الفصل الخامس

2406 Words
الجنة الحقيقية هي تلك التي فقدت بسبب عائد لنا وحدنا! هنا كانت تترنح الحقائق بثبات في اتجاه اليمين مرة واليسار مرة أخرى في عتمة ذكريات النسيان يأبى المرور بها واضعاً إياها في عتمة الوجود! تستيقظ فجأة مشاعر مبهمة تجبر ذلك الحنين أن يستيقظ .. حنين إلى ماضى لا يعلم أن كان يندم عليه أم يريد وصاله! المه هنا كان كالقرح التي تتأجج وتتغلغل بالجسد فتزيد من وجعه ..تبتر جرحه القديم بندب جديد لم يشفى بعد! كان بهاتف شقيقته منار عبر هاتفه المحمول وهو يتابع عمله على إحدى البرامج الهندسية: _يا منار قلت مش عاوز انزل مصر دلوقت..ماتيجوا انتم ولا انت مش عاوزة تعملي شوبينج بدبي.. قاعدة صحيحة ومثبته..المرأة تهوى التسوق وشقيقته انثى على اعتاب التوهج في مرمي الحياة .. وصخبها! هتفت على الطرف الآخر وهي تجعد انفها بتفكير ويدها تلمس طرف حجابها الوردي..: _بس ماما مش راضية تسافر يا ابيه.. همس بخفوت حتى لا يسمعه أحد بينما يستقم من مكانه حاملاً بين يده لوحة خاصة بمشروعه: _زني عليها يامنار دانت حريقة زن يابت هتغلبي يعني.. ضحكت وهي تصعد إلى العقار القاطنة به تهز رأسها فرحاً وتوقاً لزيارة دبي والتمتع بالتنزه والتسوق بها كأي انثى غيرها عاشقة لمبهجات الحياة: _خلاص هزن وراك رجالة متقلقش.. هتف بمرح يشا**ها وهو يقف أمام الباب الخاص بمديره: _طيب يازنانة انا ورايا شغل اقفلي بقى.. أغلق معها وبانتهاء الحديث اختفت البسمة التي ناوشته معها... وكأن تلك الانفراجة التي تتلاعب يشفيه تأتي فقط مع شقيقته الصغرى.. دخل إلى مكتب مديره بالعمل .. يعرض عليه آخر تعديلات مشروعه الأخير ليتفاجيء حينها بإحداهن جالسة على على المقعد المقابل لرئيسة..بملامح باهته! هتف رئيسه ما إن وقع نظره عليه: _اهلا بشمهندس موسى. .. كنت لسا هطلبك.. ثم التفت بنظره للأخرى الجالسة قبالته متحدثاً بنبرة ودودة: _اقدملك بشمهندسة رهف.. هتشتغل معانا هنا.. وياريت تعلمها نظام الشغل هنا.. اوميء موسى م***باً ابتسامة يوجهها لرئيسه دون الالتفات لها هاتفاً بنبرة جامدة: _طبعا تحت أمر حضرتك ممكن بس نشوف التعديلات على المشروع الأول.. هتف رئيسه بايجاب: _طبعا واهي فرصة رهف تشوف الدنيا عاملة ايه.. ضيق يكتنف موسى.. شعور يجتزه بنفور تام تجاه تلك المخلوقة التي لم تزعجه إلى الأن بشيء..! ضجيج يتسارع داخله ولا يعرف لما .. ربما ملابسها الضيقة بعض الشيء بشكل ملفت..! وربما لأنه مّل النساء وكفى! بدأ بشرح تعديلاته بسلاسة تامة.. يتحاور مع مديره بحرفية رجل عاشق لعمله بل ويتقنه! همست رهف وهي تتابع الحديث باعتراض خجول وهي تشير بيدها على اللوحة: _انا عندي اقتراح ليه مننقلش الفندق هنا شايفة مكانه أفضل.. هتف موسى بغضب سريع .. متجاهلا لمديره ولاصول اللياقة بالعمل: _انا شايف هنا افضل.. مش هتعرفينا شغلنا.. تشنج جسدها من طريقته.. باهتزاز طفيف بعينيها التي تخبره أنها على وشك تحرر عبرات ! **ت متوتر ساد بالغرفة قبل أن يهتف المدير بلهجة يشوبها المرح.. استحلال منه لذلك الجو القاتم: _معلش يارهف هو موسى عصبي شوية بس هو اكفىء مهندس هنا.. وهتتعلمي منه كتير.. ابتسمت هي ببطيء ترفع عينيها لأعلى.. تكبح رغبتها في البكاء بصعوبة شقت قلبها الناشد لوحده تتيح له الانهيار.. _موسى اتفضل انت وبشمهندسة رهف وابدأوا شغل النهارده.. قالها مديره بلهجة جادة مما جعله يطلق تأفف داخله من كل شيء.. خرج هو وهي خلفه.. يلتفت لها متحدثاً بلهجة فاترة وهو يشير بأصعبه : اتقضلي انت مكتبي هناك ده اسبقيني وانا جاي.. تركته دون أي كلمة باتجاه المكتب الذي أشار له .. اما هو كان يسارع كل انفعالاته الداخليه من غضب ونفور.. يحاول بصعوبة التخلص من جحيم منطق خلقه بيده أن الأنثى هلاك..! كان شارداً عندما جاءه صوت صديقه ماجد بنبرة متشربة بخبث مماثل لطبيعته: _العب... الصاروخ الارض جو الجديد هيشتغل تحت ايدك.. موسى هنا يسيطر على نفسه بصعوبة قبل أن يلتفت له متحدثاً بجفاف: _عاوز ايه ياماجد.. غمزه بتلاعب وهو ينظر بتلك الجالسة أعلى على بعد بضع خطوات منهم غير منتبهه لهم بالمرة: _هعوز ايه يعني .. بس الي ياكل وحده يزور.. لا ينكر أنه يشارك ماجد لياليه الصاخبه هو وصحبته.. لا ينكر أنه برفقتهم يهدم ثوابت طاعة العادات والتقاليد.. وقبلهم الدين.. ولا ينكر أنه برفقتهم يتجرد من أيقونة الخير والشر في عِداد لا أخلاقي ... فيتبع نفسه وهواه دون رجوع! هتف وهو يرمق صديقه بنظرات ضيقة.. غامضة: _دي زميلتنا في الشغل وشكلها قريبة بشمهندس ايمن.. وبعدين كفاية عك بره.. لوى ماجد شفتيه بحركة تحمل التهكم والتحد في توازي منفرد يقترب من صديقة يضع أمامه حقيقة وواقع عاري يصر هو على ستره برداء شفاف: _مابلاش مباديء فارغة..عك جوا زي عك بره.. كله واحد يابن غريب.. شيطان.. صحبة سيئة.. شر يتغلغله ببتر يرفض التحرر.. يكمل ماجد.. يزرع شكوكه .. يبث سمه في روحه المعتمة.. يقتل أمل وليد في تأثر وشيك من حديث والدته: _الي متعرفوش رهف دي مطلقة.. ومعندهاش خبرة في الشغل ينظر لها بخبث يكمل حديثه بنبرة هادئة.. باردة.. سامة: _قلي انت الهانم قدرت تاخد الوظيفة هنا ازاي.. بلاش دي هو في ست محترمة اهلها يسيبوها تيجي هنا وهي مطلقة.. ابتعد عن موسى يشعل لفافة تبغ.. يمد له بواحدة كذلك.. يتابع قائلاً: وبعدين انت مش شايف لبسها.. يابني ركز.. يشعل موسى التبغ.. ينفث الدخان.. يحارب ضجيج روحه.. نفسه السليمة وروحه النقية تجاهد الوصول للسطح ولكن..! الشيطان هنا ينتصر وهو يبتعد عن صديقه وحديثه عن رهف يتخمر داخله.. يتشربه.. ويثير داخله الشكوك! موسى انسان نصفه يحارب والاخر يموت في قاع الفقد والخطأ!.. هو رجل يفقد إقتداره على العودة .. رجل قاع روحه سقطة.. زلة.. موت! اما هو مجهول لنفسه ولا يعرف أي مخلوق بات عليه! فهل من توبة.. هل من عودة.. هل من موسى جديد!! العودة دائما تحمل في طياتها خوف..! خوف من ماضي.. خوف من حاضر.. خوف من مستقبل.. خوف من الحياة ككل! وهي خائفة تارة , وتارة أخرى تشعر بأمان ينطفئ ب*علة الذكريات المريرة.. أشباح تهاجمها وهي تحاربها بكل قوتها -وعزمها.. البقاء في ساحة الحرب الذي يقيمها العقل أمر ينهك نفسها ويستنفذ طاقتها ومشاعرها! ولكنها صامدة.. باقية .. تحارب من أجل العودة التي اتيحت لها.. مر بها كابوس الأمس محملاً بقسوة صورتها وسقوطها عندما كانت تقع أسفل قدم إلياس.. الذكرى حقيقة .. مؤلمة , تبتعد عن أيقونة كابوس و أضغاث أحلام! الذكرى مريرة وكأنها الأمس.. كانت تقع أٍسفل قدمه بملامح منتهية .. شاحبة .. مستهلكة لا حياة فيها.. تهتف بتوسل مرير وهو تحك جسدها بطريقة هيسترية .. تنظر لوالدتها التي تتابع إنهيارها وسقوطها بجفاء تام.. -أرجوك الياس أريد جرعة.. أرجوك انا اموت والياس هنا به اختلال وجنون ينبعث من عينيه وجسده ككل وكأنه تواق لذلها ونهايتها بهوس مرضي غريب .. ينحني لمستواها يجرها من خصلات شعرها .. يغمض عينيه باستمتاع مع كل تأوه صارخ يخرج منها يهتف بهمس بارد: -اممم صراخك يسعدني يا صغيرة, ألم اخبرك ان لا تحاولي الهرب.. ينفرها بيده .. ينزف رأسها جراء ارتطامها بالأرض.. يهتف بصراخ .. -لا ولم تكتفي بذلك بل ساعدتي أكثر من عشرين فتاة على الهرب.. يقف بخيلاء وهوس يشير لوضعها بازدراء يتابع حديثه: -اذا هنيئاً لك ما انت فيه.. هنيئاً لك السقوط والموت يا صغيرة.. وريتا هنا لا تشعر بشيء سوى رغبتها بجرعة تريحها من هذا العذاب .. من هذا الجحيم الذي ينهش جسدها بتأني .. تقترب منه تتمسك بقدمه .. تكاد تقبل حذائه تهتف بيأس وموت : -أرجوك الياس أنا اموت .. تبتلع ريقها وهو تحك جسدها بصورة ميته مثيرة للشفقة والوجع.. تتابع برجاء وتوسل: -أرجوك .. ت**ت وتعود مرة أخرى تعيدها.. -أرجوك! ومع كل رجاء تطلقه يضحك هو بصخب منفر, اخرج من جيبه بالنهاية لفافة بلاستيكية صغيرة .. يلوح بها أمام عينيها .. يفتحها ببطيء ثم يفرغ ما بها على الأرض أسفل قدمه .. يشير لها .. يهتف بقوة : -هيا .. ها هي الجرعة ريتا! خرجت من الذكرى تحجب باقي الصورة عندما أقدمت هي تفعل ما يقوله .. تغمض عينيها ثم تفتحها .. تهز رأسها عدة مرات .. تغتصب ابتسامة ..! تحمد الله أن كل ذلك أصبح مضى وانتهى! نظرت حولها حيث جالسة على مقعد في حديقة منزل عثمان والذي توليه زوجته اهتمام كامل.. تلاعبت الرياح بخصلاتها فتعيد ترتيبها ,شاردة في عالمها الجديد أو بمعنى آخر بعالمها الحقيقي.. هذا العالم الذي كان من المفترض أن تولد فيه وتنموا داخله ؛ ناوشتها ابتسامة حزينة على ما كان وما مضى! ودمعة تخالف الابتسامة تتمرد فتتألم على عمرها الضائع! جلست بجانبها سارة زوجة عثمان بن عمها مما جعلها ترسم ابتسامة حقيقة على وجهها وهي تلتفت لها .. اردفت سارة بابتسامة وهي ترتب لها خصلاتها بحنان وكأنها أم لها , وكأنها وليدتهم الثانية ,فمنذ أن جاءت تركيا وهي تتولى مهمة تعريفها دينها .. بل مهمة إغداقها بالحنان كابنتها البالغة من العمر خمس سنوات..: _كيف حالك اليوم ريتال.؟! اصاب ريتال الوجوم بعد ما قالته سارة مما جعل الاخرى تهتف بتساؤل: _ريتا هل هناك ما يزعجك! هزت ريتا رأسها نفيا ثم قالت بطريقة غامضة: _اكره اسمي سارة.. ارتدت سارة للخلف تنظر لها وهي عاقدة حاجبيها: _تكرهين اسمك لما؟, ريتال اسم جميل! نفت برأسها فتكمل وهي تتلاعب بيدها: _اريد اسم آخر .. اسم جديد كبدايتي الجديدة في تلك اللحظة كانت ابنة سارة الصغيرة تدخل من باب المنزل مع والدها.. تلوح بيدها وتقفز بمرح.. محدثة صخب محبب للجميع.. اسرعت الصغيرة ترتمي بأحضان والدتها ثم بعدها بأحضان ريتا تهمس لها بطريقة طفولية:. _اشتقت لك كثيرا ابتسمت لها ريتال.. ترى فيها عهد وعلا تسمع منها حديثها ونمنمتها فتتخيل توأمها.. تحيا معها أمومة مفقودة