بعد عدة أيام وصلت نورا إلى منزلها أخيراً..
تعود إلى منزلها بروح جديدة تحاول ال**ود بكل قوتها.. تنظر لشقيقها كريم وهو يحيطها بيده يهتف لها بحنان:
-نورت البيت يانورا..
ارتجفت وهي تنظر إلى والدتها التي تتقدم نحوها بخيلاء مازال يسيطر عليها.. تنظر لها بعين السخط والتأفف .. تتأملها من أعلى لأسفل بملامح نافرة .. تهتف بحدة:
-ايه الي انت لابساه ده, ايه المنظر ده..
ارتفعت يد نورا لحجابها تساويه جيداً تتحاشى النظر لوالدتها .. يدق قلبها وها هي أول خطواتها للثبات في الحياة من جديد في طريقها للفشل..
لم تجد القدرة على الرد فهتف كريم وهو يربت على ظهرها .. يدخلها بأحضانها يخبرها أنه هنا بجانبها:
-مالها ياماما مش عاجباك في ايه.. وبعدين هي دي المقابلة الي بتقابلي بيها بنتك بعد ده كله !
هدرت به صارخة وهي تشير لهيئتها بنفور وهياج :
-بنتي ايه .. بنتي بقت صورة من مراتك أثير هانم.. الي لا نعرف لها أصل ولا فصل..
ثم أضافت وهي تشير لنفسها بخيلاء:
-انا بنتي تبقى زي واحدة مكنتش اشغلها عندي
كانت أثير تقف أعلى الدرج تحمل بين يدها صغيرها عبد الله تراقب ما يحدث بجمود .. متأثرة فقط من أجل نورا المرتجفة بين يد زوجها كريم!
تتأمل جلنار بجنون من أفعالها.. لو كانت تعلم ذلك لكانت ذهبت بنورا بعيداً, ولكن في أسوء كوابيسها لم تتوقع أن يحدث ذلك أبداً!
ثار كريم وهو يقترب من والدته .. يرجوها بنبرة متأثرة بغضب وحزن في سطوة ثبات غير حقيقي..:
-يا ماما اثير مراتي ام ابني .. احترميها !
التوي فمها بابتسامة متهكمة ..تهمس نورا دون اقتراب:
-هو انا موحشتكيش ياماما.. هو انت مش عاوزة تاخديني في حضنك..
لم تتأثر جلنار بل هتفت بجفاء:
-بلاش نبرة الضعف دي متبقيش غ*ية
هبطت أثير في تلك اللحظة .. تقترب من نورا تهديها عناق تنظر لحماتها بتحدي!
تقترب من كريم تعطيه الصغير تتمتم له :
-خد نورا واطلعوا شكلها تعبان..
كان منهك للغاية من تراكم الأعمال وباله المشغول بشقيقه مازن فيمسك بيد نورا يخبرها بعينه أن يصعدوا لأعلى!
لحظات وكان المكان به أثير وجلنار فقط!
تحدى مطلق هنا بينهم.. جلنار تضع قدم فوق الأخرى تردف بخبث:
-اوعي تفكري انك ممكن ت**بي هنا, اوعي تفكري برده ان ابني هيفضل معاك للاخر..
تتوقف عن الحديث تنهض من مكانها.. تقترب منها ..تدور حولها ..تكمل بسخرية:
-الي زيك ملهمش دية يا اثير.. انت ملكيش حد اوعي تفتكري ان شويتين الحنية دول ممكن يخلوكي تنتصري..
تمسك بذقنها ترفعها تبتسم بغموض .. تطلق تهديد:
-هتبقى تجنني لما كريم يتجوز عليك ..اصل انا مش ههدى الا لما ده يحصل..
ابتعدت عنها أُير تنظر لها بعين الفزع تصرخ بها :
-هي مش حرب عشان انا انتصر .. احنا مش في حرب عشان نتصارع..
تشير لنفسها تتحدث بتأثر:
-انا تعبت سنة عايشة معاك وتعبت , مؤامرات على طول .. كدب على ابنك في كل حاجة ..انت ام ازاي..
لم تعيريها جلنار انتباه فتكمل أُثير:
-انا وكريم علاقتنا أقوى من كده .. وصدقني انت الي هتخسري.. اوعي تستقلي بأم بتحب بيتها وعاوزة تحافظ عليه يا..
ابتعدت عنها تنوي مغادرة المكان قبل أن تكمل :
-جلنار هانم..
ابتعدت عنها بينما جلنار خلفها تغلي غضباً تستل هاتفها تض*ب رقماً تتصل به كثيراً بالفترة الأخيرة..
-ازيك يا جلنار..
شمخت برأسها وهي تردف بصرامة:
-بنتك هتيجي مصر امتى !
مكالمة غامضة مع شقيقها , والمفاجأة عودة ابنته لمصر , وابنته لم تكن سوى خطيبة كريم الأولى بل وحبه الأول!
*******************************
هو يحبها ويعشقها, يحارب الجميع ومازال يحارب , هي أنثاه وابنته..
عالمه وحياته!
قلبه وعقله!
هي كل النساء..
هي عاصي!
يجلس أمامها يستمع لحديثها الغير مقبول لمنطق عشقهم.. غير مقبول لقلبه وهي تتمتم بضعف:
-يجب أن تتزوج غيري ناصر
عقد حاجبيه .. يقترب منها , يمسكها من كتفيها يهزها بعنف يهدر بقسوة:
-اتزوج!, أنت واعية لما تقولي, أنت مدركة لطلبك!
هزت رأسها وعبراتها تزين وجهها .. تهمس وهي توليه ظهرها:
-جدتك تريد أن ترى أطفالك.. وهي محقة!
خبط بيده أعلى منضدة موضوعة بالغرفة.. يختاله هياج ويحصره الغضب..
-حقاً هذا هو رد فعلك بدلاً من أن تنتفضي .. تثوري لحقك بي..!
تهربت بعينيها يعانق نظراتها بل يحتلها يجبرها على الخضوع لسلطانه..يردف بقسوة:
-ولكن زوجتي العزيزة ربما نسيت أننا بفرنسا أي لا تعدد! لذا يجب أن ننفصل!
فلتت منها شهقة باكية ولكنها تنفذ ما قالته جدته للنهاية:
-سننفصل رسميا ولكن سأبقى معك بزواج شرعي أما زوجتك الجديدة ستتزوجها رسمياً
ابتعد عنها يرمقها بلا أدنى ذرة تعاطف يتحشرج صوته فيقطعه بصرامة قاسية:
-اذا ما رايك بمريم؟ اعتقد انها مناسبة كما تقول جدتي! غير أنها تنتمي لعائلتي أليس كذلك!
تموت هي قهراً ولكن ربما لا أمل في انجابها له, وهي تريد أن تراه سعيداً ولو كان الحساب موتها!
-مريم جميلة وقوية خيار جيد!
اقترب منها يهزها بعنف أكبر يهدر بصراخ:
-أين كرامتك عاصي.. أين؟
تتهرب بعينيها تحاول التملص منه, تغمض العين وتكبح الشهقات تهمس وهي تتشبث بسترته:
-سعادتك أهم ناصر
مسح رأسه ينظر لها يألم , يتحدث ببرود واللحظة القابع بها لا يصدقها:
-اذاً إذا كان هذا ما تصبوا إليه سأعلن لك موافقتي .. ولكن بشرط واحد!
ترقبت لشرطه بتوجس فيتابع بجمود:
-أنت من تطلب من مريم الزواج بي عاصي!
هزت رأسها بهيسترية تصرخ به .. ترجوه الرفق الذي لم تمنحه له:
-أنت قاسي , لا أستطيع!
ضحك بصخب وهو ينوى الخروج من الغرفة ..يهديها قسوة ربما تعيديها عن ما تنويه:
-ربما حان الوقت أن ترى قسوتي عاصي, سأسافر يومين ..
اشار بيده في وجهها يتابع بهدوء يخالف انهياره من الداخل:
-عندما أعود اذا لم تفعلي ما طلبته لن أتزوج عاصي .. بل سأعتزلك أيضاً.. أنت وضعت الصفقة زوجتي العزيزة فتحملي أركانها!
خرج وتركها خلفه تمنع صراخها ,تقاوم سقطتها..
تركها وهي تنزوي بجسدها أعلى السرير تغمض عينيها , تطرد كل شيء فيبقى هي وهو فقط ..
ناصر!
وليته يتركها ليتها..
همست لنفسها بأسى ووجع
_كم انا غ*ية لا يمكنني ذلك أنا متعبة متعبة..
تلمس بطنها بجوع لطفل لم تناله بعد هامسة بياس
_اريد طفل اريد طفل..
تبكي بقهر .. تنظر حولها بتعب.. تسقط على الأرض تبكي دون رحمة..
هي متعبة وبشدة .. منهكة..
تذكرت يوم أن همس لها ويده تلمس بشرة يدها الناعمة.. يهمس لها بحب:
_لا يمكنني أن ارى غيرك من النساء يا عاصي لا يمكنني..
يقبلها يعيد القبلة الف مرة ومرة..
يقنعها بهمس عاشق مشتاق للجوء لجنتها..
_احبك عاصي..
يضمها ومعها يتجرد من المنطق والعقل.. يلف وجهها بين يديه.. يبتعد بعض انشات قليلة.. وقلبه ثمل في هواها ..
وبعطش يحملها بين يديه، يدسها بين أحضانه.. ويعيش معها عالم وردي جديد