عليها ، واذ بها تتفاجأ بأنه يخ*فها حتى اصطدمت بص*ره بعد ان جذبها بقسوة من ذراعها ويقول بعصبية وملامحه كلها غاضبة:
- بقولك ايه أنت عايزة تجننيني؟؛
وبنظرات كلها دهشة لحركته هذه وحديثه قالت بلفتة كلها تعجب:
-مالك يا ممدوح في ايه مالك عصبي كده ليه؟؛
وبنفس ثورة الغيظ أردف وهو يكذ على اسنانه:
-عمالة تتمايعي وتتمشي قدامي بدلع زايد عن حده.. لا بقولك ايه، احنا اتقفنا اننا نبعد عن بعض لمدة معينة ماشي..أنما تعملي حركاتك دي عشان تخليني أضعف وربنا اوريكي ال عمرك ماشفتيه فاهمة،ثم ترك ذراعها بحركة عصبية مؤلمة... تركها وقد توجه الى حجرته ليغير ملابسه وقد اكمل:
-يلا غوري حضري العشا لحد مااغير هدومي.
وهنا انتبهت لسبب غضبه الحقيقي هذا، وثورته العارمة التي ظنتها انها نتيجة تعبه، واذ هي بسبب بعدها عنه، اذا فقد نفعت الخطة، وأتى الصيام بنواتجه؟ لقد اعترف بضعفه أمامها دون تصريح.و بدأ يعلن تذمره.
وقوته في البعد عنها تلاشت..وعلمت انها ما هي الا قشرة سرعان ما سقطت من أول ايام للحرمان ، لقد وضعت يدها على نقطة ضعفه، لقد اعترف بسهولة لها انه لا يستطيع البعد عنها، لقد مر اسبوع فقط من الاتفاق، واذ به ينهار امامها بسهولة ويسر، وضعت يدها على فمها تكتم ضحكة انتصار و
***ة عجيبة سرت كالتيار في جوانحها جعلتها تشعر بسعادة لا توصف، اغمضت عيونها التي كانت شاخصة تنظر للفراغ الذي خلفه مكانه سعيدة بغضبه وثورته.
ثورته هذه التي كانت تخنقها، وتسبب لها الاعياء النفسي..اصبحت هي مص*ر سعادتها، شعور جميل كالحلم لم تجربه من قبل، شعور الانثى برجلها وهو يتمزق اشتياقا لها شعور فوق الرائع.
ذهبت الى المطبخ ومازالت ال
***ة تسيطر عليها
***ة انتصارها عليه، وياويله منها اذ اقسمت بداخلها ان تستمتع بهذا التمزق، الذي ينعش سعادتها ويجعل لحياتها مذاق لذيذ.
اعدت العشاء وضعته على صنية وذهبت به اليه.. تراقب ملامحه التي مازال عليها علامات الغيظ تبتلع ضحكاتها حتى لا تثيره وتقول بنبرة كلها حنان ودلع ورقة وهذه المرة عن عمد واصرار:
-العشا ياروح قلبي
صوتها الرقيق هذا الذي لم يعهده منها كأنه ليس صوتها، أذاب قلبه وجعل نبضات قلبه ترتفع عن معدلها، حتى انه قال بعصبية:
-ماتتكلمي عدل.
كلما زاد غضبه ..زادت نشوتها ولكن اخفت ذلك في نفسها، وتصنعت التعجب لهذه الثورة وقالت:
-مالك ..يادوحا ياحبيبي ما انا بتكلم عادي اهو.
لمعة عيونها ب
***ة الاستمتاع بعصبيته جعلته يدرك مدى ضعفه وافتضاح اشتياقه أمامها، فقرر ان يبتلع غضبه ويرتدي ثوب التماسك. فاخفى ضيقه. وبدأ يأكل في **ت دون النظر لها حتى لا تقتله لفتاتها الناعمة المتعمدة منها وحركاتها المدروسة من جسدها لتقضي على بقايا قوته، ولكن هيهات فويل لرجل يقع فريسة تحت رحايا مكر الانثى، ادركت فرح هي ايضا ان ممدوح قد انتبه لضعفه الذي جعله يثور ويغضب ويفضح أشتياقه لها..فبدأ يتلاشاه ويتماسك، فبدأت الحرب والتحدي، ملأت ملعقة بالأرز وقربته نحو فمه لتطعمه وهي تقول بنعومة ورقة:
-خد من ايدي ياحبيبي
اضطر ان ينظر لها، لعيونها وكأنه لأول مرة يكتشفهما، يكتشف ان بهما سرا من اسرار السحر، يكادان يخ*فانه بداخلها، النار بداخله تسري تلتهمه التهاما، يريد ان يجذب نفسه بعيدا عن مرمى بصرها ولكن لاول مرة يشعر أنه مقيد بسلاسل الضعف، ظل يتعمق فيهما ينهل من سحرهما، توقفت يدها بالملعقة امام فمه منتظرة أن ياكل منها..واذ بها يسدد لها نظرات عاشقة تقسم أنها لاول مرة منذ زواجها أن ترى مثل هذه النظرات وكأنها نظرات عاشق متيم في هواها، سحرته عيونها، نبض قلبها بقوة، ض*باته موجعة قوية، وبدأت يدها ترتعش، هل لانها اتعبتها حملها للملعقة ام نظراته هي التي اوجعت قلبها لانها لم تعهدها منه ، لاحظ هو ارتعاش يدها ويبدو ان الطاولة ستنقلب عليها، وقبل ان تعود بيدها، قبض عليها بيديه الاثنتين، واحتواهما بينهما في لمسة حنون، ونظراته تخترق عيونها أكثر وأكثر، يلتهم الارز الذي في الملعقة وكأنه يلتهم شفتيها، ابتلعت ريقها خشت أن تضعف وتكون سبب في ان يلغى الاتفاق، هذا الاتفاق الذي احبته لانه منحها الحب والرومانسية التي تريدهما منه..منحها شعورا بالمغامرة لم تجربه من قبل ..شعور تريده كل انثى من زوجها ورجلها، تركت الملعقة وارادت ان تسحب يدها من بين يديه فقد شعرت بالخطر، ولكنه تمسك بها وهو يقول نبرة خافتة كادته ان تقضي على بقايا قوتها:
-كملي ..وأكليني.
لن تستطيع التراجع هي من اثارته ويجب ان تتحمل، ولكن هي لا تريد ان تخسر هذا الاتفاق..انه وثيقة لمدها بالحب والرومانسية اللتان يحتاج لهما قلبها ..والذي منحها هذه الاحاسيس الجميلة..ومن اجل ذلك سوف تتحمل، وتجددت القوة لديها، وبدأ التماسك يغزوها من جديد، تطعمه، وتواجه نظراته بنظرات كلها رومانسية حتى جعلته يتعجب من امرها، بل انها تزيل بقايا الطعام من على فمه بلمسة رقيقة من اصابعها حتى كادت ان تودي بقلبه الى جحيم الرغبة، فعاد اليه غضبه وقال بثورة لم يستطيع اخفاءها:
-خلاص شبعت..قومي اعمليلي شاي.
- حاضر
قالتها بدلال ورقة غير محتملتين، حتى انه كظم غيظه الى ان رفعت الصنية وذهبت الى المطبخ وعلى ثغرها ابتسامة نصر.
قال لنفسه بعد ان ذهبت وهو يقوس فمه بضيق:
-ماشي يافرح ان موريتك..الله يخرب بيت الاتفاقات كلها..انا كنت اتجننت لما واقفت على العبط ده.
اما فرح فكانت تصنع الشاي على اجيج سعادتها التي ولدتها غضبه وغيظه.
ذهبت بالشاي له فوجدته قد تدثر ونام، فقد تصنع ممدوح النوم فقد رأى ان افضل شئ في هذه المعركة هو الانسحاب مؤقتا، لحين تجهيز أسلحة يرد بها على أسلحة هذه الانثى الماكرة، ضمت فرح شفتيها بغيظ فقد حرمت من شعور الانتصار فتركت الصنية على ( الكومدينو) ونامت بجواره وضعت يدها على خصره وتقول بضيق مفعم بالدلال:
-الله..انت حتنام ياممدوح دانا عملت الشاي
وبرغم هذه الحركة التي صهرته إلا انه قال وهو يدعي النعاس:
-مش عايز شاي..وسبيني انام ابقى وبحركة من جسده تعني ارفعي ذراعك عني.. فهمتها فرح، وتركته مؤقتا وهي تقول لنفسها وعلى شفتيها ابتسامة انتقام:
-بتهرب مني ماشي..حتروح مني فين؟
ونامت بجواره ملتصقة به لتزيد من ت***به، فلم يحتمل هو ونهض وهو يقول متأففا وقد رفع عنه العطاء بطريقة عصبية:
- الدنيا حر هنا...انا رايح انام مع العيال.
فضحكت هي ضحكات انتصار حتى راحت ترقص وهي نائمة من فرط سعادتها.
اتصلت فرح بروفيدا باكرا راحت تحكي لها كل ما حدث..وكل نبرة في صوتها سعيدة منتشية لما حدث:
-يااااه ياروفيدا أنا عمري بحسيت بسعادة زي ال حسيت بيها امبارح..وانا شايفة ممدوح بيتقطع من كتر اشتياقه ليا..نظراته ليا كلها شوق وحب بس بيحاول يخفيهم، حتى غضبه ونرفزته..اسعدوني قوووي.. بس انا خايفة من نرفزته دي.
-يبنتي ده امر طبيعي..دي اعراض الجوع والعطش ثم ضحكت روفيدا وقالت استحملي بقى لانه دلوقت بقى زي الطفل المفطوم جديد.
-ايوة لحد امتى؟
-متقلقيش غضبه ده ونرفزته مش حيطولوا حيتحولوا لحد مايبقوا محايلة ولين منه عشان ترضي عنه ..وتلغي الاتفاق كمان.
-مين دي ال ترضى ..ده انا حوريه الويل مني..واخلص تاري منه واتدوقه حرمان الليالي ال عشته
-دانتي طلعتي مش سهلة خالص وشكلي انا ال حاجي اطلب منك استشارة قريب..
فضحكتا الاثنتان. .ضحكات هزت اسلاك الهاتف.
ها ايه رأيكم فرح ماشية كويس؟
#سهيرعدلي