منها ! تدسها بأحضانها أكثر .. تقبل رأسها ويدها , فيهتف عثمان من خلفها بنبرة ودودة مرحة: _خديجة اتركي عمتك ريتال في حالها الآن وهيا للأعلى تبدلي ملابسك ..! تشبثت الصغيرة بريتا اكثر مما جعلها تضحك بخفوت.. التفت عثمان يجلس معهم بعد أن منح زوجته قبلة أعلى رأسها هاتفاً بنبرته الحنونة الدافئة: _كيف حالك يابنة العم.. هتفت ريتا بسعادة كونها تعشق أن يناديها بابنة العم! اللقب نفسه يمنحها شعور الانتماء والجذور.. والهوية.. _انا بخير بألف خير.. ضحكت سارة وهي تربت على يد عثمان المعانقة ليدها قائلة بمرح: _ابنة العم تريد أن تغير اسمها يا ابا خديجة.. ابتسم عثمان بتفهم.. يعلم أنها تسعى جاهدة أن تمحوا اثار الماضي للنهاية فأردف بنبرة متفهمة لها ولدوافعها يجاريها فيما تريده: _هل اخترت اسم ريتال.. نظرت له بحيرة قبل أن تتلاعب خديجة بخصلاتها الشقراء فتتأملها بحب.. تتوه بملامحها الجميلة... تشرد بها .. تبتسم وتلمع عينيها ليخرج اسم واحد منها: _خديجة! اومأت الصغيرة : _نعم عمتى.. قبلت أعلى جبهتها ثم قالت وهي تنظر لعثمان وسارة: _سأغير اسمي لخديجة.. وتلك كانت بداية جديدة وعالم جديدة! هنا ريتا تدفن أخر بقايا الماضي بلا عودة.. هي هنا تولد من جديد بميلاد جديد ! هنا تولد أنثى من رحم المعاناة .. تناضل جحيم مستعراً داخلها يجتزها فتحاربه بإيمانها وقوته الوليدة! هنا خديجة .. أنثى.. أم.. أمل.. هنا عودة لوطن مفقود! هنا حياة! وهمس أخير لعثمان بتساؤل تريد إجابته: _متى العودة لمصر..اشتقت لصغاري عثمان .. ****************************** على أعتاب الماضي لا تقف كثيراً, لا تجعله يتغلل على روحك, يكتنفك داخله في بؤرة سوداء تواظب على جلدك بلا رحمة! اهرب من الماضي قبل أن تجد نفسك على أعتاب يأس يعود بك لنقطة البداية! في إحدى المطاعم كان يتناول طعام الإفطار الخاص به .., فقط شطيرة من الجبن ومعها قهوته السوداء.. كان يتابع الجميع داخل المطعم الصغير القريب من عمله , يبحث في ملامحهم عن لمحة لوطنه ورجاء بعوده يتعثر داخله بالمستحيل! جلست أمامه فجأة سما بابتسامتها المشرقة دوماً منذ أن تعرف عليها, تلك الابتسامة! تلك البراءة! هذا النقاء! كل ذلك يجتمع بها كأنثى مضيئة بطريقتها الخاصة.. هتفت بعد أن طلبت كوب من القهوة وهي تغمزه بمرح: -مكنتش اعرف انك من رواد المطاعم للفطار ضحك بخفوت وهو يعتدل قبالتها , يرتشف ما تبقى بكوبه من القهوة : -انا بفطر هنا أغلب الايام .. بس انا أول مرة اشوفك هنا.. هزت رأسها توافقه على ما يقول , تخرج من حقيبتها حقيبة ورقية .. تضعها أمامه هامسة: -كنت جايبالك فطار معايا , ماما بعتالك ساندويتشات .. عقد حاجبيه وهو يمسك الحقيبة يخرج منها شطائر من الخبز الأسمر ولكن هنا كانت المفاجأة عندما وصل لأنفه الرائحة: -فول وطعمية .. عدلت سما من ياقتها بغرور مصطنع وهو تقول بفخر: -ماما احسن واحدة تعمل اكل مصري , انا ساعات بحس اننا في مصر , حتي الكشري المصري بتعمله.. ابتسم بإعجاب , وداخله يتشبث بلحظة تنبع صفاء , يتناول قطعة صغيرة من شطيرة الفول, يهمهم بتلذذ .. يتابع القطعة بأخرى وأخرى تحت أنظار سما المتعجبة والسعيدة في نفس اللحظة.. ينهي الشطيرة سريعاً .. يمد يده يتناول الأخرى , ينهيها للأخر .. يغمض عينيه بحنين حينما كان يخرج مع فريدة فتجبره على شراء تلك الشطائر الساخنة له ولها في وقت واحد.. يفتح عينه سريعاً .. يتهرب من ذكريات لا تتركه بل تبقى برفقته تؤلمه وتؤرقه! يتحدث بسعادة أمام نظرات سما المتعجبة: -طعمهم حلو اوي تسلم ايد مامتك, يابختك بيها , انا الغريب عنكم بتعاملني زي ماكون ابنها .. امسكت كوب قهوتها تنهيه متحدثة بلا مبالاة: -لا ابداً أي مصري بتبقى معاه كده نفسها ترجع , اصل ماما ليها ابن هناك عقد حاجبيه بحيرة وهو يدفع الحساب بينما يستقم من مكانه هاتفاً: -طب فهميني واحنا ماشيين يلا عشان منتأحرش على الشغل! كان يسير برفقتها وهي تثرثر حكاية زواج والدتها الأول قبل والدها, تخبره أن أخيها الأٌقرب من المفترض أنه رجل أعمال كبير بمصر! تخبره عن رفضه لوصالها مراراً وتكراراً .. معاملته لها وكأنها سراب ! تتوقف عن الحديث ثم تلتفت له قائلة: -بس ياسيدي هي دي الحكاية, طبعا هي نفسها نرجع مصر بس احنا حياتنا هنا اتولدنا هنا واخويا ! أومئ ايجابا يردف بنبرة متفهمة لما تريد قوله : -بس هي اكيد نفسها تشوف ابنها حقها ياسما تأففت .. تكمل سيرها حتى وصلوا إلى داخل الشركة التي يعملون بها تهدر ببرود رغم تأثرها الواضح: -تشوف مين يامازن هو راضي اصلا يقا**ها , انت مشوفتش ماما وهي تعبانة بسببه وبعدين ما هي سمت غسان على اسمه! لم يلفت انتباهه اسم غسان بل أكمل بعد أن وصل لمكتبها : -متبقيش قاسية في حكمك ياسما مهما حصل هو ابنها.. وبعدين ابتسمي فين الضحكة الحلوة.. ضحكت بمرح فيكمل هو: -يلا ادخلي مكتبك ولما نخلص يبقى نتقابل واروحك سلام.. اشارت له بيدها بسلام .. تجلس على مقعدها في حالة هيام وشعور الاعجاب يتبدل ويختلف طارقاً باب أخر ربما من الخطر الوقوع به... باب ربما يجب أن يوصد القلب في وجهه ولكن سما هنا أنثى تتفتح أزهار قلبها في ربيع معتم يخفى خريفه الواقع لا محالة! أما مازن فأصبح بداخله تشتت.. ضياع.. ندم.. أمل! وهذا الأمل رغم ضعفه وسط كل المشاعر إلا ان روحه تتشبث به , ترى به المتنفس والسبيل للعودة.. يخرج هاتفه .. يتردد وهو يطلب رقم شقيقه كريم .. يرن الهاتف .. ينتظر هو الرد بتوتر .. يهتف شقيقه: -مازن! الهاتف كان من خارج مصر وكريم يشعر ان هذا شقيقه.. يستمع مازن لصوت كريم عبر الهاتف مكملاً: -رد يامازن انت فين أنا مش عارف اوصلك .. لا يأتيه رد والطرف الأخر تتمرد عبراته وحنينه يشتعل لأخيه ووطنه وعائلته.. يعاود الاخر النداء يتبعه برجاء: -مازن لو انت مازن ارجع.. ارجع انا محتاجك ولكن ضعفه وندمه يتغلب وهو يغلق الهاتف وحديث شقيقه يخنقه ويسعده.. حديثه يُشعل ضجيج في نفسه في حرب سلبية لا أحد خاسر بها! يفكر هل يعاود الكرة ويتصل به.؟. هل يعود الى وطنه مرة أخرى طالباً السماح من الجميع وأولهم تلك الصغيرة التي انتهكها وفريدة أخته التي دفعت الجزء الأكبر من فاتورته! أم يبقى كما هو بعيداً عن الجميع .. وحيداً .. مفقوداً.. مجتزاً من أرضه .. مغروسا في أخرى قد تلفظه في أي لحظة دون تراجع! السؤال مطروح والإجابة غير واضحة المعالم! والنهاية مبهمة.. مفقودة.. نحرت منه نازفة تخبره انها متعبة ولا سبيل لها!
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD