حلقة 16 لن يتركنا الله

2146 Words
استفاق صالح من غفوته بعد نوما عميق لفترة طويلة دامت ليوم كامل التفت حوله فوجد أصدقائه نائمين و كأن مغشيا عليهم شكلهم مخيف جدا و كأنهم نائمين منذ عدة أعوام مثل اهل الكهف كل منهم ممدد الجسد و كأنه ميت صرخ فيهم بأعلى صوت ممكن و هو يهز أجسادهم ليستفيقوا - استيقظوا كفاكم نوما كفاكم استفاق عدنان و هو يشد جسده كي يستفيق ثم قال له بعصبية - مازال الليل مظلما لماذا توقظنا أيها المقلق - يا اخي هذا هو الليل التالي الذي يمر علينا ونحن نائمين ثم إن الفجر أوشك و دقائق و سترسل الشمس خيوط الصباح - حين ترسل الشمس ضوئها أوقظنا - ألم تشبع نوما نحن لو كنا مثل اهل الكهف ما نمنا كل هذه الفترة استيقظ عمران على أصواتهم يشد أجزاء جسده بتلك يديه ربما يشعر ببعض النشاط قال بصوت مبحوح - ماذا بكم ؟ لماذا تتشاجرون ؟ - أخيرا سمعنا واحدا من الأموات و استفاق - ماذا بك يا صالح ؟ - صالح استيقظ وجد نفسه وحيدا فقرر أن يقلق منامنا جميعا و يتعب راحتنا - هههههههههه معه حق لقد نمنا وقتا طويلا جدا يا عدنان لابد وأن نستفيق من غفوتنا هذه لدينا الكثير من الأعمال الشاقة - متعجلين انتم لشقائنا - لماذا لم نمت أذن ما دمنا نريد الراحة لابد و أن نعمل كثيرا كي نرتاح فتح عوض عينيه و هو مازال ممددا كما هو فقد ايقظته اصوات مناقشاتهم فقال بهدوء - معك حق يا عمران أنت و صالح لابد أن نستفيق كفانا نوما - ممتاز جدا كلكم نشطون و انا الخامل الوحيد - هههه لا لست الوحيد بل هناك أخرين كادت الجدران أن تن*دم عليهم و لم يحركا ساكنا أستيقظ عزيز على أصواتهم قائلا - ما هذه الأصوات العالية لماذا تتشاجرون ؟ - الحمد لله بقى عزام فقط ربما يستيقظ أيضا بسبب ضوضائنا - أسمع حواركما الفلسفي منذ أن بدأه صالح و لكن لم أستطع أن أتحرك أو أفتح عيني يا عمران - لقد طلعت الشمس و ملأ نورها الدنيا لم يعد لكم حجة - استفقنا يا صالح هل ارتحت الان - يبدو أن عزام قد مات أطمئنوا عليه أخذ عمران و عوض يهزون جسده بعنف و هم يضحكون و ينادونه بصوت عالي ربما يستفيق و كلهم يضحكون - عزام .. عزام - كان رجلا طيبا رحمه الله - هيا لندفنه يا شباب هيا استيقظ عزام قائلا بعصبية - يا لكم من سخفاء كفاكم حماقة أيها الأوغاد - أنه حي . أنه حي هههههه - كفانا ضياعا للوقت فلنخرج لنبحث كيف سنجد وجبة إفطار هل سنصطاد سمك أيضا لنأكله اليوم ايضا ؟ - و هل انتم من أصطاد السمك بالأمس ! - معك حق يا صالح إذا وجدنا السمك اليوم محمد الله الأمر اليوم اصعب من الأمس خرجوا جميعا من البيت المتهالك الذين احتموا به من العراء وقفوا أمام النهر يلتفتون حولهم فلم يجدوا غير الخراب مص*ر الحياة الوحيد هو النهر **توا لفترة يفكرون كيف سيستطيعون أن يعمروا هذه الجزيرة الخربة فجأة ظهر خفاش طار حولهم ثم هبط إلى الأرض و في فمه ثمرة فاكهة وقف أمامهم يمتصها و كأنه يتعمد أن يثير غيظهم ثم بعد أن امتصها تماما حفر في الأرض و ألقى بذور الثمرة في الحفرة الصغيرة ثم ردم بقدميه على البذور ثم طار مخلفا في السماء حتى وقف على غصن شجرة ميت و علق قدميه و ظل معلقا عليها في وضع ثابت فهذا هو وضع النوم الطبيعي للخفافيش أن يعلق قدميه على اي حطام ورأسه تحت ، ظلوا يتبادلون النظرات لفترة ثم قال عمران - ماذا تنتظرون اروى الزرعة التي زرعها لنا الخفاش - و هل ستكفينا هذه الزرعة ؟ - و هل ستكبر لنأكل منها الأن ! - بالطبع لا يا ذكي و لكن ليس الهدف أن نأكل الان يا عزام - ليست هذه هي الحكمة من ما فعله الخفاش - ما هي الحكمة أذن أيها الفيلسوف ؟ - الحكمة أن نأتي نحن ببذور لنزرعها - من اين سنأتي بهذه البذور يا ترى ؟ - لا يوجد طريقة سوى أن نذهب لجزيرة الغابة. فهي اقرب مكان يمكن أن نحضر منه ثمار الفاكهة والخضار نأكله الأن ثم نزرع بذورها كما فعل الخفاش - ممتاز جدا و كيف سنعود كل هذه المسافة هل سنمضي سيرا على الأقدام حتى نصل إلى جزيرة الغابة أن الخيل مضى وقتا طويلا حتى أتينا إلى هنا فجأة ظهر نسرا ضخما يحلق بجناحيه في السماء طار حولهم لفترة ثم خ*ف عزام من بينهم حيث أطبق عليه بقدميه و طار مرتفعا محلقا بجناحيه في السماء و هم يصرخون ينادون صاحبهم و هم مفزوعين من هول ما رأوا و اختفى النسر و معه عزام صرخ عزيز بعصبية - ما هذا الذي يحدث ؟ - لا أدري لم اعد اعلم شيء قال صالح بهدوء بعد أن فكر قليلا - لا أظن أن هذا النسر سيؤذي عزام أن النسور لا تأكل لحم البشر - لماذا خ*فه أذن ؟ - ليس بوسعنا سوى أن ننتظر - ننتظر ! - نعم و لكن و نحن نحاول أن نفعل اي شيء نستكمل به مسيرتنا - كيف نستكمل مسيرتنا و قد فقدنا عزام - أن شاء الله لن نفقده يا عوض في نفس الوقت عزام متعلقا بساق النسر و مستمتعا بالرحلة رغم خوفه و قلقه الشديد ظل النسر يطير محلقا لفترة حتى وصل إلى أول جزيرة الغابة اي أقرب نقطة بها الى جزيرة الأشراف التي نزل بها الشباب ليعمروها ، وصل النسر اخيرا فهبط قريبا من شجرة و ألقى بعزام فوق غصن الشجرة وطار حوله محلقا ثم قال النسر لعزام - سأأتي بعد ساعة لأعيدك لأصحابك نظر له عزام مذهولا من هول ما حدث ثم نظر حوله و تذكر ما الحديث الذي دار بينه و بين أصحابه و فهم سبب خ*ف النسر له و أنه سيأتي ليعيده لهم بعد ساعة و لا بد و أن يتصرف في جمع أكبر قدر ممكن من أنواع الفاكهة ذات البذور و لكن في أي شيء سيجمعها فكر لبعض الوقت ثم قرر أن يخلع شجرة من جزورها و يأخذها معه ليزرعها و بذلك سيختصر وقتا طويلا فجزيرة الغابة عامرة بالأشجار الملتفة الكثيفة التي تكاد تغلق الطرقات في وجوه المارة داخلها و لكن هل يستطيع ذلك النسر أن يحمله هو و الشجرة قرر أن يخلع الشجرة اولا من جزورها بحرص كي لا ي**ر أي جزء صغير منها فتموت ، حاول أن يحفر حول الشجرة و لكن الأمر ليس سهلا أن يحفر بيديه نظر حوله فقرر أن ي**ر فرع شجرة و يحفر به حاول أن ي**ر فرعا عريضا نوعا ما كي يسعفه و لكنه كان قويا و جرحه و هو يحاول **ره و لكنه لم يكترث لقد تعلم عزام شئون الزراعة من والده حيث كان يعمل مزارعا قبل أن يحولوا جزيرتهم إلى مدينة و يعملون على تبوير الأراضي الزراعية و تجريفها بدعوى المدنية أنتهى عزام من الحفر و خلع الشجرة من جزورها بأمان و حين انتهى تماما أتى النسر حمل الشجرة بقدميه كما فعل معه و قال له - أخلع غيرها حتى أأتي أليك مرة أخرى لأحملها لأصحابك - شكرا لك أيها النسر المتعاون - ظن اصحابك اني خ*فتك لأكل لحمك - الأن سيعرفون الحقيقة حمل النسر الشجرة و طار بها الى جزيرة الأشراف و ألقاها على الأرض وسط فزع الشباب ثم طار مرة أخرى و هم مذهولين مما يحدث قال عدنان - ما هذه الشجرة ؟ - لابد أن هذا النسر سمع كلامنا فأخذ عزام الى جزيرة الغابة و احضر لنا هذه الشجرة لنزرعها - شعرت أن وراء خ*ف النسر لعزام أمرا جيدا مثل الخيل الذين انقذونا - المهم لا تضيعوا الوقت هيا لنحفر لنغرس هذه الشجرة في الأرض و نرويها - معك حق يا عمران هيا بنا فلن**ر أجزاء من هذا الشجر الميت كي نحفر به - فعلا هذه افضل طريقة لنستطيع الحفر على الجانب الآخر يحاول عزام الحفر ليخلع شجرة أخرى و في نفس الوقت يمر بجواره أنواع شتى من الح*****ت و أسرابا كثيرة من كل أنواع الطيور تطير حوله و لم يعد يخاف من أي مخلوق منهم بعد لقد فهم حكمة وجودهم حولهم في كل مكان لكنه بدأ يشعر بالتعب فجأة و جد حيوان يشبه الفأر يحفر حول الشجرة فهم عزام أنه يحاول أن يساعده فقال له ممتنا - شكرا لك يا صديقي الفأر الصغير - لست فأرا ايها البشري - من تكون أذن - أنا خلد الا تعرف الخلد - درسته فقط بالكتب لم اره من قبل - رأيته الأن - شرف لي يا صديقي - شكرا لك وجدتك مرهقا تحاول الحفر لتخلع الشجرة فشعرت أنه يجب عليا مساعدتك - يا لك من خلد طيب شهم - سأحفر و أنت حاول خلع الشجرة بدون أن ت**ر جذوعها كي لا تموت - سأفعل . حقيقة اشكرك جدا لا اعرف ماذا كنت سأفعل لو لم تساعدني - لا شكر على واجب بمساعدة الخلد استطاع أن يخلع شجرتين في نفس الوقت الذي خلع فيه الشجرة الأولى و بجهد أقل أتى النسر و حمل شجرة منهم ثم طار بها و ذهب بها إلى الشباب بجزيرة الاشراف ثم أعاد الكرة حتى أتى و حمل عزام و اعاده لأصحابه حيث وجدهم قد غرسوا الأشجار الثلاثة في الأرض حول ضفاف النهر كي يرويهم النهر كلما فاضت الماء القى النسر بعزام على الأرض فقال له عزام ضاحكا - شكرا جزيلا لك يا صديقي أشكرك جزيل الشكر لن انسى جميلك ما حييت - لقد ظلمني أصدقائك و ظنوا اني سأؤذيك - لقد فهمنا أن مثلك من المخلوقات الجميلة لا يؤذي ابدا - على أية حال سنحاول مساعدتكم قدر استطاعتنا كي تعمروا تلك الجزيرة - شكرا لك و لكل اصدقائك الطيبين - لا داعي الشكر أراكم لاحقا كان الشباب قد جنوا ثمار الأشجار قبل أن يغرسوها و لم يأكلوا منها حتى يأتي صاحبهم و يأكلوها سويا دون أن ينقصهم أحد شعروا بالسعادة و الأنجاز رغم أنه كان يوما شاق جدا جدا شعروا أنهم بدأوا بالفعل يعمرون الجزيرة و لو كان ذلك بغرس ثلاث شجرات على ضفاف ذلك النهر العذب الذي يعطي مظهرا من مظاهر الحياة لهذا الخراب الذي بدأ يتحول لشيء اخر ، و بعد أن مر بهم الوقت و قد جلسوا على ضفاف النهر يستظلون بظل الشجر الذي زرعوه لينالوا قسطا من الراحة و ليفكروا أيضا في الخطوة القادمة ماذا سيفعلون لتصبح تلك الجزيرة صالحة للحياة و بعد مرور الوقت بدأوا يشعرون بالجوع و بدأوا يفكرون هل سيحاولون صيد السمك أيضا أو ماذا سيفعلون ثم أيضا كيف سيصطادون السمك فالطريقة التي حاولوا بها الصيد بالأمس لم تفلح و السمك أتى إليهم بأمر الله رأفة بحالهم بعد ما دعوا الله أن يحل لهم ذلك الأمر ، ظلوا يفكرون و يدعون الله أن يلهمهم الصواب و يأتيهم بمن يساعدهم و فعلا بدأوا رحلة البحث عن طريقة لصيد السمك لأنه هو الطعام الوحيد المتوفر حاليا أمامهم فكر عدنان ثم قال لهم - ما رأيكم أن نلقي بأي طعام على صفحة النهر سيجذب وجوده السمك فيظهر على سطح الماء فتحاول الامساك به - معك حق فلنفعل و لكن لا بد أن تعرفوا أنه لا شيء مضمون - و لكن الله لن يضيع تعبنا و هذا رأيناه بأنفسنا لن ينسانا الله الذي سخر لنا كل مخلوقاته كي ينقذون حياتنا و كي يساعدونا أن نبقى على قيد الحياة - معك حق يا صالح فلنحاول و نحاول و لن نيأس أبدا أبدا من رحمة الله ظلوا يجربون عدة طرق كثيرة منها أن القوا بعض الفتات من الثمار الذين قطفوها و لكن لم يفلحوا في التقاط أكثر من سمكتين بالعدد بعدها فكر عمران قائلا - فلنربط أوراق الشجر حيث بها خيط رفيع وسط كل ورقة فلنربطهم ببعض ثم نربطه بطرف فرع الشجرة الذي حاولنا أن نصطاد به بالأمس ربما حين نلقي بأوراق الشجر بالماء تلتقط طرفها سمكة فنمسك بها - معك حق فلنجرب لن نخسر شيئا و بدأوا بالفعل في تنفيذ التجربة التي فكروا فيها و حاولوا كثيرا و لم ييأسوا و كانت كل طريقة تفلح في حصولهم على سمكة أو اثنتين حتى استطاعوا في نهاية اليوم أن يحصلوا على عدد لا بأس به من الأسماك فطهوه بنفس الطريقة التي فعلو من قبل و أكلوه ليسد رمقهم و بعد أن اكلوه شعروا أن أجسادهم تحتاج إلى الراحة فذهبوا إلى البيت الذي يحتمون به من العراء تمددوا لينعسوا ، قال عزيز و هو ينظر لجدران البيت - أن هذا البيت مخيف جدا لابد و أن نحاول أن نفعل به أي تغيير كي لا نشعر بانقباض الص*ر الذي نشعر به - و هل لدينا وقت لتشعر بأي شيء نحن نأتي مجهدين مرهقين نستلقي فيغشى علينا من التعب - نعم ذلك صحيح و لكن هذا لا يمنع أن نفكر في تصليح ذلك المنزل كي لا ين*دم فوق رؤوسنا يا عدنان - معك حق يا عمران سنفعل أن شاء الله - يجب أن محمد الله في كل وقت أذ نجانا من القوم الظالمين - فعلا هذا حقيقي ما حدث ليس إلا معجزة إلهية يا صالح - لا يوجد معجزات مع وجود الله فهو يقول للشيء كن فيكون - نعم يا عزام هذه حقيقة غطوا في ثبات عميق من فرط الإجهاد و التعب و العمل طوال اليوم فالأمر لم يكن سهلا مطلقا فيبدوا أن حياتهم هنا لن تكون سهلة ابدا بل سيكون الأمر صعب جدا و لكن ليس مستحيلا مادام الله معهم و كل المخلوقات تساعدهم و تحنو عليهم بعد ما لقوه من بني البشر يا لها من مأساة فظيعة لا يمكن نسيانها ابدا كما لا يمكن لهم نسيان أن الله قد انقذ أرواحهم و أنهم ما زالوا على قيد الحياة و لكنهم أيضا وعوا جيدا الحكمة من أنقاذهم فهم لم يتموا رسالتهم الذين خلقوا من أجلها بعد و لابد أن يكون لحياتهم هدف و رسالة يحكي عنها كل سكان الجزر المجاورة ، هذه الأفكار تدور بخلدهم دائما في كل لحظة حتى أثناء نومهم .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD