الفصل الثاني

1501 Words
هتف مجد بعجالة وهو ينهض مثلما فعلت توليب : - يا دكتورة توليب اسمعيني بس .. و لكنها حتى لم تسمعه بل خرجت من المكتب بأكمله ، زفر بضيق بعد خروجها يعلم أنها عنيده و لن يجبرُها احد على فعل شئ و لكنه تمنى أن تقتنع فـ هو يُحب رعد كأبنه تماماً تمنى حقاً ان يساعده التقط هاتفه بإحباط ليتصل على جاسر بعد قليل رد جاسر بحماس : - ها يا حاج أقتنعت ؟ - أنا أسف يا جاسر صدقني مقدرتش أقنعها .. تلاشى حماس جاسر بأكمله ليتن*د بضيق : - طيب يا ابويا مع السلامة دلوقتي .. ثم أغلق الهاتف سريعاً ليمسك برأسه ليحاول ان يجد حل لصديقه .. *** عندما خرجت توليب من عند مديرها مجد اخذت تفكر اهي فعلت الصواب ام أخطأت ؟ أكان يجب أن تساعد ذلك المدمن بالإكراه حقاً ؟ ولكن كيف ؟ كيف سيستجيب للأدوية غصباً عنه ، لو كان فتاة لوافقت فسيكون أمرُها سهل لكن ذلك رجل ! سيكون الامر محالاً *** دلف جاسر للمشفى بوسامته الطاغية ليدلف لمكتب والده هتف مجد مرُحب به : - ازيك يا جاسر يابني تن*د جاسر بضيق جلي ليقول محاولاً أن يطمئن والده : - أنا تمام يا ابويا الحمدلله .. ، بقولك ايه يا حاج .. هي الدكتورة دي موجودة ؟ - ايوة موجودة حالياً ، بس أنت عايز منها ايه ؟ نهض جاسر ولم يرد عليه ليغلق الباب خلفه بهدوء .. *** كان يبحث عنها هو حتى لا يعرف شكلها .. أوقف ممرضة ما يسألها عن توليب تلك لتقول له مكانها ، ذهب لمكتبها عن طريق شرح الممرضة له ، طرق الباب ليدلف بهدوء ، رأى فتاة تحلس على كرسي المكتب مُنهكة واضعة يداها على حبينها بتعب ، ححاب وضع على رأسها زادها جمالاً ورقة ، لم تنتبه لوجوده حتى بسبب أنشغالها الزائد بما حولها حمحم جاسر بحرج لتشهق بفزع وهي تنهض ، اخذت دقائق لتهدء واضعة يدها على قلبها ، اشارت بيدها له ليجلس ، جلس بهدوء ليسطرد بخشونة مستفسراً : - الدكتورة توليب مش كدة ؟ اومأت برأسها لترد برقة غير مقصودة : - ايوة أنا .. حضرتك مين ؟ هتف بصوت أجش معرفاً بنفسه : - أنا جاسر أبن مدير المستشفى دكتور مجد .. أنا صديق الشخص الي عايزين نعالجة فاكرة الحوار ده ؟ تذكرت هذا الموضوع لتهتف بجمود : - فاكراه ، بس كمان مش ناسية اني قولت للدكتور مجد اني مش موافقة . حدق بها بغضب ليض*ب على مكتبها قائلاً : - اسمعي بقا أنا مش عايز اعمل حاجه تضايقك بس أنا بغمضة عين ممكن افصلك من المستشفى دي و محدش هيشغلك تاني فاهمه ولا لاء ؟ أبتسمت ببرود لتضع يدها تحت ذقنها بإستمتاع : - طيب و أنا موافقة ، و أنا بقا متأكدة زي ما أنا شايفاك دلوقتي أن الدكتور مجد مش هيخليني أطلع برا المستشفى دي عشان عارف ان المستشفى مش هتمشي من غيري ، كلامنا أنتهى .. شرف*ني لو كانت النظرات تقتل لسقطت توليب جثة هامدة ، نهض بغضب ليخرج من المكتب صافعاً الباب تجولت نظراتها من الجمود والبرود لحزن دفين في أعينها ، كانت تود حقاً أن تساعد ذلك الشخص و لكن صعب .. صعب للغاية ، وضعت رأسها بين يداها بشرود .. *** كان طفل لا يتعدى عمرة الخمس سنوات ، يجلس مع عائلته بسيارتهم المتواضعة ، والده يجلس على مقعد السائق و والدته بجانبه أما هو يجلس على الاريكة بالخلف ، عائلة بسيطة مُكونة من أب و أم و إبن ، كانوا عائدين فرحين من رحلة بسيطة ، أنشغل الأب و هو يشاهد عائلته الصغيرة ، لم يكن بباله تلك السيارة الكبيرة التي اقتربت منهم لدرجه مخيفة ، صرخت الام بفزع ليصرخ الصغير على صراخ امه ، أصطدمت السيارة الصغيرة بالسيارة الكبيرة لتنقلب السيارة الصغيرة ، فُزع الناس من المنظر المهول ، أقترب شخصاً ما من السيارة لينقذ ما يمكن إنقاذه ، رأى طفل بالوراء وجهه امتلأ بالدماء ليرى والد الطفل يتنفس بصعوبة هتف والد الطفل بأنفاس متقطعه و هو يشير على إبنه : انقذه يا أستاذ مش مهم احنا المهم هو طلعه من العربية أرجوك .. أشفق الرجل عليهم ليأخذ الولد بصعوبة و هو يبتعد تماماً عن السيارة خوفاً من انفجارها و بالفعل بعد ثواني أنفجرت السيارة ليشاهد الطفل ذلك المشهد المريع ، أخذ يبكي و هو يصيح بـ أبي و أمي .. فاق رعد من ذلك الكابوس المفزع ، أهذ يمسح العرق على جبينه ليضع يده على وجهه بتعب كأنه كان يصارع في نومه ، تحولت عيناه المجهدة لغضب شديد و جمود لينهض و هو يأخذ حقنة ما ليغرزها في يده ، أغمض عيناه بإستمتعاع .. *** - طب و هو عايز يعمل كده ليه ؟ هتفت سمر بتلك الجملة بغرابة اسطردت بهدوء : - عايز يساعد صاحبه بس أنا مش هقدر أساعده ف حاجه لأني مش هينفع اعالجه غصب عنه . هتفت سمر بتشدق وهي تضع يدها على ذقنها : - ده ايه الموال ده صحيح نهضت توليب بعد أن حان وقت الذهاب للبيت ، اخذت تمشي و هي افكر أتقبل و تتحمل العواقب أم ترفض ان تسعاده و لسوء حظها كانت سياراتها عند مصلح السيارات ، اخذت تمشي لبيتها فالمسافة لم تكُن كبيرة ، لم تنتبه لتلك السيارة الأتية نحوها لتنظر تلك الانوار التي أنارت بوجهها فجأة لتضع يديها على وجهها لتحجب الضوء عنها ، للحظة تخيلت نفسها ميتة ، تخيلت نفسها تترك تلك الدنيا لتذهب لخالقها ، لم تكن تعلم ان تلك البداية فقط ! لم يحدث شئ بعد ..! عادت للواقع لترى سيارة فخمة تبعد عنها بإنشات صغيرة ، نزل بهيبته لترتعد من منظره ، ملامحه باردة كأن الحياة بداخله ذهبت ، عندما تراه تشعر انك تجمدت من الخوف و هذا بالفعل ما حدث معها ، تسمرت مكانها كأنها وقفت على غراء او ما شبه .. ولسوء حظها أيضاً أنها ستتشابك مع " رعد " نعم أجتمعوا ببعض بصدفة ليست لصالحها أبداً ! تقدم منها و عيناه باردة برود مميت ، تشعر أنها أصبحت ثلج من حدقتيه الباردة ، ابتلعت ريقها لتستعيد شجاعتها و لكن ذهب تلك الشجاعة إدراج الرياح عندما قال بجمود به بعض الحدة : - مش تاخدي بالك و أنتِ ماشية يا أنسة ؟ صوته فقط كفيل يجعلها ترتعد و لكن لم تكُن هي من ترتعد لمجرد سماع صوت فقط ، رفعت رأسها بشموخ ليظهر فرق الطول بينهما ، لم تنظر لعيناه قط ، عادة سخيفة منذ الصغير لا تستطيع أن تنظر لحدقتي شخص عندما تحدثه ، برغم قوتها إلا أن لا تستطيع ، هتفت بقوة معتذرة لعلمها أنها الخاطئة وهي تعبث بأصابعها : - عندك حق معلش أنا اسفه .. أرتسمت ملامح السخرية على وجهه ليبتعد عنها و هو يصعد لسيارته بجمود لينطلق بها محدث ضجة خلفه *** ذهبت هي لمنزلها لتدلف لغرفتها سريعاً ، نظرت للصورة الموضوعة على الكومود بجانب فراشها ، أمسكت بها لتحتضنها عند موضع قلبها كالمعتاد ، أفترشت أناملها الرقيقه على الصورة لتربت على الصورة قاصدة وجه الشخص الموجود بداخل الصورة كأنها تراه أمامها ، وضعتها مكانها لتستلقى على فراشها بتنهيدة عميقه تخبئ ورائها آلاف الأحزان ، كادت أن تغفو لولا رنين هاتفها ، أخذته لتضعه على أذنيها هاتفه بجمود : - خير يا مديحة هانم ؟ اجابت المدعوة مديحة ساخرة : في بنت تقول لأمها هانم ؟ مش ناوية تقوليلي ماما بقا ..! لاحت ابتسامة ساخرة مريرة على وجه توليب ، هي حتى لا تستحق ذلك اللقب الثمين !! علمت مديحة أنها ساخرة و لن تجيب ، تن*دت غير مبالية لتقول ما أرادت قوله : - ع العموم أنا و أبوكي جايين بكرة هنقعد في فيلتنا و عامر أبن عمك جاي يقعد معانا يومين و على فكرة أنتِ كمان هتيجي تقعدي معانا .. أتسعت حدقتي توليب برعب جلي لتبرد أطرافها ، أرتعشت يداها لتتمالك نفسها حيث رددت سريعاً : مستحيل .. مستحيل أقعد أنا و هو في مكان واحد أنا هفضل هنا في شقتي مش هتحرك ! أغلقت توليب الهاتف لتغمض عيناها برعب ، كابوس حياتها عامر ! بن عمها ، لم تقابل أقذر منه في حياتها ! مجرد ذكر أسمه يجعلها ترتعش و يبرد جسدها مثل برودة عينان ذلك الرجل ! تن*دت و هي تحاول أن تطمئن نفسها فهي لن تتحرك من هنا ، استلقت برعشة في جسدها على فراشها ، لم يزُر النوم جفنيها لتبقى مستيقظة تفكر في غداً *** أبتسم عامر بوجه شيطاني و عيناه تحمل خبث دفين ، حدق بها بعينان تحمل مكر ليس له مثيل بينما شعرت هي أنها عارية ! برغم حشمتها بملابسها إلا أن عيناه تعريها ، أطبقت شفتيها تكاد تبكي من الذعر ، أقترب ببطئ كأسد فرغت الساحة له لينقض على فريسته على أقل من مهله ، كل خطوة يتحركها تزداد خفقات قلب تلك المسكينة أقترب أكثر ليلعب على أوتار مشاعرها مستمتع بخوفها ذلك ، حاصرها بذراعيه القويتان لتتفرق شفتيها تحاول أخذ شهيق و لكن لم ينجح معها ، كادت أن تصرخ ليبتلع صراخها في جوفه و هو يقبلها بعنف ، قاومت بكل ما تملك من قوة و لكن بدت كأنها تحاول زحزحة جبل من مكانه ، أخذت تض*به على ص*ره لعنف ليقيد ذراعيها خلف ظهرها و هو يشتد بقبلته ، أدمعت عيناها لتبعده بقوة بعد أن قُطعتْ أنفاسها ، و كُسرت روحها ، و أنشق قلبها ، تجمَع حقد العالم بأكمله بعيناها تجاه ذلك الشخص ، بينما نظر لها هو بشماته حقيقية صرخت بهستيرية مؤلمة وهي تجلس على الارض تض*ب كفيها بالأرض كمن مات عزيز عليها ، نعم لقد مات قلبها للتو ، بينما خُطِفت الرحمة و الشفقة من قلب عامر ، يسمع صراخها وبكائها الذي يدمع له الحجر بإستمتاع مريض ! كأنه يسمع سيمفونية مستمتعاً بألحانها لم يكُن بالمنزل سواهما ، أكتفى عامر بذلك القدر من الرعب الذي جعلها تعيشه ليذهب واعداً أنه سيرجع لها ولكن المرة الأتية سيدمرها حقاً ! أفاقت توليب من كابوسها برعب شاهقة بفزع ، يتكرر ذلك الكابوس دائماً معها عندما تتذكر عامر ، تصبب العرق على جبينها يتساقط على جميع أنحاء وجهها ، أغمضت عيناها بتوجس لتنكمش على نفسها في فراشها كالجنين ، من الظاهر قوية لا تُهزم ، و من الداخل هُزمت مائة مرة حتى أصبحت هشة ! ***
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD