استطاع من إقناع الرجال المتبقية من مذ*حة مملكة شايا، بفكرة زيادة عدد الذكور بالنسبة لعدد الإناث، حتى يقذف الرعب في قلوب مملكة شايا.
تميز رجال مملك شايا بالقوة العضلية المحدودة ولكنهم تفقوا كثيرا في العلوم وأسلحة الغزو خير دليل على ذلك، أما رجال مملكة ماهيرا كانوا يعتمدون على القوة العضلية وبعض الأسلحة المعتادة في القتال.
أدرك جومار أهمية زيادة عدد الذكور لتأمين المملكة، اهتم بتدريب الأطفال الذكور على فنون القتال اليدوي وبالأسلحة، لم يكن للملكة جيش منظم، فنظمه إلى فرق تختلف أدوارها ومهامها. كانت فكرة الانتقام والثأر من ساري الخائنة بحسب ظنونه تسيطر عليه، أمر بأن تستولد كل امرأة الكثير من الأجنة، التي يتم تحضينها في الجبل المقدس، أمر بالتخلص من الأجنة الإناث، وكذلك النساء اللاتي يلدن الإناث، الجميع يتم التخلص منهن في وادي زولا.
توالت الأيام والأحداث والتضحيات بالإناث حتى فرغت المملكة نهائيا من الإناث، وكانت هارتيا آخرهن، ولكن الساحرة نورمي التي كانت تعيش في وادي زولا منذ زمن بعيد،كان لها دورا هاما في تطور الأحداث. خاصة بعد ما قام جومار ورجاله بغزو ممكلة شايا عدة مرات لسبي نسائهن،والتزواج منهن قسرا.
كان جومار يدرك جيدا أن سكان مملكة شايا يتمتعون بالذكاء الذي مكنهم من التطور صناعيا،وهم عاشوا في بدائية بسبب عقولهم.
اعتقد أن بالتزواج منهن ستنتقل قوة الذكاء إلى الأجنة، كانت ساري أسيرة رجال جومار في إحدى مرات الغزو. كانت الكراهية تعمي قلبه فأراد أن يتزوجها قسرا، ولكنها أبت ذلك رغم حبها له، ولكن كرامتها كأميرة جعلتها تكابر وتقاوم عاطفتها نحوه. وجرت الأحداث أمام عيني جومار وساري اللذين وقعا تحت تأثير غيبوبة طويلة بسبب ولوجهما لتلك الفجوة الزمنية.
عُرضت كل تلك الأحداث أثناء الغيبوبة وانتهت، ليستيقظ جومار وساري،كان وعي ساري المسجون باللوحة على صلة بجسدها المخطوف، لذا رأت ما رآه وعيها الجديد الذي ولد بمجرد دخولها اللوحة.شعرت بغصة تعتصر قلبها، تذكرت تلك المشاهد التي جمعتها مع حبيبها جومار قبل أن يتدخل الخبيث بينهما وفرقهما.
بعد استيقاظهما احتضن جومار جسد ساري بقوة، أغرق جسدها بدموع الندم، شعرت بالحيرة فلا زال التخبط يعصف بوعي ساري الجديد وما رأته أثناء غيبوبتها.
اختنقت الكلمات بجوف جومار، ولكنه غالب ان**اره، وقال بصوت مفعم بالمحبة: لم أقصد كل ما بدر مني تجاهك ثم **ت هنيهة تذكر فيها المآسي التي أذاقها لنساء مملكته والممالك الأخرى،فقال بصوت مرتعش مغبرا رأسه بتراب الكهف الذي اختبأ فيه: يا ويلي، يا ويلي، ماذا فعلت؟ ماذا فعلت؟ ولكن كيف نخرج من هذا الماضي الأليم؟ حدث شيء عجيب ظهرت الساحرة نورمي فجأة لتجيب على سؤاله، جفل جومار وساري عند ظهورها فجأة.
أدخلت ابتسامتها الإطمئنان على قلبه وقلب ساري، تن*دت وقالت: يبدو أنك ندمت حقا يا جومار. رفع رأسه والندم يغطي وجهه وقال بصوت مختنق: لقد أعماني الغضب والكراهية.هزت رأسها نفيًا وقالت: بل أعماك الحب.غطى وجهه بكفيه وقال بصوت منتحب: الحب لقد أشقاني حقا. أزهقت الكثير من الأرواح البريئة التي لا ذنب لها بسبب أنثى أحببتها.
قالت بلهجة غامضة: لست وحدك من تسببت في تلك المآسي فهناك من أحب ساري أيضا، خبيث ثأر لقلبه الذي تجاهلته ساري كثيرا. خطت بضع خطوات تجاه ساري ثم أمسكت كتفيها وسط نظرات زائغة منها وقالت:كلاكما أحببتماها وكانت النتيجة كارثية.التفتت إلى جومار لتقول له بحزم: والان حان وقت العودة لقد علمت حقيقة خيانة ساري لك ولوطنك، وهى أيضا علمت.
انتفض جسد جومار لما قالته وقال بدهشة: كيف علمت ووعيها مسجون بتلك اللوحة؟ ابتسمت الساحرة نورمي وقالت: لا تقلق إنها تعلم كل شيء الآن، لقد علمتها كيف تتواصل مع جسدها خارج اللوحة، وهى الآن تنظرك لكي تعيد إليها جسدها المختطف. خفض جومار رأسه خجلا مما فعل وقال: وأنا أتلهف لرؤيتها والاعتذار منها،هل ستسامحني على ما اقترفت يداي من كبائر الأمور؟
عقدت الساحرة نورمي ذراعيها وقالت بعتاب: ينتظرك الكثير ينتظرون اعتذارك هذا.أشاح وجهه عنها ليخفي ضيقه من نظراتها النارية المعاتبة،أمسكت يد ساري وأشارت لجومار لكي يمسك يدها الأخرى،فانضم لتلك الحلقة المتكونة بثلاثتهم، تلت الساحرة نورمي بعض الكلمات الغامضة، فانتقلوا جميعا إلى مملك شايا ولكن في الحاضر.
كانت نورمي تعلم ما يحدث في الخفاء من مؤامرات بين دومار صديق جومار المزعوم، وبين بعض رؤساء القبائل الذين يستفيدون من حالة عدم السلام بين الممالك الثلاثة.
في ذلك اليوم الذي حدده دومار مع زعماء القبائل لإعلان وفاة جومار أمام الجميع في مملكة شايا. وفي ذلك اليوم أيضا وصل ماجلان إلى أطراف مملكة شايا حيث يوجد القصر الملكي،حيث يعتقد أن جومار يحتفظ بجسد الأميرة ساري. لفت انتباه ماجلان تجمعات كثيرة من سكان شايا في الساحة الملكية الطافية فوق المياه وكانت مصنوعة من أخشاب الجازولا أخف أنواع الأخشاب وأكثرهم متانة في نفس الوقت،كانت تلك القاعة الملكية يخرج منها عدة طرق ضيقة لتصل بينها وبين أحياء المملكة.
تلك الطرق تساعد سكان المملكة على التنقل بسهولة بين الأحياء بعيدا عن المراكب التي يسكنونها والتي غالبا ما تبقى راسية في مكانها ولا تتحرك، لاحظ وجود زعماء القبائل، سأل أحد المارة عن تلك التجمعات، فأجابه أن دومار يريد أن يعلن خبرا هاما وأمر بتجمع الناس في الساحة الملكية.شعر ماجلان بالتوتر من ذلك الحشد وتلك الأنباء المنتظرة، ترى ما الحدث الجلل الذي يحضر له جومار؟ تردد هذا السؤال بداخله.
خرج دومار وهو في كامل هيبته بمنكبيه العريضين وقامته الطويلة وعضلاته المفتولة الظاهرة جليًا خلف ذاك الرداء الذي يظهر ما تحته.**ت الجميع ليتحدث دومار، وقف متباهيًا بهيئته، وقال بعجرفة تستفز الضعفاء: لقد حان الوقت لكي نبدأ عهدًا جديدًا،تدخل فيه الممالك في حلف سلام،صفق سكان شايا البسطاء وتهللت أسارير النساء والأطفال.
ولذلك نعلن وف... بتر جملته ظهور مفاجيء لجومار وساري ترافقهما الساحرة نورمي، التي أكملت جملته لتقول: نعلن عودة الأميرة ساري زوجة لجومار وبهذا التزاوج نبدأ عهد جديد للسلام بين المملكتين.عقدت المفاجأة ل**ن دومار الذي سيطر الذهول على حواسه، فرك عينيه عدة مرات ليتأكد مما تراه، ولكن ما تراه عيناه حقيقة وليس وهمًا.ارتجفت أوصاله عندما تذكر أن جومار سيعرف أنه استولى على عرشه في غيابه، وأن التخلص منه لابد من تدبيره.
أما زعماء القبائل فقد بلغ الذهول مبلغه، في حين انطلقت صيحات الفرح بعودة الأميرة ساري بسلام. كان ماجلان يشاهد من بعيد لذا لم يفهم تصفيق السكان وكذلك صيحات فرحهم، اخترق الحشود بصعوبة حتى وصل إلى مسافة مناسبة شاهد فيها كل شيء.انف*جت أساريره عندما رأى ساري الكاهنة ساري بخير،كان يحمل معه تلك اللوحة التي سجنت فيها ساري،وكذلك أداة الكاميتو التي ستعيد وعيها لجسدها.
أخرج اللوحة ليتحدث مع ساري السجينة ليأخذ منها أوامره، أخبرته أن يطمئن لجومار فهو لم يعد خطرا على أحد بل إنه تغير تماما وسيكفر عن ذنوبه، كما أخبرته يعطي له اللوحة والكاميتو لكي تعود لجسدها،سيطرت الدهش عليه ولكنه امتثل لأوامرها.أدخل اللوحة في الحقيبة الخاصة بها ثم أكمل اختراقه للحشد حتى وصل لجومار.
لوح بيده لجومار الذي سمح له بالتواجد فوق تلك المنصة بأمر من الساحرة نورمي التي تعرفت ماجلان على الفور.
تسلق ماجلان سلم المنصة ثم ،أخرج اللوحة ليعطيها لجومار الذي انتبه لها فأخذها بلهفة وأشار للساحرة نورمي التي ابتسمت بثقة وقالت له بهمس: سنعيد الأميرة في داخل القصر وليس أمام الناس.انتهت الساحرة من خطبتها واستأذنت منهم لكي ترتاح الأميرة التي لم تكف عن التلويح لشعبها بمرحها المعهود.
كانت ساري السجينة بداخل اللوحة تشاهد كل ما يحدث،فشعرت بالسعادة لأنها ستتحرر أخيرا، وستساعد جومار في إصلاح ما أفسده بسبب حبه الأعمى.
انفض الحشد وسط تفاؤل البسطاء بحياة أفضل بسبب السلام الذي سيعم الممالك، ولكن هناك من كان يستفيد من تلك الفوضى والمشاحنات في الثلاث ممالك، لم يعجبهم عودة جومار وكذلك إعلان ساري موافقتها على الزواج،فهذا سيوطد العلاقت أكثر بين مملكة ماهيرا وشايا في القريب العاجل وستستقر الأمور السياسية والحياتية فيها.
رافق ماجلان جومار والساحرة نورمي لداخل القصر،اكفهر وجه دومار الذي حاول الاستيلاء على الحكم منذ قليل.
قبل أن يدلف جومار قصره هرب دومار بسرعة حيث انطلق بجواده إلى حيث لا يعلم مكانه أحد.لم يفكر في مكان محدد يهرب إليه سواء في شايا أو ماهيرا فهو معروف فيهما،توقف جواد دومار عند حدود مملكة شايا مع مملكة ماندا.فكر دومار مليًّا قبل أن يخطو خطواته الأولى نحو مملكة ماندا تلك المملكة التي يعيش سكانها في خطر دائم حيث تطفو مملكتهم بين السحاب وفوق لهيب البراكين.
منذ القدم تكيفت أجسادهم على الأبخرة السامة التي تطلقها البراكين **هام قاتلة لا تخطيء سوى من تحملها جسده. قُتِلَ الكثير من الأفراد الذين تواجدوا في تلك المنطقة في كوكبهم،بسبب تغير السطح، فجأة استيقظ سكان تلك المنطقة على زلازل رهيبة تصدعت فيها مساكنهم وحطمت طرقهم وخرجت الحمم البركانية السائلة بين الشقوق،فزع الجميع وحاولوا الهرب إلى مناطق آمنة ولكنهم حبسوا في المنتصف والحمم تحيط بأطراف المنطقة التي عاشوا فيها جيلا بعد جيل.
لم يتمكن أحد من دخول مملكة ماندا فترة طويلة من الزمن حتى ظن باقي سكان الكوكب أن كل ما بتلك المنطقة قُتِلوا، ولكن بعد سنوات استطاعت بعض الأسر الناجية من تكوين سلالة جديدة قادرة على العيش،والتكيف في تلك الظروف الصعبة جدا.كانت أبخرة البراكين مستمرة، ولم تخمد أبدا منذ تلك الكارثة، خرجت أجيال تحاول جاهدة البحث عن مناطق تصلح للزراعة وأخيرا وجدوا بركانًا خامدًا خصبًا،يضم بداخله نهرا صغيرا تكون من تكاثف بخار الماء الذي كان يرافق الأبخرة المتصاعدة ، خمد ذلك البركان أولا ثم بدأ النهر بالتكون فيما بعد من تساقط قطرات الماء المتكاثفة على جدران البركان المجوف الداخلية.
على مر العصور تكاثرت الأسر الناجية، كما صنعت حضارة عجيبة تشارك السحاب في السماء،العجيب في أمرهم تطورت أجسادهم لتتغذى على تلك الأبخرة.
في يوم ما تكونت سحب كثيفة في سماء مملكة شايا، عصفت بها الرياح لتسافر بها إلى سماء مملكة ماندا، أمطرت السماء لأول مرة ماءً، بعد أن اعتاد سكانها على الأمطار الحامضية لمواد مختلفة تكثفت في صورة سحب في سمائهم.
تلك الأمطار ساعدت على تبريد الحمم، خاصة وقد استمر هطول الأمطار عدة أيام متواصلة حتى تغير السطح تماما،لم تخمد كل البراكين ولكن بعضا منها ، صارت صالحة لاستغلالها في أمور الحياة. بعد شهر أرسلوا بعثة منهم ليبادلوا البذور والح*****ت في الممالك المجاورة لهم مع المعادن والصخور، التي بردت بعد سقوط الأمطار.
كما أرسلوا بعثا لاستكشاف المملكة بعد تجمد الحمم البركانية التي أحاطت بالبراكين المنتشرة فصنعت طرقا شبه ممهدة سهلت لهم استكشاف المنطقة،كان ذلك في الماضي مع الجيل الأول، ولكن الآن تطورت الزراعة حيث أنتجوا محاصيل تتحمل الأبخرة السامة.
كانوا يشعرون بالاختناق كلما خرجوا من محيط أبخرة البراكين،لذا صنعوا أقنعة تتصل بأنبوبة يتم تخزين وضغط الأبخرة بداخلها، واستعمالها في التنفس
كلما أرادوا إرسال بعثة تجارية للمالك الأخرى، ولأن سكان الممالك الأخرى لا يستطيعون التنفس في جو الأبخرة السامة، لم يزرهم أحد من قبل، وكان ذلك خط الدفاع الأول هم ضد أى غزو غاشم، لذلك تردد دومار كثيرا قبل أن يخطوا خطواته الأولى نحو هلاكه، ولكنه اضطر إلى المضي قدما نحو مملكة ماندا،ولكن لحسن حظه ، أن عالما من المملكة كرس حياته لصنع أقنعة تسمح بتحويل الغازات السامة لغير سكان المملكة إلى الغاز الذي يستنشقه سكان الممالك المجاورة.
كان ينقصه تجريب ذلك القناع على أحد منهم، وفي اللحظة التي خطا فيها دومار خطواته داخل مملكة ماندا ، شعر بالاختناق يحاصره حتى كادت روحه أن تخرج من جسده.عثر ذلك العالم الذي كان يدعى ساجا على جسد دومار الممدد فوق الطريق، ميز ج*سه ففرح جدا ، أسرع بإخراج القناع الجديد، ليضعه فوق وجه دومار، بعد عشرة دقائق، استفاق دومار من غيبوبته، لقد نجح القناع واستطاع تحويل الأبخرة السامة إلى الغاز الذي يحتاجه ج*س سكان مملكة ماهيرا من أجل تنفسهم.
لم يصدق دومار نفسه أنه لا يزال على قيد الحياة،تحسس جسده عد مرات ليصدق أنه نجا لتوه من موت محقق.نظر للعالم ساجا بامتنان وشكره كثيرا،عرض ساجا عليه أن يضيفه في بيته،فوافق دومار على الفور،كانت الحبال تتدلى من المناطيد المختلفة الأحجام والأشكال الطافية في السماء، وكل حبل ينتهي بحلقة صغيرة يمكن تثبيتها بصخور في الأرض.
ميز ساجا حبل منطاده الذي كان يتحرك فوق بكرة؛ فشده حتى وصل المنطاد لمسافة تسمح بركوبه،ساعد العالم ساجا الهارب دومار لكي يستقل المنطاد معه.
ارتفع المنطاد ببطء حتى زاحم السحاب في السماء، سيطر الذهول على دومار الذي بدأ ينتبه لما حوله من حضارة عظيمة تمكن هؤلاء الناجون من صناعتها رغم الظروف الصعبة بل الأكثر صعوبة في الممالك الثلاث.
كانت أجسادهم تميل للزرقة، بسبب تفاعل الغازات السامة التي تفاعلت مع دمائهم على مر السنوات،كانت مساكنهم مناطيد طافية فوق البراكين الخامدة والناشطة أيضا.
رغم إنهم يعيشون في خطر دائم إلا أن هذا لم يمنعهم من بناء حضارة متقدمة، انبهاره بما رأى أنساه مصيبته وخيانته لصديقه جومار،حدث نفسه قائلا: يبدو أنني مُنِحْت فرصة للحياة مرة أخرى،قرر دومار أن يستغل تلك الفرصة وأن يبدأ حياته من جديد، بهوية جديدة ، لذا قرر عدم الإفصاح عن هويته الحقيقية.
يتبع>>>