4

2322 Words
أكمل إقفال الحقيبة وتثبيت أربطتها ، ثم نهض ، وعلق البندقية في كتفه ، ثم رفع الحقيبة والمسدس الآلي ، ومشى خلف ظله وانطلق . بدأ له أنه يعرف كيف يعود إلى عربته ، كما أنه قلب في رأسه فكرة التجوال في الصحراء في الليل . كان هنالك الكثير من أفاعي الموجاف السامة في تلك المنطقة . فإذا عضته واحدة منها في هذا المكان أثناء الليل عندها من المحتمل أنه سينضم حينئذ إلى أعضاء هذا الفريق من الموتى . وستكون الحقيبة التي يحملها في هذه الحالة ، بحملها الثمين ، من نصيب مالك آخر سواه . أما ما يتحدى كل هذه الاعتبارات ، فهو مشكلة عبور منطقة مكشوفة في وضح النهار مشياً على الأقدام وهو يحمل سلاحاً آليا كاملاً معلقاً على كتفه ، كما يحمل حقيبة تحتوي على عدة ملايين من الدولارات . أما خلف كل هذه الملابسات ، فيقف اليقين المرعب بأن شخصاً ما ، لا بد له من المجيء إلى مسرح المأساة الجاثمة هنا للبحث عن هذه النقود . بل ربما سيأتي في طلبها أشخاص عديدون . فكر في العودة لالتقاط البندقية الرشاشة ذات المخزن الأسطواني . فلقد كان شديد الإعجاب بتلك البندقية . حتى إنه فكر في التخلي عن المسدس الآلي في سبيلها . لقد كان اقتناء مثله جريمة يعاقب عليها بالسجن . لكنه لم يتخل عن شيء ، ولم يعد أيضاً إلى مكان وجود العربات بل شرع في السير مترنحاً عبر البراري ماراً خلال الثغرات التي تتخلل سلاسل التلال البركانية ، وقاطعاً المنطقة المنبسطة ، أو الكثيرة المنحنيات ، التي تمتد إلى تلك السلاسل . حتى إذا شارف النهار على نهايته ، وصل إلى طريق نقل الماشية التي كان قد جاء منها أثناء الصباح الباكر في عتمة الفجر .   ثم ، وبعد أن سار مسافة ميلٍ على هذه الطريق كان قد وصل إلى عربته . فتح باب العربة ، وأجلس البندقية على الأرضية ، ثم استدار وفتح باب السائق ودفع المزلاج وأزاح المقعد إلى الأمام وركن الحقيبة والمسدس الآلي خلفه . ثم وضع المنظار من عيار0 .45 على المقعد وصعد ، وأعاد دفع المقعد إلى الوراء بقدر ما استطاع ذلك ، وأدار مفتاح المحرك . ثم خلع قبعته واستوى إلى الوراء ، وأراح رأسه إلى الزجاج البارد خلفه وأغمض عينيه . عندما وصل إلى الطريق السريع خفف سرعته وربّـت بأنامله على قضبان السياج الحامي من الماشية . خرج إلى الطريق السريع المعبّد بالقار المسفلت ، ثم أنار المصباحين الأماميين . قاد سيارته غرباً في اتجاه ساندرسون ، وحافظ على التزام أقصى سرعة مسموح بها خلال كل ميل سلكه من الطريق . توقف عند محطة للتزود بالوقود في الطرف الشرقي من المدينة ، وكذلك من أجل شراء السجائر ، والحصول علي شربة ماء كبيرة ، ثم تابع القيادة إلى منطقة ديزرت إير ، إلى أن أوقف السيارة أمام بيته الذي هو عبارة عن سيارة فان ، مقطورة أطفأ محركها . وكان البيت مضاء من الداخل . "قد تعيش مئة عام ، لكنك لن تعيش يوماً آخر مثل هذا اليوم ."  وحالما نطق بهذه العبارة بل**ن خياله ، بدأ القلق ينتابه . أخرج مصباحه الكشاف من صندوق العربة ، وخرج منها آخذاً معه المسدس الآلي والحقيبة من وراء مقعده . ثم زحف متسللاً تحت العربة المقطورة . اضطجع هناك على ظهره على التراب رافعاً بصره إلى الجانب الأسفل لأرضية العربة . أنابيب بلاستيكية رخيصة وخشب معا** . ورقاع من مواد العزل . دس الرشيش من نوع إتش آند كاي في زاوية من الزوايا ، وأعاد تسوية طبقة العزل فوقه ، ومكث في ضجعته تلك قليلاً ، يفكر . ثم زحف عائداً إلى الخارج ومعه الحقيبة . نفض الغبار عن ثيابه وتسلّق درجات بيته ودخل .   الفصل الأول صعد " رمزي ما**يم " إلى ظهر الباخرة برابانت من ميناء دوفر " قبل إبحارها بدقائق معدودات . . وانطلق إلى قمرته رأسا حيث اعتكف بها دون أن يقطن إليه أحد . . كان قد قضى بضعة أشهر في إنجلترا . . واعتزم فجأة أن يعود أدراجه إلى أمريكا للاستجمام والتماس الراحة من عناء الأعمال . .!! وقد حرص على أن يتناول طعامه في قمرته ، ولم يصعد إلى سطح الباخرة إلا غرارا . فأثار ذلك فضول المسافرين وراحوا يتساءلون عن شخصيته وعن الدافع الذي يحدوه إلى هذه العزلة . وتصادف أن ذهب ما**يم إلى ملعب الجمباز في صباح اليوم الثالث من بدء الرحلة فتحداه المدرب ، حيث كان عملاقا أعضل شديد المراس . . ولم يطق صبرا على قحة الرجل ، فقبل التحدي ، واشتيك الاثنان في ملاكمة رهيبة أسفرت عن هزيمة المدرب هزيمة منكرة . ، ولكن سرور " ما**يم " بالنصر على هذا المدرب المتعجرف ما لبث أن تلاشى عندما عرف من أحد خدم الباخرة أن هذا المدرب ما هو إلا أحد رجال البوليس السري . وقد استقل الباخرة لمراقبة بعض المحتالين من محترفي لعب الورق . عاصي قلب رمزي ما**يم بين جنبيه ، وأدرك أن الرجل سعی متعمدا إلى الاحتكاك به . . واخذ يتساءل هل يعرف المدرب ويلز " شيئا عنه وأراد مناواته لغرض في نفسه ؟ . ولم تقتصر متاعب ما**يم عند هذا الحد . فبينما كان يجلس في قمرته . وهو يدخن غليونه . إذ رای امین حسابات الباخرة يمر في الدهليز الخارجي ,, ثم يتوقف . ويتطلع إليه متأملا . . شان الرجل حين يرغب في مجاذبة آخر أطراف الحديث . قال الرجل بغتة  : - خيل إلي أني شممت رائحة تبغ ف*جينيا . . وانا مولع بتدخين هذا النوع . . فهل تسمح ة فقال " ما**يم في بشاشة  : - تفضل على الرحب والسعة ، اجلس ، واملا غليون من هذا الصندوق . - أكبر الظن أنك تنعم برحلة ظريفة . .؟ - بغير شك . . ولو أنني اعتدت أن أسافر في البواخر الكبيرة لما تمتاز به من وسائل الراحة فقال أمين الحسابات  : - إن هذه الرحلة بمثابة عطلة لي فقد اعتدت أن أسافر في البواخر الكبيرة في غضون السنوات العشرين الأخيرة . . فمثلا قمت بخمسين رحلة على ظهر الباخرة بواتانيا . ولكني اضطررت إلى قبول هذه الرحلة لأن أمين حسابات الباخرة مريض وفجأة لاحظ أمين الحسابات أن فحوله اختار له مقعدا مواجها اللباب بحيث يسقط الضوء على وجهه ، بينما جلس هو على مقعد في الظل . . فاغتاظ . . ولكنه قال محاولا التسرية عن نفسه  : - إن هذه الباخرة ، على الرغم من صغرها ، مدرسة للتعمق في فلسفة الحياة لأنها خاصة بعدد كبير من مختلف الأجناس . . لكن لا احسب أن هذا الحديث بشوقك لأنك حريص على عزلتك وانفرادك . .! - اوه . . لقد درست الحياة دراسة وافية . . ولم تعد بي حاجة إلى المزيد . . . وتدرج الحديث بين الرجلين إلى الجرائم والمجرمين . . فقال أمين الحسابات ! - مما يؤسف له حقا أن منصبي . وإن خولني أن أشاهد بداية إحدى المغامرات ، فإنه لا ينبح لي شهود بقية فصولها . . فساله ما**يم مداعبا  : - وهل شاهدت الفصول الأولى لعدد كبير من الماسي على ظهر الباخرة برابانت ؟ - ربما . . على أن الظواهر تشير إلى أننا قد نشاهد قريبا مأساة مروعة ، فإن أحد رجال البوليس السري بعاني - حاليا - عينا زرقاء متورمة بعد أن قضى يومين وهو يحاول عبثا أن يستدرج احد المسافرين إلى الحديث ولعمري كم أود لو استطعت بوسيلة ما أن اقرأ ما يجول برأس رجل البوليس في تلك اللحظة وفي التو ادرك " ما**يم أن امين الحسابات إنما أراد التحدث إليه للوقوف منه على تفاصيل المعركة التي دارت بينه وبين " ويلز " وعلى الرغم من القلق الذي انتابه . . فقد قال في هدوء عجيب  : - لماذا لا تذهب إليه وتساله عن تلك ؟ . . لاشك أنه سيسره أن يدلي إليك بكل شيء ؛ فقال الرجل  : - قد أفعل ذلك . . ولو انني ربما خرجت من اسئلتي صفر اليدين . كما يحدث في غالبية الماسي التي تبدا على ظهور البواخر ، فطالما أفضت إلى بنتائج تافهة . مثال ذلك ما حدث ذات يوم في الباخرة بواتانيا عندما ألقت مرساها في ميناء ليفربول . نلك أن شابا كان بشغل احد اجنحة الدرجة الأولى ، ترك أمتعته ووثب إلى الأرض من فوق سطح السفينة ، وقد ذهبت الأقوال في تفسير تصرف الشاب شتى المذاهب ، فمن قائل إنه لص ورأى أحد رجال البوليس السري فلاذ بالفرار . . وذهب آخرون إلى القول بأنه كان يخشى القبض عليه السبب ما ، وهلم جرا . . بيد انني ما كنت ایرق إلى إدارة الشركة حتى علمت أن الشاب قدم لهم عذرا مقبولا عن تصرفه إن زعم أنه رای قريبا له كان قد غاب عنه زهاء السنوات العشر فوثب إلى الأرض ليلحق به . . فغمغم ما**يم - إن هذا الشاب سعيد الحظ حقا لانه لم يدق عنقه . - إن حسن الحظ كثيرا ما يخدم صاحية على حساب العدالة . . فقطب ما**يم حاجيبه وقال  : - يخيل إلي أنك تصر على أن الشاب مجرم على الرغم من انعدام الأدلة على إجرامه - يجوز . . إني لا أزال أعتقد أنه قد حان الوقت الذي أعرف فيه الحقيقة . . ومال الرجل في مقعده . . واستطرد ؛ - والآن . . هل لك أن تخبرني يا مستر مارتن ديل " لماذا جازفت بالوثوب من فوق سطح الباخرة في تلك الليلة . .!     الفصل الثاني أجفل ما**يم . . ولكنه سيطر على شعوره في الحال . ثم قال في هدوء : - آه العمري لقد كنت أنسي الحادث لتفاهته أولا ولانقضاء وقت طويل على وقوعه ثانيا ، ولكن يبدو أنك لا نزال نذكره جيدا ، وإنه العجيب حقا أنك لم تقتنع بما اقتنعت به شركتك . . - إن الشركة لا تعرف ما أعرفه ، فانا مثلا اعرف قصة الكابتن مانون . . كانت هذه الكلمات بمشاية قنبلة ألقاها الرجل . . ذلك أن الكابتن مانون " كان واحدا ممن يعلمون - وهم قلة في أمريكا - أن مارتن دبل هو رمزي ما**يم . . غمغم لوين مشدوها - الكابتن مانون " ؟! هل تتحدث عن ضابطي السابق في الجيش ؟ - إني اتحدث عن الكابتن " فرانك مانون الذي رأيته على ظهر الباخرة بواتانيا ، فوثبت إلى الأرض لتتجنب لقاءه . فصاح ما**يم  : - على ظهر الباخرة " بواتانيا ؟ هل انت واثق مما تقول ؟ . - يبدو انك نسيت انني كنت أمين حسابات الباخرة وقتئذ ؟ ,, لان ما**يم بال**ت . .لأنه لم يستطع أن يجد سببا معقولا بحدو الكابتن مانون إلى خرق وعده بان لزم ال**ت فيما يتعلق بالماضي . . بعد آن نزل كلاهما من الأخر منزلة الصديق الوفي . . قال بعد قليل - مهما يكن يا سيدي . . فإني لم أتشرف بعد بمعرفة اسمك ، ، - اسمي وارن برانتون وارن . . - إذن أصغ إلي يا مستر وارن . . عندما أقول إنني لم أكن أعلم بوجود الكابتن مانون على ظهر الباخرة فإنني اقرر الحقيقة فلو اني كنت اعرف انه بين ركاب الباخرة لسرني أن أقا**ه . أما وثوبي فيرجع إلى انني سمعت صوت رجل يناديني من الشاطئ ، ولما كنت مدينا لهذا الرجل بحياتي ، فقد وثبت للقائه ، وأقسم لك بشرفي أن هذه هي الحقيقة المجردة من كل زيف . . - قد تكون صادقا كما قد لا تكون . مهما يكن ,, فقد أقام الكابتن مانون من نفسه محاميا عنك . . واخذ يدحض اقوال المسافرين . . بل لقد كاد يبطش باحدهم عندما أصر على أنك لص هارب من وجهالعدالة فقال ما**يم باسما  : - لك الله يا " مانون "  . . لقد كان دائما نعم الصديق المخلص . . وارجو ان تتاح لي الفرصة في أحد الأيام لاوفيه حقه من التقدير فتأمله أمين الحسابات مليا وقال  : - لم يكذب من قال إن الطيور على أشكالها نقع ، كذلك المجرمون يحنون إلى بعضهم البعض فتطاير شرر الغضب من عيني ما**يم . . وصاح : - لو نطقت بكلمة واحدة ضد الكابتن مانون فسابطش بك . . فقال محدثه في هدوء عجيب - هل دار بخلدك ان حماسة الكابتن مانون في الدفاع عنك هي التي حولت اهتمامي إليه . . لو اني كنت في مكانك لفكرت مليا قبل أن أخف للدفاع عن مجرم ' - مجرم ؟ - عندما بلغت الباخرة " بواتانيا " المرفا . . القي القبض على صديقك الكابتن . . وهو الآن في سجن سنج سنج . فصاح ما**يم مشدوها  : - احقا ما نقول . - لقد رأيته عند إلقاء القبض عليه . . وقرأت في الصحف نبا الحكم عليه بعد أن وجهت إليه تهمتي التبديد والشروع في القتل ، صعق ما**يم من هول النبا . . ولم يستطع أن يصدق أذنبه في بادئ الأمر . فهو يعلم ان مانون من أرباب الثروات الضخمة والمراكز المحترمة فكيف يمكن أن توجه إليه تهمة التبديد ؟! . . واستطرد امين الحسابات  : - ومستر ویلز هو الذي قبض على مانون . وجمع أدلة إدانته . . فلما رأيت اهتمام " ويلز " بأمرك . . تذكرت دفاع " مانون عنك . . ويدات الشكوك تساورني . وقد اشتدت هذه الشكوك عندما رايتك تهب للدفاع عن مانون . فابتسم ما**يم وقال : - إني بغير شك مقدر لموقفك ولو كنت في مكانك لساورتني نفس الريب . . لكن هل معنى ذلك انك تعمل لحساب ويلز ضدي ؟ فاجاب وارن - لا . . فإني أكره ویلز . . وقد سرني أنك نکلت به ، وبودي لو استطعت إن تدلل لي على خطا ظنوني نحوك . فلست أكلمك انني اشعر بكثير من العطف عليك . قسري عن ما**يم قليلا ، ثم قال  : - إذا أردت الدليل على أنني رجل محترم ، فها هو . ونهض إلى حقيبته واخرج منها إطارا نفيسا يحتوي على صورة کهل وقور ، وعرضها على " وارن " قائلا  : - هل تعرف من هذا ؟ فتأمل وارن الصورة ، ثم هتف مبهوتا  : - هذه صورة " إيرل أوف روز کارل وزير خارجية إنجلترا . فاخرج ما**يم الصورة من الإطار . وادارها . واشار إلى العبارة التالية المسجلة فوقها  : إلى صديقي العزيز الكريم مارتن ديل تذكار مودة واعتراف بالجميل  : - لقد كان الرجل الذي ناداني من فوق الشاطي ابن " إيرل اوف روز کارل " وإني مدين لهذا الشاب بحياتي ، فهل تعجب إذن إذا وثبت لتحيته ! إذا كنت لا تزال على ريبتك فاكتب إليه مستفسرا . وكأنما اقتنع " وارن بما رای . . إذ هتف : - بل إني واثق يا سيدي من صدقك . . ويؤسفني انني أزعجتك بتطفلي . . فأرجو المعذرة . وانبعث واقفا . ثم استانن وانصرف . وبقي ما**يم وحيدا ، وقد خلفته صدمة الحكم على صديقه " مانون مضعضع الحواس ، شارد الفكر
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD