[ #لم_يكن_ذنبي_ياحنين
الفصل الثالث ( الاخير )
و التقيت بك يا ( حنين ) و كانت الصدفة التى تتذكرينها فى إحدى رحلاتى خارج البلاد ، و معك شعرت بطعم جديد للحب ، طعم لا يعرف الرغبة و لا النزوات .. كان حبك - و لا يزال - راسخا فى قلبى لا تزعزعه الأيام ، و لا تزلزله الأحداث .. وجدت فى حبك كل ما حرمتنى منه الدنيا فى سالف الدهر ، عاهدت نفسى على الاخلاص ، و معك كنت أرى نقائى الذى لوثته نوائب الرغبات ، كان حبى لك يزيد يوما بعد يوم حتى رأيت انك كل نساء الدنيا فى قلبى و عقلى .. و لكن الأيام لم تمهلنى كثيرا فى معاهدتى ..
و بعدما قررت أنك كل النساء ، وجدتك تفتقدين أهم شئ فى النساء فى وجهة نظرك أنتى ، و بعد مرور شهور قليلة على زواجنا ، أفيق على صفعة أخرى من الدنيا على وجهى ، فبعد اجراء الفحوص و التحاليل تبين لى أنك ستقضين ما تبقى من عمرك دون إحساس الأمومة ، لا علاج سينفع ، و لا جراحة ستشفع ، قُضى الأمر .. و أفقت من صدمتى بعدما رأيتك تطالبيننى بعلوّ صوتك بالزواج من جديد بأخرى حتى لا أحرم نفسى من شعور الأبوة ، و بعدما قررت أن تكونى وحدك فى حياتى ، رأيت إصرارك على أن أضيف لحياتى امرأة أخرى ، و عادت إلى ذاكرتى أيام علاقاتى المتعددة ، كانت كل أيامى السابقة تمر كالسحابة أمام عينى ..
أتزوج بغيرك ؟ و أكون مع امرأة أخرى ! هل أفتح ذلك الباب ؟ و هل سيمكننى ال**ود إذا نقضت المعاهدة ؟ احتار ال*قل و أصابتنى دوامات من التفكير فى غدى ، و دبت المشاجرات بين عقلى و قلبى و غريزة الأبوة فى نفسى .. هل أتخلى عن حلم كل رجل و حقه فى أن يكون ( أباً ) ؟ هل اتخلى عن معاهدتى لقلبى و تلك المواثيق التى أبرمتها بينى و بين روحى بألا أكون لأى امراة اخرى غيرك يا حنين حتى و لو كانت زوجة لى ؟ انطلقت بسيارتى نحو أبعد مكان عن العمران ، و انطلقت صرخاتى لتعبر عن الألم الذى كنت أشعر به نتيجة الحيرة و العجز عن اتخاذ القرار ..
و كان الصدع الأول فى علاقتنا حينما رأيتك تهجرين بيتك و تضعينى بين خيارين لم اكن أعرف إلى أىّ منهما ألجأ .. كان خيارك الأول هو زواجى بأخرى و بقاؤك معى ، و الخيار الثانى هو الانفصال .. و كيف يكون لى ان أتبنى قرارا من الاثنين و كلاهما يمثل غصة فى حلقى تزول بها حلاوة الحياة ..
و بعد اخذ و رد بينى و بينك ، و بعدما أخفق الجميع ممن حولك فى إثنائك عن قرارك هذا ، كانت أولى تجاربى المريرة فى البحث عن غيرك و ليتنى ما بحثت .. لقد عادت إلى قلبى و عقلى روح النزوات من جديد ، فصرت أبحث عن امرأة ، امرأة كاملة الأ***ة ، تجذبنى بدلالها و أنوثتها ، عادت عين الخبير الذى تعلم فى صغره كيف يلتهم التفاحة ..
تحول البحث عن زوجة تنجب إلى البحث عن زوجة تنجب و جميلة ، ثم إلى زوجة تنجب و جميلة و رقيقة ، ثم جميلة و رقيقة و حنونة و نحيفة ، او ممتلئة ، أو شقراء ، أو خمرية ، ثم تعددت و تزايدت المواصفات حتى وجدت نفسى أبحث عن امرأة للسرير فحسب ، و ما صرت أبحث عن الزوجة ، بل كنت أبحث عن الجسد .. و كيف لا ، و انا معى ( جرين كارد ) يمنحنى الحرية الكاملة فى الحل من المعاهدة و البحث عن امرأة أخرى حتى و لو كان ذلك تحت سمعك و بصرك ! فلن أفقدك أبدا ، و لن يكون ذلك سببا فى قلاقل بيننا و لا منعطفات تأخذنا إلى الفراق أبدا ، هكذا كان اختيارك ، و هكذا كان تفكيرى ..
وبينما انا فى رحلة البحث أعود بذاكرتى إلى حيث كانت زوجة عمى تستحثنى على التفوق حتى تزوجنى من ( سناء ) ابنة اختها .. و لولا ما حدث لكنت اليوم أباً لعدة أبناء كما هى الآن أم ، لولا ما حدث ، ما حدث !! هند ..
كيف أنسى من فتحت امام عينى أبواب الحياة على مصراعيها ؟ كيف أنسى من هبطت بى إلى وديان السعادة نجنى من كل ثمارها ما شئنا ؟ كيف و كيف ؟
و يومها قررت البحث عن أولى تجاربى في الحب ..
نعم ، ( هند ) كانت هى اولى محطات البحث ، تساءلت بينى و بين نفسى ، و ماذا لو كانت متزوجة ؟ و لماذا نضع العراقيل ؟ سأرى اولا لو كانت فى بلادى ام لا ، و لو كانت لا تزال تذكرنى ام لا .. و عصرت على نفسى شجرة ليمون و ذهبت فى زيارة لــ ( نوال ) فى بيتها .. و قد تزوجت و أنجبت ..
حملت معى الهدايا لها و لزوجها و أبنائها و بناتها .. و دخلت عليهم و انا مبتسم ، فتحت الباب و هى لا تصدق ما تراه قائلة :-
- ميـــــــــــن ! هيثم ! إيه انت وقعت على دماغك و لا إيه يا ابن امى ؟
انا :- ماتخلينيش أرجع تانى بضهرى ههههههههه
نوال ضاحكة :- لا و ده معقول ، ادخل ادخل تعالى ، أصلى انا مش مصدقة الحقيقة انك لسة فاكرنى .. ده انت حتى ما حضرتش فرحى ، فاكر يا هندسة ؟
انا :- خلاص بقا بلاش كلام فى اللى فات ، طمنينى عاملة ايه .
نوال :- انا كويسة انت ازيك و ازى حنين ؟
انا :- كويسين ، قولى لى كنت عاوز اسألك على حاجة ..
نوال :- اسأل تحت امرك
انا :- فاكرة هند ؟
نوال :- هند ! ده انت وقعتك سودة ، فين رقم حنين ، هاته خلينى احكى لها تاريخك الاسود ..
انا :- بطلى بقا و قولى لى معاكى عنوانها ؟
نوال :- عاوز ايه من زفتة دى الأول ؟
انا :- لا مفيش حاجة من اللى فى دماغك .. انا بس عرفت ان ظروفها تعبانة ..
نوال :- ظروفها ايه يا ضنايه ؟ تعبانه ! دى عايشة احلى عيشة دلوقتى
انا :- ايه ده بجد ؟
نوال :- آه دى اتجوزت و معاها اولاد و جوزها بيشتغل فى نفس المدرسة اللى كنا فيها ..
انا :- صحيح ! اسمه ايه ؟
نوال :- اسمه علاء
انا :- تلاقيه بيدرس مادة حلوة بقا من بتوع الدروس الخصوصية
نوال :- لا ، ده أخصائى اجتماعى ، بس عنده مشروع صغير كده بيجيب لهم دخل زيادة .. انما قول لى انت مين اللى ضحك عليك و قالك ان ظروفها تعبانة ؟
انا :- ظروف مين ؟ انا كنت بافكرك بس بعمايلك معايه زمان ، بس خلاص المسامح كريم بقا ..
نوال :- لا يا راجل ! ايه الحنية اللى هبطت عليك دى ؟ يعنى افهم من كده ان دى مش آخر زيارة ؟
انا :- الحقيقة جايز ، انا مش ضامن ههههههههه .
و اكتفيت بما حصلت عليه من معلومات و تكفلت انا بالوصول إلى بيت هند ، و بعد مراوغات و مراقبات عديدة ، رأيتها ، انها هى ، نعم ، لقد أصبحت أكثر جمالا و اغراء ، ما زادتها السنين إلا رصيدا مزهرا من كل ما كانت تحمله أثناء علاقتنا ، اندفع قلبى تجاهها ، و عقدت العزم على اللقاء بها مهما كلفنى ذلك ، تحينت الفرصة حتى أصعد إلى باب شقتها ، و سأطرق الباب و انا لا أعرف كيف سيكون اللقاء ، هل ستتذكرنى ؟ أم انها ستتنصل من ماضيها و تنكر كل ما كان ، هل ستنكر وجهى بعد تلك السنوات ؟
متزوجة ! و ماذا أريد منها ؟ هل سأجعلها تنهى حياتها مع زوجها لتتزوجنى حتى أنجب ؟ كلا ، إن حنينى لها لا علاقة له بهذا الأمر .. إننى أبحث عنها هى ، لقد رحلت عنى و لم أستطع رؤيتها منذ تسبب بيت عمى لها فى ذلك الجرح .. و لكن كيف سأواجهها و من أين أبدأ ؟
و اختلقت حجة كى تكون لدىّ المبررات لطرق بابها و سأفتعل حيلة لدخولى إلى داخل شقتها ، فإن كانت بمفردها عرّفتها بنفسى لو لم تتذكرنى ، و ان كان معها أحد غير اولادها فسأنهى الموقف و أنسحب حتى حين .. كانت شقتها بنظام الايجار القديم شأن معظم بيوت الحى الذى كانت تعيش فيه ، و علمت أثناء المناورات أن صاحب البيت يحاول من آن لآخر أن يخلى البيت من سكانه بدعوى ترميمه بينما هو كان ينوى هدمه حتى يتخلص من معاناته مع بضع الجنيهات التى يحصل عليها أول كل شهر ..
أنا الآن سألعب دور المهندس المنتدب من الوزارة لمعاينة البيت ، و حتى تنطلى الحيلة ، سأتحدث مع ساكنى الدور الأول و الثانى ، حتى أصل الى الدور الثالث الذى تسكن فيه ..و بطاقتى تحمل الوظيفة - مهندس- لن أرهق نفسى كثيرا فى إثبات وظيفتى و سأطمئن الناس أولا بعدم قدرة صاحب البيت على إخلائه حتى لا يصيبهم الهلع من زيارتى ..
تم الفصل الأول بنجاح و بهدوء و بسرعة .. و ها أنا الآن أصعد إلى الدور الثالث ، و أقترب من رؤية هند ، أول فتاة احببتها ، تبقى دائما ذكريات المرة الأولى عالقة فى الذهن لا تمحوها الأيام .. و تبقى اول امرأة يحبها الرجل فى عينيه أجمل نساء الأرض .. كم اشتقت إلى رؤياكى يا هند !
الشوق بلغ أقصاه لرؤيتك ، هل ستعرفينى ؟ فلنترك التوقعات و للواقع دائما رأى آخر .. طرقت الباب و فتحت هند بنفسها ، و قدمت لها نفسى كما فعلت مع باقى السكان ، و طلبت المعاينة فأدخلتنى .. لم يكن هناك معها الا ابنها و بنتها فقط و كان هذا الحوار ..
انا :- ساكنين هنا من زمان ؟
هند :- آه بس عمرنا ما حسينا بالقلق من البيت ، البيت كويس لكن صاحبه طماع ..
انا :- الطمع فعلا وحش لكن ما تقلقيش .. حتى لو نجح فى خطته ، انا تحت أمرك يا هند ..
هند :- هند !! انت مين ؟ انا حاسة انى شوفتك قبل كده !
انا :- بصى لى كويس يا هند !
هند :- هيثم ! انت ، انت جاى تعاين بجد و لا ضحكت عليا ؟
انا :- اهدى يا هند ! انا بصراحة جاى علشان اشوفك ، انتى وحشتينى اوى ..
هند :- ايه اللى انت بتقوله ده ؟ عيب الكلام ده ، انا ست متجوزة ، من فضلك اخرج برة ..
انا :- انا يا هند اخرج برة ؟ انا بتعاملينى بالشكل ده ؟
هند :- اتفضل اخرج بدال ما اتعامل معاك بشكل تانى و افضحك ..
انا :- خلاص ، هامشى يا هند ، لكن انا كنت جاى و جايبلك حل لو صاحب البيت طردك .. كنت هاسكنك فى شقة اكبر مرتين من دى ، و فى مكان احسن من الحى ده بكتير اوى ، انا ماكنتش جاى اخ*فك و لا اجبرك على حاجة .. انا آسف انى حاولت اساعدك .. انا ماشى .
هند :- أستاذ هيثم !
انا :- نعم !
هند :- ثوانى بعد اذنك .. ممكن تستنانى بكره الساعة 9 الصبح فى آخر الشارع ده من ناحية الميدان ؟
انا :- ممكن ، انا تحت امرك يا مدام ..
هيثم :- متشكرة جدا يا استاذ هيثم .
و رجعت و الحسرة و خيبة الأمل تقطع فى قلبى ، لقد أنكرتنى ، كنت أعلم انها متعددة العلاقات ، لكنى ظننت انها لن تنسانى ، أو بالأحرى لن تقابلنى بهذا الشكل المتدنى ..
و فى الصباح انطلقت بسيارتى فى الموعد و فى المكان و انتظرت لحظات حتى رأيتها تحضر فى دلال و تمايل كما عرفتها ..
هند :- صباح الخير يا هيثم
انا :- صباح الخير يا مدام هند
هند :- هند بس
انا :- لا و على ايه ؟ خلينى اكلمك باحترام احسن المرة دى تعلى صوتك و تفضحينى ..
هند :- هههههههه ، انت زعلت منى ؟
انا :- لا زعلت و لا فرحت ، قولى لى رايحة فين ؟
هند :- مش انا اللى هاقول ، اختار انت مكان حلو و شيك زيك كده ..
انا :- ايه ده !!! ده انتى كمان هاتخرجى معايه !! ده ايه التنازلات دى كلها
هند :- ما ت**فنيش بقا يا هيثم
و اخترت أكثر الأماكن هدوءا و شياكة .. مقر إحدى شركاتى فى أحد الشوارع الهادئة الراقية .. وصلنا إلى مكتبى و طلبت من السكرتيرة أن تحضر لها المشروب الذى طلبته ..
و تحادثنا ..
هند :- انا كنت فاكراك هاتودينى كافيه أو مكان تانى غير هنا ..
انا :- لا يا ستى ، انا ما اضمنكيش
هند :- هههههه ما خلاص بقا ، انت عاوز تيجى لى البيت و ولادى موجودين و اكلمك ازاى ، ده الواد هيثم ابنى ده سوسة و ممكن يحكى لابوه على اى حاجة يشوفها ..
انا :- ابنك اسمه هيثم ؟
هند :- آه شوفت بقا ؟ كنت فاكر انى نسيتك .. ده انا كتير دورت عليك لحد ما تعبت ، كان نفسى تكون جنبى و تبقا انت نصيبى اللى حبيته و حبنى ، مش كده يا هيثم ؟ لسة بتحبنى ؟
انا :- طبعا يا هند بحبك ، انا كنت جاى لك عشان واحشانى ، انا كمان دورت عليكى كتير اوى ، كان نفسى الاقيكى باى شكل ..
هند :- المهم اننا لقينا بعض من تانى بعد سنين الفراق .. وحشتنى اوى يا هيثم .. تعالى بقا نخرج نروح اى مكان تانى غير هنا ..
انا :- طب تحبى نروح فندق سوا ؟
هند :- فندق .. لا .. انت فاكرنى ايه يا هيثم ؟ انا دلوقتى متجوزة و غصب عنى لازم اكون مخلصة لجوزى ..
انا :- ايه يا بنتى ؟ احنا هانروح مطعم فندق ، مش هانحجز اوضة ..
كنت ألمس الكذب فى كل كلمة نطقت بها هند ، و شعرت أن مجرد ذكر الشقة الهدية لها جعلها تغير موقفها الناكر المكذب لكل شئ كان بيننا فى يوم من الأيام ، كنت على يقين انها لم تسمى ابنها على اسمى و لكنها أرادت ان تبرهن لى على اقامتى فى عقلها و قلبها طوال هذه المدة ، و لكن لا مانع من هذا .. لقد ذهبت اليها لاراها و قد كنت اتمنى ذلك على مدى سنوات ، حتى و ان كانت كاذبة فأشواقى ستبرر لها كذبها ..
و ذهبنا إلى الفندق حتى حان وقت الظهيرة فاستأذنت للانصراف قبل عودة اولادها و زوجها ، و قبل ان تنزل من السيارة فى نفس مكان الذهاب ، أخرجت لها سلسلة ذهبية قيمة ، و بعدما أبدت إعجابها بها ، ادارت لى عنقها لألبسها إياها بنفسى ..
و فى اليوم التالى أخرجت لها مبلغا يقدر بآلاف الجنيهات ، متعللا بأنه لتشترى به هدية لأولادها .. فالتقطته من يدى و هى مبتسمة و يلهج ل**نها بعبارات الشكر و الإطراء ..
و بعد لقاءات بسيطة كانت تختلس ساعات اللقاء بينما كان زوجها فى عمله و اولادها فى مدارسهم ، سرعان ما اقتربنا أكثر و أكثر ، و ساعد فى ذلك ما كانت تناله منى ..
و حان يوم اللقاء ، و برغم معاناتى فى اقناعها باللقاء ، و الجهد الوافر الذى بذلته فى طمانتها و وعدها بأنه لن يتكرر ، و بعدما أسهبت فى ذكر عبارات الغزل ، أخرجت لها حفنة أكبر من المال .. فتظاهرت بالحزن و الخجل و همت بالانصراف حتى لا أظن أنها ع***ة تبيع الهوى بمقابل ..
اعتذرت لها و كنت خبيرا فى معاملة مثل تلك المرأة ، فكثيرا ما واجهتنى مواقف مشابهة و بالفعل نزلت من سيارتى و صعدت معى الى غرف*نا فى الفندق و كان اللقاء المحرم الذى أعادني ل ايام المراهقة
دخلنا الغرفة و ضممتها الى ص*رى فى حضن عنيف .
و شعرت معها من جديد بأن بحثى عنها كان فقط لأجل هذا اللقاء ، لا أريدها مرة أخرى ، و كأنى كنت أريد رؤية نفسى معها بعدما حنكتنى التجارب و زادتنى النساء خبرة .. و بعدما حان موعد الافتراق ، سألتنى :-
- صحيح دى آخر مرة يا هيثم ؟
انا :- انتى اللى طلبتى ده ، و انا مش هارجع لك كلمة .. ده تليفونى و عنوانى يا هند ، لو احتاجتى اى حاجة فى اى وقت كلمينى و بسرعة ..
هند :- طب بس راجع نفسك الأول ، انا تحت امرك تانى لو تحب ..
انا :- لا خلاص ، انتى دلوقتى ست متجوزة و بتخافى على بيتك وكفاية مرة بقا ، ما اكدبش عليكى انا كان نفسى اجرب مقابلة بيننا زى دى كده كل حاجة تدخل فى كل حاجة مش زى زمان ..بس زى ما قلت لك لو احتاجتى اى شئ كلمينى ، الا صحيح ، ابنك اسمه هيثم برضه؟
هند :- هههههه نبيه طول عمرك يا هيثم .. طب و الشقة اللى قلت لى عليها ؟
انا :- من عنيا الاتنين يا حبيبتى .. لو الراجل قدر يخرجكم او ما قدرش حتى وقت ما تحبى تاخديها كلمينى بس خليها لوقتها عشان جوزك ما يشكش فى حاجة و انا هابقا اتصرف معاه هو ساعتها .
هند :- تسلم لى ، هات بوسة بقا قبل ما امشى .
و كما كانت هند فى السابق أول نافذة تفتح امامى على عالم النساء ، كانت هى من جديد من يفتح الباب امامى على عالم الرذ*لة بعد مغادرتى له و نيتى عدم العودة .. لكننى عدت .. هان كل شئ فى عينى بعدما نقضت كل العهود ، و انغمست مرة أخرى فى عالم المتعة ..
و امام إلحاحك بالزواج تقدمت لإحدى المطلقات التى سبق لها الانجاب .. و لكننى و بنظرة الخبير فهمت من لقاءاتى بها قبل الزواج أنها لا تصلح أما لابنى ، أدركت بعقلى انها سبق لها الرذ*لة فما كان منى إلا أن صرفت النظر عن الزواج بها و واعدتها دون زواج ، كانت تظن انى صادق فى وعدى لها ، و لكنى بعدما تذوقتها هربت و تنكرت لوعدى لها ..
و صرت أشك فى كل امرأة أقبلت على الزواج منها ، و اصابنى التردد و عقلى فى التيه لا يرضى و لا يقتنع بأن هناك نساء يعرفن الوفاء ، فأعقد عليها ثم أؤجل قصة الحمل و الإنجاب حتى اتحقق من إخلاصها و كونها صالحة لأن تكون أم ابنائى ..
و كثيرا ما وجدت نفسى و مع أتفه المواقف أرى بأنها لا تصلح .. فى كل مرة تزوجت بغيرك كنت أبحث عنك انتى كأم لاولادى فإن لم أجدك فيها تخلصت منها و أتعلل امامك بأنها لم تستطع الحمل فى شهر او شهرين و انا لن اتحمل العيش معها أكثر من ذلك ، و الحقيقة أن ما مررت به من تجارب مرر حلقى و أظلم أيامى و جعلنى لا أرى النساء أمهات أبدا ، بل إنهن للمتعة فقط ، بينما الوحيدة التى كنت أريدها تنجب ابنائى للأسف لا تستطيع ..
............
وبعدما انهي هيثم كلامة
نظرت حنين إلى وجهه و الدموع تحاول التحرر من قيود كبريائها قبل جفنيها و هى تسأله عن فضيحته الأخيرة مع هيام ، كيف كان له أن يحاول التسلل إلى غرفتها عن طريق الشرفة و هو ليس فى حاجة لذلك ! رد عليها هيثم و هو ينتفض و يقول إننى لم أدخل من الشرفة و ما دخلت إلا من باب بيتها بعد مواعدتها لى..
هيام هذه مجرد موظفة فى إحدى الوزارات التى أسندت إلى شركتى بعض الأعمال ، و لأنى لاحظت اهتمامها بى و بالتودد و التقرب منى ، فاتحتها صراحة و عرضت عليها ما تريد فى مقابل العلاقة ، لكنها اعتذرت و ادعت أنها لا تزال بكرا و لا تريد أن تقيم علاقة فى إطار غير مقبول ..
و امام إلحاحها عرضت عليها الزواج حتى أستمتع بها ، و لكنها استعلمت عن تاريخى و تقصّت حكاياتى ، و انتظرت حتى تيقنت من محاولاتى المتكررة للوصول معها إلى السرير ففهمت انى إذا وصلت له سأتركها كما فعلت مع غيرها .. و عندما هددتها بتركها للأبد إن استمرت فى مواجهتى بالاعراض عن لمساتى و تحرشاتى خططت للإيقاع بى فى شرك الزواج بها قبل أن أنفذ تهديدى ..
واعدتنى فى تلك الليلة و اخبرت اهلها بما تنوى ، و حينما طرقت الباب وفق الاتفاق فتحت لى و أدخلتنى إلى غرفتها ، و ما هى إلا لحظات حتى وجدتهم يدخلون الغرفة ، و أوسعونى ض*با حتى تم إرغامى على الزواج منها ، و لكنى لم ألمسها و طلقتها فى اليوم التالى بعدما أخذوا منى كل ما أرادوا ، و لكننى لن أتركهم ..
ردت عليه حنين و هى تقول له تنتقم او لا تنتقم ، هذا شأنك ، أما انا و بعد كل ما سمعت منك ، فلم يعد لى مكان و لا صبر على تحمل ذلك التاريخ الأ**د و لا هذا الحاضر البغيض .. و لكن قبل ان أخرج من حياتك للأبد لى معك حديث أتمنى ان تستوعبه جيداً ..
إن الدنيا لم تكن جانية عليك فى شئ يا عزيزى ، موت أمك أو أبيك هذا قدر يجرى على الكثير من البشر ، و ربما كان دافعا لهم على ال**ود و الصعود فى الحياة ليكونوا فيما بعد مثالا و قدوة ، و ما كانت خطة نوال فى بداياتك لتكتمل لولا قبولك بالخطأ و الرغبة فى الوقوع فيه ، و ما كان تكراك للخطأ حينها إلا لأنك أردت ذلك و استطعمته ، فقل لى : هل من جناية الدنيا عليك كذلك أن تصر على الخطأ و تكرره إن كنت ترى انه خطأ ؟
هل كان قرارك بالعيش منفردا هو قرار الدنيا كذلك ، أم أنها كانت سطوة و تسلط من عقلك الصغير آنذاك حين أحسست برجولتك المبكرة فأردت أن تكمل الملحمة بالاستقلال ؟
هل كانت الخادمة العجوز مذنبة حين أرادت أن تمنعك أنت و صديقتك من السقوط حتى تنهرها و تجعلها تقرر الرحيل ، ليعلم بعدها سعيد الطباخ أنك ستفعل أى شئ امام الرغبة فجلب لك من تشبعها .. و للأسف تمتلئ المجتمعات بأمثال هؤلاء من أصحاب الأطماع فيستغلون أصحاب الرغبات من أمثالك ..
أعجبتك الرذائل حتى انغمست فيها إلى عنقك و صار كل همك ان تنال المتعة ممن تريد .. و تزعم أنك تحبنى .. أرى العجب فى زعمك هذا ، فالحب يا سيدى لا يعرف إلا القلوب النقية فيختارها لكى يسكن فيها و يحمى نقاءها أبد الدهر .. أما قلبك فأين له النقاء حتى يعرف الحب ؟ و أين للحب أن يتواجد فى قلب لم يكد يواجه الفرصة حتى يعود إلى مهاوى الرذ*لة من جديد ..
ما طلبت منك العبث بأجساد النساء و العودة إلى طبيعتك الدنيئة ، بل طلبت منك الزواج ، الرباط المقدس الذى ستنعم من خلاله بأسرة جديدة تجد فيها العوض عما لاقيته من حرمان معى فى ان تكون الأب الذى توهمت أنه كائن بداخلك .. و حتى هذا الحلم الذى يدب فى قلب كل رجل ، تنازلت عنه ، و استبدلته بأرخص ما تحتويه الأرض .. بالرغبة ..
أخبرنى إن كنت تقدر ، كيف ترانى انا أيضا بين النساء ؟ ألم تتحول نظرتك لكل النساء و تتبدل أفكارك لتراهم لا يصلحون لشئ إلا السرير .. و طالما الكل فى نظرك واحد ، فأنا كذلك لا أصلح إلا لما رأيت ، و لست أظن أنك تحتاج لهذا معى ، فلد*ك الكثير من النزوات فى انتظارك فانعم بما تريد ، أما أنا فحرام على جسدى مخدعك بعد اليوم .. لست أنا من تعيش مع رجل مثلك مزقت جسده أظافر النساء ، و ألهبته حرارة أجسادهن حتى تحولت بشرته إلى جلد حذاء لا يعرف الإحساس ..
قاطعها هيثم و هو يبكى مر البكاء و يقول : أنتِ !! أنت سيدتى و ملكة قلبى و عمرى و كل كيانى ، لو تحدثت عن النساء فإنى بالقطع لست أراكى بينهن ، بل انتى معنى آخر تخلل أنفاسى و غاص فى أعماق قلبى حتى تخلل دمائى و أوردتى .. أنتِ ، كيف تظنين أننى أراكى امرأة من الأساس ؟
ردت عليه حنين بصوت أكثر صرامة : لا تحاول التملص من عقيدتك هذه ، أنت من حكمت ، و أنا سأنفذ حكمك ، حكمت بالفرقة بينى و بينك ، كان لابد من المصارحة فى البداية قبل الارتباط و لتترك القبول أو الرفض ، كان لابد أن تنتبه حين أعطيتك الضوء الأخضر للبحث عن امرأة للزواج ، كان لابد أن تخبرنى بحقيقة نفسك و ذلك الخلل الذى تعانى منه .
رد عليها هيثم فى نبرة الخنوع و هو يقول : أنا حقا اعانى من خلل ، و لكنى كنت أتمنى أن تعالجيه أنتِ ، ابقى إلى جوارى و لا تتركينى أهبط إلى الأسفل أكثر مما هبطت بكل شئ .. لا تجعلينى أرى جناية الدنيا الحقيقية فى بعدك عنى .. حنين ، أعدك اننى ســــ
قاطعته حنين و هى تبتسم ساخرة :- عن اى وعد تتحدث ؟ ليس لك وعد و لا عهد ، أنت ستبقى دائما أنت ، و لا علاج سيفيدك ، و لو حاول كل أطباء الأرض أن يغيروا طبيعتك فلن يستطيعوا .. افهم نفسك جيدا حتى تعرف أنك لست مريضا حتى تطلب العلاج .. أنت مدرك جيدا لما تفعل و تستمتع به و تستمر فيه و لا ترجع عنه أبدا .. و مهما حاول القدر أن يصل بك إلى بر الأمان من نفسك فستختار بحر الرذ*لة لتكمل فيه رحلة نزواتك و رغباتك ، فاستمر فيه وحدك ..
أما انا ، فسوف ألملم جراحى و احاول استعادة ما ضاع منى بين يد*ك ، سأعود لنفسى من جديد و لن أقبل بالبقاء هكذا راضخة لسلطانك ، حريتى فوق كل شئ ، و خلاصى منك هو الطريق إلى النجاة و السلام ..
ثم دلفت حنين إلى حجرتها لتحزم امتعتها إيذانا بالرحيل ، تاركة زوجها فى حديثه إلى نفسه ، يسترجع كل الأحداث **تائر سوداء ليس فيها أى بريق إلا زواجه من حنين ..
كان يكلم نفسه كمن يكلم عدوه اللدود و هو يقول : بلغت من الدنيا كل شئ طلبته ، و أخذت من الحياة ما أريد لكننى لم أكن أبدا فى سعادة .. كان هناك دائما ما ينغص علىّ عيشى و يكدر صفوى ، فى كل مرحلة فى حياتى كان لابد لى من الكدر ، حاولت السعى إلى السعادة فى وجوه كثيرة ، و فى ملذات كثيرة ، و ما جنيت إلا الحزن ..
طافت بى الدنيا لتمنحنى كل ما حلم به شاب فى مثل عمرى ، لكنها حرمتنى من أغلى شئ ربما كان ليغير حياتى و يمنعنى من التخبط فى الطرقات .. حرمتنى من القناعة .. فما عرفتها فى عمرى ، و لا شعرت بها و قد كنت فى أمس الحاجة لها ، و لازلت ، و لربما تحرم الدنيا أهلها من أشياء كثيرة منحتنى إياها ، لكنها لم تحرمهم القناعة فكانوا ينعمون بالسعادة لأقل شئ فى أيديهم ..
ذات مرة استوقف*نى سيدة تطلب الاحسان و هى تبكى ، كانت تشبه امى إلى حد كبير ، رق قلبى لها و شعرت بحالها ، و عندما منحتها كل ما كان فى جيبى يومها نظرت إلىّ بدهشة ثم ظلت تدعو لى ، و بعد انتهائها من الدعاء قالت :- لن أسأل الناس بعد اليوم و سأسعى بهذا المال لإقامة مشروع صغير يغنينى عن سؤال الناس و يكفينى ما تبقى لى من أيام فى عمرى .. رغم ان المبلغ لم يتعدّ 2000 جنيه ، لكنها قنعت به و رضيت ، و كنت أظنها مثل غيرها تتخذ من الأمر حرفة ..
و أنا بعد تسول المتعة من النساء و بذلت كل غالى و نفيس ، قد نلت حنين من بين نساء الدنيا و هى تكفى ، و أقسم أنها درّة النساء ، لكننى لم أكتفى .. بل استمرت نفسى على طبيعتها حتى حانت الفرصة للانطلاق من جديد بعد عدة أشهر من ارتباطى بها ..
حقها ان تنجو من الحياة مع إنسان ملوث مثلى ، سأتحمل ما سوف يصيب قلبى من الألم فى فراقك يا منية القلب ، و لكننى لن أسامح نفسى أننى كنت يوما سببا فى حزنك العميق .. و لو عدلتى عن قرارك سأكفر عن كل خطأ أخطأته فى حقك و فى حق نفسى ما بقى لى من حياة ..
و منذ اليوم سأعلمك القناعة يا نفسى ، و لو كان المال هو ما أفسدك فسوف أتركه و أعيش مثل غيرى من أبناء جيلى أكدح و أشقى حتى أسد كفاف نفسى .. و لتكن رحلتى القادمة إلى نفس نقية طاهرة ، لا تعرف النهم و لا الجشع فى أى أمر .. و لتكن حياتى القادمة لا تحمل الرغبة و لا النزوات .. يكفينى من دنياى ما قد كان .. يكفينى من دنياى ما كان .
فتحت حنين باب غرفتها و هى تحمل حقائبها فى يدها ، وقف هيثم ينظر إليها و عيناه تمتلئ بالاستعطاف و الاسترحام ، و هى لا تنظر إليه .. و انطلقت نحو باب الخروج ، نادى عليها بصوته الباكى و هو يقول :
حنين ، حبيبتى ، ما تسيبينيش .. أرجوكى ، عاقبينى بأى شكل إلا الفراق ..
التفتت إليه حنين و الدموع تغرق عينيها ثم ساد ال**ت بينهما و ملأ أرجاء المكان ..
#تمت