شعرت بالصدمة الشديدة مما فعله وأنفاسها تتسابق كي تحاول الوصول لوتيرة طبيعية وبالكاد هدأت ولكنها شعرت بكلتا ذراعيه يطوقاها أسقل هذا الغطاء وجسدها عاريًا وبمجرد هدوءها مرَّ عليها كل ما حدث منذ قليل لتجد نفسها لا تشعر سوى بالإهانة!
تصنع الأنفاس المنتظمة وكأنه قد نام بالفعل بينما رأسه تستشيط من كُثرة ما توصل إليه.. اندفع وتسرع ويبدو كالاهث ليحصل عليها وعلى رضوخها بأي طريقة، هذه المرة الأولى له في حياته أن يكون بمثل هذه الحماقة وكأنه مراهق بالخامسة عشر من عُمره!
هي لا تقبل كل هذا، وهو عليه التوقف عن جنونه، تارةً يبدو منزعجًا من اللا شيء، ثم غاضبًا، وبعدها ابتسامات وعشاء راقص.. تحكمات وتسلط طوال الوقت كالسلطان الملعون! ما تلك ا****ة التي يفعلها بها؟!
اعتدلت على جانبها الآخر لتنظر له وهي تحاول أن تتخلص من ذراعيه حول خصرها ولكنها لم تنجح في فعلتها لتمتعض ملامحها أكثر بمزيد من الغضب بداخلها ثم حدثته بلهجة آمرة:
- عمر! هل نمت؟ استيقظ نحن علينا التحدث بكل شيء!
فتح عينيه في ثوانٍ ناظرًا لها بثبات ليتحدث ببرود وسألها هاكمًا:
- لماذا عليكِ الجدال بكل شيء؟ ألم أقل أن عليكِ النوم الآن؟ لماذا تصعبين الأمر على نفسك؟
رفعت حاجبيها في اندهاش وقبل أن تتكلم سبقها:
- لن تستمعين لأي كلمة مني إلا عندما نستيقظ.. لا أكرر كلماتي!
حاولت دفعه كي يبتعد عنها أو حتى تتخلص من يديه التي ازدادت قوتها كلما حاولت الفرار ولكن دون جدوى وبالرغم من أن الرضاء بداخله يزداد لإستشعاره معاناتها ولكنه لن يحصل بما يفعله سوى على المزيد من عصيانها فأجبرها على الإلتفات من جديد ثم همس بأذنها ببطئ ونبرة دافئة:
- منذ اليوم الذي رأيتك به وأنا أردتك كزوجة لي.. كي تُبقي معي دائمًا.. لن أرفض أن نتحدث عن كل ما يجول برأسك ولكن الآن اذهبي للنوم.. أعدك عندما نصل سنتحدث مثل ما تريدي.. أنا مُرهق للغاية.. لم أنم منذ ليلة أمس بتأثير قبلتكِ صغيرتي.. ولا أريد أن تكون أول مرة لكِ في هذا الفراش.. تحلي ببعض العقل وانتظري عودتنا فكل ما تفعليه بمحاولاتك للفرار مني لن تُفلح.. أنا أود البقاء بالقربِ منك.. لا أريد الإبتعاد!
من جديد تمزق عقلها بكلماته وكأنها تستمع لكل كلمة ونقيضها! ما هذا الذي يقوله؟ يريد أن يعاقبها؟ يريد أن يبقى بجانبها، يريد أن يكون زوجها ومعها دائمًا.. ما كل تلك التراهات وكل ذلك التشتت الذي لأول مرة تشعر به في حياتها؟
انهمرت احدى دموعها في صمت ولا تدري لماذا هو هكذا، لقد كان منذ قليل يداعبها ويتودد إليها وفي لحظة كل شيء تغير من تودد إلي تسلط شديد من قِبَله، كم كان صعبًا عليها هذا الرفض الذي يرفضها خلاله وبمجرد تذكرها لما فعله منذ قليل شعرت بغضاضة داخلها وغصة ابتلعتها رغمًا عنها وهي بين يديه..
أي رجل يريد أن يُعامل زوجته بكل هذه القسوة؟ ولماذا؟ فكرت لماذا عاقبها لذلك السبب التافه وهما حتى ليسا بمنزلهما، منزل ماذا الذي تُفكر به، هي لم تفعل شيئًا من الأساس!! أقصى ما يُمكن لشخص أن يفعله هو الغضب من طريقة حديثها ولكن ليس عليه أن يجلدها بحزامه!!
ولماذا أخبرها بألا تُخبر أحدًا عن عودتهما؟ هي تتذكر تلك الكلمات جيدًا!! شعرت بالإشتياق لوالدتها، تتمنى أن تحتضنها وتجلس معها وتمازح أخيها الصغير، لماذا يفرض عليها ألا تخبرهما بعودتها؟
ابتلعت بقهرٍ ولم تتخلص بعد من تواجده ملتصقًا بها لتشعر وكأنها تريد الفرار من هذا الزواج الذي قبلت منه منذ البداية، وكأن كان لديها الإختيار!!
تن*دت بوهن وهي تتذكر أُسرتها، يا ليتهم الآن يعلموا ما يحدث لها مع هذا الرجل، هي تعلم أن والدتها لن تتهاون في شأن تلك الأشياء التي تسأل عنها كل أم، فهي ابنتها بالنهاية وقد تزوجت للتو، تعرف وتتيقن أنها ستستفسر عن تلك الأوقات الحميمية بينهما، يا للسخرية، أتخبرها أنهما فعلاها بإستثناء القليل!! أم تُخبرها أنه رجل يريد عقابها أولًا كي يقترب منها مثل أي رجل يقترب من زوجته!
تتذكر أنها كانت تلميذة جيدة، تتذكر ذهابها بعد انتهائها من جامعتها لتداوم على العمل مع والدها، كما أنها تتذكر كل تلك الأوجه والمواقف التي تعرضت لها مع الكثير من الناس، ولكن أن تكون تعرضت لرجلٍ مثل هذا السلطان الملعون الذي يجبر جسدها على عدم التحرك بكل كلماته التي تتناقض وتشتتها هي نفسها.. لم يحدث أبدًا!
عليها إذن انتقاء كلماتها بعناية وهي تُحدثه، عليها الفرار بأي طريقة سلمية منه بأي شكل من الأشكال.. إمّا هذا وإما عليه التوقف عن حمقاته معها!
حاولت أن تنام ولكنها لم تستطع، ولم يفعل هو الآخر.. كل منهما يُفكر فيما حدث له، تسرعه معها ليس بمنطقي أبدًا، لم يحدث سوى معها، هو منذ رؤيتها وهو يعلم ما الذي دفعه لتملكها، ربما زواجه منها كانت الطريقة الوحيدة ولكن إلي الآن لم يحدث ما يرغبه منذ البداية..
ظن أن جفاءه وحديثه معها وطريقته في فهم من أمامه ستُمكنه أن يُقنعها بما هو عليه، أمّا تلك القبلات والرقصات وكل مرة اقترب منها، هذا هو متأكد أنه لم يفعله سوى في لحظة من إرادتها كأي رجل يرغب بإمرأة!
هل ملامحها تجدد بداخله مشاعر ما لا يستطيع التعامل معها بعد؟ هل ايقظت بداخله شيئًا ما حتى تتغلب عليه وتجعله يندفع دون تفكير مُسبق وينصاع لتلك الرغبات الطفولية بمجرد الإقتراب منها؟ الأمر يخرج عن سيطرته يومًا بعد يوم وعليه أن يضع نهاية لذلك!
هناك شيئًا هو لا يفهمه بعد، وبالطبع هي لا تمتلك الخبرة الكافية لتفهم ما يمر به.. حسنًا.. هو دائمًا لديه حالة من العُزلة، الأمر يُقارب موجة اكتئاب دائمة يتخللها موجة خفيفة من بعض الإبتهاج، لو كانت سلطت تركيزها قليلًا على كيفية معاملته لها لكانت رآت الكثير وفسرت تصرفاته الغريبة، فمنذ معرفتها به لم يكن بمزاج معتدلًا سوى بآخر ثلاث أيام..
ربما تظن بعد بحثها أنه سادي أو قد تعتقد حقًا أن هناك من يُسمى بالمُسيطر، تعددت تلك الأسماء الغريبة ولكن يبقى بداخلها غُصة أن تتقبلها.. وربما يظن هو أن وحدته وعزلته تضيف له وتُ**به المزيد من الشأن والغموض.. ولكن الأمر لا يزال مُبهمًا لكلاهما!
وما لا يعرفاه كذلك أنه على وشك الوقوع بموجة غضب شديدة تجاه نفسه أولًا، وتجاه كبريائها ورفضها لكل ما يقوله، فهي تستطيع إشعال نيران الغيظ بدمائه بمنتهى السهولة، ولكن يبقى تساؤله، هل هذا لتواجد الشبه بين كلتاهما أم أن هذا الأمر وحده تختص به هي دونًا عن سائر النساء!
⬢ ⬢ ⬢
شعرت بلمسات على جسدها لتستغرب مما يحدث لها وهي تحاول أن تستيقظ، فربما وقعت في النوم بعد الكثير من التفكير لتلتفت بغتةً ووجدته يُعيد ثوبها عليها لتتعجب كيف ومتى سيطر عليها النعاس لتجده يمددها على الفراش ثم اعتلاها وهو يتفقد ملامحها بطريقة غريبة للغاية عليها وهمس أمام شفتاها:
- هيا قد قاربنا على الهبوط، عليكِ الإستيقاظ..
كانت لا تزال تُعاني من محاولة الإستفاقة ولكنه فاجئها بتقبيلها بهدوء شديد ونعومة تقسم أنها سلبت أنفاسها وبالطبع لم تكن من هذا الرجل الذي تصرف بهمجية قبل نومها وعندما فصل قبلتيهما تفقدته بأعين متسائلة ولكنه أزاد من إصابتها بالمزيد من التشتت وهو يهمس بأنفاس دافئة:
- أريدك بشدة! لو أن الوقت والمكان مختلفان لكنت فعلت أشياءًا أخرى تمامًا!
سرعان ما تركها ونهض مغادرًا تلك الكابية التي أُسست كغرفة نوم لتنهض جالسة وهي تستند على يديها وتتفحصه بتعجب لتصل داخلها أن هذا السلطان الملعون مجنون أيضًا.. كيف يُريدها؟ كيف وهو منذ ساعات كان يقسو عليها؟ من هذا اللعين؟!
شعرت بأن رأسها على وشك الإنفجار من كثرة التفكير ولكنها نهضت وتبعته وما إن جلست بمقعد الطائرة حتى شعرت بالآلم الطفيف فهو لم يكن شديدًا مثل أول مرة، فأستطاعت تحمله وهي تحبس أنفاسها وسرقت بعض النظرات إليه لتجده ساقطًا في حالة من الصمت والشرود!
هذا أفضل على كل حال من أن يتحدثا بالتراهات، هي فقط عليها بمجرد الوصول الذي أصبح وشيكًا أن تُغادره.. انتظرت بصحبة تلك الأنفاس المحبوسة إلي أن يصلا وبمجرد ما حدث كانت هناك خدمة خاصة منتظرة أمام الطائرة التي تُقل المُسافرين ذوي الشأن لتدخل بالسيارة على مضض وبالفعل أوصلتهما إلي قاعات الإستقبال!
وجدت رجل متقدمًا في العمر يتجه نحوه ثم تحدث الرجل بطيبة بالغة ورسمية:
- مرحباً بك سيد عمر.. مبارك لك..
أجابه بإبتسامة تعجبت لها هي كثيرًا فهي لا تراه يفعلها:
- شكرًا لك..
مشيا سويًا ليغادرا للسيارة لتهتف هي به:
- انتظر.. أنا كنت أريد العودة لمنزلي، لقد اشتقت لوالدتي..
أعطاها نظرة بطرف عينيه وهو يومأ لها بينما عقب ببرود:
- سيحدُث، ولك ليس الآن!
ضيقت ما بين حاجبيها لتجده يُمسك بيدها بقوة ثم قام هذا السائق بفتح الباب لهما لتدخل هي أولًا وهي تشعر وكأنها تُساق مُجبرة لمكان ما وسرعان ما دخل هو الآخر بجانبها وانطلقت السيارة التي كان مُبالغ بها بعض الشي لتجده فجأة يُخفض الحاجز الفاصل بينهما وبين السائق ليُعطي تعليماته ببروده المعهود:
- سنتوجه لمنزلي، ولا أريد أن يعلم أحد بعودتي، هل هذا مفهوم؟
اجابه الرجل بود:
- لا تقلق بُني..
ابتلعت وهي لا تدري لماذا يذكر هذا الأمر مجددًا، بل ولماذا على السائق أن يُخبر إلي أين سيذهب؟ فكرت هي بتلك التساؤلات التي طرحها عقلها بينما رد هو بهدوء:
- شكرًا لك محمود!
رفع الحاجز مرة أخرى وقررت هي التوقف عن سكوتها الذي استفزها هي نفسها:
- اسمع عمر أنا لـ..
قاطعها وهو يجذبها من خصرها نحوه بعنف غير مُكترثًا لما ستقوله فنظرت له بتعجب على ما يفعله ليبدأ هو في الحديث:
- اسمعي أنتِ، سنتناول الطعام ونحن نتحدث بكل شيء، حتى لو أردتِ أن تبدأي بالحديث الآن فلكِ هذا، ولكن لن يمر اليوم سوى ونحن على اتفاق بكل ما سيحدث بيننا.. ولكن جاوبي سؤالي التالي، ولا تدعيني أُكرره، لماذا لا تقبلي عقابي؟
تفقدته وملامحه تبدو غريبة للغاية، هذا ليس المحامي الذي رآته أول مرة بحُلته الرسمية، نبرته وحديثه وإلقاءه للأوامر بدأ حقًا في أن يُسبب الإرتباك لها!
رطبت شفتاها وهي تحاول الإبتعاد عنه وأومأت بالنفي ثم اجابته:
- أنا لا أريد التحدث الآن، ربما بعد عودتنا..
فكرت بداخلها أن تبحث بحقيبتها عن هاتفها كي تراسل من يُقلها من منزله وأخذت تتفقده بيدها ولكنها لم تجده لتبدأ في النظر بتفحص ليأتي صوته المتسائل:
- هل تبحثين عن شيء؟
التفتت له بعفوية واجابته:
- نعم.. هاتفي.. أنا لا أجده!
ابتسم بزهوٍ لتتعجب أولًا ما سبب ابتسامته ولكنها سرعان ما أدركت أن ذلك اللعين قد أخفى هاتفها لتصيح به:
- أين هاتفي عمر؟ وبأي حق تبحث بحقيبتي؟
هز كتفاه بمنتهى الأريحية وقال بتنهيدة ببرود يحمل الشماتة:
- حقيبة زوجتي.. ماذا لو حصلت على هاتفها.. هذا حقي على كل حال! ما يخصك يخصني أنا أيضًا..
شعرت أنها كادت أن تصرخ من كثرة غيظها ووضعت يديها لتخلل شعرها الذي قاربت على اقتلاعه بكلتا يديها وزفرت حانقة ليضيف ببروده:
- زوجتي لا تُعاملني بهذه الأخلاق، راقبي تصرفاتك عزيزتي، ستعاقبين عليها بأكملها!
التفتت له بغضب لتصرخ وهي لا تكترث ما إن كان يستمع لهما هذا السائق أم لا:
- أتعلم.. لقد اكتفيت من حماقتك! بأي لعنة تناديني زوجتك! أيُها اللعين الهمجي المُتخلف.. تريد أن تجلدني كالح*****ت ثم تطلق علي زوجتك! بأي حق!
ارتفع لهاثها المستعر بلهيب الغضب لتتحدث بإشمئزاز:
- ليتني وافقت على أي لعنة ولم أتزوجك.. ليتني شاركت عمي بما أملكه أو حتى تزوجت من ابن عمي فهو يبدو رجلًا أفضل منك.. على كل حال لم يقم احدهما بمُعاملتي واهانتي مثل ما فعلت أيها الحقير! تبًا لك ولهذا الزواج وسأحصل على طلاقي منك عُمر شئت أم أبيت!
التفتت لتنظر أمامها وهي تعقد ذراعيها بينما لم يُحرك ساكنًا وانتظر بمنتهى الهدوء المبالغ فيه إلي أن وصلا بينما أخذ يستمع لتلك الأنفاس اللاهثة المتحفزة لمزيدًا من الجدال وبمجرد توقف السيارة ترجلت هي منها آخذة خطوات مُسرعة لتدرك أنها ستسير للكثير فهما قد وصلا لذلك المنزل الغريب الذي التقيا به من قبل فما كان منها إلا أن توقفت على مضض وبداخلها تحترق غيظًا!
تابعها بثاقبتيه في هدوء وهي تسبقه بعدة خطوات ثم استمعت له يُطلق صافرة حتى آتاه برق يجري بسرعة شديدة حتى شعرت بالخوف من الحصان وأخذت تتراجع شيئًا فشيئًا بسبب خوفها من هذا الكائن إلي أن وجدت نفسها على وشك الإختباء خلفه كي يحول بينها وبين حصانه..
ابتسم على خوفها بتهكم وهي ترمقه بنظرات مختلطة بين الغضب والإحتقار بل والخوف ولكنه اتجه للأمام قليلًا بعد أن توقف حصانه ليمتطي حصانه ثم قدم يده لها وقال بدون مشاعر:
- لا تخافي!
رفعت نظرها إليه بغل قد تملك كل ذرات دمائها بعروقها وقام يجذبها أمامه فواجهت صعوبة بسبب ثوبها الضيق الذي ترتديه مما اجبرها أن تجلس بوضعية تُلائم الثوب فهي أصبحت تلمح جانب وجهه كما يفعل هو الآخر لتغمغم حانقة دون أن تنظر له:
- حصان لعين! نحن نقوم ببرمجة الحياة بأكملها بعدة أكواد ونستخدم الحواسيب وأنت لا زلت تستخدم الحصان للذهاب لمنزلك.. هل أنت بالقرون الوسطى وأنا لا أعلم!
لم يأبه لأي مما قالته ثم انطلق مُزيدًا من حدة سرعته لتشعر هي بالخوف الشديد من تلك السرعة وشعرت وكأنها أوشكت على السقوط فلا هو يُمسك بها وهي لا تجد ما تُمسك به..
تسارعت وتيرة أنفاسها لتقول بخوف:
- عمر.. قلل من سرعة هذا الكائن ..
لم يفعل ولم يرد مُعقبًا لتجد هي أنها حقًا تشعر بالذعر ما إن سقطت فالتفتت ناظرة له:
- سأسقط أيها الو*د! أتريد أن تقتلني..
لم يذهب صوب البيت مباشرة وأزاد من سرعته لتصيح هي بتوسل:
- عمر أرجوك أنا حقًا بالكاد استطيع الجلوس على هذا الشيء!
نظر له بتشفي ثم آمرها بهدوء:
- اعتذري!
عقدت حاجباها وهي تتفقده وبنفس الوقت هي على وشك السقوط لتصرخ به:
- اعتذر على ماذا الآن، أنا اخبرك أنني سأسقط لا محالة..
رمقها برضاء لرؤية خوفها وحدثها بإبتسامة تحتقن غضبًا لاذعًا فهو لم ينس كل ما تفوهت به منذ قليل بالسيارة بعد:
- على تحدثك بتلك الطريقة التي تفتقر للآداب..
ازاد أكثر من السرعة ليُضيف محذرًا:
- أنتِ بالفعل ستسقطين إن لم تعتذرِ
تفقدته في غير تصديق لما يقوله ليدفعها بيداه كي يخيفها:
- أو سأفعل أنا..
استمع لصرخاتها الخائفة لتصيح:
- حسنًا حسنًا اعتذر لك.. ابطئ من سرعته أرجوك!
أضاف وهي تظنه لا يمزح بل يقوم بدفعها:
- أنا آسفة سيدي! هيا.. هذا ما أريد أن استمع له! وعلي التيقن خلال اعتذارك أنكِ تُعنيه وصادقة به بعد ندمك على ما فعلتِ
رمقته في تعجب مصحوب بالذعر بل ولقهرها بأنه يُجبرها بمثل هذه الطريقة ليزيد من حدة دفعه اياها لتصرخ به:
- آسفة سيدي!
جذبها ليُحكم من يديه عليها وحقًا لم ير ذلك الرضوخ الذي يُريده ولم يُعجبه ما نطقت به ولكن على كلٍ سينتهي عنادها هذا الآن!
توجه نحو البيت بينما هي شعرت بالغضاضة لتصرفه هكذا وتملكتها مشاعر تدفعها للبكاء بينما هو لا يرى أمامه إلا جسدها الدامي بفعل يديه ويتحرق أن يصل لكل ما يتخيله بأي لحظة الآن!
هناك بعض الرجال عندما يصلوا لحالة الملل من كثرة الجدال والمناقشة لا يكون لديهم حل سوى التصرف بالإجبار، وهذا تمامًا ما سيفعله، ربما منذ قليل كان يريد التحدث ولكنها استنفذت كامل صبره بكل ما فعلته بالسيارة!
ترجل من على حصانه بعد أن أوقفه على عجل وشعرت وكأنها في مأزق ولكنه توجه جاذبًا اياها من خصرها بهرجلة وبمجرد لمس قدميها للأرضية ارتفعت احدى يديه لتُمسك بشعرها ثم جذبها بقوة منه للداخل لترفع كلتا يداها في محاولة أن تتخلص من جذبته لها وصرخت لما يفعله بها ولكنه لم يُعطها الفرصة عندما دفعها لأحد الجدران وهمس بأذنها:
- ما الذي لا تفهميه بالأمر؟ ما الذي تظنيه عندما نطقتِ بكلماتك تلك أثناء عودتنا وحتى قبلها؟ ألم أقل لكِ آلاف المرات أنني لست الرجل الذي سيقبل أن تتحدث له زوجته بهذه الطريقة؟
لماذا تصممين على فعل كل ما لا يُرضيني؟ كم من مرة قمت بتنيهك؟ هل تفعلين ذلك وأنتِ تُبيتين النية أن تعاقبي؟ وا****ة، أجيبي!
