الفصل الثامن عشر

2448 Words
يرمقها بجمود.. يجلس على إحدى المقاعد.. يهتف بلا مبالاة.. _قالولي ضيفة عاوزاني... ها خير.. يرتد جسدها.. وطريقته في الحديث تؤلمها.. تحاول أن تتحدث بأي طريقة.. تبحث عن منفذ لها تجاهه.. تشفق عليها فريدة.. تقترب منها.. تلمس يدها في سلام سريع.. _حضرتك منورانا.. يخف شحوب ملامح والدة غسان.. تهمس بخفوت: _متى نورك يابنتي.. تتدخل منى بتعريف: _فريدة مرات غسان.. تجلس فريدة هي أيضاً وغسان كما هو على حالته الجامدة.. تحاول والدته فتح الحديث.. تستعطفه.. تحاول أن تخبره ما حدث بالماضي.. _كنت عاوزة اتكلم معاك يابني.. لا يتأثر تناوشه ضحكة ساخرة وهو يجيبها بنبرة يتخللها تهكم : _ابنك.. ابنك مين.. يشير إلى جسده والانهاك يشتعل به.. ويقتله من مواجهتها.. _تقصدي انا ابنك.. توميء برأسها ايجابا.. فيكمل وهو يستقم من مكانه.. _وكنت فين من سنين.. كنت فين لما انا ابنك.. يلتقط انفاسه.. يبتلع ريقه وص*ره يعلوا ويهبط .. يهتف بوجع يخفيه جيدا.. _روحت اتجوزت وبنيت اسرة.. خلفت ولاد وكبرتيهم.. ربتيهم.. تقاطعه والبكاء يغلبها: _،يا بني أنا.. يبتر حديثها .. يرفع يده في وجهها يضحك بسخرية.. يخبرها بواقع وحقيقة لا يمكن انكارها ابدا.. يشرح لها أن ومن الصلح بينهم انتهى : _انت جاية متاخر اوي.. جاية بعد ما خلاص.. مبقتش محتاج أم.. يضحك ويكمل: _جاية بعد ايه.. في تلك اللحظات كانت فريدة تجلس وبداخله قرار ينسج من خيال مزيف بنته هي من أوهام.. قرار بالرحيل.. ولا تعرف لما تلك المواجهه تحسها لذلك.. وكأن الجميع اجتمع عليهم.. ففي تلك اللحظات دخل شخص آخر.. شخص ما أن راته فريدة هبت من مكانها.. صارخة اشتياقاً.. متناسية أن ماهي فيه بسببه.. شخص حطم وجع غسان و أشعل فيه غضب.. اهتياج.. شخص اراد اراقة دمائه ولن ينكر ما زال! وفى وسط كل هذا هتفت كريمة.. _مازن ! نطقتها بتعجب .. ، جعل غسان يلتفت لها عاقداً جبينه.. وغضبه يزداد ويزداد.. يهتف وابتسامة شيطانية تعود له.. بسمة التقطتها فريدة.. تلك البسمة التي لم تلاحظها منذ عام مضى.. نظرة شر خالصة.. تستمع وهو يهتف بهدوء مميت: _انت تعرفي مازن كمان.. تسأله غير واعية لتغيره: _انت تعرفه.. يقترب منه .. بخطوات بطيئة.. تثير الرهبة بتلك القريبة من شقيقها تبغى عناقا لم يكتمل بل وقف في المنتصف.. يجاوره غسان.. يربت على ظهره بقوة.. قائلاً _ده مازن اخو مراتي.. يتحاشى فريدة تماماً مكملا: _اخو فريدة.. وهنا كانت نهاية لبداية لم تلبث الإكمال للنهاية.. وكأن الجميع اتفق عليهم في يوم واحد.. وكأن النهاية تنادي فريدة والرحيل يفتح ذراعيه لها.. المشهد يقف على ابتسامة غسان الشيطانية القاسية.. وغسان يعود بذاكرته لشقيقته وان اذنبت.. ملقاة على سرير رث.. متهالك.. عودة مازن أعادت الماضي.. عودته أشعلت النيران.. عودته فتحت الجروح بقسوة.. والجروح هنا لم تلتئم بعد .. ! وبين هذا وذاك.. كانت هنا نهاية تكتب من جديد! *********************** الموسيقى كانت صاخبة بالمكان.. الجميع يتمايل ويتراقص.. وهي معهم هنا تتأملهم بنفور لحظتها.. تقترب منها ليوني تهتف وبيدها كأس من الخمر.. _تفضلي نيرة.. تتراجع نيرة بنفور .. تهز رأسها نفياً.. قائلة: _اسفة ليوني.. ولكن انا لا اشرب الخمر.. تخرج من حقيبتها سريعا.. علبة صغيرة مغلفة.. تمد يدها تجاه ليوني.. تبتسم لها _تفضلي هدية عيد ميلادك.. تأخذ ليوني العلبة.. تقبل وجنتها.. هاتفة بسعادة _نيرة.. شكرا لك عزيزتي.. تحاول هي التملص والاستئذان بالرحيل.. _عزيزتي يجب أن ارحل الآن.. ولكن ليوني تعترض.. وهي تقول _مازالت الحفلة بأولها وانت لم ترقصي بعد.. تتسع عينيها وهي تضحك بخفوت.. _سأمكث بعض الوقت ولكن عذرا.. لا يمكنني الرقص.. تشير للحفلة مكملة: _يمكنك الذهاب لضيوفك وانا سأبقى هنا.. لحظات ووجدت بجانبها احدهم.. لم تلتفت له.. ولكنه تحدث بصوت عالى.. يوجه رسالته لها.. _لم أكن أعلم انك تأتين لتلك الأماكن.. تذعر من وجوده.. وترتد للخلف بصدمة.. ولا تريد هي شجار اخر معه.. فيكفيها ما يحدث بالجامعة معها.. يترصدها ولو تأخرت لثواني.. هذا الرجل في يوم محاضرته يجعلها تستيفظ مبكرا خوفا من ان تنال منه بعض النظرات السامة والكلمات التوبيخية.. تمسك حقيبتها وهي تستقم من مكانها.. تسير بخطوات سريعة.. يسير خلفها.. يلاحق خطواتها.. يمسكها من رسغها بقسوة.. تحاول التملص منه صارخة بخفوت _ابعد يدك عني.. يبتسم ببرود وهي يشير بيده لمجموعة من الشباب ملتفين حول ليوني.. يهتف بنبرة حادة _انظري هناك.. هؤلاء الشباب كانوا ينون الاحتفال.. يتن*د وهو يجرها من يدها باتجاه الخارج قائلا: _هل تعرفين ما هي حفلتهم.. يلتفت لها .. يراقب نظراتها الخائفة.. نظراتها المتعثرة.. يشعر وكأنها طفلة.. يشعر أنها شقيقته .. منذ أن استمع لحديث ليوني والمجموعة معها.. وهو خائف عليها.. ولا يعرف لما.. _انت الحفلة.. انت وليمتهم لتلك الليلة.. تنتحب من هول المعنى ولكنه يهدئها سريعا .. يدخلها سيارته هاتفا: _اهدئي.. اهدئي..لم يحدث شيء .. هيا اخبريني عنوان منزلك لأقم بتوصيلك.. تخبره في سكون ورتابة.. وال**ت حليفهم طوال الطريق.. يهتف مخففا عنها.. _تلك عادة تلك المجموعة .. بما انك عربية.. لا تفهم مغزى الحديث ولكنه يكمل.. يخبرها بحقيقة يعرفها الشرقيون _كما تعلمين الفتاة الشرقية تحافظ على نفسها للزواج.. هنا تعرف مقدار ما خسرته.. تعرف ما يقصده..والحقيقة المعروفة.. المنشودة.. تقتلها.. تخبرها بمقدار ما فقدته.. تصرخ بها أنها خسرت كثيراً.. ! خسرت احترامها.. معنى حديثه اعاد الماضي .. اعاد سقوطها وزلتها.. اعاد فقدها وتعثرها.. اعاد كل لحظة خسارة مرت بها وهي ما زالت صغيرة.. تهتف به واستهزاء يشمل النبرة.. ولكنه لم يميزها.. _اغ*ياء.. لعبتهم خاسرة.. أجل اغ*ياء همستها داخله والسخرية تملأها.. لاتنسى هي أنها تزوجت مرتين ياله من قدر سقطت فيه.. تتجمد ملامحه للحظه متسائلا.. والخوف يدب بقلبه يقتله _لما تقولين ذلك.. تخبره مباشرة والجمود يحتلها هي وكأنها تخبره نشرة الاخبار مثلا وكأنها لا تحكي وجع.. لا نحكي ألم.. _أنا مطلقة .. قالتها ببساطة رغم صعوبتها.. ولكنها اصابت هذا الماكث جانبها بخيبة.. وكأنه كان يتأمل منها قصة حب عذرية فهل تتلاقى طرقهم؟! أم هنا كانت نهاية لبداية لم تطيء طريق النور بعد! ######### الرغبة.. هي مجرد كلمة من أربعة حروف.. ر.. غ.. ب.. ة..! ولكنها كلمة دوما مجهولة , كلمة دوما تحتاج إلى مرافق يظهر المعنى! رغبة حب.. رغبة جسد.. رغبة حياة.. رغبة موت.. والكثير والكثير من الرغبات .. ولكنه هنا كان يجاهد رغبة الانتقام السوداء, دجنته وظلامه الذي تجدد وظهر مرة أخرى وانبثق من القاع ليعلوا السطح مهيمنا بقتامة, الوحش الذي استسلم لسبات عميق , يستيقظ الآن وبضراوة يزأر وينوح مطالباً بتحريره, صراع الخير والشر مرة أخرى.. المقصلة تقترب منه وهو منها غافل! كان يحاول بل يجاهد في تهدئة نفسه الثائرة .. المهتاجة بسعير جحيمه.. يجاهد تلك النفس المحرومة من التحليق داخله تطوق جناحيها فتض*به وكأنها حد سكين , حد مسموم قاتل لا بتر ولا نقاش! ترمقه هي بحذر ولا تعلم أي صف تتخذه, أي صف تركن إليه.. السكون كان في حضرة والدته مجبراً هو عليه, يحتل نظرات الأخر وعينيه تتهرب بل هو يغمضها..! تهكم يحتل ملامحه وهو يرى هذا الندم.. هذا العذاب.. هذا الانهاك علي ملامح مازن, وصوته يصرخ دون صوت الآن عذاب الضمير! يأتيه صوت والدته الجالسة بتوتر نبرتها كانت متوجسة وهي ترى ذلك الشد الغريب منذ وصول مازن, تتعجب بملامحها تارة, وتتملكها الحيرة تارة خاصة بعد أن عرفت أنه أخ فريدة: -مازن كانت ض*بته سما في لندن.. ي**ت غسان ويحلل ما تقوله وعينيه ترمق تلك المنكمشة بجانبه , يحظى بتأمل سريع وهي تسلط تركيزها مع اخيها.. يجلي صوته ويتابع الحديث مع والدته , يجاريها واسم سما يلفت انتباهه..: -سما مين! سؤال جاد والنظرة المتألمة من والدته كانت نصف الإجابة والنصف الأخر سُدد له ألم مماثل عندما هتفت بارتعاش تخفيه بمحاولة فاشلة: -سما اختك ياغسان.. يملك أخت أخرى يبتسم ولا يعرف السبب , ويعاود النظر لمازن والسخرية تتملك منه وهو يهتف بمعنى مبطن لم تفهمه كريمة: -اختي.. يبتر الكلمة في نظرة غائمة, تدور بالغرفة ثم يرفع يده يض*ب أعلى قدمه .. يهز رأسه .. يضحك بخفوت: -سبحان الله يامازن شوف الدنيا.. اختي برده.. والكلمة الأخيرة نطقها وهو يكتم سباب لا يعرف من أين أتى على ل**نه! ينهى النظرة والتوعد للأخر ثم يلتفت لوالدته مبتسماً بزيف , يتحدث بهدوء تام: -طيب ياريت المرة الجاية تجيبي معاك سما اختي.. ابتهجت ولا ينكر أنه تأثر رغماً عنه لبهجتها , قلبه رغم الجمود والقسوة يركن ويلجأ لحنان هو مغلوب عليه ومدموغ به.. تلك الصفة التي أثارت سخرية والده كثيراً ولكن منى كانت دائما تحتضنه.. تربت على ظهره بحنان.. تبتسم له تخبره ببساطة شديدة: -احلى حاجة فيك حنيتك ياغسان.. ابتسم وكاد أن يخبرها في تلك اللحظة أنها صفة لا يقدر على تصنيفها بالمرة, صفة تؤثر عليه بطريقة غريبة! يخرج من شروده على صوت والدته التي استقامت من مكانها بلهفة , تعاجل بقولها وكأنها حصلت منه على جائزة ذهبية, وللعجب تؤثر هي به: -طيب هجيب سما معايا وهجيب اخوك.. يتابع باهتمام وهو لا يعلم هل يفرح أم يبكي.. أم يسخر من الوضع كله.., فبين يوم وليلة يكتشف ان له أخوة أخرين... -انا ليا اخ.. تهز رأسه وتلك الغمامة التي تغلف عينيها تكاد تسقط في عبرات وشيكة خاصة وهي تردف بتأثر لمس قلبه: -غسان يتعجب فيجيب بحيرة: -نعم! فتعيد الاسم مرة أخرى بتأثر أكبر وحنان عاطفتها يفيض من الكلمة: -اسمه غسان! هل ض*بت ض*بتها أم زادت من وجعه, لما لا يرحمه أحد , يتساءل وعينيه تلتفت لفريدة يود أن يخبرها ببساطة أنه يريد راحة! يهز رأسه برتابة دون تعليق , يراقبها وهي تلتقط حقيبتها.. ثم تلقى سلام أخير وترحل! ترحل هي وال**ت حليف الجميع بالمكان, لقاء غير متوقع.. قدمه ترتفع فتعلوا الأخرى بوجه الآخر , يتأمله بل يحتله.. يرهبه ..! هو رجل غير متوقع , سريع التوحل , حاد النظرات! يهتف وهو يخرج لفافة تبغ أخيره بعلبته.. يشعلها ببطيء ويتأفف وهو ينفث دخانها! يتابع ملامح الاخر من خلف الدخان بضبابية.. يهتف وهو يتلاعب بقداحته يشعل النار بها تارة وتارة أخرى يطفئها.. ربما رسالة مبطنة منه أنه المتحكم هنا..! وربما رسالة لذلك الجالس أنه هالك لا محالة! -منور يا مازن..! والآخر فقد الرهبة والخوف, الآخر لا يرى سوى أنه هنا ليدفع الثمن وينتهي الأمر.. نظراته يلاحظها غسان وهي تتابع فريدة بندم , هذا الندم يتسرب لأوردة غسان لما فعله بحقها! يهتف مازن بعد **ت دام لدقيقة تقريباً: -ايه الي تحب اعمله وتسيب أختي.. يغمض عينيه , يخفي ارتعاشه وعينيه تبحث عن طيف أنثى دنسها بلا رجعة: -انتقم مني.. اعمل ما بدالك.. يتوقف عن الحديث وكله وجع وألم , كله ندم وعذاب, كله يصرخ .. ينتهي.. يموت!, يض*ب ص*ره بقوة.. بحدة , يصيح وهو يواجهه: -ريحني, اقلك اقتلني! تشهق هي بخفوت تلتفت لغسان فتراه هذا الشيطان الذي نحرها أسفل مقصلة الانتقام منذ عام! يؤلمها قلبها لحالة مازن وروحها تُغمس في اشتعال بئر ينذر ببركان ينفجر بتلاحم قوى انتقام وسقوط! أما هو فتمتد يده حول خصرها .. تكبح صدمتها .. يتصلب جسدها.. ترفع عينيها لعينيه في حوار صامت بين قتامة احتلت نظراته وألم سكن بنظرتها! يبتعد عن عينيها سريعاً , يخشى التأثر, يهتف لمازن بسطوة ذكورية البت فيها ممنوع: -فريدة مراتي, وهتفضل مراتي.. برودة تتسلل لها عبر لمسته , نفور من الموقف كامل خاصة وهو يقول: -عاوزة تطلقي يافريدة.. انتظر منها الجواب وانتظر الهمس ولكنها تخلصت من سطوته واحتوائه ,ثم بادرت بسؤال وهي تستقم من مكانها .. تقترب بخطوات سريعة من اخيها .. تهتف بمرارة موجعة ..تطلق تساؤل رغم الاشتياق والسعادة برجوعه: -جيت ليه يا مازن.. ت**ت وتلتفت حولها تجد أن منى غير موجوده بالمكان وكأنها تركت لهم المواجهة بحرية.. وكأنها ملت حوار الانتقام والندية بالذنوب والخطايا! تقترب منه أكثر .. تض*ب ص*رها بيدها.. تصرخ به مكررة بهيسترية احتلتها وتغلغلت بها: -ليه.. رد ليه.. يستقم من مكانه, يقترب منها أكثر .. يحاول أن يضعها بين أحضانه ولكنها تتمرد.. تبتعد.. تتصلب ! تهتف به بصراخ تحت أنظار غسان القاتمة والتي تخفي وجعا لأجلها: -جاي بعد ايه يامازن.. تهز رأٍسها وتناوشها ضحكة ساخرة بينما يدها تمسح خصلاتها بارتعاش وهي تقول بنبرة متقطعة تقطر ألماً ربما لم يندمل بعد جرحها: -خلاص .. خلاص.. انا دفعت التمن خلاص.. أنهت الجملة بارتعاش وسقوطها أصبح وشيك للغاية.. والوجع يطال قلب الرجلين! تكمل وهي تبتعد عن مازن بخطوات بطيئة وجسدها يهتز من ذلك النحيب الذي لا يتوقف: -كنت فين وانا بتجوزه قبل فرحي بأسبوع كنت فين وانا حياتي كلها بتقع.. يبقى على وضعه , يود لو نال الموت عندما اصطدمت به سما, يود لو كان حالفه الفراق من هذا العالم الذي أثار فيه خطيئته دون ترف عينيه.. يشير إلى نفسه هاتفا : -مكنش قصدي .. مكنتش اعرف اني لما اهرب ده هيحصل.. ي**ت و يزيغ بصره بالمكان يكمل بمرارة حقيقة نابعة من قلب رجل تلون بالخطيئة وتاب بال**ر والوجع: -مكنتش أعرف ان ده هيحصلك يا فريدة تبتسم باستهزاء وغسان يتابع , يعطيها المساحة كاملة أن تنفجر وتخرج ما بقلبها دفعة واحدة.. يستمع لحروفها ولعتابها الذي لم يتوقعه منها: -لا يا مازن غلط... ينظر لها باستفهام .. يقضب جبينه بحيرة .. يستمع لها وهي تكمل بقسوة لم يعهدها بفريدة: -كان لازم تعمل حسابك وانت بتضحك على بنات الناس.. تلتقط أنفاسها وتكمل بقسوة أكبر ونظرات يستعمرها الجمود: -كان لازم تبقى راجل وتفكر قبل ما تجهض ابنك وتعرض حياة بنت صغيرة وثقت فيك بكل سذاجة للخطر والموت والموت نطقته بهلع بينما هو يحاول التبرير.. يحاول أن يجد كلمة واحدة يدافع بها عن حاله ولكنها لا تعطيه فرصة أو هو يثيره اليقين أن لا مبرر قد يجده في جعبته: -كان لازم تفضل جنبها .. تنهار في البكاء وحديثها يلمس قلب هذا المراقب بذهول .. يستمع لوصلة من تأنيب حادة , وصلة خاصة بشقيقته لا بها!.. تكملها