حلقة -12- لعنة الشقاق

1870 Words
ولكي يتحرر السجناء عليهم أن يحب الزوجين المنفيين بعضهما البعض بداخلها، حتى يمكنهما التحرر، والعودة لجسديهما مرة أخرى، والأداة التي ستساعدهما على العودة والتحرر، هى أداة كاميتو التي تملكها الكاهنة ساري. رسمة توضح شكل الآلة. أدارت اللوحة لتراها فارتسمت الدهشة على وجهها ،حيث تعرفت أوسان صديقتها وزوجها ماجلان وكذلك الكاهنة ساري. فقالت بدهشة: بحق هارتيا، إن الأشخاص في تلك اللوحة أقرب الشبه من أوسان وماجلان والكاهنة ساري. أخذها ديمرا منها ليرى شكل الأداة المستخدمة في عودة الروح للجسد، فارتسم الذهول على وجهه وصاح بانفعال: إن تلك الأداة في حوزتي، ثم اتجه ناحية حقيبته الجلدية الملقاة بإهمال في إحدى أركان الغرفة ،فتحها بلهفة وأخرج منها الأداة بسرعة،تفحصها بين يديه ثم نهض، ليراها كل من بالغرفة. انتبه الجميع له، ناول ديمرا صديقه الجديد جيرميا الأداة ليتأكد من أنها التي في الرسم التوضيحي الموجود خلف اللوحة. هز جيرميا رأسه إيجابا أنها هي الأداة ،أدار رأسه ليواجه النافذة ثم شرد قليلا قبل أن يتفوه بأغرب استنتاج وصل له عقله لتفسير أمر اللوحة. جلس على أقرب كرسي له ثم أشار للجميع بأن يجلوسوا أيضا. حك ذقنه بسبابته ثم قال: أعتقد أنني فهمت أمر اللوحة ،يبدو أن أوسان وماجلان لم يرحبا بفكرة الزواج ،لذا تم نفيهما إلى نيجاتيفيا ويبدو أنها تلك اللوحة ولكن كيف سجنت بداخل اللوحة معهما؟ سأل جيرميا باهتمام صديقه ديمرا : ولكن كيف حصلت على تلك الأداة ؟ شعر ديمرا بالحرج فقال بصوت متحشرج : لقد وجدتها في عربة الكاهنة ساري التي وجدتها خالية في منتصف الغابة بعد حفل الزفاف الأخير بحيكم. سألت أوسان مايلو : وأنت يا مايلو كيف وصلت اللوحة إليك؟ مط شفتيه وقال: وجدتها بجوار باب منزلي في حى مورا مورا ،انتبه لوجودها حيواني الأليف تاوا، ثم **ت للحظات وقال بانفعال : الآن فهمت لماذا كان ينبح كثيرا أمام اللوحة،يبدو أنه يرى ما لا نراه. نهض جيرميا وقال بثقة: كهنة المعبد ،علينا أن نأخذ اللوحة والأداة إليهم ،فهم أعلم الناس بتلك الأمور. نهض ديمرا ومايلو وقال كل منهما : سأرافقك. هز جيرميا رأسه بالموافقة، خرج ثلاثتهم إلى المعبد ، جهزت لهم أوارا بعضا من الزاد؛ فالمسافة طويلة بين حى ناميرا ومعبد هارتيا. استغرق الأمر يوما بالجياد، وصلوا في الليل، طرقوا أبواب المعبد ليفتح لهم حارس البوابة الرئيسية للمعبد. استقبلهم بالترحاب فالمعبد يرحب بزائريه في أى وقت، لم يسألهم عن سبب قدومهم ولكنه أشار لهم بغرفة جانبية تتسع لثلاثتهم بها ثلاثة أسرة ، تركهم ليرتاحوا، ثم عاد ليدخل الجياد المكان المخصص لرعايتهم. استسلموا للنوم فقد بلغ التعب مبلغه لأجسادهم، في الصباح ،أشرقت شمس أونتاريا ذات الأشعة الوردي على جدران المعبد الشرقية، تسللت لغرفتهم ،أثارت حواسهم فاستيقظوا جميعا في نفس الوقت. فرك ثلاثتهم أعينهم ، نهضوا في نشاط، خرجوا واحدا تلو الآخر، يحمل مايلو اللوحة في حين يمسك ديمرا بالأداة. كان الكهنة قد التفوا حول مقام هارتيا، وهو مبنى متوسط الارتفاع والحجم، يتوسط ساحة المعبد ،توجد هارتيا بداخله وهالة من القدسية تحيط بها. كان الكهنة يبتهلون لها ويذكررون أسماء زيجات الحب الخالدة التي استمرت طويلا وتكللت بالمحبة والمودة. أشار جيرميا لصاحبيه بالركوع معه لهارتيا كما يفعل الكهنة، اصطفوا خلف الكهنة وشاركوهم الابتهالات. بعد مرور ساعة انتهى الكهنة من الصلاة ، انتبهوا لوجود زائرين للمعبد ، لمحت إحدى الكاهنات تلك الأداة التي وجدها ديمرا في عربة الكاهنة،فانطلقت بغضب تجاهه ، وقالت بحنق: أنت، أين الكاهنة ساري؟ كيف وصلت أداة كاميتو إليك؟ انتبه باقي الكهنة لها:فأحاطوا ديمرا من كل جانب،استسلم لهم حيث عقد يديه خلف ظهره بعد أن وضع الأدا على الأرض. التقتت الكاهنة الأداة وفحصتها جيدا ثم ارتسمت على وجهها علامة الارتياح وقالت: إنها سليمة. وكزه أحد الكهنة بغلظة ثم سأله : ماذا فعلت بالكاهنة ساري؟ أجابه ديمرا بهدوء: لا أعلم لقد وجدت عربتها فارغة ، ولكني وجدت تلك الأداة الغريبة فأخذتها لكي أبيعها، فأنا مشرد لا أعمل. تدخل جيرميا وقال بلهفة : أنا أعلم أين الكاهنة ساري، ثم أشار بسعرة للوحة وقال :إنها سجينة تلك اللوحة التي تدعونها نيجاتيفيا. اعتلت الدهشة الوجوه وقال الكهنة في نفس الوقت: سجينة نيجاتيفيا ! كيف حدث ذلك ؟ هز مايلو كتفيه وقال: تلك اللوحة وجدتها بجوار باب منزلي ، وقد أصاب إطارها الخشبي التلف،فجئت بها إلى أشهر نجار في أونتاريا ليصلحها، ولكن لاحظنا شيئا مريبا فيها، أن مشهد اللوحة قد تغير ، أى أن وضعية الأشخاص تغيرت. أكمل ديمرا الحديث: وبالصدفة وقعت أشعة الشمس خلف ظهر اللوحة فظهرت كتابات المعبد المقسدة ترجمتها لنا زوجة جيرميا لتفصح عن أغرب تفسير لإختفاء الكاهنة ساري . أخذت الكاهنة اللوحة ثم فحصتها فوجدت صور الكاهنة ساري وأوسان وماجلان تتحرك بداخلها، قامت بالتواصل معها تخاطريا ، انتبهت الكاهنة ساري بمحاولة تواصل الكاهنة معها ففرحت كثيرا ثم قالت لها: أحضري جسدي ماجلان وأوسان لكي يتحررا من اللوحة،حتى يقصا عليهم كل شيء. أخبرت الكاهنة زملائها بما حدث، جهز خادم المعبد الجياد للزوار الجدد وعربة لبعض الكهنة الذين سيسافرون إلى حي ناميرا الآن. استغرقت الرحلة يوما كاملا حتى وصلا لمنزل أوسان وماجلان بحي ناميرا، طرقوا باب المنزل بلهفة، فتح ماجلان الباب، فأحاطه أحد الكهنة بذراعيه ،لم يقاوم جسد ماجلان في حين قامت الكاهنة بوضع آلة الكاميتو بين اللوحة وجسد ماجلان، ضغطت على زر علوي فانطلق ضوء ساطع صغير من اللوحة ليدخل الآلة ليخرج من طرفها الآخر المواجه لجسد ماجلان. شهق جسد ماجلان شهقة عاد فيها لطبيعته، تحسس ماجلان جسده ثم قال بحماس: لقد عدت لقد عدت. في تلك اللحظة دخلت أوسان الغرفة فأحاطتها الكاهنة بذراعيها، وكررت معها ما فعله الكاهن مع زوجها منذ قليل. فرحت أوسان كثيرا بعد أن عادت لسيرتها الأولى، تحسست بطنها ثم قالت بخجل: الآن يمكنني أن أشعر بطفلي حقًا. احتضنها زوجها ماجلان بمحبة خالصة، سأل أحد الكهنة بلهفة: أين جسد الكاهنة لكي نحررها من اللوحة؟ أدار ماجلان رأسه تجاهه وقال وهو من** الرأس: للأسف لقد خ*ف جومار جسد الكاهنة بعد أن حبسها معنا بداخل اللوحة. هتف الجميع بدهشة عارمة : جومار ! ارتسمت ملامح الإستنكار فوق الجميع، سأل أحد الكهنة: من جومار ؟ وما علاقة الكاهنة ساري به؟ ولماذا خ*ف جسدها من الأساس؟ تن*د ماجلان وقال : إنها قصة طويلة جدا، عقدت أوسان يدها فوق ص*رها ثم هزت رأسها : لن تصدقوا ما علمناه عن عالم جورما وعن أصل الكاهنة ساري. أشار ماجلان للجميع لكي يقتربوا منه حيث سيوضح لهم شيئا على الأرض، رسم دائرة كبيرة ثم قسمها بخط من مركزها، كتب كلمة جورما ناحية اليمين وكلمة نورشا ناحية اليسار. بدأ يشرح كل شيء فقال: هنا يوجد عالم جورما وقد أخبرتنا الكاهنة ساري أن الزمن فيه بطيء واليوم هناك يساوي عشرة أعوام في عالمنا. كان الانبهار يحتل نفوسهم، يبادلون نظرات التعجب فيما بينهم،أكمل حديثه قائلا: وهناك حرب ضروس في عالمهم، وكانت ساري بنت ملك مملكة شايا ولكنها سبيت على يد رجال جومار وهو ملك مملكة ماهيرا،والذي كان يضطهد نساء مملكته وغيرهن من نساء باقي ممالك عالمه. تخيلوا أنه وأد الكثير من البنات حتى يزيد عدد الذكور، ارتسمت علامات الاشمئزاز على وجوه الكاهنات ، تدخلت أوسان لتكمل سرد القصة فقالت: إنه خلف عصور الشقاق التي أصابت الأسر في الماضي قبل مجيء هارتيا. حيث ألقى ساحر له على عالمنا لعنة الشقاق، بعد أن علم أن قوتنا في محبتنا، وأن الدرع الحامي لمملكة جوانا يستمد قوته من قلوبنا ومحبتنا لبعضنا البعض. فأراد أن يصنع صدعًا في العلاقات بين شعب جوانا حتى يسهل عليه هزيمتنا عندما يغزونا، ليحكم العالمين بقبضة من الحديد. ارتسم الرعب على وجوه الجميع وارتجفت أوصالهم، ولكنهم استعادوا رباطة جأشهم، وقال أحد الكهنة بلهجة حماسية: لن يغزونا أحد،سنتصدى لكل معتدٍ. أثناء ذلك كانت الكاهنة ساري ينتابها نوبة صداع رهيبة فذكريات دفنت عمدًا باتت تتأرجح أمام عينيها، ترى لقطات من حياتها السابقة كأشباح تظهر وتختفي فجأة. ومضات لأحداث طمست بداخل عقلها عمدا. بطريقة ما كانت على اتصال بجسدها في عالم جورما بالماضي، تحاول الاتحاد معه لكي ترى ماذا يفعل جومار؟ وماذا يخطط؟ ولكن صداع رهيب يعصف برأسها الذي يحمل الكثير من الصدمات التي تنهار بها الجبال. انهارت الكاهنة ساري سجينة اللوحة فتمددت فوق الأرض تظللها شجرة الماند*كا، انتبهت أوسان لتغير مشهد اللوحة فقالت بقلق: انظروا يبدو أن الكاهنة ساري ، أصابها مكروه ما. شعر الجميع بالقلق ، رفع ماجلان قبضته وقال بحزم : يجب أن أتسلل لعالم جورما لكي أجد جسد ساري ونحررها من سجنها. ارتسمت ملامح الحيرة عل وجه إحدى الكاهنات وقالت: ولكن كيف سنعبر لعالمهم؟ إننا لم نعلم بوجودهم إلا الآن؟ قالت أوسان بحماس وفخر أسعد قلب زوجها ماجلان: إن زوجي ماجلان أول هجين ، يمكنه بسهولة التنقل بين العالمين، كان جومار يختطف النساء من عالمنا ليجري عليهم تجارب حول إمكانية أن الحصول على ذرية من نساء عالمنا. وماجلان أول هجين ناجح ولكن العالم خدع جومار عند ميلاده وأخبره أنه توفي لسبب غامض. وهناك ساحرة تدعى نورمي هى من هربته لعالمنا لكي يكون بأمان حتى يكبر. ولكن كيف ستنتقل لعالمهم يا زوجي الحبيب؟ دغدغت تلك الكلمة الحبيب نياط قلب ماجلان ، صنع قلب كبير وردي اللون من العدم احتضنه كفه الأيمن وقال بجزل: بالسحر يا حبيبتي بسحر عالم جورما الذي ورثته من جومار. تبادل الجميع نظرات خبيثة فيما بينهم ثم انطلقت ضحكاتهم عندما أحاط القلب المسحور جسد أوسان التي شعرت بالحرج فاحمرت وجنتيها حتى صارت تشبه لشمس أونتاريا. ................ عاد جيرميا إلى زوجته، في حين عاد مايلو لحيِّهِ مورا مورا، لكي يكتب سطور ملحمة ستشهدها مملكة جوانا قريبا، أراد أن يسجل كل شيء وصل إليه منذ أن صارت اللوحة في حوزته. كانت أوارا تتلهف للقاء زوجها،كانت الطفلة تبكي كثيرا ولا تعلم لماذا؟ استعانت بأسرتها لتعينها على رعايتها. وقبل أن يعود أدراجع لزوجته، عرج على ذلك الحب الذي بدأ يتسرب لنياط قلبه، زار تمارا لكي يطمئن عليها. كانت تستشيط غضبا حينما لم يزورها صباحًا،خاصة بعد ما علمت بمولد ابنته مورا، بدأت الهواجس تجتاحها، اعتصرت الغصة قلبها كلما تخيلته يعيش بسعادة مع غيرها. هى تحتاجه الآن بشدة ليس لديها أحد، صار كل عالمها، كانت تحقد على أوارا فهى لديها أسرة وأخوة وأخوات. هى بمفردها والأخرى تحيطها أسرتها بالرعاية والاهتمام، كانت تمارا ترى أن جيرميا من حقها وهى الأولى به. كانت ناقمة على قدرها وعلى كل شيء،ظلت نار الغضب والغيرة تلتهم روحها حتى سمعت طرقات على باب منزلها، فهرعت تفتح الباب لعله يكون هو الطارق. فتحت الباب ،قلبها تتسارع نبضاته عندما تسللت رائحة عطره المميزة، من خلف تلك النافذة الصغيرة جدا، والمغطاة بشبك صغير الفتحات، فتحت الباب بسرعة، أمسكت يده بقوة،فسحبته بسرعة لداخل منزلها. كانت اللهفة تطل من عينيه،فاستغلت ذلك فاحتضنته بكل قوتها ليبادلها نفس فعلتها. استغرق ذلك المشهد المقزز الملوث بالخيانة بضعة دقائق كانت مشاعرهما تلتهب أكثر وأكثر. استدرجته لغرفتها حتى حدث المحظور في ممكلة جوانا، ليس مسموح بالزيجات غير المرتبة قدريا من هارتيا. زيجة خبيثة ملوثة بالخيانة هزت عرش المحبة الذي جاهدت الكاهنة ساري في تزيينه بجواهر الحب والوفاء بين الأزواج. بعد أن انتهى الآثمين من خطيئتهما المزرية، توهج سوار تمارا ، وهذا معناه أنها صارت حبلى، تملكها الرعب فهذا السوار سيفضح فعلتها المشينة، حيث أن كهنة المعبد حتى لا يلجأ الشباب إلى الزواج بعيدا عن قدر هارتيا، زرعوا سوارا متوهجا لكل فتاة أكملت سبعة عشر ربيعًا.  وهذا السوار يظل متوهجا حتى تتم عملية الوضع، انتاب جيرميا الرعب أيضا، لقد حدث المحظور، وتلك الفتاة استسلم لضعفها وضعف لضعفها. شعر لوهلة أنه أ**ق وارتسمت ملامح الندم على وجهه، فأسرعت تحتضن وجهه بكفيها الرقيقين ثم أحاطت ذراعيها حول عنقه كحية خبيثة ماكرة. همست في أذنه وقالت: لقد صار لدى شمسان تضيء حياتي المظلمة أنت ، وولدك الذي أحمله في أحشائي الآن. رفع ذراعيها من حول عنقه ببطء ثم ن** رأسه وقال: ولكن سيتم نفينا إلى نيجاتفيا إذا اكتشف أمرنا. هزت كتفيها بلامبالاة وقالت: ومن سيعرف ؟ يمكننا الهرب معها ، فلنسافر إلى مملكة أخرى.  أشاح بوجهه عنها والضيق يظهر على ملامحه، ثم قال بحنق: لقد ورطت نفسي في ما لا أقدر على مواجهته، لقد وضعت حياتي في مأزق كريه. تركته تمارا لتحضر سكينا بالمطبخ، ثم قالت له بلهجة محذرة وغاضبة: أنا مأزق كريه بالنسبة إليك، حسنا سأخلصك من هذا المأزق على الفور .التف ليواجهها فانتفض قلبه رعبا فقد وضعت سكينا حادا على رقبتها وتهم بنحرها بنفسها. اندفع ناحيتها بقلق ليأخذ السكين من يدها بسرعة، أعقب فعله بجملة : هل جننت يا تمارا ؟
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD