كانت تجلس بجانب ش*يقها تستند برأسها على كتفه ,تود لو ينتهي كل شيء, تتمني لو أن ش*يقها مازن ابتعد عن نيرة ولم ينتهكها, تتمني لو تزوجت موسي..!!
موسى حقاً هي تتمنى لو أن ما مضى سراباً..
تتمني ربما أن تعود تلك الطفلة المدللة لوالدها , الطفلة الذي كان يحملها موسى فيبتاع لها الحلوى المفضلة لها..!
هي مازالت تحب موسى...! أطلقتها بحيرة فكانت الإجابة نعم!
زفرت بإختناق وهي حقا ًتتمني أن يعود الزمن, وكلها أمنيات فلا عودة..!!
سمع كريم زفرتها المختنقة فهمس لها مطمئنا وهو يمسح أعلى رأسها بيده يهديها ابتسامة حنونة:
-خير يافريدة ان شاء الله بابا هيبقي بخير..
هزت رأسها وبادلته الإبتسامة ثم ربتت على يده التي كانت تحتضن يدها تبث له الطمأنينة ,
ثم ألقت بنظراتها على نورا الجالسة بجانب موسي.
تستوعب ما يحدث فش*يقتها بجانب خطيبها السابق والقريب, وصل الأمر وحقيقته فينقطع بداخلها شيء ما, تشعر أنها من يدفع ثمن كل شيء.. والبقية يعيشون حياتهم كما شاءوا..!
تشعر أن لا أحد خسر هنا سواها, هي الملعونة هنا.. البائسة في تلك الحكاية, هي الطروادة المقدمة على طبق بارد من أجل الإنتقام!
صوت إحدى الممرضات جعلهم ينتفضون من أماكنهم بقلق عندما هتفت بتساؤل سريع:
-لو سمحتم المريض عاوز ابنه كريم..
تبادل الجميع النظرات القلقة , فالتفت كريم إلى فريدة التي هزت رأسها تطمئنه في قلقه وحيرته وبلمحة سريعة كان يسير خلف الممرضة إلى داخل غرفة والده , ليري ماذا هناك!
وداخل غرفة والده أشار له بالإقتراب همس سريعاً بصوت منهك..
متعب..!!
وبدا له متحسر!!:
-كريم ,تروح تجيب المأذون دلوقت حالا..!!
ارتدت رأس الآخر للخلف عاقداً حاجبيه باستغراب وتعجب ..هاتفاً بتساؤل :
-مأذون ليه! يابابا ولمين..؟!
ن** والده رأسه حيث إنحنى كتفه بتعب فأجابه وكأنه يستنكر الإجابة.. يستنكر ما هو فيه كأب! يفجر لولده كارثة أخرى.. بل هو يفجر عاراً آخر:
-عشان نكتب كتاب موسي ونورا..
تعجب..
إستنكار..
وربما صدمة..
وأيضاً غضب, وبكل تلك المشاعر هدر بنبرة تشبه الصراخ:
-موسي ومين ؟!
لم يجيبه والده ف**ت قليلًا يتأمله يحاول إيجاد أي لمحة تخبره بأن ما طلبه مجرد مزحة.. أو مجرد هراء وعبث ولكنه لم يجد شيء فقط كان ال**ت ونظرات **يرة فهتف بتعب ممزوج بقهر يعرض حقيقة يدركه الآخر:
-ازاي يابابا.. احنا كده بنزود جرح فريدة..
والإجابة كانت دمعة متحسرة.. دمعة خزي.. وفي أقصى الكوابيس لم يتخيل ..ولا يريد ان يتخيل..! أن يكن في هذا المكان يوماً!!
يخبره أنه بذلك يزيد من جرح فريدة , ولكن ما لا يعرفه أحد أنه يتألم وقلبه يموت بما حدث لفريدة ..!
وبنبرة مهزوزة كان السؤال.. أو الاستنكار من كريم:
-بابا, هو ايه الي حصل..فيه ايه..
وبجملة واحدة وصل المعني.. وشعور بالدونية تسرب له.. عندما هتف والدة بنبرة مشبعة بالحسرة وملامحه ال**يرة المجعدة بالحزن:
-كله سلف ودين ياكريم.. ربنا يسامحك يامازن
وصل المعنى ,فما كان من كريم إلا أنه إستقام من مكانه يود الفتك بموسى ونورا.. معا..!
ولكن والده هتف به يتوسلهُ عندما شاهد أمارات الشر والغضب مرتسمة على وجهه وتشنج جسده وتلك النظرات التي تنفث ناراً بالإضافة إلى عروقه التي ظهرت تحفزا وغضباً :
-اعقل يابني مش عاوزين فضايح.. انت الي هتشيل العيلة من بعدي..
وسؤال أخر أطلقه الإبن دون أن يلتفت له بنبرة جامدة:
-الازمة الي انت فيها دي يابابا..بسبب كده..
وبعدها كان **ت.. وكانت به الإجابة..!!
إجابة تلخصت في عار يلحقهم , ولو لم يعرفه أحد..! خزي لوثهم ولو ارتدت اخته ثوب الستر أمام الجميع..!
فخرج من الغرفة من**اً رأسه ثم رفعها فيرمق ش*يقته فريدة بألم..!! والتي بادلته هي بحيرة وقلق !
مفكراً بداخله يطلق سؤال متحسر, ألا يكفي ما يحدث لتلك المسكينة..؟!
والسؤال يتبعه سؤال (كيف لها ان تتقبل الامر..)؟
والأسئلة تتوالى داخله تزاحم أفكاره تقتله وترميه بحيرة على شاطئ الألم..!
(هل تستطيع أن ترى حبها الاول يتزوج من ش*يقتها بتلك السهولة.).؟
بينما هي كانت المضحية به من أجل الجميع.! والجميع كان هو أولهم.
أشاح بنظره عنها ثم التفت بعدها لموسى الذي كان يركن على أحد المقاعد شاردا وبالقرب منه تجلس .. نورا..!!
فلم يشعر بنفسه وهو يقترب من نورا سريعاً.. بخطوات غاضبه ونظرات تنفث ناراً!
كان يقف أمامها فما أن شاهدته همت بالحديث والسؤال عن والدها وهي تستقم من مكانها ولكنه لم يمهلها الفرصة بل اهداها صفعة من يده فكانت الأقرب...والأسرع..!!
جحظت أعين فريدة مما يحدث فهدرت نورا به وهي تلمس مكان الألم على وجهها ببريق غاضب يشع من عينيها:
-انت اتجننت ازاي تعمل كده..
كاد أن يمسكها من خصلاتها يض*بها.. !يحرقها..
وربما يقتلها..!
وبداخله يفكر الآن ذاق هذا الشعور الذي تلبس غسان أبو العزم من أجل الانتقام..!
الآن عرف ذلك الشيطان الذي استوطن به لأذيتهم..!
الآن يعرف تلك المرارة !!وهذا العار.. !!
ورغم رغبته أن يفتك بها.. يقتلها ! يشبعها ض*با حتى يدميها , يهلكها..!
إلا أنه أزاحها من طريقه.. حتي إنها تعثرت وانزلقت قدمها..!!
ولكنه لم يهتم بها كما فريدة أيضاً التي كانت تراقب ب**ت, بل تخطاها ليقترب من موسى فيمسك بمقدمة ملابسه..
يلكمه.. مرة
.. اثنان..
ثلاثة..
وقد يتمادى..!! قد يذ*حه ..
فلم يستطيع ف تلك اللحظة بالسيطرة على غضبه الذي كان كالنيران يتصاعد ويتصاعد..!
ولولا صراخ فريدة الخافت تأمره أن ينتهي عما يفعله.. لكان خنق موسى ونورا معا الآن وحالاً..!
اقتربت منه فريدة ,أمسكت بمرفقه تبعده عنهم.. تمنعه عما يفعله صارخة بنبرة خافته وملامحه المصدومة تستنكر فعلته:
-انت اتجننت ياكريم.. من امتي وانت كده.. وبعدين حصل ايه لكل ده..
رفع وجهه لها يود لو ينتهي الأمر دون أن يرى المزيد من العذاب المرتسم بملامحها..
ولكن كيف يختفي الامر؟.. كيف ينتهى كل هذا ؟ كيف..؟!
فاتكئ علي الحائط خلفه قائلا بنبرة رجل مهزوم من الداخل يطلق كلمات متتالية كالحمم النارية المندفعة:
-فريدة, موسي ونورا هيتكتب كتابهم حالا.. انا اتصلت بالمأذون..
صفعة..
لكمة قوية..
وغزة حادة شرسة..
تلقتها ببراعة في روحها, إحساس بالغدر والوحدة.. شعور بالبرودة ..ربما..!
ولكن هناك لهيب بداخلها.. هي تحترق من الداخل..!!
فهمست له بصعوبة.. وكأنها تستوعب الأمر تنشد إنكار ولو كذباً تسأله بنبرة معذبة ميته متعثرة ككل شيء بات فيها في تلك اللحظة:
-بابا موافق..
فأومأ لها متحاشياً النظر لها, وال**ت يرنو حولهم إلا أن هناك سؤال أخيراً أطلقته بيأس تود لو أن يكذبها.. تود لو أن ما حدث لم.. يحدث..!
-وانت موافق..؟!
لم يجيب بل أدار لها ظهره , هو لم يعد قادراً أبداً على كل هذا, يشعر بحمل ثقيل .. يشعر بحاجته للصراخ, فأكملت هي تزيد من عذابه وعذاب ضميره .. وجعه ووجعها الذى يشعر به :
-كلكم بتكملوا حياتكم باكريم.. كلكم هتعدوا الازمة.. وانا الي خسرت صح؟!
شعر بإنهيارها الوشيك فإستدار لها يحاول أن يهدئها فوجدها تنظر للأرض ثم رفعت نظرها له ليهاله تلك الدموعة المتحجرة..!
حاول أن يحتويها يهدئها.. ولكنها ابعدته بيدها هادرة بألم تتساءل:
-ليه انا الي ادفع.. ليه..ليه ياكريم..
إنهار هو لإنهيارها فهمس مقا**ها بنبرة معذبة يمسك بيدها يقبلها:
-اهدي يافريدة عشان خاطري..
تمالكت نفسها وهي تنظر إلى موسى فابتعدت عنه مرة آخرى.. قائلة بجمود واهي زائف.. غير حقيقي:
-انا ماشية.. وابقي قول لبابا الف سلامة.. ومب**ك لبنته نورا..؟
ابتعدت عنهم عدة خطوات وهمت بالرحيل.. ولكن يد موسي سبقت تتبعها تمنعها محاولاً أن يجمع كلماته هاتفا بنبرة معذبة هو الآخر:
-استني يا فريدة.. هشرحلك..
إنتفضت من بين يده.. ترمقه باشمئزاز.. وربما بجمود لم يعهده منها..
فحاول الإقتراب مرة اخري مصدوم من هروبها ونظراتها, يتوسلها أن تستمع إليه ولكن صوت ما.. أوقفه ,بل أوقفهم جميعا..!! حينما جاء الصوت بنبرة تحذير غاضبة:
-شيل ايدك من علي مراتي..احسنلك..
فالتفت له بشراسة يواجهه بنظرات غاضبة متحفزة هاتفاً بحدة:
-كانت خطيبتي علي فكرة.. وتبقي بنت خالتي..
كانوا على وشك تبادل الشجار,ولكن صوتها القاطع لهم هدر بجدية:
-خلاص.. مب**ك ياموسي..
ثم اقتربت من غسان قائلة بنبرة ميتة جامدة :
-بارك لموسي.. دلوقت كتب كتابه علي نورا..
ثم اشارت بيدها للجالسة بعيدا عنهم مكملة بنبرة ميتة لا حياة فيها بها سخرية مريرة:
-اختي..
هم كريم أن يخبره بالرحيل ويأخذ معه فريدة.. ولكن قسوة غسان.. ورغبته في الألم أجبرته أن يبقى..
غريزة تجعله شيطان أحيانا عندما تحدث ببرود , كل هذا وتأثير رحيل ريتا مازال يؤثر به ويثير به ناراً:
-مب**ك ياموسي.. مب**ك ياانسة نورا..وانا هقعد واشهد علي ال*قد..ماهو ماينفعش برده
منحضرش كتب كتاب اخت مراتي.. واخت جوز اختي ولا ايه..
**ت أصاب الجميع فاقترب من فريدة متجاهلا كل شيء يلف يده حول خصرها يجذبها بقسوة.. هامسا بالقرب من اذنها:
-ولا ايه يابونبوناية..
وكالعادة.. كانت توافقه..!!
ولكن تلك المرة بإرادتها.. ورغبة قوية تولد بداخلها.. للانتقام من الجميع..
فغمغمت ببرود متقن:
-اه طبعا... ياحبيبي..
والكلمة الأخيرة كانت تريد أن يسمعها الجميع وأولهم موسى , بينما غسان رفع احدي حاجبيه بتعجب ساخر.. وهو يهمس لها بصوت مسموع لها فقط..:
-حلو حبيبك دي.. اعملي حسابك هتتعاقبي علي خروجك من غير اذن..
وبتحدي وقوة بادلته الهمس تخبره أنها لا تهتم ولم تعد تخشى أي شيء:
-اعلي مافي خيلك اركبه.. خلاص كده !
وتلك المرة أطلق ضحكة انتبه لها الجميع..!!
جعلته ينظر لها بعمق.. هامسا بداخله(مازالت اللعبة قائمة.. فحلواه.. مازالت كما هي..)
كانت مني تقف وبجانبها نيرة ينظرون لما يحدث بتركيز.. وابتسامة تداعب ملامح مني.. ابتسامة تخبرها انها من سيقف في وجه غسان دون خوف..!
فالتفتت لابنتها تدفعها قائلة:
-روحي سلمي عل مرات اخوكي.. واخت جوزك..واطمني علي حماكي من جوزك..
وما كان منها إلا أن انصاعت لحديثها تقترب من فريدة هامسة بصوت مهزوز يحمل خجلاً:
-ازيك.. انا نيرة..!
وببرود قاسي حملتها فريدة ما يحدث ..شخصية جديدة ولدت من رماد العنقاء.. قلب جديد خلق في تلك اللحظة.. خاصة عندما تحدثت بنبرة باردة كالصقيع:
-اهلا.. مبروك..
فابتعدت عنها سريعا تقترب من كريم.. أو زوجها.. تحاول أن تتحدث معه.. أن تواسيه كما نبهت والدتها.. أن تتحمل المسئولية..
أن تنضج..!!!!!
وقفت بمحاذاته تتلاعب بطرف فستانها تعض شفتها بتوتر.. قائلة بخفوت:
-الف سلامة علي صحة باباك باكريم..
لم يعطيها رد.. فقط نظرة ساخطة.. غاضبة.. انتهت بلائمة..
ليأتي في تلك اللحظة.. المأذون وينتهي الامر..
ومع الكلمة الأخيرة( بارك الله لكما وجمع بينكما في خير )
كانت تولد فريدة جديدة..!! تبحث عن الحياة مرة أخرى بنظرة مختلفة..!
***********************