مرت الأيام و الحال كما هو يعود سعيد من عمله فيدخل اولا إلى بيت ابويه ليسأل عنهم و عن أحوالهم المعيشية و الصحية و بعد ربع ساعة يصعد إلى بيته ليقضي يومه مع زوجته و أولاده أما زوجته كلما خرجت من المنزل لشراء أي طلبات أو حاجات للمنزل تطرق بابهم للسؤال عنهم و تسألهم عن ما يحتاجونه و تشتريه لهم فورا ظل سعيد يمنع أطفاله لفترة من الدخول إليهم تماما ثم أمرهم أن يسألون عنهم و لكن فقط يسألون عنهم و يروهم لا يطيلون في الجلوس مثل ما كانوا يفعلون من قبل أما سعاد فتذهب لزيارة والديها مرة كل أسبوعين تقضي ساعة في المساء فقط هي و أولادها ثم تعود إلى بيتها يذهب معها سعيد ليوصلها بسيارته هي و الاولاد و يدخل معهم فقط ليسأل عن حالهم و صحتهم ثم يتركها لتقضي وقتها مع اهلها على راحتها ثم يعود إلى سعاد زوجته ينتظرها أمام بيت أهلها حتى تنزل هي و الاولاد و يعود وا إلى بيتهم و تتكرر تلك الزيارة كل اسبوعين أما الإجازة فقط يجتمع سعيد و زوجته و أولاده مع أبويه لتناول وجبة الأفطار فقط ثم يخرج هو و زوجته و أولاده إلى صالة الأل**ب الرياضية ثم يذهبون لتناول العشاء في أي مطعم كنوع من التجديد و **ر روتين الحياة اليومية المملة .
و ظلت الحياة تسير على هذا المنوال و شعر سعيد أن حياته هكذا افضل كثيرا فالتصاقه الشديد بوالديه هو و زوجته و أولاده يجعلهم مملين و وجودهم ثقيل عليهم أما هكذا فهو يشعر أن ابويه يشتاقون إليهم جدا أكثر من ذي قبل و كأنه طبق المثل القائل ابعد حبة تزيد محبة ، هذا بالطبع غير شعوره بالخصوصية و أنه يعيش لنفسه و أولاده أيضا ليس كل وقته لأبويه فقط هذا ليس برا بالوالدين بل هذا نوع من الغباء خلقنا الله جميعا لكل منا خصوصيته و حياته و احتياجاته و هذا بالتأكيد لا يتعارض مع صلة الرحم بتاتا و قد تغيرت تلك الأفكار التي كانت تسيطر على عقل سعيد بل و شعر أن علاقته بوالدته تحسنت كثيرا لم يعد يشعر أنه ثقيل عليها مثل ذي قبل و ذات يوم عاد سعيد من عمله و مر ببيت والديه ليسأل عنهم كما هو معتاد و دخل ليجلس مع والديه قالت له أمه
- ألن تأكل معنا يا سعيد أجلس يا بني لتتناول معنا وجبة الغداء كما كنت تفعل من قبل
- سعاد و الاولاد ينتظرونني يا امي لأتناول الغداء معهم
- ناديهم يا بني ليتناولو الغداء معنا يا بني كما كنتم تفعلون
- أنني اعاقبهم لأنهم يضايقونك يا أمي
- لا تقل ذلك يا بني أنا لا يمكن أن اتضايق من أبنائك
- و سعاد أيضا تضايقك يا أمي و أنا اعاقبها
- سعاد هذه ابنتي يا سعيد لا يمكن أن أتضايق منهم أبدا يا بني
- يا سعيد أن كنت غضبان من امك في شيء فما ذنبي أنا يا ولدي
- لا تقل ذلك أرجوك يا أبي أنا لا يمكن أن أتضايق من أيا منكما أنا ملككما و لتفعلا بي ما تشاؤون
- بارك الله فيك و في أبنائك يا بني أن كل ما تفعله معنا ستجده في أبنائك بأمر الله
- أطال الله عمرك يا أبي
- أنت غضبان مني يا سعيد
- لا تقولي ذلك يا أمي أرجوك
- إذن لماذا تغيرت فجأة و قررت أن تبتعد عنا أنت و زوجتك و أولادك ؟
- يا امي الأمر ليس له علاقة بالغضب مطلقا
- ماذا حدث إذن يا ولدي ؟
- يا أبي كل ما في الأمر أنني شعرت أنني مشتت و أشتت أبنائي و اشتتكم أيضا لكل منا خصوصيته و يجب أن يعيش بالشكل الذي يجعله مرتاحا
- ما هذا الكلام يا بني ؟
- نعم يا أبي أن اولادي يعودون من المدرسة في الظهيرة يوقظونكم من نومكم في هذه الفترة و انتم تحتاجون لمزيد من الراحة ثم تعد امي لنا طعام الغداء أكثر وجبة متعبة و مكلفة في وجبات اليوم كله أما إذا أعدت غداء لفردين سيكون ذلك اسهل كثيرا هذا غير أن ماما تطهو الطعام بطريقة و سعاد تطهو الطعام بطريقة و كلما وقفت سعاد مع امي بالمطبخ تضايقها فلماذا افرضها عليك يا امي و هي لا تساعدك في شيء بل تضايقك هذا غير عفرتة الأولاد و أفعالهم السيئة أنا نفسي لا احتملهم
- منذ متى يا ولدي و انت تفكر بهذه الطريقة ؟
- منذ أن رأيت بعيني ما يحدث صدقوني كل ما أريده فقط هو راحتكم و أنا لا يمكن أن أبتعد عنكم ابدا صدقوني أنا أمر عليكم كل يوم هل مر يوم لم تروني فيه
- الحقيقة لا يا بني أنت في كل الأحوال لم تقصر معنا في شيء
- و لن أقصر ما دمت حيا و أذا مت لأي سبب فسيظل اولادي يب**كم و كأنني موجود تماما
- أطال الله عمرك يا ولدي لا تقل ذلك أرجوك
- سأصعد أنا الآن و أن أردتم أي شيء فقط نادوني سأحضر فورا
- أصعد يا ولدي لزوجتك و أولادك أصعد في امان الله
سعيد من بيت والديه ليصعد إلى زوجته و أولاده و بعد أن انتهوا من تناول وجبة الغداء معا ذهب سعيد لينام قليلا و قبل أن ينام حكى لسعاد ما حدث بينه و بين والديه فلامته سعاد و قالت له
- كان من الممكن أن نتناول معهم وجبة الغداء اليوم ثم نعود كما كنا أو على الأقل كنت تناولت أنت معهم وجبة الغداء و تبلغنا فقط انك ستتناول وجبة الغداء مع والد*ك
- لا تفتحي بابا تعبنا حتى أغلقناه أرجوكي
- يا سعيد لا تكن قاسيا هكذا
- أنا قاسي يا سعاد
- أن يكونوا معتادين على وجودك معهم دائما ثم فجأة. تبتعد بهذه الطريقة هذا أمر غريب لن يحتملوه و يتفهموه بسهولة فالأمر صعب جدا عليهم صدقني
- و لكن بالرغم من صعوبته إن لم يتم بهذه الطريقة فلن يتم أبدا يا سعاد أن شعورهم أننا متاحين لهم بهذه الطريقة المهينة جعلهم يتأففون منا و يتضايقون منا كثيرا جدا و معهم حق أن لا يشتاقون الينا و لا يتلهفون علينا كما يتلهفون على زيارة سعد
- هذا هو اصل الموضوع زيارة سعد
- صدقيني ليس هذا الأمر هو ما غير طريقة تفكيري للأسف في كثير من الأحيان اشعر انك لا تعرفيني تمام المعرفة
- منذ ذلك اليوم و انت غريب يا سعيد
- أن ما حدث ذلك اليوم فقط كشف الغطاء عن بصري فقط ليس أكثر لن أنكر أنه ضايقني جدا و لكن هذا الأمر يحدث كل يوم تقريبا و لم يضايقني منذ ولدت و أنا أشعر بالتفرقة في المعاملة بيني و بين سعد و لم اتغير و لكنني فقط شعرت أنه يجب أن اكف عن البحث عن عطفهم و مساواتهم لي بأخي يجب أن أخرج خارج هذه الدائرة المظلمة و هذا لن يحدث إلا إذا انشغلت بأولادنا و حياتنا هذا فقط ما خطر ببالي مزيد من الخصوصية .