جذب شعرها أكثر لتتآوه بفعل مسكته القوية وتحدثت مجيبة بين أسنانها المُطبقة آلمًا وقهرًا:
- لأنك غريب وتدفعني للغضب وتقترب ثم تبتعد وكل ما تفعله معي منذ البداية لا يترك لي سوى الغضب والغيظ من كل تصرفاتك المُريبة! ابتعد عني واتركني وشأني عُمر.. هذا الزواج لن يستمر أبدًا! لن استطيع أن أُعامل بمثل هذه الطريقة، لا أقبل أي مما تفعله!
ارغمها على الإلتفات وحدقها بأنفاس لاهثة من كُثرة غضبه بينما قابلته هي بنظرات ثابتة لا ترتجف سوى لتلك الإهانة التي تتلقاها على يده واستمرت في مقابلة عينيه بنظرات الرفض الجلي ليصفعها بقوة!
رفع يده من جديد ليُمسك بشعرها بينما حاولت هي أن تصده أو تفر منه ولكن لم يسعها لإختلاف قوة كل منهما ليهدر بصوته متنفسًا بأنفاس سريعة من شدة غضبه لإستفزازها اياه:
- لا تريدين الإستمرار بهذا الزواج، حسنًا، هل فكرتِ للحظة لعينة واحدة من الذي تزوجك.. هو نفس ذلك الرجل الذي منع الجميع عن التعامل معكِ بقضيتك التافهة أمام تزوير عمك القذر!!
هو نفس الرجل الذي تحكم بجميع المحامين كي لا يترافعوا لكي.. وهو نفس الرجل الذي لن تحصلين منه على الطلاق سوى برضائي التام! ولن تجدي أي لعين يستطيع أن يتخطاني ليساعدك على الأمر!
حاولت أن تدفعه بعيدًا ولكنه لم يُعطها الفرصة وأقبل أكثر نحوها لتتساقط دموعها من تلك الكلمات التي صرح بها بينما تابع بهمس أرعبها:
- هل فكرتِ للحظة واحدة بما سيُقال لو حدث وطلقتك الآن؟ عمر يزيد الجندي يُطلق زوجته بعد أقل من اسبوعان على عُرسهما.. هل تظنين أن الجميع سيرحمك، هل تظنين أنني لن اتدخل حتى يبدو الأمر وكأنك إمرأة ساقطة كانت على علاقات مُتعددة بالرجال؟
احتلت الصدمة بصحبة آلام رأسها بسبب جذبه لشعرها، وجهها بالكامل.. لم تُصدق بيومٍ أنها ستتزوج من رجل بين يوم وليلة يتحول ليُهددها بفضيحة لم تحدث من الأساس، هي لم تكن يومًا بع***ة، أسيصل به الأمر لفعلها حقًا؟
نظر إليها وقد بلغ غضبه السماء السابعة بسبب استفزازها إياه بتلك الكلمات ولن يرأف بها اليوم، ولن يقبل سوى رضوخها بأي ثمنٍ كان، حتى ولو بتهديده اياها بما لن يحدث بالفعل!
ابتسم لها بشر وتابع همسه ليُذيقها مرارة رُعبها الذي استطاع فهمه بسهولة كلما تحدثت له وطرق بعنف على نقطة ضعفها:
- ألست خائفة من الفشل؟ أن تنظر والدتك لإبنتها المطلقة بعد عدة أيام فقط من زواجها برجل عظيم الشأن تتمناه الكثيرات؟ ماذا عن اخيكي الصغير؟ ألن يسألك ولو لمرة ما حدث بيننا بعد أن اتركك؟ ألم يخطر على بالك أن أُفسد عملك بأكمله بسلسلة من البلاغات التي استطيع بمُنتهى السهولة أن ابنيها على احداث ستُدين اعمالك بأكملها؟ كم أنتِ غ*ية وأنا كنت مُخطئ ظانًا أنكِ على قدر من الذكاء الكافي كي لا تعبثي معي..
رمقته بقهر وهي لم تعد تُطيق اقترابه وانهمرت دموعها لكل ما تواجهه، لأول مرة بحياتها يُقابلها رجل بمثل هذه القسوة والعنف، لأول مرة ترى كل ما تراه على يده، صدمة وخوف وفشل وشعور بالذعر الدائم منه وخاصةً بعد تلك الكلمات.. هل له أن يفعلها حقًا؟ هل هذا ما قد يحدث لو حصلت على الطلاق منه؟
وجد تلك الترددات الممتزجة بالخوف بعينيها وشعر بتراجعها أخيرًا عن تلك الصلابة التي تتعامل بها ولمح طيفًا للإن**ار بعينيها ليجيب تلك التساؤلات التي فهمها بسهولة من عينيها:
- هل نسيتِ ما حدث؟ أول ليلة أخبرتك بشأن الزواج، تصلبت تلك الرأس اللعينة وأطحتِ بكلماتي ولكنكِ أتيت لي بقدماكِ وقبلتِ بالزواج.. بعدها تناقشنا وتحدثنا وأخبرتكِ أننا إما نظل كما نحن دون تعامل أبدًا وإما نخوض هذه التجربة وبعدها تستطيعي طلب الطلاق أو أي لعنة تريديها.. والآن احذركِ، كما فعلت بالسابق أستطيع أن اكرر الأمر من جديد.. فقط فكري! إمّا النجاح بهذا الأمر بعد تجربته وإما ترفضين الأمر برُمته بعد التجربة..
ابتلعت بإرتباك ولم تتوقف دموعها ليهمس لها بفحيح مُربك جعلها تشعر بالمزيد من الخوف:
- أنتِ لا تملكي هاتفك ولا حاسوبك، لن تستطيعي التحدث لأحد، لن تجدي ملجأ مني.. اجلسي وحدك، ساعتان، فكري جيدًا، أمامك ثلاث اختيارات..
ولكن قبل أن تختاري تذكري كل ما أخبرتك أن تتبعيه، كل ما آمرتك به، كل ما أريدك أن تلتزمي به، كل كلمة غادرت شفتاي، كل تلك القواعد التي وضحتها لكي، حتى أشعر بالإختلاف التام بكِ.. لأن تلك المرأة سليطة اللسان ذات الصوت الصارخ لو رأيتها بكِ سأعذبها أشد عذاب..
ستأتي لي بغرفتي بعد تفكيرك مليًا حتى نحاول إنجاح الأمر..
أول اختيار لكي هو الإدعاء والكذب بالموافقة الشفهية فقط، وقتها لن أرحمك وسأتمتع بعذابك لو تيقنت من أنكِ كاذبة وسؤذيكي بما لا تستطيعي تحمله.. وإمّا تستطيعي بالطبع المغامرة أكثر وترفضين وألا تأتي، هذا هو اختيارك الثاني، لو كنت تريدين الإنفصال الآن واليوم حتى بعد مرور الساعتان، لكِ هذا، ولكن ثقِ بي، لن تتملكني ذرة من الشفقة تجاهك أنتي وعملك وأُسرتك! وكوني على أتم الإستعداد لمواجهة ما سيحدث.. لن أرحمك وقتها!
ويبقى أمامك الإختيار الأخير، الثالث، ألا وهو أن تخوضي التجربة بمنتهى الرضوخ والإذعان حتى أشعر بمصداقيتك وألمس طاعتك لي بكل تصرفاتك، بكل ما فيها من كلمات ونظرات وتنفيذ لكل ما أقول، وبعد أن نفعل، وبعد أن نجرب هذا الإختيار، سأُطلقك إذا لم يُعجبك الأمر..
ضيق عليها الخناق واهبط يده تاركًا شعرها ورمقها بنظرة ثابتة اجفلت ثنايا قليها لتختار أن تشيح بنظرها بعيدًا عنه ليهمس بتأكيد وهو يتفقد ملامحها الباكية في رضاءٍ تام:
- أيًا كان اختيارك، اياك وأن تواجهيني سوى بإحترامك التام، تلك الكلمات التي تتحدث بها الساقطات التي تغادر فمك دائمًا لا أريد سماعها..
تنفس الصعداء بعد شعوره بإستعادة هيمنته على إمرأة من جديد وطغى بداخله الرضاء على رؤيتها تلتصق بالجدار خائفة مرتعبة بفعل عدة كلمات فقط لترتجف شفتاه إلي احدى الجوانب بطيف ابتسامة تكاد تكون منعدمة وبعد إلقاء نظرة أخيرة ليحفظها برأسه عن مظهرها الذي يبدو مثالي الآن تركها وغادر خالعًا سترته عنه!
⬢ ⬢ ⬢
عينيها مُسلطة على تلك الساعة أمامها وهي إلي الآن لا تزال تحت وطأة الصدمة، الإهانة، الإندهاش من أن هناك رجُلًا يعامل زوجته بمثل هذه الطريقة..
عنف وقسوة وإجبار وثقة لاذعة بأنه يستطيع بمنتهى البساطة أن يُظهرها أمام العالم بأكمله بطريقة قد تقتلها كل ثانية تمر عليها لو استمعت لمجرد شخص يُلقبها بأنها فتاة سيئة السُمعة، أو أن الرجل الذي تزوجها اكتشف أن لها علاقات مُسبقة!
اصطدمت احدى دموعها بملابسها بعد أن هربت من وجهها ومجرد تخيل الأمر بمصاحبة خسارتها لعملها وتأثير الأمر على أُسرتها بل وعليها هي نفسها قد يدفعها للإنتحار! لقد كانت لسنوات تعمل على النجاح ويأتي هو الآن يهددها أنه سيُدمر حياتها؟
ابتلعت ملوحة بُكائها هي تتخيل ملامح والدتها وقت أن تُبلغهم بالأمر، هي أول من سيُدافع عنه بالطبع لأنها رآته يبدو كأحدى الملائكة، لن تُصدق ولو حرفًا مما حدث، وستظن أنها لم تحتمل الزواج لأنها ليست لديها الوقت الكافي له وأن كل أولويتها هي العمل، بينما نظرة والدتها في النهاية ستبقى كما هي.. الفتاة لابد لها من أن تجد زوجًا جيدًا وتتزوج منه ويُنجبا ويعيشا في سعادة، مثلي أنا ووالدك!!
من سيُصدق أن ذلك الرجل المرموق يصفع إمرأته ويتجبر عليها بقسوته ليذيقها الذل والمهانة!! هي حتى نفسها لا تُصدق أن رجل مثله موجود بنفس الحياة ويتنفس نفس الهواء الذي تتنفسه هي.. منذ أيام، فقط أسبوعان، لم تكن لتُصدق هي لو أحد اخبرها بالأمر..
العقارب اللعينة تمر وهي تتذكر كلماته، هي تتذكر تحديدًا بما واجهته معه منذ قليل طريقته الآمرة وهو يُخبرها بشأن الثلاث أيام بالسابق، وقد جعلها بالفعل توقع على عقد زواجهما.. ما الذي يخبئه لها اليوم بعد مرور الساعتان؟ سيصفعها؟ سيُهينها بنفس الطريقة وهو يخبرها بأن تنزع عنها ثيابها مثل ما فعل بالطائرة عند عودتهما؟ أم سيجذبها من شعرها مرارًا وتكرارًا بنفس تلك الطريقة المُخزية؟
حاولت التنفس متناولة شهيقًا مزق حنجرتها وهي تُجفف دموعها ونظرت للأسفل بتلقائية لترى بعض شعرها مرتميًا على ثوبها قد تفلت من جذبته القوية لتجهش بالبكاء الشديد..
لم تُعامل من قبل بالعنف، لم يضربها أي من والديها يومًا ما، لم تلق تلك القسوة أبدًا والآن عليها أن تتحمل هذا من أجل فقط أن تكون زوجة ناجحة!! لُعن هذا الحقير!
حاولت أن تهدأ من بُكائها وهي تُفكر في تهديداته التي لا تزال تتذكر كل ما بها، لن تستطيع المخاطرة بالأمر برُمته، فضيحة وعملها وأُسرتها.. هذه هي حياتها بأكملها.. الفتيات تملك أصدقاء، اهتمامات أخرى، تملك الكثير ولكنه ببساطة يُخبرها أنه سيدمر كل ما تمتلكه بالحياة!
عليها المفاوضة إذن.. عليها أن تحصل منه على أي ضمان أن لو حدث ما يُريده لن يفعل أي من تهديداته تلك، سيدفعها للإنتحار لو مس فقط بطيف أذى لأي من أُسرتها الصغيرة، عملها، أو سُمعتها!
نهضت تتجرع خزي الإهانة التي أوشكت على أن تُلاقيها مثل ما تلقتها بالسابق على يداه وأخذت في البحث عنه وبداخلها تشعر بالذُل المُفجع أنها ستقدم على أمرٍ كهذا وبعد بحث بثلاث غرف وجدته يتناول بعض القهوة وهو يُسلط تركيزه بأكمله على أمرٍ خارج النافذة الجانبية لغرفته لتنظف حلقها ثم نادت بإرتباك وحروف مترددة:
- أنا موافقة..
استمع لصوتها الخافت الذي آتى بإن**ار ليتسائل ببرود:
- على ماذا؟
حمحمت مرة ثانية وهي لا تظنه بمثل هذا الغباء لتهمس مجيبة بقهر امتزج بغضب مكتوم لن تستطيع اخراجه:
- الإختيار الثالث..
من جديد تذكرت ما حدث بالطائرة لتتساقط احدى دموعها رغمًا عنها بينما اشد هو من وثاق تلك المحادثة كي يدفعها للإختناق التام والشعور بالإن**ار، فهو لم يعان بتلك الأيام المنصرمة كلها من أجل اللا شيء:
- وما كان هو؟
احتلتها الصدمة بتصميمه على نطق كل اجابتها بتلك الطريقة ولم تستطع أن توقف بُكائها فهمست بقهر باكية:
- أن أخوض التجربة وإن لم يُعجبني الأمر نستطيع الإنفصال!
همهم في تفهم ليلتفت لها بمنتهى الهدوء بينما تلذذ بملامحها التي تتألم ومن ثم جذب الوثاق أكثر ليدفعها بداخلها على أن تُخرج بكامل كبريائها كي تتخلى عنه تمامًا لأن الآتي لن يكون بعده عودة أبدًا:
- أتعلمين ما معنى أن تخوضي التجربة؟
تفقدته **جين مظلوم يرمق ظالمه الذي حكم عليه بالشقاء وازداد بُكائها بشدة ثم قالت بنبرة ارتفعت دون أن تقصد:
- أن تعاقبني وتعاملني كما يحلو لك.. وأنا سأرضى بالأمر.. وإن لم يعجبني سأحصل على الطلاق!
ابتسم نصف ابتسامة بزهو وهو يستمع لأصوات نحيبها ناظرًا لذلك الكبرياء الذي بدأ في محوه تمامًا ليهمس ببرود وجمود ع** كل ما يشعر به:
- جيد..
وضع فنجان قهوته جانبًا ثم وضع يديه بجيبيه ونادى بلهجة آمرة:
- اقتربي..
حاولت قضم شفتاها وهي تبكي لتأخذ خطوات مرتجفة نحوه لتهتف به متلعثمة:
- ولكن.. سأفعل كل هذا بعد ضمان منك أنك لن تؤذيني، لن تتعرض لعائلتي، ولن تؤثر على عملي وسُمعتي بأي طريقة كانت.. قضائية أو غيرها! وعليك أيضًا أن تبرهن أنني لو طلبت الطلاق منك بعد أن نجرب الأمر ستتركني وشأني بعد أن احصل عليه دون صعوبات!
كاد أن يصفعها للهجتها الآمرة المطالبة اياه بفعل الكثير ولكنه في نفس الوقت راقه وبشدة تلك الإرتجافة بشفتيها وهي تتحدث، هناك ألهبة غضب تندلع بداخله منذ أن كانا بالسيارة التي قلتهما من المطار، يُقسم أنه قد قارب الموت اشتياقًا لإخراج تلك الجحيم حتى تلتهمها ولكن بالرغم من كل ما يدور حوله شعرت وكأنها تُحدق بصورة ثابته بملامح جامدة لا تتغير!
ضيق عينيه نحوها ثم سألها:
- من الذي ساعدك بقضيتك أمام هذا الزواج؟
حاولت منع ارتجافة شفتاها واجابته بوهن:
- أنت!
عقد حاجباه وهو ينزعج للغاية من عدم منادتها اياه كما اخبرها ثم تعجب من جديد بمنتهى الهدوء الذي ناقض ما يدور بداخله:
- هل أُصاب أي من أفراد عائلتك بالأذى؟
أومأت له بالإنكار ولا زالت تتحكم بها آثار البكاء التي تدفع جسدها للإنتفاض كل بضع ثوان:
- لا..
أكمل أسئلته مُتابعًا بنفس ملامحه الجامدة التي لو لم يكن بيده فعل الكثير لكانت قتلته من كثرة استفزازه لها:
- هل قمت بمنع أي مظهر من مظاهر الإحتفال بالزواج أو منعتك عن أن تكوني بصحبة أُسرتك أو أثرت على عملك بأي طريقة؟
أومأت بالنفي وهي لا تعلم إلي أين ستذهب بها تلك الإستفسارات التي يعلم كلاهما ما الإجابة عليها ولكنها ليست مستعدة لإستعادة نفس الرجل الغاضب الذي واجهته منذ قليل فأجابته:
- لا..
ازدادت عقدة حاجباه لتكتسب ملامحه المزيد من الشراسة التي أخافتها ولم تُصدق أنه يمتلك كل تلك الأوجه بل وعليها التعامل معها بينما سألها مرة أخرى:
- ألم يلفت انتباهك كل هذا لشيء؟
ابتلعت في ارتباك وبدأت هي في الهدوء عن تلك الإرتجافة التي كانت تواتيها كل عدة ثوان من شدة بكائها وأومأت بالنفي من جديد وهمست له:
- آسفة.. لا أعلم ما الذي تقصده..
أطال تحديقه بها لتشعر هي بمزيدًا من التوتر وتعالى رجيف قلبها ليتحدث في النهاية بجفاء:
- ضمانك على كل ما سيحدث هو كلمتي! أنا لا أنقض عهدي مع أحد!
نظرت له وهي لا تثق في أي من تلك الكلمات وحاولت لأكثر من مرة أن تعقب على ما قاله ولكنها تسكت من تلقاء نفسها لأنها تجد أن ربما كل ما فكرت به سيتسبب بالمزيد من الصعوبة بينهما وهي تريد الإبتعاد كل البُعد عن تلك الطريقة التي تعاملا بها منذ بداية سفرهما ونهايةً بوصولهما إلي هذا المنزل!
آخذ خطوة نحوها وهو لا يزال يحافظ على جموده بالرغم من أنه قد نفذ صبره ويريد تملكها بين يديه بإذعانها التام ورضوخها الذي يصرخ بالطاعة ليوفر هو كل الوقت الذي تُضيعه هي وقال بمزيدًا من الجفاء:
- ثقِ بي.. عليكِ أن تكوني واثقة بكل ما أقوله وأفعله.. أنا كل ما ابحث عنه معكِ هو الطاعة ليس إلا.. لماذا يا تُرى سأجبرك بعد أن تخوضي التجربة بأن تبقي بزواج لا تريديه؟ أن تجبري الطاعة لتخرج منك حتى تكون زائفة لا أساس راسخ لها؟
تسمرت في مكانها وهي تراه يتشدق بتلك الكلمات وودت لو صرخت به أنها تُجبر بالفعل وأنه مجرد و*د قاسي حقير لترى في المُقابل صورة نفسها وصورة أُسرتها بل ووالدها الذي حاول لسنوات أن يؤمن لهم حياة كريمة لتبتلع في قهرٍ بينما وجدته يقترب أكثر لتصاب بالإختناق وكأن كل محاولة رئيتيها في البحث عن الهواء قد بائت بالفشل لتجده يثرثر بالمزيد:
- شهرًا من اليوم.. إن لم تُعجبك الحياة مع عمر يزيد ستحصلين على الطلاق! وليس لد*ك ضمانًا سوى كلمتي.. وإلا عليك العودة مجددًا لتلك الإختيارات التي خيرتك بينها.. ولكن الإجابة ستكون الآن! لا تملكي المزيد من الوقت.. لقد أضعتِ الكثير بالفعل!
ابتلعت بخوفٍ وهي تنظر له وشعرت بأنها ضعيفة للغاية، هي تتعرض للموقف من جديد، تُخير بين كل ما تملكه بالحياة وبين أن تُجبر على ما لا تُريده، كيف ينادي بأنه يُخيرها بينما في الحقيقة هو لا يفعل؟ كيف يمتلك هذا المزيج الغريب من كل شيء ونقيضه؟
طأطأت بنظرها للأرض بينما أخذ خطوة من جديد تجاهها حتى أصبح يُعرقل رؤيتها وملئ جسده هذا الفراغ بأكمله أمام عينيها لترفع رأسها له وتحدثت واحدى دموعها تتساقط:
- أوافق!
رطبت شفتاها ولم يلحظ هو أنه من اقترب منها وليست هي من فعلت فقد ذهب تجاهها بقدميه لتهمس هي مُضيفة:
- ولكن شرطي الوحيد هو أنك لن تؤذيني! أنا لن احتمل الآلم.. سوى ذلك أفعل ما يحلو لك!
⬢ ⬢ ⬢