وهي تهز رأٍسها بيأٍس وكأنها هي المعنية والفاقدة: -قلي يامازن مصعبتش عليك وهي بين الحياة والموت.. تقترب منه مرة أخرى .. ترفع يدها تض*ب موضع قلبه..: -قلبك ده موجعكش عليها وانت بترميها قدام مستشفى حكومي وهي غرقانة في دمها يهز مازن رأسه يود أن يصرخ بها أن تتوقف, يود أن ترحمه من ذكريات حادة لا ترحمه بل ترفرف بجانحيها داخله , تخلق به رتوش وجع نازفة ببطيء.. يتذكر نيرة وهو يلقيها أمام المشفى وهي تهمس له بضياع من غيبوبتها اللحظية: -ارحمني يامازن! أما الآخر بنهاية حديثها عاد سواد ليله القاتم بلا نجوم تضيء سماءه.. عادت نظراته التي تخيفها, كانت تتطلق كلمات التأنيب ولكنها كانت تشعل الذكري بنيران تشتعل أكثر بمرور الصور القديمة أمام عينيه.. وحقيقة واحدة تنتصر لقد خسر شقيقته, خسر نفسه أيضا! يلتفت لفريدة التي بادلته النظرة بقوة وهي ترفع يدها بجمود , تهدر بحزم قاطع: -اوعي تفكر تمس شعرة من اخويا.. ت**ت تهديه مساحة تأمل وتقبل وتكمل بجمود : -انا دفعت التمن وانتهينا يابو البنات! يواجهها بصلف وتوق لمعرفة الرد : -وان لمسته يابنت الشيخ.. تبتسم بقسوة كانت له وباتت لها, تجلس على المقعد أمامه , تضع قدم فوق الأخرى, تتعجب من حالها وتنتشى بفعلتها القائمة وهي تردف وبصرها مسلط بكل شيء الا هو : -يبقى هسيبك, همشى ومش هتعرف تطول مني شعرة.. تدعي التفكير والسقوط في الحيرة ولكنها ترسل رسالتها أنها مزيفة وهي تقول بكل ثقة تاقت لها .. ترفع يدها تعد عليها بوجع: -اعتبره مهرى بابن ابو العزم, اعتبره فستان الفرح, اعتبره شهر العسل, اعتبره قلبي الي ان**ر.. ت**ت وهي تواجهه ببصرها , تعانق ملامحه بإنهاك: -اعتبره بدل موتي يوم ما قررت تنتقم مني! يرتد للخلف برأٍسه مبهوتاً مما تقول.. يتوقف الزمن عند تلك اللحظة.. لا يعلم من تلك التي تتحداه هل هي تلك الانثى التي يراها كربيع على أرض هامدة.. أم هي أنثى تتوسد القوة مغموسة بالتخطي والاستمرار! قلبه هنا يهدر به غضباً وعجباً له منذ متى ! يتألم ويندم وينذر داخله العذاب وهنا يعرف شيء واحد .. هو لم يدفع الثمن بعد؟! كان يحتل نظراتها وهي هنا بعد مواجهة أخيها لا تبالي, تمنحه الاحتلال بإرادتها! هي هنا كبلورة ماسية تم جرحها فان**رت فأصابت شظاياها الأخرين! اختفت هنا الأنوار من المشهد وحل الظلام من كل صوب.. ظلام خبيث يتسرب لأوردتك ..جسدك ويحتلك.. والواقع ينير أمامه رواية جديدة.. لقد عدنا لنقطة البداية.. فهل اقتربت النهاية, خاصة أنه يود الفتك بأخيها وليس المساس فقط! هو هنا في انتقامه بربري.. عابث.. خاطف .. مجنون.. وهي هنا تراهن عليه.. تمتلكها رهبة.. برود.. قنوط هي تراهن على خير ينتصر بعد صراع..! بل هي تراهن على غسان نفسه! *************
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD