الفصل الاول ٢

3409 Words
البدايات أحيانا تتشابه؛ ولكن دائما ما تختلف النهايات ! وللعشق طريق اخر طريق الانتقام طويل... درب ممتلئ بالعثرات... تنتشي به الروح المظلمة ...تكمل الظلام للنهاية... ينتقم من يُظلم....يزيد في الظلم... وينسي الجميع أن الظلم ظلمات... وقد تكون النهاية سيئة للجميع... كان التوتر يسود المجلس المقام في منزل عائلة (الشيخ) ,منقسم بين نظرات التحدي والثقة من كبير عائلة (ابو العزم) وقلق ورهبة من كبير العائلة صاحبة المكان... كان يجلس على إحدى المقاعد في الغرفة الفسيحة بأثاثها الفخم ببرود, يضع قدمه على الأخرى مشعلا سيجاره ينفث باستمتاع لرؤيته تلك الحالة التي تطفو على حالة عبد الله الشيخ.. ذلك الخوف المطل من نظراته, تلك اللمعة القلقة المشبعة بالرهبة التي تثير به ***ة غير عادية تناسب تلك النار الحاقدة المشتعلة بداخله هاتفة تنشد الانتقام والثأر.. .... المكان كان يحتويه ال**ت الذي لم يجرؤ أحد على قطعه ,فقط بعض النظرات بين حاقدة غاضبة وبين اخري قلقة واخري مستمتعة وللغاية...!وكأنها ستحصل على الجائزة الكبرى.. والجائزة لم تكن سوي بداية للانتقام. بعد دقائق من ال**ت تن*د هو بملل ليقف في النهاية من مكانه يدور في الغرفة يشملها بنظرات لا مبالية حتي رميً بسيجارته على السجاد الفخم الذي يفترش المكان ,يدعسه بقدمه مخرجاً فيه جزء من غضبه ,ثم التفت يلقى بنظرات غامضة باردة تخالف اشتعاله الداخلي..! في نفس الوقت الذي يقف هو فيه مشرفاً عليهم بزهو يليق به.. قائلا بعمق وغموض: -طيب يا عبد الله بيه ...ايه رأيك لو عملنا صفقة حلوة مع بعض , واضمن لك انك هت**ب من العرض ده كويس جداا... ساد ال**ت مرة أخرى بعد ألقى باقتراحه لبضعة ثواني قبل أن يجلي عبد الله صوته قائلا بنبرة خائفة ومهزوزة تشابه تلك النظرات الزائغة المطلة من عينيه.. متوجس من القادم, خائفا من نار قد تحرق الجميع: -ويا تري ايه العرض ده ,ممكن اعرفه يا بني ... انفلتت ضحكة غسان مجلجلة بالغرفة الصامتة ليتردد صداه الساخر في أذان الجميع.. وكأنه يود ان يشعل المكان بما فيه , باهتزاز جسده ويده التي تلوح بسخرية وضحكته المشبعة بالحقد كل هذا يحمل مرارة وانتقام يهدد بالظهور...! وربما حرق الجميع..! فقط بضع ثواني ثم هدأ قليلاً ماسحاً وجهه بيده ,فهو هنا بالكاد يسيطر على نفسه محاولا اخماد ذلك العنف الذي يثور عليه أن يهب الأن فيفرغ عنفه بالرجل الماثل امامه هو وابنه.. أطلق بداخله تنهيد عله يستطيع السيطرة على حاله ليرفع نظره إلى عبد الله الشيخ هاتفاً بنبرة ساخرة محملة ببعض الاشمئزاز : -إبنك صدقني اخر حاجة عاوز أسمعها الكلمة دي, عشان انا لو شفت إبنك هقتله قدامك عشان تتحسر عليه هز رأسه عدة مرات قبل أن يكمل حديثه: بس ملحوقة يا عبد الله بيه ...اممممم بس ازاي... **ت قليلا مدعياً التفكير فيدب الخوف في قلب الآخر والذي انحنى كتفه تعباً من ذلك اللقاء الذي من داخله يدعو أن يمر على خير, مترقباً لمعرفة معنى حديثه الغامض القاسي ,كان قلقاً للغاية بينما الطرف الآخر مستمتعاً وللغاية بل وأكثر, فنظراته توحي وكأنه يستمع إلى موسىقي كلاسيكية أو إلى مباراة ممتعة.. ! أجل هذا هو شعوره, كلما رأى الفزع في أعينهم كلما خمدت تلك النار قليلا..! أكمل غسان وهو مستمتع بالخوف الذي أثاره في قلب خ**ه بنبرة هادئة وباردة إلا إنها كانت قاسية في المعنى والمضمون .. باترة في طريقتها , يخبرهم بأكثر الطرق وضوحاً الطريق إلى ثروتهم مرة أخرى, وتحقيق انتقامه في وقت واحد : -بنتك هو فقط اطلق تلك الكلمة بهدوء بارد خالي من أي انفعالات.. ! ولكن كان أثرها على والدها يشبه الألم الناجم من سكين حاد مغروز بالقلب, ابنته قطعة منه روحه بل هم اثنتين . كانت عيناه جاحظة وكأنه ما زال في طور الاستيعاب لتلك الكلمة والتي وإن كانت بسيطة في نطقها إلا أنها صعبة التنفيذ عليه بل تصل إلى درجة المستحيل فكيف يمكنه ببساطة أن يسلم إحدى بناته كطروادة انتقام! أجلي صوته قائلاً وهو ينظر إلى غسان بتوجس فربما يجد طريق اخر لمعنى الكلمة أو هكذا يتمنى : -بنتي ازاي ...! انتهت الجملة والاستفهام وظهرت ابتسامته توازيها , والتي اتسعت بطريقة قد تكن عادية للغاية إلا انها كانت تحوي الكثير من الغضب المتواري بداخله معبراً عن حاله بخلجات جسده وإيماءاته .. كانت ابتسامة منتقم متلهف للغزو والقتل ! وحينها يجب أن نخشي ابتسامته دائما وأبدا...! لم تختفي تلك الابتسامة بل ازدادت و بقسوة ليجلس بتكبر على مقعد المكتب الخاص بعبد الله واضعا قدميه على أعلاه مخرجاً سيجارة أخرى يشعلها بهدوء تام ثم أجابه بنبرة باردة تحمل الحقيقة الذي يحاول أن يتفاداها الطرف الآخر: -هتجوزها شوفت أنا محترم ازاي , مش زي الزبالة إبنك واظن انت عارف وأنا عارف أنا قصدي ايه ! ثم اشار له بهدوء مفرقعاً بإصبعه مكملا بنبرة عملية: وبكده تكون الصفقة بنتك مقابل قصرك إلي اتباع في المزاد النهارده لعيلتنا ...وعشان انا كريم جدااا...هد*ك نسب من الأسهم بتاعة شركتك إلى خسرتها ... ثم **ت مشيرا إلى نفسه بخيلاء قاصداً المزيد من الإهانة : -لينا برده هتف الاخر مسرعاً وهو يستقم من مكانه بملامح يظهر عليها التعب والإنهاك بنبرة مهزوزة قلقة خائفة.. نبرة توحي بقلة حيلة صاحبها, نبرة تحمل بين طياتها رجاء بالتراجع من هذا الغاضب أمامه: -بس انت متجوز يا بني وعندك اولاد غير ان عمرك مش صغير... تلك المرة انفلتت ضحكات غسان فيشاركه أخيه الصامت من بداية الجلسة مكتفياً بإلقاء نظرات ساخرة نارية يكبح نفسه بصعوبة التي تثير غضبه ورجولته بأن يهب من مكانه يلكم هذا المسمى أخيه بل ويهشم وجهه الصامت عله يرتاح.! إنه حقا بملامح وجهه الجامدة واهتزاز قدمه من شدة الغضب على افراد العائلة الأخرى ...يتمنى لو يفرغ بهم حقده ربما يرتاح! ساد ال**ت مرة أخرى بينما هو يهز رأسه بسخرية , يلقي بنظرة قاسية على الطرف الآخر قبل أن يهتف بنبرة هازئة : - انت مستوعب انت بتقول ايه , انا لغاية دلوقت مراعي انك راجل قد ابويا ومش راضي ازود في الغلط , هو انت فاكرني هتجوز بنتك عشان احب فيها واهنيها .. توقف عن الإكمال ثم قام من مكانه هاتفا بصوت عالي: - -لا دانا هذلها هخليك تتحسر عليها , هنهيلك على روحها وبعدين هبعتهالك جثة بتمشي على الارض .. ضحك بخفوت ساخر مكملا : -وبعدين يا حمايا العزيز انا مش كبير اوي انا سبعة وتلاتين سنة يدوب , وان كان على الجواز الشرع حلل اربعة مش اتنين بس ...ولا هتعترض على شرع ربنا... في تلك اللحظة انطلق صوت كريم الابن الأكبر لعبد الله هاتفاً بغضب والذي كان ملتزما لل**ت فقط رضوخاً لرغبة أبيه , ولكنه عند تلك النقطة والتي تمس إحدى ش*يقاته لم يقدر أن يلتزم ال**ت .. لم يكن باستطاعته أن يراهم يتحدثون عن ش*يقته بتلك الدونية وكأنها تباع بمزاد: -انت هتستهبل انت عاوزنا ند*ك اختي تعمل فيها كده, ثم ان ذنبها ايه إلى غلط مازن اخويا وان كان على اختك إلى ضحك عليها انا هتجوزها... أنهى حديثه وفي لحظة فقط لحظة كان ش*يق غسان يمسك بملابس كريم , يلكمه في وجهه فيهب عبد الله يحاول تخليصه إلا إن يامن لم يلتفت له ,يزيد في لكماته .. ! يبادلها كريم أيضا اللكمة بمثلها, وكأنها حرب بل هي حقا حرب وثأر..! كل هذا وغسان يراقب من إحدى الزوايا يبتسم بسخرية يلقي عليهم نظرات باردة غير مكترثة بالمرة, فكل لكمه يتلاقاها كريم كانت تريحه من الداخل ! تحدث أخيراً بعد دقيقة أو أكثر موجهاً كلامه إلى أخيه الأصغر: -خلاص يا يامن اقعد مكانك .. ثم التفت إلى عبد الله هاتفا بهدوء مخيف يخبره بتقرير أنه لا مناص مما يريده, فما يريده يتحقق ولو اعترضوا جميعاً: - بص يا حمايا ... بنتك ياتجوزهالى وت**ب قصرك وشركاتك من تاني , يإما هاخد بنتك برده بس بطريقتي وزي ماعمل ابنك هعمل وساعتها انت إلى خسران من كل الجهات ... توقف عن الحديث ليكمل بعدها ملتفتاً لكريم بوجهه النازف يرمقه من أعلى لأسفل بدونية واحتقار: - وانت يا... اعمل حسابك انك هتتجوز اختي وتشيل غلطة اخوك , اما مازن ادعوا اني موصلوش عشان لو وصلتله هبعتهولكم في صندوق تدفنوه وتترحموا عليه .. كان ينهي الحديث ولكنه أكمل بنبرة جادة: -اه وقبل مانسى انا عارف ان عندك بنتين واحدة منهم فرحها كمان اسبوع ... هتف عبد الله بعدها بلهجة جزعة مرتعبة مما وصل له عندما شعر بما يريده: - لا فريدة لا... ابتسم غسان منتشياً برؤية هذا الجزع والخوف على ملامحه خاصة وبجانبه ولده وجهه مدرج بالدماء, يلقي نظراته وهو يقف بشموخ من مكانه هاتفاً .. يهندم من ملابسه : - فريدة ....امممم اسمها حلو يبقي اعمل حسابك كتب كتابي على فريدة كمان يومين بالعدد ثم اقترب منه يتابع حديثه بسخرية محملة بتهديد: - فكر كويس وبلاش تتهور عشان انا زعلى وحش وانت لسا مجربتوش... أنهى الحديث والتفت باتجاه باب الخروج من الغرفة مختالاً وبجانبه ش*يقه يامن والذي كان مازال جسده في حالة غريبة من التحفز! و خلفهم عبد الله وولده كريم في حالة يرثى لها من شدة الخوف والقلق من القادم. بعد خروجهم بثواني كانت جلنار الشيخ تدخل إلى غرفة المكتب لتصيبها الصدمة من مظهر ولدها الأكبر كريم بوجهه النازف , فاقتربت منه صارخة وهو تلمس مكان نزفه : -ايه ده مين عمل فيك كده يا كريم ثم التفتت سريعاً إلى زوجها هاتفة بصدمة متسائلة: - هو في ايه يا عبد الله ايه إلى حصل ...؟! هبط زوجها بثقله على المقعد القابع خلفه هامساً بوهن : -إلى حصل اننا خسرنا كل حاجة , خلاص ياجلنار خسرنا كل حاجة...وياريت وقفت على كده طالعته زوجته بخوف من أن يكون قد فشل في استرضاء عائلة ابو العزم من أجل استرجاع ثروتهم , هي لن تقدر على المعيشة دون الرفاهية التي تربت عليها منذ نعومة أظافرها. كانت ستهم بالاستفسار ولكن صوت كريم أوقفها وهو يوجه حديثه إلى أبيه صائحاً بهياج: -اوعي توافق يابابا اوعي , فريدة فرحها كمان اسبوع وهو ميقدرش يعمل حاجة انطلق صوت جلنار الصاخب هاتفة بحدة : - هو في ايه حد فيكوا يفهمني ... تن*د عبد الله بألم والإنهاك يتملكه هامساً بنبرة متعبة : - غسان ابو العزم عشان يرجعلنا املاكنا عاوز يتجوز فريدة هزت راسها باستنكار هاتفة ببرود يخفي داخله بغض شديد : -طيب وايه المشكلة , مش احسن من ابن خالتها إلى عاوزة تتجوزه ....لا هو من مستوانا ولا ينفعنا... نظر إليها بعبوس من طريقتها التي لا تخفي كرهها لابنته من زوجته الأولى, فهب صائحاً بغضب رغم تعبه : -انت اتجننتي ولا عشان مش بنتك , ده متجوز ومخلف وهيتجوزها انتقام , وكله بسبب دلعك في البيه ابنك...كلنا هندفع التمن هزت رأسها بسخرية ولا مبالاة ثم جلست على إحدى المقاعد متحدثة بهدوء تام : -وفيها ايه لما الليدي بنتك تضحي وتتجوزه عشان ترجعلنا املاكنا ولا عاوزنا نترمي في الشارع ووقتها هتبقي خسرت كل حاجة فكر فينا كلنا ... مسح وجهه براحة يده عله يجد الهدوء والراحة ثم تن*د قائلا بحسرة وهو يجلس على المقعد الموجود خلفه: -ياريت كان ينفع افكر , ده مقرر انه لايتجوزها لا هياخدها غصب ... ابتسمت بانتصار حاولت مدارته إلا أنها لم تستطيع ولم تهتم لذلك , هي فقط سعيدة أنها اخيراً ستتخلص من ابنة زوجها تلك العلكة التي التصقت بها تجردها من احلامها كلما وقع نظرها على ملامحها المشابهة لوالدتها ..! نار تنشب بروحها وقلبها كلما وجدت زوجها, يدللها ويمنحها حب واهتمام لا محدود, ولكنها واخيراً ستتخلص منها وهكذا تكن الأمور قد سارت بالطريق الصحيح , كانت شاردة بتفكيرها , وسرعان ما هبت من مكانها هاتفة تدعي التفهم: -شوفت بقي يبقي ايه لازمته , انت مش هتقدر تقف قدام عيلة ابو العزم ياعبد الله , وبدل مايخدها غصب خليها تمشي برضانا .... **تت قليلا وكأنها تفكر بشيء ما, ثم تابعت بنبرة خبيثة: -انا هطلع ارتاح شوية وعلى ماتخلصوا وتقرروا بلغوني.... ********************************* بالأعلى كانت جالسة بغرفتها ممسكة بهاتفها تتحدث مع عشقها الأول والتي لا تعرف سواه منذ أن أبصرت عيناها على الحياة.. منذ أن كان الحب يتلخص لها بكلمة واحدة وهي موسى...! ابن خالتها الحبيبة التي عوضتها عن فقدان والدتها الراحلة منذ ولادتها... المرأة التي حاولت جاهدة ان تنتشلها من حقد زوجة أبيها , ورغم أنها دائما كانت بعناية والدها الذي لم يسمح لزوجته بالتطاول عليها , إلا أنها كانت تشتاق لحنان أم لم تحظي به.. تحلم هي بحلم واحد .. حلم العائلة , وموسى هو العائلة لها . ربما هو لا يملك سوى وظيفته وشقة صغيرة بحي متوسط غير ذلك القصر الذي تحيا به, ولكنها لا تهتم ...فيكفيها هو ..! ابتسمت بخجل وهي تستمع إلى كلماته عبر الهاتف وهو يسمعها كلمات غزله وعشقه هامساً: - وحشتيني مش مصدق ان فرحنا كمان اسبوع ... انطلقت منها ضحكة خجولة خافتة, فتبادله الهمس بكلمات رقيقة بنبرتها الناعمة الخجولة: -وانا كمان مبسوطة اوي يا موسى وفرحانه اننا خلاص هنتجوز ...خالتو عاملة ايه ... تن*د بحب مجيباً إياها بحنان وهو يتخيلها الآن أمامه بحمرة وجهها وارتباكها الوليد أثر كلماته: -خالتك بخير ياستي ابنها إلى تعبان من غيرك يا أميرتي . كانت ستهم بالرد عليه إلا أن دخول زوجة أبيها إلى غرفتها دون استئذان جعلها تهمس له سريعاً بكلمات مختصرة لتغلق معه المكالمة, وهي تعطي ظهرها إليها. التفتت إلى زوجة أبيها بعد أن اغلقت الهاتف وهي لا تزال كما هي جالسة على سريرها قائلة بنبرة هادئة مستفسرة: -حضرتِك عاوزة حاجة اجابتها الأخرى بابتسامة مزيفة : -اه يا فريدة يا حبيبتي عاوزة اتكلم معاكي في موضوع مهم... كانت متعجبة من دخولها لغرفتها فهذه المرأة تكرهها وللغاية , لم تبذل جهداً في إخفاء حقدها عليها , وبداخله كانت تتعجب من معاملتها الغريبة تلك ليزداد القلق من حديثها القادم ....! والذي بالتأكيد يحمل في طياته كارثة ..ربما! __________________________ كان قد وصل غسان إلى منزل عائلته الكبير وبرفقته يامن المتجهم الملامح , بينما والدتهم منى ابو العزم تجلس في بهو المنزل ترتشف قهوتها شاردة بنظراتها في السماء ... إلا إنها خرجت من حالتها تلك على صوت نقاش حاد بين ابنائها, لتسمع صوت يامن الصاخب : -انت اتجننت ياغسان إزاي تتطلب تتجوز بنتهم , لا والأدهي عاوز تجوز نيرة لأخو الحقير مازن ... جلس غسان على مقعد مجاور لوالدته , يرجع رأسه إلى الخلف يستنشق بعض النسمات الصيفية مهدئا لحاله ثم أعاد نظره إلى ش*يقه متحدثاً بهدوء : -اقعد يا يامن وخلينا نتكلم بال*قل ... جلس ش*يقه منصاعا لرغبته على مضض, ليكمل غسان بعد أن زفر بعض أنفاسه في محاولة منه لتهدئة انفعالاته الداخلية : -دلوقت اختك إلى يدوب مكملتش تمنتاشر سنة , الزبالة مازن الشيخ ضحك عليها وخلاها حامل , ولما عرف كده خدها لعيادة تحت السلم عشان يجهضها وهرب بره مصر لما الدكتور إلى هناك قاله إنها بتنزف وممكن تموت , وفي الاخر اختك اترمت في الشارع زي اي واحده زبالة ...عشان نلاقيها بعد كده مرمية في مستشفى حكومي **تت قليلاً مبتلعا ريقه ثم القي نظرة على والدته الصامتة بوجه جامد ثم أكمل حديثه بنبرة ظهر بها التعب: -صح يا يامن لم يجيبه ولكن اكتفي بهز رأسه بالإيجاب مبتلعاً تلك الغصة التي سرت به أثر حديث اخيه, ليكمل غسان حديثه : -قولي بعد الفضيحة دي مين ممكن يتجوز اختك وخد بالك الناس فاكرة اختك اتعرضت لحادثة اعتداء وعرفنا ننقذها ثم أكمل بصوت متحسر: -وده طبعا مش الحقيقة .! هتف يامن بلهجة حزينة وهو يحني كتفيه وشعور بالخزي يجتاحه : -يعني مفيش غير الحل ده ياغسان تتجوز كريم الشيخ . هز رأسه بقلة حيلة ملوحا بيده يخبره ببساطة: -اه مفيش غير الحل ده ونحمد ربنا على كده , وبعدين ده جواز صوري .. تشنج جسد والدته التي التفتت لهم وهنا هتفت هي خارجة عن دور الصامتة من بداية الحديث بتساؤل: 0ازاي ,قصدك ايه؟! عانق نظراتها للحظات قبل أن يهتف: -يعني هنعمل فرح كبير يليق بنيرة ابو العزم وسنة ولا اتنين يطلقوا تساءل ش*يقه بلهجة حائرة : -وانت تضمن منين انه هيبقي صوري مايمكن كريم يبقي نسخة من حقارة اخوه.. هز رأسه بنفي مجيبا بلهجة ساخرة جادة: -انت فاكرني هسيب اختي ليه كده , احنا هناخذ ضمنات غير انهم هيقعدوا في الفيلا الصغيرة الملحقة بالبيت يعني كأنهم عايشين معانا ... تساءل يامن و هو مازال على رفضه لزواجه من ش*يقتهم: -طيب ولازمتها ايه تتجوز بنتهم انفلتت ضحكة غسان القاسية منبثقة من ظلامه الداخلي وصور ش*يقته تُعرض أمامه وكأنه الأمس: -ابدا زي ماتفضحنا هنفضحهم وكله سلف ودين هنا تساءلت والدته بصدمة : -ازاي هتفضحهم يابني , وليه اصلا اختك إلى غلطانة من الأول ذنبها ايه البنت إلى هتجيبها وتفضحها... اشاح بنظره ومن داخله يعلم ان والدته ربما محقة ولكنه إلى الآن لم ينسى منظر ش*يقته وهي ملقاة على سرير رث بإحدى المستشفيات المتدنية المستوي , أجل هو لا يزال يتذكر ذلك .. يتذكر بكائها , وحالتها الحرجة بين الحياة والموت يتذكر حديث الطبيب عن أنها قد لا تستطيع أن تنجب مرة أخرى, يتذكر حديثها الأخير له! وهنا نفض رأسه متهرباً من والدته, ثم هب من مكانه هاتفا بصرامة وغموض يحتل عينيه ينهى بطريقته تلك أي نقاش : -انا طالع لنيرة فوق عن اذنكوا... طالعته والدته وهو يسير مبتعداً عنهم قاصداً الذهاب لغرفة ش*يقته بالأعلى, وبداخلها ألم .. وعز حاد على حال ابنائها ,ألا يكفي شقاء حياة ولديها من جهة غسان العاشق في الماضي المحبوب ذو الروح المرحة رغم طبيعته المسيطرة والتي تبدلت منذ أن عاد من الخارج ومعه توأمه البنات ومعه زوجته النصف مصرية ريتا , ليتبقى منه فقط روحه الجامدة المسيطرة , ومن جهة أخرى يامن والذي تشعر بروحه الميته منذ أن تزوج بمريم النجار في اتفاقية مبهمة لصفقات العمل ...! ليختتم الوجع بداخلها بحادثة ابنتها الصغيرة نيرة, وردتها الجميلة التي طالما حلمت بيوم زفافها كأي أم تهفو روحها لهذا الحدث منذ أن حملت بيدها انثى من رحمها .... ابتسمت بسخرية فابنتها كان لها رأي أخر حينما نحرت كل ذلك بلحظة طيش , طيش انهى كل الاحلام والأمنيات..! شردت في كل ذلك متسائلة هل هناك يوم أخر أبيض قد تشهده قبل أن تذهب لخالقها....! أم كتب عليها وعلى ابنائها الشقاء والتعاسة! ******************************** وفي غرفتها جلست تنظر أمامها بدموع لا تنضب منذ ما حدث لها ولا تعلم هل تبكي لغدر الإنسان التي أعطته القلب والجسد كالمغيبة في خيبات عشقه ,ام تبكي فضيحتها وما سببته لعائلتها ! عائلتها التي أخفت الامر إلا إنه في مجتمعها يبقى الأمر فضيحة ..! أم تبكي على كل ذلك, وضعت يدها على وجهها تخفيه وتخفي دموعها وشهقاتها وكأنها تداريهم من فراغ غرفتها...خزيا منها ومن حالها. وربما هي هنا في تلك اللحظة تبكي على شيء آخر! وفي تلك اللحظة فتح غسان غرفتها, ليؤلمه مظهرها الحزين .. ينحره ويقتله , يضعه بين مقصلة الأخ الحنون والغاضب! الحنون يتمرد ولكن الغاضب هنا يسيطر فيمنع نفسه من إظهار تأثره بذلك بصعوبة. تأملها قليلا وهي تتحاشى النظر له ثم اقترب منها هاتفا بهدوء: - نيرة , ممكن نتكلم مع بعض شوية ... هزت رأسها دون أن تتفوه بأي كلمة ليجلس هو على المقعد المواجه لها مكملاً بنبرة عميقة : -كريم الشيخ طلبك للجواز وانا وافقت التفتت له بنظرات مذعورة , أرادت أن ترفض أو تصرخ إلا إنها فضلت ال**ت فهي من اخطأ وعليه تحمل جميع ال*قبات , لم يص*ر منها شيء سوى إيماءة صغيرة تدل على موافقتها على حديثه دون أي إعتراض. ساد ال**ت لدقيقة أو أكثر قبل أن يستقم غسان من مكانه مشرفا عليها بطوله قائلاً بنبرة متحسرة ونظراته الخائبة بها تقتلها تنغزها كالسكين البارد بلا رحمة: -انت غلطت يانيرة وغلطك **ر ضهري ومفيش في ايدي غير الجوازة دي, بس متخافيش رغم كل حاجة انا في ضهرك ... اومأت له وكأنها في عالم اخر , ليقسم حينها على أن ينتقم من إبنة عائلة الشيخ , لتصبح بالنهاية بلا روح كش*يقته ...! وصوت اخر يهتف وما ذنبها هي بذلك..! وأخر يخبره أنها أحد الأطراف! وبالنهاية ما ينوي على فعله قائم لا محالة, هو هنا رجل يتخلى عن فضيلته ومثاليه لا وجود لها ويستسلم لضعف الانتقام, هو في تلك اللحظة يخضع لشيطانه وانتهى الأمر! ******************************* جلست أمام زوجة أبيها بملامح مصدومة .. خائفة.. وفي أسوء كوابيسها لم تتخيل للحظة أنها ستدفع ثمن أخطاء ش*يقها ال**بث, وهنا دار بداخلها شيء واحد موسى حبها وخطيبها , كيف لها أن تتركه ؟! كيف تنتهي حياتها كطروادة انتقام, هل ستٌمنَح بالنهاية على طبق الموت بكرم حاتمي . كل ذلك كان يدور بداخلها والصدمة تض*بها مرات متتالية, فماذا لو حدث كل ذلك لها .؟ كيف يمكنها أن تنتهي بتلك الطريقة, كانت تود أن تصرخ حتى تفقد الوعي ربما عندما تستيقظ تجد كل هذا كان مجرد حلم..! بينما جلنار تحدق بها بنظرات متشفية وهي تري ألمها المرسوم على قسمات وجهها , ترى دموعها التي تجاهد كبحها بصعوبة فتتمرد رغماً عنها. تنتشي بمظهرها المصدوم الباكي, ورغم أن حالتها وهيئتها كانت مثيرة للشفقة إلا أنها بداخلها تتمني لها ما هو أسوأ. كانت فريدة تقف بصعوبة بنظرات شاخصة تستوعب أو لا تريد أن تصدق ما قيل وفي لحظة هبت من مكانها هاتفة بذعر وخوف بنبرة باكية مرتعشة تتشبث بأمل لا تعرف سواه: -انا عاوزة بابا , هو اكيد مش هيسمح لحد يأذيني قالتها تتأمل من داخلها بذلك, تنشد أمل وتتشبث به, ولكنها لا تعلم هل هناك مخرج لأملها أم تم بالفعل الأمر و حكم عليها بالموت! وأجل أن يحدث لها ذلك فهذا حقا هو الموت.. بل أسوء لأنها ستكن على قيد الحياة.. امسكت بها جلنار متصنعة اللهفة هاتفة بتساؤل خبيث: -عاوزاه في ايه بس يابنتي! هبطت دموعها لتتحدث بصوت باك بهيئتها المنهارة : -عاوزاه يقلي ان ده كله كذب , واني هتجوز كمان اسبوع موسى , عاوزاه يقلي ان ده كابوس... تركت زوجة والدها لتركض للأسفل بخطوات مرتعشة تنادي والدها بصوت عالي يغلبه البكاء, والذي ما إن وصله صوتها الباكي علم أن زوجته فعلتها وأخبرتها بكل شيء... خرج وخلفه كريم الذي استقبل ذعرها وهي تجري باتجاههم يدخلها بأحضانه رابتاً على ظهرها بحنان يغالب خوفه عليها, يبعدها عنه بعد ثواني قائلاً بنبرة هادئة : -اهدي يا فريدة احنا خلاص وصلنا لحل وكلمنا موسى وهو جاي دلوقت وهنكتب كتابكم حالا ... ابتسمت له غير مصدقة لما يقول , لتلقي بنفسها بعد ذلك في أحضان والدها الذي قبل مقدمة رأسها هامسا بحنان يطمئنها ويطمأن حاله: -مب**ك ياقلب بابا ...الا دموعك يافريدة ولكن زوجته هنا كانت تمتلك رأي آخر وهي تقف بعيدا تبعث برسالة لأحدهم مبتسمة بخبث هامسة بتشفي: -متفرحش ياعبد الله انا هخليك متشوفش حتي دموعها.. نهاية الفصل
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD