البدايات أحيانا تتشابه؛ ولكن دائما ما تختلف النهايات !
وللعشق طريق اخر
طريق الانتقام طويل...
درب ممتلئ بالعثرات...
تنتشي به الروح المظلمة ...تكمل الظلام للنهاية...
ينتقم من يُظلم....يزيد في الظلم...
وينسي الجميع أن الظلم ظلمات...
وقد تكون النهاية سيئة للجميع...
كان التوتر يسود المجلس المقام في منزل عائلة (الشيخ) ,منقسم بين نظرات التحدي والثقة من كبير عائلة (ابو العزم) وقلق ورهبة من كبير العائلة صاحبة المكان...
كان يجلس على إحدى المقاعد في الغرفة الفسيحة بأثاثها الفخم ببرود, يضع قدمه على الأخرى مشعلا سيجاره ينفث باستمتاع لرؤيته تلك الحالة التي تطفو على حالة عبد الله الشيخ..
ذلك الخوف المطل من نظراته, تلك اللمعة القلقة المشبعة بالرهبة التي تثير به
***ة غير عادية تناسب تلك النار الحاقدة المشتعلة بداخله هاتفة تنشد الانتقام والثأر..
....
المكان كان يحتويه ال**ت الذي لم يجرؤ أحد على قطعه ,فقط بعض النظرات بين حاقدة غاضبة وبين اخري قلقة واخري مستمتعة وللغاية...!وكأنها ستحصل على الجائزة الكبرى..
والجائزة لم تكن سوي بداية للانتقام.
بعد دقائق من ال**ت تن*د هو بملل ليقف في النهاية من مكانه يدور في الغرفة يشملها بنظرات لا مبالية حتي رميً بسيجارته على السجاد الفخم الذي يفترش المكان ,يدعسه بقدمه مخرجاً فيه جزء من غضبه ,ثم التفت يلقى بنظرات غامضة باردة تخالف اشتعاله الداخلي..!
في نفس الوقت الذي يقف هو فيه مشرفاً عليهم بزهو يليق به.. قائلا بعمق وغموض:
-طيب يا عبد الله بيه ...ايه رأيك لو عملنا صفقة حلوة مع بعض , واضمن لك انك هت**ب من العرض ده كويس جداا...
ساد ال**ت مرة أخرى بعد ألقى باقتراحه لبضعة ثواني قبل أن يجلي عبد الله صوته قائلا بنبرة خائفة ومهزوزة تشابه تلك النظرات الزائغة المطلة من عينيه.. متوجس من القادم, خائفا من نار قد تحرق الجميع:
-ويا تري ايه العرض ده ,ممكن اعرفه يا بني ...
انفلتت ضحكة غسان مجلجلة بالغرفة الصامتة ليتردد صداه الساخر في أذان الجميع.. وكأنه يود ان يشعل المكان بما فيه , باهتزاز جسده ويده التي تلوح بسخرية وضحكته المشبعة بالحقد كل هذا يحمل مرارة وانتقام يهدد بالظهور...!
وربما حرق الجميع..!
فقط بضع ثواني ثم هدأ قليلاً ماسحاً وجهه بيده ,فهو هنا بالكاد يسيطر على نفسه محاولا اخماد ذلك العنف الذي يثور عليه أن يهب الأن فيفرغ عنفه بالرجل الماثل امامه هو وابنه.. أطلق بداخله تنهيد عله يستطيع السيطرة على حاله ليرفع نظره إلى عبد الله الشيخ هاتفاً بنبرة ساخرة محملة ببعض الاشمئزاز :
-إبنك صدقني اخر حاجة عاوز أسمعها الكلمة دي, عشان انا لو شفت إبنك هقتله قدامك عشان تتحسر عليه
هز رأسه عدة مرات قبل أن يكمل حديثه:
بس ملحوقة يا عبد الله بيه ...اممممم بس ازاي...
**ت قليلا مدعياً التفكير فيدب الخوف في قلب الآخر والذي انحنى كتفه تعباً من ذلك اللقاء الذي من داخله يدعو أن يمر على خير, مترقباً لمعرفة معنى حديثه الغامض القاسي ,كان قلقاً للغاية بينما الطرف الآخر مستمتعاً وللغاية بل وأكثر, فنظراته توحي وكأنه يستمع إلى موسىقي كلاسيكية أو إلى مباراة ممتعة.. !
أجل هذا هو شعوره, كلما رأى الفزع في أعينهم كلما خمدت تلك النار قليلا..!
أكمل غسان وهو مستمتع بالخوف الذي أثاره في قلب خ**ه بنبرة هادئة وباردة إلا إنها كانت قاسية في المعنى والمضمون .. باترة في طريقتها , يخبرهم بأكثر الطرق وضوحاً الطريق إلى ثروتهم مرة أخرى, وتحقيق انتقامه في وقت واحد :
-بنتك
هو فقط اطلق تلك الكلمة بهدوء بارد خالي من أي انفعالات.. !
ولكن كان أثرها على والدها يشبه الألم الناجم من سكين حاد مغروز بالقلب, ابنته قطعة منه روحه بل هم اثنتين .
كانت عيناه جاحظة وكأنه ما زال في طور الاستيعاب لتلك الكلمة والتي وإن كانت بسيطة في نطقها إلا أنها صعبة التنفيذ عليه بل تصل إلى درجة المستحيل فكيف يمكنه ببساطة أن يسلم إحدى بناته كطروادة انتقام!
أجلي صوته قائلاً وهو ينظر إلى غسان بتوجس فربما يجد طريق اخر لمعنى الكلمة أو هكذا يتمنى :
-بنتي ازاي ...!
انتهت الجملة والاستفهام وظهرت ابتسامته توازيها , والتي اتسعت بطريقة قد تكن عادية للغاية إلا انها كانت تحوي الكثير من الغضب المتواري بداخله معبراً عن حاله بخلجات جسده وإيماءاته ..
كانت ابتسامة منتقم متلهف للغزو والقتل !
وحينها يجب أن نخشي ابتسامته دائما وأبدا...!
لم تختفي تلك الابتسامة بل ازدادت و بقسوة ليجلس بتكبر على مقعد المكتب الخاص بعبد الله واضعا قدميه على أعلاه مخرجاً سيجارة أخرى يشعلها بهدوء تام ثم أجابه بنبرة باردة تحمل الحقيقة الذي يحاول أن يتفاداها الطرف الآخر:
-هتجوزها شوفت أنا محترم ازاي , مش زي الزبالة إبنك واظن انت عارف وأنا عارف أنا قصدي ايه !
ثم اشار له بهدوء مفرقعاً بإصبعه مكملا بنبرة عملية:
وبكده تكون الصفقة بنتك مقابل قصرك إلي اتباع في المزاد النهارده لعيلتنا ...وعشان انا كريم جدااا...هد*ك نسب من الأسهم بتاعة شركتك إلى خسرتها ...
ثم **ت مشيرا إلى نفسه بخيلاء قاصداً المزيد من الإهانة :
-لينا برده
هتف الاخر مسرعاً وهو يستقم من مكانه بملامح يظهر عليها التعب والإنهاك بنبرة مهزوزة قلقة خائفة.. نبرة توحي بقلة حيلة صاحبها, نبرة تحمل بين طياتها رجاء بالتراجع من هذا الغاضب أمامه:
-بس انت متجوز يا بني وعندك اولاد غير ان عمرك مش صغير...
تلك المرة انفلتت ضحكات غسان فيشاركه أخيه الصامت من بداية الجلسة مكتفياً بإلقاء نظرات ساخرة نارية يكبح نفسه بصعوبة التي تثير غضبه ورجولته بأن يهب من مكانه يلكم هذا المسمى أخيه بل ويهشم وجهه الصامت عله يرتاح.!
إنه حقا بملامح وجهه الجامدة واهتزاز قدمه من شدة الغضب على افراد العائلة الأخرى ...يتمنى لو يفرغ بهم حقده ربما يرتاح!
ساد ال**ت مرة أخرى بينما هو يهز رأسه بسخرية , يلقي بنظرة قاسية على الطرف الآخر قبل أن يهتف بنبرة هازئة :
- انت مستوعب انت بتقول ايه , انا لغاية دلوقت مراعي انك راجل قد ابويا ومش راضي ازود في الغلط , هو انت فاكرني هتجوز بنتك عشان احب فيها واهنيها ..
توقف عن الإكمال ثم قام من مكانه هاتفا بصوت عالي:
- -لا دانا هذلها هخليك تتحسر عليها , هنهيلك على روحها وبعدين هبعتهالك جثة بتمشي على الارض ..
ضحك بخفوت ساخر مكملا :
-وبعدين يا حمايا العزيز انا مش كبير اوي انا سبعة وتلاتين سنة يدوب , وان كان على الجواز الشرع حلل اربعة مش اتنين بس ...ولا هتعترض على شرع ربنا...
في تلك اللحظة انطلق صوت كريم الابن الأكبر لعبد الله هاتفاً بغضب والذي كان ملتزما لل**ت فقط رضوخاً لرغبة أبيه , ولكنه عند تلك النقطة والتي تمس إحدى ش*يقاته لم يقدر أن يلتزم ال**ت ..
لم يكن باستطاعته أن يراهم يتحدثون عن ش*يقته بتلك الدونية وكأنها تباع بمزاد:
-انت هتستهبل انت عاوزنا ند*ك اختي تعمل فيها كده, ثم ان ذنبها ايه إلى غلط مازن اخويا وان كان على اختك إلى ضحك عليها انا هتجوزها...
أنهى حديثه وفي لحظة فقط لحظة كان ش*يق غسان يمسك بملابس كريم , يلكمه في وجهه فيهب عبد الله يحاول تخليصه إلا إن يامن لم يلتفت له ,يزيد في لكماته .. !
يبادلها كريم أيضا اللكمة بمثلها, وكأنها حرب بل هي حقا حرب وثأر..!
كل هذا وغسان يراقب من إحدى الزوايا يبتسم بسخرية يلقي عليهم نظرات باردة غير مكترثة بالمرة, فكل لكمه يتلاقاها كريم كانت تريحه من الداخل !
تحدث أخيراً بعد دقيقة أو أكثر موجهاً كلامه إلى أخيه الأصغر:
-خلاص يا يامن اقعد مكانك ..
ثم التفت إلى عبد الله هاتفا بهدوء مخيف يخبره بتقرير أنه لا مناص مما يريده, فما يريده يتحقق ولو اعترضوا جميعاً:
- بص يا حمايا ... بنتك ياتجوزهالى وت**ب قصرك وشركاتك من تاني , يإما هاخد بنتك برده بس بطريقتي وزي ماعمل ابنك هعمل وساعتها انت إلى خسران من كل الجهات ...
توقف عن الحديث ليكمل بعدها ملتفتاً لكريم بوجهه النازف يرمقه من أعلى لأسفل بدونية واحتقار:
- وانت يا... اعمل حسابك انك هتتجوز اختي وتشيل غلطة اخوك , اما مازن ادعوا اني موصلوش عشان لو وصلتله هبعتهولكم في صندوق تدفنوه وتترحموا عليه ..
كان ينهي الحديث ولكنه أكمل بنبرة جادة:
-اه وقبل مانسى انا عارف ان عندك بنتين واحدة منهم فرحها كمان اسبوع ...
هتف عبد الله بعدها بلهجة جزعة مرتعبة مما وصل له عندما شعر بما يريده:
- لا فريدة لا...
ابتسم غسان منتشياً برؤية هذا الجزع والخوف على ملامحه خاصة وبجانبه ولده وجهه مدرج بالدماء, يلقي نظراته وهو يقف بشموخ من مكانه هاتفاً .. يهندم من ملابسه :
- فريدة ....امممم اسمها حلو يبقي اعمل حسابك كتب كتابي على فريدة كمان يومين بالعدد
ثم اقترب منه يتابع حديثه بسخرية محملة بتهديد:
- فكر كويس وبلاش تتهور عشان انا زعلى وحش وانت لسا مجربتوش...
أنهى الحديث والتفت باتجاه باب الخروج من الغرفة مختالاً وبجانبه ش*يقه يامن والذي كان مازال جسده في حالة غريبة من التحفز!
و خلفهم عبد الله وولده كريم في حالة يرثى لها من شدة الخوف والقلق من القادم.
بعد خروجهم بثواني كانت جلنار الشيخ تدخل إلى غرفة المكتب لتصيبها الصدمة من مظهر ولدها الأكبر كريم بوجهه النازف , فاقتربت منه صارخة وهو تلمس مكان نزفه :
-ايه ده مين عمل فيك كده يا كريم
ثم التفتت سريعاً إلى زوجها هاتفة بصدمة متسائلة:
- هو في ايه يا عبد الله ايه إلى حصل ...؟!
هبط زوجها بثقله على المقعد القابع خلفه هامساً بوهن :
-إلى حصل اننا خسرنا كل حاجة , خلاص ياجلنار خسرنا كل حاجة...وياريت وقفت على كده
طالعته زوجته بخوف من أن يكون قد فشل في استرضاء عائلة ابو العزم من أجل استرجاع ثروتهم , هي لن تقدر على المعيشة دون الرفاهية التي تربت عليها منذ نعومة أظافرها.
كانت ستهم بالاستفسار ولكن صوت كريم أوقفها وهو يوجه حديثه إلى أبيه صائحاً بهياج:
-اوعي توافق يابابا اوعي , فريدة فرحها كمان اسبوع وهو ميقدرش يعمل حاجة
انطلق صوت جلنار الصاخب هاتفة بحدة :
- هو في ايه حد فيكوا يفهمني ...
تن*د عبد الله بألم والإنهاك يتملكه هامساً بنبرة متعبة :
- غسان ابو العزم عشان يرجعلنا املاكنا عاوز يتجوز فريدة
هزت راسها باستنكار هاتفة ببرود يخفي داخله بغض شديد :
-طيب وايه المشكلة , مش احسن من ابن خالتها إلى عاوزة تتجوزه ....لا هو من مستوانا ولا ينفعنا...
نظر إليها بعبوس من طريقتها التي لا تخفي كرهها لابنته من زوجته الأولى, فهب صائحاً بغضب رغم تعبه :
-انت اتجننتي ولا عشان مش بنتك , ده متجوز ومخلف وهيتجوزها انتقام , وكله بسبب دلعك في البيه ابنك...كلنا هندفع التمن
هزت رأسها بسخرية ولا مبالاة ثم جلست على إحدى المقاعد متحدثة بهدوء تام :
-وفيها ايه لما الليدي بنتك تضحي وتتجوزه عشان ترجعلنا املاكنا ولا عاوزنا نترمي في الشارع ووقتها هتبقي خسرت كل حاجة فكر فينا كلنا ...
مسح وجهه براحة يده عله يجد الهدوء والراحة ثم تن*د قائلا بحسرة وهو يجلس على المقعد الموجود خلفه:
-ياريت كان ينفع افكر , ده مقرر انه لايتجوزها لا هياخدها غصب ...
ابتسمت بانتصار حاولت مدارته إلا أنها لم تستطيع ولم تهتم لذلك , هي فقط سعيدة أنها اخيراً ستتخلص من ابنة زوجها تلك العلكة التي التصقت بها تجردها من احلامها كلما وقع نظرها على ملامحها المشابهة لوالدتها ..!
نار تنشب بروحها وقلبها كلما وجدت زوجها, يدللها ويمنحها حب واهتمام لا محدود, ولكنها واخيراً ستتخلص منها وهكذا تكن الأمور قد سارت بالطريق الصحيح , كانت شاردة بتفكيرها , وسرعان ما هبت من مكانها هاتفة تدعي التفهم:
-شوفت بقي يبقي ايه لازمته , انت مش هتقدر تقف قدام عيلة ابو العزم ياعبد الله , وبدل مايخدها غصب خليها تمشي برضانا ....
**تت قليلا وكأنها تفكر بشيء ما, ثم تابعت بنبرة خبيثة:
-انا هطلع ارتاح شوية وعلى ماتخلصوا وتقرروا بلغوني....
*********************************
يتبع...